أرواح مشوهة | distorted souls

By the_writer_ro

107K 4.2K 10.2K

يقوم بإختطافها ثم تهديدها للقبول بالزواج منه بعدما جعلت عروسه تهرب قبل يوم واحد من الزفاف ، إعتقد أنه أمسك بز... More

المقدمة:
الفَصل الأول: ڨيكتوريا رومانو
الفصل الثاني: خَطَر !
الفصل الثالث: عَهد..
الفصل الرابع: الظل..
الفصل الخامس: صورة..
الفصل السادس: تبادل عهود..
الفصل السابع: دماء على فستان..
الفصل الثامن: فوضى ساخط
الفصل التاسع : جولة شطرنج
الفصل العاشر: ضيف من الماضي
الفصل الحادي عشر: رائحة الموت
الفصل الثاني عشر: تسجيل دخول لساحة..
الفصل الثالث عشر: معزوفة الحرب
الفصل الرابع عشر : نصل الحقيقة
الفصل السادس عشر : ليلة بين النجوم
الفصل السابع عشر : ملاك حارس
الفصل الثامن عشر : وكر الشيطان
الفصل التاسع عشر : الغسق
الفصل العشرون : العتمة
الفصل الواحد و العشرون : تحت ضوء القمر
الفصل الثاني و العشرون : رسالة من جثة
الفصل الثالث و العشرون : قصة سيدة النصر-الجزء ١-
الفصل الرابع و العشرون : على حافة الهاوية
الفصل الخامس و العشرون : قصة سيدة النصر-الجزء٢-
الفصل السادس و العشرون : وردة الجوري السوداء
الفصل السابع و العشرون : وحوش حول مأدبة العشاء

الفصل الخامس عشر : عقاب متمرد

3.2K 110 348
By the_writer_ro

أصاب النصل ذراعه الأيمن ، إختارته تحديدا ليشعر بذات الألم و في نفس الجهة ، أمسك سيزار بذراعه المصابة كردة فعل غير إرادية و عيناه مثبتة عليها تكاد تحرقها ، لمح الحصان تغير ملامح صاحبه إلى متألمة و الدماء تتساقط منه بسبب الشخص الغريب الذي أمامهما ليشعر بالخطر و الغضب في نفس الوقت..

عاد خطوات قصيرة إلى الوراء ثم توقف مستقيم الرقبة و عيناه تجحد شيري التي لم تكثرت له بل كان إنتباهها مصوب ناحية سيزار ، تقدم الحصان إلى الأمام مهرولا بإتجاه شيري التي إلتفتت إليه أخيرا لتردك أنه قادم صوبها ..

إستوعب سيزار لما سيقدم عليه حصانه ليركض بأقصى سرعته متناسيا لإصابته ، يعرفه جيدا هدوءه من الخارج يمنحه شكل لطيف لكنه في الواقع عدواني و إنتقامه عنيف..

عادت شيري إلى الخلف بسرعة لكنها لوت كاحلها بسبب خطوتها الخاطئة ، سقطت أرضا ساندة نفسها بكفيها لتطلق صرخة متألمة بسبب ثقل جسدها الذي وقع حمله على إصابة ذراعها ، إلتفتت إليه لتجده قد إقترب منها للغاية حاولت النهوض لكنها لم تستطع..

وقف سيزار بينهما في آخر لحظة هاتفا بصوت عالي و هو يرفع يديه أمامه لإيقاف حصانه الثائر :

- دارسيو !

توقف في مكانه ملبيا أمر صاحبه ، إقترب سيزار منه ليضع راحة كفه السليم فوق رأسه مربتا عليه بخفة هامسا له بالروسية :

- لا تقلق يا صاح ، أنا بخير ، هذا مجرد جرح بسيط سأعالجه فيما بعد ، ما رأيك أن آخذك لترتاح قليلا ؟ لقد كانت جولتنا متعبة اليوم..

نفث الحصان أنفاسه بقوة ليهتز رأسه ، إبتسم سيزار له متابعا حديثه :

- أخبرتك أن لا تقلق ، سأتولى أمرها بنفسي ، هيا سآخذك إلى مكانك..

شعر سيزار بأن دارسيو قد إستجاب لطلبه لبيتسم أكثر ثم أخذ بلجامه ليسحبه إلى مكانه ، أغلق و إطمئن عليه لآخر مرة قبل أن يعود إلى شيري التي وجدها تحاول الوقوف بصعوبة..

قلب عينيه بتملل ثم مد يد ذراعه السليمة لها بينما يقول باللغة الإنجليزية ميزتها اللكنة الأمريكية:

- ليس من شيمي التعامل مع الإناث أو الحيوانات بشكل غير لبق ، لا أعتبرك من النوع الأول فلا بأس بما أنك تنتمين لثاني بالنسبة لي..

هشت يده بعيدا عنها لتقف بنفسها دون مساعدته مجيبة إياه بحقد بذات اللغة :

- و أنا ليس من مبادئي قبول المساعدة من أشباه الرجال !

رفع كتفيه بغير إكتراث لكلماتها التي كانت ستجعل غيره ينفجر غضبا ، إلتفت إلى ذراعه الغير مصابة و مزق كم قميصه الأبيض بصعوبة متحملا ألم السكين المنغرس بجسده ، أخذ القطعة الممزقة ليضعها فوق جرحه ثم سحب النصل من مكانه راميا إياه أرضا أمامها حيث كانت تستند على طرف الجدار المصنوع من الخشب ، نظر إليها بتمعن مردفا :

- في المرة القادمة أصيبي هدفك جيدا إن كنت تريدين التخلص منه نهائيا..

رفعت عينيها نحوه لتتواجه زرقوتيها المخضرة بزرقوتيه الشاحبة بشراسة ثم قالت بنبرة تحدي :

- أنا من تعمدت عدم إصابتك بشكل قاتل..

رمقها من الأعلى إلى الأسفل بتفحص ثم جالت عينيه بين تقاسيم وجهها محاولة معرفة موقفها و ما تريده ، لم تظهر له أي شيء قد يفيده ، إنشرحت ملامحه بفهم ليقول قبل أن يغادر :

- يبدو أنه قد تم طردك ، يمكنك المكوث هذه الليلة هنا..

أنزلت نظرها أرضا لترى النصل و تأخذه بتوعد ، دسته تحت سترتها لتتبعه بخطوات متعجرة بسبب إصابة قدمها..

دخلت خلفه من الباب الرئيسي حيث كانت غرفة المعيشة ذات المساحة الواسعة ، يتدلى من سقفها ثرية كرستالية عملاقة باللون الأسود بينما أثاث المنزل قد تدرج لونه ما بين الأبيض و الأسود و الرمادي بجميع درجاته..

تقدمت أكثر متفحصة المكان بينما هو قد إختفى في الممر الجانبي على يسارها ، على يمينها وجدت المطبخ الفاخر الذي كان بذات الألوان هو الآخر ، لم يكن المنزل كبير بحجم خاصة لورينزو او انطونيو لكنه كان فخم و راقي بمثلهم أيضا..

غادرت لتلحق به حيث ذهب ، وجدت باب أسود مفتوح في نهاية الممر لتدخل عبره ، لقد كانت غرفة نومه و شكلها مألوف للغاية بالنسبة لها بالرغم من أنها لم تأتي إلى هنا مسبقا..

تذكرت الصور التي عرضها عليها لورينزو مسبقا عن شقة ڨيكتوريا و قد لاحظت التشابه الكبير في التصميم و الألوان بين المكانين لتبتسم بإستهزاء ، إتجهت ناحية الباب الآخر الموجود في الغرفة و لم يكن سوى الحمام..

رأته بدون قميص يلف منشفة كبيرة تغطي جسده من منتصف بطنه إلى ساقيه يقف أمام مرآة كبيرة تحت الأضواء القوية منشغل في تنظيف و تقطيب جرحه بنفسه بخبرة واضحة ، إستندت على طرف الباب لتراقبه مطولا ، ما إن فرغ من تضميد الجرح قال بهزء :

- هل أصبتِ ثم قلتِ لنفسك لا يجب أن أكون الشخص الوحيد الذي ينزف ، أوه و من غيره سيزار لذلك أخذت نصل رفيع غالي الثمن لترميه ناحيتي بتلك الطريقة المجنونة لإصابتي في ذات المكان ؟

رفعت مقلتيها بحيرة و هي تزم شفتيها بتفكير لترد عليه ساخرة :

- في الواقع أنت محق في هذا ، تقنيا لقد حدث لي هذا بسببك لذلك أنت تستحقه..

- و ما شأني أنا ؟ لم أفعل شيء بعد !

- تبدو مثيرا لسخرية و أنت تدعي عدم المعرفة فتوقف عن هذه المسرحية من فضلك..

إكتفى بتوجيه نظرة ضجرة من عيناه الضيقة ، تخطاها ليخرج متوجها إلى غرفة ملابسه ثم عاد بعدما إرتدى ثياب مريحة ، وجدها هناك لا تزال تعبث في أرجاء حجرته بتطفل ، تنهد بضيق ثم خاطبها بنبرة صارمة :

- أود النوم ، فقدت ما يكفي من الدماء بسببك لذلك أنا متعب ، تفضلي إلى الخارج بمطرود..

وجهت ناحيته نظرة حارقة ليهز كتفيه بغير مبالاة مردفا بينما يمسك بطرف باب غرفته :

- ماذا ؟ لن أناولك ثياب مناسبة للنوم ، لست كريم إلى تلك الدرجة..

خرجت من عنده بهدوء ، أخذت بخطواتها ناحية المطبخ حتى تجد شيء يمكنها أكله ليسد جوعها..

أشارت الساعة إلى الثالثة فجرا ، نهضت من الأريكة الرمادية حيث كانت تستلقي و لم يزر النوم جفنيها طوال تلك الساعات ، أخذت النصل من تحت الوسادة لتمشي بخطوات حذرة بلا صوت إلى غرفته..

فتحت الباب بهدوء حيث كان الظلام يخيم ، دخلت متجهة ناحيته و الإصرار على قتله جلي على عينيها قبل ملامحها ، رأته ينام بعمق على ظهره فوق السرير لتتقدم أكثر و يدها ترتفع أكثر ما إن وصلت إليه أنزلت النصل إلى جهة قلبه لطعنه هناك !

لكنه في آخر لحظة فتح عيناه على حين غرة ليمسك بقبضتها التي تحاوط السكين مانعا إياها من إنهاء حياته ، تفاجأت من إستيقاظه الغير مخطط له ثم شعرت به يبعدها عنه بعنف لينهض دافعا جسدها ضد الجدار و ذراعه المصابة حطت فوق عنقها..

- ما الذي تظنين نفسك فاعلة ؟!

همس بنبرة ساخطة يغلفها البرود ليشعر بطرف النصل على جانب خصره ، إبتسم بإتساع و هو يرفع يده الأخرى التي كانت تمسك بسكين ، أنزله على رقبتها حيث الشريان النابض بجنون ، حركة خاطئة منها ستودي بحياتها ، إقترب من وجهها أكثر متابعا حديثه بسخرية :

- لستِ الشخص الوحيد التي يتصف بالمكر هنا..

- لقد تعمدتَ ترك الباب موصود دون قفل..

- أجل ، أردت أن أرى ما قد ستفعله حبيبتي السابقة و هي تقضي الليلة تحت سقف منزلي ، خاصة أنها من يعرف بالعنقاء..

- ليس سيئ بالنسبة لمن يدعونه بالجوري الأسود..

- تعلمين ، حدث كتسلل إحدى حبيباتي السابقات لمنزلي و إصابتي بسكين ثم تعيد ذات الكرة فجرا لا يتكرر كل يوم أليس كذلك ؟

-لا أسمح لك بمقارنتي مع عشيقاتك إيڨان..

هسهست بسخط لكنه قاطعها بغضب ، يقلص من المسافة التي تفصل بين السكين و عنقها أكثر حتى ظهرت قطرة دم صغيرة صادرة من نحرها :

- ليس لك الحق بمناداتي بذلك الإسم ، أنا بالنسبة لك سيزار فقط..

رمقته بخيبة ، لا تصدق أن فؤادها قد كن مشاعر حب لرجل بمثل لؤمه و حقارته ، دفعته عنها لتترك المكان و المنزل كذلك محاولة منع دموعها من النزول فهو لا يستحق ذلك مطلقا..

وصل إلى مسامعه صوت محرك سيارة يبتعد ليدرك أنها رحلت ، تنهد بتملل و قال بسأم في حين خروجه من الغرفة :

- كثرة الحديث جعلتني أشعر بالجوع..

تسللت خيوط الفجر من زجاج النافذة المتوسطة لجدار الغرفة لتنير أركانها التي غلب عليها ظلام الليل ، كانت غرفة النوم قد غلب على مظهرها الأسلوب الريفي ، الجدران و الأرضية صنعت من خشب بني فاخر كحال الأثاث و بقية المنزل..

داعبت أشعة الضوء جفنا عيناه النائمة مرغمة إياه على الإستيقاظ ، رمش أكثر من مرة لتتضح رؤيته حيث وجد نفسه في مكان لم يسبق له أن رآه ، إنتفض جسده لشعوره بالخطر ليحاول الجلوس لكن الألم الذي داهمه على حين غرة منعه من الحركة أكثر..

أغمض عيناه بتعب و هو يتنفس بقوة بينما يريح مؤخرة رأسه إلى الخلف على مسند السرير الذي إلتحف فراش أسود من الحرير مع اغطية على شكل فراء الحيوانات..

- توقف عن الحركة ، لن أعيد تقطيب جرحك..

وصل صوتها البارد إلى مسامعه ليفتح عيناه ناحيتها ، كانت تجلس أمام طاولة التسريحة تطلي اظافرها باللون الأحمر ليكسر سواد هيئتها ، شرد لوهلة محاولا تذكر ما حصل و ما هي إلا لحظات حتى ظهرت لحظة إيجادها له و إنقاذه من موت يمكن القول أنه كان محتم ، ما يذكره فقط عندما رأها ليسقط مغشي عليه فوق كتفها..

- تناول الإفطار لتستعيد القليل من طاقتك ، يجب علينا العودة بعد قليل و الطريق طويل..

تحدثت إليه ثم باشرت في النفث على أظافرها لتجفيف الطلاء جيدا ، نظر إلى جانبه ليجد صينية الوجبة فوق الطاولة الصغيرة بقربه ، وعاء يحتوي على حساء صحي بالإضافة إلى كوب ماء ، نظر ناحيتهم بتوجس معيدا ذاكرة ما حصل له ليلة الزفاف..

و من بين أفكاره شعر بها تجلس بجانبه تمد له كأس الماء و هي تقول له :

- ليس مسموم ، أنقذتك بأشق الأنفس و لا أخطط لجعل تعبي هباء في الوقت الحالي..

أخذه من يدها ليشربه دفعة واحدة لعطشه الشديد ، وضعت الصينية في حجره ثم أعطته الملعقة ، عينيها المثبتة عليه تأمره بصمت أن يأكل ما فيه ليذعن دون إعتراض ، إستحسن مذاقه الذي إعتقد أنه سيكون غير لذيذ بسبب لونه لكنه خالف توقعاته ، تحدث إليها قبل أن يتناول ملعقة أخرى :

- أين نحن ؟

- في أحد ممتلكاتي ، من حسن حظك أن هذا الكوخ بالقرب من المكان الذي وجدتك فيه..

- كيف وصلنا إلى هنا ؟

- أنت لا تتذكر أي شيء صحيح ؟

- لست كذلك.. لما السؤال ؟

وقفت من جانبه تعيد خلصة من شعرها إلى الخلف ليظهر قرطها الماسي المستدير الذي زين أذنها ، إنتبه لتو إلى ثيابها ، بليزر أسود متوسط الطول أغلقت أزراره فوق فستان فاحم ينتصف فخذيها بقماش ثخين يليه آخر منكوش شفاف بذات اللون يصل إلى قدميها التي إرتدت حذاء بكعب عالي اسود ، تركته ينهي وجبته دون رد على إستفساره..

أنهى ما يقوم به ليشد إنتباهه الثياب الرجالية الموجودة على الطرف الآخر من السرير فأخذها حتى يلبسها ، كانت عبارة عن بذلة رياضية مريحة تعود إليه يبدو أنها أحضرتها من المنزل في طريقها إلى هنا..

خرج ليجد نفسه في غرفة المعيشة ، لم تختلف في تصميمها عن الغرفة السابقة ، جال ببصره فوجدها تستقر على أحد كراسي طاولة مخصصة لطعام بينما أناملها تنقر على أزرار حاسوبها المحمول ، كان واضح من نظرتها و ملامحها أنها منشغلة بشكل تام في ما يوجد في تلك الشاشة لكنها قالت دون النظر إليه :

- على الطاولة المقابلة التي تتوسط الأريكتين هناك يتواجد مسكن للآم ، خذه ..

إنقاد حيث أرشدته ليجلس على الأريكة متناولا الدواء بصمت في حين و نظره منصب عليها ، بعد فترة من الزمن أغلقت الحاسوب ثم نهضت من مكانها حاملة إياه بيدها نظرا لصغر حجمه ، رفعت معصم يدها الحرة لترى الوقت من خلال ساعتها الفضية الباهضة..

نظرت إليه لتتجه ناحيته بخطوات ثابتة ، جلست مقابلة له بقدم فوق الأخرى مخاطبة إياه بنبرة باردة :

- هناك بعض الوقت لإجراء محادثة معك قبل أن نشد رحالنا للعودة..

- كلي أذان صاغية..

- أين سيارتك ؟

- بينما كنت أقود بالقرب من الغابة لمراوغة من يلاحقني ، أطلق أحدهم النار على عجلتها لذلك تركتها هناك لأشرع في الركض في أعماق الغابة محاولا التملص منهم..

- سأخبر لورينزو فيما بعد أن يحضرها..

- حسنا..

- لما أتيت إلى هنا في المقام الأول ؟

نبرة صوتها جعلت منه يدرك مدى سخطها عليه ، ربما لأنها أجبرت على إنقاذه معرضة حياتها للخطر ؟ لا يعرف السبب لكن هذا ما رجحه أكثر ، أجاب على تساؤلها بغموض :

- لسبب شخصي..

- أريد أن أعرفه ؟

- ليست أول مرة لي آتي فيها إلى هنا ، كل سنة لدي يوم..

قاطعته بتصميم ظهر على ملامحها و نبرتها بشكل واضح :

- لا تخبرني بما قاله لي لورينزو مسبقا ، أود معرفة السبب الذي يجعلك تترك المنزل دون سيارتك المعتادة أو حتى هاتفك لتختفي من الوسط دون ترك آثر خلفك..

لم يخفى عنه الإصرار في لهجتها و عينيها ، لن تدعه و شأنه دون أن تنال مرادها.. يعرف هذا كما يدرك أنه متعب للغاية لا طاقة له لخوض شجار معها لذلك رد عليها بغير إكتراث :

- آتي لأقابل أحدهم..

- مثير للإهتمام أن تخاطر بكل شيء من أجل رؤية هذا الأحدهم حتى حياتك..

- أفعل هذا منذ سنوات طويلة و لم يسبق أن حصل لي ما حدث بالأمس ، لو كنت أعرف ما سيحدث لإتخذت إحتياطتي..

- يجدر بك أن تتوقع كل شيء بعدما قلت نعم بشهادة الجميع يوم زفافنا..

- ما الذي تقصدينه ؟

- ألديك أدنى فكرة عن من هاجمك بالأمس ؟

- في الواقع لا ، لربما أنهم احد الكارهين أو ما شابه أرادو إغتيالي تعرفين بصفتي مصمم لي أعداء..

- يسرني أن أخبرك بالحقيقة التي تخالف توقعاتك يا زوجي العزيز ، كانوا رجال تحت إمرة الكابو ريكاردو ، أرسلهم لإختطافك حتى يستعملك كورقة ضغط ضدي..

الدهشة إحتلت تقاسيم وجهه ، لم يتصور هذا حقا ، معها حق ، يجب أن يضع في حسبانه أن الهدوء الذي كان يهمين على تفاصيل حياته قد رحل بزواجه منها..

- كيف علم بأنك زوجتي ؟

- إن هذا الأمر يضج الآن في روما خاصة و إيطاليا عامة ، يعد خبر الموسم..

- هناك الكثير ينتظر للإعتناء به..

- سأتكفل بهذا ما عليك سوى في المرة القادمة أن تخبرني عندما تريد الإختفاء ، صدقني لن أعارض بل حتى سأفرش لك سجاد أحمر طوال طريق ذهابك..

نظرت مرة أخرى لساعتها لتقف و هو معها ، خرجا سويا من المكان حيث كانت سيارتها ليرجح أنها تنتمي لمجموعتها التي أحضرتها مسبقا إلى المنزل ، ركبت في مكان السائق و هو بجانبها ، شغلت المحرك لتنطلق..

- أرى أنك ترتدين خاتمك بالفعل..

سمعت صوته الفضولي يسألها بعد إنتباهه عند إمساكها للمقود إلى خاتم الزواج الذي صممه من أجلها يزين إصبعها الأيسر فأجابته :

- كما تفعل أنت ، الشكليات مهمة..

ثم باغتته بنبرة مستهزئة و تركيزها منصب على الطريق العام الذي خرجت فيه :

- تذكر هذا المسار ، في المرة المقبلة إذا صادفتك مشكلة أثناء رحلتك الغامضة تعال إلى هنا ، لكن لا تحضر عشيقتك حتى لا تهنيني أمام الأسياد الذين سيسخرون مني قائلين أن فكيتوريا رومانو بجلالة قدرها زوجها يخونها تحت سقف منزل تملكه..

- بالرغم من أننا لا نطيق بعضنا و الزواج القائم بيننا صوري فقط ، لكنني لن أخون هذا الرابط أبدا..

- لو كنت أعرف لثقة معنى لصدقت كلماتك ، لكنني لا أفعل ، كما أنني لا أمانع أن تمتلك أنثى أخرى في حياتك ، أشترط فقط أن لا تتكتشف العامة ذلك ، لا أريد أن يقلل الآخرين من شأني بسبب رجل لم يستطع أن يتحكم في هرموناته ، على الأقل إلى حين طلاقنا هناك إفعل ما شئت..

تسللت الحيرة و الإستغراب إلى ملامحه ، لم يفكر من قبل أن لزواجهما نهاية ، هو حتى لم يفكر ما قد يترتب عن إرتباطهما ، ما كان يهمه تلك اللحظة هو الإنتقام منها و إبعاد الحرج و الفضيحة عن صورته..

إنتبه لنظراتها التي تسترقها بين الفنية و الأخرى بسبب صمته ليقول حتى لا تفهم ما يفكر به :

- ألا تشعرين بالبرد ؟

سألها ساخرا و هو يشير إلى ثيابها ، فهي لم تكشف من قبل عن جسدها بهذه الطريقة ، فهمت مقصده لتقهقه بخفة مجيبة إياه بتهكم :

- أخبرك أن زواجنا مزيف لترد علي بسؤال يكاد يدل على غيرتك ؟ أنت حقا لا تصدق !

- ليست غيرة إنما لم يسبق أن إرتديتي شيء يظهر جلدك من قبل بهذه الطريقة ، على الأقل منذ أن عرفتك..

- سأحضر حفلة اليوم ، فوجب التأنق لها..

لم يسأل أكثر لأنه يعرف أنها لن تجيب ، شعر بالتعب أكثر ليغلق عيناه مريحا نفسه على مسند المقعد ليغفو فورا دون أن يدرك..

رأته نائما بعمق لتزيد من سرعة السيارة أكثر فالطريق طويل و لا تريد إستنزاف طاقتها في أمر تافه كالسياقة ، لو لم يكن مصاب لجعلته يقود رغم عن أنفه..

صدح صوته المتعب في ذهنه قائلا : " أين كنتِ ؟ لقد إنتظرتك كثيرا.." لتنكمش ملامحه بإستغراب اثناء نومه..

تردد صوتها القلق قائلا : " أنطونيو ! إستيقظ يا ايها الأحمق ! "

ثم ظهرت ذكرى أخرى كانت فيها تحمله على ظهرها بصعوبة تحت سماء الغروب بينما تهتف له بنفس متقطع : " من حسن حظك أنني مارست رفع الأثقال في وقت سابق من حياتي ، لكنت الآن قد تركت جثتك تتعفن هنا بينما أختار فستان مناسب لحفل عزاءك ، لم أكن لأحضره ، لكن كنت سأقابل به الصحافيين بينما أذرف دموع التماسيح على منديل أبيض يخص إحدى بذلاتك لكوني أمسيت أرملة و لم يمضي الكثير على زواجي ، ستتحدث الصحف و المجلات في أول صفحة عن قيمة الأموال التي سترثها الزوجة المنحوسة بعد وفاتك و أنا متأكدة أن ترك جميع ما شقيت و تعبت من أجله طوال هذه السنوات لي أمر لن يعجبك لذلك إستيقظ "

يليها موقف آخر حيث كان يستلقي على السرير و هي أمامه بالقرب من كتفه المصاب ترتدي قناع طبي و قفازات على يديها التي تحمل مشرط و ملقط بينما عينيها تذرف الدموع بغزارة لتقول بإصرار محاولة إيقاف دموعها :

" لن أجهز لجنازة أخرى ! تماسك يا هذا ! "

فتح عيناه على إتساعهما من هول صدمته ، أكانت تبكي خوفا من موته ؟! و ماذا كانت تقصد بآخر ما قالته ؟! قاطع تفكيره سؤالها الذي جاء بعد معرفتها بإستيقاظه :

- لم تطل النوم ، هل يؤلمك مكان الجرح ؟

إستدرج صوته الذي شعر و كأنه إختفى بسبب إدراكه لما حصل بالأمس ليتمالك نفسه ، حمحم ليجيب :

- ليس حقا ، أكاد أشعر به ، يبدو أنك ماهرة في مهنتك أيضا..

- بالنسبة لكونك أول جسد حي أعالجه ، هذا جيد..

- ماذا ؟

- ألم يخبرك إبن عمتك بعد ؟ عندما تراه سيفعل..

لم يلقي بالا لهذا الأمر فما تذكره أهم بكثير ، العديد من التساؤلات تجول عقله في هذه اللحظة ، و في ظل حيرته و تفكيره لم يعي أن عيناه شردت ناحيتها ، شعرت بعيناه المتسلطة عليها منذ فترة من الزمن لكنه قال قبل ان تتفوه بشيء :

- هل ذراعك لا يزال يؤلمك ؟

لاحظ أنها كانت تطوي أصابع يدها اليمنى و تعدل كتفها بين الحين و الآخر أثناء مراقبته لها ، كما أن الإشارة إلى الأمر فرصة ممتازة لتملص من حديث لم يكن يرغب الخوض فيه ، سمع جوابها الذي نطقت له بصوت جامد :

- في الواقع لم يكن كذلك إلى غاية الأمس ، يبدو أنني قمت بحركة خاطئة أعادت طيف الألم ، لكنه لا شيء يذكر..

فهم أنها تقصد حملها له إلى السيارة عندما أغمي عليه ، لكنها لا تريد ذكر ذلك حتى لا يستعيد الجزء الذي نسيه من الأمس ، أبعد عيناه بصعوبة عنها ليوجه نظراته إلى الخارج ، يشاهد من خلف النافذة محيطه بسهو..

- هذا ليس طريق المنزل..

قال بإستغراب ينظر إليها بحجابين معقودين بحيرة ، أدارت المقود لتنعطف السيارة و هي تجيبه :

- سنحضر أليكساندرو أولا..

- أين هو؟! لما ليس في المنزل ؟

- قصة طويلة سيروها لك إبن عمتك..

دلفت سيارتها إلى فناء المنزل بما وجدت البوابة الحديدية مفتوحة من أجلها ، كان المكان مألوف بالنسبة لأنطونيو لكنه لم يميزه بعد ، توفقت السيارة لتترجل فيكتوريا منها حيث قابلتها خادمة أرشدتها إلى الحديقة الخلفية ، رحب بها دييغو مبتسما ثم قال :

- يسرني عودتك سالمة..

لم ينتبه لمجيئ أنطونيو لإنشغاله في الحديث معها حيث ردت عليه بسخرية :

- أتعني ما تقوله ؟ لا أتصور أن يحزن أحد إذا ما أصابني مكروه..

- ماذا عن زوجك ؟ و الذي بالمناسبة أخفيت إحتجاجي على زواجك دون دعوتي بالأمس لجدية الموقف لكن الآن لا ضير من السؤال ، رؤية شخصية مثلك يعقد رباط مقدس كالزواج أو بالأصح إهتمامها بشخص ما إلى درجة مجازفتها بالحصول عليه كنقطة ضعف و هي التي لم يكن لها واحدة من قبل أمر لا يحدث كل يوم و قد حرمتني أن اكون شاهد عليه..

- لو أخبرتك أنني حتى أنا بنفسي لم أكن أعلم أنني سأتزوج فقط قبل ساعات من الحفل و أنني إرتديت فستان أسود هل ستتقبل ذلك ؟

- كفانا مزاحا ! تريدين التهرب من الإجابة عن سؤالي يا لك من ماكرة !

قهقهت بخفة ساخرة من وضعها فحتى هو لم يصدق ذلك معتقدا أنها نكتة لتقول :

- أرأيت ؟ كيف كان أليكساندرو ؟

سألته مغيرة دفة الحديث ليعقد دييغو حاجبيه مجعدا ملامحه بغير رضا و هو يهتف مشيرا إلى أليكساندرو الذي كان يلهو مع ماريسا أمامهما بغير إكتراث للمحيط :

- خذي زير النساء خاصتك ذلك ! لم تهتم بي ماريسا منذ ان جاء !

ضحكت فيكتوريا واضعة كفها فوق ثغرها لتحاول التحكم في نفسها و قد نجحت حيث أردفت بإستهزاء :

- يبدو لي أنك على وشك البكاء ! تمالك نفسك لتحافظ على سمعتك أمامي ك كاب و!

- تعلمين أنني لم أرد هذا المنصب يوما ، لكنني لا أزال من آل كاسانو..

- ماذا كنت ستفعل لو لم تكن كذلك ؟

- كنت الآن أملك سلسلة مطاعم و أعمل في فرعها الرئيسي كطاهي مشرف ، أقضي معظم أيامي في التجول رفقة ماريسا أنحاء العالم..

- ليس كل ما نريده يحدث..

- بالفعل ، أنا من بين أكثر الناس التي تعلم ذلك ، لكن مع ذلك وجود شركات نقل بحري و بري بإسمي يحسن من نفسيتي و أنا سعيد بذلك حقا ، أطمح لدخول مجال الجو أيضا لتوسيع عملي..

- لما لا ، زوجتك إنسجمت بشكل واضح مع أليكساندرو بالرغم من علته ، أهي تجيد لغة الإشارة ؟

- لا ، كانت تحادثه أولا و هو يكتب رده ثم أصبحا يتبادلان الرسائل دون حاجة للحديث..

- قم بتبني طفل إذا..

- لقد فكرت في ذلك مسبقا ، لكنها ستشعر بالنقص بدل من ذلك و ستعتقد أنني أعايرها ، لقد حصل خلاف بيننا بسبب ذلك و لا أريد تكرار تلك الفترة السوداء من حياتنا..

- لن تفعل هذه المرة..

- ما الذي يجعلك واثقة من ذلك ؟

سألها دييغو بفضول و أمل لعلها تعطيه حلا لمشكلته التي تعيق سير حياته الزوجية :

- هل هي تعلم أن أليكساندرو متبنى ؟

- أجل أخبرتها بذاك و هذا ما زاد من حنانها أكثر ، يا ليتني ما فعلت..

- إذا هي رأت أنه لا عيب في التبني خاصة بعد أنها قصت يوم كامل رفقة طفل متبنى و أحست بما سيقدمه لها الطفل من أحاسيس ، هذه المشاعر كالمخدرات ، تدمنها من أول مرة و لا تستطيع الكف عن تلقيها بل يزيد شغفك بها اكثر يوم بعد يوم ، حاول معها مجددا و ستوافق بلا شك لربما هي من ستقترح عليك الأمر قبل أن تبادر أنت..

إنتبه أليكاسندور لوجودها ليركض ناحيتها بحماس ، إستقبلته بين أحضانها مبتسمة بإتساع لرؤيته سالما..

لم يكن يتوقع أنها تفكر بمثل هذه الطريقة ، نظرا لشخصيتها و نمط حياتها يجعل منها تبدو كشخص خطير بعيد كل البعد عن مفاهيم الحياة و معرفة معنى كلمة مشاعر ، لكنه ادرك انه مخطئ بإعتقاده ذلك ، ربما لأنه حكم عليها ظاهريا فقط ، كما لا يتذكر أنه قد حظى بحديث هادئ و دافئ يتعلق بأمور تخص الحياة الطبيعية بعيدا عن عتمة عالمهما كما فعل دييغو معها..

شعوره بذارعين تحاوط خصره جعل منه يخرج من دوامة أفكاره التي جعلت منه شارد غير واعي بما يجري حوله لينظر إلى الأسفل حيث كان أليكساندرو يعانقه مستفسرا عن سبب إصابته ، هنا قد إنتبه الآخرين لحضور أنطونيو..

راقب دييغو اللقاء العاطفي الحاصل بين أنطوينو و أليكساندرو الذي كان يسأله عن ما حصل لذراعه ليجيبه الآخر بردود تجعله مطمئنا بينما يعانقه مبتسما ، همس لڨيكتوريا التي كانت تنظر إليهما أيضا :

- زوجك لا يعرف بشأن طبيعة مكانتك أليس كذلك ؟

- لا يعرف شيء عني ، لو فعل ، لما تزوجني..

صوت حمحمة من خلفهما جعلهما يلتفتان إليه و لم تكن سوى ماريسا التي إبتسمت بشكل مصطنع بينما تقيم ڨيكتوريا بنظرات غير راضية ليقول دييغو متداركا للأمر قبل أن تقدم ڨيكتوريا على فعل شيء:

- عزيزتي ماريسا ، أعرفك هذه السيدة ڨيكتوريا ، والدة أليكساندرو و زوجة أنطونيو سالفتور..

إختلفت ملامحها بعد معرفتها بأمر إرتباط من ظنت أنها غريمتها لتصافحها بحماس قائلة :

- أنا ماريسا كاسانو زوجة دييغو ، هل أنت حقا زوجة مصمم المجوهرات انطونيو سالفتور ؟!

أخفت ڨيكتوريا ضجرها بإتقان بينما تتبادل أطراف الحديث بإبتسامة مجاملة مع ماريسا ،من أكثر الأمور التي لا تطيقها هي الحديث في مواضيع النساء ، إلتحق بهما أليكساندرو ليتغير موضوع الحوار إليه..

صافح دييغو أنطونيو مرحبا به ليتعارفا فيما بينهما ،
لا يعلم دييغو أن أنطونيو يعرفه جيدا ، تمصلت ڨيكتوريا من دوامة الحديث لتقول لأنطونيو :

-إن لورينزو على وشك الوصول ، سيأتي لأخذك رفقة أليكساندرو..

-إلى أين أنت ذاهبة ؟

- لدي عمل يتوجب علي إنجازه قبل أن أعود إلى المنزل..

إلتفتت ناحية دييغو لتسأله بنبرة جادة :

- أين هي باقتي ؟

- تعالي برفقتي سأريك مكانها..

رحلا معا بينما يتبادلان اطراف الحديث بهمس ، أراد أنطونيو أن يتلصص عليهما ليعرف ما تنوي عليه لكن قدوم ماريسا برفقة أنطونيو و محاولتها التعرف عليه منعه من القيام بذلك ، لم تمر دقائق طويلة حتى ظهر لورينزو الذي جاء مهرولا ليتفقد لحال أنطونيو محاربا دمعته التي تمردت لنزول لينجح في المعركة..

شكر الإله بينه و بين نفسه على أن الضرر إقتصر على ذراعه فحسب ، عاد دييغو بمفرده ليدرك أنطونيو أن ڨيكتوريا قد ذهبت ، ودعوا بعضهم ليرحلوا هم أيضا ، حاوطت ماريسا خصر زوجها بذراعيها بينما رأسها يستند على صدره و هو يضع ذراعه حول كتفها يراقبان أثر الضيوف لتقول بعد صمت وجيز :

- ما رأيك أن نتبنى طفل ؟!

لم يجد من الحروف ما يسعفه لرد ، لذلك إكتفى بشدها له أكثر طابعا قبلة طويلة على شعرها ، لكنه كان عكس لورينزو ، لقد خسر المعركة الذي فازها هذا الأخير منذ ثواني بدون جهد..

- ما الذي حصل أثناء غيابي ؟

سأل أنطونيو لورينزو الذي يقود السيارة بينما هو كان يجلس في الخلف جانب أليكساندرو الذي لم يفلت ذراعه السليم و لم يعترض على ذلك بل كان أكثر من مرحب ، إسترق لورينزو نظرة عبر المرآة ليجيبه :

- سأخبرك حالما تتعافى ، أنا أهتم بكل شيء لا تقلق..

- أود معرفة ما حصل ، سألت ڨيكتوريا و قالت لي أنك من سيخبرني..

- ليس الآن أنطونيو ، حديثنا غير مناسب في هذا الوقت..

تكلم مشيرا إلى أليكساندرو الذي فهم أنه لا يود الحديث في حضوره لكنه لم يهتم لذلك بل زاد من شده لذراع أنطونيو مندسا في حضنه أكثر ، عبث أنطونيو مبتسما بشعر الصغير حين رن هاتف لورينزو و لم يكن سوى سكرتيره الخاص ، أجاب على مضض لكون الهاتف متصل بالسيارة و سيستمع أنطونيو للمحادثة :

- سيد لورينزو ، لديك ضيوف من اليونان ينتظرونك في قاعة الإجتماعات..

لعن لورينزو بهمس منهيا المكالمة ليسمع صوت انطونيو الذي قال بجمود :

- خذني إليهم..

- لن أفعل حالتك لا..

- ما يريدونه هو أنا ، كما أنني الشخص الوحيد الذي سيتعامل معهم في هذا الوضع..

إنعطف لورينزو مغيرا إتجاههم ناحية المقر الرئيسي للشركة ، يلعن تارة و يشتم سلالتهم تارة أخرى مع حظه العثر..

وقف سيزار أمام حصانه الذي كان الحماس باديا عليه لكون صاحبه حي يرزق ، قهقه بخفة عندما مسح دارسيو بجانب رأسه خده يخبره بمدى سعادته لرؤيته بخير ، ربت على رأسه ثم ناوله جزرة قائلا :

- على الأقل لم تفرح لإصابتي !

ثم تابع بينما يعطيه ثانية ليأخذها دارسيو متلذذا :

- هل لديك أدنى فكرة عن سبب قيامها بذلك ؟ أعني لست بحاجة لنذبة أخرى تشوه جسمي ، خاصة عضلات ذراعي فقد تعبت من أجل الحصول عليهما لتأتي مختلة تفسد عمل إجتهدت من أجله لسنوات ، إنه يشبه أن تتعب من أجل إمتحان و تتفوق فيه لكن يأتي الأستاذ الذي يكرهك في آخر لحظة ليسلب منك نجاحك ، إنها مجنونة صحيح ؟ لقد تضاعف كرهي لصاحبات الشعر البرتقالي ، إذا رأيت واحدة في طريقي سأقتلها دون قصد..

أصدر دارسيو صوت ليقلب سيزار عيناه بينما يمد له اخرى قائلا بتملل :

- حسنا ليس دون قصد لكن كما تعلم ، أن ترى نملة في الطريق و لا تستطيع مقاومة دعسها ، الأمر مشابه نوع ما ، لذلك لن أخرج ، سأتوب عن إفتعال المشاكل لهذا اليوم حتى أستعيد طاقتي كاملة لتعويض ما توقفت عن فعله اليوم غدا بالإضافة إلى ما سأقوم به ، تعرفني لا أفوت يوم دون ترك لمستي في حياة الجميع..

أسند ظهره على طرف الباب الخشبي مكملا حديثه بينما دارسيو يأكل الجزرة الرابعة :

- لا يجب أن تعرف صاحبة أعين القطة المخضرة خاصتي ما حصل لي ، لأنها لو تفعل ، ستترك كل ما يشغلها لتحرق إيطاليا عن بكرة أبيها ، لن أخبرها قبل أن أحظى بنصيبي من المرح ، فما الممتع من اللعب مع جثث مفحمة ؟ التفكير في الأمر يجعلني متحمس لتجربة ذلك لكن ليس هنا..

خرج من مكتبه مرتديا بذلة تليق بالعمل كان يحتفظ بها مسبقا هنا لأي ظرف طارئ كهذا ، لم يقدر على التخلي عن حمالة ذراعه فإكتفى بوضع سترة بذلته فوق كتفيه دون لبسها ، ترك أليكساندرو يلهو في مكتبه ، توجه مع لورينزو إلى قاعة الإجتماعات التي كانت بجدران زجاجية شفافة ، دلف الإثنان بهالة يطغوا عليها البرود ، ملامح صلبة بأعين ترمق الحضور بتعالي..

يجلس ريكاردو بمفرده في الصف المخصص للشخصيات الهامة في دار الأوبرا بعد حجزه للقاعة بأكملها ، يشاهد العرض بإستمتاع و إبتسامة النصر تعلو شفتاه ، سمع قبل دخوله بشأن الحريق الذي نشب في تلك الغابة و هذا ما قد زاد من سعادته أكثر..

بينما كان منسجما العرض ، شعر بباقة ورد توضع في حضنه ، أنزل نظره إليها ليجدها من نوع خانق الذئب ، الزهرة التي تعني في لغة الورود الموت و الكره للبشرية ، لم يكن في حاجة لرؤية من أهادها له و الذي يجلس بجانبه الآن فهو يعرف هويته ، قد سمع من قبل أنها الوحيدة التي تهدي هذه الباقة قبل أن تدمر ضحاياها و ها قد وقع عليه الدور..

- إسراف ثروة صغيرة من رجل بخيل مثلك فقط لحجز قاعة العرض الأول لهذه الفرقة و مشاهدته مع إبتسامة ساذجة تنم عن الفرح لا يمكن تفسيره سوى على أنه إحتفال ، أتساءل عن سبب هذه البهجة و البهرجة يا عزيزي ريكاردو ؟

إلتفتت إليه ترمقه بحدة بينما هو يبتلع ريقه و جبينه يتصبب عرقا ، تابعت تسأله لتزيد من رعبه :

- أ الذي حصل أسعدك إلى هذه الدرجة ؟

لم يجد من الجهد ما يسعفه لرد عليها ، إستقامت من مجلسها تقول له قبل ذهابها بنبرة تلمس فيها التوعد بالويل :

- لقد حان دوري لأفعل ما يحسن مزاجي أنا أيضا..

-لستُ أنا من أضرم النار أقسم !

صاح على مسامعها لكنها لم تلتفت بل تابعت مسيرها إلى خارج القاعة لينهض هو مسرعا تاركا العرض في منصتفه راكضا ناحية عمله ليعرف حجم الخسائر التي ألحقتها به تلك الأنثى الساخطة..

- تعلمون جيدا أنني لن أتنازل عن أي سهم يخصني في عمل اليونان..

قال أنطونيو جملته بعد صمته الذي دام طوال حديثهم المطول ، رست نظرات الرفض الممتزج بالغضب عليه غير راضين بما قاله بعد كل الكلام الذي تفوهوا به لتأثير على قراره لكن يبدو أنه لم ينفع بشيء ، تحدث أحدهم قائلا :

- و تعلم جيدا أننا لن نرضى ان يشاركنا شخص آخر خارج عائلتنا ما نملكه في حال إصابتك بمكروه ما..

كان كل من لورنيزو و أنطونيو الذان يجلسان بجانب بعضهما على رأس الطاولة يتشاركان القمة ينظران إليه بإستصغار ، إبتسم أنطونيو لجرأته ثم قال بتهكم:

- أرى أنك متلهف لموتي كثيرا يا فيليكس..

خاطب الوريث الأول لإبن خاله الأكبر يكبره بأشهر قليلة فقط ، شعره الأشقر و بشرته السمراء مع عينيه الزرقاء الفاتحة دلت جميعها على أنه يوناني أصيل أب عن جد ، إبتسم المخاطب مجاملا أردف بهدوء:

- ليس كذلك ، لا نريد من غير نسلنا أن يرث مالنا..

- إن زوجتي و إبني يحملان إسمي أنا المنتمي لهذه العائلة ، و هذا يعني أنهما جزء منها ، ما هو لي لهما أيضا في حال غادرت هذه الحياة..

- ليس هذا ما أقصد ، أنت تعرف جيدا أنني أعني القاعدة من قانون النسل التي ..

- تنص على أن الميراث محرم على غير اليوناني نقي ؟ أنا وليد أم يونانية و أب إيطالي أحمل إسم إيطالي كذلك كما أن لورينزو لأب يوناني و أم إيطالية هل تقول أن ليس لنا حق في الميراث نحن أيضا ؟

- لكنكما من العائلة..

- أوه هل تذكرت هذا بعد دفعنا لكم مبلغ خيالي سنويا منذ فترة طويلة لضمان تكتمكم على الأمر ؟ و كأن العائلة تهمك حقا..

- إن هذه القاعدة تطبق من عقود يا سيد أنطونيو..

- من سن هذه القاعدة من الأساس لقيط ، لا يعرف أصله من فصله ، لن أتخلى عن ممتلكاتي في اليونان و هي من حق زوجتي و إبني أيضا ، هذا ما لدي..

ضرب الطاولة بإصبعه قبل ان ينهض بعد التفوه بآخر كلامه ، ترك الغرفة وسط إحتجاج البقية و قيام فيليكس من مكانه للحاق به لكن لورينزو وقف أمامه مانعا إياه من فعلته قائلا بتهديد :

- من تحسب نفسك يا هذا ؟

إستوقفت ڨيكتوريا أنطونيو بالقرب من الباب الذي خرج منه ليكونا على مرأى الجميع ، سألته بسرعة تتفحصه بتعجل :

- سمعت أن أقاربك من اليونان هنا ، هل أقدموا على أذيتك ؟

وجهت عينيها المحتدة ناحيتهم ترمقهم ذاهبا و إياب بينما تقول له :

- ما الذي يريدونه ؟ أخبرني و سأجعلهم تحلية لظل..

لاحظت نظارات فيليكس تقيمها بإعجاب واضح ليقول بإنجذاب :

- الآن بعد رؤيتها لا ألومه على إختياره لها ، لو كنت مكانه لكسرت القوانين لأحضى بها..

تقدم لورينزو حجب عنه ڨيكتوريا ، أمسكه من ياقة قمصيه محذرا :

- التي تتحدث عنها هكذا تكون زوجة أخي ، و هي من شرفي أيضا ، إذا أقدمت على أي حركة نحوها لن أمانع في حرب مفتوحة بين مافيا الخطيئة اليونانية و خاصتي..

- لا تشغلي بالك بهم ، لورينزو سيتولى أمرهم..

- لما هم هنا ؟

- لقد جاءوا بعد معرفتهم بأمر إختفائي و إصابتي لمناقشة موضوع نصيبي من أملاك في اليونان لكنني قمت بتسوية الأمر الآن ، ما الذي جلبك إلى هنا ؟

- إن الصحافة تتصارع بالقرب من المدخل الرئيسي ، لقد تسللت من الخلفي حتى أتمكن من الوصول إليك..

- حسنا لا بأس ، سأخرج إليهم و أوضح بعض النقاط كي لا يتفاقم الوضع..

أمسكت ذراعه الغير مصاب تمنعه من الذهاب ، تقدمت خطوة نحوه لتقف أمامه لا يفصل بينهما سوى إنشات فقط ، تسلقت أناملها نحو خصلات شعره ترتبها ثم نزلت إلى ياقته و ربطة عنقه تسأله بنبرة غامضة :

- لما تعامل أليكساندرو بلطف رغم معرفتك أنه قطعة مني أنا الأنثى التي لا تطيقها ؟

رفعت خضوريتيها الشاحبة إليه تنتظر جوابه على أحر من الجمر ، لا يعرف الغرض من سؤالها لكنه يشعر بأن إجابته هي من ستتحدد ما سيحصل في اللحظة القادمة..

- لا أريد من روحه أن تتشوه كما حصل معنا ، يكفي مسوخ مثلنا في هذا العالم ، لا يستحق أن يمسي كذلك هو الآخر..

وضعت نظاراتها الشمية السوداء لتخرج أخرى من حقيبتها من أجله ، أبعدت يدها سترته لتنزع عنه الحامل ببطئ متخلصة منه ، ألبسته السترة بشكل صحيح ثم المعطف الشتوي الذي أحضرته معها من اجله ، إستجاب لأوامرها ثم أدخل يد ذراعه المريضة إلى جيب المعطف حتى يخفف الوجع لكنها أخرجتها لتحيط كفها بخاصته تسحبه معها بلطف مراعي لحالته حتى أنه لم يشعر بأي ألم يذكر..

خرجا سويا يد بيد من الباب الرئيسي لتستقبلهم أضواء الكاميرات و أسئلة الصحافيين المتداخلة بين بعضها البعض ، لولا وجود أعوان الأمن ليشكلوا جدار عازل بينهم لكانوا قد هجموا عليهم بالتأكيد ، إبتسامة مجاملة إرتسمت عليهما ليشد سؤال أحدهم إنتباه فيكتوريا حيث قال :

- هذه أول مرة تقفين أمام الصحافة بصفة زوجة مصمم المجوهرات أنطونيو سالفتور ، ما هو شعورك ؟

- في الواقع كنت أعلم أن هذا اليوم سيأتي عاجلا أم آجلا لكنني لم أتوقع أن تكون ردة الفعل هذه منكم قوية إلى هذه الدرجة..

تدخلت صحفية أخرى موجهة سؤالها نحوه قائلة:

- كيف كانت ردة فعلك على إعلان هوية زوجتك ؟

- كشف هوية زوجتي ليس مشكلة بالنسبة لي ، كان سيحدث هذا يوما ما بالفعل ، تحفظت على هذا الأمر طوال هذا الوقت لتجنب هذه الضجة و قضاء الفترة الأولى من الزواج بعيدا عن الأنظار..

- لقد تم الإعلان بالأمس لكنك كنت مختفي عن الأنظار ، هل لأن الأمر قد تم كان بغير إرادة منك ؟ أي أنه تسرب من مصدر آخر غيرك ؟

قلب أنطونيو عيناه بضجر من أسئلة الصحافة المتطفلة ، لطالما كان يترك موضوع الإعلام و العلاقات العامة من شأن لورينزو لكون هذا الأخير ذو شخصية دبلوماسية تجيد الحديث بلباقة على عكسه هو الذي كان بإمكانه إضرام حرب بين بلدين لشدة صراحته و إختيار السيء الغير منمق لكلماته ، تقدمت فيكتوريا لتجيب على سؤال الصحفي بينما تمرر يدها الحرة على ذراع زوجها بخفة :

- لم نكن هنا عندما أذيع الخبر ، إضطررنا لقطع إجازتنا الخاصة من أجل توضيح الأمور لحضرتكم..

تنفس لورينزو الصعداء بعد سماعه لردها ، يبدو أنها هي الأخرى تمتلك لسان لبق على عكس إبن خاله لأنها لو تركته يجيب لقال بكل وقاحة : و ما شأنك أنت ؟

- زواجك كان ضربة قاضية لمعجباتك و نساء المجتمع الراقي خاصة اللاتي لطالما إجتمع إسمك بهن تحت سقف العلاقات العاطفية في المجلات ، لكونك قد تزوجت بشخصية مجهولة من خارج الإطار المعروف ، ما رأيك بهذا يا سيد أنطونيو ؟

قهقهت فيكتوريا بعد سؤال الصحفية حيث إنتبهت أنها توجه كل أسئلتها إلى أنطونيو متجاهلة وجودها ، تاكد تقسم في داخلها أن كل كابو إيطالي يشاركها الضحك ساخرا من وصفها بالشخصية الغير معروفة ، لتخاطب نفسها بداخلها:

- أوه يا عزيزتي أنا شخصية غنية عن التعريف لكن ليس في عالمك الوردي هذا !

أبعدت نظاراتها لتظهر خضوريتها مما جعل من ضوء الفلاش يزداد ملتطقا العديد من الصور لها :

- لما هذا السؤال ؟ ألا أرضي معاييرك يا عزيزتي ؟

حمحمت الصحفية بخجل فقد جعلها كلام فيكتوريا تشعر بالغباء ، حاولت تدارك موقفها قائلة :

- لم أعني هذا يا سيدة فيكتوريا ، إعذريني على سوء فهمك لسؤالي بهذه الطريقة..

- ربما لست بالشخصية المشهورة التي يترصد الجميع لأخبارها و معرفة متى إستيقظت أو أكلت متسائلين عما ستفعله تاليا ، لكن هذا لا يعني ليس بمقدروي أن أتزوج برجل تعرفونه ، نحن نعيش في القرن الواحد و العشرون يا عزيزتي ، حيث النساء أمسين يقودون الدول و يشكلن عنصر لا يتجزأ من المجتمع ، بفرقعة من أصابعهن يقلبن الأمور رأسا على عقب فوق رؤوس الرجال ليجعلوهم يعيشون الجحيم ..

- نكتفي بهذا القدر من الأسئلة ، إلى ملتقى آخر ، شكرا لكم..

قال أنطونيو منهيا بذلك سلسلة الأسئلة هاته ، قادته إلى السيارة من نوع مرسيدس ، جلس بجانبها هي التي كانت خلف المقود ، سحبت هاتفها تعبث به و إبتسامة خبيثة رسمت على شفتيها ، تركت جوالها جانبا لتأخذ قنينة النبيذ المعتق الموضوعة بجانبها ترتشف منها ثم اعادتها :

- ما الذي جععلك تشربين رشفة النصر ؟

- فقط قمت بإهداء الصحافة ما يجعلهم ينسون موضوعنا ، ساوصلك إلى المنزل ، خذ أخبر لورينزو أن يعيد أليكساندرو برفقته..

تنهد ريكاردو بإرتياح بعد معرفته أن لا شيء من عمله قد تضرر ، نهض ليخرج من المكان بإبتسامة سعيدة سرعنما إختفت عندما هاجمته الصحافة بشكل مباغت ليتدخل حراس الأمن محاولين إخراجه من بينهم ، كانوا يوجهون ناحيته الاجهزة يسألونه ما جعل منه يتصلب في مكانه قبل أن يغمى عليه :

- ما تعليقك على مشاهد خيانتك لزوجتك ؟

راقب أنطونيو قطرات المطر التي تنساب بشكل عنيف في الخارج تحت سماء الليل ، شرب من كوب قهوته الساخن و عيناه لا تزال معلقة على زجاج نافذة الكبيرة الموجودة في مكتبه ، صوت لورينزو قاطع شروده ليجذب إنتباهه حيث قال :

- أين هي ڨيكتوريا ؟ لما لم تعد بعد ؟

- لا أعرف أنت من تحدث معها عندما إتصلت بك آخر مرة..

- لقد سألتني عن إذا ما كنت أنا من تسبب في الحريق الذي نشب في الغابة حيث وجدتك لأخفي آثار الحادث ، لكنني لم أكن أنا فأنهت الإتصال..

- حتى أنا ليس لي أدنى فكرة عن ذلك..

- يا إلهي لقد دمرت ريكاردو حرفيا ، تعلم أن مصدر تمويل المافيا خاصته هي الخطوط الجوية التي صاحبة أغلب أسهمها هي زوجته ؟ إنه حتى لا يملك فلس واحد منها لقد أنهته هذه الفضيحة تماما..

- غيابها هذا يدل على أنها تنوي على أمور أخرى أكبر ، أخبرني بالذي وقع ؟

- إن زوجتك مختصة في علم التشريح..

- لذلك قالت لي بأنني أول مريض حي تعالجه ، هي من النوع الثاني إذا..

- لو فقط جعلتني آخذك إلى طبيب ما ليفحص جرحك ، ماذا لو إستأصلت عصب ما أو ما شابه لكونها معتادة على ذلك ؟ في بعض المرات نقوم بما نجيده بذاكرة الجسد لا العقل..

- أستطيع تحريك أصابعي و ذراعي و لا أشعر بالألم سوى في مكان الإصابة ، لا تقلق لقد أتقنت عملها جيدا ، لم تخبرني بعد بالذي حصل هنا ، لما إختفى جميع الخدم ؟

- إن شيري هي من سرب هويتك بكونك زوج ڨيكتوريا..

أردف لورينزو بصزت مهزوز و قلب موجوع ، لا يصدق إلى الآن انها غدرت به ، بعكس أنطونيو الذي لم يبدي اي ردة فعل فقد كان يتوقع منها فعلة كهذه لكونها لم تكن تطيقه منذ البداية..

- لما فعلت ذلك ؟

- لقد أخبرتني لو أنها كانت تعلم بشأن قرابتنا لما قامت بذلك..

- إذا ما الذي دفعها لإفشاء هويتي ؟

- يبدو أن مشكلتها مع ڨيكتوريا و كنت أنت نقطة ضعف إستغلتها ضدها..

- ما الذي تعنيه ؟

باشر لورينزو في سرد ما حصل بكل تفصيل ممل على آذان أنطونيو الذي كان يصغي له بكل تمعن يركز على كل كلمة و يحللها لتوصل إلى ما يجعل من رؤيته للقصة واضحة..

كان لورينزو قد غادر بعد نهاية الحديث لتفقد أليكساندرو في غرفته قبل أن يدلف إلى مضجعه هو الآخر بعد يومين مرهقين للغاية..

همس أنطونيو بعد أخذه لرشفة أخرى من كوبه يرمق خاتم زواجه :

- أين أنتِ و الجو عاصف و مرهب هكذا ؟

خف عنف الجو مع الساعات الأولى من الصباح لكن بالرغم من ذلك كانت الشمس مختبئة خلف الغيوم الرمادية التي تذرف قطرات بشكل خفيف..

جلس لورينزو بجانب دييغو على طاولة الإجتماع الذي عقد في هذا الصباح الباكر ، من أجل معرفة مستقبل الخطوط الجوية الخاصة بزوجة ريكاردو السيدة كارين سفورزا ، فبعد فضيحة الخيانة ، تزعزعت أسهم الشركة و سمعتها لذلك إجتمع مالكي الحصص برفقة من يود شراء الأسهم التي سيتخلى عنها أصحابها فهذه فرصة لا تعوض لتوسيع أعمالهم..

من بين الذين يودون الإقتناء كان لورينزو و دييغو و شيري أيضا التي كانت تجلس على الجانب الأيسر للورينزو ، وضع كفه فوق فمه يخاطبها هامسا :

- ما الذي تفعلينه هنا ؟

إدعت تعديل فستانها الأحمر الشتوي و خصلات شعرها اابرتقالية بينما تجيبه من بين شفتيها الملطخة بأحمر شفاه فاقع :

- أنا هنا بصفتي سيدة أعمال ناجحة تود إستثمار أموالها في مشؤوع ناجح..

- سأحادثك فيما بعد..

-سيدة شيري ، هل أنت بخير ؟ ما الذي حصل لذراعك ؟

سألها الرجل الثلاثيني الذي يجلس بجانبها على الجانب الآخر مشيرا لحامل الذراع الذي ترتديه ، إبتسمت مجاملة تجيبه :

- حادث صغير ، ألن تعرفني عن نفسك يا سيد ؟

سألته بحاجب مرفوع و ملامح طبعت عليها الفضول ببراعة ،تعرفه جيدا هذا الكابو لكنه أول لقاء شخصي معه لذا لابد القليل من التمثيل لإبعاد الشبهات ، إبتسم الآخر ليقول مادا يده :

- هذا خطئي ، أنا أدعى سانتو ليغوريا صاحب سلسلة مطاعم ليغوريا الشهيرة..

إلتفتت لورينزو ناحية دييغو غير مكترث لنقاش شيري مع سانتو ليقول :

- سيد كاسانو ، تواجدك هنا كان متوقع..

- وجودي هنا مؤكد لأن لي إسم واسع في النقل البري و البحري و أطمح أن يكون في الجوي أيضا ، ماذا عنك سيد روسو ؟

- بالرغم من إنخفاض قمية الشركة لكنها لا تزال تقدر بقدر مالي كبير ، لا يمكن لشخص واحد مثلك أن يشتريها بأكملها ، إذا رأيت عرض نال إنتباهي ربما أدخل كشريك مع أحدهم..

-كما فعلت مع السيد أنطونيو سالفتور..

- نعم كما فعلت معه ، كما ترى إستثماري في عمله لم يلحق بي خسارة في النهاية بل يدر لي الملايين سنويا..

- هناك ستة مشترين لا نعلم ما قد سيحصل..

- لكنني أرى خمسة فقط ؟

- المقعد الذي على يميني لا يزال فارغ..

- كما أن هناك المقعد الرابع في الجهة المقابلة الخاصة بالمالكين شاغر أيضا..

- يبدو أنهم لم يأتوا بعد..

- من يصدق بأننا نجلس الآن لتقاسم مصدر الدخل الرئيسي لريكاردو سفورزا ؟

- هل فهمت الآن لما لا أود العبث معها و أن كسبها كصديق أفضل من عدو ؟ خبر واحد منها جعل من ثورة تتبخر و صاحبها يرقد في المستشفى لإصابته بأزمة قلبية و زوجته تريد الطلاق ، من الجيد أنني في صفها..

دخلت إمرأة في نهاية الأربعينيات من العمر بكامل أناقتها في بدلة العمل نسائية عبارة عن قطعتين تنورة تصل لأسفل ركبتها مع سترة بذات اللون الأبيض ، وقف الجميع إحتراما لها لتومئ ثم جلست على رأس الطاولة لبدأ الإجتماع رحبت بهم ثم قالت :

- أستسمحكم عذرا ، لا يمكننا البدأ في الإجتماع لغاية حضور البقية..

- هل لديك أي فكرة عن الشخصين الذين سننتظر حضورهم المبجل يا سيد كاسانو ؟

همس لورينزو لدييغو ليجيبه الآخر بهدوء :

- لا أعلم لكن بما أن أحدهما من المالكين لن نتمكن من الشروع بدونه..

فتح الباب فجأة لتتجه الأنظار ناحيته ، ظهر من خلفه سيزار ببذلة سوداء خاصة بالمناسبات تكونت من بنطال و قميص أبيض تعلوه سترة أغلق زره الوحيد المتواجد في الوسط ، شعره الأسود قد صففه ناحية الأعلى مما ابرز ملامحه بشكل أكثر ، مرر زرقويتاه بين الجمع بسرعة مبتسما ثم قال :

- عذرا على جعلكم تنتظرون قدومنا..

إبتعد قليلا عن المدخل فاتحا الباب أكثر سامحا لمن برفقته بالدخول..

صوت كعبها الأسود اللامع صدح صوت خطوته الأولى داخل القاعة ، بنطال جلدي يتسع من الأسفل ليضيق في الأعلى عند منطقة الخصر حيث إكتمل طول قميصها الأسود ذو أكمام تنتهي عند بداية كوع ذراعيها مع جيبان في كل جهة عند الصدر ، ياقته رتبت حول عنقها العاجي حيث وصلت خصلات شعرها السوداء التي إتخذت تموجات واسعة ، تمايلت من تحتها أقراطها الماسية الطويلة..

ترك الباب يُغلق بعد دلوفها ليقفا جنب إلى جنب يرمقان الحضور بجمود لتقطع كارين البرود الذي حل المكان بدخولهما :

- سيدة ڨيكتوريا ، سيد سيزار أهلا بكما تفضلا بالجلوس..

المقعدين الشاغرين كانا لهما ، لكن من سيجلس في جهة المهتمين بالشراء و من في جهة مالكي الأسهم.. ؟

===============

يُتبع..

رأيكم؟

توقعاتكم ؟

ڨيكتوريا ؟

أنطونيو ؟

سيزار ؟

شيري ؟

لورينزو ؟

أليكساندرو ؟

دييغو ؟

ماريسا ؟

هذا أطول فصل كتبته لحد الآن في الرواية..

علاقة سيزار بشيري تبدو بمثل سوء علاقتها مع فيكتوريا..

ترى ما الذي حصل في الماضي ؟

لما شيري حاقدة لدرجة إقدامها على طعن القلب الذي أحبته يوما ما ؟

أحم.. هل من احد لديه تعليق بخصوص ما تذكره أنطونيو بشأن فيكتوريا؟

أنطونيو قد رأى فيكتوريا في هذا الفصل لكن بعيون أخرى جعلته يدرك عنها أمور لم يتصورها عنها..

ما هي نتيجة هذا يا ترى؟ 🤭😉

غيرة دييغو من أليكساندرو..😭

ستفهمون قصته مع زوجته في الفصل القادم😄

ظهور رسمي لسيزار و فيكتوريا معا..

ما الذي يخططان له ؟

كيف ستكون ردة فعل البقية على هذا الظهور ؟

من برأيكم سيجلس في جهة مالكي الأسهم سيزار أم فيكتوريا ؟

يوجد امر غير متوقع سيحصل في الفصل المقبل🌚

حرفيا لم يتم توقعه أبدا 🤭

سوووو..

إلى اللقاء في الفصل المقبل😄❤️

Continue Reading

You'll Also Like

242K 9.8K 53
الكاتبه شهد✍🏻 اول روايه لي وان شاء الله تنال اعجابكم 🤍 • اختصار للروايه ؛تتكلم عن حياة الجد سعود وعياله واحفاده ويومياتهم والاحداث والمغامرات الل...
337K 14.6K 39
قصه حقيقيه حدثت في عام ٢٠١٧ فتاهً مسيحيه في احداى الايام تقع بيد رجل مجرم هل ياترى ماذا سيحدث معا الابطال مختلفين...!!!
353K 16.1K 23
صهباءً مُتمردة كاملة ، وَ اصهبً ناقص . اغفر على روحكَ السلام ، واعتقني من الجحيَم كـُن لي قبوً لـَ سُري ، وساكونَ لكَ حُره ، جبـَرُ عضيم ، لـسردابً ع...
223K 11.8K 68
سَنلتقي .. رُبما يكون لقاءً بارداً تكتمُ فيه غيرتك وأمسكُ فيه لِساني عن اُحبّك ستنظر اليّ ، وسأنظر للجميع عداك .