سنمّار درع لينور

By tofy701

84.8K 7.6K 9.6K

.. "اسرق ما تشاء طالما هي أمور حسية" .. نشرت في يوم الثلاثاء : الموافق : ٢٦ يونيو ٢٠١٨م ١٢ شوال ١٤٣٩هـ انته... More

【 المقدمة 】
【 الفصل الأول 】
【 الفصل الثاني 】
【 الفصل الثالث 】
【 الفصل الخامس 】
【 الفصل السادس 】
【 الفصل السابع 】
【 الفصل الثامن 】
【 الفصل التاسع 】
【 الفصل العاشر 】
【 الفصل الحادي عشر 】
【 الفصل الثاني عشر 】
【 الفصل الثالث عشر 】
【 الفصل الرابع عشر 】
【 الفصل الخامس عشر 】
【 الفصل السادس عشر 】
【 الفصل السابع عشر 】
【 الفصل الثامن عشر 】
【 الفصل التاسع عشر 】
【 الفصل العشرون 】
【 الفصل الواحد و العشرون 】
【 الفصل الثاني و العشرون 】
【 الفصل الثالث و العشرون 】
【 الفصل الرابع و العشرون 】
【 الفصل الخامس و العشرون 】
【 الفصل السادس و العشرون 】
【 ملاحظة 】
【 الفصل السابع و العشرون 】
【 الفصل الثامن و العشرون 】
【 الفصل التاسع و العشرون 】
【 الفصل الثلاثون 】
【 الفصل الواحد و الثلاثون 】
【 الفصل الثاني و الثلاثون 】
【 الفصل الثالث و الثلاثون 】
【 الفصل الرابع و الثلاثون 】
【 الفصل الخامس و الثلاثون 】
【 الفصل السادس و الثلاثون 】
【 الفصل السابع و الثلاثون 】
【 الفصل الثامن و الثلاثون 】
【 الفصل التاسع و الثلاثون 】
【 الخاتمة 】
【 أسوة ٢٠١٩ 】

【 الفصل الرابع 】

2.8K 245 458
By tofy701

【 الفصل الرابع 】

درع ؟؟

*************

كانت تلك العربة البسيطة تسير على الطريق الوعر و تهتز بسبب ذلك و لسبب ما يبدون متعجلين حقا قبل أن يقفز في وجههم ذلك الشاب المتلثم و رغما عن السائق أوقف العربة ساحبا لجام الحصان الذي أطلق صهيلا عاليا حتى لا يؤذوا الشاب المتلثم المتهور و صرخ سائق العربة في وجهه : أيها المتهور !! ... أ لا ترى أننا نسير بسرعة ؟؟

تحدث المتلثم : لا تقلق لست من النوع الذي قد يصاب من عربة مثل عربتكم ... الأهم من ذلك ...

عدل اللثام على وجهه و أكمل و هو يرسم ابتسامة ماكرة لا تبدو واضحة لهم : أ لا تعتقدون أن السير في طريق وعر كهذا أمر خطير من عدة نواحي ؟ ... أولا الخطر يكمن في كونها وعرة و ثانيا ... هو وجود قاطعي الطرق بكثرة ... لو أنكم سلكتم الطريق العادي لكان أفضل لكم !

صرخ سائق العربة الآخر في غضب : توقف عن نطق الترهات يا طفل و ابتعد حالا عنا قبل أن نضطر لاستخدام القوة !

كاد أن يتحدث بغطرسة و ثقة و تهديد حتى يخضعوا له إلا أن صوتا من بعيد تحدث بعجرفة : صحيح كلام الطفل ... قطاع الطرق يتواجدون هنا بكثرة !

سكت متعجبا مما سمعه و رمش عدة مرات قبل أن يحرك هو و سائقي العربة أبصارهم لحيث الرجل الذي كان ضخم الجثة و له مظهر سيء للغاية و يبدو قاطع طرق خطير ... لم يكن يرتدي قميصا لذا فقد بدت تلك الندبات التي حفرت على صدره بشكل واضح و بالطبع كان وجهه يعاني منها و يضع سيفا على خصره و يرسم ابتسامة شريرة على وجهه ...

تعجب آراش منه ففي الحقيقة و كما يعرف لم يكن هناك قاطعي طرق في هذا الطريق إنما اختلق كذبة عليهم حتى يخافون منه ... و لسب بما تحققت الكذبة !

اتجه الرجل نحوه و وضع يده الضخمة على كتفه و نطق : أشكرك لأنك وفرت علينا عناء إيقاف العربة !

عقد حاجبيه متعجبا و قد رفع رأسه للأعلى حتى يرى وجه الرجل الذي يقف خلفه مباشرة و في تلك اللحظة تماما قفز ثلاثة أشخاص من الأشجار ليحيطوا بالعربة و قد كانت مظاهرهم مشابهة لزميلهم ...

بدى على سائقي العربة الخوف و قال أحدهما : رجاء لا تؤذونا ... سنعطيكم ما تريدونه و لكن دعونا و شأننا !

قال أحد الأشخاص الواقف بالقرب من العربة : إذن افتح لنا العربة و دعنا نفتشها بأنفسنا !

رفض السائق رفضا تاما : سنعطيك المال من عندنا و لكن رجاء دعنا نسير بهدوء و نكمل طريقنا !

ضيق قاطع الطرق ذاك عينان بغضب و سار باتجاه الباب الخاص بها حتى يفتحه بنفسه و أثناء ذلك كان الغيظ قد تمكن من آراش فقد قاموا بسرقة الأضواء منه دون سابق إنذار و بسرعة وجه لكمه على ذقن الرجل من الأسفل و هو يصرخ : كيف تجرؤون على ذلك !!

عض الرجل على لسانه من قوة الضربة المفاجئة و سقط أرضا فيما ركض آراش بسرعة شديدة اتجاه الرجل الذي كان يمسك باب العربة و قفز عاليا ثانيا ساقه ليوجه له ضربةً بركبته على وجهه كاسرا أنفسه أنفه و قد وقع أرضا بشدة أتبعه هبوط آراش للأرض بسلام ثم تحرك من فوره و ضرب الرجلين الآخرين !

تفاجأ سائقيّ العربة من خفة حركة الملثم كنا يصفانه و قوته في الوقت ذاته ... فقد دخل في شجار مع الثلاثة المحيطين بالعربة حتى أسقطهم و قد أغمي عليهم دون أن يستخدم أي أسلحة و بأقل عدد ضربات و مع ذلك لم يسقط اللثام من على وجهه !

و حال إطاحته بالرجل الرابع الذي كان يقف أمام الحصانين المسؤولين عن جر العربة أخذ ينفض يديه ببعضهما في غضب واضح : تبا لهم لست في مزاج لكي أخوض شجارا كهذا في مثل هذا الوقت !

ثم حرك بصره لسائقيّ العربة بانزعاج ليقول أحدهما : أنت مذهل أيها الشاب ... شكرا لك حقا على تحذيرنا و من ثم إنقاذنا !

زفر بملل و لم يرد أن يحطم صورة البطل الذي انقذهم من أعينهما ... فهو في الحقيقة لم يفعل كل هذا إلا لكون هؤلاء الرجال الحمقى قد خطفوا دور "قاطع الطرق" منه و قبل أن يتحدث قال أحدهما مشيرا للأمام بتحذير : أيها الشاب !

تعجب آراش مما قاله و بسرعة التفت خلفه ليجد الرجل الذي أمسك بكتفه في البداية قد أخرج سيفه و ركض نحوه بسرعة ليضربه فقال بضجر : يا إلهي يبدو أن علي التعامل بشكل جاد مع هذا المتوحش !

كاد أن يجرحه بالسيف لكن آراش تفادى الضربة بخفة و مرونة و كلما حاول النيل منه و توجيه ضربه نحوه كان يتفادها بسهولة حتى استطاع توجيه لكمة سريعة و قوية للغاية على عينه جعلته يصرخ بألم شديد و ترك السيف مرغما فاللكمة كانت مفاجئة له ..

التقط آراش السيف بيده اليمنى و وجهه نحو عنق الرجل و قال بنبرة تهديد تدل على جديته في حديثه : ارحل حالا و إلا قتلتك !

كانت نظراته غير معهودة لشاب في مثل عمره و ذلك فاجأ صاحبيّ العربة و حينما لم يتحرك الرجل و يبتعد غرز طرف السكين على عنقه و باتت دماءه الحمراء تسيل على صدره و نطق بصوته الجامد : أنا جاد فيما أقول !

حينها اضطر الرجل للرحيل فيما ظل آراش يلوح بالسيف و قد زالت تلك النظرات من على وجهه و استبدلها بنظرات الإعجاب بالسيف و هو يقول في سرور : جميل ... يبدو أنني حصلت على شيء جميل !

تلك اللحظة فُتِح باب العربة و أتى صوت أنثوي يقول بخمول : ما سبب كل هذه الفوضى ؟

تحدث سائق العربة في توتر : في الواقع ... لقد تعرضنا لقطاع طرق !

رمشت متعجبة مما قاله فقد كانت نائمة بعمق يخالف طبيعتها و لم تشعر بأي مما حصل و أطلت برأسها للمكان لتجد أمامها ثلاثة رجال ساقطين على الأرض و كان هناك شاب يلوح بحماقة بالسيف في يده !

حين لاحظ خروجها من العربة حرك عيناه الزيتيتان اتجاهها ليجد أمامه فتاة في قمة الجمال و الأناقة و تبدو من الطبقة المخملية بلا أدنى شك ... فهي ترتدي فستان بلون أزرق كلون عينيها ... خامته تجعلك تقدر سعره الباهظ من مجرد النظر إليه ...

لها شعر أشقر تسرحه بشكل أنيق و سلسلة من الذهب المرصع بالألماس تزين عنقها و عدد من الخواتم تلمع في يديها النحيلتين ... لم يبدو عليها أنها كانت غاطة في النوم قبل لحظات !!

لم يصدق ما رأته عيناه فكيف لفتاة بهذا الحسن و المستوى الرفيع أن تركب عربة بسيطة كهذه ... العربة تبدو كما لو أنها خردة مقارنة بها !

سار باتجاهها ليقول سائق العربة معرفا به : آنستي ... هذا الشاب هو من قام بمساعدتنا من قطاع الطرق !

نظرت له من طرف عينها و قالت ببعض الشك : هذا الفتى ؟

فيما سار هو اتجاهها بأدب و حالما وصل إليها وضع إحدى ذراعيه خلف ظهره و الأخرى على صدره و من ثم انحنى لها و نطق : لي شرف انقاذك يا آنستي الموقرة !

همهمت بتفهم و هي تنظر له من أعلى لأسفل و لم يبدو أنه نال إعجابها حتى استقر بصرها على اللثام الذي يغطي وجهه ... و بحركة مفاجئة سحبت اللثام باصبعها للأسفل حتى باتت ملامحه واضحة لها فيما رفع بصره بسرعة ناحيتها متعجبا من تصرفها و على الفور غطى وجهه منزعجا بيد و أمسك يدها التي أزاحت اللثام بيده الأخرى : كيف تجرؤ آنسة موقرة مثلك على لمس لثامي ؟

ردت مؤيدة إياه في غرور شديد : معك حق كيف لي أن ألمس لثام قذر مثل هذا ؟

لم يرد عليها بشيء و إنما قبل كفها التي يمسك بيها بخفة كاحترام و قال و قد انحنى ثانية : على أي حال لي شرف مقابلتك يا آنسة ... و الآن علي الذهاب !

ترك يدها و همّ بالرحيل لتقول له متعجبة : أ لا تريد مكافأة ؟ ... أعني بعضا من المال مقابل إنقاذي ؟

أجابها : البتة ... و رحلة موفقة لك !

و على هذا رحل باتجاه أشجار الغابة تاركا إياها في حيرة و تعجب من أمرها و لم تكن وحدها من تشعر بذلك بل سائقيّ العربة كذلك !

*************

حالما اختفى عن أنظارهم قفز على إحدى الأشجار ليشق طريقه اتجاه منزله أو إن صح القول "شجرته" و نظر ليده التي تضم خاتمين من خواتمها و قد كانا الأجمل و الألمع فضحك ضحكته المشاكسة قبل أن يقول : حصلت على مكافأتي منها بالفعل ! ... لا أصدق أنها لم تلحظ إختفاء الخاتمين من يدها !

اختطف الخاتمين من يدها التي أزاحت اللثام عنه ... أمسك بيدها عن قصد و قبلها حتى يتمكن من الحصول عليهما !!

حين عادت الذاكرة لذلك الموقف شعر ببعض الإنزعاج من كونها رأت وجهه لكنه قرر أن لا يفكر في الأمر كثيرا فهي لم تطل النظر إلى وجهه خصوصا و أنه أعاد لثامه بسرعة ..

عاد لشجرته في وقته القياسي كما المعتاد و تسلقها ثم وضع الخاتمين في صندوق صغير لحد ما يضعه داخل مخبئه السري حيث توجد بعض من المجوهرات و الحلي التي سرقها ... فهو يسرق الحلي و المجوهرات لجمالها و يضعها في صندوق الكنز كما يصفه في نفسه ...

إنه يمارس سرقتها كهواية تجميع العملات أو الطوابع البريدية !

في البداية شعر ببعض الغيظ لكونه لم يستمتع بدور "قاطع الطرق" خصوصا بعدما اكتشف وجود فتاة ثرية داخل العربة ... فهو يحب ازعاج هذا النوع المدلل من الفتيات بإخافتهن و لكن و لسوء الحظ أتى قطاع طرق حقيقين من حيث لا يدري و قد افسدوا متعته !

لكن بعد حصوله على الخاتمين و كذلك السيف إنه راضٍ جزئيا عما حصل ..

*************

مضى يومين على حادثة قطاع الطرق و العربة ... و قد تمكن آراش من بيع الصندوق و تقاضى المال الذي يكفيه لشهر دون أن يسرق أي سرقة !

حينما يحصل على قدر كبير من المال هكذا فإنه يأخذ إجازة من السرقات حتى ينتهي مخزونه و هذا يفسر سر اختفاء "سنمّار" بين الحين و الآخر ... و بالطبع لا أحد يعلم بهذا السر سواه !

و في صبيحة يوم جميل استيقظ آراش على زقزقة العصافير و جلس بعدما كان يستلقي على الغصن ... حرك قزحيتاه لحيث السماء المتدرجة باللون الأزرق الزاهي يتخلله البرتقالي الباهت الصادر من أشعة الشمس المشرقة و الغيوم البيضاء متناثرة بشكل جميل ..

كانت رائحة الصباح هي المفضلة لدى آراش فهي منعشة للغاية و تجدد نشاطه و حيويته و تشجعه على بدء تدريباته الشاقة !

قفز قفزة ليستقر على الأرض من فوق الشجرة و قال بمرح و هو يمدد جسده : سيكون افطار اليوم من فاكهة الغابة !!

و خلال لحظات جمع إفطاره من الأشجار و قام بغسلها عند الشلال القريب من منزله ... لم يكن قريبا في الحقيقة لكن آراش يعده كذلك فهو على الأقل أقرب إليه من المدينة التجارية.

أكل الفاكهة و هو يجلس على مسافة بعيدة قليلا عن الشلال و صوت ارتطام مياهه يصل لأذنه ... الأشجار الخضراء الكثيفة تحيط الشلال من جانبيه و هي امتداد للغابة التي يسكن آراش فيها ...

بعدما تناول افطاره أخذ يفكر أي نوع من التدريبات عليه أن قوم به اليوم ... جمعه للفاكهة و قدومه لمنطقة التدريب هذه كما يسميها بمثابة تدريب الصباح الخفيف ...

سيبدأ أولا بالتأمل حتى يهضم الطعام بشكل جيد ثم سيبدأ بممارسة التدريبات الصارمة كما اعتاد !

بدأ يراقب الشلال بتركيز و يحاول الانتباه لكل شيء من حوله ... أصواتا كانت أو حركة أو حتى طيرا محلقا فوق رأسه ... يحاول عدم التغافل عن شيء حتى يدرب حواسه في استشعار كل شيء بدقة ...

و بينما كان كذلك أحس بأن هناك أشخاص قادمون ... و على عجل وضع كفه ملامسا الأرض و أغلق عيناه محاولا التركيز في عددهم و من ثم تمتم بجدية : ثلاثة أحصنة تركض بهذا الاتجاه !

تعجب من ذلك و شك في كونها احضنة بالفعل لكنه و بخفة قفز نحو أحد الأشجار و اختبأ بين أوراقها و قرر مراقبة المكان حتى يتمكن من تأكيد إحساسه ..

وصلت الثلاثة أحصنة و فوقها رجال يبدون من حراس الحاكم أو شيء من هذا القبيل و أخذوا يتحدثون فيما بينهم و قد أكد آراش لنفسه أنه كان على حق ... و لكن من هم هؤلاء الأشخاص الذين قدموا بالضبط و ما الذي يريدونه ؟؟

ظل صامتا لبرهة قبل أن يشعر بحركة بجواره و قد ظن لبرهة أنها لعصفور أو سنجاب و من ثم وصله همس في أذنه : أهلا "سنمّار" !

اتسعت عينا آراش بصدمة و فزع مما سمعته أذنه و كردة فعل سريعة قفز لشجرة أخرى و نبضات قلبه تنبض بعنف شديد و هو لا يصدق كيف وصل هذا الرجل إليه و كيف تمكن من الهمس في أذنه دون أن يشعر به حتى !!

اخرج بسرعة سكينا صغيرا من جيبه و أخذ يحدق في الرجل الواقف على الغصن و الذي همس في أذنه قبل ثوانٍ و يرتدي ثوبا غريبا لكن من الواضح أنه مريح و يساعده في الركض و الحركة بسرعة ...

كان الرجل أصلع لكن يغطي رأسه طبقة شعر خفيفة تجعله يبدو كما لو أنه رمادي و يرتدي ثوبا أسود اللون و قفازات سوداء كذلك و حذاءه بذات اللون و يلف و ساقيه بالضماد الأبيض و قال آراش في نفسه : هل يعقل أنه "درع" ؟ ... فهو لا يبدو بالشخص العادي أبدا ... لم استشعر تواجده البتة و أن يستقر بجواري على الغصن الذي أجلس عليه و يهمس في أذني يعني أنه "درع" من مستوى عالٍ ... و كما أرى فهو يكبرني في السنوات و لابد أن له خبرة تفوقني بالكثير و هذا يفسر سبب عدم إحساسي به !

ازدرد ريقه و عض على شفته هو متأكد بأن خصمه قوي للغاية ... منذ فترة طويلة جدا لم يشعر بمثل هذا الخوف حتى كاد أن ينساه ... العرق يبلل جسده و نبضات قلبه في ازدياد و ضيق عينيه ليركز أكثر و من ثم قال بصوت منخفض بحيث لا يسمعه أحد سواهما : من أنت ؟؟ ... و مالذي تريده مني ؟

رد عليه بجمود شديد : لي أوامر خاصة بالإمساك بك !

نبرته في الحديث و صوته ذكراه مباشرة بذلك الشخص ..!!

الشخص الواقف أمامه لابد أنه "درع" و لا مجال للتفكير في أمر آخر !!

شخص من نفس فئة آراش لكنه يفوقه بعدة مراحل ... هذا يعني أن نتيجة المواجهة واضحة ... هو سيكون الخاسر بلا شك ... و هذا يعني أن الهرب الآن هو الحل الوحيد لتفادي الخسارة التي قد تتضمن روحه !

و قبل أن يفكر حتى بالتحرك و الإبتعاد انقض ذلك الرجل عليه و ركله على معدته بقوة ليسقط من فوق الغصن لكنه بسرعة تدارك الأمر و وقف على قدميه و استغلها فرصة للهرب فأخذ يركض و يركض بسرعة و هو يفكر في مكان ليختبئ فيه ...

لن يذهب لمنزله و مقره السري بل عليه الذهاب لمكان آخر تماما !!

أكثر شيء يشعر بالندم إزاءه هو اللثام الذي تركه في الشجرة ... كان عليه أن يكون حذرا و أن يغطي وجهه قبل أن يراه ذلك الرجل !

و لكن لحظة ... كيف عرف الرجل بمكانه ؟ ... و كيف عرف أنه هو نفسه "سنمّار" ؟؟

جالت في مخيلته ذكرى تلك الفتاة و هي تزيح اللثام عنه ... هل يعقل أنها أخبرت الشرطة أو الحاكم بشيء ما أفادهم متعلق به ؟ ... أساسا من تكون تلك الفتاة و لماذا تبدو من طبقة رفيعة المستوى و لماذا تركب عربة بسيطة كتلك و هل كانت حقا متوجهة للمدينة التجارية و هل هي تعرفه أساسا و تعرف أنه المدعو "سنمّار" و هل لاحظت اختفاء الخاتمين ؟ ... و هل يعقل أن هذا الرجل هو "درعها" ؟؟ ... أتى لينتقم لها و يستعيد الخاتمين المسروقين ؟؟

الكثير من الأسئلة العشوائية السريعة راودته و شعر أنه ارتكب بالأمس خطأ كبيرا للغاية و فجأة قفز من إحدى الأشجار ذلك الرجل نفسه ليعترض طريقه فتوقف آراش عن الركض مقطبا حاجبيه و هو يشعر بأنه قد تورط ورطة كبيرة لا يعرف لها مخرجا !

أتاه صوت الرجل الجامد : صدقا أيها الطفل لن تستطيع الهرب مني أبدا ... أن تستسلم بهدوء هو الحل الأمثل بالنسبة لك لتفادي المشكلات !

ظل آراش يحدق بالرجل و هو يتذكر صوته "لي أوامر خاصة بالإمساك بك !" و لم يبدو أنه سيتراجع عن ذلك حتى لو قدم له الخاتمين أو غيره ... أساسا هو غير متأكد من كونه مرسل من قبل تلك الفتاة الثرية لذا فهو لن يتحدث بشأن الخاتمين حتى يفتح ذلك الرجل الموضوع بنفسه !

أخذ نفسا عميقا و هو يدرك تماما أن الرجل صادق في كل كلمة قالها للتو ... يبدو أنه مهما هرب و مهما فعل لن يتمكن من الفرار منه ...

و حتى لو نجى منه بأعجوبة فسيخبر الرجل جميع الناس كيف هو وجه "سنمّار" و بالتالي فإنه سيعيش في سلسلة غير منتهية من الهرب و عدم الاستقرار ...

وقف في وضعية استعدادا للقتال و هو يمسك بسكينه الذي لا يملك غيره في هذه اللحظة و نطق بجدية : إذن سأفضل المواجهة على الهرب ... لقد رأيت وجهي بالفعل و عرفت كيف هو وجه "سنمّار" الحقيقي ... و هذا يعني أنه لا مجال للهرب أبدا لا منك و لا من أي أحد ... أما الاستسلام فهذا أمر مستحيل فأنا لن أقضي حياتي بين قضبان السجون ... لن تسرقوا مني حريتي و عمري أبدا !

و ما إن أنهى جملته حتى حرك قدمه و ركض لحيث هو موجها حد السكين باتجاهه فأخرج الآخر سكينه و صد ضربته بها و أصدر صريرا عاليا من اصطدام السلاحين فقفز آراش للخلف خطوة واحدة ثم عاد و ركض ليضربه فأخذ الرجل يصد ضرباته كلها ...

لاحظ آراش أن الرجل لم يوجه أي ضربة اتجاهه و هذا أثار تعجبه فكل ما يفعله هو صد هجومه لا أكثر ...

بدأ يشعر بالإنهاك من كثرة محاولاته اليائسة في ضربه و حينما استنتج أن الرجل يود امتصاص طاقته قبل أن يقضي عليه قفز للخلف مرة أخرى مبتعدا عنه لمسافة مترين تقريبا و أخذ يلتقط أنفاسه بتعب و قد جثى على إحدى ركبتيه ..

وصله صوت الرجل : لماذا لا تستسلم وحسب ؟ ... أ لا تخشى أن تموت على يداي ؟

رسم ابتسامة عريضة تدل على ثقته و في الوقت ذاته على صعوبة اتخاذ قراره : الموت هو الحرية بعينها يا سيدي ... إنه أفضل من التحسر على حياتي الضائعة !

نظر له الرجل بجدية تامة : كما تشاء ...!

و في تلك اللحظة وصل صوت الأحصنة الثلاثة إليهم و قد أحاطوا بهما و وجهوا بندقياتهم نحو آراش و قالوا بصوت واحد : "سنمّار" ألقِ سلاحك و استسلم حالا قبل أن نضطر لقتلك !

نظر آراش لهم بعينيه الزيتيتان و قال في نفسه : بندقيات ؟ ... يا لهم من متطورين فلا أحد يمكنه حمل بندقيات كهذه لسعرها الباهظ ... حسنا كما هو متوقع من حراس الحاكم !

ثم نظر في عيني الرجل أمامه و نطق و رسم ابتسامة ساخرة لحد ما : يبدو أنهم حلفاؤك ...

لم يقل الرجل شيء فيما أكمل آراش بابتسامة تدل على رغبته في توديع الحياة : آخر ما توقعته أن يتم سلب حياتي ضربا بالرصاص !

إن ركض ليهاجم ذلك الرجل فهم سيطلقون عليه بلا شك و سيموت ... أما بقاءه واقفا هنا سيجعلهم يظنون بأنه يود الاستسلام !

و بسرعة ركض باتجاه الرجل الواقف أمامه و الذي يصفه بـ "درع" و هو يصرخ بصوت عالٍ و أخذ يحاول تخيل صوت الرصاص و الألم الناجم عنه و صعود روحه للسماء ... مهما حاول تخيلهم يبقى الواقع أشد مرارة و أكثر صعوبة ..!

عند وصوله للرجل شعر بألم شديد للغاية ... أذناه لم تعودا تسمعان جيدا و بصره يرى المكان مشوشا و عقله يأبي استيعاب أي شيء مما يحصل ... و أخيرا أظلمت الدنيا من حوله و تهاوى جسده ليسقط أرضا بين العشب الأخضر الندي ...

نهاية الفصل الرابع !

*************

مالذي سيحصل لآراش ؟

ما توقعاتكم حول معنى "درع" ؟

رأيكم بالفصل ؟

ستتم نشر الفصول كل يومين أو ثلاثة ...
و أحيانا قد انشرها كل يوم اذا تحمست 😂👏

و أخيرا قراءة ممتعة للجميع 😍😍❤️

٣ يوليو ٢٠١٨.

Continue Reading

You'll Also Like

41.3K 1K 110
قال لي من أنت ..؟ فقلت لا يغرنك جرئتي في الكتابة .. فتلك التي تمسك بقلمها .✍...لتدون لك كل هذا الحب ليست انا ...!! انا إمراة خجولة في الحب . ...تخت...
1K 167 16
بين الحربين العالميتين وعلى أطراف العالم العربي، ووسط فوضى الاحتلال ومحاولة أرباب المال النجاة بثرواتهم -تقع في المنتصف الطبقة الكادحة من الناس، أولئ...
364K 19K 67
قصه حقيقه لا جذب ولا شيئ القصه تحجي عن بنيه ابوه داعشي او وعد أمه انو يطلعه بس هوا ضحك عليه ولعب بيه او جابت منه لبوه جانت أمه عباله هاذه مو داعشي و...
13.3K 1.7K 127
بين الصّفحاتِ هنا بوّابتك إلى عالم الحكايات، أين يتبارزُ الإنجليز المدرّعون بجلود التّنين، يقاتلون ببسالةٍ بسيوف اللّيزر، ويتسامر العشّاق تحت القمر. ...