سنمّار درع لينور

By tofy701

84.8K 7.6K 9.6K

.. "اسرق ما تشاء طالما هي أمور حسية" .. نشرت في يوم الثلاثاء : الموافق : ٢٦ يونيو ٢٠١٨م ١٢ شوال ١٤٣٩هـ انته... More

【 المقدمة 】
【 الفصل الأول 】
【 الفصل الثاني 】
【 الفصل الثالث 】
【 الفصل الرابع 】
【 الفصل الخامس 】
【 الفصل السادس 】
【 الفصل السابع 】
【 الفصل الثامن 】
【 الفصل العاشر 】
【 الفصل الحادي عشر 】
【 الفصل الثاني عشر 】
【 الفصل الثالث عشر 】
【 الفصل الرابع عشر 】
【 الفصل الخامس عشر 】
【 الفصل السادس عشر 】
【 الفصل السابع عشر 】
【 الفصل الثامن عشر 】
【 الفصل التاسع عشر 】
【 الفصل العشرون 】
【 الفصل الواحد و العشرون 】
【 الفصل الثاني و العشرون 】
【 الفصل الثالث و العشرون 】
【 الفصل الرابع و العشرون 】
【 الفصل الخامس و العشرون 】
【 الفصل السادس و العشرون 】
【 ملاحظة 】
【 الفصل السابع و العشرون 】
【 الفصل الثامن و العشرون 】
【 الفصل التاسع و العشرون 】
【 الفصل الثلاثون 】
【 الفصل الواحد و الثلاثون 】
【 الفصل الثاني و الثلاثون 】
【 الفصل الثالث و الثلاثون 】
【 الفصل الرابع و الثلاثون 】
【 الفصل الخامس و الثلاثون 】
【 الفصل السادس و الثلاثون 】
【 الفصل السابع و الثلاثون 】
【 الفصل الثامن و الثلاثون 】
【 الفصل التاسع و الثلاثون 】
【 الخاتمة 】
【 أسوة ٢٠١٩ 】

【 الفصل التاسع 】

1.8K 180 137
By tofy701

【 الفصل التاسع 】

أسئلة و أجوبة.

*************

تحدث بصوت جاد و هو يقول : لماذا سلكتِ الطريق الوعر عند قدومك للمدينة التجارية ؟؟

كان الصمت قد حل لثوانٍ و هو يفكر في سؤال ليطرحه على الجميلة الممتثلة أمامه داخل تلك العربة الخشبية التي تسير في طريقها إلى البلدة المجاورة و قد قطعت قرابة أربعة أيام من أصل عشرة ...

أي مجموع ما تبقى ستة أيام إن واظبت على نفس الحال !

و عاد السكون مرة أخرى من بعد سؤاله و بدى على الفور أن السؤال لم يعجبها و حركت عيناها بعيدا عنه و من ثم قالت ببعض الارتباك : أ لا يمكنك تغيير السؤال ؟

تعجب منها : لا يجوز لك تغيير السؤال !

قالت له بتحاذق : لم اذكر في الشروط أنني لا استطيع تغيير السؤال !

نظر لها بنصف عين لكنه قال : حسنا حسنا يا آنستى الموقرة سأغير السؤال ! ... أين هي والدتك ؟

سكتت بهدوء و طال صمتها لحد ما و كأن لسانها قد اصبح ثقيلا للغاية ... و من ثم أشارت للأعلى بابتسامة وصفها آراش بالواهنة الحزينة ...

كانت الغصة هي ما اجتاحتها قبل أن تزدرد ريقها بهدوء و ببطء و نطقت الحروف الموجعة : في السماء ..

اختصرت الجواب في كلمتين جعلته يسكت و لا يضيف شيئا أو يسأل المزيد من التفاصيل ...

ارتخت عضلات وجهه في هدوء و بات يحدق في وجهها و قد احمرت عيناها و و قد بدى أنها تحاول جاهدة تمالك مشاعرها ... فليس من السهل عليها نسيان تلك الانسانة العظيمة و الغالية على كل شخص عاش حياة طبيعية ..

و هنا خطر سؤال لطالما تردد في ذهنه و أرهقه كثيرا : إن كان لديك خيارين لا ثالث لهما ... أحدهما أن ترحل إلى السماء و الآخر أن ترحل بعيدا عنك لكنها لا تزال على قيد الحياة ؟

و أكمل ليوضح حديثه و هو يعدل جلسته ليكون أكثر تركيزا : مثلا أن يحصل شجار بين والديك و تضطر هي للابتعاد عنك ... إلى مكان بعيد جدا بحيث أن رؤيتها مستحيلة ..

ردت مباشرة و قد بدأت دموعها تتساقط و تحاول بيأس مسحها و قد ظهرت البحة في نبرتها : بالطبع أن تكون على قيد الحياة ... مجرد أن أعرف بأننا لا نزال تحت السماء و أن هناك فرصة ممكنة للقاءها و التواصل معها و سماع صوتها ... و لو كانت فرصة ضئيلة جدا لكنني أريدها على قيد الحياة !

سكت بهدوء و لم يقل شيئا فيما توقفت العربة عن السير و هما لا يعرفان أي طريق كانت تسلكه بسبب حديثهما ... و ما هي سوى لحظات حتى طرق دُونْ الباب : آنسة لينور ... لقد توقفنا عند قرية في الطريق فقد انتهت المؤن من عندنا و قررنا شراء ما يمكنتا شراءه من هنا !

لم ترد بشيء فقد كانت تمسح دموعها ليرد آراش بدلا عنها متداركا الوضع : حسنا حسنا ...

ثم حرك بصره إليها ليجدها قد هدأت و من ثم قالت : آسفة ... لقد خضت في مشاعري فجأة ..

حرك رأسه نفيا و قرر أن يخرج من العربة فالجو الحزين و المتوتر داخلها لا يروقه البتة و قال : سأخرج قليلا لاستنشاق الهواء و تحريك جسدي المتيبس ...

حركت رأسها له و كأنها تسمح له بذلك ليكمل : أ لن تخرجي ؟

ردت عليه و هي تشير لفستانها : لا يمكنني الخروج بهذا الفستان ... حذرني والدي من الخروج به تجنبا للمشاكل قدر الإمكان ... سأكون ملفتة للانتباه و سيعرفون أنني ثرية ... و قد يتعرض لنا اللصوص كأبسط احتمال ...

هز رأسه بتفهم و من ثم خرج من العربة و كان دُونْ غير موجود بعكس رِيْ الذي كاد أن يذهب لكنه رآى آراش يخرج و قال له : لحظة إلى أين ؟

- أود التجول قليلا أكاد اختنق داخل العربة !

و من ثم ركض باتجاه القرية التي كانت على مرمى البصر فيما صرخ رِيْ مناديا إياه : و من سيجلس مع الآنسة ؟؟

رد بصوت عالٍ دون أن يلتفت : ابقى معها لبعض الوقت ... لن أتأخر.

و على هذا انسحب آراش فيما زفر رِيْ بضجر حقيقي فمهمته ليست حراسة الآنسة بل إنها مهمة آراش ...!

أخذ آراش يسير بين طرقات القرية و قد كانت حيوية لحد ما و أفضل بمائة مرة من قريته المنعزلة الكئيبة ... يرى الرجال و النساء يسيرون و ملامح الرضى و السرور تملأ وحوههم و الأطفال البسطاء يركضون هنا و هناك في سعادة و عدد من المحلات البسيطة التي يديرها أصحاب القرية ...

لم يرى شيئا ملفتا أو مميزا ليسرقه و حين لاحظ أن فكرة السرقة خطرت في باله أخذ يفكر : هل يمكنني أن أسرق أم أن علي أن أكون شخصا جيدا و اشتري الأشياء ؟

همهم بتفكير و تذكر أن مهمته الآن هي حراسة الآنسة لينور ... و السرقة ربما ستلحق الضرر بها و سيعاقب بلا شك على استهتاره ..

وضع يده داخل جيبه و اخرج عددا من الأوراق النقدية كانت آخر ما تبقى لديه من عملية سرقة الصندوق ذاك ... إذن إن أراد الشراء عليه أن يكون في حدود ماله.

أكمل تجوله و لا شيء يلفت انتباهه فقد اعتاد على رؤية الكثير من الأشياء الجميلة في المدينة التجارية و التي تستحق السرقة ... و رغم ذلك سرقاته كانت محصورة على الطعام تقريبا و على أغراض التجار و كون الطعام الآن يصله دون تعب لذا فهو بالتأكيد غير مهتم لما هو هنا ...

وجد في طريقه محل لبيع الثياب و قد لفت انتباهه قليلا و قال مخاطبا نفسه : ربما علي شراء شيء ما لي ..

*************

مضى الوقت و كان رِيْ يجلس بملل و يصفر حتى عاد ذلك الـ"درع" كما يصفه في نفسه و حين رآه قال منزعجا : لقد تأخرت !

ابتسم آراش بثقة و رد عليه : بالنسبة لشخص تمكن من أخذ جولة في كل القرية في وقت قياسي كهذا فأنا لم اتأخر البتة !

شهق بعدم تصديق و أخذ يحدق به فيما أكمل آراش ببرود : هيا اذهب ... أم أنك لا تريد ذلك ؟

حرك رأسه مؤكدا على أنه يود الذهاب و من ثم قفز من مكانه أي مقعد العربة إلى الأرض و قد وقعت عيناه على كيس يحمله في يده و سأله متعجبا : ما هذا الذي في يدك ؟

رد آراش بلا مبالاة : أغراض خاصة بي !

أنهى آراش جملته ليبتعد رِيْ و هو يقول : انتبه على الآنسة لينور جيدا و إياك أن تقوم بأذيتها !

لم يقل آراش له شيئا فيما ابتعد الرجل بعيدا أما عنه فتح باب العربة : آسف لتأخري !

كانت تنظر لحيث النافذة الموجودة في الجهة المقابلة للباب و بدت نوعا ما سارحة و عيناها لا تزال دامعتين و أنفها متورد فجلس مقابلا لها حيث مقعده المعتاد و نطق : إذن يا آنستي الموقرة ... أ ليس لديك سؤال لتسأليني عنه ؟

ردت دون أن تنظر إليه : كنت أفكر بالأمر قبل لحظات ... و لم أجد شيئا ..

صمت لفترة و هو يحدق في ملامحها الحزينة ... صحيح أنها هدأت و لكن آثار الدموع و الأسى لا تزال عالقة على تقاسيم وجهها الناعم و الجميل ... و في الحقيقة فإن صورتها و هي تبكي لم تغادر مخيلته طوال تجواله في القرية ...

وضع الكيس بجوار مقعدها و قال و هو يخرج من العربة : البسيه !

تعجبت مما قاله فيما أغلق باب العربة و أرخى ظهره عليه و هو يكتف يديه و رفع رأسه للسماء الواسعة الزرقاء و عيناه الزيتيتان هائمتان في صفاءها و فجأة فتحت الباب بعنف بشكل لم يتوقعه ليصطدم به و يتقدم جسده عدة خطوات و هو يشعر بالألم خصوصا رأسه من الخلف و قال و هو يضع يده على المنطقة النابضة بالألم و يستدير نحوها : ما بالك أيتها المجنونة ؟

رمت الكيس في وجهه بسخط : ما هذا الثوب النتن الذي احضرته لي ؟

أمسك بالكيس بعد اصطدامه في وجهه قبل سقوطه على الأرض و نطق منزعجا : و من قال لك أنني احضرته لترتديه في الحفلة مثلا ؟ ... إنه فستان عادي حتى تروّحي عن نفسك بحيث يمكنك السير و التنفس قليلا في الهواء الطلق دون خوف !

سكتت قليلا و قد بدى أنها متقبلة للفكرة و لكن ليس لقطعة القماش تلك و من ثم قالت بلا مبالاة : لست أريد الخروج لأي مكان ... أود البقاء هنا في العربة !

زفر بملل : لا بأس ... كما تشاءين ...

ثم سار باتجاه العربة و وضع الكيس على أرضها دون أن ينطق بكلمة و قرر القيام ببعض التمارين حتى يقضي الوقت فيما يفيده ...

بدأ بتمرين الضغط فيما ظلت الآنسة لينور داخل العربة و تنظر من خلال النافذة في هدوء ... و بين الحين و الآخر تلقي نظرة على الكيس الذي وضعه آراش ..

بعد فترة عاد دُونْ و رِيْ ببعض المؤن و قد قررا المكوث هنا قليلا فهما متعبين و لم يعترض أحد على ما يريدانه ...

أعدّا طعام الغداء و باتوا يتناولونه معا و حينما أخذت الشمس تشق طريقها نحو الغرب استأنفوا رحلتهم و عادت عجلات العربة تدور في طريقها إلى وجهتها ..

حال بدء العربة بالمسير قالت له بهدوء : علينا أن نكمل اللعبة أو نخوض في أي حديث يلهيني عن الغثيان الذي سيباغتني.

تحدث : كان دورك في طرح سؤال علي صحيح ؟

حركت رأسها إيجابا و سألت : مالذي دفعك لتصبح "درع" ؟

رد مباشرة دون تفكير : قلت أنني لست "درع" ... أنا فقط قوي و موكل بحمايتك من قبل الأمير !

تحدثت بما تعرفه : لكن الأمير قال بنفسه أنك "درع" كـ آدم تماما !

رد : إنني أعرف شيئا يسيرا من مهارات الـ"دروع" لكنني لم أفكر أبدا بأن أصبح "درع" لأي شخص كان !

سألت مرة أخرى : و لماذا ؟ ... كما أعلم فإن الـ"درع" يحظى بالكثير من الأموال ... يمكنك أن تصبح ثريا إذا ما امتهنت هذه المهنة !

اختصر اجابته قدر استطاعته : لا أريد أن اصبح ثريا.

تعجبت من إصراره في أن لا يكون "درع" لدرجة أنهم خاضوا في هذا النقاش فقط لأنه لا يريد أن يسمى بـ"درع" ...!

قررت سؤاله سؤال آخر : إذن من قام بتدريبك على هذه المهارات البسيطة على حد قولك ؟

رد باختصار مرة أخرى : مدربي ..

انزعجت منه : حسنا ما اسمه ؟؟

سكت للحظات و بدت عيناه عائمتين و أخيرا رد : لا اذكر ..

ردت بعدم تصديق : كاذب !!

كتف يداه و قال بلا مبالاة : لم اطلب منك تصديقي !

سكتت لبرهة و من ثم قالت : إنه دورك في طرح السؤال.

أخذ يقلب عينيه في الأرجاء و هو يفكر و لو في سؤال عابر ليطرحه عليها : لماذا لم يخطبك الأمير بعد ؟ ... لماذا أنتِ "عشيقته" و لستِ "خطيبته" ؟؟

أمسكت بإحدى خصلات شعرها الأشقر اللامع بخفة و أخذت تلعب بها و من ثم نطقت و نبرتها فيها شيء من الاضطراب : في الحقيقة ... لقد تقدم إلي ... لكن والدي رفضه ... رفضه لأسباب خاصة ...

أراد أن يسألها عن هذه الأسباب الخاصة لكنه فضل الصمت و عدم الإكثار من الأسئلة حتى يوقفها عند حدها حين تكثر أسئلتها ..

حان دورها لتسأله : كيف هي علاقتك مع مدربك ؟

رد قائلا دون اكتراث : ليست جيدة كالعادة !

تعجبت منه : هل تكرهه ؟

رد عليها : ربما نعم ... ثمّ إنه دوري في طرح السؤال ليس من العدل أن تسألي الكثير من الأسئلة في وقت واحد ... أنا اطرح عليكِ سؤالا واحدا لذا بالمقابل اطرحي سؤالا واحدا فقط !

قالت منزعجة منه : ذلك لأن إجاباتك غير شافية ... تجيب بعدة كلمات وحسب و لا تتحدث بالتفصيل بعكسي !

رد و هو يتثاءب : ذلك لأني لا أحب الحديث.

لم تقل شيئا بل بدى أنها تشعر بالنعاس حقا فصمت هو الآخر حتى غطت في النوم ...

أما عنه فقد زال الغبار عن ذكريات حاول جاهدا تناسيها و تجاهل وجودها ... كادت أن تندثر لكن بسبب أسئلتها الغبية كما وصفها في نفسه أخذت تدور في مخيلته كما لو أنها حصلت بالأمس ...

لم يعتقد يوما أنه قد يتأثر بتذكرها بل لطالما ظن أنه حين ينساها فلن يذكرها و لن يستحضر مشاعر خيبة الأمل و الانكسار التي ساورته ... الشعور بكونه لا يختلف عن الجماد في شيء ... و كأن لا قلب يسكن جوفه و لا عقل يملكه و لا أحاسيس يشعر بها ...

*************

فتحت عيناها بعدما كانت غاطة في النوم لترى أن الليل قد حل و أن العربة قد توقفت عن السير بالفعل ..

كانت مستلقية على مقعدها و يغطيها الغطاء ... فجلس بهدوء و هي لا تزال تذكر بأنها نامت و هي جالسة و تسند رأسها على النافذة ...

و حين جلوسها لاحظت وجود ذلك الضوء الزهري على المقعد المقابل لها حيث استقرت الزجاجة الصغيرة و بداخلها الفراشة الجميلة تتحرك بخفة ...

وجود الزجاجة جعلها تتعجب فلماذا ترك ذلك الـ"درع" فراشته هنا ؟

التقطت الزجاجة و فتحت الباب بهدوء حتى لا تؤذيه إن كان يتكئ عليه و لكنه لم يكن موجودا و ذلك أثار تعجبها فوطأت قدمها الأرض و اخذت تبحث عنه بعينيها لكنها لم تجد له اثرا و رأت رِيْ و دُونْ يغطان في النوم بجوار العربة ..

قررت السير لمسافة بعيدة قليلا عن مكان العربة هذه علّها تجد المدعو آراش و سارت ببطء و حذر لحد كبير و الضوء الوردي الصادر من الفراشة يساعدها على الرؤية حتى لمحت من بعيد إضاءة تبدو بيضاء و قد كانت متطايرة و منتشرة في المنطقة التي تقبع خلف الأشجار !

رمشت عدة مرات بعدم تصديق و تابعت سيرها باتجاه تلك الإضاءة و قد حاولت قدر الإمكان الحذر من الأشجار و أغصانها حتى لا تقع أو تصطدم بها ... و أخيرا وصلت للمنطقة التي تنتشر فيها تلك الإضاءة لتكتشف أنها عبارة عن فراشات مضيئة باللون الأبيض تطير هنا و هناك ...

وجدت أمامها بحيرة و قد تواجدت أشجار و نباتات كثيفة حولها و كانت إحدى الأشجار بجذع مائل بشكل واضح بحيث يسهل الجلوس عليها فوق بقعة المياه تلك ... و كان ذلك الشاب بالفعل يجلس عليها و يحدق بالمياه ... لم تكن ملامحه واضحة بالنسبة لها فقد كان يوليها ظهره ...

رؤية الفراشات المضيئة تحوم حوله و عدد من اليرعات جذبت انظارها بشدة بقدر شعورها بالتعجب من كمية الفراشات المضيئة الشبيهة بتلك التي تحملها في يدها ... رغم أنه قال بأن نادرة إلا أنها ترى العكس هنا ... و استنتجت أن هذا هو موطنها الذي تتكاثر فيه !

بدى هادئا و لم ينتبه على تواجدها فأخذت تسير ببطء بغية إخافته قبل أن يقول ببرود دون أن يلتفت حتى : إنني أعلم بتواجدك منذ البداية ... لذا لا تحاولي إخفاء وقع خطواتك ...

تعجبت منه و من كونه قد علم بأمرها و قالت مقطبة حاجبيها : كيف علمت بتواجدي ؟؟

رد عليها و هو يلف رأسه للخلف لرؤيتها : شخص يملك مهارات تخص الـ"دروع" بلا شك يستطيع معرفة ذلك ..

سارت بحذر حتى وصلت قريبا من البحيرة و من جذور الشجرة التي يجلس بها و المدفونة تحت التربة و قالت : مالذي تفعله هنا ؟

رسم نصف ابتسامة : بل السؤال موجه لك يا آنستي الموقرة ... مالذي تفعلينه أنتِ هنا ؟

ردت عليه : كل ما في الأمر أنني استيقظت من النوم و لاحظت وجود إضاءة من بعيد فقررت الاقتراب لرؤية مصدرها.

مد اصبعه لتستقر إحدى الفراشات البيضاء عليه و اخذ يحدق بها فيما قالت له : إنني أرى الكثير من فراشاتك هنا !

فهم أنها تقصد فراشة الـ"ڤـيڤـيلتـري" حينما نسبتها إليه و قال مخطِّئا : إنها لا تشبه فراشتي ... بل هي من نوع آخر مضيء و منتشر بكثرة ... فراشتي من نوع نادر و لا تكون بيضاء أبدا كهذه ..

همهمت بتفهم ثم سألت مدعية العفوية : لحظة ما كان اسم فراشتك ؟

فهم مغزاها على الفور و قال بابتسامته المشاكسة : لن اخبرك باسمها لذا لا تصطنعي العفوية و البلاهة !

رسمت تكشيرة خفيفة على وجهها و من ثم نظرت لحيث يجلس و شعرت برغبة في الجلوس على الجذع المائل فيبدو المنظر من عندها جميلا خصوصا البحيرة أسفلها ...

قرأ ذلك على ملامح وجهها و بعد ثوانٍ من التفكير وقف و سار باتجاه منبت الشجرة حيث تقف هي حتى وصل لنقطة انحناء الجذع الفاصلة بين كونه منحدر و كونه يستقيم كأرض مستوية أو جسر يعتلي المياه و التي تبعد عن مكان وقوفها بمسافة و مد يده نحوها قدر الاستطاعة و هو يحني جسده حتى تصل إليها : تعالي ... سأساعدك على السير كي لا تسقطي في المياه ..

بدت مترددة قليلا خصوصا مع ذلك الفستان الذي قد يعيقها كونه طويل و قالت بارتباك : و ماذا لو سقطت ؟

قال بهدوء : أ لست "درعك" ؟ ... عليكِ أن تكوني أكثر ثقة بي !

اخذت نفسا بسيطا و من ثم مدت يدها نحوه ليمسكها و وضعت قدما واحدة فوق جذع الشجرة و جسدها بات يرجف بخفة و قد شعر باهتزاز يدها في حضن يده ليزفر بهدوء و يقول مشجعا إياها : لا داعي للخوف ... إن خفت ستصبح خطواتك بطيئة و راجفة و يحصل ما أنت خائفة منه ألا و هو السقوط ... لذا كوني شجاعة !

حركت رأسها بتفهم و أخذت نفسا ملأت به رئتيها و وضعت قدمها الأخرى فوق قطعة الخشب الضخمة و قد حست بشيء من اختلال التوازن فيما قال و هو يحاول بعث الإطمئنان داخلها و يقبض على يدها : امسكِ بيدي بقوة و اعتمدي عليها في الحفاظ على توازنك !

أومأت مرة اخرى بتفهم و بالفعل ضغطت على يده بقوة و أخذت تسير باتجاهه حيث يبعد عنها بمسافة مترين تقريبا و كم مرة كاد توازنها يختل لكنها تتشبث به و تستعيد توازنها و كان هو يشجعها في كل خطوة حتى وصلت إليه.

من سعادتها بالوصول كادت تسقط لولا أنه أحاط بها بذراعه و قربها إليه حتى لا تسقط و هو يقول بمرح : لقد وصلتِ بأمان !

ضحكت في سرور و أيدته : فعلا !

حين انتبه لكونها بين احضانه شعر ببعض الحرج و ابعدها عنه بهدوء و قال و هو يتجنب النظر إليها : هيا لنسر قليلا حتى نجلس أسفل البحيرة !

سارا معا و كانت تمسك بيده حتى لا تقع و من ثم جلسا بعدما اصبحا بعيدين عن البر و باتا أسفل البحيرة ...

تدلت ساقيها للأسفل حيث البحيرة لكنها لم تصل و قالت متعجبة : ظننت أن أصابع قدمي ستلامس سطح المياه ! ... لم اتوقع أن تكون المسافة مرتفعة لهذا الحد !

رد عليها و هو ينظر للاسفل حيث قدميها : المسافات دوما تخدعنا فهي دوما تبدو قصيرة لكنها في الحقيقة ليست كذلك !

أيدته و هي تمرجح ساقيها بخفة : كلامك صحيح !

استمرت على حالها فيما أخذ يحدق هو بها حتى لاحظ شعرها الأشقر الذي كان كالعازل يمنعه من رؤية وجهها جيدا فمد يده بخفة و من ثم أزاح تلك الخصلان بخفة و وضعها خلف أذنها ..

تصرفه أثار استغرابها و حركت بصرها نحوه ليقول بهدوء شديد و ملامحه مرتخية : شعرت أنها تزعجك ... هذا كل شيء ...

رسمت ابتسامة عريضة : شكرا لك ..

حرك رأسه بخفة و كأنه يقول "لا شكر على واجب" و من ثم أزاح بصره عنها و أخذ يحدق في البحيرة أسفلهما ..

نهاية الفصل التاسع.

*************

ينتهي فصلنا هنا 😍👏

رأيكم في الفصل ؟

ما توقعاتكم لما سيحصل في المستقبل ؟؟

و أخيرا قراءة ممتعة للجميع 😌❤️

١٩ يوليو ٢٠١٨.

Continue Reading

You'll Also Like

90.2K 5.5K 16
ضَلام دامِس غُبار مالي المكان أصـوت أدوات التعذيـب وصوت الصـراخ الناتج عنها صـراخ وقـذف بالشرف ناس لاتـَعرف معنى الرحـمة ولا تَعرف معنى الرجولـة ...
5.6M 166K 51
في وسط المدينة هناك حظ عاثر تورثه فتاة من امها تجاهد كي لا يعيش بناتها نفس المأساة ناسي ان الوراثة لا علاج لها insta: ho.sa105
1.6K 257 6
# قائمة بتعاون مع فريق النقد النابع من مشروع الربيع العربي الثقافي🌱 ...... كتبت كأسامٍ على ورقة في بادئ الأمر، ثم طويت ليكون لها ظل، تلا ذلك أن طاله...
1.6M 194K 44
مملكة سفيد ..القلب النابض للممالك الأربع، الاقوى بينهم، لكن تلك المملكة ورغم أنها امتلكت كل مقومات القيادة، إلا أنها افتقدت لشيء هام؛ " ملكة " تحكم ع...