كل الآفاق تؤدي إليك

By 17YASMINaA

2.2K 207 169

قالوا لك أن طرقكم لا تتلاقى وأن الحب لا يليق بنا .. وأنا أخبرك سراً " رغم البُعد الذي بيننا لا يوجد أقرب منك... More

اقتباس
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
اقتباس
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
اعتذار
الفصل العشرون
تنويه هام
تنويه هام ( أجمعوا هنا ضروري )
الفصل الواحد والعشرين
الفصل الثاني والعشرين
اقتباس
الفصل الثالث والعشرين
الفصل الرابع والعشرين

الفصل التاسع

40 8 3
By 17YASMINaA

لا تقتل ابني أرجوك !
صدع صوت امرأة تحتضن صغيرها وتختبئ أسفل طاولة الطعام وبمجرد شعورها بأحد يسحبها من قدمها من أسفل الطاولة صرخت بتلك الكلمات وهي تضم ابنها أكثر .
جذب الرجل ابنها بعيداً عنها وحمله واضعاً المسدس على رأسه كما فعل رجل آخر وجذبها لتقف عنوة مصوباً السلاح على رأسها فصرخت بخوف شديد وهي تنظر لقائدهم تترجاه :
أرجوك لا تقتل ابني ليس له ذنب أن أبيه فرانك ..
سيدي .
ناداه الرجل الممسك بالصغير وهو يشير له بأن ينفذ كما أمرهم سُفيان ويقتل آدم المرأة وابنها ، أخرج آدم سلاحه وتقدم من الصغير ثم حمله مصوباً السلاح على رأسه فأغمض عيناه محاولاً التماسك وتنفيذ أوامر سُفيان ويبدأ طريقه في الدخول لطبقة الأثرياء .
استمع لبكاء الصغير المكتوم وبسائل ساخن تسرب لملابسه ففتح عيناه وجزّ على أسنانه بقوة وإصبعه يوضع على الزناد فعادت المرأة تصرخ بانهيار :
أرجوك أتركه لم أكن أعلم عن عمل فرانك أقسم إن تركته سأخبرك عن مكان فرانك .
اخرسي ..
نهرها الرجل الممسك بها فالتفت لآدم يردد بحنق :
اقتله لا يوجد وقت لتفكر !
اطلق آدم زفرة مطولة مع لينّ ملامحه وهو يُدير الصغير ويحتضنه ثم توجه صوب الحارس الممسك بزوجة فرانك وجذبها من بين يده تحت صياح الآخر باعتراض :
ماذا تفعل هل جُننت !
أردف آدم بهدوء وهو يعطي الطفل للمرأة :
لن أقتل أبرياء .
صاح الآخر بغضب وهو يتقدم من المرأة وابنها :
أنت أحمق سأفعلها أنا وأنال رضا سُفيان .
قبل أن يقترب منهم كان آدم يجذب يده الممسكة للسلاح ويديرها خلف ظهره مستمعاً لصوت طقطقة مختلطة بصراخ الآخر بتألم وتمتم بجمود :
لا يوجد مانع عندي من قتل الأوغاد مثلك !
أكمل وهو يُدير رأسه للجهة الأخرى حيث الحارس الآخر الذي وضع عينه على الأرض فلا يوجد اعتراض بعد حديث آدم :
خذ ذلك الأحمق وارحل من هنا هيا .
دفع الآخر عليه فجذبه الحارس عنوة تحت صرخات الآخر بأنه لن يترك حقه وسيخبر سُفيان بكل شيء ، التفت آدم لزوجة فرانك ورددّ بهدوء :
خذي الصغير وارحلي من روما بل من إيطاليا كلها حفاظاً على حياتك وحياة صغيرك .
هزت رأسها عدة مرات بهستيرية وهي تهمس بكلمات شكر فاستدار ليغادر قبل أن يسمع صوتها يصدع بخفوت :
أنت رجل صالح لا تليق بذلك العمل .
أكمل سيره ثم صعد لسيارته متجهاً لمقر سُفيان ليعلم إن كان سيعاقبه أم سيطرده من العمل .

العودة للحاضر :
ماذا قال ؟
رددّ آدم سؤاله وهو يرى ظهور الحزن على وجه توبا بعدما أخبرها طبيب التحاليل بشيء يخص نتيجة تحاليل آدم الصغير ورحل ، عاود سؤاله بقلق :
ماذا قال لتحزني هل الصغير به شيء خطير ؟
انزلقت عبراتها رغماً عنها بحزن :
يوجد نسبة مخدرات في دماء آدم .
تباً !
همس بضيق شديد وهو يلكم الجدار فأكملت حديثها وهي تلوم نفسها :
أنا السبب فيما حدث ويحدث ، كيف سأقول لماسال أن صغيرها يحتاج للعلاج من المخدرات !
وقف أمامها وأشار بجدية :
لا يوجد وقت للبكاء هيا لنتحرك وننقذ الصغير .
أزالت دموعها وصعدت معه لسيارته منطلقاً بها حيث القصر .
في القصر :
كانت الفوضى تملأ المكان بعدما فقد آدم الصغير وعيه أثناء نزوله من على الدرج وأصيبت رأسه ، حمله ماضي وركض للخارج وخلفه ماسال التي ظلت تصرخ باسم أبنها وخلفهم البقية .
أتى ثائر على الصوت ورقية معه فركض بسرعة يبحت عن آفاق فنوح في المشفى ولم يجدها فصعد لسيارته وجواره رقية وانطلق خلف البقية ليطمئنوا على الصغير وتركوا رنا ورهف ورندا وملاك والسيدات الكبار في البيت مع الصغار .
أخرج آدم هاتفه عندما سمع صوته فجعد حاجبيه بقلق قبل أن يجيب :
هل أنت بخير صغيرتي ؟
ردتّ ملاك بخوف شديد :
آدم ابن ماضي فقد وعيه وسقط مع على الدرج أذهب واطمئن عليه واتصل أخبرني عن حالته .
سألها عن عنوان المشفى ثم أغلق معها وأخبر توبا بما حدث فعادت تلوم نفسها والخوف يسيطر عليها .
بعد مدة صعدوا للمشفى بخطوات شبه راكضة واتجهوا صوب أفراد العائلة الواقفين أمام الغرفة وكأنهم احتلوا المشفى بسبب عددهم في انتظار الاطمئنان على الصغير ، صدع صوت آدم بقلق :
لم يخرج الطبيب بعد ؟
هز عمرو رأسه بلا فنقل بصره على ماسال الجالسة جوار الغرفة تبكي بهستيرية خوفاً على صغيرها التي ضحت بالكثير لحمايته وإبعاده عن خطايا ماضيها ، ثم انتقل آدم بنظره لتوبا الواقفة جواره تبكي وتكتم شهقاتها بصعوبة فأشار لها بالاقتراب من ماسال وهزت رأسها بلا .
اقترب آدم منها وهمس بصوت منخفض :
يجب أن يعلموا بما حدث قبل أن يخبرهم الطبيب ويصبح الأمر أكثر تعقيداً .
اقتربت من ماسال بخطوات بطيئة وثم جثت على ركبتيها وهتفت بصعوبة وحزن شديد :
أسفة يا ماسال .. أنا السبب .
رمقتها الأخرى بعدم فهم من بين بكائها وماضي أيضاً الواقف جوار ماسال فأكملت توبا وبكائها يعلو :
الإيطالي اللي بيراقبني وصل لآدم وكان كل يوم يديله شوكولاتة إيطالية فيها مخدرات .. أنا السبب أنا أسفة سامحيني .
انفلتت ضحكة خافتة من ماسال ورددتّ بعدم تصديق :
إيه الهبل ده مستحيل !
رفعت نظرها لماضي باستنجاد ليخبرها بأن شقيقتها جنتّ أو تمزح معها ولكنه هو أيضاً كان في حالة صدمة ، دفعتها ماسال بقوة أسقطت الأخرى صارخة فيها بهستيرية :
أنتِ بتقولي إيه ابني في السن ده يدخل جسمه مخدرات وعايزة أسامحك !
أجهشت الأخرى في البكاء مرددة وهي تحاول الاقتراب من شقيقتها :
أنا أسفة والله ما كنت أعرف اللي هيحصل ..
انهارت ماسال وهي تدفعها بعيداً عنها عدة مرات وصراخها يعلو :
مش عايزة أسمع صوتك ولا أشوفك أمشي !
بكتّ توبا بشدة وماسال تدفعها في كتفيها قبل أن يحتضنها ماضي ويبعدها عن الأخرى التي ظلت جالسة على الأرض وتبكي بانهيار والبقية ينظرون لها بضيق وشفقة ، تحرك آدم وساعدها على النهوض بعدما أنتظر أن يقترب منها ثائر ويحتوي نوبة حزنها ولكنه ظل واقف يشاهد حالتها في صمت .
استندت توبا على آدم الذي حاول التحرك بها ليبتعدوا عن ماسال حتى تهدأ ولكنها ظلت واقفة تردد بترجي :
أنا أسفة يا ماسال أسفة يا ماضي سامحوني .. أنتم عيلتي أنا من غيركم ولا حاجة .
بكتّ ماسال أكثر دافنة رأسها في ماضي الذي لم يستطع الرد على توبا ولأول مرة يشعر بالغضب اتجاه أحد أفراد عائلته ، صاحت نادية " أم ثائر " بغضب شديد وهي تقترب من توبا ولكزتها في كتفها :
أنت السبب في كل المشاكل اللي بتحصل وجودك وسطنا أذى منك لله ربنا ينتقم منك .
جذب ثائر أمه بعيداً عنها فهتف آدم بهدوء وهو يحثها على التحرك :
هيا لنذهب الآن حتى تهدأ .
همست باسم شقيقتها أثناء تحركها بعيداً عنهم رفقة آدم حتى وصلوا لصالة الاستقبال وجلست على طاولة مستمعة لكلمات آدم بعدم تركيز :
سأحضر لك مشروب بارد وأعود لا تتحركي من هنا بمفردك .
بعد رحيله نظرت حولها بتشتت وكلمات ماسال تطرق كالنواقيس وصوت ذلك الرجل الذي استطاع وببراعة هدم حياتها في لحظة ، أخرجت الهاتف بيد مرتعشة وهي تنهض تستند على الجدار حتى خرجت من المشفى ثم بحثت عن آخر رقم هاتفها به واتصلت عليه .
استمعت لصوته البغيض :
كيف حال جميلتي ؟
ماذا تريد مني ؟
سألته بنبرة مبحوحة مستسلمة فأردف الآخر بسخرية :
ما بها جميلتي ؟
عاودت سؤالها بيأس :
أقسم سأنفذ ما تريده مني بشرط الابتعاد عن عائلتي .
رددّ بنبرة هادئة مُريبة :
أريدك ملكي !
ارتعش فكها الأيسر وردتّ بثبات مصطنع :
أرسل عنوان وأسلم نفسي لك بلا أسلحة أو أي شيء أمام أن تبتعد عن عائلتي .
انفلتت ضحكة صغيرة منه وأردف باستمتاع :
موافق سأراسلك بعد ساعة أخبرك كيف سنلتقي .
أغلقت معه وفتحت محادثة بينها وبين آدم وأرسلت تسجيل صوتي لها قبل أن تغلق الهاتف وترميه في الشارع : " تلك ستكون آخر مرة أتحدث معك فيها ، أخبر ماسال أنني أحبها كثيراً وأنني لم أقصد ما حدث وحتى تتخلصوا من ضوضاء مشاكلي رحلت بعيداً للأبد فبعدما تستمع للتسجيل سأكون غير موجودة في الحياة ولكن قبل أن أرحل سأخذ معي المتسبب في أذية آدم . "

في المشفى :
صعد آدم لغرفة آدم الصغير بعدما بحث عن توبا ولم يجدها فوقع نظره عليهم يتحدثون مع الطبيب ، سمع ماسال تهلل بشكر لله فاقترب من عمرو وسأله عن ماذا قاله الطبيب وشرح له الآخر :
أخبرنا أن إصابة الصغير لم تأخذ غير عدة غرز بسيطة وأن نسبة المخدرات في دمائه ليست قوية ويمكن التخلص منها مع الوقت ولكن يجب أن يبقى في المشفى ليراعوا حالته .
استمع لصوت رسالة فأخرج هاتفه ووجدها من توبا فابتعد عنهم قليلاً واستمع لها بضيق شديد ثم اتصل على ماركوس وأخبره بما حدث وطلب منه البحث عنها قبل أن تفعل شيء جنوني .
اقترب من البقية الواقفين جوار ماضي وماسال ويتمنون الشفاء للصغير فسعل بتردد قبل أن يزمّ شفتيه بضيق ويردد :
أعلم أن الوقت ليس مناسب ولكن توبا لم تكن نواياها سيئة ..
قاطعته نادية بحنق بمجرد سماعها لاسم توبا :
أنت شايف إن ده وقت توبا !
لم يفهمها الآخر فأكمل حديثه لماضي وماسال وهو يشغل التسجيل :
توبا تقوم بشيء جنوني كالذهاب لذلك الوقح وقتل نفسها !
استمعت لصوتها الباكي يصدع في الهاتف ، هزت رأسها بهستيرية رافضة فكرة ذهاب أختها بتلك الطريقة تعلم أنها قستّ عليها كثيراً ولكنها كانت لا تعيّ شيء غير الاطمئنان على صغيرها فضمها ماضي ورددّ بنبرة هادئة :
متقلقيش هنلاقيها خليكي مع آدم لغاية ما أرجع .
طبع قُبلة على جبينها وتحرك وخلفه آدم وثائر وعمر الذي سأله بجدية :
ماذا سنفعل يا قائد ؟
التفت ورددّ بجدية :
أنت ستبحث عن آخر مكالمة قامت بها وموقع الهاتف الآن .
هز رأسه بموافقة وغادر لينفذ أوامره فأكمل ماضي حديثه لثائر :
مش مجبر تدور معانا بس لو حابب يعني كلم يامن وجيبوا تسجيلات كاميرات الأماكن اللي ظهرت فيها .
أنتقل بعينه لآدم الذي رددّ بجدية مصطنعة :
في الحقيقة لا آخذ أوامر من أحد ولكن أنت لست أي أحد .
أنهى حديثه بغمزة مشاكسة فابتسم ماضي ضارباً رأسه بخفة :
لك حرية استخدام جميع طرقك لإيجادها فقط لا تفتعل المشاكل يا صغير .
تحرك ثلاثتهم فرددّ آدم بحنق وهو يبتعد عنهم ليبدأ رحلة البحث عنها :
أنتم عائلة مزعجة تعشقون المشاكل وضيق التنفس فلا تتحدث مع آدم المسكين بتلك اللهجة !
أثناء خروجه قابل آفاق وهي تترجل من سيارة الأجرة فجذبها على غفلة وتحرك بها لسيارته تحت اعتراضها :
يا ابني أنت عبيط عايز تشلني في يوم ولا أموت مخضوضة !
فتح الباب السيارة ودفعها برفق لتركب مردداً ببسمة متسعة :
اشتقت لك يا ذات الجدائل لا أراكِ منذ مدة بسبب هؤلاء الأوغاد .
رمقته بحنق شديد فأكمل الآخر وهو ينطلق بسيارته :
سنبدأ رحلة البحث عن توبا كثنائي رائع .
كادت أن تتحدث فقاطعها بصياح حماسي رافعاً يده أمامها :
كفك يا شريكتي ..
ضربت كفها بكفه وضحكاتها تعلو على أفعاله الحمقاء وكادت أن تتحدث فقاطعها بجدية :
سأحضر لك سيارة وقبل ذهابك أخبريني حتى أطمئن عليك .
هزت رأسها برفض :
لا استطع السواقة .
أردف ببسمة متسعة ونظر لها بأعين بريئة :
إذن لأضيف مهنة جديدة ليّ وأصبح السائق الخاص بك .
ابتسمت بخفة واشاحت بوجهها للجهة الأخرى فذلك الرجل يوترها بنظراته وحديثه ومزاحه المستمر .
سألها آدم بتذكر :
لما لم تأتي مع البقية في سيارتهم ؟
توترت لوهلة ثم أجابت بثبات وكذب :
ذهبت للمشفى لأعود لعملي فأنا أشعر بالملل ولا أستطع الجلوس في البيت لمدة طويلة .
رددّ بنبرة هادئة :
إن أردتِ بإمكاني شراء عيادة لك أو مشفى ولكن المشفى القديمة لا يمكن أن تذهبي بمفردك هناك بعدما علم غسان الأحمق عن مكانها .
ردتّ برفض قاطع :
لا سأكمل عملي في المشفى وبإمكانك الذهاب معي كل يوم لتطمئن .
تمتم بخفوت :
كما تريدين يا ذات الجدائل .
سألته بفضول :
من أين سنبدأ البحث عن توبا ؟
رددّ بتعجب :
ألن تسألي عن سبب اختفاءها !
أردفت ببديهية :
منذ معرفتي بعائلتك ويحدث أشياء غريبة فلنّ أسأل ..
ارتفعت ضحكاته بصخب وأردف بمزاح :
ولكنني لستُ مثلهم فأنا هادئ ومسالم ولا أحب المشاكل .
شاركته الضحك وردتّ بمزاح :
وأنا شاهدة على ذلك فأنت أكثرهم هدوءً .. سامحني يا رب .

بعد مرور أربع ساعات :
اجتمع ثلاثتهم في مطعم معتادون على الجلوس فيه ، هتف يامن بضيق :
لقيت التليفون مرمي في شارع ****** واحد لقاه ولما رنيت ردّ بس معرفتش أجيب عنوانها اللي كلمها قالها هنتقابل بعد ساعة من غير ما يقول على مكان .
صاح ثائر بغضب :
انسانة غبية بتتصرف وتمشي من دماغها عمرها ما هتتغير ..
زفر ماضي بضيق شديد :
أنت فين بس يا توبا !

كانت شاردة في الطريق تنتظر وصولها للجحيم ، فبعدما مرّ ساعة وجدت رجلين يقطعون عليها الطريق ويجبروها على الصعود في سيارة منذ عدة ساعات تسير .
تنهدت بحزن فآخر ساعاتها ستكون قاسية عندما تتمسك بالحياة وتحارب بأخر ذرة قوة لها لتنتقم منه لها وللجميع حتى تخرج أنفاسه بين كفيها ولا بأس إن صعدت روحها أيضاً للسماء .
استمعت لحديث أحد الرجال بسخرية مع زميله :
تخيل القائد ينتظر تلك الشرقية بحرارة ويودّ أن تنتهي الساعات بسرعة ليراها !
تمتمت بنبرة هادئة وغامضة :
ليس أكثر مني .. حقاً ليس أكثر مني ..

دخل عمر للمطعم فوجد ماضي يتحدث مع آدم عبر الهاتف ويأمره بألا يقوم بأفعال جنونية ويتعقل قليلاً مستمعاً لاعتراض الآخر وأنه يريد المرح قليلاً أثناء العمل والكثير من التذمر قبل أن يغلق في وجهه .
ارتسمت بسمة صغيرة على فم عمر ثم قال :
ذلك الفتى لطيف أتركه يستمتع قليلاً فذلك أول يقوم به مع رجال القانون .
سأله ماضي بجدية :
إلى أين وصلت ؟
أخرج حاسوبه وأداره له مردداً بشرح :
جهاز تعقب يتواجد بداخل زر معطفها الجلدية ترتديه أثناء مهمتها مع أجهزة أخرى .
صاح ثائر بفرحة فأخيراً وصلوا لها :
وجالس كل تلك المدة دون حديث هيا لننهض ونحضرها ..
زمّ عمر شفتيه بحنق من دفع الآخر له بقوة :
توقف عن دفعي يا رجل !
جذب ماضي الحاسوب وركض صوب سيارته وانطلق خلفه البقية ليتجهوا لمكان توبا المتواجد على الطريق الصحراوي المتجه للساحل الشمالي .
أخرج ماضي هاتفه وأخبر آدم أنهم توصلوا لمكان توبا وفي الطريق لإحضارها ورددّ آدم عندما طلب منه أن يعود للبيت ويطمئن على ملاك ثم يعود للمشفى :
حسناً لا تقلق فقط احترس وعُد سالم بسرعة .. ولا بأس إن أطلقت طلقة على يامن وتعللت أنها خرجت بالخطأ !
أغلق مع ماضي والتفت لآفاق التي تلكزه في كتفه بتحذير صائحاً بحنق :
ماذا !
ردتّ بغيظ من تصرفاته :
توقف عن مضايقته كُن لطيف قليلاً ..
رددّ بحنق :
دعك من ذلك الأحمق وأخبريني تُحبين السمك أم الدجاج ؟
أجابت عاقدة حاجبيه باستغراب من سؤاله :
السمك .
أردف وهو يستدير بسيارته للجهة الأخرى من الطريق :
إذن لنذهب لمطعم ونأكل الدجاج فأنا أحبه .
انفرج فاهها بعدم استيعاب ولم تعلق واكتفت برميه بنظرة حانقة ، ترجلوا أمام مطعم إيطالي فمدّ يده يلتقط كفها بين كفه متجاهلاً محاولة تحرر كفها بخجل .
وضع النادل قائمتين للطعام أمامهم فسحب آدم قائمة طعام آفاق ثم أشار للنادل على طلبه والتفت لآفاق التي تمتمت بغيظ بعدما رحل النادل :
ما الذي طلبته دون علمي ، من الذوق أن تترك ليّ حرية الاختيار !
أجاب ببساطة :
اخترت طعام جيد سيناسبك فقط توقفي عن التذمر وابتسمي قليلاً هيا لتظهر غمازتُكِ الجميلة .
انفلتت ضحكة خافتة منها دون إرادتها فابتسم الآخر باتساع مُطلقاً صفير خافت بمرح :
أجل هكذا .. يا لجمالكِ عندما تضحكين !
توترت عيناها بعيداً عنه بخجل والبسمة تزين وجهها ثم عادت بنظرها له فوجدته مازال يرمقها بتلك الأعين الدافئة والبسمة المتسعة التي أظهرت أسنانه فهمهمت بحرج :
توقف عن النظر ليّ .
ولما آفاق ؟
استمعت لبحته المميزة عند نطق اسمها فأجابت بتوتر :
لأنك تُربكني ..
رددّ بنبرته الهادئة ويداه تمتد تُمسك بكفها يحرره من التلاعب في كفها الآخر لتُخفف توترها :
ليس كعَيْنَاكِ !
ارتبكت وحاولت سحب كفها فرفض وانقذها قدوم النادل حاملاً لكعكة وارتفع صوت أغنية في المطعم والمتواجدين يصفقون ، عادت بنظرها له بصدمة وتبتسم باتساع :
ما هذا ؟!
جذب يدها لتنهض وتقف جواره وأجاب وعيناه تراقب سعادتها :
اليوم ميلادك يا ذات الجدائل كل عام وأنتِ تزدادي جمالاً .
ظل يُغني ويصفق وهي جواره تنظر الكعكة المرسوم عليها صورة فتاة تسير على البحر وجدائلها تتدلى خلف ظهرها بطول البحر ، عادت تنظر له بأعين لامعة فأشار لها بأن تُطفِئ الشمعة وفعلت ثم اعتدلت فوجدته يمدّ يده بعلبة مخملية متوسطة الحجم :
أتمنى أن تنال اعجابك .
فتحت العلبة واتسعت عيناها بانبهار فبداخلها خاتم مُزين بفصوص متراصة بانتظام للمنتصف حول فص أكبر حجماً منهم وسلسلة رقيقة تتدلى منها قلب أسود لامع :
رائع للغاية ولكن يبدو أنه غالي ال..
قاطعها الآخر وهو يجذب كفها الأيسر ووضع الخاتم في إصبعها :
لا يوجد شيء غالي غيرك يا ذات الجدائل ثم لا تنسي أننا متزوجون وهذا خاتم الزواج أما تلك ..
التقط القلادة وجذبها برفق لتجلس جواره بعدما شكر المتواجدين على لُطفهم ثم أقترب منها رافعاً يده حول رقبتها يعقد السلسلة مستمعاً لتنهدها المرتبك فأغمض عينه يستمتع بتلك اللحظة الفريدة هامساً بهيام ودون وعي :
ينبُض بقوة مرتعباً من مذاق الحياة لأول مرة !
اعتدلت في جلستها ورددتّ بارتباك شديد من فرط خجلها :
شكراً لأجل كل شيء آدم أنت ملاكي الحارس .أماء برأسه قليلاً مردداً بمرح :
في الخدمة دائماً سيدتي ..
ارتسمت بسمة عريضة على مزاحه وسألته بتعجب :
كيف عرفت يوم ميلادي ؟
أماء للنادل بشكر وهو يجذب الطعام طبق به وجبة سمك لها وأخرى دجاج له ثم أجاب بغرور مصطنع :
لا تنسي أن زوجك آدم سُفيان يا قصيرة .
هزت رأسها بيأس من سخريته على طولها وردتّ ببسمة مستفزة :
أنت العملاق عزيزي آدم فطولي مئة وخمسة وستين سنتي متر لستُ مثلك أنافس برج خليفة في الطول !
قهقه بسخرية :
مضحكة للغاية هيا تناولي طعامك لنذهب ونطمئن على ملاك وآدم .

أنتِ استيقظي .
دفعها الحارس بقسوة لتستيقظ بعدما سقطت في النوم أثناء الطريق من التعب فهي لا تنام منذ أيام بسبب ذهابها لشركة غياث المصري والعمل في الصباح الباكر غير ذلك المختل الذي يلاحقها ومرض آدم .
تحركت معه باستسلام بعدما وضع قطعة قماش على عيناها وقيدّ حديدي في يدها يجذبها منه ، شعرت بدخولهم مكان بعدما ساروا قليلاً وكان الهواء شديد بحبات رمال تصطدم بوجهها بقوة وتحركوا داخل طرقة طويلة ثم توقفوا وفتح باب حديدي أصدر صوت احتكاك وأجبروها على السير وفي لحظة شعرت بأيديهم تبتعد عنها وصوت طلقات نارية تصدع في المكان مع صوت تأوهات الكثير فركضت بعشوائية في المكان بفزع ولا تقوى على تحرير يدها المُقيدة خلف ظهرها .
جلست القرفصاء في زاوية بهلع مما تسمعه ولا تقدر على رؤيته حتى هدأت الأصوات واختفت تماماً غير صوت أنفاسها المرتفع وصوت حذاء ذات كعب يصدع صداه قبل أن تشعر بيدّ تسحبها من خصلاتها بعنف وصوت أنثوي تعرفه جيداً وتبحث عن صاحبته منذ سنوات :
اشتقت لك عزيزتي توبا ألم تشتاقي لصديقتك !
أزالت القماشة من على عيناها وهي تُديرها لتنظر لها وأكملت ببسمة عريضة :
ما رأيك في لون شعري الناري الجديد ؟
همست بصدمة وغضب شديد :
أنتِ !
اقترب من أذنها ورددتّ بصوت منخفض مختل :
نعم أنا من سترحمك من هذا الهراء وتضعك على طريق الراحة الأبدية ..
جذبت خصلاتها فور انتهائها تتحرك بها للخارج تحت اعتراض توبا ومحاولتها للتحرر ، رمقت توبا الحراس المقتولين على الأرض بصدمة كبيرة صارخة بفزع :
ابتعدي عني أقسم سأقتلك .
تمتمت الأخرى بسخرية :
وضعك لا يسمح بالتهديد عزيزتي توبا .
خرجت بها من المكان الذي ظهر أنه مخزن للحديد وابتعدوا عن المكان وصرخات الأخرى ترتفع بغضب قبل أن تبتلع بقية صرخاتها بصدمة كبيرة وهي ترى أمامها حفرة يقف حولها أربع رجال ممسكين بأدوات حفر بعدما انتهوا من حفر الحفرة في مكان بعيد عن المصنع .
دفعتها داخل الحفرة وأشارت لرجالها برمي الرمال عليها فصرخت الأخرى بألا تفعل وهي تحاول النهوض ولكن الرمال كانت تعيق حركتها وآخر ما رأته أمامها ابتسامة سيلفيا الخبيثة :
أراكِ في الجحيم عزيزتي توبا !
ثم حل الظلام عليها بعدما دُفنت تحت الرمال ، انزلقت عباراتها بشدة وعيناها مُغمضة بسبب الرمال وقلبها يأن خوفاً بعدما تحقق كابوسها وستموت بمفردها !

الإشارة تأتي من هنا .
صاح عمر وهو يترجل من سيارته أمام المخزن ودخل بسرعة يبحث عنها وخلفه البقية قبل أن يقفوا بصدمة من المنظر فقد حدث معركة أدتّ لبحر من الدماء !
دفعه ثائر راكضاً كالمجنون :
توبا .. توبا .
هتف ماضي وعيناه على الحاسوب بتركيز :
الإشارة قريبة من هنا ليست هنا تحديداً .
جذب ثائر الحاسوب منه وحدد الإشارة بدقة ثم ركض خلفها والجميع معه وصوته يصدع بقوة :
توبا ..
توقف عند نقطة الإشارة ينظر للفراغ بأعين مرتعبة من فقدانها ، التفت على صوت يامن وهو يدفعه جانباً :
هي هنا تحت الأرض الإشارة هنا .
نظر ثائر على الأرض بهلع من الفكرة وجثى على ركبتيه بعدما لاحظ ارتفاع بقعة من الرمال وظل يحفر بسرعة ويناديها بخوف ودموعه تبلل وجنتيه بشدةو:
لا يا توبا متسبنيش ..
جثى البقية يحفروا معه حتى ظهر نصفها العلوي فسحبها ثائر برعب وهو يرى وجهها الشاحب وعيناها المغمضة باستسلام :
لا لا متسبنيش لا متموتيش !
مددها على قدميه رافعاً وجهها يلمس وجنتيها بأيدي مرتعشة ودموعه تتساقط عليها وتمر على شفاها التي فقدت بريقها الوردي :
قومي وقولي أنك بتهزري وهسامحك والله مسامحك ..

في الصباح الباكر :
أرحل الآن وعُد بعد الظهر .
هتفت آفاق بنبرة هادئة تحاول احتواء ضيق آدم الذي رددّ بضيق :
لنأكل الطعمية أولاً سوياً وهي ساخنة ثم أرحل .
هزت رأسها بموافقة وبسمة صغيرة تزين وجهها ثم صعدوا لمكتبها ودخل ليشرعوا في تناول الطعام فقاطعهم ممرضة :
دكتور آفاق في مريض عند حضرتك وحالته صعبة .
تركت الخبر وأشارت لها بأنها قادمة ثم هتفت بهدوء :
أكمل طعامك ولا تنهي كُل الطعمية أيها الضخم فأنا أراقبك .
بعد نصف ساعة زفر بملل وضيق ونهض يبحث عنها حتى أوقف طبيب وسأله عن آفاق وأخبره عن غرفة الكشف فشكره ورحل ، صعد للطابق العلوي ودق على باب الغرفة ثم فتحه متحدثاً بحنق :
ما كل ذلك التأخير أيتها القصي..
ابتلع باقي كلماته بصدمة مستمعاً لصوت آفاق :
كنت أفحص السيد صبري وطال الحديث بيننا قليلاً .
رددّ المدعو صبري ببسمة متسعة خبيثة وبالإنجليزية :
ما هذا زوجك أجنبي مرحباً بك يا سيد .. ما اسمك ؟
رماه آدم بنظرات غاضبة ضاغطاً على أسنانه بقوة حتى سمع صوت احتكاكها وهو يرى أمامه حامد يجلس بأريحية شديدة ويدردش مع آفاق الحمقاء التي ردتّ بدلاً عن آدم :
آدم هو فقط خجول قليلاً مع الغرباء ..
تمتم حامد بخبث رامقاً آدم بسخرية :
الخجل يبدو في عينيه انظري كيف تغير لونها للأحمر !

صباح الخير ♥️
أتمنى البارت يعجبكم ومتنسوش الڤوت والكومنت ياللي بتقرأوا في صمت عشان خُلقي بقى قد كده 🤏🏻😂😂♥️♥️♥️♥️♥️

Continue Reading

You'll Also Like

7.5K 477 11
القصه نقيه قصه تتحدث عن رين فتى يعيش حياته عند عائله تبنته ولكن مع الاسف يحدث امر يحتم على العائله التخلي عن رين الصغير الى اخطر ياكوزا في العالم...
9.1K 751 15
جميلةٌ أنتِ كأمنية طفلٍ يطفئ شمع عيد ميلاده في منتصف الليل، ومظلمةٌ أنتِ كظلمة المكان لحظة انطفاء الشموع..
471 118 31
دائماً نتمسك بالرواية عندما يجذبنا اسمها فقط جرب أن لا تحكم علي الشيء من مظهره واقرأ جوهره لعل النهاية تعجبك ❤
317 65 4
"_ عِندما ألتَقيتُها أيقنت أن الوطن قد يكون شخصًا نلجأ إليهِ عِند الشعور بالغُربة أيقنتُ أنني أنتمي لها أيقنتُ أن البقاء دونها أضحى مُحال فـما الإ...