أرواح مشوهة | distorted souls

By the_writer_ro

107K 4.2K 10.2K

يقوم بإختطافها ثم تهديدها للقبول بالزواج منه بعدما جعلت عروسه تهرب قبل يوم واحد من الزفاف ، إعتقد أنه أمسك بز... More

المقدمة:
الفَصل الأول: ڨيكتوريا رومانو
الفصل الثاني: خَطَر !
الفصل الثالث: عَهد..
الفصل الرابع: الظل..
الفصل الخامس: صورة..
الفصل السادس: تبادل عهود..
الفصل السابع: دماء على فستان..
الفصل الثامن: فوضى ساخط
الفصل التاسع : جولة شطرنج
الفصل العاشر: ضيف من الماضي
الفصل الحادي عشر: رائحة الموت
الفصل الثاني عشر: تسجيل دخول لساحة..
الفصل الثالث عشر: معزوفة الحرب
الفصل الرابع عشر : نصل الحقيقة
الفصل الخامس عشر : عقاب متمرد
الفصل السادس عشر : ليلة بين النجوم
الفصل السابع عشر : ملاك حارس
الفصل الثامن عشر : وكر الشيطان
الفصل التاسع عشر : الغسق
الفصل العشرون : العتمة
الفصل الواحد و العشرون : تحت ضوء القمر
الفصل الثاني و العشرون : رسالة من جثة
الفصل الثالث و العشرون : قصة سيدة النصر-الجزء ١-
الفصل الرابع و العشرون : على حافة الهاوية
الفصل الخامس و العشرون : قصة سيدة النصر-الجزء٢-
الفصل السابع و العشرون : وحوش حول مأدبة العشاء

الفصل السادس و العشرون : وردة الجوري السوداء

1.9K 114 435
By the_writer_ro

- سيد لورينزو روسو ، ما هذه المفاجأة السارة منذ الصباح الباكر ؟

- لا أعتقد أنها ستكون سارة بالنسبة لك سيد سيزار ، تعلم جيدا ما سيترتب عليه الخطأ الذي إرتكبته ، و أنا لستُ الرب لأكون رحيم..

- فقط لا تلمس قطي و أحصنتي و سأذهب معك بإرادتي..

- من حسن حظك أنني أحب الحيوانات ، سأستضيفهم في منزلي برفقتك..

إنشرحت ملامح سيزار في فرحة عجز عن عدم التعبير عنها بينما يقول بحماس :

- هل تقصد أنك ستقوم بإختطافي ؟

- الأمر لا يستدعي منك الإبتهاج كونك لن تكون ضيف..

- لا تصدق الخدمة التي ستقدمها لي بفعلتك هذه..

- سنرى إذا كنت ستحتفظ برأيك هذا فيما بعد فالخسائر كبيرة و لا أنوي خيرا..

في نقطة ما من طفولته كان قد توقف عن الخوف من الموت ، فأصبح بطبيعته متهور لأبعد الحدود حتى أنه كاد ينهي حياته لمرات لا تحصى لتنفيذه أفكار جنونية  تطرأ لعقله في أي لحظة دون القلق لما سيحصل له فيما بعد حتى لو عنى موته ما جعل منه شخصية إنتحارية..

ركب سيزار سيارة لورينزو بإستسلام تام منه بعد أن تأكد من كون بلاك و أحصنته بخير ، خاصة أن تلك المهر البيضاء قد تسببت بمشاكل كبيرة لكونها غير مروضة بعد..

لم يكن يدرك لورينزو أنه حقا يقدم خدمة لسيزار بفعلته هذه ، حيث كان سيزار متحمسا لما سيحدث لاحقا ، حين يصل إختفائه المفاجئ لما وراء البحار موقظا بركان خامد سيتسبب بإحراق هذا الرجل الذي سيتجرأ على أذيته..

التفكير في الأمر فقط جعل منه يبتسم بإتساع تحت نظرات لورينزو المستغربة من شخصية هذا الفتى ، نفى أفكاره حين توصل لنتيجة أنه فاقد لعقله بالكامل ثم أخذ كتابه ينهي قراءة الفصل الذي توقف عنده حين وصل لمنزل سيزار..

تجاهل أنطونيو السكرتير الذي رفض طلبه للقاء رب عمله لعدم وجود حجز موعد مسبق معه فتجاوزه ليفتح الباب بإندفاع تحت الصوت العالي المعترض لذلك الرجل الذي يحاول منعه من الدخول..

رفع دييغو عيناه عن الأوراق التي أمامه ليقع بصره على وجه أنطونيو الجامد عكس الهالة المتجهمة التي تحيط به ، ترك ما بيده ليقف بسرعة بينما يهز رأسه نحو مساعده يخبره بالرحيل ليغلق الباب يتركهما على إنفراد ، تقدم منه بينما يسأله بنبرة قلقة :

- هل حدث شيء سيء لڨيكتوريا ؟

- ما هي علاقتك بفابيو لومباردي ؟

بالرغم من أن دييغو قد حافظ على ثباته أمام أنطونيو ، إلا أنه لم يخفى عن الأخير إهتزاز عدستيه بعد ذكر ذلك الإسم ، إستفسر بهدوء :

- من أين تعرف هذا الإسم ؟

- من زوجتي..

لم يتمكن دييغو من كبح ردة فعله هذه المرة لدهشته بما حصل ، لم يتوقع أن تفصح ڨيكتوريا عن علاقتها بزوجها الراحل لهذا الرجل الذي يكون زوجها الحالي ! نظف دييغو حلقه يسأله مستغربا :

- و ما الذي يجعلك متأكدا أن لي علاقة به ؟

جلس أنطونيو على المقعد المقابل للمكتب معدلا هندامه ثم وجه نظره ناحية دييغو الذي ينتظر إجابته ليقول :

- لقد أخبرتني عن رؤيتها لحذاء كلاسيكي قبل أن تفقد وعيها في تلك الليلة المشؤومة ، لا أعتقد أنها تعرف أن صاحبه هو نفس الشخص الذي من المفترض أن تكون عدوته غير أنه خالف الجميع و أراد كسب ودها و جعل من نفسه صديق لها..

..ربما هي غفلت عن هذه النقطة بسبب مشاغلها و براعتك في إخفاء نيتك الحقيقية ، لكن الأمر لم يمر علي ببساطة ، و أنا هنا أريد أن أعرف القطع الناقصة من القصة..

لاحظ أنطونيو صراع دييغو من نفسه بينما قبضته تشدد برفض لطلبه فأضاف بإصرار يغلفه الثبات :

- لن أغادر من هنا حتى أعرف جانبك من القصة..

عاد ليجلس على كرسيه الذي تركه مسبقا حين إعتقد أن هناك خطب ما حصل لڨيكتوريا ، نظر مطولا إلى أنطونيو ثم أغمض عيناه متنهدا بعمق يرخي تصلب جسده ، أبصر النور مجددا يشابك أصابعه فوق سطح المكتب مردفا :

- عشت لسنوات طويلة أحمل كنية أمي لأسباب شخصية ، خلالها كنت قد تعرفت على فابيو في المدرسة الإبتدائية و إمتدت صداقتنا حتى بعد تخرجنا من الثانوية ، أنا إلتحقت بتخصص علم النفس في الجامعة بينما هو إختار قطاع الأمن ليحذو درب أبيه..

..عرفتُ بعد سنوات قليلة من وفاة والدتي من تكون عائلتي حين أجبرتُ على العودة إلى قصر آل كاسانو لشغل مكان والدي الذي يحتضر ، حينها إرتبط إسمي بأحد عوائل العالم المظلم بينما كان فابيو يحارب ضد أي شخص ينتمي إليه..

..إعتقدت أن فابيو سيعتبرني عدوه أيضا ما جعلني أتحسر على صداقتنا الثمينة التي ستذهب مع أدراج الرياح لتغير لقبي ، لكنه فاجأني حين أخبرني في أول لقاء بيننا بعد الذي حصل :

" أعلم أن هذه الحياة لم تكن برغبتك ، في الأخير لا يستطيع المرء أن يختار عائلته ، كنتَ من كاسانو أو من أسوء منهم ، هذا لا يغير من حقيقة كونك صديقي المقرب دييغو ، شخص صادقته لنقاء قلبه الذي لن يتسخ بقذارة هذا العالم مهما حصل ، كنت كذلك بالنسبة لي من قبل و ستبقى للأبد.."

.. حينها أردكت أن علاقتنا أصدق و أعمق مما كنتُ أتصوره ، و لن ألتقي بشخص مثل فابيو مجددا ، هو كالفرصة الثمينة التي تأتي مرة واحدة في العمر..

المركز الرئيسي لشرطة -روما - قبل أربع سنوات:

كان دييغو يجلس في مكتب فابيو يعبث في هاتفه بينما ينتظر عودة صديقه الذي أخبره أنه مشغل في قضية بعد أن ألقى القبض على الأنثى المتهمة في الأمر..

دلف فابيو يلتقط أنفاسه بإرهاق يرمق الفراغ بضياع و معالم الحيرة بادية على وجهه ، إبتسم دييغو بسخرية ليقف من مكانه مربتا على كتفه هاتفا بسخرية :

- من هي الأنثى التي سلبتك أنفاسك و هدوئك يا صاح !

رفع عينيه لتقع على تلك التي تقطن خلف الزجاج ، تجلس بين القبضان الحديدية الخاصة بإحتجاز المركز ، حين أزاحت خصلاتها الطويلة تبينت ملامحها لتتجمد عيناه عليها دون حراك ، إعتدل فابيو في وقفته مشيرا إليها ينوي الكشف عن هويتها لكن سبقه دييغو بقوله بنبرة مصدومة :

- ڨيكتوريا رومانو !

عقد فابيو حاجبيه بإستغراب ليقول مستفسرا :

-كيف تعرفها ؟

- أتعلم من تكون هذه الأنثى ؟

- المتهمة في القضية..

- إنها أرملة آندرو فارنيزي يا هذا ! جميع من سمع بوجودها يسعى خلفها حية كانت أم ميتة ! أتعلم قيمة المكافئة التي طرحها الزعماء للعصابات مقابل القبض عليها ؟

ترددت كلماتها التي ألقتها على مسامعه قبل خروجها من غرفة التحقيق ، نظر ناحيتها بغير إقتناع غارق في أفكاره التي تدور حولها ، ضرب دييغو جبينه للورطة التي وقع فيها صديقه..

في تلك اللحظة دخل سانتو إلى المركز رفقة فريق محاميه محتجا على إعتقال ڨيكتوريا فخرج فابيو لسيطرة على الفوضى..

حين خرجت ڨيكتوريا من خلف القبضان وقفت لثواني بالقرب من النافذة السوداء الخاصة بمكتب فابيو بحيث لا يمكن رؤية ماذا يوجد خلفها ، كان دييغو يدقق النظر إليها كيف لفتاة بهذه الملامح أن تكون زوجة آندرو فارنيزي ، هي تبدو صغيرة جدا و بريئة على التورط مع رجل مثله..

نزعت سترتها لتنحني بجذعها العلوي ترفع شعرها على شكل ذيل حصان ، وقفت بإعتدال تعاين ثنايا وجهها في حال وجود أي خطب به ، لطالما أخبرها آندرو أن تبقى في أبهى طلتها مهما كانت الظروف و قد تمسكت بهذا حتى بات من مبادئها..

عضت شفتيها تسحب الدماء إليها حتى تبدو أكثر إحمرارا ثم صففت رموشها بأناملها ، نظرت ناحية شق القميص و خلفه جرحها النازف لكنه لم يلحق أي ضرر بهيئتها فلم تلقي بال له لتعيد إرتداء السترة..

كان قرطها مفتوح فإقتربت اكثر تعيد إغلاقه ، إنتبه دييغو إلى ذلك الوشم الصغير خلف أذنها على شكل رأس ثعلب ما قطع شكه باليقين ، لطالما كانت المظاهر خادعة..

عرف دييغو من فابيو أنها إستقرت في الشقة المتواجدة أعلى خاصته حيث يسكن ما جعل من القلق يعتريه خوفا على سلامة صديقه ، يعلم أن فابيو ليس بالشخص الذي يسهل خداعه لكن في النهاية تلك الأنثى لم تكن عادية..

مع مرور الوقت ، تغيرت أحاديث فابيو عنها من الشكاوي إلى أخرى مختصرة بكونه قد إعتاد على وجودها و لم يعد ينزعج منها ، ما جعل من دييغو يشك بالوضع لكنه لم يكشف عن ذلك إلى أن جاء فابيو يوما ما و قد زين بنصره الأيسر خاتم فضي يدل على إرتباطه ليقول :

- لقد تزوجنا..

لم يتمكن دييغو من إخفاء تفاجئه و خيبته من صديقه حين قال بغير رضا :

- هل جننت ؟ كيف لك أن ترتبط بشخص مثلها ؟

لم يتقبل فابيو الطريقة التي يتحدث بها صديقه عن زوجته فأردف بنبرة جامدة تخفي الغضب الذي بداخله :

- و ما الذي يعيبها ؟

- غير أنها أرملة آندرو فارينزي الذي يعتبر أكثر رجال إيطاليا جنونا ، لا يعيبها شيء بالمرة..

- ماضيها لا يهمني يا دييغو..

- لم أعهدك هكذا يا فابيو ، لطالما إتبعت مبدأ أن لا تأخذ ما يلقيه غيرك ، لم أتوقع يوما أنك ستضربه عرض الحائط بسبب أنثى ، ليس أي واحدة بل ڨيكتوريا رومانو..

..أتسائل هل إتخذت مثل هذا القرار بعد تفكير مطول ، أنها ستكون المرأة التي ستمضي بقية حياتك برفقتها و تكون أم لأطفالك ؟

إبتسم فابيو بينما يتخيل طفل يحمل صفاتهما المختلفة ربما تكون عيونه خضراء كخاصتها و شعر بني مثله أو العكس بشعر أسود فاحم و عيون بنية ، لن يكتفي بوجود نسخة واحدة ، سينجب منها على الأقل أربعة حتى لو إعترضت..

راقب دييغو إبتسامة فابيو الحالمة بينما يسرح في بحر خياله ليقول بغير إقتناع :

- كيف تكمنت من رؤية النور في أنثى يكسوها الظلام الحالك ؟

- ليتك تراها بعيناي ، حينها ستعرف أنها مختلفة عما يعتقده الجميع..

- و هل وحدك من أبصرت هذا الإختلاف ؟ ماذا لو كنت مخطئ بشأنها ؟

- هي أنثى خلقت لتُمدح فحسب غير ذلك كل كلمة ذم في حقها تمسي باطلة ، جرم يعاقب عليه القانون و خطيئة لا تغتفر..

كانت كلمات فابيو تخبر دييغو بصورة غير مباشرة أن لا يقول كلمة خاطئة أخرى عن الأنثى التي باتت زوجته الآن و إلا لن يبقى على ذات الهدوء فإمتثل لرأي صديقه على مضض و لم يتفوه بأي شيء عنها منذ تلك الليلة..

حين كان يسهر رفقة فابيو على حافة مطلة على المدينة بينما يجلسان على السيارة يتجرعان مشروب غازي لتوقف فابيو عن تناول أي كحول فجأة دون مقدمات منذ أشهر قليلة..

كانت عيناه البنية سارحة في أضواء المدينة ليهتف بنبرة شاردة :

- دييغو..

همهم دييغو مستجيبا بينما يأخذ نفس آخر من سيجارته ، نظر إليه يجذب إنتباهه فتابع قائلا :

- هناك من تمكث خلف سقفي ، إذا ما حصل لي شيء ستتوجع أكثر مني و أنا الذي لا أرضى رؤية دمعة من عينيها ، عدني أنك ستحميها بروحك فهي أغلى ما أملك ، هي أمانتي لك من بعدي يا رفيقي..

..لا تكترث إذا تم غدري ، ستحرق هي العالم ، دعها تفعل ذلك لربما يخفف شيء من وجع فراقها عني..

فهم دييغو أنه يقصد ڨيكتوريا ، لم يتوقع أن ما بينهما قد وصل لهذه المرحلة من المشاعر ، لم يتقبل يوما هذه العلاقة لكنه إلتزم الصمت لكون فابيو لم يكن مرحبا بذلك ، أومئ يمد يد العهد التي قبض عليها فابيو بقوة مبتسما..

في أحد الليالي وقع خبر إغتيال فابيو عليه كالصاقعة ، ركض لخارج مقر عمله يركب في المقعد الخلفي لسيارته حينها شعر بقواه قد خارت لتسقط دمعة يتيمة من عينه غير مصدق أن رفيق دربه قد مات حقا..

في تلك اللحظة ، إستذكر كلمات فابيو من تلك الليلة بشأن الأنثى التي يحبها ، لم يتردد في أمر مساعديه بالقيادة ناحية البناية المنشودة ، يمقتها صحيح ، و لكنها ستبقى أمانة صديقه..

وصل المصعد لطابق شقتها فإنفتحت البوابة لتقع عيناه عليها حيث كانت تزحف على الأرض و خط طويل من صنع دمائها يتبعها بينما تحتضن بطنها بذراعها الحر..

صوتها كاد يكون مسموع لتأثير البكاء المطول و الحديث الكثير على أحبالها الصوتية ، إقترابه منها تزامن مع إنغلاق عينيها بعد غياب الوعي عنها...

أمر مساعده الذي كان معه بالإهتمام بالفوضى ثم خلع معطفه عنها يلفها به قبل أن يضمها لصدره مهرولا ناحية المصعد يضغط مرارا و تكرارا على الزر الذي يقود لطابق السفلي..

عينيها مغمضة لكن الدموع الحارة لا تزال تتسرب منها سمع همس صار منها في حين قبضتها لا تزال على بطنها :

- أنقذ طفلي أرجوك ، هو آخر من تبقى لي ، سأغدو وحيدة من بعده ..

إشتدت قبضته حولها يضمها إليه أكثر ، يأخذ الدموع التي جفت من عينيها لتتسرب من خاصته بصمت غير قادر على النظر لوجهها لعجزه في هذه اللحظة ، تلك الدماء جعلته يدرك أن جنينها قد غادر الحياة رفقة والده ، ما تخشاه قد حدث بالفعل..

ركب السيارة ليأمر سائقه بالقيادة ناحية مستشفى عائلة زوجته ، إتصل بماريسا يخبرها أن تتجهز من أجل إستقبال حالة إجهاض خطيرة..

أخذ صندوق الإسعافات الأولية يسحب الشاش الطبي ، عدل وجهها في حضنه ليباشر في لفه حول وجهها يخفيه أسفل بياضه حتى لا يتعرف عليها أحد حتى لو كانت زوجته..

بعد العملية الصعبة التي خضعت لها ، تم وضعها في غرفة العنية المركزة لمراقبة إستقرار وضعها في حال تدهور حالتها مرة أخرى ، نظرت ماريسا إلى دييغو الواقف بجانبها يحدق لڨيكتوريا الغائبة عن الوعي..

تعلم أن صديقه قد توفي منذ سويعات قليلة لكنه هنا قلق و خائف على إمرأة لم تتمكن حتى من رؤية وجهها و هذا ما أغضبها فجاء سؤالها مستفسرا بنبرة حاولت جاهدة جعلها هادئة :

- من تكون ؟

- إنها زوجة فابيو..

شهقة صدرت منها تشق هدوء المكان ، نظرت بسرعة ناحية تلك الأنثى التي تتوسط الفراش بوعي غائب عنها ترمقها بشفقة ، لم تفقد زوجها فحسب بل كذلك صغيرها ! دموع إنزلقت من عينيها دون جهد منها بينما تعيد سؤاله :

- ما الذي حدث لوجهها ؟

- لا أعلم ، لقد وجدتها على هذه الحالة..

إقتربت ماريسا منه لتقف أمامه و هي لا تزال تبكي ، نظره كان لا يزال مثبت على تلك التي خلفها غير أن عدستيه كانت ترتجف بالفعل ، إحتضنت وجهه تديره إليها لتقول وسط دموعها :

- لا تتماسك ، أفرغ كل ما في قلبك ، أنا هنا من أجلك..

و كأنه كان ينتظر كلماتها لينفجر باكيا حين شدها لصدره جاثيا معها على ركبتيه أرضا ، سقط داخل حضنها يكشف زيف القوة التي تظاهر بها لغاية هذه اللحظة..

بدموع حارقة رثى رفيق روحه الراحل ، شهقاته كانت بمثابة سكاكين لقلبها الذي يحبه فزادت من قوة إحتضانها له ، تود لو تستطيع إدخاله لصدرها لعلها تواسي روحه الجريحة..

ألقت عينله المدمعة نظرة أخيرة على الثابوت الذي يحتضن جثمان إبن صديقه داخل القبر ثم شرع في رمي التراب عليه ليواري الثرى..

إختار هذه البقعة من المقبرة لأن بعد أيام سيدفن والده بجانبه أيضا ، ثبت الشاهد الذي نقش عليه طفلي بجناحي ملاك و أسفله إسم "سباستيان"..

توجه بعد ذلك ناحية منزل روكو لومباردي ليواسيه في محنته هذه ، لكنه إكتشف أنه قد تعرض لجلطة دماغية بعد سماعه بخبر وفاة إبنه و هو الآن في المستشفى بحالة خطرة..

بعد أيام إستيقظ روكو ليجد أن الجزء السفلي من جسده قد شُل ، هو الجنرال صاحب الرتبة المهمة في جيش بلاده قد أصبح مقعد بين ليلة و ضحاها

كان دييغو بين الإثنين ، ڨيكتوريا التي لم تستيقظ بعد و روكو الذي يقضي كل لحظة من اليوم يبكي حزنا على فراقه لإبنه الوحيد غير مبالي لخطورة حالته التي تتطلب تجنب أي مشاعر سلبية قد تزيده سوءا...

في اليوم السابع ، أبدت ڨيكتوريا علامات تدل على قُرب إستيقاظها ما جعل منه يسارع في إعادتها لشقتها و كأن شيء لم يكن..

تأكد من أن جميع أشرطة المراقبة التي أفصحت عن وجوده معها قد حذفت ، و لا يوجد أي شيء قد يدل على ما حصل تلك الليلة ، بعد أن إطمئن أنها بخير غادر المكان ناحية المستشفى حيث روكو فاليوم سيتم دفن فابيو..

دلف إلى الغرفة التي يقطن فيها ليجده على حاله يجلس على السرير بينما يرمق الخارج عبر النافذة بشرود ، إقترب منه دييغو ليأخذ مكان بجانبه يمسك يده بين كفيه قائلا :

- يجب عليك أن تستعد سيد روكو ، لن تتم المراسم دون تواجدك..

- لقد خدمت في الجيش طوال حياتي ، قاسيت الألم بأنواعه شتى ما جعلني لا أخشى وقوع أي شيء ، هذا ما ساهم في بناء شخصيتي الصلبة المناسبة للعمل الذي أقوم به..

..حتى عندما فقدت زوجتي بسبب المرض ، بالرغم من حبي الشديد لها فقد وقفت شامخا في جنازتها أدفن حزني معها ، لأنني أدرك جيدا أن فابيو بحاجتي و علي أن أتماسك لأجله..

نظر روكو إلى دييغو بأعين زجاجية سرعنما إنبلجت عبراتها ، تعبر عن حزنه الشديد بينما يقول بنبرة مبحوحة :

- لكن هذه المرة لا أستطيع توديعه ، كيف لي أن أدفن جزء مني تحت التراب ؟ إنه عائلتي الوحيدة يا دييغو ، ليس هناك غيره..

تردد صوت ڨيكتوريا الذي يناجيه بذات الكلمات من تلك الليلة المشؤومة حتى ينقذ طفلها حتى لا تبقى وحيدة..

فابيو لومباردي ، يراه الناس شخص عادي أو مجرد إسم لكنه يمثل العالم لأحدهم ، فقد كان الإبن الوحيد لروكو و زوج ڨيكتوريا و والد طفلها..

إحتضنه دييغو يربت على ظهره ، يعلم جيدا أنه لا يوجد ما قد يواسي قلب والد فقد إبنه الوحيد فشاركه البكاء في صمت تام حتى لا يزيد الوضع سوءا..

العودة للحاضر

- قبل سنتين ، بعد أن أنهت ڨيكتوريا إنتقامها من كل شخص كان متورط في قضية فابيو وجدتها على حافة هاوية البناية التي تقطن فيها تنوي الإنتحار لكنها فجأة تراجعت عن قرارها لآخر لحظة ، بعد ذلك إختطفتها حتى أظهر بشكل رسمي في حياتها..

..لا يوجد غيري يعرف بما حصل تلك الليلة ، و أنت إستثناء الآن..

- ماذا عن مساعديك ؟ لقد شهدوا كل ما جرى !

- مساعدي الأول الذي صعد معي لشقة ، إكتشفت لاحقا أنه يحث سائقي على بيع المعلومة التي يعرفونها بشأن زوجة فابيو و التي تكون نفسها ڨيكتوريا رومانو ، فأنهيتُ حياة كلايهما محتفظا بالسر بمفردي..

- لم أتوقع أنك من أنهى حياة مساعدك ، خاصة أنه كان أمين أسرارك و مرافقك في كل خطوة..

- لقد كان كذلك ، لكن وجوده كان تهديدا لحياة ڨيكتوريا ، عندها نسيت من يكون حقا و ضغطت على الزناد دون أن يرف لي جفن..

- إنها مهمة بالنسبة لكَ لتلك الدرجة ؟ خاصة أنك كُنت تكرهها منذ البداية..

- هي الأمانة التي تركها صديقي ، وصيته الأخيرة لي ، أفديها بروحي لو إستلزم الأمر ، كما أنني لم أعد أكن لها أي كره بعد أن تعرفت عليها حقا..

- كل هذه التضحيات و هي لا تعرف بشأنك ، ألا تنوي إخبارها ؟

- لا أريدها أن تعرف ، يكفيني أن أراقبها من بعيد و أنا مطمئن أنها بخير..

- ألستَ قلق من أنني سأخبرها عن هذا ؟ لقد بُحت بالكثير لشخص قريب منها..

- لستُ كذلك ، لأنني أعلم جيدا أنك لن تتحدث معها عن شيء يتعلق بماضيها مع فابيو..

جمد وجه أنطونيو لوهلة ، لقد كان دييغو محق ، آخر شيء يوده أو لا يريده من الأساس أن يتحدث مع ڨيكتوريا عن الشبح الذي لا تزال تعشقه ، أضاف دييغو بهدوء :

- لم يكن فابيو بشوش الوجه ، لطالما كان جاد مقتبض الملامح نادرا ما يضحك ، لذلك التغير الذي طرأ عليه كان واضح..

..الإبتسامة التي تعلو شفتيه دون وجود سبب يدعو لذلك ، لهفته حين يصله إشعار لوصول رسالة أو حماسه عند نهاية الدوام ليهب مسرعا نحو منزله..

..الإنطفاء كان ما يحتل عيناه منذ أن سرق المرض منه والدته ، غير أنها بندقيتاه تلك قد توهجت ببريق لمعة فريدة ، كانت تخص الحياة ، و كأنه قد تم إحيائه مجددا بعد موت طويل..

- ما الذي تريد الوصول إليه سيد كاسانو ؟

- لا أعلم ما تنوي فعله إتجاه علاقتك بڨيكتوريا ، لكن يجب أن تعرف جيدا يا سيد سالفتور ، أن فابيو قد جازف بكل شيء من أجلها ، لقد أحبها لحد الجنون..

..تقبل حقيقة أنها ضد القانون الذي يسهر الليل و يعرض حياته للخطر لتطبيقه ، مستعد ليواجه والده من أجلها ، حتى أن ضحى بنفسه لكي لا يصيبها أي مكروه..

إنعقد حاجبي أنطونيو بإستغراب ليسأله عما يقصده ، تنهد دييغو ليجيب عن حيرته :

- صحيح أن فابيو أخبرني أن لا ألمس أي شخص تسبب في مقتله و أترك الأمر لزوجته لكنني لم أتاملك نفسي فجررت أحدهم و أبرحته ضربا..

..أخبرني أنهم كانوا أمام شقته فما إن خرج حتى وجدهم أمامه ، في تلك اللحظة هددوه أن يلتزم الصمت و يرحل معهم أو سيؤذون الأنثى الموجودة خلف ذلك الباب ، فابيو لم يكن ليضع حياة ڨيكتوريا و طفله في خطر فذهب معهم..

.. ليته لم يكن يحبها لتلك الدرجة ، كان سيرفض الذهاب و يتشابك معهم فتتدخل ڨيكتوريا أيضا و حتما النصر حليفهما فالإثنان ليسا بالخصم السهل ، كان هناك إحتمال أن يفقدوا الطفل ، لا بأس سيحضون بغيره ، على الأقل لبقي فابيو حي..

..هو لم يكن يدري أنه سيموت حقا ، إعتقد أن الأمر عادي كونه قد سبق و عاشه عدة مرات ، لكنه قد قُتل غدرا لتعرضه لأبشع خيانة..

.. إعتقدت ان زوجتي هي الوحيدة التي دفعها هوس الحب لإرتكاب فعلتها المجنونة ، لكن ڨيكتوريا كانت أشد منها بمراحل فما قامت به إتجاه كل شخص متورط في مقتله ، لم أسمع عن مثل بشاعته من قبل ، ذلك ما يدل على عشقها الشديد له..

كان الضيق يجتاح أنطونيو رويدا رويدا إلى أن آخر جملة تفوه بها دييغو قد أفاضت الكأس ، تسللت أنامله ناحية أزرار قميصه الأولى يفكها بينما يعترض بنبرة خانقة :

- لم آتي لأسمع عمق مشاعر زوجتي إتجاهه..

- ما أقوله هو الحقيقة ، أي ما كنت تخطط له بشأن علاقتكما فهو صعب للغاية و أقرب للمستحيل..

فكر أنطونيو بينه و بين نفسه عن السبب الذي يجعل فابيو مثالي لهذه الدرجة ، بحث عن ثغرة ليلقيها في وجه زوجته لعلها تغير نظرتها عنه لكنه لم يفلح و هذا ما زاد من حنقه أكثر ، قام من مكانه مغادرا غير أنه توقف ينظر إلى دييغو قائلا بنبرة هادئة تضم بين ثنايها التهديد :

- الأنثى التي نتحدث عنها تكون السيدة ڨيكتوريا سالفتور ، زوجتي أنا ، إرتأيت تذكيرك كونك لا تزال على ذكرى الماضي الذي مات مع صاحبه و لن يعود..

أغلق أنطونيو الباب خلفه بقوة تحت نظرات دييغو الذي صفن في أثره قبل أن يقهقه بخفة مردفا :

- لقد وقع في حبها بشدة ، تلك الأنثى سحرها لا يستهان به ، تجذب أعتى الرجال دون بذل أي جهد ، مسكين أنطونيو سيعاني كثيرا ، متشوق لأعرف كيف سينال قلبها في النهاية..

كانت شيري تجلس على المقعد بعيدا عن ڨيكتوريا تسترق انظر لها بين الفنية و الأخرى بينما تهز رجلها بتوتر شديد ، تنهدت ڨيكتوريا بضجر لتقول لها بنفاذ صبر :

- ما خطبكِ ؟!

- لا شيء ، لم أتوقع أنكِ تمتلكين أعين مختلفة و تمتلكين خصلة بيضاء..

- لا أصدق أنكِ متفاجئة بهذا الشأن ، لقد رأيتني تلك الليلة بهذا الشكل..

- في الواقع أنا لم أدقق في ملامحكِ يومها لشدة إرتعابي منكِ ، لا أتذكر رؤيتك هكذا..

- و هل توتركِ هذا فقط لأنكِ إكتشفتِ هيئتي المختلفة ؟

دلوف أنطونيو أنقذ شيري في آخر لحظة ، إبتسمت بإتساع حالما رأته ، إستقامت من مكانها تقترب منه تحتضنه بخفة مقبلة خده كشكر قبل أن تغادر مسرعة..

تلمس أنطونيو وجنته ينظر لظهرها بإستغراب من فعلتها ، رفع عيناه بإتجاه ڨيكتوريا ليجدها ترمقه بنظرات فارغة ، رفعت حاجبها الأيسر مردفة بنبرة قاتلة :

- لم أتصور أن علاقتك بشيري قد تطورت إلى هذه الدرجة في غيابي ، ألم تكن تكرهها مسبقا ؟

حمحم أنطونيو يحك رقبته للحرارة التي إجتاحته متسببة في إحمرار وجنتيه للموقف المحرج الذي تعرض له :

- صدقيني حتى أنا لا أعرف ماذا حصل لتو..

قلبت عينيها تشيح بنظرها عنه ، جمع شتات نفسه ليقترب منها يجلس بجانب قدميها قائلا :

- ما رأيكِ في العودة إلى المنزل ؟

- سأذهب لبيتي..

- أخبرتك من قبل أن منزلكِ هو المكان الذي أعيش فيه..

- لا أريد البقاء معكَ تحت نفس السقف..

شعر بقوته تخور نتيجة كلماتها التي أصابت صميم قلبه ، تمالك نفسه ليردف بصوت جاهد لإخراجه :

- و لما ذلك ، ما الذي حصل ؟

تشعر أن صوته يلعب بأعصابها ، التناقش مع مريض الغضب الإنفجاري المتقطع إمتنع عن دوائه منذ فترة طويلة لهو أكبر خطأ أن يتركبه أي شخص ، صاحت به بسخط بنبرة كادت تقطع حبالها الصوتية :

- لأنني ببساطة لا أطيق رؤيتك بعد الآن !

لقد كانت كلماتها جارحة بصدق ، لكنها لن تمنعه عنها فقد خطط مسبقا بالفعل أن يترك كبرياءه على جنب منذ أن قرر أن يعترف بحبه لها ، إبتسم ضد معالمها المتجهمة ليقول :

- حسنا فلتبقي في بيت لورينزو ، لن أدعكِ بمفردك ، سبق أن عايشت شعور فقدانك و لا أريد أن يتكرر...

- و لما ذلك ؟ ألا ليس هذا في صالحك ؟

- و هل يريد المحب أن يخسر محبوبه ؟

كان رده غير متوقع ما جعل منها تلتزم الصمت بينما تحدق به بغير تصديق ، لقد كان جاد بشأن الهراء الذي تفوه به البارحة ، دخلت ماريسا تنهي حديثهم لينهض أنطونيو مُرحبا بها يخبرها بشأن قرار خروجها من المستشفى..

وصلت شيري إلى مزرعة سيزار لكنها لم تجده لا هو و لا حيواناته ، المكان مهجور و كأنه رحل دون عودة ، أمسكت هاتفها تتصل به لكنه كان مغلق دليل على أنه خارج عن نطاق الخدمة ، رمقت المكان من حولها بأعين زجاجية لتردف بنبرة مرتجفة :

- أ يعقل أنه قد رحل ؟!

إلتفت وجه سيزار إلى الجانب الآخر بعدما تلقى لكمة قاسية على وجنته من قبضة لورينزو ، بزق الدماء التي تجمعت داخل فمه لينظر إلى وجهه المحمر غضبا حين سأله :

- لما ألحقت الضرر بممتلكاتي ؟!

حرك سيزار فكه ببطئ يحاول إخراج كلماته بصعوبة :

- لقد نشبت مشكلة بيني و بين شريكك في العمل أنطونيو سالفتور ، و لأنه زوج ڨيكتوريا و لا يمكنني المساس به ، وجدتك أفصل بديل للإنتقام منه !

- أنتَ و أنطونيو ؟ ما الذي وقع بينكما ؟!

- فقط قام بغرس سكين في راحة يدي معبرا عن غيرته بعدما تحدثت عن زوجته أمامه..

ذُهل لورينزو مما قاله سيزار ، لم يكن ليتوقع أبدا أن يجعل أنطونيو جانبه المظلم يبصر النور خارج جدران غرف التعذيب ، يبدو أنه فقد صوابه فيما يخص زوجته ! عاد يسأله مجددا :

- و ما علاقتك بڨيكتوريا إذا ؟

- و برأيك ماذا سيكون بيني و بين الشخص الذي يُعد الرابط بين عالمنا و الظل ؟ إنني عميل لديها أفعل ما بوسعي لتنفيذ طلبي..

- حتى لو وضع حياتك على المحك مثل الآن ؟

- و لما لا أفعل ؟ سأجازف بأي شيء من أجل أن أكسب رضا الظل..

- لذلك قُمت بقتل الرجل الذي وضعته لمراقبة ڨيكتوريا و أرسلتَ جثته المشوهة لباب أحد المستودعات التي تخصني ؟

- كيف كانت هديتي ؟ لقد تعمدتُ جعلها متقنة لأبعد الحدود..

ضربه لورينزو مجددا بينما يصرخ في وجهه بنفاذ صبر :

- إلى أي درجة يمكنك التمادي بعد ؟!

صمت تلاه صوت قهقهة صاخبة تحت أعين لورينزو الساخطة ، نظر سيزار إلى عينيه مباشرة ليقول من بين شفتيه الدامية :

- صدقني حتى لو كان الثمن زرع رصاصة جميلة بين عيناك هذه ، يجب عليك التأكد من أن لا أغادر المكان على قيد الحياة ، لأنني حتما سأعود لأسلبكَ روحك..

لم يتمالك لورينزو نفسه بينما ينهال عليه ضربا لكلماته المستفزة تلك ، غير مدرك حقيقة أن هذا لن ينفع مع شخصية مثل سيزار..

وصل أنطونيو رفقة ڨيكتوريا إلى بيت لورينزو ، ترجل من السيارة ليفتح الباب لها مقتربا منها ، حملها بين ذراعيه كأنه يحتضن طفلة صغيرة لكي لا يلمس جهة موقع الجراحة..

جعل لها غرفة الضيوف المتواجدة في الطابق الأرضي مكان لها ، تركها على السرير ثم جلس بقربها يأخذ من فوق الطاولة جهاز على شكل زر ثم قال :

- لقد أطلعت العاملات بوصولك ، إذا ما إحتجتِ لأي شيء ما عليك سوى النقر على هذا و ستجدينها عندكِ..

- هل تعتقد أنني طفلة ؟

- أنتِ مريضة و هذا العجز ليس ضعف منكِ ، يجب تواجد أشخاص من حولكِ لفترة قصيرة من الزمن فحسب..

- لا أحتاج لأحد ، لماذا أحضرتني إلى هنا من الأساس؟!

- لن أدعكِ تبتعدين عن نطاق بصري ، ألم تستوعبي بعد أنكِ قد نجيتي من الموت بأعجوبة !

- لقد حاولوا قتلك أنتَ و ليس أنا ! لم يكن ليتجرأ أحدهم على لمسي !

- إذا لماذا تلقيت الطعنة بدل مني ! لكُنت قد توفيت و تخلصت مني !

الألم يعتصر جسدها منذ الصباح غير الغضب الذي يعتيرها بسبب أحاديثه التي لم تتوقع ييوما أن تكون لها ، فرجت شفتيها تصرخ به :

- لو كان هدفي هو موتك صدقني لكنتَ ميت منذ سنوات ، لكن ما لا أفهمه لما أنتَ متشبث بي ؟! لا يعقل أنك تكن لي مشاعر خاصة هو السبب ! كيف لمسخ مثلك أن يدرك معنى الحب !

بقي ساكن في مكانه لبرهة ينظر إليها بصمت طويل ، غير أن عيناه تكفلت بالحديث تخبرها عن خيبته التي يشعر بها في هذه اللحظة ، لم يتفوه بأي كلمة بينما يغادر يتركها تواجه ذلك الإحساس السيء الذي ضرب قلبها بسبب نظرته تلك..

كان المساء قد حل حين رجعت شيري إلى منزل لورينزو بعدما فقدت الأمل من عودة سيزار ، كانت دموعها على الحافة، إلتقت في طريقها بأحد رجال لورينزو الذي كان يحمل بين يديه دلو حديدي و علبة صغيرة فسألته عن ما يفعله ليجيبها :

- لقد أحضر سيدي حصانين و قط للمنزل و أنا ذاهب لأطعمهم..

لقد كان هذا مألوف بالنسبة لها جدا ، هناك فكرة طرأت على ذهنها بشأن هوية الحيوانات هذه لكنها نفتها سريعا لعدم إعجابها بها ، غير أن الشك قد ملأ قلبها لذلك طلبت منه مرافقته..

قادها إلى الحديقة الخلفية من حيث يوجد منزل خشبي كبير مخصص للعناية بالحديقة لتصتدم عينيها بذلك الحصان الأسود الذي عقد رباطه حول العامود ، هرولت ناحيته فما إن رأها حتى رفع أطرافه الأمامية في هجوم فإبتعدت عنه فورا لتهمس بعدم إستيعاب :

- إنه دارسيو حقا !

سمعت صوت مواء قط خلفها لتلتفت فتجد بلاك محتجز داخل قفص حديدي ، أفزعها صوت إرتطام خلفها فأطلقت صيحة مرتعبة بينما تنظر لذلك الباب الذي صدر منه الصوت ليقول لها الرجل يحاول جعلها تهدأ :

- إنها فرس بيضاء غير مروضة ، يبدو أنها تأثير المنوم قد زال فهاجت الآن..

لا يعلم أنها ليست خائفة من الصوت بل من حقيقة وجودهم هنا ، هم هنا إذا صاحبهم كذلك ! إلتفتت تركض ناحية المنزل تتجه ناحية ذلك المكان الذي يستعمله لورينزو لتعذيب رهائنه..

فتحت الباب لتجد جسد رجل مكبل على كرسي حديدي يحني برأسه للأسفل دليل على إرهاقه او فقدانه للوعي ، ثيابه تلونت بالدماء المتسربة منه..

إقتربت منه بخطوات متعرجة لتسقط راكعة أمامه ، إحتضنت وجهه بين كفيها ترفع رأسه إليها تسمح لعبراتها بالنزول ، لولا أنها تعرفه جيدا لم تكن لتتعرف عليه بسبب تشوه وجهه من كثرة الضرب..

نادت بإسمه من بين شهقهاتها ليستفيق من غفوته ، توسعت عيناه بدهشة حين أبصرها أمامه ليهتف برفض :

- ما الذي تفعلينه هنا ؟!

- كيف حدث لكَ هذا ، كيف عرف أنه أنتَ ؟!

- هذا لا يهم الآن ، إرحلي بسرعة قبل أن يراكِ هنا !

- أنا لن أتركك هنا ، سيقتلك حتما !

- هل أنتِ مجنونة ؟! إغربي عن وجهي حالا !

- أخبرتك أنني لن أدعك تموت هنا !

- لا يهم أمري في هذه اللحظة ! إذهبي قبل أن يكتشف علاقتك بي !

- شيري ؟

صوته المستنكر لوجودها قد جعل من عظامها ترتعش تتجمد في مكانها ، إستجمعت قواها بينما تقف ملتفتة إليه حيث قابلتها عيناه المستغربة لتقول :

- فُك وثاقه يا لورينزو..

- ماذا ؟ هل تعرفين من يكون هذا الحثالة ؟

- إنه الرجل الذي أحبه !

صاحت ترفض نعته لصاحب قلبها بلفظ سيء ، نظر كليهما إليها بعدم إستيعاب لما تفوهت به ، تجرع لورينزو صدمته التي سرعنما تحولت لغضب بينما ينظر ناحية سيزار مردفا بينما يتجه إليه :

- لم تكتفي بأفعالك التي لا تغتفر بل خدعت صغيرتي أيضا !

وقفت بينهما ترفع ذراعيها لجانبيها ، تحمي سيزار من بطش ذلك الرجل الغاضب لتقول بنبرة عالية :

- أنا أعرف من يكون يا لورينزو ! أعلم أنه الجوري الأسود و من قام بالإعتداء على ممتلكاتك و أنا أحبه !

- ماذا ؟

إكتفى لورينزو بهذه الكلمة ، غير متقبل حقيقة أن شيري أقدمت على فعل سيء كهذا حقا ، نفى سيزار برأسه ليقول :

- إنها تكذب ، هي لم تكن تعلم بشيء ، أنا من خدعتها و أوقعتها بحبي دون أن تدري هويتي الحقيقية !

أراد لو يصدق ما قاله سيزار لكن عيون طفلته تخبره أن ما قالته هو الحقيقة ، تقدم منها ليقف مباشرة أمامها ، إنحنى بجذعه ليقابل ملامحها الثائرة يسألها بجمود :

- هل ما قاله صحيح ؟

- لا..

ردت عليه دون أن يرف لها جفن و هذا ما جعله يستشيط غضبا ، لعنها سيزار بين أنفاسه لجرأتها الغير مناسبة تماما لهذا الموقف..

إلتفت أصابع لورينزو حول مرفقها يشد عليه بقوة لم تهتز لها ، سحبها يجرها إلى خارج تحت صراخها المعترض ، دفع بها إلى احد الغرف الموجودة في القبو لتسقط على الفراش ، نظرت إليه بأعين محمرة ليقول لها :

- لن تخرجي من هنا حتى تكوني نادمة على ما فعلته..

أغلق الباب خلفه يحسبها هناك لتنهض ترضبه بقبضتها و هي تصرخ بأن يخرجها من هنا ، وقف على عتبة الباب بعد صعوده من الأسفل ليشد بقبضته على الجدار خوفا من وقوعه بعد أن تمكن العجز منه..

يشعر بالوهن الشديد فلم يكن ليتصور يوما أن تغدر به تلك الصبية التي جعل منها صغيرته الوحيدة ، لم تسعفه نفسه فتهاوى جسده ضد الجدار ليجلس أرضا و دمعة خائنة تزحلقت خارج عينه اليسرى دون إرادة منه..

إن أسوء شعور قد يتعرض له المرء في حياته هو الخيانة من الشخص الذي وثقت به اكثر من نفسك !

- لورينزو ؟

مسح دمعته يرمش بسرعة ثم رفع نظره ناحية من ناداه و لم تكن سوى ڨيكتوريا التي تجلس فوق الكرسي المتحرك ، إبتسم حالما رآها لينهض من مكانه يقترب منها مقبلا جبينها بعمق قبل أن يحتضنها برفق يخاطبها :

- مرحبا بكِ بيننا مجددا ، لا تطيلي الغياب مرة أخرى فقد إشتقتُ لكِ حقا..

إبتعد عنها ليرى عينيها التي تسأله عن خطبه فقال لها :

- لنقل أنني تعرضت للخيانة لتو ، هل تريدين مشاركة هذا الرجل صاحب القلب المفطور كأس نبيذ ؟

- أنا في فترة علاج الآن لكن لا بأس بكأس عصير العنب..

قهقه بخفة ثم مشى بقربها يوازيها بينما تجر كرسيها ناحية المطبخ حيث بقيا يتحدثان في عدة أمور متشعبة يخبرها بما جرى طوال الشهر الذي كانت غائبة فيه ، متكتما عن موضوع شيري و سيزار..

توالت الساعات فمضت خمسة أيام منذ خروج ڨيكتوريا من المستشفى ، كانت الساعة تشير إلى السابعة مساءا حين عاد أنطونيو إلى المنزل..

وقف عند باب غرفة أليكساندرو يطالعه مبتسما حيث كان يلعب رفقة لورينزو و صوت ضحكهم يرن في الأرجاء ، باغته سؤال أليكساندرو حين قال :

- متى ستعود شيري من رحلة عملها ؟

- ليس بعد ، لكنها لن تتأخر أعدكَ..

لقد كان إختفاء شيري المفاجئ بحجة العمل غريب بالنسبة لأنطونيو ، خاصة أن لورينزو قد أمسى مختلف منذ ذلك الحين..

لكنه لم يرغب الخوض في الأمر أكثر و هو غارق في مشكلة ڨيكتوريا ، تلك الأنثى التي لم يراها منذ أن تركها في الغرفة ذاك اليوم..

ودع لورينزو أليكساندرو مغادرا ليتركه بمفرده مع أنطونيو ، إقترب منه الأكبر يعانقه يسأله عما قام به خلال يومه ليسرد له بالتفصيل الممل مع تجاوب الآخر معه..

إستلقى أليكساندرو في سريره ليغطيه انطونيو جيدا ، إقترب منه يقبل جبينه ثم سأله الصغير بنبرة متوترة :

- ألن تعود أمي للمنزل ؟

كان هذا أول سؤال من أليكساندرو عن والدته منذ حادثة ذلك اليوم ، تنهد أنطونيو مبتسما :

- ستفعل بعد أن تتعالج و تصبح بخير ، لقد إشتاقت لكَ هي أيضا و لن تتأخر عليك أكثر..

- ألا تكرهني هي ؟ هل ستتخلى عني ؟

- و هل تستطيع أن تترك أم صغيرها ؟

- ربما لأنني لستُ إبنها الحقيقي..

- صدقني يا صغيري ان الأم ليست الشخص الذي ينجبك لهذه الحياة بل من يعتني بكَ ، أو لم تفعل ڨيكتوريا هذا ؟ هل تقول أنها لم تهتم بك ؟

نفى أليكساندرو بسرعة معترضا ليبتسم أنطونيو متابعا حديثه :

- إذا هي أمكَ ، ما رأيك ان تجهز لها هدية لكي تفاجئها بها حين آخذك لرؤيتها ؟ هي لا تكف عن سؤالي عنكَ في كل مرة تراني فيها..

أومئ أليكساندرو متحمسا ، لا بأس في كذبة بيضاء كهذه لتجبر خاطر الصبي المشتاق لأمه ، تمنى له أحلام سعيدة ثم غادر ناحية غرفته ، غير ثيابه و أمسك الهاتف بين يداه..

ينظر لرقم يوڨارا الذي يعلو الشاشة يفكر إذا ما كان مناسب أن يتصل بها في هذا الوقت و يثقلها بهمومه التي هي حقا في غنى عنها بسبب حياتها الدرامية ، فجأة رن يعلن وصول رسالة من ڨيكتوريا..

قرأ إسم المرسل عدة مرات يتأكد حقا من أنها هي من تطلب قدومه ، إرتدى معطفه في طريقه لمنزل لورينزو ، دلف إلى حجرتها و قد كانت خالية منها ، سمع صوت همهمتها صادر من الحمام الذي كان بابه مفتوح على وسعه..

تقدم منه بخطوات بطيئ ليستند على إطار الباب ينظر إليها ، كانت تجلس على حافة الحوض و لا يستر جسدها سوى ملابسها الداخلية السوداء ، لطالما قابلته بملابس محتمشة حتى أثناء نومهم ، هيئتها تلك كانت مهلكة للقلب حد الجحيم..

إنتبهت لوجوده لترفع عينيها بإتجاهه فتواجهت مع رماديتاه المثبتة عليها فقالت بنبرة هادئة :

- أود الإستحمام ، شيري مختفية و لا أعتقد أنه من الملائم أن يرافقني لورينزو فلم أجد أنسب منكَ..

يعلم جيدا أنها ليست في حاجة لمساعدته في أمر يعد بسيط كهذا ، لا تشعر بالألم و تتعامل مع جرح ظهرها كأنه غير موجود ، ما يحيره هو الهدف الذي تنوي الوصول إليه بفعلتها هذه..

لقد كان محق في تخمينه هذا ، ليس و كأنها لن تستطيع تحميم نفسها بدونه فقد مرت بهذا عدة مرات حتى إعتادت الأمر ، كل ما في الأمر أنها تختبر السبب الوحيد الذي وضعته لتفسير مشاعر الحب التي يتحدث عنها..

ألا و هو أنه يريد الحصول على جسدها ، هي متزوجة منه منذ أشهر و لابد أنه يحمل مشاعر الشهوة إتجاهها و يرغب بها فتفوه بمثل تلك الكلمات حتى يرفرف قلبها و تستسلم له فيكون له ما يريد ، تريد التأكد أن هذا دافعه الوحيد حقا..

خرج ثم عاد و بين يديه وسادة و قد قد خلع معطفه ، إقترب منها و عيناه لم تتزحزح عن خاصتها ، جلس أمامها لتلمس أنامله خصلاتها يسألها :

- فلنبدأ مع شعركِ..

ترك الوسادة في حجره ثم حملها ليضعها في حضنه برفق مراعي لمكان إصابتها ، جمع كل خصلاتها خلف رأسها و باشر في تبليلها ، طلب منها فتح عبوة الشامبو لتضع القليل على يده ثم دلك فروة رأسها به بعناية..

لف شعرها داخل منشفة صغيرة بعدما إنتهى ثم جعلها تجلس مجددا على جانب الحوض ، سكب المياه على قدميها و ذراعيها مكتفي بتمرير ليفة مبللة أنحاء جذعها العلوي..

وضع قطرات من الغسول و شرع في فرك جسدها برفق حتى أصابع قدميها ، تخلص من الرغوة ثم ستر جسدها داخل منشفة كبيرة..

كان كل تركيزه على ما يقوم به بينما هي تراقب عيناه عن كثب ، لقد أحبطها بشدة كأنه صخرة ، أخرجها من تفكيره حين وضع ملابسها في حضنه يخبرها قبل أن يخرج :

- إرتديها ، أنا أنتظرك في الخارج..

- ألا أغريك ؟

سألته بإندفاع حين كاد يغادر الحمام ، في تلك اللحظة إكتشف الغاية من وراء حركتها هذه ، إبتسم بحزن حين وصل بتفكيره أنها تعتقد مشاعره نحوها مجرد شهوة لبدنها :

- فلتعلمي أنكِ فعلتِ قبل أن أقابلكِ حتى..

أغلق الباب خلفه يمنحها الخصوصية ، إرتدت ملابسها سريعا تريد معرفة ما يقصده ، قفزت فوق كرسيها تجره خارج الحمام ، حيث وجدته يجلس على طرف سريرها..

إقتربت منه فإبتسم لها يربت على البقعة التي أمامه ، رأت مجفف الشعر مع المشط بجانبه لكنه يجب عليه أن يفسر لها ما قاله ، لاحظ ترددها فتقدم منها يضع كفيها على جانبي صدرها يرفعها ليجعلها تجلس أمامه..

فرد شعرها للتتناثر خصلاتها حولها ، أخذ المشط يسرحهم للأسفل بخفة ثم باشر في تجفيفه ، ما إن فرغ أدارها لتواجهه ، تسللت أنامله بين غرتها يعيدها للخلف حتى تبرز معالم وجهها اكثر هامسا :

- هكذا أفضل..

ما إن أرادت الحديث حتى جعلها تستلقي على بطنها ، رفع قميص نومها ليباشر في تغيير ضماد جرحها بخبرة ، لم يعد يناقشها بشأن ما يريد فعله لأنها ستعاند فما عليه سوى معاملتها كالطفلة..

أعاد كل ما إستعمله لمكانه بينما هي كانت تستلقي تراقب كل حركة يقوم بها ، رجع إليها يمد جسده على الجانب الآخر من السرير يقابلها..

مرت لحظات صمت طويلة بينهما قاطعها هو حين حمحم قائلا :

- لا أعرف إذا ما كنتِ تدركين طبيعة علاقتي بيوڨارا..

- لقد أخبرتني هي بشأن إنقاذها لكَ تلك الليلة..

- يوڨارا لم تنقذني تلك الليلة فحسب ، بل هي من جعل مني أنطونيو سالفتور..

العودة للماضي:

بعد أن تلقت يوڨارا الإبرة عنه ، سقطت أرضا بوعي يكاد يغادرها ، هرب أولئك الرجال ما إن سمعوا ضجة تقترب من موقعهم..

أخذها ذلك الصبي بين ذراعيه يحاول إفاقتها من بين نبضاته المتسارعة و أنفاسه التي تكاد تنفذ منه ، شعر بها تسحب شيء من جيب سترتها تناوله إياه تأمر بالإشارة ان يعيد ما تقوم به

أمسك العبوة يطبق ما أخبرته به ليشعر أن أنفاسه تعود إليه ، إختطف فيرناندو جسدها رجل من بين يديه يتفحص خطبها لكنها كانت قد فقدت الوعي بالفعل..

وقعت عيناه على تلك الإبرة الموجودة على الأرض ، نظر لصبي يأسله عما حصل فامسى يتمتم أنه هو السبب ، تلقى صفعة قوية على وجنته كادت تكسر رقبته..

أمر باللحاق بمن تسبب ليوڨارا بهذا ثم رحل من المكان ، ذلك الشاب لم يكن ليبقى مكتوف الأيدي فحسب ، لقد وجد لتو شخص يبالي بحياته و لن يتركه فقام يركض خلف السيارة دون توقف إلى أن وصل إلى المنزل الذي تقطن فيه..

بقي أمام بوابة البيت لساعات طويلة إلى أن جاءه أحد الرجال يطرده و حين رفض ضربه و أمر شخص آخر بإبعاده عن هنا..

لم يكد يمر يوم حتى وجوده مجددا في نفس البقعة ، تكرر الأمر طوال الأسبوع ، يرجع لذات المكان دون كلل أو كلل أو ملل رغم الذل و الضرب الذي يتعرض له ، لم تمنعه عواصف البرد و المطر من البقاء في العراء أمام البوابة ينتظر خبر يطمئن قلبه عليها..

إستعادت يوڨارا وعيها ما جعل من فيرناندو يهرول ناحيتها يمسك بكفها بين يديه يسألها عن حالها ، أشارت له أنها تريد الماء فساعدها على شربه ، إلتفت يعيد الكأس لمكانه حين سمع ندائها :

- فيرناندو..

كانت هذه أول مرة يسمع فيها صوت يوڨارا ، تلك الصبية التي مكثت صامتة لعشر سنوات تقريبا ، نطقت الآن !

- أين هو ؟ ما الي حصل له ؟

- من الذي تقصدينه ؟

- ذلك الشاب الذي كان معي تلك الليلة..

- لقد طردته فهو السبب في عدوتكِ للإدمان..

- لا تخبرني أنكَ جعلتهم يضربونه ! لقد كان مصاب بشدة بالفعل حين رأيته !

أمسكت ياقته تشده إليها بينما تحدجه بنظرات غاضبة ، صرخت في وجهه تسأله :

- أخبرني أين هو الآن ؟!

- أنتِ حتى لا تعرفينه لما أنتِ مهتمة لأمر لهذه الدرجة ؟!

- لا شأن لكَ بهذا ، فقط دلني على مكانه !

أشار إلى النافذة لتهرول ناحية الزجاج تبحث في الأسفل عنه ، لتجده يستند على جذع الشجرة التي تقيه جزئيا من المطر الغزير المتساقط..

تركت مكانها نحو الأسفل تركض حافية القدمين ، إلتقطت مظلة قبل خروجها تشق طريقها إليه ، وقفت بجانبه تضع المظلة فوق رأسه تمنع إبتلال جسده أكثر ، رفع رمديتاه للتتصادم مع خضروتيها الشاحبة ، إبتسم بإتساع ليقول :

- أنتِ بخير..

لم تكن تفهم لغته جيدا فهي في بداية تعلمها لها ، لكنها موقنة أنه سعيد برؤيتها على ما يرام ، هذا ما باحت به عيناه لها ، تلك التي جذبتها إليه منذ أول وهلة ، مدت يدها فأمسك بها لتسحبه ناحية الأعلى تقوده إلى المنزل..

وقف فيرناندو ينظر إليها بغير رضا بينما تقوم تأمر العاملين أن يجعلوه يغير ثيابه و يستحم ، غادر برفقة الخدم ليتجه فيرناندو صوبها :

- ما هذا الهراء الذي تقومين به يا يوڨارا ، لو يكتشف والدكِ فعلتكِ هذه لن يمررها على خير..

- أبي لن يعلم مادمت لم تخبره عن ذلك أليس كذلك عزيزي فيرناندو ؟ هذا الشاب سيبقى هنا..

- و ما الذي يضمن لكِ أنني لن أخبر سيدي بهذا ؟

تقدمت منه يوڨارا ببطئ شديد و لم يعد يفصل بينهما سوى إنشات فقط و قد شعر بالعرب بتسرب إليه من نظرة خضروتيها تلك لتقول :

- أتوقع منكَ أن تخشى ما قد أفعله بكَ أنا قبل أن تفكر بأبي حتى ، لأنني أنا سيدتك يا فيرناندو و ليس أبي..

يعلم جيدا مدى جنون هذه الشابة و ملامحها هذه تؤكد على جديتها في كل حرف نطقت به ، من تقف أمامه لا تشبه أي مسخ قد قابله من قبل و يجدر عليه الحذر منها ، إبتلع ريقه محمحما فقال بنبرة هادئة :

- أنا في خدمتكِ يا سيدتي..

إبتعدت عنه راصية عن إجابته لتجلس على الأريكة أمام المدفئة ، بعد مدة من الزمن رأته قد نزل من الأعلى لتلوح له حتى يقترب ، جلس بجانبها ثم أشارت لفيرناندو ليقف بقربهما ، سألته بالإسبانية :

- ما هو إسمك ؟

تكفل فيرناندو بالترجمة له لينفي الشاب برأسه بمعنى أنه لا يمتلك واحد ، شردت قليلا في الحطب الذي يحترق أمامهما ثم صاحت بحماس :

- أنطونيو ! لقد قرأت للكاتب أنطونيو غالا منذ مدة و قد نال إعجابي ، ليكن إسمك أنطونيو !

رغم دفء المكان من حوله إلا أن روحه كانت باردة بقلب متجمد ، لكن في هذه اللحظة ، يشعر بأن هناك حرارة تتسرب إليه تمنحه إحساس مريح و مرعب في نفس الوقت كونه لم يشعر بهذا من قبل ، أومئ بخفة مبديا إعجابه بإسمه..

- أنظر يا أنطونيو ، أنا قد أمسيتُ مدمنة مجددا و ربما ستراني في أي وقت أكسر كل شيء و أصرخ كالمجنونة أو ربما أنقض عليكَ لأقتلك ، لستُ أعني ذلك حقا فقط يتطلب بعض الوقت حتى أعود لحالتي الطبيعية..

غادرت يوڨارا إلى الفراش لنوم بينما بقي أنطونيو بمفرده مع فيرناندو ، إلتفت إليه الأكبر يرمقه بحدة قائلا :

- أنا لا أطيقكَ لأنني ببساطة لا أثق بكَ، لولا يوڨارا لكنتُ قد أنهيت حياتك ، و بما أن وجودك هنا أمر منها فيجب عليك إثبات ولائك..

أومئ أنطونيو موافق على أي شيء يفعله حتى يتمكن من البقاء هنا ، أشار له فيرناندو بأن يتبعه بينما يقوده إلى خارج المنزل حيث ذلك الكوخ الخشبي..

دلف ليجد أمامه أولئك الرجال من الزقاق ، بعدما كانوا يتابهون بقوتهم هاهم الآن مكبلين دون حول أو قوة ، أخذ فيرناندو مسدس ثم جهزه ليعطيه لأنطونيو الذي أمسك بيده اليمنى حين قال فيرناندو :

- هؤلاء من أذوا يوڨارا..

لم يتكمن من متابعة حديثه فقد خرجت الرصاصة تلك الأخرى من المسدس نحو أبدانهم منهية حياتهم ، حملق فيرناندو بدهشة ناحية ذلك الشاب الذي لم ترتجف عيناه أو يتردد و لو للحظة قبل أن يضغط الزناد..

إلتفت إليه أنطونيو و قطرات دمائهم كانت تلطخ وجهه ليردف بصوت هادئ :

- و الآن هل يمكنني البقاء هنا ؟

في تلك اللحظة ، أدرك فيرناندو أن هذا الشاب الذي يقف أمامه ليس بالشخص الطبيعي ، يبدو أن يوڨارا قد شعرت بجنونه المشابه لخاصتها لذلك أصرت على وجوده معها !

العودة للحاضر

- لقد لطخت يداي لأول مرة بالدماء من أجل يوڨارا ،  لأنها كانت أول شخص يقلق بشأني و يتفقد حالي ، لقد كانت معنى العائلة في حياتي ، هذا المفهوم الذي إكتشفته لأول مرة معها..

..ربما لا تعرفين بعد معنى هذا بالنسبة لي ، أنا شخص حُرم من هذا الشيء الدافئ طوال طفولته حتى أمسى رغبة مستحيلة لصبي بائس..

..فلكِ أن تتخيلي ما الذي سيحصل إن تحققت في يوم من الأيام ؟ سيصبح أناني و يفعل أي شيء في سبيله..

..أي من أن أفعالك التي ستقومين بها لإبعادي عنكِ لن تجعلني أتزحزح عن قربك..

..لقد سألتني ذلك اليوم عن السبب الذي يجعلني  متشبث بكِ هكذا ، قبل أن أحبكِ يا ڨيكتوريا أنتِ عائلتي ، أنتِ أمنيتي المستحيلة التي لطالما حلمت بها..

.. أنتِ منزلي الذي أعود إليه في نهاية اليوم ، مكان راحتي الذي ألجئ إليه بعيدا عن الصخب الحياة ، أماني حيث أغمض عيناي و أنا مطمئن أنه لن يصيبني أي مكروه..

.. ربما ستقولين أنني أكذب خاصة لتوتر علاقتنا ، لكن هذا ما كنتُ أشعر به حقا إتجاهكِ بيني و بين نفسي ،  حقيقة أنكِ تحبين شخص غيري و أن أليكساندرو إبن الرجل الذي حطمني لم تغير بأنكما الآن عائلتي أنا..

..لقد منحتني ما كنتُ أراه حلم بعيد المنال كنجم ساطع في السماء فكيف لي بحق خالق النعيم أن لا أتمسكَ بكِ ؟ أنتِ لي إلى آخر نفس لي..

بللت شفتيها و لم تجد من الكلمات ما يسعفها لرد عليه ، كل حروف لم تكن يوما متوقعة بالنسبة لها فتهربت بوضعه أمام الأمر الواقع..

- أنا لن أحبكَ..

- لا بأس ، لم أخبركِ عن مشاعري حتى تبادليني إياها ، أردتكِ أن تعرفي مكانتك لدي فقط..

- ألم تقل لي مسبقا أننا في حرب و لن تتنازل عن مبادئك من أجلي ؟

- و لكن الحرب إنتهت حين تحقق الشرط..

- ما الذي تقصده ؟

- أخبرتك أن توقف قلب أحدنا هو نهاية الحرب و هذا ما حصل ، لقد توقف قلبك عن النبض أثناء العملية ، لم يعد هناك أي صراع بيننا و لن يوجود فيما بعد..

أخذ اناملها بين كفيه يطبع على بنانها قُبل عميقة ، كل واحدة على حدى ، كأنه يضمد جروحهم القديمة حين كانت أظافرها تخلع دون رحمة و يعتذر على بشاعة ما مرت به..

أراد ان يخبرها القليل عن قصته حتى يكونان متعادلان و لا تشعر بالإحراج أمامه كونها أفصحت عن أغلب ماضيها..

إقترب منها يدثرها بالغطاء جيدا ثم طبع قبلة أخرى على جبينها يتمنى لها ليلة سعيدة قبل أن يحمل معطفه و يغادر ، بقيت تنظر لأثره لوقت طويل إلى أن شعرت بدمعة ساخنة تفر من عينيها..

تداركت نفسها لتمسحها بعنف ، لم يدم تفكيرها به مطولا حين باشر الألم الغير منطقي يداهم جسدها مجددا ، إحتضنت نفسها تحثها على النوم حتى تغادر مرارة الواقع الذي تعيشه..

في الصباح كان أنطونيو يجلس خلف مكتبه و أمامه شرائط كاميرا المراقبة التي يضعها في غرفة ڨيكتوريا ، لم يفته ملاحظة شعورها بالألم المستمر كل هذه الأيام..

ماريسا كانت تزورها و أخبرته أنها بخير و لا تشكو من شيء ، جرحا يلتئم و حالة قدميها في شفاء مستمر ، أخذ هاتفه يضغط ليتصل ، دقائق و رد الطرف الآخر بنبرة ساخرة :

- لم أتوقع أنكَ قد تشتاق لي بهذه السرعة ، هل تريد مني أن آتي لإيطاليا ؟

- عزيزتي يوڨارا تعلمين جيدا لم كان الأمر بيدي لما تركتكِ ترحلين..

- تتحدث بأريحية بالنسبة لرجل مرتبط من أنثى بخطورة زوجتك ، أليست متواجدة بجواركَ ؟

قهقه بخفة كون يوڨارا قلقة من وجود ڨيكتوريا بجانبه ، حتى صديقته شعرت برعب زوجته ، أضاف بجدية :

- هي ليست كذلك ،  كنتُ أود سؤالك عن شيء كونكِ إمرأة مرت بالكثير في الماضي..

- لقد قصدت الوجهة الصحيحة ، ما الذي تريد أن تعرفه ؟

-هل سبق أن شعرتي بالألم في جسدكِ لكن دون سبب لذلك ؟ أقصد بدون أن تتعرضي لضرب أو أي شيء مشابه له ، و لا يوجد تفسير علمي لهذا..

- لا لم يحصل معي شيء كهذا من قبل ، لما تسأل ؟

- إنها ڨيكتوريا ، هي تشعر بألم متفرقة في أنحاء جسدها دون أي علة واضحة ، تكون بخير ثم تنكمش متوجعة..

- هل تمتلك زوجتك تؤام ؟

- ماذا ؟

- أنظر قد يبدو هذا غير منطقي غير أنني رأيته بعيناي ، في وقت سابق من طفولتي ، لقد عشتُ رفقة فتاتين تؤام  ، لقد كانت كل واحدة منهما تشعر بما تحس به الأخرى خاصة الألم..

..حتى عندما تعرضت الصغرى للقتل ، كانت الكبرى تشعر بروحها تغادر جسدها و بالألم الشديد في ذات المكان الذي أصيبت فيه شقيقتها بالرصاصة و كأنها هي من تلقتها.

..لذلك ربما الذي تشعر به زوجتك الآن ليس ألمها هي بل يعود لتؤامها و أنتم لا تعلمون..

تبادل معها أطراف الحديث قبل أن ينهي الإتصال معها ، بقي شارد لبرهة يفكر إذاما قالته يوڨارا صحيح ، لكنه لا يعرف شيء عن عائلة ڨيكتوريا و كذلك هي..

في المساء عاد للمنزل و توجه ناحية غرفة التعذيب حيث كان لورينزو في جولة ضرب أخرى مع سيزار ، توقف في الظلام يسحب هاتفه ليلقي نظرة على زوجته..

كانت تجلس على حافة السرير بينما تمسك بطنها بقوة تلهث من شدة الوجع إلى أن أرهقت لتنزلق على الأرض..

رفع انطونيو بصره عن الشاشة ينوي الذهاب لها لكنه توقف في مكانه دون حراك ، كان لورينزو يوجه لكماته لبطن سيزار فأعاد بصره نحو هاتفه و كانت ڨيكتوريا لا تزال على نفس الحالة لتتردد كلمات يوڨارا في ذهنه..

- توقف !

هتف أنطونيو يمنع لورينزو عما يقوم به ليخرج من الظلام كاشفا لهويته ، إبتسم سيزار يردف بسخرية :

- أوه أنظروا من هنا ، السبب الرئيسي للمشاكل !

- أخرس يا هذا !

اراد لورينزو توجيه لكمة أخرى لوجهه لكن أنطونيو منعه من ذلك ، وقف أمام سيزار ينقل نظره بينه و بين هاتفه حيث وجد ڨيكتوريا قد رمت رأسها للخلف تسنده على الفراش بينما تتنفس بسرعة..

رفع قبضته يسقطها على كتف سيزار ليرتد للخلف ، في نفس الوقت وضعت ڨيكتوريا يدها في ذات المكان الذي ضرب أنطونيو فيه سيزار لتتسع عيناه بدهشة للحقيقة التي إكتشفها لتو !

أصدر الجهاز اللاسلكي الموجود في جيب لورينزو  و الذي يستعمله لتواصل مع حراس قصره صوت ، أخذه ليقول أن يسمعه فقال بصوت متوتر :

- سيدي أعتقد أننا نتعرض لهجوم !

صدح صوت ضحك سيزار يكسر هدوء المكان ، نظر إليه كل من أنطونيو و لورينزو بغضب و حيرة في آن واحد ، تمالك نفسه بصعوبة شديدة بعد نوبة الضحك التي راودته ليقول :

- هل إعتقدتم حقا أن رجل مثلي سيكون عاطفي لدرجة أن أجعل وردة هي شعاري الخاص في العالم المظلم ، أنتم حمقى حقا !

- ما الذي تقصده يا أيها الوضيع ؟!

- نفسها التي سمحتُ لكَ بإختطافي حتى تجبرها على القدوم بنفسك لتحرقك بنيران سخطها ، عزيزتي جاءت من أجلي ، وردة الجوري السوداء هنا..

فُتح الباب على شيري ليظهر من خلفه إحدى الخادمات ، تجهمت معالمها ما إن رأتها لكنها قالت لها بسرعة :

- آنسة شيري ، هناك شخص ما إخترق نظام الأمن و دخل القصر !

أخذت السلاح من يدها ثم أزاحتها عن طريقها تركض ناحية الأعلى حيث وجدت كل من أنطونيو و لورينزو هناك ، توجه أنطونيو ناحية غرفة ڨيكتوريا بينما شق لورينزو طريقه ناحية الباب..

فُتح المدخل على حين غرة ليظهر كلابان من نوع دوبرمان أحدهم يمسك قنبلة غاز ليتقرب منه الآخر يختطف صمامها بأسنانه قبل أن يرميها  على الأرض فملأ الدخان المكان يحجب رؤيتهم فتأهبوا بأسلحتهم..

سقط شيء على قدم لورينزو ليجدها وردة جوري سوداء رفع رأسه ليقع على الأرض خلفه بعد أن دفعته يدان بقوة ، تمكن من تمييز تفاصيل وجه المقتحم..

لم تكن سوى أنثى في عقدها الثالث ، عيون خضراء شاحبة حادة و روموش تحطيها كالسيوف ، أنف صغير و شفتين زهرتين مكتنزتين ، شعرها البني قد جمعته في ظفيرة متوسطة الطول..

شعر ببرودة حافة السكين بالقرب من وريده النابض ثم قالت بنبرة إنجليزية مميزة :

- و الآن أخبرني ، أين هو صغيري ؟

==========

يُتبع..

رأيكم ؟

توقعاتكم ؟

أنطونيو ؟

ڨيكتوريا ؟

سيزار ؟

لورينزو ؟

دييغو ؟

شيري ؟

فابيو ؟

و أخيرا وردة الجوري السوداء.. ؟

لقد شرفت الرواية و أخيرا..

أود أن أعتذر عن غيابي مسبقا الذي لم يكن سوى بسبب دراستي..

أجل غبت فصل دراسي كامل و ها أنا انشر فصل بعد نهايته..

أشكركم من صميم قلبي على تواجدكم..

بخصوص الفصل..

كما رأيتم ان أنطونيو لم يعد نفسه أنطونيو مع ڨيكتوريا..

و كذلك هو الشخص الثاني الذي إكتشف علاقة ڨيكتوريا و إيڨان..

وردة الجوري جاءت و ستعيد الأمور لنصابها..

هذا الفصل يعد بداية جديدة للرواية..

لن يبقى كل شيء كالسابق..

سأنشر بوكس غدا كالعادة لنناقش الفصل🦋

دمتم سالمين..🫶❤️


 


Continue Reading

You'll Also Like

5.4M 470K 51
• حقيقة.!!! يتشاءمون بالغُراب إِذا نعق ويتشاءمون من الغربيب إذا زهقّ بـكّرَ بُـكُورَ الغُـرابِ أذا تَـوهَق ماكـر وحـذر، شـرس، وسـفاحٌ جاء لِيشرق ويغ...
263K 14.7K 59
.. بدأت 2023/5/23 ..انتهت 2024/5/5 الأخوة هم اليد القوية عندما تتهاوى بنا الايام..!! Brothers are the strong hand when the days fall apart..!! #ال...
951K 64.2K 27
قتلوا الفتى البريء ودفنوا جثته حيًا في أرض البلدة، حرموه من الدفء بين أذرعتهم وألقوه في النيران والحُجة كانت وصول الدفء لجسده، الآن عاد الفتى ينتقم و...
113K 8.4K 18
عائلة دافئة فتاة تتمنى ان تعيش بسلام مع والديها واختها وسط حبهم وحنانهم وتحقيق امنياتها واسعادهم ولاكن هناك من يخالف هاذا الرئي .......