آلَــشّـآمِي

By _B_o_O_o_

578 54 164

جالسا على عتبة الباب شارد الذهن محدقا في اللاشيء... "شو شاغل بال هالشامي الحلو" قلت بنبرة إستفزازية ... More

الجار الجديد _1_
صحاب_2_
الأجدب زعلان _3_
_4_
جود _5_
الخدمة _6_
فكرة _8_
_9_
_10_
_11_

مشاكل _7_

49 6 18
By _B_o_O_o_

- بعد شهرين ..

يوم ماطر و السحاب يأبى الإفراج عن الشمس ..

جلست عند نافذة المنزل محاطة بكومة من المناديل الورقية أحاول رسم هذا المنظر الكئيب مثل حالتي الآن .. فأنا مصابة بالزكام ، الحمى و كل أعضائي تؤلمني .. لكني قررت الذهاب إلى السرير و الإستسلام لحالتي ..

و ما أن بدأ ذلك النعاس الجميل يداعب عيناي ..

وقفت بفزع إثر سماعي لزغاريد متتالية في الشارع ..

ذهبت ركضا لأرى من الشباك سبب هاته الزغاريد المدوية..

حتى وجدت نفسي داخل دوامة من المشاعر المختلطة ، تارة دموع فرح و دموع مرض و دموع حنين ... و تارة أخرى ضحكة فرح و نصر لتقبل الله دعواتي الدائمة و إرجاعه بسلام لنا بعد هذا الغياب الطويل ..

و نزلت ذلك الدرج بعد تعثري بمنتصفه و سقوطي و دحرجتي عليه و لم أحس بالألم في تلك اللحظة ..خرجت و وجدت الجيران قد تجمعوا حوله و النساء من بينهن أمي يزغردن و يرحبن به بحرارة ، و لم يكن بوسعي سوى رؤية ظهره و هو يعانق أمه و أبيه ..

إزداد طولا عما كان عليه و قد إزداد كتفاه عرضا و قد بدأ شعره بالنمو قليلا لأنهم يفرضون عليهم حلق رؤوسهم ..

في تلك اللحظة لم تصدق عيناي ما رأته فهذه ليست خلفية جود المألوفة ..

و هل عام واحد كفيل بتغيير فتى بمرحلة الشباب إلى رجل طويل عريض هكذا ..

هو فقط في العشرين من عمره الآن إذن لماذا يبدو لي هكذا بحق الله ..
ربما قد أخذ جملته "بلكي ما رح تعرفيني لما إرجع" على محمل الجد ..

أريد رؤية وجهه ، لكنه لم يلتفت للوراء و دخل لمنزله يتبعه ذلك الحشد من الجيران و أصدقائه.. و الكل يهلل ورائه ،

قررت الذهاب للمنزل و الرجوع بوقت آخر حتى يتسنى لي رؤيته بهدوء ..

بالرغم من إشتياقي الكبير له إلا أني فعلت ذلك ..

و إستلقيت على سريري لآخذ قسطا من الراحة لكن الأفكار لم تسمح لي ، بالإضافة لفوضى الجيران و بقيت أتأمل السقف عدة دقائق قبل أن أغط بنوم عميق ..

لم أستطع رؤيته بهذا اليوم فعند ذهابي لمنزله أخبروني أنه نائم ..

في اليوم التالي بعد الظهيرة خرجت لأستنشق بعض الهواء بالشارع و لكي أغير جو المرض الذي كنت أعيشه ،تجولت بجانب المنزل قليلا ثم رجعت ..

عندما وقفت أمام الباب باحثة عن مفاتيحي ، إذ به يفتح ... و يقابلني رجل طويل القامة عريض الكتفين .. عضلاته تبرز من ذلك القميص الصوفي الذي كان يرتديه ، تغطي ذقنه لحية خفيفة قد زادت من غمازتيه جمالا ..

وقفت أتأمله ببلاهة و قد لاحظت به عيونا مألوفة و بقيت على تلك الحال لأتأكد إن كان هو الشخص الذي خطر ببالي أم لا ..
"شو مريوم كأنو نسيتي مين أنا " قال و قد أمال برأسه مبتسما بسعادة ..

و قد أيقنت في تلك اللحظة أنه نفس الصوت .. و بقي يراقب نظراتي الغريبة ضاحكا و كأنني مهرج أمامه ..

أغلق الباب ..

"وين غاطة يا بنت صرلي ساعة بنتظرك ببيتك وين كنتي !"

ينتظر إجابتي لكن لساني لم يساعدني على الكلام بتلك اللحظة ،لا أعلم لماذا لكن عيناي إمتلأتا بالدموع و بقيت أحدق به بعجز ..هل هذا ما يسميه الناس إشتياقا !

عندما لاحظ عيناي المعلنة عن بكائي القريب إختفت إبتسامته ببطئ و بقي يراقبني بصمت بعيناه الزمرديتان و كأنه يعرف سر نظرتي تلك ..

فتح ذراعيه ممازحا يدعوني لعناقه و كان يعلم أنني لن أفعل

لكنني فعلت .. و لم يبادلني العناق بذات اللحظة بل بقي ثواني جامدا يحاول إستيعاب الأمر و لم يأخذ منه ذلك وقتا طويلا حتى بادلني العناق ..

في تلك اللحظة أيقنت فعلتي للتو و سرعان ما تراجعت للوراء أمسح دموعي بسرعة و كان يشاهدني و قد بدا شبح إبتسامة ماكرة على شفتيه ،

"لتكون صدقت إني إشتقتلك " قلت بثقة بعد أن رفعت رأسي إليه لتتقابل عينانا

"والله متل ما عم شوف ما شتقتيلي ولا حتى شوي " قال بإستفزاز و قد أدارني من جهة الشارع و بدأ بسحبي من معصمي ..

"شوو عاملة للسانك صاير طولان اليوم " قال بلكنته العادية

"شو عامل للحيتك صايرة نميانة" أجبته بسخرية

ضحك ضحكة خفيفة

"ما سألتيني شو عامل لحالي صاير حليان" قال بنرجسيته المألوفة و قد بدأت أتأقلم مع الأمر بعد هذه الجملة

"و أنا كنت عم فكر أنو خدعونا و بعثو شخص آخر بمكانك .. بس هلأ تأكدت أنو نفس الشخص" قلت ضاحكة بينما بادلني بالمثل

جلسنا بحديقتنا المعتادة و بدأ يروي لي قصصه المثيرة بتلك الثكنة و أعماله البطولية بينما كنت أستمع له بعناية تارة و تارة يختفي تركيزي بسبب تلك الحفرتين ..
و بقينا ندردش عن كيفية إمضائنا لأوقاتنا بذلك العام حتى سماعنا لآذان العصر .. و نهضنا نهرول كالمجانين بعد إنتباهنا أننا قضينا وقتا طويلا بالحديث ، رجعنا لمنازلنا ركضا و كأن سارقا ما يلاحقنا ..

عند دخولي للمنزل وبخني والداي كثيرا بسبب تأخري و عدم ردي على إتصالاتهما التي لم ألاحظها أبدا و أخبرانني أنه لا يجب علي البقاء بالخارج كل هذه المدة .. و أنه يجب علي التقليل من لقاءاتي بجود .. راودني إحساس غريب بعد هذه المحادثة .. لكنني أرجعت السبب لغبائي الذي دفعني لعدم تفقد هاتفي ..

و لم أكن أعلم في هذا الحين أن تلك المحادثة تمهيد فقط للمشاكل القادمة ..

- مر ذلك الأسبوع و والداي كل يوم يسألانني عن وجهتي عندما أهم بالخروج و عندما أخبرهما أنني ذاهبة للقاء جود يجدون لي كل الأعذار ليبقيانني بالمنزل و لم ألاحظ هذا في بادئ الأمر لكنني لاحظته في الأخير و أصبحت أكذب بشأن وجهتي و أخبرهم أنني ذاهبة لإحدى صديقاتي أو للتسوق أو كذبة من هذا القبيل ..

لاحظ جود قلة لقاءاتنا هاته الأيام و التي سببها الدائم غيابي عن الموعد و أخبرته عن أمر والداي لكن هذا زاده تساؤلا على تساؤل .. و بقينا نلتقي بالسر عن والداي لفترة طويلة و ضمن هذه الفترة أخبرني أن زيارات أمي لأمه قد قلت أيضا و قد إستنتجنا في الأخير وجود سوء تفاهم بينهما أو بالأحرى عائلتي التي أساءت فهم شيء ما يجب علي التحري بشأنه ..

أخبرني جود أنه لن يستطيع لقائي بالغد و قررت أن أطبق خطتي بهذا اليوم ..

إرتديت حذائي الرياضي و فتحت الباب ببطئ منتظرة قدوم أمي .. و بالفعل جاءت
مسرعة مستفسرة عن وجهتي ،أخبرتها عن قصد أنني ذاهبة لمقابلة جود و بدأت تختلق لي أعذارها الواهية و قد سألتها في تلك اللحظة عن سبب منعها غير المباشر لي بالإلتقاء بجود ،و قد إعتلت الدهشة ملامحها لسؤالي الغير متوقع و بدأت بتغيير الموضوع لولا إصراري لمعرفة السبب ، أجلستني على الأريكة المقابلة لباب الخروج بلطف .. أخبرتني أن هنالك إشاعات عن علاقتي بجود تحوم بين الجيران و أنه يجب علي الحذر من ذلك فالإشاعات تؤذي الفتيات بينما لا تؤثر على الفتيان و لو قليلا ... أساس تلك الشائعات أن بيننا علاقة مشبوهة و أخبرتني أنها تضع ثقتها التامة بي و أنها تعرف أنني لا أفعلها أبدا لكنها تفعل هذا لتحميني من كلام الناس الغير منتهي و لكي تبرهن العكس لهم ..

أنا لا أهتم حقا .. فليذهبو هم و كلامهم التافه إلى الجحيم ..
مهما تفعل و مهما يكن طهرك ..
لا تستطيع إخراس أفواه الآخرين ...

و بما أنني أعرف أساس علاقتي به بأننا إخوة و أصدقاء لا غير فأنا لست مجبورة على برهان هذا الأمر لهم ، فليعتقدوا ما يريدون إعتقاده..

"الله ياخذهم .. عقولهم معباية عفن و لا كأنو كبرنا قدام عيونهم و يعرفو علاقتنا مع بعض كيف..والله حيروني هالناس " قال جود بعد أن أخبرته بأساس سوء الفهم

"ناس مريضة والله"

"و كيف بدنا نبرهن العكس مثلا "قال متسائلا

"و ليش بدنا نبرهن العكس! خليهم عراحتهم والله أفكارهم ما بتهم" قلت بعدم مبالاة

"بس أنا تهمني مريم ،أنا ما رح يزيدني أو ينقصني شي هالكلام بس إنتي ممكن يشوهلك سمعتك و شرفك و بتعرفي أنو البنت إلها بس شرفها لتحافظ عليه " قال بتأنيب بينما نظر لي بإهتمام

"بعرف إني مو عاملة شي جود ليش بدي برهن !"

"هن ما رح يصدقو كلامك أو كلامي لازم يفهمو العكس ،لأنو مو منيح ياخذو علينا هالنظرة"

"والله ما بيهمني"

"يهمك مريم يهمك .. ما تجنيني هلأ عم قلك أنو إنتي اللي رح يأثر عليك و على مستقبلك هالكلام و إنتي تقولي ما يهمني " قال بغضب

"إزا هيك كيف بدك تبرهن العكس" قلت بإستسلام

"ما رح نلتقى ثاني ،رح نصير نتحدث بالواتساب مريم ما بدي زيدك مشاكل"

"هالشي هو اللي رح يأكدلهم نظرتهم و بلكي حتى رح يزيدهم كلام علينا و رح يصيرو يقولو أنو تركها بعد ما أخذ شو بدو أو خانها أو خانتو أو بعدو عن بعض ليخلونا نفهم العكس ، في كذا حالة ما رح نسلم من الحكي جود "

و سكت جود مفكرا بطريقة أخرى..

"خلينا ما نلتقي حتى نفكر بحل ثاني " قرر بعد صمته

و لم نلتقي بالفعل بعد ذلك ، و قد مر شهر على آخر مقابلة لنا .. لكننا كنا نتحدث كل يوم بالهاتف ،و إزدادت الشائعات حولنا يوما بعد يوم ..حتى أن النذالة وصلت بهم لحد أن أخبروا أبي أننا كنا نتقابل سرا ، و جاء للمنزل يصيح من غضبه ...

و قام بصفعي في ذلك اليوم و كسر هاتفي و أمرني بعدم الخروج من غرفتي ولا المنزل مجددا و قال أيضا أنه لن يدعني أكمل دراستي ..

حتى أمي تأبى رؤية وجهي و سماع رأيي و مبرراتي في هذه القصة .. كنت أمضي جل وقتي بغرفتي أتأمل زواياها الأربع و أفكر بحالة جود الآن بعد تجريح أبي له ذلك اليوم ..
فبعد إنهائه قراراته الصارمة علي توجه فورا لمنزل أب جود و قال كلاما بلا معنى له و لإبنه و رجع للبيت بإنتصار ..

و وصل به الأمر إلى أن وضع لي بنافذتي ذلك الحاجز الحديدي خوفا من هربي ..

كيف لي أن أهرب من الطابق العلوي !! .. أو ربما لكي لا أتحدث معه من النافذة بالليل كما فعلت جولييت و روميو ، أو ربما حتى لكي لا أنتحر بعد دخولي بحالة كآبة كما يظن .. هل أنت جاد حقا يا أبي !

ربما كان أبي يعتقد أنه سيقهرني هكذا و يزيدني حزنا عما أنا عليه .. لكنه لم يفعل .. بل أن هذا الوضع كان يضحكني كثيرا ..كيف أنهم يبالغون بردود أفعالهم في حين أنني لم أفعل ذلك الشيء الشنيع الذي يفكرون به الآن ،و كأنهم ليسو عائلتي و لا يعرفون كيف أنني تربيت مع جود كل هذه السنوات و كيفية سير علاقتنا الأخوية الآن ..شيء غير معقول حقا ..

و لم يؤثر ذلك الحال بي أبدا .. ربما لأنني الوحيدة هنا التي تعرف أن كل هذه مجرد إشاعات لا غير ..

مرت ثلاثة أشهر ..

حتى أنني لم أعد أسمع صوت تحية جود مع أصدقائه في الشارع ..هل هو بخير !

- و عندما لاحظ أبي أنه لم يحزني بعد .. قرر إرسالي لبيت جدتي في الريف ، و أطعته بدون إعتراضات لأنه لم يبق لي شيء هنا أود فعله ،
دراستي .. و قد قرر وقفي عنها ،
الرسم الرقمي .. كسر هاتفي و أخذ مني لوحي الرقمي ،
صديقاتي .. منعني من مقابلتهن و يخبرهن أنني غير موجودة عند زيارتهن لي ،
حديقتي المفضلة .. غير مسموح لي بالخروج
و أخيرا جود أخي و صديقي منذ الصغر .. قطعت علاقتي به بسبب الشائعات و كلام الناس الذي لا ينتهي أبدا  ، شيء محير حقا أن الناس قد نفذت منهم أشغالهم و لم يجدوا شيئا ليفعلوه فبدأو بخلق أقوال و أفعال أيضا ، و من هم ضحايا هذه الأحاديث التافهة ، أنا و جود ..

حزمت حقائبي و ودعت أمي التي لم تبدي أي ردة فعل ، لا أعرف إن كانت خائفة من أبي و لكني أظل إبنتها و يجب عليها وداعي جيدا على حسب ما أظن ..لكنها لم تفعل ،

ركبت السيارة أنتظر أبي أن ينتهي من شرب قهوته بالمنزل بعد أن قام بغلق جميع أبواب و نوافذ السيارة علي ..

أملت رأسي على النافذة بملل أشاهد بيت جود الهادئ ..

لكنني سرعان ما أصبته بالعين .. حيث أنني بدأت بسماع صراخ غير مفهوم يقترب من بابهم فتح الباب و ظهر جود من خلفه ..

Continue Reading

You'll Also Like

570K 8.7K 99
مين جيووك ، طالب منخفض الدخل يمر بالعديد من الصعوبات ، يلتحق بمدرسة دايهان الثانوية ، وهي المدرسة الثانوية الأكثر تميزًا للأطفال من العائلات الغنية و...
88.8K 9.6K 21
مكان مهجور ظلام دامس، الهدوء فضيع مينسمع اي صوت عدى صوت الكلاب الي بالمكان.. خوف، رهبه، قلق.. شنو حيصير شنو نهاية هالطريق؟.. ثواني وسمعت صوت خطوات...
1.6M 76.1K 57
[ JUNGKOOK || ONGOING ] "ايـُمكـنكَ ان تـعـدنـي بشيء؟" ومَـا هـوَ؟ ألا تـَنـظُـر لـجَسـدِي أبـداً، "دعـنا نُمـارس فـِي الظـلاَم". "أنـا لـن أراكِ سيـ...
1M 30.3K 44
ᴡʜᴀᴛ ᴀʀᴇ ᴡᴇ 𝓙𝓴 ...? ~ 𝓙𝓮𝓸𝓷 𝓙𝓾𝓷𝓰𝓴𝓸𝓸𝓴 ~ 𝓚𝓲𝓶 𝓗𝓸𝓵𝓲𝓪 "لا مشاعر بيننا ، لكن أحبه هو من يلمسني فقط..." "يكره كل النساء ، مع ذلك يحب مض...