كل الآفاق تؤدي إليك

By 17YASMINaA

2.6K 240 185

قالوا لك أن طرقكم لا تتلاقى وأن الحب لا يليق بنا .. وأنا أخبرك سراً " رغم البُعد الذي بيننا لا يوجد أقرب منك... More

اقتباس
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
اقتباس
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
اعتذار
الفصل العشرون
تنويه هام
تنويه هام ( أجمعوا هنا ضروري )
الفصل الواحد والعشرين
الفصل الثاني والعشرين
اقتباس
الفصل الثالث والعشرين
الفصل الرابع والعشرين
تنويه هام

الفصل السابع

57 7 2
By 17YASMINaA

يا خائن تخونني من أول يوم زواج !
صرخت آفاق بجملتها على آدم الواقف يرمقها بتعجب وريبة فهو للتو دخل للملحق معها بعدما رفض ماضي تركه متحججاً بأمر غسان ، وأخبرته بأنها ستدخل للمرحاض ثم تخرج للتحدث معه في أمر مهم وعند خروجها صرخت عليه حتى افزعته ورمى الهاتف من يده .
صاح بفزع :
ماذا حدث ماذا !!
أردفت بنبرة ساخرة وهي تقلده :
عزيزتي ماري أنا أيضاً اشتقت لك سأراكِ قريباً بالتأكيد ..
رددّ بتعجب :
وما المشكلة !
رفعت سبابتها في وجهه بتهديد :
إن لم تحترم كوني زوجتك أيها الضخم الإيطالي ستحزن كثيراً مني .
اقترب منها خطوتين مردداً بنبرة ممازحة خبيثة :
أتغارين على زوجك الحبيب يا ذات الجدائل !
توترت لوهلة ثم ردتّ بتلعثم واندفاع :
بالتأكيد لا .. فقط أريد أن تحترمني كما أفعل معك .
أردف بصدق :
ولكنني احترمك بالفعل تلك الفتاة صديقتي في العمل فقط .
أصدرت صوت غريب من فمها ووضعت يدها في خصرها مرددة بطريقة غريبة ولكنه فهم أنها هكذا تتشاجر معه :
صديقة إيه يا عنيا لا بقولك إيه خلي الأيام تعدي ما بينا على خير وإلا هسود عيشتك ..
جلس على الأريكة وسألها بنبرة هادئة متجاهلاً صراخها عليه :
ماذا تريدي أن تخبريني إياه يا ذات الجدائل ؟
جلست جواره وأجابت بجدية :
في البداية أشكرك على مساعدتك ليّ وأريد إخبارك أننا أصدقاء وبعد التخلص من غسان ستطلقني ..
صمتت لوهلة ترى تأثير حديثها عليه فقابلت هدوء ملامحه ثم أكملت :
أنت ما زلت غريب عني ولا أعرف عنك الكثير غير أنك الشخص الذي انقذني ومازال يحميني ، وما زلت لا أصدق ما فعلناه وأنني تزوجت بك .. بأنني تزوجت من الأساس !
أردف بصدق :
لن أُخيب ظنك بيّ آفاق .
ابتسمت له بامتنان ثم تذكرت شيء وسألته :
لما تُسمى بآدم سُفيان وأخيك يسمى بماضي حامد هل أنتم إخوة من آلام ؟
أجاب بتوضيح :
سُفيان يكون قدوتي في الحياة ومن أنقذني من الضياع ليضعني على طريق الحياة ..
صمت لوهلة ثم أكمل بجمود تشكل على وجهه :
نحن إخوة من الأب ولكن ذلك الرجل رفض أن يعترف بيّ لذلك لا أحتاج لاسمه أن يوضع خلف اسمي .
نظرت له بحزن وشفقة فأردف بمزاح :
الأمر لا يحتاج للشفقة يا ذات الجدائل أنا بخير أمامك ومحبوب لدى العائلة الذي رفض أن يُعرفهم عن وجودي !
رغم نبرته الممازحة واللامبالية إلا أنها شعرت بحزنه فاحتضنت كفه مرددة بلطف :
وإن دلّ هذا على شيء يدل على أنك رجل قوي وشجاع .
استوعبت فعلتها فابتعدت عنه بحرج ثم نهضت تتثاءب بنعاس مصطنع وهي تدفعه للخارج :
داهمني النعاس تصبح على خير .. هيا أذهب للقصر أريد النوم .
ابتسم على حماقتها وتوجه للخارج مردداً وهو يستمع لإغلاق الباب :
ليلة سعيدة ذات الجدائل .

في الصباح :
خرجت توبا من شقتها بعدما أجبرت ماسال على العودة لزوجها والوقوف جواره في أزمة شقيقته ، ترجلت من المبنى وصعدت لسيارتها ترمق بتركيز المعلومات الذي أرسلها إحدى مساعديها .
دق هاتفها فأجابت وهي تُدير السيارة :
صباح الخير يا فندم .
ردّ القائد :
صباح النور وصلك معلومات غياث المصري ؟
أردفت بعملية :
أيوه وفي طريقي لشركته .
أتاها صوت الآخر يخبرها بأن تحترس وتنتهي تلك القضية بسرعة ثم أغلقت معه ، بعد مدة توقفت أمام مقر شركات غياث المصري وظلت تنتظر قدومه بملل حتى مرّ ساعة كانت ترجلت من السيارة وجلست فوقها تأكل شطيرة وتحمل كاميرا في يدها .
وقفت بمجرد رؤيته يدخل بسيارته من باب الشركة فركضت باتجاهه حاملة الكاميرا وكادت بعبور البوابة فمنعها الأمن فصرخت عليهم محدثة الفوضى حتى يستمع لها غياث :
أبعد أيدك عني هاخد كام صورة بس مديري هيرفدني لو مكتبتش عن استاذ غياث .
دفعها الحارس وكادت أن تُكمل صراخها فقاطعها صوت صارم :
سبوها ..
ثم التفت لها وأكمل بجدية :
وأنتِ مين ؟
مدتّ يدها لتصافحه تعرف نفسها له :
توبا أنور صحفية في جريدة ***** .
رمقها من أعلاها لأسفلها بتفحص وسألها :
وعايزة إيه يا توبا ؟
أتسعت ابتسامتها وأجابت بحماس :
لازم أكتب خبر قوي ومهم وإلا مديري هيرفدني .
رمقها لمدة بصمت وجمود فزاد ريبتها قبل أن ترتسم بسمة هادئة على شفتيه مشيراً لها بالدخول:
أتفضلي معايا .
تحركت للداخل جواره بعدما تركت الكاميرا بالخارج بسبب إجبار الحراس متعللين بأنه ممنوع التصوير ، فتركتها بصدر رحب فزر سترتها يحتوي على كاميرا صغيرة يرى من خلالها قائدها غير الميكروفون الموضوع في فراشة تزين شعرها .
جلست على المقعد المقابل له مستمعة لصوته الأجش :
سامعك أتفضلي ..
أخرجت مُذكرة صغيرة وقلم أنيق يحتوي على ميكرفون وهتفت بعملية :
ممكن تكلمنا عن قصة نجاحك وتأسيسك للإمبراطورية الكبيرة دي ؟
أمسك بالهاتف وسألها :
الأول تشربي إيه ؟
أجابت الأخرى :
قهوة سادة .
فأخبر مساعدته بالطلب وأجاب على تساؤلها :
أنا زي أي شاب أتخرجت واشتغلت وأسست أول شركة بعد سنتين من المعافرة وبعدين ..
قاطعه صوت اتصال من هاتفها فهتفت بأسف :
ثواني لازم أرد على مديري .
أشار لها بأن تُجيب فتحدثت مع مديرها بنبرة سعيدة :
أيوه يا فندم أنا ...
قاطعها صوت صراخه عليها فصمتت راسمة الحزن والخوف على وجهها :
حضرتك اسمعني بس أنا .. يا فندم !
أنهت جملتها ببكاء وهي تعاود الاتصال به ولم يُجيب فهتفت من بين بكائها وشهقاتها :
رفدني .. هتعملي إيه توبا !
نهض غياث من مكانه وجلس أمامها محاولاً تهدئتها :
أهدي كل مشكلة وليها حل ..
صاحت بنحيب وبكاء شديد استطاعت إتقانه :
مفيش حل كله راح هجيب منين إيجار الشقة ولا علاجي !
حاول الآخر تهدئتها ولكنها كانت منهارة تماماً فهتف بنبرة مرتفعة ليجذب انتباهها :
أحنا محتاجين مسؤول عن السوشيال ميديا للشركة ممكن تعملي المقابلة ونشوف بس أهدي ..
هدأت من بكائها قليلاً ورددتّ من بين شهقاتها وهي تمسح أنفها في كُم سترتها بحركة تلقائية :
بتشفق عليا يعني !
انفلتت ضحكة صغيرة وردّ بمزاح :
مفيش شفقة في الشغل أعملي المقابلة ونشوف إذا كنتِ تنفعي في الشغل ولا لا .
ارتسمت بسمة صغيرة على فمها راسمة تعابير الشكر والفرح ، نهضت لتقوم بالمقابلة كما أخبرها ونجحت فيها بجدارة فقبل قدومها كانت قد درست عن إدارة السوشيال ميديا .
عادت لمكتبه وطرقت الباب ثم دلفت بعدما سمعت إذن دخولها وهتفت بسعادة غامرة :
شكراً لحضرتك مش مصدقة اللي حصل وإني لقيت شغل في نفس اليوم .
نهض وتقدم منها ببسمة هادئة رزينة كهيئته بدايةً من تقاسيم وجهه الهادئة لطريقة سيره وملابسه المنمقة الكلاسيكية غير ذوقه الرفيع كان يبدو كرجل محترم لا يُشك فيه على انه يعمل في أعمال غير قانونية .
مدّ يده مردداً بنبرة هادئة :
أثبتي شطارتك تقدري من بكره تشتغلي .
صافحته بحرارة وشكرته ثم رحلت من الشركة صاعدة لسيارتها متجهة للمشفى لتطمئن على ملاك ، هتفت بسعادة فانتهت للتو من أهم خطوة وهي الدخول لشركة غياث بشكل رسمي مستغلة كل أسلحتها ودهائها :
كله تحت السيطرة يا باشا غياث هيوصلني لهاني عبد الجواد قريب وأقدر ساعتها أثبت التهمة عليهم .

في المشفى :
وقفت ملاك تجمع أغراضها بوجه باهت خالي من الحياة والصغير نائم في سريره تنتظر قدوم ماضي أو آدم لتغادر معهم بعيداً عن القصر فقرارها لا رجعة فيه .
انفرج الباب وطلّ من خلفه يامن الذي أغلق الباب خلفه بسرعة مستغلاً عدم وجود أحد غيرها هاتفاً بلهفة :
ملاك اسمعيني أنا أسف بس والله أنتِ فاهمه غلط أنا مستحيل أحب حد غيرك ..
قاطعه صراخها الغاضب :
كفاية كذب رجعت ليه !
بكتّ بشدة حزناً على ما وصلوا له وأكملت :
أنا عارفة إني أهملتك الفترة اللي فاتت وإني بقيت وحشة ووزني زاد بسبب الحمل بس مش مبرر إنك تخوني .. كان ممكن تستحملني شوية ..
أنهت كلماتها ببكاء شديد وصوت شهقاتها يعلو فحاول الاقتراب منها ليهدئها فدفعته بعيداً عنها محاولة التوقف عن البكاء حتى لا تظهر ضعفها أمامه ، دق الباب ودخلت ليتا التي عرفتها ملاك فوراً .
زمتّ ليتا شفتيها بضيق وأردفت :
أسفه على ما حدث سيدة ملاك وتأكدي أن لا شيء يجمع بيني وبين يامن .
رمقتها ملاك بغضب من وقاحتها ثم ادارت نظرها ليامن الواقف يضرب بكفه وجهه بضيق من قدوم ليتا رغم تحذيره لها بألا تتدخل :
وكمان بجحه !
استدار يامن يرمق غضبها وابتسامتها الصغيرة قبل أن تركض جهة ليتا وتنقض عليها تجذبها من خصلاتها بعنف ، تحرك بسرعة يحاول فض الشجار بينهم أو بمعنى أصح إبعادها عن ليتا التي ظلت هادئة تحاول التحكم في غضبها والتحرر منها دون ضربها .
صرخت ليتا بغضب وقد فاض بها وهي تدفع ملاك بعيداً عنها :
ابتعدي أيتها الحمقاء السمينة ستصعد روحي للسماء بسببك !
ليتا ..
صرخ يامن جاذباً يدها بغضب فرمقته الأخرى بغضب شديد ودفعته بعيداً عنها صارخة بحنق :
أتيت للاعتذار منها عما حدث حتى لا اتسبب لك بمشكلة ولكن يبدو أن زوجتك مجنونة مثلك .. اتركني وشأني !
فتح ماضي الباب تزامناً مع اندفاع ليتا بغضب فرمق يامن الغاضب بتعجب ثم انتقل بنظره لملاك شاحبة الوجه والحزن يطغى على عيناها فاقترب منها بقلق :
حصل إيه مالك ؟
تركته دون حديث وتحركت لصغيرها تحمله ليهدأ بكائه ، فالتفت يعاود سؤاله على يامن :
حصل إيه تاني أتخانقت معاها ؟
زفر الآخر وكاد أن يقترب من ملاك مردداً باعتذار :
ملاك أنا أسف و..
قاطعته بنبرة حزينة هادئة يعلم أنها تكتم البكاء خلفها :
طلقني .
رددّ بحزن على ما وصلوا له :
ملاك !
صرخت بحرقة وغضب عارم :
لو راجل طلقني وإلا ..
صمتت لوهلة تتنفس بعنف والدموع خانتها وسالت على وجنتيها ثم أكملت :
هخلعك يا يامن !
صدع صوته بغضب وهو يندفع باتجاهها :
ملاك ألزمي حدودك أنتِ أتجننتي !
منعه ماضي من التقدم واقفاً في وجهه متمتماً بحدة وتحذير :
لمّ الليلة يا يامن وامشي بعدين تتكلموا .
كاد أن يكمل صراخه فقاطعه صوت آدم المرح :
كيف حالك صغير..
ابتلع باقي حروفه رامقاً يامن بغضب :
ماذا يفعل ذلك الوقح هنا هل هو المتسبب في بُكائك صغيرتي ؟
لكمه يامن على غفلة مُخرجاً غضبه فيه فكاد أن يلكمه آدم لولا فصل ماضي بينهم صارخاً بغضب :
توقف عن الوقاحة آدم ولا تثير استفزازه أكثر ولا تتدخل في أمورهم .
صاح آدم بغضب :
رأيته بعيني يُقبل تلك القبيحة وتصرخ عليّ حتى لا أجرح مشاعره هل أنت أحمق !
آدم احترس على ما يخرج من فمك !
صدع صدى توبيخ ماضي بغضب شديد فأكمل الآخر صراخه وقد أعمى الغضب عينه متجاهلاً دخول آفاق وماسال وتوبا التي قابلتهم في الطرقة ووقفت تتحدث معهم :
أرى جيداً يا ماضي أنت الذي لا يرى شيء تدافع عن ذلك الحقير وتعود شقيقتك له بسهولة ويكرر خطأه وتعيش في تعاسة .. ضع جانباً أنه ابن عمك وانظر لشقيقتك وهيئتها لأنك هكذا أناني و ..
قاطعه صراخ يامن بسخرية غاضبة :
هل ترى الجميع مثل أمك !
شهقت آفاق بخوف من تحول ملامح آدم لملامح مرعبة تقسم أنها مرعبة !
هتفت توبا تحاول تهدئتهم :
أهدوا يا جماعة شيطان ودخل ما بينكم ..
تخطاها آدم وهو يدفع يامن للخلف بعنف ويلكمه حتى سقط على الفراش وهو فوقه متجاهلاً بكاء ملاك أو صراخ ماضي وجذبه له بأن يتركه ولا توسل آفاق بأن يهدأ ، انفرج الباب ودخل منه ثائر وأمه وزياد وأم يامن الذي أوصلهم للتو ليطمئنوا على ملاك وفور رؤيته لما يحدث اندفع يساعد ماضي في حمل آدم بعيداً عن يامن فالتفت آدم وركل ثائر ثم لكّم ماضي بعنف وكاد أن يلتفت فدفعه يامن أرضاً وهو فوقه يلكمه بعنف ، فاستدار الآخر بصعوبة واعتلاه وهو يلكم أنفه بقوة صارخاً بجنون :
سأقتلك يا حقير كيف تتجرأ على ذِكر أمي !
جذبه ماضي وثائر بصعوبة من فوق يامن الذي حاوطه ثائر وزياد يمنعوه من التهور ، التفت آدم دافعاً ماضي بقوة وكاد أن يهجم على يامن لولا يدّ ماضي الذي جذبه له وباليد الأخرى كان يصفعه بقوة .
خيم الصمت بعد تلك الصفعة التي عمّ صداها في الغرفة من قوتها ، وضع آدم يده على وجنته بصدمة رامقاً ماضي بأعين متسعة حمراء غير مستوعب ما حدث !
اقترب ماضي منه بأنفاس مرتفعة وندم شديد :
آدم ..
عاد للخلف خطوتين بأنفاس لاهثة وعيناه كافية لشرح مدى وجعه :
أصفعتني للتو لأجله !
هز الاخر رأسه بلا وردد بأسف :
لا أقسم لم أقصد لقد انفعلت للحظة أنا أسف ..
انفلتت ضحكة ساخرة من آدم ثم اردف بجمود :
كُنت مغفل لا فرق بينك وبين ابيك .
كاد أن يلتفت ليغادر فأوقفه اندفاع ملاك تحتضنه بقوة باكية بانهيار شديد :
لا ترحل.. أرجوك.. لا تتركني آدم ..
لم يبادلها الحضن فالغضب والحزن يمنعه ، فقط رفع يده يلمس خصلاتها بهدوء والتفت ليغادر فتحركت آفاق خلفه والتفت يمنعها :
أبقي هنا .
هزت رأسها برفض وردتّ بإصرار :
لا لن أتركك ..
صرخ عليها بغضب شديد انتفضت على أثره ترمقه بصدمة وقلق :
قلت ستبقي هنا انتهى الحديث !
خرج من الغرفة صافعاً الباب بقوة فركض ماضي خلفه يحاول إيقافه والاعتذار منه فهو حقاً لم يقصد ما فعله فقد أثار غضبه هو ويامن وضغطوا على أعصابه بسبب جنونهم :
انتظر .. آدم أعتذر عما فعلت ..
تجاهله وخرج من المشفى وكاد أن يصعد لسيارته لولا يدّ ماضي الذي جذبه يمنعه من الركوب :
أسف أقسم لم أقصد ما فعلت لا تحزن مني فأنا لا أقدر على الحياة من دونك يا أخي .
أزال يده صارخاً بقسوة ولا يعلم إن كان يقصد ماضي بحديثه أم يُجلد نفسه :
ستقدر فلديك الحقير يامن وأقاربك فمنّ أنا حتى تهتم لأمري .. أنا مجرد فتى مطرود من حُب أبيه وتقرب من أبنائه كالأحمق عديم الكرامة ..
قاطعه ماضي صائحاً بسرعة وصدق وضيق من نفسه لأنه أوصله لتلك الحالة :
لا أنت أخي الذي أحبه أكثر من أي شيء لا تتحدث هكذا أرجوك .
انفلتت عِبرة من عينه وأردف بصعوبة بالغة في التنفس :
حزني على ملاك لأنني لا أريدها أن تكون مثل أمي ، لا أريدها أن تمر بالتعاسة بسبب رجل حقير مثل أبيك ومثل الحقير الآخر .. ولكن أنا المخطئ من أنا لأدافع عنها فلستُ إلا قاتل حقير وسط عائلة من المحترمين أليس كذلك !
صعد لسيارته منطلقاً بها بسرعة جنونية محدثاً الغبار خلفه ، التفت ماضي على صوت ثائر :
مشي ؟
هز رأسه بنعم والحزن يظهر على وجهه ثم صعد للمشفى حيث غرفة ملاك ، دخل الغرفة فوجد ملاك تتشاجر مع يامن الواقف ولا يردّ عليها ، فصرخ ماضي في وجهه بانفعال :
بسببك آدم مشي أنت ليه غبي مبتفهمش !
لم يجيب يامن واندفع خارج الغرفة فهتفت آفاق بقلق :
يعني إيه يا أستاذ ماضي آدم مش راجع تاني !
ردّ ماضي بضيق شديد وإصرار :
لا إن شاء الله يرجع مش هسمح له يمشي .
التفت لماسال وأكمل بجدية :
خدي ملاك والولد وآفاق وارجعي على الشقة ..
ثم التفت لتوبا وأكمل :
لو فاضية ممكن تروحي تجيبي رفيف وآدم وتوصليها على شقتي ؟
هزت رأسها بموافقة وخرجت لتنفذ طلبه كما فعلت ماسال التي حملت الصغير وأشارت لآفاق بأن تسند ملاك وتحرك زياد ليوصل عمته وزوجة عمه
مسح ماضي على وجهه بضيق ثم التفت يتحدث مع ثائر :
عايزك تلاقي آدم معايا .

خرجت توبا من القصر حاملة رفيف وممسكة بيد آدم ثم ساعدتهم في الصعود للسيارة وانطلقت بهم ، هتفت رفيف بحماس طفولي :
شوفتي صاحب آدم الجديد يا توبا ؟
رمقتها توبا بعدم فهم من خلال المرآة فرات آدم يشير لرفيف بأن تصمت هامساً بتحذير :
قولت ليكي متقوليش لحد ده سر .
ابتسمت توبا وسألته بحزن مصطنع :
في أسرار بتخبيها عن توبا يا آدم !
هز رأسه بلا ثم أجاب بصوت منخفض وجدية شديدة :
هقولك بس متقوليش لماما عشان قالت ممنوع أكلم الناس الغريبة ، عندي صاحب سري بشوفه كل يوم وفي كل مكان حتى كان موجود في شقتك يوم ما نمت في حضنك .
سألته بقلق شديد وريبة :
شكله إيه يا آدم صاحب خيالي يعني ؟
هز رأسه بلا وأكمل بتوضيح :
لا واحد زينا بيجيب شوكولاتة ليا كل يوم .
أخرج الشوكولاتة من حقيبته وقدمها لها ببسمة متسعة :
خدي دوقي ..
التقطت منه الشوكولاتة وقرأت المكتوب عليها بقلق تحول لغضب شديد فتلك الشوكولاتة إيطالية تحتوي على المخدرات !
انفلتت شهقة خافتة منها منتفضة على صوت الهاتف فمسكته بيد مرتعشة ترمق الرقم المشفر بخوف وأجابت مستمعة لصوته البغيض :
مرحباً زهرتي الجميلة كيف حال صديقي الصغير ؟
نظرت حولها بقلق وزادت من سرعت سيارتها مرددة بصوت منخفض غاضب حتى لا يسمع الصغار :
يا لك من وقح تؤذيني في طفل صغير أيها المختل !
رددّ باستفزاز :
أخبرتك أن المرحلة الثانية شقيقتك ولم تصدقيني ..
صمت لثواني ثم أكمل باستمتاع مريب :
استمتعي بالجزء الأخير في المرحلة الثانية فالمرحلة الثالثة أكثر متعة !
أغلق الهاتف في وجهها فنظرت حولها بقلق ترى تقدم سيارتين منها وصدمتها واحدة فزادت من سرعتها محاولة الهروب منهم واتصلت على ماضي تستنجد به :
ماضي في عربيتين بيطاردوني ومعايا آدم ورفيف أعمل إيه !
ضغط على مكبح البنزين يزيد من سرعته ويسألها برعب :
أنتِ فين بظبط .
أخبرته مكانها فصرخ بهلع مع سماعه لصوت صراخ الصغار :
إياكِ تقفي كملي مشي وربع ساعة وأقابلك على كوبري **** .
وضعت الهاتف مكانه والتفتت تطمئن الصغار :
انزلوا تحت بسرعة ومتخافوش أنا معاكم .
نفذوا طلبها ثم أخرجت مسدسها مستمعة لتحذيرات ماضي لها ثم استمعت لصوت ثائر الجالس جوار ماضي :
أدخلي أول يمين يقابلك هتلاقي زحمة أدخلي فيها وعلى بُعد أربعين متر اطلعي مطلع الكوبري بسرعة .
صرخت بهلع على صوت صراخ الصغار عند إطلاق الرجال النيران على سيارتها ، ففتحت نافذتها قليلاً وأطلقت على الجالس جوار السائق وأصابته في رأسه حتى اقتربت من الزحام وقبل أن تدخله وجدت من يصدمها من الجهة الأخرى وأجبرها على تغيير وجهتها وصعدت لطريق آخر .
صرخت برعب شديد :
معرفتش أدخل الطريق خبطوني ودخلت الطريق التاني .
انتشل ثائر الهاتف من ماضي ليركز على السواقة وصاح بنبرة عالية ليجذب انتباهها :
أهدي وكملي وأحنا هنقابلك عند التقاطع .
صدمتها السيارتين من الجنبين فحاولت المقاومة بصعوبة وصوت صراخها يعلو بانهيار :
أنا خايفة على العيال ..
أتت رسالة صوتية لها على تطبيق المحادثات فشغلتها بسرعة " نال العرض إعجابك أم أجعله أصعب ! "
صرخت بجنون وغضب عارم وأدارت سيارتها للجهة الأخرى صادمة السيارة بعنف مستغلة حجم سيارتها الكبيرة وبمهارة كانت تصوب على رأس السائق فاختل توازن السيارة حتى اقتربت من التقاطع ورأت سيارة ماضي تنطلق بسرعة جنونية قبل أن يتوقف هاتفاً بسرعة :
أقفي قدامي يا توبا متخافيش .
حاولت إبطاء سرعتها فظلت تضغط على الفرامل ولا فائدة فصرخت بهلع فهُم على بُعد عدة خطوات وستصطدم بهم ويموت جميعهم :
الفرامل بايظ !
صاح ثائر بخوف وتفكير سريع :
افتحي باب العربية اللي ورا وأحدفي العيال ونطي .
أتسعت عيناها برعب وخوف ولكن لا يوجد خيار آخر غير ذلك فقفزت للخلف بسرعة وحملت آدم ورفيف وبمجرد اقترابها من ثائر وماضي الواقفين على استعداد لرميها للصغار ، رفعت قدمها اليمنى وتحكمت في المقود تقترب منهم حتى لا يتأذى الصغار فاقترب ماضي من السيارة ثم دفعتهم على ماضي الذي سقط من قوة الدفعة والصغار في حضنه فصرخ ثائر برعب وهو يركض خلفها :
نطي بسرعة !
قفزت على مقعدها وأدارت السيارة فجأة وبسرعة جنونية تصطدم في السيارة الثانية بقوة مستغلة صلابة وحجم سيارتها المرتفعة حتى ترنحت السيارة الأخرى عدة مرات وسكنت ولم تستطع التحكم في سيارتها وانقلبت رأساً على عقب .
صوت أنفاسها هدأ قليلاً ورفعت يدها تتلمس الدماء السائلة من جبهتها فابتسمت براحة محاولة التحكم في انتفاض جسدها من هول ما مرت به وبرفقتها صغار أشقائها ، التقطت الهاتف بيد مرتعشة وفتحت المحادثة بينها وبين ذلك الحقير الذي يغير رقمه في كل مكالمة وأرسلت تسجيل صوتي يصدع فيه نبرتها البادرة :
انتبه يا عزيزي فإن كُنت لا يستهان بك فأنا مُختلة .. سأرسل رجالك الأعزاء في توابيت يليقوا بمجرمين أغبياء مثلهم !
أغلقت الهاتف وحاولت النهوض ودفع الباب فوجدت من يفتح الباب بقوة ثم دخل بجزعه العلوي وحملها للخارج فتألمت بخفوت مستمعة لسؤال ثائر القلق :
أنتِ كويسة ؟
توجه لسيارة ماضي ووضعها في الخلف فانخفضت تمسك قدمها بألم مرددة بحنق :
رجلي مش ناوية تخف تقريباً !
وضع ماضي الصغار في السيارة بعدما اطمئن عليهم وهدأ رفيف المنهارة على عكس ابنه السعيد بما مرّ به منذ قليل ويرى نفسه في حلم أو في إحدى الأفلام المفضلة لديه !
اقترب ماضي منها وانخفض يفحصها بقلق :
في أي إصابات ؟
ردتّ وهي تتفحص جبينها :
هنا ورجلي و..
مدت يدها لترفع سترتها لتتفحص معدتها فأمسك ثائر يدها صارخاً في وجهها :
إيه الجنان ده !
ردتّ ببديهية وحاجبيها متقوسين تعجباً :
هشوف في جروح ولا لا !
صاح الآخر بحنق :
في المستشفى مش في الشارع .. أركبي وبطلي استفزاز .
رمقته بضيق من صراخه عليها :
ليه الزعيق طيب عملت إيه أنا !
كاد ماضي أن يتحدث بأن يصعدوا ويتوقفوا عن الصياح فقاطعه ثائر صارخاً عليها بغضب :
عملتِ كتير فاكرة نفسك " سوبر ومن " ليه التهور !
صاحت الأخرى بعصبية :
ليه شوفتني قولت ليهم تعالوا أقتلوني ولا أقلبوا عربيتي ولا أنت بتلكك للخناق وخلاص !
جز على أسنانه مستغفراً في سره حتى لا يجذب رأسها ويدفعه في السيارة لعلها تفيق من أفعالها الحمقاء ، هتف ماضي بنفاذ صبر :
لو خلصتوا الجنان ده ممكن نمشي من هنا الناس بتتفرج علينا .
صاح ثائر بضيق :
واللي الهانم عملته مش جنان !
أنهى حديثه وهو يشير على سيارتها المقلوبة وعلى سيارة الرجال المقلوبة والسيارة الأخرى بها رجل مصاب وآخر ميت .
اعتدلت لتجلس جوار آدم ورفيف وصعد ثائر وماضي الذي انطلق بالسيارة لشقته بعدما أكدت توبا عليه أن جروحها بسيطة ستعالجها لنفسها ، أغمضت عيناها لتستريح مستمعة لصوت ماضي الحانق :
يا باشا أعمل إيه بقولك حاولوا يقتلوها .. لا متقلقش مفيش حد اتأذى الطريق كان فاضي ، عرفت عمر وقالي هتصرف .. تمام يا باشا سلام .
أغلق معه زافراً بضيق فسعلت توبا بتوتر :
ماضي ممكن توصلني لشقتي .
رمقها من المرآة بحنق فابتسمت بتوتر :
ماسال لو شافتني بالشكل ده هتخاف وتفرض عليا حماية ومراقبة ورغي كتير أنا مش قده .
تمتم ثائر بسخرية :
سيبها يا ماضي يمكن يقتلها أسرع من غير ما تعمل مشاكل للناس .
فتحت فمها بصدمة من جملته ثم هتفت بغيظ :
معلش يا أستاذ ثائر تعبتك معايا وبعدين محدش طلب منك تيجي أصلا كان ممكن تخلي ماضي ينزلك وهو يجي .
صمتت لوهلة ثم أكملت بحنق وغيرة وهي تتقدم للأمام قليلاً تدفعه في كتفه :
كان ممكن تروح للست الأستاذة بتاعتك في الوقت اللي ضيعته على الفاضي ..
التفت هاتفاً باستفزاز محاولاً إظهار الهدوء حتى لا يزعر الأطفال :
عندك حق هوصلك للبيت بعدين أروح أشوفها عشان وحشتني .
رمقته بغيظ وضيق شديد فعادت للخلف ضاممه يدها لصدرها وزاغت بنظرها بعيداً عنه ، اقترب الصغير منها وضمها بحب مردداً بلطف :
لسه حاسة بتعب يا توبا ؟
قبلت رأسه وردتّ بحب :
لا يا عيون توبا أنت حاسس بتعب ؟
هز رأسه بلا فضمته أكثر وحملت رفيف على قدمها لتنام براحة أكثر ساندة رأسها على صدرها ، ظل ثائر بقية الطريق يتأملها وهي نائمة والأطفال في حضنها وبداخله يريد جذب رأسها ورجه عدة مرات لعلها ترى بأنها تليق أن تكون أم !

دخلت آفاق وهي ساندة ملاك لشقة ماضي وماسال ثم وضعتها على الفراش وذهبت لتجلس في الخارج وتتركهم بمفردهم فعلاقتها بهم مازالت سطحية ، أخرجت هاتفها وهاتفت آدم الذي أغلق هاتفه فوضعت الهاتف جوارها والقلق ينهش قلبها فحالته كانت صعبة وكأنه يريد البكاء ويأبى إظهار ضعفه .
خرجت ماسال بعدما تأكدت من نوم ملاك وصغيرها وهتفت بمرح :
أنتِ لسه قاعدة بالطرحة فكي يا بنتي مفيش حد غريب وتحركي قدامي على المطبخ نعمل الأكل .
رمقتها آفاق بتردد فجذبت ماسال يدها تشجعها على النهوض فتحركت معها للمطبخ ووقفت تتبل الدجاج بصمت فتحدثت ماسال تحاول جعلها تتأقلم عليهم :
وأنتِ وآدم حبيتم بعض ازاي ؟
التفتت تردد بسرعة وتبرير وكأنها سّبتها للتو :
إيه حب إيه مفيش الكلام ده أنا وآدم مجرد صحاب وجوازنا مؤقت وهنطلق بعد ما أحل مشكلتي .
كتمت ماسال ضحكاتها بصعوبة وهزت رأسها باقتناع :
أيوه فهمت طبعاً لازم يطلقك بعد ما تحلي مشكلتك لأنكم صحاب بس !
هزت الأخرى رأسها عدة مرات في محاولة لإقناعها بجدية الأمر وإقناع نفسها ، أنقذها رنين هاتفها الموقف فتحركت للخارج لتجيب :
السلام عليكم .
انتظرت سماع صوت المتصل فكادت أن تغلق قبل أن تسمع صوته البغيض القاسي :
وعليكم السلام يا بنت شمس حبيت أكلمك وأعرفك إن الواد الصايع اللي بتتحامي فيه مش هيدوم كتير أصل وأنا بدور وراه لقيت بلاوي ..
صمت لثواني ثم أكمل بخبث :
تخيلي طلع رد سجون وقاتل مستأجر .. يا حرام بيحاول يمحي ماضيه بس مفيش ماضي بيتمسح بالسهولة دي لازم الماضي يجري وراه ، قريب هتروحي زيارة ليه في السجن في إيطاليا أصله هيرجع لمكانه ..
صمت يستمع لصوت أنفاسها المرتفعة باستمتاع ثم أكمل :
ده لو أنا مكنتش خدت روحك بأيدي !
أغلق في وجهها وتركها في صدمتها فهو لم يكن يمزح معها عندما أخبرها بأنه قاتل ومصارع غير شرعي !
لم تشعر بنفسها إلا وهي تخرج من الشقة دون أن تراها ماسال ، وركضت في الشارع بهلع شديد دون وجهه محددة وذاكرتها تذهب لحادث ترك ذكرى سيئة في عقلها .

اهربي يا آفاق .
صرخت شمس بجملتها وهي تستمع لصوت أقدام تقترب من الباب فقفزت آفاق من الشباك مستغلة قرب المسافة من الأرض واختبأت تستمع لصوت عمها وأشقائه وابن عمها الأكبر " غسان " :
فاكرة نفسك هتهربي كتير مننا يا شمس !
صفعها بقوة وهو يجذبها من ملابسها بعنف :
فين حاجتنا يا بنت الشامي !
بصقت في وجهه مرددة بكُره :
اسمها حاجة جوزي ومن بعده بقت حاجة بنتي ووفر طاقتك يا زُهير لأني مش هقول حاجة .
تخطى غسان أبيه وجذب زوجة عمه من شعرها بعنف واضعاً المسدس على رأسها :
هتقولي فين الحاجة ولا تحصلي جوزك المرحوم ؟
رمقتهم بكُره شديد وهتفت بقوة :
وعند الله تجتمع الخصوم يا ابن زُهير .
هتف زُهير بصرامة جاذباً غسان بعيداً عنها :
مش هتلوث أيدك بدم واحدة زيها ..
أشار لرجال من هيئتهم شعرت آفاق بأنهم مجرمين رغم عمرها الرابع عشر ، رفع رجل ملثم منهم شمس يخنقها بقوة مردداً بلهجة لا تفقها :
تعفني في الجحيم عزيزتي !
رأت محاولات أمها في دفعه وحشرجتها الأخيرة حتى فارقت روحها الحياة وسقطت جثتها مع ركض آفاق وشهقاتها تعلو بحرقة بعيداً عن المكان في بلد لا تعرف فيها أحد .
ضمت سلسلة أمها بين كفها صارخة بقوة والرغبة في الانتقام تزداد في قلبها :
أقسم بالله مش هسيب حقك يا أمي .

أفاقت من شرودها على فتاة صغيرة تمسك بيد أمها وباليد الأخرى تطعمها الحلوى ، ابتسمت بلطف مع سقوط دمعة من عسليتها مرددة بحزن عميق :
ليه تطلع زيهم في الآخر يا آدم .. ليه !

كانت هنا واختفت !
هتفت ماسال بقلق شديد فبعد خروجها من المطبخ لتناديها وجدتها اختفت فاتصلت على زوجها وأخبرته بما حدث ، أردف ماضي بقلق :
هتكون راحة فين بس !
هتف ثائر بضيق وهو يخرج من الشرفة :
مش موجودة في القصر .
أردفت توبا بضيق بعدما انتهت من اتصالاتها :
ولا في شقتها .
صاح صوت الصغير آدم وهو يركض من الخارج بعدما تحرك لشقة يامن ليرى سبب اختفاء رفيف بعدما ذهبت لتجهز أغراضها مع أمها ويعودوا لشقة خالها :
ماما رفيف مش موجودة ولا خالتو ملاك ولا إياد .
نظر الجميع للصغير بقلق قبل أن يتحركوا بخطوات سريعة يفتحوا الشقة ثم ركضت ماسال جهة غرفة نوم يامن وملاك وفتحت دولابها فوجدته فارغ من ملابسها ، استمعت لصوت توبا القلق :
هدوم الولاد مش موجودة !
تمتم الصغير بخوف وبفم مقوس ينذر باقتراب نوبة بكاء :
كده رفيف وخالتو اتخطفوا !
همست ماسال بقلق شديد :
أو هربت !

ثم ماذا آدم ؟
هتف المتسطح على الأرض يراقب النجوم بوجوم ثم أجاب على نفسه بسخرية :
لا شيء ستتقبل حقيقتك وتعود لمستنقعك في إيطاليا .
هل جُننت يا أخي تتحدث مع نفسك !
صاح ماركوس بتعجب وهو يدفعه جانباً لينام جواره بعدما بحث عنه في أماكن كثيرة ولم يجده فتذكر بيته الذي اشتراه لينام ويراقب النجوم بعيداً عن ضوضاء المدينة .
همهم آدم بضيق :
ماذا تفعل هنا ؟
أجاب ببساطة :
قلقت على أخي فأتيت لأطمئن عليه .
تنهد الآخر هامساً بحزن :
لا أريد حب أحد .
أردف الآخر بمزاح :
متى أصبحت ذو مشاعر رقيقة يا فتى !
لم يجيبه آدم وظل ينظر للسماء بأعين حزينة فاقدة الرغبة في الحياة فأكمل ماركوس بقلق :
يبدو أن الموضوع جدياً لما الحزن يا أخي !
انزلقت بسمة صغيرة ساخرة على شفتيه :
لستُ حزيناً .
سأله ماركوس بتعجب :
كيف هل تلك تعابير وجهك عندما تسعد !
أجاب بهدوء مُريب :
ولستُ سعيداً أيضاً .. أنا عالق في المنتصف ..
صمت لوهلة يرمق الغيوم التي خبأت القمر خلفها ثم أكمل :
تائه في عالم لا يليق بيّ .. وهارب من كون الخطايا قانونه الأول .
تذكر آفاق فقرر فتح هاتفه ليطمئن عليها وبمجرد فتحه وجد العديد من المكالمات من ماضي وملاك وماسال وثائر حتى توبا وذات الجدائل خاصته وقبل أن يدق عليها وجد رقم مجهول يهاتفه فأجاب :
مرحباً منّ ؟
أتاه صوته الضعيف يترجاه :
آدم صغيري .
ارتفعت وتيرة أنفاسه مردداً بتوتر :
من معي ؟
أجاب الآخر بنبرة باكية :
أبيك الذي يريد معانقتك قبل موته !
نظر آدم للهاتف بعدم تصديق ثم ابتسمت بسمة صغيرة مهتزة على فمه مردداً بلهفة :
هل أنت حقاً .. حقاً تريد رؤيتي أنا دوناً عن البقية !
أجاب حامد بصعوبة من بين أنفاسه المتثاقلة :
لأنك ابني الذي أهملته ، أنا نادم على ما فعلته وأريد ضمك ولو لآخر مرة .
سالت العبرات من عينه بقوة هاتفاً بلهفة :
سأكون أمامك خلال ثواني فقط أخبرني أين أنت ..
أملاه حامد العنوان ثم أغلق معه فركض آدم للأسفل بسعادة شديدة ورغبة في رؤيته وضمه لأول مرة كأب وابنه ، ركض ماركوس خلفه صائحاً بتعجب :
ماذا حدث انتظر يا فتى إلى أين ذاهب !
انطلق آدم بسيارته بسرعة جنونية كدقات قلبه المتراقصة من فرط السعادة .
بعد مرور مدة ترجل من السيارة أمام العنوان الذي أرسله له ، تحرك داخل ذلك المبنى والذي يبدو من الخارج أنه مخزن وناداه بلهفة :
أين أنت ح..
ابتلع بقية كلماته وهو يراه يجلس على الكرسي المتحرك ويبتسم باتساع فاتحاً يده :
احتضن أبيك يا آدم .
اتسعت بسمة آدم بفرحة عارمة والدموع تحجب رؤيته من شدة بكائه وهو يتحرك جهته بسرعة وقبل أن يخطو الخطوة السابعة جذبه أحد من الخلف يخنقه بحبل غليظ لفه على رقبته ورجلين أخرين قيدوا حركته حتى جلس على الأرض محاولاً التحرر منهم وعيناه تتركز على حامد بكسره وصدمة كبيرة .
لا يصدق أنه تلاعب بمشاعره وحاجته لسماع كلمة واحدة " أحبك يا ابني " !
ابتسم حامد بتشفي وعيناه مركزة على آدم وهو يجازف ليبقى على قيد الحياة :
كنت أعلم أنك أحمق تتسول للحب وأحضرتك بسهولة حتى استمتع برؤية تلك النظرة وروحك العفنة تفارق جسدك .
نظر لساعة يده وزم شفتيه بضيق :
كنت أريد رؤية بقية العرض ولكن لدي ما هو أهم منك .. الوداع آدم أراك في الجحيم !
خرج من المخزن وصعد للسيارة بمساعدة رجاله ، تاركاً خلفه آدم يحاول التحرر منهم ولكنهم تكاثروا عليه وشد الرجل الحبل بقوة بعدما رخاه قليلاً حتى ينتهي حامد من كلماته .
لحظات ثقيلة تمر عليه يرى أمامه حياته كشريط سنيمائي ..
يرى أمه وبكائها ..
خوفه من الوحدة ..
ثم فقدانه للشعور وتحوله لرجل عصابة يقتل وينهب دون أن يرفّ له جفن .
يا اللهي هل كان يشعر ضحاياه بذلك الشعور !
انفلتت دمعة من عسلتيه التي فقدت بريقها وارتخت عضلاته في استعداد للموت .
يرى ماضي وملاك وصغارهم يركضون حوله بسعادة ويمزح معهم ..
ثم ذات الجدائل العسلية خاصته تتقدم منه بحجابها الجميل الذي زادها جمالاً كما تمتم وجفنيه ينزلق باستسلام للموت .
طلقة نارية ..
طلقة نارية صدع صداها تلاها سقوطه على وجهه بأنفاس تتباطأ أو انعدمت لا يعلم فلم يعُد يشعر بشيء وقد سكّن مستسلماً ليعانق الموت روحه !
طلقة نارية قد تكون السبب في موته أو إعادته للحياة .. أو لجحيمه !

يا مساء الخير ♥️
أتمنى البارت يعجبكم ومتنسوش الڤوت والكومنت لأن بجد بحس بحزن لما بلاقي إن في ناس قرأت ومعملتش ڤوت حتى كتشجيع ليا عشان أكمل ♥️

Continue Reading

You'll Also Like

4.4K 251 25
بعض الأمور تحدُث في الماضي تُغير مَجري الحاضر تُغيير أحداث بغير أرداتنا تغير مستقبل ولكن ستتغير للأفضل ....أَم للأسوء! "ماذا لو بنُيت حيا...
13.5K 939 32
عادة ما يأتي الزلزال مُحملًا بالخراب، فماذا لو أتى مُحملًا بكلاهم، الخير والشر معًا ؟ هذا ما حدث معها، مع آسيا التي أتت لها الحِمم مُثلجة قلبها، ومُ...
1.1M 79.2K 84
الجروح أدمت قلوبهن ومازالت كلًا منهن تحارب للبقاء، مذاق الألم لا يفارق حلقهن، جروحهن متشابهة ولكن لكلًا منهن حكاية خاصة هي ضحيتها، الأولى نهشتها الذ...
865 122 20
سارة التي كانت تحلم بما تراه الكثير من الفتيات شيء عادي، فجأة يُسلب منها حلمها وتوضع في اختبار بالغ الصعوبة فهل سيكون الاختبار الوحيد؟ وهل ستستطيع تخ...