كل الآفاق تؤدي إليك

By 17YASMINaA

2.6K 240 185

قالوا لك أن طرقكم لا تتلاقى وأن الحب لا يليق بنا .. وأنا أخبرك سراً " رغم البُعد الذي بيننا لا يوجد أقرب منك... More

اقتباس
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
اقتباس
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
اعتذار
الفصل العشرون
تنويه هام
تنويه هام ( أجمعوا هنا ضروري )
الفصل الواحد والعشرين
الفصل الثاني والعشرين
اقتباس
الفصل الثالث والعشرين
الفصل الرابع والعشرين
تنويه هام

الفصل الثامن

55 9 1
By 17YASMINaA

" متى نتغير ؟
بعد أن يصفعنا أحد الذين أعطيناهم مكانة خاصة ومساحة آمنة ، لا نتغير وحسب بل نكبر مئة عام ."
_دوستويفسكي

الاسم : آدم سُفيان .
الحالة : فاقد للأمان بعدما تعرض لأطروحة الخذلان .
ومُعلق في منتصف بئر خطاياه ..

أتظن موتك بتلك السهولة !
صدع صوت كهسيس ثعبان أضاء رقعة صغيرة في عقل الساقط على وجهه بعدما كان يفارق الحياة قبل قليل ، اعتدل الرجل في وقفته ورمق للساقطين على الأرض ببسمة هازئة بعدما قتل جميعهم في لحظة .
لو كان تأخر ثانية واحدة لكانت روح آدم يحلق في السماء !
رفع قدمه ودفع آدم ليعتدل على ظهره فرمق وجهه الشاحب وأكمل بسخرية مخرجاً هاتفه يلتقط عدة صور معه :
تلك لحظة يجب أن توثق فخليفة سُفيان يرقد بضعف مستسلماً للموت !
اختفت بسمته وحل محلها الجمود :
الموت راحة لك وأنا أريد رؤيتك تُعاني وتطلب مني الرحمة وأخبرك أن وقت السماح قد انتهى ..
انخفض لمستواه وأكمل وهو يعلم جيداً أن الآخر يسمعه فبسبب انقطاع الأكسجين عن رئتيه دخل في حالة من الإغماء :
أنقذتك اليوم من يدّ أبيك وسأنقذك في كل مرة يحاول إيذائك حتى استمتع بتعذيبك ثم ..
ترك جملته فارغة بتهديد وهو يرى آدم يتململ في مكانه وقد بدأ في استعادة وعيه ، زحفت لشفتيه ابتسامة وحشية :
ذكرى صغيرة مني عزيزي آدم حتى ألقاك قريباً .
أخرج سكين صغير فور انتهائه وجذب كفه حافراً عليه رمز البرق مستمتعاً بتألمه ورؤية الدماء تتدفق من جرحه ثم نهض مشيراً لرجاله بالتحرك .
بعد مدة صغيرة :
فتح آدم عيناه بصعوبة فقابل الظلام وضوء بسيط يتخلل نافذة المخزن حيث الوقت قد تخطى الرابعة فجراً ، نظر حوله بريبة فأخر ما يتذكره خنق الرجل له وضحكات حامد المنتصرة وصوت طلقات نارية والكثير من الأصوات المتداخلة منهم صوت يشعر بأنه يعرفه جيداً .
ارتفعت وتيرة أنفاسه تدل على اقتراب انهياره فتمتم وهو يهز سبابته وكأن أحد آخر يجلس أمامه:
لن تبكي سمعت كل هذا بسبب حماقتك ..
أطلق صرخة عالية وبداخله نيران تأكله وظل يصفع نفسه عدة مرات بجنون :
غبي ما الذي كنت تنتظره.. تباً لك آدم .. تباً لك !
انفلتت صرخة عالية منه بحرقة ودفن رأسه بين قدميه ويهتز للأمام وللخلف بهيستيرية :
لن تظهر ضعفك فهمت .. ستأخذ حقك منه بضراوة .
رفع رأسه فظهرت عيناه الحادة الممتلئة بغضب وكُره مع لمعة انكسار لم يستطع محوها بعد ، ثم نهض يتحرك بين جثث الرجال ويرمق جرح كفه مردداً بجمود :
ستكون السيء في رواية الكثير فلا يناسبك غير ذلك الدور عزيزي آدم !
صعد لسيارته منطلقاً بعيداً عن المكان الذي ترك فيه نقطة ضعفه الوحيدة والذي لطالما كرهها طوال حياته .

لن يحبك في يوم أفق من أحلامك الوردية يا فتى .
تحدث سُفيان بصوت الأجش قبل أن يبتسم بانتصار بعدما ارتفعت أسهمه في البورصة بشكل ملحوظ ، أردف آدم بتبرير :
بالتأكيد سيُحبني عندما يعلم عن وجودي فهو ترك أمي قبل ولادتي وعندما أجده ويراني سوف يتقبل وجودي ويسعد كثيراً ..
صمت لوهلة ثم أكمل بنبرة خافتة حزينة :
هو فقط لا يعلم عن وجودي !
نهض سُفيان وجذبه على غفلة من مقدمة قميصه ورددّ بصرامة :
غير مسموح بإظهار ضعفك أحد ولو حتى أنا ..
رأى الحزن يتشكل في عين آدم فأكمل بصرامة ونبرة عالية :
تُدهس يا فتى .. الضعيف يُدهس كالحشرة ولا يلتفت أحد له .
تمتم آدم بتوتر فقائده يتحلى بالهدوء وعندما يغضب يتحول لأسد ضاري يلتهم الجميع :
اعتذر لم أقص..
قاطعه سُفيان بجمود :
لا أريد اعتذار أريد رؤية النتائج.
رمقه الآخر بعدم فهم فأكمل وهو يحرره من قبضته :
غداً أول مهمة لك على أرض الواقع وستحتاج فيها بالتنازل عن مبدأ صغير .
سأله بجدية :
ستقتل أسرة فرانك كلها خنقاً .
هتف آدم بنفور :
ماذا لا يمكن أن أقتل أطفال ونساء أبرياء !
أردف سُفيان بصرامة وهو يتجه لخارج مكتبه :
ذلك عملك وليس لك الحق في الاعتراض .
تمتم آدم أثناء خروجه لينفذ أوامره فإن اعترض سيخسر عمله ويعود للسرقة من الحانات والمطاعم حيث نقطة الصفر .
*****************
بتقولي مراتي اختفت وعايز أبقى هادي !
صرخ يامن بغضب على ثائر بعدما هاتفه ليطمئن إن كانت ملاك معه وأتى صارخاً عليهم أنه تركها في أمانتهم .
زفرت ماسال محاولة التماسك حتى لا تجذب رأسه وتحطمها في الحائط لعله يتوقف عن الصراخ وأسلوبه الهمجي ، رددتّ توبا محاولة تهدئته وهي تقف جواره :
أكيد هترجع يعني هتروح فين بالعيال أهدى بس وأنا هتصرف .
دفع فازة موضوعة على منضدة موجودة جواره فتهشمت مع ارتفاع صوته بغضب :
مش عايز اسمع كلمة أهدى أنا هرجع مراتي على بيتها ..
صدع صوت صرخة غاضبة من ماسال التي تقدمت باندفاع منه لولا توبا التي أحالت بينها وبين يامن :
أنت فاكر نفسك مين ياض يعني غلطان من رأسك لرجلك وكمان بجح ده غير أنك السبب في اللي وصلت ليه وبتكسر الفازة كمان أنت عارف الفازة دي جاية منين ولا بكام !
صاحت بحنق :
أهدي يا ماسال مش كده !
كاد يامن أن يتحدث فقاطعه صوت ماضي المنفعل فهو مضغوط منذ أيام وهُم يزيدوا عليه بشجارهم :
مش عايز أسمع نفس حد هنا مفهوم ده إيه القرف ده !
ارتفع صوت رنين هاتفه فأجاب بسرعة مستمعاً لصوت المتصل الذي كان جارتهم في الحي القديم في القاهرة :
عامل إيه يا ابني فرحت أوي لما لقيت النور منور في شقتكم كنت عايزة أروح أسلم عليكم بس رجلي تعباني فقولت أطمن عليكم لغاية بكره .
ابتسم بفرح فأخيراً وجد مكان شقيقته :
ده أنا اللي هاجي لغاية عندك يا أمي وأسلم عليكي .
أغلق معها مردداً بسعادة وهو يتحرك للخارج بسرعة :
ملاك في شقتنا القديمة في القاهرة .
حملت ماسال صغيرها آدم وركضت خلفه ويامن وتوبا وثائر ركضوا للأسفل خلفهم ، تحرك جميعهم للصعود للسيارات فانطلق يامن بسيارته قبلهم بسرعة جنونية وقبل أن يصعد ماضي لسيارته توقف على صوت ماركوس الذي صف سيارته بعشوائية راكضاً نحو ماضي :
انتظر يا رجل أين آدم ؟
ردّ ماضي بقلق :
لا أعلم تركني في المشفى ورحل .
أردف ماركوس بقلق :
كان يشاهد النجوم برفقتي وأتى له مكالمة وركض بعدها كالمجنون ولا يجيب على اتصالاتي !
وقف ماضي كالتائه لا يعلم ماذا يفعل ، يذهب لملاك ويطمئن عليها أم يبحث عن آدم ، هتفت توبا وهي تحثه ليتحرك بسرعة :
روح أطمن على ملاك وأنا هدور عليه متقلقش .
أردف بتردد :
هتتحركي ازاي من غير عربيتك .
ردتّ وهي تدفع ماسال لتتحرك مع ماضي :
هاخد عربية ماسال أتحركوا بسرعة .
صعد ماضي وماسال وصغيرها للسيارة منطلق بسرعة ليرى شقيقته ثم يبحث عن شقيقه ويعتذر منه والأهم أن يجد آفاق قبل عودة أخيه ، اتصل على عمر أثناء سيره :
وجدتها ؟
ردّ عمر بإرهاق فمنذ ساعات يبحث عنها بلا جدوى :
ليس بعد ولكن أطمئن سأجدها .

تحركت توبا باتجاه سيارة ماسال فاستمعت لاقتراح ماركوس وهو يشير على قدمها المصابة :
بإمكانك المجيء معي صعب القيادة بقدمك المصابة .
قبل أن تتحدث وجدت من يجذبها بعيداً عن ماركوس مردداً بجمود :
شكراً لعرضك ولكنها ذاهبة معي .
فتح باب السيارة ودفعها بداخلها بقوة متجاهلاً تذمرها ثم صعد لمقعده وانطلق ، صاحت الأخرى بحنق :
إيه قلة الذوق دي حد قالك إني عايزة أروح معاك !
تجاهلها ووصل هاتفه بمشغل الأغاني ثم شغل أغنية إيطالية وظل يردد باستمتاع مما زاد من غضبها أكثر :
متعصبنيش أنا بتكلم !
ردّ ببرود :
وأنا مش عايز أرد ومش عايز أسمع صوتك طول الطريق لغاية ما نلاقي آدم وأرجعك لأختك .
صاحت بغضب :
كان ممكن تسيبني أركب عربية ماسال أو أركب مع صاحب آدم طالما مش طايقني للدرجة دي ..
غض على شفتيه محاولاً كتم غضبه وسألها :
أنتِ عارفة اسم صاحب آدم ؟
هزت رأسها بلا فصرخ الآخر على غفلة بعصبية افزعتها :
وعايزة تركبي معاه أنتِ تعبانة في دماغك .. تقريباً من كُتر القعدة في بلاد الغرب لسعة دماغك !
صرخت بغضب وقد استطاع إيصالها لذروة غضبها :
ثائر لمّ نفسك واحترمني شوية مش معقول كل ما نشوف بعض تكون دي طريقة الكلام !
انزلقت بسمة ساخرة على شفتيه :
مش لما تحترمي نفسك وتعقلي الأول أبقى احترمك ..
انفرج فمها بصدمة من كلماته الوقحة الذي يلقيها في وجهها ببساطة ، رمقته بأعين حزينة والتفتت تنظر للنافذة دون التفوه بكلمة واحدة ثم أخرجت حاسوبها وبدأت بالبحث عن آدم عن طريق تحديد مكان هاتفه ثم أخبرته بمكانه واتجهوا له .
هتف ثائر بهدوء :
زعلتي ؟
لم تجيبه فأكمل باستفزاز :
أزعلي ..
زفرت بضيق مستغفره في سرها محاولة إخفاء حزنها فأكمل الآخر ضغط عليها وقد وجد الفرصة للانتقام منها بطريقته الخاصة :
زي ما هان عليكي زعلي بقيتي تهوني عليا يا توبا ببساطة مش فارقة معايا .
شعرت بخصة في حلقها ورغبة في البكاء فأكمل الآخر كلماته الجارحة :
ندمت على حُبي ليكي أكتر ما ندمت على إن أبويا يبقى كامل .
انزلقت دموعها في صمت فور انتهائه متمتمة بصوت متحشرج :
اركن على جنب مش عايزة أتكلم .
انفلتت ضحكة ساخرة يائساً من تغيرها :
عمرك ما هتتغيري لازم تنهي كل حاجة بمزاجك ومش مهم الوقت أو الشخص المهم نفسك وبس.
أزالت دموعها بكفها بعنف مرددة بنبرة حاولت جعلها قوية فخرجت مهتزة :
طالما بتكرهني و.. وندمان على حُبك ليا بتساعدني ليه مش بتقول إنك نستني ممكن أفهم بعمل إيه هنا !
هز رأسه بيأس وردّ بسخرية :
كالعادة بتهربي من الكلام ، عمتاً أنا معاكي عشان خاطر ماسال مش اكتر إنما لو عليا ولا كنت عبرتك ..
جزت على أسنانها بعنف صارخة في وجهه وقد استطاع إيصالها لنقطة نفاذ صبرها :
نزلني هنا وأنا هكمل مش مستنيه مساعدتك .. بقولك نزلني وروح لحبيبة القلب يلا .
رسم بسمة كالجليد وأردف بهدوء لا يناسب الوضع :
لما ذكرتيها عقلي راح ليها علطول ، يا سلام الحب ده أجمل حاجة في الحياة ..
التفت مشيراً لها بسبابته وأكمل باستفزاز :
متعرفيش أنتِ الشعور ده متزعليش بكره ربنا يرزقك بواحد يحبك .
زمّ شفتيه بضيق مصطنع وأكمل :
نسيت إنك ضد الجواز والعلاقات السوية !
يكاد يُقسم أنه سمع صوت احتكاك أسنانها ورأى نيران الغضب تتأجج في عيناها ، فابتسم براحة وقد حقق مراده وعاد بنظره للطريق فلاحظ اقترابهم من موقع آدم .
بعد صمت دام لدقيقتين وعشرين ثانية صدع صوتها بهدوء شديد رافعة رأسها بقوة زائفة :
مش حبيت الفكرة وارتبط أصل قررت أخوض التجربة .
كانت تنتظر رؤية غضبه ثورانه ولكنه دمر كل توقعاتها ورسم بسمة متسعة على شفتاه مردداً بسخرية مبطنة :
ومين تعيس الحظ ؟
كتمت غضبها بصعوبة وردتّ بثبات انفعالي :
شخص فاهمني وبيحبني مستحيل تعرفه في يوم أصله بيحب يصاحب ناس في نفس مستوى تفكيره .
أطلق ضحكة عالية هازئة وهو يصف سيارته بعدما رأى سيارة آدم :
أخيراً هشهد على أول علاقة توكسيك !
رمته ببسمة صغيرة باردة راسمة تعابير اللامبالاة ثم ترجلت من السيارة متجهة جهة آدم الجالس بداخل سيارته أمام البحر .
دقت على الزجاج وجوارها ثائر فترجل آدم يرمقهم بنصف عين :
ماذا ؟
هتف ثائر بجدية :
ماذا أنتَ تختفي فجأة هكذا وتتركنا نقلق عليك !
جلس على مقعده بتكاسل مردداً بنبرة خافتة :
لا أعتقد ذلك .
أغمض عيناه مستعد للنوم وأكمل بكسل :
ارحلوا لن أعود .
أردفت توبا بدهاء :
حسناً هيا بنا لنرحل يا ثائر يبدو أنه لا يريد الاطمئنان على ملاك بعدما تركت البيت ورحلت .
فتح الآخر عيناه بسرعة يسألها بقلق :
ماذا بها ملاك ؟
زمت شفتيها بضيق وأردفت :
تركت البيت بعدما مرت بحالة من الانهيار بسبب ذهابك وشجارها مع يامن .
سألها بقلق شديد :
وأين هي الآن ؟
أجابت ببسمة صغيرة بعدما استطاعت إقناعه في الرجوع :
في بيت العائلة القديم في القاهرة .
أغلق باب سيارته وانطلق بها بسرعة ، فتحرك ثائر لسيارته حتى يذهب خلفه وقبل أن يصعد نظر بجانبه ولم يجدها فاستدار ووجدها تجلس أمام البحر ، عاد لها صائحاً بتعجب :
أتحركي يلا .
وضعت الحقيبة جوارها على الرمال وضمت ساقها
لصدرها متنهدة بعمق ثم ردتّ بهدوء :
امشي مش هاجي .
نظر حوله بنفاذ صبر فتلك الحمقاء تريد الجلوس بمفردها أمام البحر وفي المساء :
قومي وكفاية كده النهارده مينفعش اسيبك لوحدك .
نهضت وحملت حقيبتها وتحركت بعيداً عنه فصرخ ثائر بغضب :
توبا متعصبنيش واركبي العربية ..
التفتت صارخة عليه بغضب مماثل له :
أمشي يا ثائر مش أنا مش فارقة معاك ..
أكملت سيرها مرددة بنبرة مختنقة :
خوفك ملهوش لازمة يا ثائر .
صعد ثائر لسيارته وظل يراقبها حتى اختفت من أمام عينه ثم انطلق بسيارته بسرعة ليبدأ البحث عن آفاق بمساعدة عُمر قبل أن يعرف آدم .

بعد عدة ساعات :
ركض آدم على درج البيت الصغير بقلق ينهش قلبه ثم دفع الباب الشبه متهالك وصوته يصدع :
صغيرتي ..
وقع نظره على الصغار الجالسين في الصالة فتقدم الصغير آدم منه مشيراً على غرفة الاستقبال :
موجودين هنا .
ثم عاد وجلس جوار رفيف يُكمل لعب معها ، تحرك للداخل حيث غرفة الاستقبال وهتف بنبرة دافئة وهو يفتح ذراعيه لملاك :
كيف حالك صغيرتي ؟
رفعت ملاك رأسها من بين ساقها فور سماعها لصوته ونهضت تحتضنه بشوق ، بادلها العناق وعيناه تنتقل بين ماضي الواقف ينظر له بأعين حزينة رغم بسمته التي طلت بسعادة ثم عاد بنظره ليامن الواقف جوار النافذة في صمت ولم يلتف عند سماع صوته .
بكتّ ملاك بشدة فزاد من ضمها مردداً بحنان :
كيف تذهبي دون علم أحد ألا تعلمي أن الجميع سيقلق عليك !
ردتّ من بين شهقاتها :
أردت الجلوس بمفردي قليلاً .
رفعت عيناها له فلاحظت علامة الحبل على رقبته التي تغيرت للون الأزرق والأحمر فهتفت بقلق:
ما هذا رقبتك مصابة !
رفع ياقة قميصه ليخفي العلامة ونسى أن كفه مصاب ومخطى بالدماء فشهقت ملاك بفزع وهي تمسك بكفه مع التفات يامن بقلق عندما شهقت واقتراب ماضي منهم :
ماذا حدث يدك مصابة !
سحب كفه منها وأردف بلامبالاة :
لا يهم صغيرتي الأهم الآن أنتِ ..
قاطعه ماضي وهو يبعد قميصه من على رقبته وعيناه مسلطة على الجرح بتفحص ثم عقد حاجبيه بغضب وعيناه تتحرك لكفه يجذبه رغم اعتراض الآخر :
علامة شنق وجرح في كفك ، من الوغد المتسبب في ذلك !
سحب آدم كفه بملامح مُبهمة :
ضريبة أعمالي وأخرى ضريبة تسامحي ..
كاد ماضي أن يعيد سؤاله فقاطعه آدم بجدية وعيناه تفحص الشقة :
الأفضل أن تتحركوا من هنا فالبيت متهالك .
أدار عينه عند استماعه لصوت المولود " إياد " فرأى ماسال تدخل به بعدما استيقظ من النوم ، جعد حاجبيه بتعجب :
أين آفاق ؟
نظر أربعتهم لبعض بتوتر فأكمل بقلق :
أين ذات الجدائل ؟
استمع لصوت توبا التي دخلت للتو :
ذات الجدائل خاصتك حزينة وكانت بحاجة للعناق فعانقتها قليلاً وتركت بقية العناق لك .
التفت فوقعت عيناه على آفاق الواقفة جوار توبا ترميه بنظرات غريبة لم يستطع فهمها ، تقدم منها وعيناه تطوف على وجهها بقلق :
لما الحزن يا ذات الجدائل ؟
ردتّ باقتضاب وهي تتحرك للخارج :
من الأفضل نتحدث بمفردنا .
التفت يحادث ملاك وهو يتحرك خلف آفاق :
أخرجوا من ذلك البيت سيسقط فوق رأسكم .
هتفت توبا بتعجب :
هو أول مرة يشوف بيوت قديمة !
هزت رأسها بعدم اهتمام وترجلت صاعدة لسيارة الأجرة فبعدما تركت ثائر ذهبت لتبحث عن آفاق وقبل أن تجدها وجدتها تهاتفها فأجابت عليها بسرعة وسمعتها تطلب منها المجيء فهي لا تعلم أين تذهب .
ماذا بك يا ذات الجدا..
وقفت أمام السيارة في انتظار أن يفتحها ففتح باب السيارة لها وصعدت ثم صعد وانطلق بها حتى خرج من الحارة وتوقف جانباً ، التف يسألها بقلق :
ماذا حدث ؟
أدارت رأسها صارخة في وجهه بغضب :
أنت كذبت عليّ وقُلت أنك ضابط وفي الحقيقة أنك قاتل !
ردّ بتعجب من انفعالها :
أخبرتك سابقاً وأنتِ من رفضتي التصديق فقررت ألا اضغط عليك حتى لا تخشيني .
أكملت صراخها بغضب :
تتحدث عن أشياء سخيفة وغريبة على أنك قاتل ومصارع وأحد رجال المافيا الإيطالية ماذا تريد مني أن أفعل انبهر بإنجازك وأضمك فخراً !
ازدادت أنفاسها بشراسة ورمته بنظراتها الغاضبة :
كيف تعيش حياتك بذلك الهدوء وفي يدك دماء الكثير من الأبرياء !
انخفضت بنظرها أثناء إلقاء جملتها فرأت الدماء تغطي كفه فشهقت بفزع :
ماذا أصابك ما بها يدك !
التقطت كفه تتفحصه بقلق فجذب الآخر كفه مردداً بصدق :
أقسم لم أقتل أبرياء من قبل ، كل من قتلتهم كانوا من أسياد العالم المظلم .
هتفت بضيق وتعجب من تبريره :
ليس من حقك قتلهم يوجد قانون نحن لسنا في الغاب !
رددّ ببديهية :
أمثالي لا يعرفون غير شريعة الغاب ، كبرت على أن الضعيف يموت والسلطة للأقوى وبالرغم من ذلك وضعت عدة مبادئ لا اتعداها .
صمت لوهلة يرى ملامحها اللطيفة التي تحولت لأخرى غاضبة ثم أكمل :
لا ذنب للأبرياء فيما أحدثه الأوغاد ..
انفلتت ضحكة ساخرة منها :
في النهاية تزوجت قاتل وأنا من اهرب من المتسببين في موت أسرتي !
مدّ يده وأمسك بكفها الصغير مردداً بصدق :
لم أختار طريقي يا آفاق أقسم .. لا تقلقي مني قد أبدوا قاتل في نظرك .
انفلتت ضحكة صغيرة منه فرمقته بتعجب ثم اكمل :
في الحقيقة أنا كذلك ولكن مستحيل أن أوذيكِ ، أما بالنسبة لأبناء أعمامك الحمقى فلنّ يستطيعون إيذائك وأنا على قيد الحياة .
رفع كفها لفمه وطبع قُبلة صغيرة دافئة في باطن كفها مما تسبب في رعشة أصابتها ثم تمتم بصدق وبسمة صغيرة داعبت فمه :
إن وصل الأمر لموتي أموت من أجلك آفاق !
سحبت كفها بخجل شديد حاولت إخفاءه وسألته بتوتر :
ما زلت في طريقك لم تتركه ؟
ضم شفتاه بضيق وأجاب بصدق :
حقاً لا أعلم في أي طريق أنا ..
أخرجت أدواتها الطبية التي تحتفظ بها في حقيبتها دائماً وجذبت كفه برفق وبدأت في تطهير الجرح ثم رفعت عيناها على رقبته ولاحظت العلامة الزرقاء على رقبته فمدتّ يدها تلمسها بأصابع مرتعشة وعيناها تراقب الخط الكبير على رقبته كلها .
هتفت بقلق :
ما هذا يبدو وكأنه علامة حبل !
رفعت عيناها فقابلت خرزتيه العسلية التي تشبه خاصتها فرددتّ وهي تتراجع للخلف وعيناها لم مازالت مُعلقة بعينيه :
ستحاول الابتعاد عن طريقك ؟
أمسك كفها الموضوع على رقبته وقّبل باطنه مرة أخرى بعمق ثم تنهد مطولاً وأردف بنبرة هادئة صادقة :
وعيناكِ لأحاول يا ذات الجدائل .

في الصباح :
استيقظ آدم بكسل على صوت الطرقات المستمرة على حجرته فنهض وفتح الباب وقبل أن يصرخ بحنق وجد من تصرخ في وجهه بهلع وأولته ظهرها :
استر نفسك إيه ده !
حرك أهدابه عدة مرات بعدم استيعاب ثم عاد للداخل وارتدى قميصه بإهمال وسقط على الفراش ليكمل نومه ، التفتت آفاق بعدما لم تسمع صوته ثم دخلت للغرفة ووجدته نائم على بطنه في منتصف الفراش بشكل مائل فصاحت بحنق :
انهض الظهر اقترب وما زلت نائم ..
رفع يده يحركها بعشوائية في الهواء ورددّ بصوت أجش :
استيقظ على العصر أخرجي من غرفتي .
جزت على أسنانها بغيظ :
انهض أيها الكوالا أخيك هاتفك كثيراً ولم تُجيب واتصل بيّ وأخبرته عن عنوان الفندق .
استمعت لصوت دقات على الباب ففتحته لماضي بعدما أخبرت إدارة الاستقبال عن قدوم زائر ليتركوه يصعد .
هتفت بحنق وهي تخرج من غرفة آدم وتعود لغرفتها المجاورة له :
الكوالا نايم هروح أصلي .
تنحى جانباً لتمر ثم دخل ورمق ذلك النائم بعمق فجلس جواره ومد يده يهزه برفق :
آدم .
همهم الآخر بكلمات غير مفهومة فناداه مرة أخرى وهو يهزه بقوة أكثر :
أيها الكسول انهض .
صاح الآخر بحنق شديد :
تباً لآدم وللاستيقاظ مبكراً و ..
ابتلع باقي حديثه عندما فتح عيناه وأبصر ماضي الجالس يبتسم باتساع وأردف بمرح :
وتباً ليّ أيضاً أليس كذلك ؟
اعتدل في جلسته ورددّ باقتضاب :
لا كنت أحلم فقط .
دفعه ماضي في كتفه بمزاح :
لا تتحدث معي وكأننا متخاصمين ..
أشاح آدم بوجهه للجهة الأخرى فاحتضنه ماضي على غفلة بقوة فسقط الاثنين من فوق السرير ، صدع صوت آدم المتألم :
ظهري ..
نهض ماضي من فوقه وجلس جواره وصوت ضحكاته يصدع بصخب فاعتدل الآخر وقبل أن يتحدث وجد ماضي يعاود احتضانه مرة أخرى مردداً بنبرة دافئة :
أسف يا أخي لم أقصد ما فعلته .. أقسم أنني نادم وأقسم مرة أخرى أنني أحبك .
زفر آدم بضيق مصطنع وهو يبادله العناق والبسمة تزين وجهه بسعادة :
حسناً توقف عن احتضاني سامحتك .
أبتعد ماضي عنه بأعين بريئة وبسمة واسعة :
ستعود معي للبيت ؟
ردّ الآخر بحاجبين معقودين :
ليس لتلك الدرجة فقط سأزور الصغار وملاك دائماً وسأستقر في الفندق حتى أنتهي من مشكلة آفاق .
ثم ؟
استمع لسؤال ماضي بدهاء لاحظه فتوترت ملامحه قليلاً فهو لا يعلم ماذا سيفعل بعد هل سيتركها تبتعد عنه أم ماذا وإن بقت لما ستبقى !
أجاب بثبات وبساطة :
نتطلق وأعود لإيطاليا وأزوركم كل مدة .
كتم ماضي ضحكة صاخبة كانت على وشك الانفلات ورددّ بصعوبة :
أجل بتأكيد ستطلقها في النهاية أنتم مجرد أصدقاء .
استمعوا لصوت دقات على الباب فنهض ماضي يفتح لها وترك آدم يرتدي ملابسه حتى يذهبوا جميعاً لجده كما طلب منهم .
بعد مدة خرج آدم من الفندق وبرفقته آفاق ثم صعد لسيارته وتحرك للقصر وماضي خلفه لا يستطع ملاحقة سرعته فذلك الأحمق يقود بسرعة جنونية مثله .
صرخت آفاق برعب وهي تتشبث في المقعد :
هموت يخربيت جنانك الحقوني !
اتسعت بسمته مردداً بنبرة لطيفة وقد ظن أن صياحها سعادة بسبب سرعته :
تُحبين السرعة يا ذات الجدائل ما رأيك بالموسيقى مع زيادة السرعة أكثر ..
صرخت في وجهه برعب :
موسيقى إيه يا اللي هتشلني بقولك مش قادر..
ابتلعت باقي حديثها وهي تتقيأ على قميصه فصرخ الآخر باشمئزاز وأوقف السيارة جانباً ، فتحت باب السيارة وظلت تتقيأ بقوة فتوقف ماضي خلفهم وترجل من السيارة صارخاً على آدم :
أيها الصغير أين تظن نفسك أنت في مصر من الممكن أن تفتعل الكوارث !
رفعت آفاق عيناها على ماضي مرددة بهلع :
مش هركب معاه تاني مستحيل .. آه بطني .
ضم آدم ذراعيه لصدره هامساً بتذمر وعيناه على آفاق التي ركضت صوب سيارة ماضي وصعدتها :
أردت إسعادها فقط !
بعد وصولهم للقصر وقع نظر آدم على ملاك الجالسة بوجه شاحب حزين وكأن زاد على عمرها مئة عام آخرين ، جلس جوارها طابعاً قبلة على خصلاتها مردداً بنبرة حنونة :
كيف حال صغيرتي ؟
رسمت بسمة صغيرة طلت فاقدة للحياة كصاحبتها :
بخير وأنت ؟
ردّ بمزاح :
آفاق تقيأت على قميصي ولكن أصبحت بخير عند رؤيتك .
دخل يامن ورمى السلام على الجالسين ثم جلس جوار أمه وأخيه وعيناه لا تتحرك من على ملاك وإن تحركت يضعها على آدم الجالس جوارها ويشاكسها فيرمقه بغضب .
خرج مخلص من مكتبه وجلس على مقعده ثم تحدث بنبرته الهادئة الرزينة كالمعتاد وبالإنجليزية ليفهم باقي أفراد عائلته الكبيرة :
علمت بفعلة يامن وأعلم أنه مخطئ وسمعت عن رحيلك يا ملاك وتضايقت من فعلتك أما آدم فتضايقت من ردة فعلك .
سأله آدم باستغراب :
وماذا فعلت لتتضايق ؟
أجاب الآخر بهدوء :
ذهبت دون علم أحد وتركت القصر وأخذت زوجتك وكأنك بلا عائلة ألا يحق ليّ أن اتضايق !
ردّ آدم وعيناه تطوف على يامن بجمود :
إن كنت بقيت دقيقة واحدة لكُنت قتلت حفيدك .
اتسعت بسمة يامن بسخرية والغضب يتطاير من عينه :
مازال الوقت معنا فلنرى من يستطع قتل الثاني ..
نهض آدم من على الأريكة ببطء ثم تحرك خطوتين ووقف أمامه مع انزلاق بسمة صغيرة على شفاهُه وميل رأسه قليلاً رامقاً يامن باستهزاء :
لا تتحدث بثقة فالشرير يفوز في نهاية الرواية يا فتى .
نهض يامن مبتسماً ببرود ثم تحرك متقلصاً المسافة بينهم :
سأخيب أملك ولكن لا يوجد رواية انتصر فيها الشرير يا صغير .
ضرب مخلص بالعصا على الأرض مرتين وصاح بنبرة حادة وهو يرى غضب يامن وقد وصل لذروته :
لا أريد سماع كلمة واحدة وأجلسوا .
عاد يامن للخلف احتراماً لجده وقبل أن يجلس استمع لصوت آدم المستفز :
بلا يوجد روايتي حيثُ يقوم البطل الشرير بقتل زوج شقيقته بعنف !
جذب ماضي آدم يعيده للأريكة وتحرك الآخر معه دون مقاومة وبسمته المستفزة تتسع فرفع يامن عينه من على زياد الذي جذبه هو الآخر تحت اعتراضه ورمق آدم بغضب فغمز له الآخر مما زاد من غضب الآخر .
هتف مخلص بحدة :
لستُ هنا لأسمع شجاركم الغبي ، نحن هنا لنحل المشكلة .
التفت لملاك وأكمل بنبرة هادئة :
اللي أنتِ عايزاه هعمله ..
رمقت يامن بجمود وردتّ :
يطلقني .
أردف مخلص بهدوء بعدما رمى يامن بنظرة حادة حتى لا يتدخل :
متنسيش إن معاكِ طفلين وكمان لسه والدة يعني طلاقك صعب .
صاحت ملاك بانفعال على جدها فرمقها الجميع بصدمة من فعلتها :
يعني إيه صعب مفيش حاجة صعبة وهيطلقني وإلا تصرفي مش هيعجب حد .
حملت صغيرها الذي بكى بيد يد ماسال وصعدت بخطوات غاضبة لترضعه ، حمحمت آفاق بحرج :
أسفة لو كنت بدخل في المشاكل العائلية بس ممكن يكون انفعالها وتصميمها بسبب اكتئاب ما بعد الولادة .
سألها ماضي بجهل :
يعني إيه ؟
التفت بقية الأعين لها منهم من يعلم مقصدها كالنساء أما الرجال فكانوا يرمقونها بتعجب ، أكملت بطريقة مبسطة :
يعني الست بعد الولادة بتكون عدوانية وعندها تقلبات مزاجية وزعلانة دايماً وبيكون بسبب التغيرات الهرمونية في جسمها والضغوطات وحاجات كتير زي إنها تحس نفسها قليلة ووحشة ، المشكلة أنه مش حاجة ينفع الاستهانة بيها لأنها ممكن تأذي نفسها أو الولد .
دبّ القلق في قلب ماضي ويامن الذي نهض ليطمئن عليها خوفاً من أن تؤذي نفسها ، فتح باب الغرفة بعدما دق الباب واقترب من الفراش .
هتف بنبرة صادقة يتخللها الحزن :
أسف يا ملاك وأوعدك من بكره هطلب من القائد اسيب القضية وتقدري تقعدي براحتك في القصر أو شقة ماضي ومش هظهر قدامك لغاية ما تحبي تشوفيني هكون جنبك وقتها .
لم تستدير لتنظر له ومع ذلك سمع بكائها المكتوم فانخفض بتردد وطبع قُبلة على خصلاتها ثم أبتعد عنها ورحل بسرعة من القصر تاركاً لها حرية البكاء براحة .

في الأسفل :
همس آدم بفضول :
ما الذي قُلتيه للتو حتى انتفض الأحمق وصعد للأعلى .
ردت بتوضيح :
أخبرته أنها قد تكون مصابة باكتئاب ما بعد الولادة .
كاد أن يُكمل أسئلته فقاطعه صوت رنين هاتفه وأجاب عندما قرأ الاسم :
آدم سُفيان معك أسمعك ..
ضحكت توبا وهتفت وهي تترجل من سيارة الأجرة أمام القصر :
أريد خدمة من السيد آدم سُفيان .
سألها بقلق وقد ظن أن الرجل عاد يلاحقها :
ماذا أصابك شيء ؟
ردتّ بضيق شديد :
لا لست أنا آدم الصغير من أصابه ..
قصت عليه ما فعله ذلك المختل مستمعة لهمسه الغاضب بعدما نهض بعيداً عن البقية :
ذلك المريض الوغد كيف يؤذي طفل أقسم إن رأيته لأقتله !
زفرت مطولاً بضيق وقد أصبح الهم والحزن رفيقيها منذ مدة طويلة :
أنا أمام القصر أريد أخذ آدم وأجري تحليل طبي عليه ثم أعيده وبالتأكيد بعد ما حدث لن نخرج بمفردنا فماضي سيرفض .
رددّ بتفكير :
تعالي للقصر وسأحاول أخذه ولكن ماسال لا تثق بيّ !
صمتت تفكر فيما ستفعل ثم صاحت بصوت مرتفع :
وجدتها أسحب الدماء منه وأحضر لي الإبرة وسأذهب للمعمل ليفحصه .
أكملت بجدية :
أنا أمام القصر انتظرك لا تخبر أحد بما أخبرتك .
أغلق معها وبدأ في البحث عن أدم الصغير وخلفه آفاق التي ظلت تراقبه بأعين ثاقبة تريد اختراق الهاتف ورؤية من يحادثه ، التف ليخرج من غرفة لعب الأطفال فكان اصطدامه وشيكاً في آفاق التي هتفت بصرامة :
مع من كنت تتحدث ؟
ردّ بمزاح لم تفهمه :
اخونك مع صهباء ..
صرخت بانفعال وهي تقبض على قميصه بقوة :
بتقول إيه يا عنيا !
وضع يده على فمها بسرعة وجذبها داخل الغرفة وأغلق الباب فظلت تتحرك بعنف تحاول التحرر ولكنه حاصرها بينه وبين الحائط هامساً بحنق :
اصمتي سيسمعنا من في الخارج ..
همهمت بكلمات غير مفهومة بسبب كفه الموضوع على فمها فأكمل بجدية :
قبل أن أبعد يدي أحتاج مساعدتك أريد إبرة طبية .
أبعد يده عنها فصاحت بصدمة شديدة وهي تخبط يدها على صدرها مع انفلات شهقتها :
ومدمن أيضاً ، يا حظك المهبب يا آفاق !
كتم فمها مرة أخرى وهمس جوار أذنها بعدما استمع لخطوات أمام الباب :
اصمتي أيتها القصيرة الحمقاء لستُ مدمن بل عقلك الابلة هو المدمن للمشاهد الدرامية !
رمقته بحنق وتوتر بسبب قربه الزائد فاستوعب الآخر مدى اقترابهم فرمقها بأعين قط برئ وابتسامة ظنها بريئة فظهرت لها مخيفه :
هل بإمكاني رؤية جدائلك ولو لمرة لأطمئن على صحتهم فقط !
انفرج الباب على غفلة وطلّ من خلفه ماسال ورهف التي شهقت بصدمة وخجل عكس ماسال التي ارتفعت ضحكاتها بشدة ولم تستطع السيطرة عليها ، أبتعد آدم عنها بسرعة وركضت آفاق بعشوائية في الغرفة وهي تصيح بهلع قبل أن تختبئ خلفه :
اتفضحنا اتفضحنا !
سعل آدم بحرج أخفاه ببراعة وهتف بغيظ من ماسال :
أقسم لم أظلمك عندما لقبتك بالساحرة الشريرة ..
أردفت بسخرية وهي تتحرك للخارج ومعها رهف :
بس يا بتوع أحنا صحاب عادي مفيش أي حاجة ما بينا .
دفعته آفاق ومرت للخارج وهي تردد بنبرة شبة باكية :
منك لله هوريها وشي تاني ازاي !
هتف آدم بإلحاح :
أريد الإبرة فلا أعلم أي مشفى قريبة من هنا .
فتحت حقيبتها ورمت الإبرة في وجهه بغضب فتفادها ثم خرجت للحديقة ، أكمل بحثه حتى وجد آدم نائم في غرفته بعدما رفض النوم في غرفة أبيه وأمه فقد رفض إنهاء واجبه وقرر أبيه معاقبته بألا يلعب بحاسوبه حتى ينهي واجبه .
همس آدم بحنق :
بحثت في القصر كله وفي الآخر أجدك بغرفتي !
جثى على ركبتيه أمام الصغير وأخرج الإبرة ثم أمسك بيدّ الصغير ودس الإبرة في وريده بخفة وسحب الدماء ثم نهض وطبع قُبلة على وجنتيّ آدم وخرج من الغرفة بعدما خفى الإبرة في جيبه .

في حديقة القصر :
ظلت توبا تتحرك ذهاباً وإياباً بتوتر في انتظار قدوم آدم فبعدما وقفت خارج القصر ناداها الحارس لتدخل فقررت الدخول وانتظاره في الحديقة حتى لا يشك أحد في الأمر .
ارسل آدم لها رسالة بأنه سيراها عند المسبح فآفاق تجلس في الحديقة ، تحركت للمسبح وهي تراسله بألا يتأخر ثم رفعت رأسها وتجمدت قدمها في الأرض وهي ترى ثائر يجلس برفقة تلك المعلمة ويضحك بشكل جميل وابنه يلعب حولهم .
لاحظ ثائر وقوفها فتجاهلها وأكمل حديثه مع رقية ، ضمت قبضتها بعنف حتى أصابت أظافرها باطن كفها ورفعت رأسها بشموخ وتحركت تقف أمام المسبح متجاهلة وجودهم .
فقرر ثائر استفزازها بعدما لاحظ توقف رقية عن الضحك وناداها :
توبا إيه الزيارة الحلوة دي !
التفت ترمقه بجمود :
أهلاً .
أشار على رقية وأكمل :
أعرفك آنسة رقية .. رقية توبا تبقى أخت ماسال وصديقة العيلة .
نهضت رقية ومدتّ يدها لتصافحها :
أتشرفت بمعرفتك .
صافحتها توبا بقوة تعجبت الأخرى من عنفها :
فرصة سعيدة إني شوفتك .
عادت رقية لتجلس جوار ثائر الذي هتف بمزاح ساخر :
من كتر شغلها مع الرجالة اكتسبت صفات عنيفة شوية ..
تجاهلته بصعوبة وضمت كفها اكثر ثم ظلت تعد من واحد لمئة حتى تتمالك أعصابها وفشلت فتحركت بخطوات عنيفة ، وقبل أن تتحرك إلا بضع خطوات توقفت على صوت آدم :
توبا انتظري .
التفتت فجعد الآخر حاجبيه باستغراب من عيناها التي اختلط البياض باللون الاحمر والغضب الظاهر على وجهها ومدت يدها :
أعطني ..
رمق الدماء العالقة بين أظافرها وجروح كفها وفهم سبب غضبها فأشار لها بالتحرك وأردف بنبرة مرتفعة حتى تصل لثائر :
سأذهب معك ليطمئن قلبي .
وكما توقع غضب الآخر من قربهم وفتح آدم باب السيارة لها ومساعدتها على الصعود بسبب ارتفاع سيارته حتى لا تضغط على قدمها وتحرك بعيداً عن القصر .
هتف آدم بسخرية :
أنتم الاثنين حمقى .
أردفت بحنق :
بل هو الأحمق في كل مرة يراني يعاملني وكأنني عدوته !
ردّ الآخر ببديهية :
لن أنكر أنك مخطئة ولكنه أيضاً مُخطئ لأنه سمح لك بالرحيل ، من المفترض أن يمنعك من الرحيل قسراً .
رمقته بتعجب شديد :
هل أنت سادي !
أكمل آدم دون أن يجيبها :
ولكنه يظن نفسه رجل راقي وترك لك حرية الاختيار ..
زفرت بضيق ثم هتفت مغيرة الموضوع :
دعك من ثائر وركز معي أحتاجك في عمل وموافقتك ستنقذني من مأزق كبير .
أردف بجدية :
بالتأكيد موافق إن كان الأمر مهم لتلك الدرجة ولكن ما هو العمل ؟
ارتسمت بسمة ممتنة على فمها ورددتّ بتوضيح :
ستكون عيني داخل بيت غياث المصري ستتعين بصفتك الحارس الشخصي له .
سأله باستغراب :
ولما كل ذلك سأجد لك معلومات عنه إن أردتِ .
هتفت بضيق :
كل المعلومات الظاهرة لا تدينه بشيء .
أردف بخبث :
إذن لاستخدم أساليبي الخاصة .
رمقته بريبة شديدة فأكمل حديثه :
أظن أن قائدك لن يوافق ؟
ابتسمت بدهاء :
ومن أين سيعلم هذا العمل بيننا .
هز رأسه بفهم فابتسمت الأخرى بامتنان :
أنت صديق رائع آدم .

تاكسي فاضي ؟
هتفت آفاق وهي تشير لسيارة الأجرة بعدما خرجت من القصر فور ذهاب آدم دون أن يراها أحد ، أملت السائق العنوان وبعد مدة ترجلت ودخلت مطعم ثم بحثت عن أحد بعيناها ولم تجده فجلست في انتظار قدومه .
مرت نصف ساعة ومازالت جالسة ترتشف العصير فكادت أن تنهض لترحل وتوقفت مع سماعها لكلمات أحد من خلفها :
الشنطة ضاعت في المطار وتأخرت بسببها .
اتسعت ابتسامتها بفرحة وعيناها تلتمع بشوق :
مرام .
اندفعت لتعانقها فتراجعت الأخرى خطوتين للخلف مرددة بجمود :
مش بحب الحضن بذات لو كان مصطنع .
ابتعدت آفاق عنها بحزن وحرج ولم تسطع الرد عليها فأشارت لها بالجلوس وسألتها الأخرى باقتضاب ومازالت ترسم الجمود على وجهها وترمقها بأعين قاسية :
قولتي في حاجة مهمة خير ؟
أردفت الأخرى بنبرة هادئة :
تشربي إيه الأول ؟
هزت رأسها بلا شيء فأكملت آفاق بتردد :
طبعاً عارفة عن الكنز اللي بابا سابه لينا ..
قاطعتها مرام بكُره :
اللي سابه لبنته المفضلة من مراته المفضلة مش لبنته من مراته الأولى صححي جملتك .
ردتّ آفاق بضيق من هجومها المستمر عليها منذ صغرهم :
بابا بيحبك وكان رايح يجيبك عشان تعيشي معانا و..
قاطعتها مرام بنفاذ صبر :
أنا مش جاية هنا عشان أسمع تبريراتك عن بُعد أبويا عن بنته ، الكل عارف إن أمك خطفته من أمي والسبب في موتها زي ما السبب أنه يسيبني عند خالتي عشان راحتكم .
رمقتها آفاق بضيق فمهما تحدثت لن تتغير :
الكنز حقنا دي وصية بابا غسان بيطاردني عايز الكنز وأنا تعبت من الهرب من بلد لبلد عشان أحمي حقنا وأنتِ مش موجودة .
زفرت الأخرى بملل وهي تنهض لتغادر :
الكلام ملهوش لازمة معاكي .
تحركت آفاق خلفها بخطوات سريعة وهتفت بنبرة مرتفعة لتجذب انتباهها :
مش فارق معايا الكنز الموجود بتاعك كله .. أنا عايزة حق موت أبويا وأمي منه .
لاحظت توقفها فأكملت بغضب ورغبة في الانتقام لم تهدأ منذ صغرها وصورة أمها لا تفارق خيالها :
عايزة اقتله بأيدي وأشوفه بيتعذب زي معذبهم .. عايزة أشوفه بيتمنى الموت على اللي هعمله فيهم !

مساء الخير ♥️
أتمنى البارت يعجبكم ومتنسوش الڤوت والكومنت 😡😂♥️♥️♥️

Continue Reading

You'll Also Like

1.4M 136K 139
مراهقه دفعها فضولها للتعرف على الشخص الخطأ وتنقلب حياتها بسبب هذا الفضول.
292 60 12
افكار تراودني منذ تلك الحادثه وكل شئ تحول رأس علي عقب الكل ظهر علي حقيقته أدركت الان الحقيقه حسناً هناك عديد من الأشياء التي تظهر الي غريبة الاطوار و...
4.4K 251 25
بعض الأمور تحدُث في الماضي تُغير مَجري الحاضر تُغيير أحداث بغير أرداتنا تغير مستقبل ولكن ستتغير للأفضل ....أَم للأسوء! "ماذا لو بنُيت حيا...
1.1M 78.2K 83
الجروح أدمت قلوبهن ومازالت كلًا منهن تحارب للبقاء، مذاق الألم لا يفارق حلقهن، جروحهن متشابهة ولكن لكلًا منهن حكاية خاصة هي ضحيتها، الأولى نهشتها الذ...