اريدُ أن اخرج من شارع الحزن والتعاسة
اريد أن اخرج من مدينة البؤس التي تأسرني
اريدُ ان اذهب بعيداً إلى مكان اخر يملأهُ
الحب والحنان
السكينة والطمئنينة
السلام والأمل
السماح والغفران
اريدُ ان احلم في مدينة يملأه كل هذا وأكثر.
*******************
بتُ انام بين وسائد حبك في أحلامي اغرق بك وبيهامي.
عشقي لك صار يبعثر كياني يوم يتلوه الأخر. لم اعد اذكر اخر مرة سمعت فيها صوتك أو رأيت فيها صورتك ، وسامة لحيتك. ولكن ما بليد حيلة فما حصل قد حصل وأعلم يا علي ان قلبي يحترق شوقاً. حبي لكَ بات يحرق وجداني وأهدابي لا تراك ألا في أحلامي . فمتى يا صاحب القلب الجليدي ستحنُ لحالي ولقلبي الذي صار مرهقاً ضعيفاً ببعدك عني . خلتك صاحب قلبٍ طيب لا تستطيع البعد كثيرا
ولكن خاب ظني فها أنت ذا تشمخ برأسك عالياً ولا يوجد حد لغرورك وكبريائك أبداً. أعلم فقط ان بعد كل الذي حدث بات يحترق جوفي ويغلي بنار التوق والعشق فألى متى سأعاني من ألم قلبي الذي لا يرحم ، تعبتُ الانتظار. كتبت هذه الرسالة على اقل من مهلي وأنا ارى الدموع تجري مسارها على وجنتي ولكن لا يهم سأسحق قلبي اذ تطلب الأمر لأنهي حالتي المزرية. مسحت دموعي التي صارت تنهمر بحرارة قلب مكسور وهممتُ مرة أخرى احاول إرسال الرسالة اللعينة .
وأخيراً فعلت وبعدها صار الجمود يجلي على ملامح وجهي. استلقيت على السرير بعد ان احسستُ بوهنٍ فظيع بجسدي وأغمضت عيناي بحرقة صدر ورحتُ أجول إلى عالمي الخاص ولكن لم يجول الصمت ألى وقت طويل بداخلها عندما سمعت رنات هاتفها وتجاهلتها عمداً وهي تذهب بعيداً بخيالها مجدداً ولكن روادها صوت رنين الهاتف اللعين مرة أخرى وغيرها وغيرها حتى صار رنين الهاتف يلائم من صوت خفقات قلبها ولكن استولى الملل على جميع أوصالها . امتدت أناملها لأتقاط الهاتف متململة وأجابت بحدة
قاسية:
- قل ما لديك
أجابها صوته الذي دوا صارخاً بقوةٍ أفزعتها ولكنها لم تبالي :
- اجيبي على هذا الهاتف اللعين في المرة المقبلة يا ملك ولا تفقديني صوابي. ومن المرة الأولي لا من العاشرة
أجابت هذه المره ملك بتهكم ساخر
- وألا ماذا يا علي، ما الذي ستفعله. دعني أجيبك قبل ان تحاول أنت ، لا شئ هل تسمعني لا شئ .
صرخ بحدة مزمجراً :
- صوتك لا أريده ان يرتفع يا ملك وخصوصاً علي أنا
ضحكت ملك ضحكة مريرة ساخرة بشدة عن ما يحدث :
- ما الذي جعلك تتصل بي يا علي قل ما لديك لست متفرغة للشجار معك أبداً.
- اردتُ سؤالك عن التفاهة التي قمتِ بأرسالها قبل قليل. ما الذي تقصيدينه بكلامك هذا.
- اقصد ما قرأته أنت بالتحديد وأظنك تفهم جيداً قصدي دون شرحي لك. من الجيد انك اتصلت أردت اخبارك ان تبارك لي.
قالت جملتها الأخيرة وهي تسحق وتهدم بكل ما أوتيت من قوة
دار الصمت بين الأثنين كأنهُ لا يرغب الذهاب إلى أي مكان اخر ليعبث مع القلوب المتألمة
- على ماذا يا ملك ابارك لك ِ.
أردفت ترد على سؤاله وكأنه لا يهمها البتة وهي تحرقهُ بنار العشق لتجعلها تغلي فقط بكلماتها التي باتت تقتل خلاياه رويداً رويداً.
-جالي عريس
وبعد ان قالت هذهِ الجملة احست ملك بغصة في حنجرتها تمنع الحديث اكثر من ذلك لم تستطع الرد على صرخته التي أرعبت ذاتها
- ما بك تصرخ فالحال معك انك خطبت قبلي وعلى الأقل أنا وضعت لك بعض من الأعتبار وأخبرتك مسبقاً. ودعني اخبرك شيئاً خطيبي لا يعيبهُ شئ فهو ما شاء الله تبارك الرحمن ، أخلاق وأدب ودين ويعشق التراب الذي تدوسه قدماي. فما عذري على رفضه وهو زينة الرجال.
كانت تسحق بعبث هذه المرة تعرف جيداً انها تلعب بذيلها مع شخصٍ طائش متهور ولكن لا يهمها بعد الان. فهي تريد ان تراه يتألم كما تتألم هيه
- ما اسمه؟
سألها ببرود مصطنع فأجابت بنفس النبرة :
- كيف لا تعرفه وهو صديقك المقرب اتذكر كريم ...... هوه ذلك بحد ذاته
- كررررييم ، وكيف لكِ ان تقبلي عليه وأنت تعرفين جيداً صلتي به. بل كيف يجرؤ هوه ويدنو على ما كان ملكي أنا ودون استأذنني
- صرخت بجنون أفزعه على حالتها النفسيه:
ومن أنت يا علي بحق الجحيم ، ورجاء توقف على نعتي بملكك فأنا لم اعد كذلك . أنا الان أمرأة مخطوبة وقريباً جداً متزوجة.
انعصر قلبه نتيجة لكلماتها وأضطربت انفاسه وزاد على السرعة دون شعوره انه فاق السرعة المطلوبة بكثير.
وأخيراً خرج صوته متحشرج ومخفضوض :
- إذاً ما لذي جعلك ترسلين تلك الرسالة اللعينة يا ملك، ما عذرك فأنا تعبت.
- من فينا تعب اكثر يا علي أنا أم أنت. اعود من دراستي فالخارج وأجدك مخطوب ومن أبنت جارنا صديقتي أنا.
كيف سمح لك قلبك بكسري هكذا ها كيف ؟
- وانتِ كيف سمحتي لنفسك ان تتركي خلفك عاشق تائه لا يعرف إلى أين سيتجه وألى من يشكي همومه. تركتني لمدة ستة عشر عاماً فكيف نامت اهدابكِ وأنا هنا اسهر الليالي افكر والحزن لا يواري ملامح وجهي.
تنهدت ملك ودموعها عادت ترسم تلك الرسمة الحزينة على مجرى وجنتيها. وبعدها صارت تبكي بحرقه وشهقاتها لا زالت تتعالى حتى بات التنفس يصعب عليها جداً وكأن حبيبات الأوكسيجن لا تختلط بهؤاها
تكسر فؤاده لسماعه شهقاتها تتعالى وزاد ضغطه على السرعة لا إرادياً.
فهمس بصوتٍ واهن :
وما ألذي تريدين مني فعله يا صغيرتي ؟
- أريدك ان تعتق روحي يا علي فأصفادك تكبل روحي وتعدم نفسي لا أستطيع التنفس بقربك ولا ببعدك. ارحم روحي والنار التي تأج بصدري وكفى إلى هذا الحد.
- لكي ما طلبتي.
- ملك
همس بأسمها عندما رأى الشاحنة الضخمة تقترب منه بسرعة فائقة
- نعم
- سامحيني
وحينها سمعت ملك صوت اصتدام سيارات ومن شدة فزعها وخوفها الشديد صرخت اسمه مفزوعة ولكن حياة لمن تجيب
فخر جسدها من شدة الفزع مغشي عليها على الأرض الصلبة.
*****************************************
يجلس أمام التلفاز توفيق وزوجته ويده امتدت على خصرها ليقربها اكثر .
وبعد دقائق لم تكن طويلة سمعت زمن صرخة ملك فقامت من مكانها مهرولة تجاه غرفة ابنتها فتبعها توفيق يركض هوه الأخر
فتحت زمن الباب وشهقت فور ما رأت ابنتها بهذه الحالة. سار توفيق نحوها بخطوات مسرعة ليحملها بين يديه ويهمس بأسمها:
- ملك عزيزتي هل تسمعيني ، صغيرتي ملك ما بك.
ولم يحصل توفيق على أي رد منها لينده على زمن المذعورة من حالة ابنتها والجامدة في مكانها :
- زمن يا زمن احظري شيئاً ما ليغطي شعرها.
ركضت زمن نحو الخزانة وجلبت حجاب بلون الزهر وهرولت نحو زوجها، ثم أسرعت بوضعه على رأس ابنتها.
- توفيق انتظرني كي اتي معك
- لا يوجد وقت اتصلي بمراد ليأتي ويقلك إلى المشفى.
- حسناً اتصل بي فور وصولك.
نهض توفيق وصغيرته ترقد بين يديه، وضعها بالسيارة وركض نحو كرسي السائق وساق بسرعة فائقة وفي وقت مثالي وقف أمام بوابة المشفى وصرخ على احدهم ان يساعد ابنته .
اتجه نوحه الممرضين واسرعوا بأدخالها إلى غرفة العنايات المشددة. لأنهم وجدوا ان الحالة لا تتنفس.
وبعد ساعات مرت كأنها سنين على توفيق خرج احد الأطباء مسرعاً من غرفة ملك ليقف الأب بسرعة ويركض نحوه صارخاً:
- كيف هي حالة ملك هل استيقظت، ايمكنني رؤيتها .
تنهد الدكتور بشدة وقال:
- حال ابنتك ليس مستقر حالياً، عليك التحلي بالصبر لأن ما سأقوله ليس سهلاً أبداً.
- قل ما لديك يا دكتور فلقد أرعبتني
- ابنتك الأن في غيبوبة نتيجة صدمة هائلة وتأبى الاستيقاظ.
وترفض التنفس فوضعنا لها قناع الاوكسيجن ليساعد عملية التنفس قليلاً، اذ استمر الحال هكذا قد تطول مدة الغيبوبة كثيراً.
شكر توفيق الدكتور واتصل بزوجته ليأتيه الرد سريعاً
- زمن أين أنتي
- أنا في طريقي إليك لا تقلق لن نتأخر
- اخبرني كيف حالة ملك الأن ؟
تنهد توفيق بشدة وقال:
- عندما تصلين سأخبرك مع السلامة
هنا اغلق توفيق الخط، وقادته قدماه إلى اقرب كرسي ليجلس عليه وهو يشعر ان أبواب الدنيا جميعها قد اغُلقت في وجهه.
وفي هذه اللحظة أتاه اتصال نظر إلى الشاشة بتعب شديد ورد بعد ان رأى ان اخاه هو المتصل:
- السلام عليكم توفيق اعتذر على اتصالي بهذا الوقت ولكن أردت اخبارك ان علي احدث حادث مرعب للغاية وهو الأن في المشفى داخل غرفة العمليات من ما يقارب ثماني ساعات.
- لا حول ولا قوة إلا بالله. أنا في ذات المشفى حالياً
- ماذا كيف ماذا حدث ، هل أنت بخير
- لست أنا بل ملك البنت سقطت من طولها من شدة صدمةٍ ما ولم تستيقظ بعد يقول الطبيب انها في غيبوبة وترفض التنفس أيضاً.
- توكل على الله يا اخي فهو المعين اسأله الشفاء.
- لك الحمد على كل حال يا رب العالمين.
**************
ستوووب
لهنا خلص البارت الأول رأيكم بالكومنت
Thanks for reading
أتمنى أعجبكم البارت الأول.