سُقُوطْ الْأَقْنِعَةْ || The...

By ftoma5000

93.8K 7.5K 8.9K

قَدْ تَنْقَلِبُ الْحَيَاةُ رَأْساً عَلَى عَقِبْ فِي غَمْضَةِ عَيْنْ، أَوْ تُكْشَفُ أَسْرَارُهَا فِي لَحْظَةٍ... More

~الْمُقَدِّمَةْ~
1~حَيَاتِي
2~جُونْغْكُوكْ
3~الْبَحْثْ عَنْ وَظِيفَةْ
5~لِقَاءْ مُبْهَمْ
6~مَسْكَنِي الْجَدِيدْ
7~صُدْفَةْ أَنْقَذَتْنِي!
8~شُرُوذْ وَإِنْتِبَاهْ
9~مُطَارَدَةْ وَتَحَدِّي
10~فُوبْيَا الظَّلَامْ؟!
11~سُوءْ فَهِمْ!
12~خَبَرٌ مُحْزِنْ
13~النِّهَايَةْ وَالْبِدَايَةْ؟!
14~أَشْعُرْ بِالشَّفَقَةْ وَلَكِنْ...
15~نُقْطَةْ تَحَوُّلْ
16~مَشَاعِرْ مُبَعْثَرَةْ!
~لِقَاءْ مَعَ الشَّخْصِيَّاتْ 1~
~أَجْوِبَةْ الشَّخْصِيَّاتْ عَلَى أَسْئِلَتِكُمْ 1~
17~بَحْرٌ مِنَ الْعَوَاطِفْ
18~وَهَلْ يَنَامُ الْقَمَرْ؟!..
19~إِشْتِبَاهْ
20~ تَقَمُّصْ أَدْوَارْ!
21~قَلْبٌ يَئِنُّ وَيَصْرُخْ
22~أَحَاسِيسٌ مُرْهَفَةْ...
23~جُولْيَانَا...
24~جَوَانِبْ خَفِيَّةْ!
25~صِرَاعُ الْأَفْكَارْ!
26~نِصْفُ الْحَقِيقَةْ..!
27~سِرُّهْ..!
28~إِنْقِشَاعُ الضَّبَابْ...
29~سُقُوطْ الْأَقْنِعَةْ
30~ذَوَبَانُ الْجَلِيدْ
~لقاء مع الشخصيات 2~
~أجوبة الشخصيات على اسئلتكم 2~
31~مَلَامِحُ السَّعَادَةْ
32~تَعَارُفْ وَإِرْتِبَاطْ
33~بِينْكِيبَايْ
34~تَجَاذُبَاتْ وَأَحَادِيثْ
35~إِنْتِقَامُ الْعَاقِلْ
36~وَدَاعْ لَطِيفْ
37~دَافِئْ كَصَيْفِ حُزَيْرَانْ...
38~إِتِّخَاذُ الْقَرَارْ
39~جُولْيَانَتِي...لَا تَبْكِي
40~أُمِّي...هَذِهِ حِكَايَتِي
تنويه هام 1
~معرض الصور 1~
~معرض الصور 2~
~معرض الصور 3~
~معرض الصور 4~
الرواية الجديدة
تنويه هام

4~بِدَايَةْ جَدِيدَةْ

2.1K 231 68
By ftoma5000


قراءة ممتعة💚

﴿ الْبِدَايَاتُ لِلْكُلْ، وَالثَّبَاتُ لِلصَّادِقِينْ﴾

-دوستويفسكي.


●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●

- رحلتنا ستكون بعد يومين.
تحدثت ايرين بينما تتشابك الايدي مع هيري وتتمشيان في الحديقة.

حصلتا على الموافقة بالفعل، وذلك بعد إلحاحٍ طويل على الجدة سويونغ، اما والدا هيري فقد وافقا بدون أي إجهاد.


وبعد حصولهما على التأكيد، قامتا ببعث طلب التوظيف للشركة، وقد حصلتا على الموافقة بالفعل.

لا يزال أمامها سوى الذهاب وتوقيع العقد.

- أجل...يجب أن نوظب أغراضنا بسرعة، فالوقت يداهمنا.

- معكِ حق، ولهذا سنذهب للمقهى كأول محطة حتى نقدم إستقالتنا ونُنهي الأمر.
كان هذا رأي ايرين، لتتوقف الأخرى عن المشي وتحدق بها بتساؤل.
- وهل يوجد محطةٌ ثانية؟

تنهدت ايرين، ووضعت كفيها داخل جياب بنطالها، ثم أكملت سيرها وأجابت:
- أجل...سنذهب للتسوق، يوجد تخفيضاتٌ كبرى في بعض الأسواق لذا سنشتري بعض الملابس من راتب المقهى الذي سنتقاضاه، فلا تنسي أننا سنعمل في شركة أزياء!

همهمت هيري بتفهم، ثم إنتشلت ذراع صديقتها من جيبها وجرّتها خلفها بسرعة.
- إذا فلنسرع ولنقم بكل هذا اليوم، و لنترك يوم غدٍ لتوظيب أغراضنا فحسب...هيا أسرعي.

وما كان من ايرين سوى أن تبعتها طواعية بإبتسامة خفيفة زينت ثغرها الصغير.

__________________________


كان تايهيونغ منشغلاً بتوقيع بعض الأوراق، ولكنه سرعان ما تنهد بحنق من هذا الصداع الذي أبى تركه منذ الصباح!

حتى إنه لم يستطع التركيز على عمله!

-يورا، أحضري لي كوباً من القهوة وبسرعة.
وجّه تلك الأوامر لسكرتيرته عبر الهاتف مشدداً على آخر كلمة.

وما هي سوى بضعُ دقائق حتى طُرِق الباب ويليه دخولها.

كانت ملابسها تُظهر أكثر مما تخفي!

ولأنه ليس شخصاً قد يدقق النظر بأشياء كهذه وسط إنشغاله، فهو لم يلحظ لباسها الفاضح هذا سوى الآن، فإبتسم بجانبية محدقاً بها من رأسها حتى أخمص قدميها.

شعرت سكرتيرته بالغبطة لنظراته، ورسمت إبتسامةً واثقة فيما تتقدم نحوه متمايلةً بتغنج.

ظنت انها قد حصلت على مبتغاها الذي سعت من أجله منذ لحظة توظيفها، لكنها لم تُعيِي أنّ إبتسامته تلك لم تكن نابعة إلا عن سخرية وإستصغار!

- تفضل سيدي...هل تريد شيئاً آخر؟
همست بكلماتها همساً مثيراً، فإتسعت بسمته الساخرة أكثر دون أن ينبس ببنتِ شفة!

ظنت أنها إشارة منه للقيام بالخطوة التالية، فتقدمت نحوه وتحديداً حيث يقبع خلف مكتبه الكبير.

حيثُ وقفت خلف كرسيه سامحةً ليديها بالعبث في خصلات شعره البنية، من ثم أنزلتهما بنعومة على كتفية مدلكةً إياهما.

وسرعان ما دنت نحو أذنه بعد ثوانٍ، وهمست له من جديد:
- يبدو انك متعب...ما رأيك أن نلعب قليلاً لترفه عن نفسك؟ ستنسى تعبك صدقني.

إختفت إبتسامته تلك فجأة، لتُستبدل بتعابير مظلمة!

إنتابتها الحيرة من صمته الغريب هذا، ولكن ما لبث أن إستفاقت على سحبه ليدها بقوة حتى كادت تفترش الأرض أسفلها!

- إياكِ والتحدث معي بهذا الشكل أيتها العاهرة الوضيعة، أتفهمين هذا!
صرخ في وجهها بحدة، لتجفل من تحوله المخيف!

عادت بخطواتها للخلف والذعر يتملكها، حتى أنها كادت تتعثر بعد أن جزرها مجدداً بسيمائه المستنفرة.
- هذه الشركة مكانٌ مرموق ولن أسمح لأمثالك بإفتعال الفوضى داخلها، لذا أنتِ مطرودة!

وقعت تلك الكلمات على مسامعها كالصاعقة!
إرتعش جسدها بخوف وكذلك عيناها اللتان راحتا تذرفا الدموع أمامه.

لم تدرك سلفاً أنها قد عبثت مع الشخص الخاطئ!
فهي كانت موظفة جديدة على اي حال.

- سيدي أنا آسفة لم أقـ...

- غادري المكان وإلا طلبت رجال الأمن...أولم تقولي أنكِ تريدين اللعب؟! إذاً دعي اللعبة سهلة وسريعة وأخرجي قبل أن أفقد أعصابي!
رماها بكلماته القاسية دون أن تتخلى ملامحه جمودها وثباتها!

لم يكن بوسعها فعل أي شيء عدا انها قد طأطأت رأسها بخيبة وعيناها لم تكفا عن ذرف الدموع.

هو لن يشفق عليها لأنها أكثر النماذج التي يمقتها في هذا المجتمع البائس.

وما كادت تخرج حتى ألقى بجملةٍ على مسامعها كانت كالسُّم القاتل لشدتها!

- خذي مالكِ قبل أن تغادري، فلعلّه يفيدكِ بدل بيع جسدكِ للرجال!

غادرت بصمت وأغلقت الباب خلفها، فإتكأ على مسند كرسيه ووضع قدمه اليمنى فوق اليسرى، ثم أخذ يرتشف من كوب قهوته، ليتذمر منزعجاً:
- اللعنة عليها...لقد بردت قهوتي!

وتزامناً مع حلطمته فُتح باب مكتبه من جديد، ليرفع بصره نحو الزائر والذي لم يكن سوى جونغكوك.

فعلى كل حال من غيره سيدخل من دون أن يطرق الباب!

كان جونغكوك يميل رأسه للجانب، ويبتسم بسخرية:
- هل هي السكرتيرة الثالثة لهذا الشهر؟

أدار تايهيونغ مقلتيه بملل قبل أن يعود لمناظرة كومة الأوراق أمامه ويردف بلامبالاة:
- لقد إستحقتْ هذا! فهي مجرد فاسقة لا يشرفني عملها كسكرتيرةٍ لي!

قهقه جونغكوك بعبث، ليتخذ من الكرسي أمامه مكاناً لجلوسه المبعثر والمهمل كالعادة.

- أتمزح معي؟!..لو كنت مكانك لنقلت مكتبها هنا بجانبي! يالك من غبي تايهيونغ، أنت لا تجيد إستغلال الفرص الذهبية على الإطلاق!

شزره المعني بالأمر من شفير جفنه، وقال:
- أنا لا أوظف العاهرات أمثالها، إن كانت تريد العمل فعليها إلتزام حدودها!
سأعمل على إختيار سكرتيرة أخرى مناسبة وبمواصفات معينة أيضاً.

بعد أن أنهى حديثه إلتفت نحو جونغكوك منتظراً رده، والذي كان:
- حقاً...هل تظن نفسك مديرة مدرسة!
عزيزي تايهيونغ أنت ستختار سكرتيرة لا سلعةً من السوق!


- لا يهم.


_________________________

عاد جونغكوك الى شركة والده العقارية بعد أن كان برفقة تايهيونغ، وما إن دخل مكتبه الذي يُعد مكاناً للترفيه لا للعمل بالنسبةِ له حتى إرتمى على كرسيه بتعب، ولم تمر دقائق على جلوسه فإذا بسكرتيرة والده تخبره انه يريد رؤيته على الفور.

فلم يكن أمامه سوى الذهاب ومعرفة ما يريد دون أن يعترض.

وما إن سمِع السيد جيون صوت طرقٍ على الباب حتى أذِن للطارق بالدخول:
- أدخل.

دخل جونغكوك، ليشير له والده بالجلوس، فإمتثل لأمره، ثم تسائل بهدوء عكس طبيعته الصاخبة:
- ماذا هناك أبي؟

- غداً سأسافر الى اليابان، وسأظل هناك لِما يقارب الأسبوع.

نظرات السيد جيون المباشرة والجادة إستحضرت توتر جونغكوك، إلا انه إدّعى اللامبالاة.

- وما المطلوبُ مني؟

شابك والده أنامله ببعضها، وإحتفظ بذات النبرة والنظرة الثابتة.

- أنت تعرف المطلوب جيداً، يجب أن تأخذ العمل على محمل الجد كشقيقك، فنامجون وحده لن يستطيع إنجاز كل شيء في غيابي.

ضحك جونغكوك بسخرية قبل أن يميل رأسه ويتسائل مدّعياً التفاجؤ:
- وهل تذكرتني للتو؟!

كان ينوي على الموافقة بدون اي جدال، ولكن مادام والده يردد عبارة 'كشقيقك' في كل مرة، هو لن يمرر الأمر بتلك السهولة!

فكما هو معروفٌ عنه أنه يمقت أن تتم معايرته بشقيقه في كل نقاش، وخصوصاً إن كان المُتحدث والده!

إعترى الغضب أبيه، وأضحى الشرار يتطاير من عينيه بنفاذ صبر.

- جيون جونغكوك...متى ستستعمل عقلك كبقية البشر! انت لا تجيد فعل أي شيء سوى العبث هنا وهناك والسخرية وتبذير المال، متى ستنضج يا ولد؟!

كان وقع تلك الكلمات أمراً عادياً على مسامعه التي إعتادت تلقي ذات العبارات دوماً، لكنه تنهد وإبتسم إبتسامةً صفراء، ثم قال:
- كلامك هذا متوقع، فنامجون هو الأفضل دوماً بنظرك، ومهما فعلت فلن أرضيكَ أبداً!
نهض من كرسيه تزامناً مع إنهاء كلامه، ليخرج بعدها في صمتٍ وتحت تحديقات والده الثابتة.

أقفل الباب بهدوءٍ فور خروجه، ثم أطلق تنهيدةً يائسة...هذه هي طريقة حواره مع والده دائماً، ودائما ما تنتهي بهذا الشكل!

لماذا لا يكون والده متفهماً ككل الآباء؟
لِمَ يجب عليه أن يكون صارماً وجاف المشاعر هكذا؟!
لماذا لا يبتسم او يبدي أي نوع من الفرح على أبسط الأشياء التي يفعلها؟!

والأهم من هذا كله هو: لماذا يحب التمييز بين أبنائه؟

دارت جميع تلك التساؤلات في عقله، لكنه لم يجد جواباً لها ككلِّ مرة!

فإكتفى برسم تعابير باردة، ثم عاد من حيث أتى.

__________________________

- هيري مارأيكِ في هذا الفستان؟ أليس جميلاً؟

- كلا إنه قبيح!

أحبطت هيري ايرين بردها هذا، فرفعته الأخيرة لأعلى حتى يتسنّى لهما رؤيته بشكلٍ أفضل، ثم تسائلت بحيرة:
- لِم؟

إكتفت الأخرى بإمالة شفتيها والإجابة بكل بساطة:
- لأني لا أحب الفساتين!

حدجتها ايرين بسخط، لتنزل الفستان وتمتعض بتذمر:
- وإن كنتِ تكرهينهم؟! أهذا يعني أنّ كل الفساتين قبيحة؟ يجب أن تعلمي أنكِ مرغمة على إرتدائهم لأنكِ ستعملين في شركة أزياء، بربكِ هيري! هل كنتِ تظنين انه بمقدورك إرتداء أي شيء؟!
كلا...يجب أن تكونِ أنيقة وتواكبي كل الصيحات كبقية الموظفات!

إنزعجت هيري لهذه الحقيقةِ المُرة، فإنتحبت ببكاء:
- اللعنة على الجميع!

رد فعلها وشتمها أمرٌ طبيعي بالنسبة لها، فهي تكره إرتداء الفساتين والتنانير ظناً منها بأنها ستبدو كالحمقاء بها!

حتى أنها تلقت الكثير من المشاكل على زي المقهى السابق فقط لأن به تنورة!

ولطالما نعتها زملائها في السابق بشبيهة الفتيان لأنها تحب إرتداء البناطيل والقمصان الواسعة، بالإضافة الى تصرفاتها الشرسة بالنسبة لكونها فتاة!

________________________

- ميون...أحضري لي ذاك الدبوس، سأثبته على الفستان، هيا بسرعة!

- لم أجده!
تحدثت المدعوة بميون بعد بحثها عن الدبوس في كل مكان تقريباً، فقلب هوسوك مقلتيه بنفاذ صبر وتذمر قائلاً:
- كيف لم تجديه؟! اوه يا إلهي، أنتنّ بلا فائدة!

لا تنظري لي هكذا وتعالي وأمسكي الفستان بدلاً عني!

رصّت على أسنانها بغيض، وجرّت قدميْها بقلة حيلة من وضعه، وأمسكت الفستان.

أما هو فقد تأفف بإنزعاج ومشى بخطواته الأنثوية نحو مكتبه.

بحث عن ذاك الدبوس الذي كاد يفقد صوابه من أجله، وقد وجده بالنهاية في جيب معطفه الطويل والغريب مثله.

رمقته ميون في هذه الأثناء بنظرةٍ قاتلة، ولم تقصر في حقه مطلقاً!

فهي قد شتمته بكل أنواع الشتائم التي تعرفها...إنه بالفعل شيءٌ ما!

وبالعودةِ له، فقد أسرع بخطواته وهو يقفز كالمجانين ليضع الدبوس على الفستان ويمسك قلبه بدرامية:
- آه قلبي...ماهذه التحفة الفنية الرائعة، أنت مبدع جونغ هوسوك، أنت حقاً رائع! عزيزتي ميون، أنظري الى هذا العمل الإبداعي، أليس مذهلاً؟

نظرت له ميون من الخلف بمعنى 'هل تمزح معي!'، قبل قليل كان يتذمر منها، والأن يناديها بعزيزتي!

ظل هوسوك قُرابة النصف ساعة وهو يمتدح نفسه وعمله الفني، ويتأمل الفستان من عدة جهات وزوايا ويتغزل به كما لو كان حبيبته!

الفستان كان أنيقاً بحق، وهذا جيد...لا بل ممتازٌ جداً بما أنه سيكون ضمن مجموعة هذا الموسم، والتي ستعرضها الشركة بعد شهرين في المهرجان السنوي الخاص بها، والذي سيكون من أجل الإحتفال بمرور خمسين عاماً منذ تأسيسها.

_____________________________

- أبي...هل يمكنني المغادرة باكراً اليوم؟

- بالطبع بني طالما أنك أنهيت عملك، ولكن لِمَ؟

إبتسم المعني بالكلام مدلكاً عنقه بخفة قبل أن يجيب والده:
- في الواقع...لقد وعدت الجدة سوهي بأني سآخذها الى الحديقة، ولكن تبقّى لي القليل من العمل...فهل يمكنني إنهاؤه غداً؟

إبتسم والده بخفة، ليربت على كتفه ويقول موافقاً:
- بالطبع بني...يمكنك المغادرة.

وقف جين بسعادة، وأمال شفتيه بإبتسامة لم يفلح في إخفائها مطلقاً.
- شكراً أبي.

- لا داعي للشكر بني.
أتعلم جين...لا يوجد أجمل من إسعاد الآخرين ورسم البسمة على محياهم، مجرد فعل أمرٍ بسيط كهذا قد يخلّف محبةً وألفةً كبيرة بينك وبين من حولك، لذا أريدك أن تبقى هكذا دائماً.

همهم جين بذات الإجتذال، فإبتسم والده بدوره على إبنه الذي يذكره بنفسه في أيام شبابه.

وحينما كان جين على وشك الخروج، إستوقفه والده قائلاً:
- اجل تذكرت...سأضطر للسفر بعد غدٍ ولن أستطيع مقابلة الموظفتان الجديدتان، لذا فلتقم بذلك بدلاً عني، ولتوقع معهما العقد...أعتمد عليك بني.


- بالطبع سأفعل، لا تقلق.

_________________________

حمل تايهيونغ هاتفه ليُجري إتصالاً ما، حيثُ كان يقف أمام نافذة مكتبه الزجاجية الكبيرة، والمطلة على أرجاء المدينة.

- فلنلتقي بعد ساعة عند نهر الهان.
أقفل الخط مباشرةً بعد أن تفوه بتلك الجملة غير سامحٍ للطرف الآخر بالإجابة.

فتأفف ذاك الطرف الآخر من إقفال صديقه المتغطرس في وجهه، ولم يكن سوى جونغكوك، إذ أنه تذمر بحنق:
- متى سيتخلى هذا الغبي عن عادته الغبيةِ مثله!
هو لم يأخذ رأيي حتى! ألا يعلم أني قد اكون مشغولاً مثله؟!..آه كيم تايهيونغ متى سيأتي ذاك اليوم الذي ستتغير فيه!

صمت لثوانٍ معدودة قبل أن يضيف وكأنه تذكر أمراً آخر:
- مع أني متأكد من أنّ هذا اليوم لن يأتي أبداً، ولو متُّ عشرين ألف مرة!

وفجأة!..إلتزم الصمت وجحظ عيناه ما إن إلتقطت أذناه ضحكةً خاصة بأنثى!

ولم تكن سوى سكرتيرته التي تضحك على حديثه مع نفسه...نسي انه ليس بمفره هنا!

إعتصر ملامح وجهه بحرج قبل أن يديره للجانب الآخر، وقد أصبح تايهيونغ في تلك اللحظة مقطعاً لأشلاء ومرمياً للكلاب الضالة في مخيلة رفيقه!


_________________________

- مرحبا سيد جين...بماذا أخدمك؟
تحدثت موظفة الإستقبال الخاصة بدار المسنين بإبتسامة بشوشة ما إن رأته، فهي تعرفه جيداً نظراً لزياراته المتكررة الى هذه الدار.

- مرحبا يا آنسة، أتيت لإصطحاب الجدة سوهي...هل يمكنني رؤيتها؟

- بالطبع، تفضل معي.

لحق بها نحو الداخل، لتقع عيناه على أولئك المسنين، لانت ملامحه وإبتسم تلقائياً عندما رآهم، فمنظرهم كان جالباً للسلام والهدوء.

أخذ بخطواته حيث تلك القابعة فوق كرسيها المتحرك بينما تحيك وشاحاً صوفياً، وإحتضنها من الخلف بشوقٍ ظاهر، فإبتسمت فور إكتشافها لهويته مديرةً إياه بإتجاهها.

إبتسم جين بحنان، ثم قبّل جبينها وأمسك بكفيها:
- كيف حالكِ جدتي؟

شقَّت ثغرها إبتسامة أظهرت ما خلَّفه الزمان على محياها من خطوطٍ حول عينيها المبتسمة أيضاً.
- بخير يا بني...أين كنت طيلة هذه المدة؟
لقد إفتقدتكَ كثيراً!

- آسف جدتي، لقد كنتً مشغولاً، لكني أتيت اليوم لآخذك في نزهة كما وعدتكِ.
إبتسم حتى إختفت عيناه، لتجيبه بصوتها الدافئ كدفئ حنانها بينما لا زالت تبتسم بدورها:
- شكرا لك بني، أنظر...هذا الوشاح لك، تعلم...الشتاء  على وشم الحلول وأحببت صنع واحدٍ لأجلك، هل أعجبك؟
رفعت ذاك الوشاح الصوفي أمام ناظريه، فإحتضنها بحبٍ ودفئٍ غامر قبل أن يقول بشكر:
- شكراً جزيلا لكِ...إنه جميلٌ للغاية.

كان وشاحاً صوفياً باللون الرمادي مع خطوط حالكة السواد.

وسرعان ما إبتعد قليلاً عنها، وأضاف قائلاً:
- والآن هيا بنا، فلنذهب.
ساعدها على إرتداء معطفها، ثم غادرا تلك الدار.

وصلا بعد مدةٍ الى الحديقة العامة، وكم بدت جميلة بذاك المنظر...الأطفال يلعبون مع بعضهم البعض بإستمتاع، والآباء يراقبونهم بسعادةٍ غامرة،
وكذلك أصوات العصافير العذبة التي تضيف جواً لطيفاً على هذا المنظر الخريفي.

جلسا أمام بحيرةٍ صغيرة، كان بها بعض الإوز الجميل، حيث أخذت الجدة سوهي ترمي ببعض فتات الخبز لها، وتتبادل أطراف الحديث مع جين بكل إنسجام.

بقيا على هذا الحال وصوت ضحكهما يملأ المكان الى أن حلّ الغروب، فأعادها لدار المسنين بعد نزهةٍ لطيفة إختتم بها يومه البسيط، ثم عاد هو أيضا الى المنزل.


__________________________

في صباح اليوم التالي، إستيقظت ايرين باكراً حتى تتجهز وتخرج على الموعد، فاليوم هو يوم ذهابهم لسيول.

تجهزت ونزلت الى المطبخ، لتجد جدتها قد أعدت لها الإفطار بالفعل.

- جدتي! لِمَ إستيقظتي بهذا الوقت وأتعبتِ نفسكِ؟

ضربتها جدتها بخفة على رأسها، ووبختها بعبوس:
- يا حمقاء...كيف تقولين هذا؟! كنت سأستيقظ في كل الأحوال حتى أودعكِ، كما ورغبتُ بإعداد الإفطار من أجلك، فقد تكون هذه آخر مرةٍ أعده فيها لحفيدتي الغالية.

ترقرقت الدموع في عينيْ ايرين، ولم تستطح كبح رغبتها في البكاء، فإحتضنت جدتها وأجهشت باكية، بينما أخذت الأخرى تربت على طول ظهرها متمتمةً ببعض الكلمات:
- لا عليكِ عزيزتي...سيكون كل شيءٍ على ما يرام، كما سأحرص على الإتصال بكِ دوماً والإطمئنان عليكِ، وأنت أيضاً قومي بزيارتي كلما سنحت لكِ الفرصة...حسناً؟

أومأت الباكية مراراً بينما لا تزال في حضن جدتها الدافئ.

وبعد مدة، حال موعد رحيلها هي وهيري، حيث تواجد كلٌّ من السيدة والسيدة مين وكذلك الجدة سوهي بقرب سيارة الأجرة التي ستقلهما نحو محطة القطارات.

إحتضنت هيري والديها وودعتهما، وفعلت ايرين المثل مع جدتها، ثم صعدتا السيارة وإنطلقتا في رحلتهما الشاقة الل العاصمة.

_________________________

- عزيزتي لورا...هل أتصل بالطبيب؟
تحدثت السيدة ريونغ بعد أن لاحظت سوء حالة إبنتها، فنفت الأخرى بصوتٍ خافت نظراً لإلتهاب حنجرتها:
- كلا أمي، أنا بخير، لا تقلقِ.


سعلت بخفة بينما تمسح أنفها بالمنديل، لتحدق السيدة شين كبيرة الخدم بالسيدة ريونغ وقالت:
- إذاً سأعد لكِ مشروباً ساخناً علّه يعيد إلينا صوتكِ الجميل.
تحدثت بلطف محاولةً تغيير مزاج لورا وجعلها تبتسم، وقد نجحت في ذلك بالفعل.

- شكراً لكِ سيدة شين، هذا لُطفٌ منكِ.

_______________________

وصلتا ايرين وهيري الى العاصمة بعد رحلةٍ طويلة ومملة.

- أخيراً وصلنا، أشعر بأن مؤخرتي المسكينة قد تيبّست من كثرة الجلوس عليها!

إنتحبت هيري بينما تمسك حقيبتها بيدٍ والأخرى تمسد بها مؤخرتها.

ضحكت إيرين على شكلها، ثم جالت بناظريْها أرجاء المكان قبل أن تتسائل:
- أخبريني...هل سنطلب سيارة أجرة أم سيقلنا شقيقك؟

- سيأتي يونغي على حسب علمي.

بقيتا تنتظرانه لنصف ساعة ولم يأتي!

لذا بدأت سلسلة تذمرات وشتائم هيري النابعة من أعماق قلبها بالتدحرج من ثغرها:
- ما هذا بحق الجحيم؟! كيف له أن ينسى أمرنا؟!
انه احمق وغبي...متأكدة من أنه قد نام ونسي أمرنا، بحقكِ ايرين! كيف سأعيش معه تحت سقفٍ واحد دون أن يقتل أحدنا الآخر!

وتزامنا مع شتم هيري اللاذع، كانت ايرين تقوم بحركاتٍ غريبة لم تنتبه لها الأخرى، لكنها إنتبهت فور أن صمتت، لتستفسر بتعجب:
- ايرين عزيزتي ما بكِ؟ هل انتِ متعبة؟

نفت ايرين بيديها مراراً من دون أن تتحدث، فشعرت هيري بالغرابة لوهلة!

ولكنها سرعان ما نقلت بصرها نحو المكان الذي تحدق به ايرين ألا وهو خلفها، ليتضح فيما بعد أنّ شقيقها الغالي كان يقف خلفها، ويبدو انه قد سمِع كل شيءٍ كما لو انه تذكر المجيئ فقط في مثل هذه اللحظة!

بلعت رمقها ببطء منتظرةً مصيرها المجهول، حيث ناظرها شقيقها بطريقةٍ جامدة ليزداد توترها.

- أهلاً بأختي الغالية...يبدو انكِ قد إشتقتي لي كثيراً!
إبتسم بطريقةٍ باردة تبث الرعب، فإصفرّ وجهها وقالت بذعرٍ شديد الوضوح:
- بالطبع أخي الحبيب!

دحرج يونغي مقلتيه بملل قبل أن يحوّل نظراته صوب ايرين، ليجدها تلوح له بإبتسامة لطيفة.
- مرحبا يونغي...كيف حالك؟

- بخير.
وكالعادة حديثه مختصرٌ للغاية.

إتجه ثلاثتهم بسيارته نحو شقته القابعة في وسط المدينة، وطوال الطريق كانت ايرين تحدق من النافذة بإنبهار، فمدينة سيول ليست بمزحة!

ومصطلح مدينة يليق بها حقاً لشدة جمالها وإزدحامها بالسكان والمباني العمرانية الشاهقة.

وصلوا بعد نصف ساعةٍ تقريباً الى شقته البسيطة، والتي كانت بالرغم من ذلك جميلة.

- سأذهب الى المستشفى الآن، ومن المحتمل أني سأتأخر في العودة، لذا سأترك لكما نسخةً من المفتاح علّكما تعودانِ قبلي، وإن إحتجتما لأي شيء إتصلا بي.
تحدث بجموده المعتاد ليخرج بعدها نحو عمله.

وفور مغادرته، تسطحت هيري على الأريكة بنيّة النوم، فنكزتها ايرين مراراً.

- إنهضي، أمامنا ساعةٌ واحدة!..يجب أن نتجهز بسرعة، هيا انهضي.

إستقامت هيري، وببكاء تذمرت:
- حسنا سآتي.
جرّت قدماها خلف الاخرى بكسل وصولاً لغرفتهما الجديدة، وقد أقسمت أنها على وشك إفتراش الأرض لشدة إعيائها!

●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●

#يتبع...


- رأيكم بالبارت؟


- تايهيونغ؟

- ايرين؟

- هيري؟

- جونغكوك؟

- لورا؟

- السيدة ريونغ؟

- السيدة شين؟

- هوسوك؟

- ميون؟

- الجدة سويونغ؟

- السيد كيم؟

- يونغي؟

- جين؟

- الجدة سوهي؟

- أي سؤال؟

شكرا على التفاعل الحلو💜

وبالنسبة للقراء الصامتون، طمنوني عنكم لساتكم حيين؟

يلا أشوفكم بخير البارت الجاي+I love you 💕

See you next part...

Continue Reading

You'll Also Like

3.4K 181 3
وَكيـف لغَيابكٌ أنٌ يَزيدني تعلقاً بَك أحُباً هَذا أم جُنوناً ؟ وفي الوقت الذي يحاول به الحصول على قلبي بقدر المستطاع و فعل المستحيل لكسب حبي، أنا ب...
34K 3.9K 20
-عندمـا تُصبح حياتـها تحت رحمـة شخصيـن: الأول أناني عـنيـد والـثاني قاتـل مـتسلسـل كاره للنسـاء. •ميـن يونغـي. •كيـم سـون. -أعلى التصنيفات:- 1#- نفسـ...
54.8K 4.2K 30
كنتُ محاطة بينَ اربعةُ جُدرَان اشعرُ بالإختنَاق يوميًا كلُ مَا اردتُه هو احدٌ بجانبِي...يخبرُني انَّ كل شئ سيكُون بخير.... انه لن يترُكني ويخيبَ ظنِي...
21K 625 18
هذا كتابي الثاني الذي يختص بالشعر الشعبي العراقي و الذي سيتطرق لذكر العديد من الشعراء هذه المرة و ابرز ما قدموه لساحة الشعرية و اقصد انه يتناول ابرز...