الفصل الثالث

248 28 3
                                    


يقول نزار قباني :
وأجرح احاسيسي كما تشاء
حطم أواني الزهر والمرايا
هدد بحب أمرأةٍ سوايا
فكل ما تفعلهُ سواء
وكل ما تقولهُ سواء
فأنت كالأطفال يا حبيبي
نحبهم مهما لنا أساؤوا
************************

كان علي يرقد على فراشهِ بلا حراك بعد ما حط على مسامعه من كلمات ألجمت نار لا تخمد في جم قلبه .
يشعر وكأن براكين الدنيا بأكملها تغلي بداخله.
راحت أفكارهُ تتخبط ببعضها، وحل بهِ صداع فتاك ولكنهُ لم يبالي. فكل ما يشغل بالهُ هو تلك الملاك التي ترقد في غرفة ليست بعيده عنه وهي بين الحياة والموت.
تابعت أفكارهُ مسارها وهي تؤدي بهِ إلى الحضيض بأفكاره السوداء.
كان وكأنه لا يرى شيئاً أمامه. هناك غشاء اسود يمنع النظر إلى ضوء السماء الحالك.

وأخيراً بعد صمتٍ طال كثيراً خرج صوت علي متحشرج بعض الشئ وهو يقول
- بأمكاني زيارتها صحيح ؟
ليأتيه صوت أبيه المرهق من التعب وهو يقول
- كيف يا علي تزورها بحالتك هذه. وغير هذا هي في غيبوبة لن تعرف وجودك من عدمه.
سقطت كلمات أبيه وكأنها ماء حار يغلي ليحط على قلبه الذي يحاوطه الغضب والأسى ومشاعر أخرى هو لا يعرف وصفها حالياً.
- لا بأس ابي سأطلب من احدى الممرضات ان تدفع بسريري إلى غرفتها أو ان تأتي بكرسي متحرك يقودني إلى غرفتها.

تنهد ادهم على اصرار ولده وأردف قائلاً
- حسناً بني سأخذك لها بنفسي .
ابتسم علي على حال والده. يعلم جيداً ان اصراره سيؤدي إلى تحقيق مطلبه.
وبعد عدة دقائق وصل ادهم وعلي أمام الغرفة التي ترقد بها ملك.
توقف علي أمام باب غرفتها وهو يشعر بالخوف والقلق يحاوطه من رأسه لأخمص قدميه.

وبعد دقائق شعر بها علي وكأنها سنين.
امسك مقبض الباب بيده ودفعهُ ليفتح الباب ويصدر صوت خفيف.
ليردف إلى داخل الغرفة ادهم وأبنه. وعندما فك توفيق نفسه من دوامة أفكاره التي لا تنتهي انتبه إلى ادهم وعلي يقتربون من سرير ملك بهدؤء تام. ألقى علي وادهم السلام على توفيق وزمن. ومن ثم اقترب علي من سريرها وهو يدفع بكرسيه المتحرك نحوها. يشعر بأنه لا يستطيع التنفس الا بقربها.
ودون شعور منه امتدت أنامله الخشنة من يدها الناعمة التي ترقد بجانبه بلا حراك.
وامسك بيدها بقوة لا يريد إفلاتها من حياته.
وهمس بصوتٍ خافض خشية من ان يسمع كل من عمه ووالده.
- يلا يا ملك، قومي كده بالسلامة و شدي حيلك، عشان خاطري.

لاحظ والديها العشق الذي بات من الصعب على علي ان يخفيه. وحرك توفيق رأسه لكل من زوجته وأخيه ان يخلوا الغرفة. فهو يشعر بأن هناك أمل ان تستيقظ صغيرته الأن.
تنهد علي بأرتياح عندما سمع باب الغرفة يغلق معلناً اخلاء الغرفة .

- هعملك اللي أنتي عايزاه يا ملك بس فوقي. يا حبيبتي أنا هنا جنبك. ومافيش حاجة هتفرقني عنك يا ملاكي.

ضياع العشقWhere stories live. Discover now