أرواح مشوهة | distorted souls

By the_writer_ro

107K 4.2K 10.2K

يقوم بإختطافها ثم تهديدها للقبول بالزواج منه بعدما جعلت عروسه تهرب قبل يوم واحد من الزفاف ، إعتقد أنه أمسك بز... More

المقدمة:
الفَصل الأول: ڨيكتوريا رومانو
الفصل الثاني: خَطَر !
الفصل الثالث: عَهد..
الفصل الرابع: الظل..
الفصل الخامس: صورة..
الفصل السادس: تبادل عهود..
الفصل السابع: دماء على فستان..
الفصل الثامن: فوضى ساخط
الفصل التاسع : جولة شطرنج
الفصل العاشر: ضيف من الماضي
الفصل الحادي عشر: رائحة الموت
الفصل الثاني عشر: تسجيل دخول لساحة..
الفصل الرابع عشر : نصل الحقيقة
الفصل الخامس عشر : عقاب متمرد
الفصل السادس عشر : ليلة بين النجوم
الفصل السابع عشر : ملاك حارس
الفصل الثامن عشر : وكر الشيطان
الفصل التاسع عشر : الغسق
الفصل العشرون : العتمة
الفصل الواحد و العشرون : تحت ضوء القمر
الفصل الثاني و العشرون : رسالة من جثة
الفصل الثالث و العشرون : قصة سيدة النصر-الجزء ١-
الفصل الرابع و العشرون : على حافة الهاوية
الفصل الخامس و العشرون : قصة سيدة النصر-الجزء٢-
الفصل السادس و العشرون : وردة الجوري السوداء
الفصل السابع و العشرون : وحوش حول مأدبة العشاء

الفصل الثالث عشر: معزوفة الحرب

3K 112 330
By the_writer_ro


أخد لورينزو كوبي الشاي الذي أعدهما لتناوله رفقة شيري في هذا اليوم المشمس على غير عادة الأيام الماضية الباردة الممطرة لكون الشتاء قد شارف على الدخول..

كانت شيري تجلس بثياب نومها الخفيفة على الأريكة أمام المدفئة تشاهد إحتراق الحطب البطيء بين جدران غرفة المعيشة الخاصة بجناحها , حيث كان محور أفكارها هو حديثها مع ڤيكتوريا عن معاملتها لأليكساندرو الذي حصل ليلة البارحة إلى حين سمعاها لصوت رطم خفيف على باب غرفتها..


تنهدت لتأذن لطارق بالدخول لكنه إستمر في رطم الباب لتبتعد عن مكانها متجهة لفتحه حيث وجدت خلفه لورينزو الذي كان يرتدي ثيابه الرسمية البنية و إبتسامة دافئة رسمها من أجلها لتبادله بواحدة أكثر إتساع مبعدة كل أفكارها السخيفة عن ذهنها متفرغة من أجله ..

مد لها الكوب قبل دخوله ليجلس على الأريكة ذاتها  بإرتياح , أوصدت الباب لتلحق به جالسة بقربه بينما ترتشف من كوب الشاي ملتذذة بطعمه و هي تردف بإستمتاع:

- لا زال الشاي الذي تعده مميزا بحق , لقد زرت العديد من بلدان العالم لكن لم أتذوق ما قد يماثله في الطعم..

- لأن اليدان التي تعده تختلف , شاي لورينزو روسو لن تجدي ألذ منه مطلقا يا عزيزتي شيري..

قهقهت شيري بخفة و هي تضع كفها الحر على صدرها لتردف بدرامية مزيفة :

- الرحمة من غرورك القاتل..

- التفاخر الذي يكون في محله لا يدعى غرور بل ثقة في النفس..

- حسنا هذه تعتبر وجهة نظر منطقية..

ساد صمت قصير بعد جملتها التي جعلت من لورينزو يبتسم كرد صامت عليها إلى أن قطع هذا السكوت بسؤاله الذي أرغمها على التوقف من شرب شايها:

- كيف حالك يا شيري ؟

أبعدت الكوب عن شفتيها لتضعه على الطاولة الصغيرة أمامها مردفة بهدوء و هي ترمق الفراغ:

- بخير ..

- لستِ كذلك..

- إذا كان هذا ما تعتقده لماذا سألتني من الأساس ؟

- أردت أن أسمع إجابة صريحة منك..

- إنني أتولى أموري يا زو لا تقلق , كل شيء تحت السيطرة..

- أنا أعرفك جيدا يا شيري , يوجد ما يزعجك و يعكر صفو مزاجك , أهي ڤيكتوريا ؟ أشعر بالذنب لجعلك تأتين..

إبتسمت شيري بوهن و هي تلتفت إليه واضعة قدميها على الأريكة لتسد الفراغ الذي بينها و بينه , حطت يدها على كتفه جاذبة إنتباهه إليها لتقول بمرارة يغلفها مرح غير حقيقي  :

- كل ما في الأمر هو أنني عندما إعتقدت أن الماضي صفحة و قد طويتها إلا أن إكتشتفت أنه لن يتركني وشأني أبدا..

إمتد كف لورينزو إلى وسط ظهرها مربتا بخفة على البقعة التي يرتسم عليها وشم العنقاء خاصتها المخفي تحت قميصها مما جعلها ترتعش بألم داخلي فهمه هو على الفور ليدخلها بين ذراعيه و هو يردف بحنو:

- الماضي يبقى ماضي يا شيري , حتى لو تعثرنا به في المستقبل إلا أننا لن نتركه يقيد حياتنا التي نعيشها لمرة واحدة فقط..

لتردف بنبرة ساخرة و هي تبادله الحضن:

- إن الوشم وسيلة لإخفاء الجروح التي إقترفتها أفعال الحياة في حقنا..

واقف أمام زجاج النافذة في غرفته ببذلته الرسمية الكحلية التي يضع كفيه داخل جيبي بنطالها بينما رماديتاه مسلطة على هيئتها التي تقف وسط الحديقة الخلفية للمنزل حيث كانت ترتدي ثياب رياضية سوداء من ماركة نايك رفقة زوج من الأحذية الرياضية تعود لنفس الماركة , شعرها القصير جمعته على شكل تسريحة ذيل حصان منخفضة بربطة سوداء صغيرة..

تحمل بين يديها قوس و سهم تحاول تسديده وسط لوحة الأهداف التي ترتسم عليها دوائر سوداء و بيضاء مختلفة الأقطار , في حين على الطرف المقابل لها من الحديقة كان أليكساندرو يلعب كرة السلة بمفرده و قد كان يرتدي ثياب مماثلة لوالدته..

- لقد أنهيت كل ما جئت من أجله..

تحدثت ڤيكتوريا بنبرة مرتاحة موجهة كلماتها إلى من تحادثه عبر سماعات اللاسلكية المتصلة بهاتفها الموجود في جيبها عن بعد , رمت السهم الذي لم يصب الهدف مجددا مما جعلها تتنهد بضيق لكون إصابة كتفها تعيقها عن التسديد الذي ترجوه , أخذت سهم آخر و هي تمتم بتوعد:

- لو رأيت المعتوه الذي كان السبب في إصابتي ذلك اليوم سأجعله عديم اليدين لبقية حياته..

وضعت السهم في مكانه لتجهز نفسها لإطلاقه إلا أن رؤيتها لوجود أنطونيو رفقة أليكساندرو في الملعب يتواصل معه بمرح جاعل من أليكساندرو يبتسم بسعادة جعلت منها تتريث عن ما تقوم به راسمة على شفتيها إبتسامة منتصرة و هي تكمل حديثها بثقة :

- لقد أحب أنطونيو الصبي بصدق و أنا متأكدة بأنه لن يتخلى عنه مطلقا , كل شيء يسير كيفما أريد و المخطط له , لم يتبقى الكثير لأختفي برفقتكَ..

رمت السهم الثاني الذي لم يصب اللوحة من الأساس بل سقط بالقرب منها لتلعن بين أنفاسها المتسارعة , لتقول بتدارك :

- لم أقصد اللعن أقسم , أعرف بأنني وعدتك أن لا أقوم بذلك مجددا و لكن ما باليد حيلة و أنت على يقين بالأمر ..

إنحنى أنطونيو ليصل إلى طول أليكساندرو مشيرا له قائلا:

" سأذهب الآن إلى والدتك لأنني أود الحديث معها بشأن أمر مهم , سألعب معك لاحقا حسنا؟ "

أومئ أليكساندرو برضى لينهض أنطونيو سامحا لأليكساندرو بإكمال لعبه ليتجه ناحية ڤيكتوريا التي إنتبهت لقدومه نحوها مما جعلها تتأفأف بضجر و هي تردف بتملل بينما تضع كفها فوق شفتيها :

- لا أعرف ما يريده هذا المزعج الآن , سأحادثك لاحقا ..

سحبت هاتفها من جيبها لتعبث به ثم نزعت عن أذنها السماعات لترجعهم إلى علبتهم ثم أعادت كل شيء إلى جيبها ممسكة بالقوس مجددا و هي تجهز نفسها للإطلاق تزامنا مع إقتراب أنطونيو منها ..

ألقت بالسهم مرة أخرى و الذي لم يصب الهدف مرة أخرى لتشعر بيد أنطونيو التي وضعت على كتفها على حين غرة , أحس كف أنطونيو بإرتجاف غير إرادي صادر من كتفها ليقول و هو يميل رأسه مدققا في كتفها :

- كما إعتقدت , كتفك مصاب..

رمقته ڤيكتوريا بعينان خاملة ميز الحدة بداخلها , أعادت تجهيز القوس مصوبة إياه نحو اللوحة و هي تقول ببرود :

- لا تتدخل فيما لا يعنيك سيد سالفتور..

أنزل أنطونيو القوس من يدها مانعا إياها من الرمي لترمقه بسخط و هي ترفع حاجبها محذرة إياه من العبث معها , إقترب منها لتلامس شفتيه أذنها شاعرة بها تتحرك ضد جلدها و هي تقول :

- إن أليكساندرو على مقربة منا و لا أعتقد أنك تودين منه أن يرانا نتشاجر أليس كذلك؟

أرخت قبضتها عن القوس لتدعه بين يديه حيث أخذه منها ليتجها معا إلى الداخل , أعطاه لإحدى الخادمات التي وجدها عند المدخل متابعا طريقه برفقتها ناحية غرفتهما..

رمى أليكساندرو الكرة إلا أنها رطمت العارضة لتعود إلى وراءه , تنهد بتعب و هو يلتفت إلى الخلف ليجد الكرة بين يدي شيري التي جاءت منذ ثواني و قد غيرت ثيابها إلى أخرى خاصة بالرياضة , إعتدل في وقفته مرمقا إياها ببرود يتخلله الشراسة التي لم تخفى عن شيري التي قهقهت بخفة و هي تردف بمرح :

- لقد رأيت أنك تلعب بمفردك لذلك أردت مشاركتك في اللعب..

ضم أليكساندرو ذراعيه إلى صدره رافعا إحدى حاجبيه متفحصا إياها من الأعلى إلى الأسفل بإنتقاد صريح لتحمحم هي بعدما فهمت أنه رفض عرضها بكل وضوح وقح , بللت شفتيها لتقول بإبتسامة محاولة تبديد شحونه :

- مع الأسف أنا لا أجيد لغة الإشارة إلا أنني ممتازة في قراءة الشفاه لذلك يمكننا التواصل بهذه الطريقة , كل مع عليك فعله هو تحريك شفتيك بالكلمات التي تود قولها و أنا سأفهمك..

إبتسم أليكساندرو إبتسامة ميزت شيري الخبث فيها رغم ملامحه الطفولية البريئة مما جعلها تبتلع ريقها مدركة أن التعامل معه لن يكون سهلا لكونه ليس طفل عادي كالبقية , إنه إبن ڤيكتوريا , تحدث بدون صوت و هو ينظارها بثقة :

- لن أقبل عرضك في اللعب لأنني لا أطيقك!

جعدت شيري حاجيبها بغير رضا بعد فهمها لما أشار إليه لتقول بإندفاع جاهدت على جعل نبرته هادئة :

- لكن لما لا تطيقني؟ أنا لم أفعل لك شيء !

- نظراتكِ ناحيتي تشعرني بأنك على وشك الإنقضاض علي لو أتيحت لكِ الفرصة , حتى أنا لم أفعل لكِ شيء لكن مع ذلك لا تطيقنني..

تسللت أصابع كفها الأيمن ناحية خصلات شعرها المرفوع على شكل ذيل حصان تعبث بها في حركة معتادة على القيام بها حين تشعر بالتوتر , كلماته أثبتت لها أن ما قالته ڤيكتوريا حقيقي و أن حتى الصبي قد لاحظ نظراتها الكارهة , تقدمت منه لتقول بلطف :

- لم أقصد النظر إليك بتلك الطريقة و ها أنا ذا أنوي تصحيح علاقتي بك..

- لا أثق بكلامك..

- ما رأيك أن تدع الأيام تثبت لك حسن نيتي؟

- سأرى إن كنت تستحقين فرصة من الأساس..

- إذا ما رأيك أن نلعب سويا ؟ أنا جيدة في لعب هذه اللعبة , لقد مارستها لفترة طويلة منذ زمن..

عاد لتفحصها بعيناه لكن هذه المرة بنظرة هازئة جعلت من عينيها تضيق محاولة معرفة ما يفكر فيه و لما هذه النظرة بالضبط , لاحظت إتساع إبتسامته بشكل ساخر و هو يحرك شفتيه ببطء :

- إذا قمتِ بلعبها حقا , فلماذا أنتِ قصيرة جدا بالنسبة لشخص إعتاد لعب كرة السلة..

لعنته تحت أنفاسها و هي تشاهده يضحك عليها بدون صوت , أزاحت ملامح الضيق من وجهها لتقول بتحدي جعل من الآخر يتأهب بحماس :

- هل أفكر أن إشارتك لقصر قامتي يعني أنك تخشى من منافستي؟

رفع أليكساندرو حاجبه بينما يشير إليها بإصبعه السبابة من الأعلى إلى الأسفل و هو يقول بحركات فهمت معناها :

- أنا أخشى منكِ أنتِ؟

- إذا لتثبت لي عكس ذلك..

هتفت بتحدي و هي ترمي له الكرة التي إلتقطها فورا بينما يغمز لها مما جعلها تضحك ليباشرا في اللعب..

عاد أنطونيو إلى ڤيكتوريا التي كانت تجلس على مقعد صغير كان قد وضعه أنطونيو مسبقا من أجلها , رفعت نظرها إليه لتجده قد أحضر علبة الإسعافات الأولية لتبتسم بهزء , وضع العلبة على طرف السرير حيث جلس ليوازيها طولا , نظر إليها بحذر بينما يقول ببرود :

- إخلعي القميص..

قلبت فيكتوريا عينيها لتقول له بينما ترمقه بغير رضا :

- أخبرتك , هذا ليس من شأنك سالفتور..

تنهد بعمق بعدما أغلق عيناه للحظات محاولا التحكم في نفسه و إمدادها بالصبر , فتح عيناه ناظرا إليها بجمود حيث وجدها قد أشاحت بوجهها , إمتدت يداه إلى طرف قميصها ليسحبه إلى الأعلى على حين غرة مما جعلها تتفاجئ , رفعت يديها مساعدة إياه على نزعه حتى لا يتأذى كتفها أكثر ..

ظهر من تحت قميصها كتفها الذي تلون بالبنفسجي المخضر لينقل نظرها إليها مردفا بتساؤل :

-  متى أصبتي؟ يبدو أنه منذ أيام..

- هل أمسيت تهتم لصحتي الآن؟

أخذ مرهم خاص بحالة كتفها من العلبة ليفتحه واضعا جزء منه على أنامله و هو يجيبها بهدوء :

- أنتِ زوجتي , لا أود أن يحصل لكِ مكروه ما دام إسمي يلحق إسمك..

- أ حقا ؟ هل هذا يعني أنك ألغيت مخططاتك لقتلي ؟

- لا , فقط أجلتها إلى ما بعد إختفاء إسم سالفتور عن إسمك , لماذا لم تشربين النبيذ؟

- و لما أفعل ؟

- حتى لا تشعرين بإصابتك , أعتقد انها إستراتجيتك لتعامل مع الألم..

- إن النبيذ أشربه لسبب معين خاص بي , و الآن لا يوجد سبب لأشربه..

- أهو من أجل أليكساندرو ؟ حتى لا تبدين أمامه بصورة سيئة؟

- ليس أليكساندرو السبب..

أجابها بينما يدهن منطقة إصابتها ليشعر بإرتجاف خفيف كالذي أحس به عندما لمس كتفها مسبقا , تابع حديثه بسؤالها :

- ما الذي كنتِ تفعلينه منذ قليل في الباحة ؟ أكنتِ تعاقبين كتفك على عصيانه لأوامرك بتعرضه لإصابة؟

- لم أكن أعتقد أنني سأقول هذا لك أنت شخصيا , إلا أنه معك حق , لقد قمت بالإعتناء به لكن رغم ذلك لم يتحسن..

- أنتِ طبيبة و يجدر بكِ أن تعلمي أن هذا لأنك لم تعطيه قسطا كافيا من الراحة..

باشر في تمسيد كتفها لتشعر بالقليل من الألم إلا أنها رغم ذلك أحست بالراحة لتردف بإستغراب :

- لم أكن أعلم بأنك تمتلك لمسة لطيفة خفيفة كهذه, إعتقدت أنك ستزيد من وضعه سوءا..

وصل إلى مسامعها صوت قهقته الخفيفة التي إعتبرتها رد على كلماتها لتتابع كلامها بنبرة مشككة:

- من لمستك , يبدو أنك معتاد على القيام بهذا..

إرتمست إبتسامة جانبية على شفتيه ليقول لها بينما يواصل تمسيد كتفها :

- في الواقع أجل , لقد إعتدت فعل هذا لأحدهم في إحدى الفترات السابقة من حياتي ..

- و الذي أرجح من رقة لمستك أنه ليس لورينزو..

- لا ليس لورينزو , لقد كانت أنثى..

- كانت أم مازالت؟

باشر في لف ضمادة على المنطقة لكون المرهم حار و لا يجدر به تلقي هواء بارد , فرج شفتيه المبتسمة لجيبها بنبرة لمست فيها الحنين :

- كانت و لا زالت و ستظل..

إمتدت أنامله فور إنتهائه من تضميد ذراعها إلى حمالتي قميصها الخفيف و صدريتها ليرفعهما مجددا فوق الضمادة ليسمع صوتها الساخر و هو يقول :

- يا لغرابتكم يا معشر الرجال , تخبرني أنه لا يجب علي أن أمتلك علاقة مع أي رجل آخر و أنت تجلس أمامي الآن تحادثني بكل شاعرية عن أنثاك الغامضة , على الأقل إنني أعلم الآن أنك لن تبقى لوحدك في حال إختفيت يوما ما..

كان سيرد على حديثها الذي يقصد أنثاه إلا أن كلماتها الأخيرة شدت إنتباهه أكثر ليتوقف عن محاولة إلباسها لقميصها مرمقا إياها بحدة و هو يقول :

- ما الذي تقصدينه؟

- قلت ما قلته , فهمك له لا يهمني..

تحدثت ببرود بينما تأخذ قميصها من يديه ناوية النهوض إلا أن يده التي تشبثت بذراعها السليم جعلت منها تنظر إليه بسخط و هذه أول مواجهة بصرية بينهما منذ مجيئها لهنا , رأت معالم وجهه التي تجهمت , سحبها إليه بحيث لم تفصل بينهما سوى إنشات صغيرة فقط ليردف بصوت غاضب مغلف بالبرود :

- نحن في هذا الطريق معا حتى النهاية ڤيكتوريا , إياك و التفكير في التخلي عن ما بدأناه سويا و إلا سأجعلك تدفعين الثمن غاليا..

- إنني أعيش تحت سقفك و أنام على سريرك , هل ما أفعله يوحي لكَ أنني سأترك كل شيء؟

تحدثت بسخط غلفه البرود بينما تقف من مكانها , تنهد بغضب و هو يمد لها حمالة الذراع بينما يقول قبل أن يخرج:

- إنني أحذرك فحسب , خذي ضعي هذه حتى تريحين ذراعك أكثر لكي يشفى سريعا فالمرهم الذي وضعته فعال للغاية..

راقبت خروجه بأعين باردة و ما إن أغلق الباب خلفه بقوة حتى قالت بينما تأخذ الحمالة بين يديها لتتجه إلى غرفة الملابس :

- أنا معك إلى النهاية و لكن النهاية التي تقصدها أنت ليست ما أعنيها أنا..

وقف أنطونيو عند مدخل المنزل يرمق الحديقة الأمامية بهدوء محاولا تبديد غضبه , أخذ هاتفه متصلا بلورينزو الذي أجابه بعد مدة قصيرة :

- أين أنت لورينزو ؟

- أنطونيو لدي عمل طارئ لأقوم به , إسبقني إلى العمل و سألحق بك فيما بعد..

أنهى لورينزو المكالمة قبل أن يسمع رد أنطونيو تزامن مع توقف سيارته أمام مدخل إحدى ناطحات السحاب , ترجل من سيارته ليدلف بخطواته الثابتة التي تدل على ثقته بنفسه..

بعد دقائق كان يجلس أمام مكتب دييغو الذي رحب به بحرارة ليطلب فنجاني إيسبريسو من أجلهما , فور وصول القهوة و إغلاق السكرتيرة للباب تاركة إياهما بمفردهما حتى خاطب دييغو لورينزو قائلا :

- كابو لورينزو يا لها من زيارة مفاجئة , يا ترى ما سببها ؟

- جئتك يا سيد دييغو لأسألك عن ما تعرفه لخصوص أحدهم..

- يبدو أن هذا الشخص مهم لدرجة قدومك إلى هنا..

- في الواقع أجل , ظهر من حيث لا أدري و يعمل على تعكير صفو حياتي..

- إلى هذه الدرجة ؟ لماذا لم تتخلص منه فحسب؟

- ليس بتلك السهولة مع الأسف..

- لقد أثرت إهتمامي , من هو هذا ؟

- إنها ڤيكتوريا رومانو..

حمحم دييغو محاولا عدم السعال متحكما في ردة فعله بعد سماعه لإسم تلك الأنثى , وضع فنجانه جانبا على منضدة مكتبه ليعطي جل إنتباهه نحو لورينزو الذي يترقب رده الذي كان :

- يبدو بأنك حضيت بشرف لقائها..

- مع الأسف لقد فعلت..

- لماذا قمتَ بإختطافها إذا؟

- لقد تفوه أحدهم بإسمها فيما يخص بحادثة البلغاريين..

- يبدو أن هذا الأحدهم أراد الإنتقام منها , فالذي حدث مخالف لأسلوب ڤيكتوريا  ..

- يبدو لي أنك على معرفة كبيرة عنها..

-ليس إلى تلك الدرجة , فهي شخص غامض لأبعد الحدود..

- لكن هذا ليس ما علمته عنكما..

- ما الذي تقصده؟

- لقد سمعت أن علاقتها معك وطيدة إلى حد ما تختلف عن بقية علاقتها مع زعماء عالمنا..

تحدث لورينزو بثقة و هو ينظر ناحية دييغو الذي بدى عليه الجمود متذكرا كلمات أنطونيو عندما أخبره بإكتشافه لتقرب دييغو من ڤيكتوريا بعدما كان شاهد على لقائهما الأخير..

- إذا لقد نقلت لك المعلومة بشكل خاطئ , لا شيء مميز في علاقتي معها , فأنا كالبقية يرغب في نيل رضاها هي و من يقف خلفها..

- مصدري لا يخطئ , فهي قد ظهرت مرتدية ثياب نومك في حين أحضرت لها ثيابها الخاصة في اليوم الذي يليه و هذا شيء لم يحصل لها مسبقا مع أحد..

- لقد كان ذلك حدث إسثنائي , طرقت باب منزلي و لم أقدر على ردها , كانت ستفعل ذلك مع أي كابو كما أن أي كابو كان سيفعل ما قمت به أنا..

- حسب ما فهمته أنت أيضا نلت شرف حضورها , ما هو سبب لقائكما الأول يا ترى؟

- بعد إذنك يا سيد لورينزو إلا أن السبب خاص بي و بها و لا يخص أحد غيرنا حتى أفصح عنه..

تفاجأ لورينزو من رد دييغو الغير متوقع فالمعروف عن دييغو أنه شخص حيادي و متعاون في حال إذا ما كان العدو مشترك , لم يظهر ملامح الدهشة على وجهه حيث بقي جامدا كما هو بينما يقول :

- هكذا هو الأمر إذا  كابو كاسانو؟

- أنظر يا سيد لورينزو , لقد أخبرتك مسبقا أن الأنثى التي نتحدث عنها  أود منها أن تبقى بعيدة و ربما إلى جانبي و ليس في واجهتي ,  ففي الأخير نتحدث عن الآنسة ڤيكتوريا رومانو , الشخص الذي لا أريد مواجهة سخطه مهما حصل , كسبها كحليف أفضل بكثير من عدو , لو كان أحد آخر غيرها صدقني لكنت أبحت لك بكل ما تريد معرفته عنه..

نهض لورينزو من مجلسه ليغلق زر سترة بذلته ثم مد يده مصافحا دييغو بينما يقول بدبلوماسية :

- شكرا لك على حسن الإستضافة كابو كاسانو..

- على  الرحب و السعة كابو روسو ..

خرج لورينزو من المكتب بخطوات هادئة عكس موجة الغضب التي ضربت داخله لعدم رضاه عن نتائج لقائه مع دييغو , تابع دييغو رحيله من نافذة مكتبه بينما ينهي فنجان قهوته , أخذ هاتفه من الجيب الداخلي لسترته عابثا به بملامح حادة..

توجهت ڤيكتوريا ناحية سيارتها بمعطفها الأسود الطويل أغلقته ليصل إلى كاحل قدميها التي إرتدت بوت قصير العنق بذات اللون و حقيبة يد أيضا عكس أحمر الشفاه القاني الذي كان يلون شفتيها , الأمر الجديد في إطلالتها هو حامل الذراع الأسود الذي كانت تضعه من أجل ذراعها المصابة..

أمسكت بمقبض سيارتها لتسحبه ثم أعادت خصلة شعرها القصير المنسدل خلف أذنها ليظهر من تحته قرط متوسط الطول أسود هو الآخر قبل أن تركب  سيارتها بملامح جامدة غير أن خضراوتيها الشاحبة كانت مهتاجة..

خرجت من الحي لتستقل الطريق العام , حيث  إحدى السيارات المركونة بالقرب من الرصيف إنطلقت خلف سيارتها..

- لقد إنتهت النتيجة بفوزك يا ولد !

هتفهت شيري بإمتعاض من بين أنفاسها المتسارعة و هي تجلس على أرضية الملعب ليجلس أليكساندرو أمامها على بعد مسافة منها يرمقها بإنتصار محاولا تنظيم أنفاسه هو الآخر , تنهدت شيري لتقول له:

- إذا ماذا تريد كجائزة على فوزك المستحق ؟

نظر إليها أليكساندرو مجددا بمكر ليحرك شفتيه :

- دعينا نخرج و سأدلك إلى وجهتنا التي أريد..

- حسنا انا موافقة , هيا لنغير ثيابها حتى نخرج لنتناول الغذاء ثم نذهب فالجو لن يبقى مشمس طوال اليوم..

أومئ موافقا لينهض مهرولا ناحية المدخل لتلحق هي الأخرى به راكضة بينما تبتسم بإتساع..

دلف السكرتير الخاص بأنطونيو إلى مكتب مديره الذي كان يراجع بعض الأوراق بينما يأذن له للدخول , وقف بإنضباط ينتظر إلتفات أنطونيو ناحيته و هذا ما حصل بعد لحظات حيث نظر إليه أنطونيو بينما يناوله الأوراق التي فرغ منها ليقول :

- بيتر أخلي جدول أعمالي للغد , إذا هناك أي أعمال ورقية ناولني إياها الآن لأنتهي منها..

- في الحال سيد أنطونيو..

أراح أنطونيو ظهره على مقعده محركا رقبته لكلتا الجهتين محاولا إستعادة لياقته ثم سأل بيتر :

- هل جاء لورينزو؟

- ليس بعد سيد أنطونيو..

- يمكنك الإنصراف الآن..

أومئ بيتر ثم خرج بهدوء كما دخل في حين أنطونيو أخذ هاتفه ليتصل بلورينزو الذي سحب هاتفه من جيب سترته و عندما رأى إسم أنطونيو وضع هاتفه على الوضع الصامت ثم أعاده إلى جيبه بينما يدخل إلى أحد المطاعم التي بدا على الرقي لا يقصده إلا أصحاب الطبقة الغنية من المجتمع..

تنهد أنطونيو بغير رضا و هو يفتح الأزرار الأولى من قميص بذلته بينما يلعن لورينزو بين أنفاسه لإدراكه أنه تجاهل إتصاله..

كانت شيري تقود سيارتها الحمراء متبعة توجيهات أليكساندرو لها للوصول إلى الوجهة المقصودة بعد تناولهما لوجبة الغذاء في أحد المطاعم , لمحت شيري العجلة الكبيرة الخاصة بمدينة الملاهي لتدرك إلى أين سيذهبان , ضيفت عينيها ناظرة نحوه و هي تقول :

- أعتقد أنني عرفت إلى أين ستأخذني!

نظر إليها أليكساندرو بثقة منتظرا ردة فعلها فهو يوقن أنها ليست من النوع الذي قد يكره مكان كهذا بعد عيشه رفقتها لعدة أيام و قد كان يقينه في مكانه حين هتفت بحماس:

- لقد أحببت ذلك, من الجيد أنني أرتدي ثياب مناسبة , كفك يا رجل !

مدت كفها له ليقوم هو بضربه بخفة بينما يضحك من غير صوت فقد أعجبه نعتها له بالرجل , أعادت نظرها ناحية الطريق منتبهة له حتى يصلان إلى وجهتهما بسلام..

فتح أحد الخدم للورينزو باب الجناح الخاص للإجتماعات الموجود في هذا المطعم و قد كان خاليا بإستثناء طاولة واحدة توسطت المكان يجلس عليها أحد الرجال الذي بدا أنه كان ينتظر قدوم لورينزو ليقف مبتسما فور رؤيته لقدوم ضيفه ثم قال بترحيب حار :

- كابو لورينزو , مرحبا بك في مطعمي!

- كابو ريكاردو , أشكرك على تلبية طلبي للقائك..

قال لورينزو بإبتسامة ديبلوماسية و هو يصافح ريكاردو ليجلسان حول الطاولة التي كان بها العديد من أصناف الطعام الإيطالي الأصيل , دعاه ريكاردو للأكل إلا أن لورينزو إعتذر قائلا:

- لقد تناولت غذائي بالفعل سيد ريكاردو..

- هذا مؤسف لأنني أخبرت الطباخين أن يقوموا بإعداد أشهى الأطباق من أجلك..

- لندعها لمرة أخرى سيد ريكاردو فالأمر الذي أود الحديث معك عنه عاجل بعض الشيء..

- هذا واضح من طلبك للإجتماع معي , ما هو الأمر إذا؟

تناول ريكاردو كأس الماء ليرتشف منه بينما يسمع لورينزو يقول :

- سأدخل في صلب الموضوع , ڤيكتوريا رومانو..

ما إن تفوه لورينزو بإسمها حتى بصق ريكاردو الماء الذي كان بفمه ليسعل بقوة من هول ما سمع , أغمض لورينزو عيناه ثم دعك جبينه بتعب و هو يلعن ڤيكتوريا بصوت هامس إلى أن سمع ريكاردو مما جعله يفتح عيناه معتدل في هيئته :

- عذرا يا سيد لورينزو لم أتوقع أن تسألني عنها..

- لقد سمعت أنك حجزت لها تذكرة للقيام بجولة حول العالم..

أمال رأسه مبتسما بخبث بينما يرمق وجه ريكاردو الذي إحمر غضبا ليتابع قوله:

- و أنها جعلتك مصدر لسخرية بين رجالك..

أزاح ريكاردو ربطة عنقه لشعوره بالإختناق جراء تزايد غضبه من ما يسمعه , لعن فيكتوريا بين أنفاسه و هو يقول:

- تلك اللعينة الصغيرة..

- أجل هي تماما من أقصدها..

- من أين تعرفها أنت من الأساس ؟ لا أعتقد بأنك سمعت إسمها من أحد ما صدفة..

- ربما كذلك..

- كل من إلتقى بها كان حريص على عدم إفشاء ذلك أو ذكر إسمها حتى , و أنا متأكد أنك لم تعرفها سوى بعد لقائك بها..

-  لما كل هذا التحفظ؟ إنه مجرد إسم..

- هذا من شروطها , أن لا يتم كشف عن إسمها مطلقا أو سبب إختطافها بين زعماء العالم المظلم..

- إذا لم يتم كشف إسمها مسبقا , إذا لماذا تكرر إختطافها من قبل العديد من الزعماء ؟ لماذا قاموا بذلك من الأساس ؟

- لماذا فعلتَ أنت ذلك؟

- لقد ذكر أحدهم إسمها في مشكلة البلغاريين بأنها من أفشى أمر الشحنة..

- ذلك ليس أسلوب ڤيكتوريا..

قهقه لورينزو بخفة متذكرا كلمات دييغو المشابهة لما قاله ريكاردو ليقول بإستهزاء :

- صدقني سمعت هذه الجملة من قبل , إذا أخبرني , لماذا قمتَ أنت بإختطافها؟

- لقد كنت أحتاج خبرتها في إحدى الأمور , لم أعلم أنني جلبت بلاء لنفسي..

- ما طبيعة هذا الأمر ؟

- يتعلق بالطب و بالتحديد تخصصها في الطب..

- لقد أثرت فضولي..

كانت شيري و أليكساندرو يتمشون جنبا إلى جنب بأعين شبه مغلقة لشدة تعبهم من اللعب الذي إستمر إلى ما بعد مغيب الشمس , جلسا الإثنين على أحد المقاعد القريبة من المخرج بإرهاق لتضحك شيري قائلة :

- أعتقد أنني أنفقت نصف ما يوجد في بطاقتي البنكية اليوم , إلا أنه يستحق أليس كذلك ؟!

هز أليكساندرو رأسه عدة مرات موافقا على كلامها ثم أشار لبطنه لتفهم أنه يشعر بالجوع لتردف بينما تسحب ورقة نقدية من جيبها معطية إياها له :

- أنا أيضا أتضور جوعا , إذهب إلى هذه العربة التي أمامنا و أحضر لنا شطيرتي لحم..

أخذ النقود من يدها ليتقدم ناحية العربة مشيرا لصاحبها بما يريد , إبتسمت شيري و هي تعيد شعرها المنسدل إلى الخلف مرمقة أرجاء المكان لتقع عيناها على هيئته المظلمة تلك , حيث كان يقف على مسافة بعيدة عنها إلا أنها ميزته ببذلته الرسمية السوداء التي يعلوها معطف بذات اللون كان يضع كفيه داخل جيبيه , خصلاته شعره التي تمرد بعضها على جبينه , إنه هو..

وقفت بغير إرادة منها و هي تنظر إليه بزرقاويتها المخضرة التي إتسعت بصدمة من رؤيته بينما هو كان ينظر إليها بعيناه الزرقاء الباهتة نظرة لمست معانيها فورا , الغضب و الكره و الحقد كلهم إجتمعوا داخل عيناه مصوبة نحوها , نحو قلبها الذي توجع لرؤياه , فرجت شفتيها لتقول بنبرة مرتجفة :

- إيڤان..

إبتعد عن مكان وقوفه متجها نحو مخرج المدينة لتتبعه بعيناها التي شكلت طبقة زجاجية تنذر بأنها على حافة البكاء لتراه يركب سيارة من نوع مماثل لخاصة ڤيكتوريا و بذات اللون , عقدت حاجبيها بإستغراب و هي تتفحص رقم لوحة السيارة قبل رحيلها لتردف :

- أليست هذه سيارة ڤيكتوريا؟!

قدوم أليكساندرو قاطع دهشتها من ما رأته أمام عينيها , ناولها شطيرة رفقة ما تبقى من نقود لتأخذها من بين يديه مع إبتسامة مزيفة و هي تقول:

- هيا لنعد إلى المنزل..

إستجاب لطلبها بينما يتحرك برفقتها إلى السيارة حيث تناول شطيرته في الطريق بينما هي لم تلمس خاصتها , دخلت إلى باحة القصر لتركن سيارتها أمام المدخل الرئيسي , إلتفتت إلى أليكساندرو لتجده قد نام بالفعل بعد إنهائه لوجبته..

دخلت إلى المنزل بينما تسنده حتى لا يقع لكونه نصف نائم و لم يفق بشكل كلي بسبب تعبه , لمح أنطونيو قدومهما من غرفة المعيشة ليتقدم ناحيتهما , نظرت إليه شيري لتقول بينما توكل له مهمة إسناده :

- لقد نام في السيارة , إنه مرهق ..

- أين كنتما؟

أجابته شيري بنبرة مستفزة بينما ترتب خصلات شعرها :

- لا تقلق لم أقم بأذيته , إذا أردت جواب لسؤالك فإنتظره حتى يستيقظ ..

رمقها أنطونيو بسخط بينما يمسك بأليكساندرو الذي إلتفت ناحيتها بعينان شبه مغلقة ليحرك شفتيه المبتسمة:

- لقد كان يوم ممتع , شكرا لك..

إبتسمت شيري ناحيته بصدق و هي تعبث بخصلات شعره ليبعده أنطونيو عنها متجه إلى جناحه , تنهدت شيري بإرهاق و هي تتوجه نحو غرفتها لتدخل رامية سترتها البنية جانبا لتقف بالقرب من نافذتها سامحة لدموعها التي حبستها منذ رؤيتها بالإنسياب..

لاحظت شيري سيارة ڤيكتوريا تتوقف أمام البوابة الخارجية للقصر لتترجل منها بهدوء ملوحة لتوديع سائقها الذي لم تلمحه لبعد المسافة ثم رحلت السيارة مبتعدة عن المكان, دخلت ڤيكتوريا بخطوات ثابتة تحت أنظار شيري التي قالت بِغل و حقد واضحان من بين دموعها المالحة:

- لن أبقى ضحية لأفعالكما , سأجعل كل واحد منكما يدفع ثمن ما إقترفه بحقي غاليا..

رمق أنطونيو جسد أليكساندرو لآخر مرة متفقدا إياه ثم نظر إلى هاتفه الذي يهتز بين أنامله تنير شاشته لورود إتصال الآن من رقم تحت عنوان كتب باليونانية القديمة :" أنثاي الغامضة"

إرتسمت على شفتيه إبتسامة لم تظهر مسبقا على ملامحه في حين يرمق الإتصال بتلهف و مودة غير معهودان عليه , خرج إلى الشرفة ليجيب على الإتصال قائلا بنبرة مشتاقة :

- مرحبا بملاكي الحارس..

ليأتيه الرد منها بلكنة إيطالية مميزة جعلت منه يقهقه بخفة :

- مرحبا بالسيد الشقي..

- متى ستتوقفين عن مناداتي بهذا؟

- عندما تتوقف أنت عن نعتي بالملاك الحارس..

- تعلمين جيدا أنك كذلك , و أن الوشم المنقوش على ظهري تمنيا بكِ ..

- رغم ذلك توقف عن نعتي بهذا اللقب لأنني أشعر بالإهانة..

- لم يولد بعد من يتجرأ على إهانة حضرتكِ..

- إذا توقف عند مناداتي به..

- أتعلمين أن لورينزو قد اطلق عليكِ لقب الأنثى الغامضة؟ أتريدين أن أنعتك به؟

- أوه هذا سيء أكثر , لا تفعل فلدي إسم بالفعل!

- إن لغتك الإيطالية قد تحسنت بشكل ملحوظ..

قال مغيرا دفة الحديث لتدرك هي أنه لن يتوقف لكونه عنيد كما عهدته دائما لذلك جارته في التغيير قائلة بثقة:

- أتمنى أن أجد لغة موطني قد تحسنت لديك أيضا..

- سأراكِ غدا و ستقومين بتقييمها بنفسك..

- ليكن في علمك أنني لن أتساهل معك..

- أعرف ذلك جيدا , ما رأيك أن أتصل بكِ بالفيديو..

- ستراني غدا يا هذا !

- لا بأس , أود محادثتك وجه لوجه الآن..

- ربما زوجتك لن يعجبها الأمر..

- ليست موجودة الآن , و كأن الأمر سيهمها كثيرا ,سأتصل الآن..

دلف لورينزو إلى منزله هذه المرة متوجها بخطوات متزنة ناحية غرفة المعيشة المظلمة حيث يوجد البيانو خاصته المتوضع أسفل ضوء القمر الذي أنار ظلام تلك البقعة , جلس على المعقد الطويل بعد خلع معطفه الشتوي ليبقى ببذلته الرسمية , جالت أنامله على مفاتيح البيانو لتباشر في الضغط عليها في معزوفة خاصة قام هو بتأليفها بنفسه..

كان سيزار يجلس في الظلام بالقرب من نافذة المنزل الذي يقبع فيه , لم ينر بقعة جلوسه سوى ضوء القمر حيث كان ينزل رأسه إلى الأسفل بينما يديه تضغط على شيء ما , رفع رأسه لتظهر عينيه التي إحمرت إحداهما بالكامل تنذر بوصول صاحبها إلى أوج غضبه , خفت يده على ما يقطن بينها لتظهر وردة جوري أسود قد تسببت أشواكها  في جروح نازفة ليده ..

راقب قطرات دمه تنساب على الأرض , قطرة تلوى الأخرى بنظرات حادة ثم نهض بطوله من مجلسه حيث كان لا يزال يرتدي بذلته السوداء بقطعها الثلاث بإستثناء منديل أحمر قاني كان موجود في الجيب الصغير العلوي الأمامي لسترته , ظهرت إبتسامة مجنونة و هو يبتعد عن مكانه ليخطي بخطواته إلى أحد الغرف..

فتح باب بيده السليمة بينما لا يزال يمسك تلك الوردة بين أصابع يده الجريحة التي تنزف , دلف مغلقا الباب خلفه ليتقدم إلى ذلك الرجل الذي يجلس على الكرسي , مقيد بأغلال من حديد..

ما إن لمح الجوري الأسود حتى أدرك هوية خاطفه , إقترب منه سيزار بملامح هادئة ظهر عليها المرح ليقوم بخلع اللاصق الذي وضعه مسبقا على فمه ثم إبتعد عنه قليلا حائما حوله دورة كاملة بينما ينظر إلى الوردة التي بين يديه ليقول بنبرة باردة موجها نحوه نظرة مميتة :

- و الآن أخبرني , لماذا كنت تلحق سيارة الطبيبة صاحبة أعين القطة المخضرة ؟

أنهى لورينزو عزفه بعد دقائق طويلة ليتنهد محاولا تمالك نفسه و تخليصها من التعب الذي يشعر به , وقف من مقعده ليخطو إلى خارج الغرفة إلى أن قاطعه صوت تصفيق حار من خلفه ليلتفت إلى مصدره مجهزا نفسه لأي تهديد !

أنارت الإضاءة الموجودة بالقرب من الأريكة التي تربعت عليها لتطل بهيئتها تلك حيث كانت قد تخلت مسبقا عن حامل ذراعها و معطفها  لينكشف فستانها القصير الذي إتخذ من الأحمر النبيذي المشابه للون أحمر شفاهها لونا له , تجلس واضعة رجل فوق الأخرى تنظر إليه بنظرة واثقة بينما تقول :

- كنت أعرف أن عزفك مميز للغاية خاصة ما تألفه و إنتظرت أن أراك تعزف أمامي لأسمعه بشكل مباشر..

- ما الذي تفعلينه هنا ؟ كيف دخلت؟

- لا تستغرب فأنا أعرف بشأن الممر الأرضي الذي يربط بين منزلك و منزل أنطونيو..

- هكذا إذا تمكنتي من تهريب ڤانيسا ..

- هذا لا يهم الآن..

قامت من مكانها ليظهر فستانها بشكل أوضح حيث كان قماشه منحصر يضيق على جسدها يصل إلى نهاية منتصف ساقيها مظهرا رشاقتها الملفتة بالإضافة إلى شق تواجد من الجهة اليسرى إمتد إلى ما فوق ركبتها جعل منه أكثر إثارة ,  بينما كانت فتحة صدره على شكل خط مستقيم أفقي إنتهى بإنتفاخ بسيط على مستوى الكتفين ليمتد القماش إلى غاية معمصي يديها , تفحص لورينزو هيئتها ليردف :

- يبدو أنكِ لم تذهبي إلى عملك اليوم..

- لقد كان لدي موعد خاص لولا مقاطعتكَ لي..

تقدمت بخطوات بطيئة نحوه ليصدح صوت كعب حذائها الأسود اللامع بينما تقول و هي ترمقه بتمعن:

- لم أعتقد أن أول شيء سأسمعه لك سيكون معزوفة الحرب..

- يبدو أنكِ ملمة بأمور تخصنا اكثر مما إعتقده..

- إنني بالفعل كذلك..

توقفت في المنتصف على بعد مسافة معتبرة تراقبه يضع كفيه داخل جيبي بنطاله ينتظر منها ما ستقول تاليا , لم يخفى عليه الحدة التي إحتلت نظراتها ليسمعها تردف بصوت لامس فيه الخطر :

- إذا على من ستعلن حربك يا سيد لورينزو؟

ظهرت إبتسامة واسعة على شفتيه بينما يتقدم ناحيتها بخطوات قليلة ليجيبها بنبرة واثقة و هو يحدج هئيتها :

-  من سيكون غيركِ يا سيدة ڤيكتوريا..

================================

يُتبع..

رأيكم؟

توقعاتكم؟

ڤيكتوريا؟

أنطونيو؟

لورينزو؟

سيزار؟

شيري؟

أليكساندرو؟

دييغو؟

ريكاردو؟

و أخيرا..

الأنثى الغامضة؟

لقد كان فصل مليئ بالأحداث الجديدة..

كالكشف عن هوية الجوري الأسود..

يبدو أن سيزار هو نفسه إيفان..

ما قصة تغيير إسمه إذا ؟

علاقة شيري و أليكساندرو؟

موعد ڤيكتوريا المجهول و مكالمتها الهاتفية الحميمية نوع ما ..

دون نسيان إيضاح رغبتها في الرحيل..

ما السبب يا ترى؟

شيري أعلنت أنها لن ستجعل من قام بأذيتها يدفع الثمن و المقصودان هما ڤيكتوريا و سيزار..

كيف ستفعل ذلك؟

لورينزو قد علم أمور بشأن ڤيكتوريا جعلت منه يعلن الحرب ضدها ..

ما هي ؟

ما رأيكم بردة فعل دييغو؟

الأنثى الغامضة قد إنشكفت بعض الأمور عنها مثل أنعا هي قصة وشم أنطونيو لجناحي ملاك..

إلى اللقاء في الفصل المقبل الذي سيكون تحت عنوان :

نصل الحقيقة...

دمتم سالمين..😊❤






















Continue Reading

You'll Also Like

2.7M 186K 73
النبذه :- فَي ذَلك المَنزل الدافئ ، المَملوء بالمشاعرِ يحتضن أسفل سَقفهِ و بين جُدرانه تِلك الطفلةُ الَتي كَبُرَت قَبل أونها نُسخة والدها الصغيرة ...
430K 25.8K 53
قصه من أرض الواقع.. بقلمي أنا آيات علي ها أنا قد خلقتُ من الظُلم و العذاب الذي جار علي من وحش جبار فہ لقد وقعت بيد من لا يعرف معنى الرحمه و انهُ ذو...
1.6M 7.9K 4
" ستحبينى قهراً ان اردت لذا فقط أحبيني بارادتك " " اهربى منه انه الجحيم بعينه ...اهربى منه " ⚠️⚠️⚠️الرواية تحت التعديل لذا تجنبوا تغير الاحداث المفاج...
935K 62.9K 26
قتلوا الفتى البريء ودفنوا جثته حيًا في أرض البلدة، حرموه من الدفء بين أذرعتهم وألقوه في النيران والحُجة كانت وصول الدفء لجسده، الآن عاد الفتى ينتقم و...