لعنتي جنون عشقك

By dalida3596

3.3M 66.9K 4.2K

(ها قد فعلتها مرة اخرى ... وكنت قد أقسمت الا ابيع روحى ثانية تطلعت الى صورتها فى المرآة فلم ترى سوى صورة باهت... More

الفصل الاول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
الفصل الحادي والعشرون
الفصل الثاني والعشرون
الفصل الثالث والعشرون
الفصل الرابع والعشرون
الفصل الخامس والعشرون
الفصل السادس والعشرون
الفصل السابع والعشرون
الفصل الثامن والعشرون
الخاتمة(The End)

الفصل العشرون

96.5K 1.9K 275
By dalida3596

هل يمكن أن يكون المرء ميتا بينما هو يتنفس ........ هل يمكن أن تتوقف دقاتِ القلب فجأة دون انذار لينتظر صاحبه الموت دون أن يناله ..... بينما يبقى جالسا في تبلد منتظرا ....... ماذا ؟........

كانت عيناها جافتان .... متحجرتان , تنظران أمامهما دون أن تبصرا...........ألما حادا يمزق صدرها غصة كالصخر تكتم أنفاسها ....

ماذا كانت تتوقع ؟...... لقد انتهى زمن النهايات السعيدة و القصص الخيالية ....

بعد كل ما عاشته في حياتها , كانت قد اقتنعت أن السعادة لم تكتب لها , و تمكنت من أن تتعايش مع هذا الواقع ..... اعتادت منذ حداثة سنها أن تتعايش مع الألم .....أن تصادق الظلم لتجعله حليفها ......

حاولت تقبل حياتها , الا أن حياتها تمردت عليها ..... لتلقي بها الى أحضانه , معطية اليها الأمل , تخبرها قصة جميلة عن أميرةٍ نجت من الأشرار ....و طارت الى فارسها .... درعها في الحياة ......

نُسجت القصة جيدا ..... حتى القصر و أمير الأحلام ...... كل تفاصيل القصة حاكت لها حلما لم تكن لتصدق بوجوده ......

كل ما حولها كان يهتف لها باسما ..... ابتسمي يا حلا ..... ابتسمي .....لقد جاء يوما لتصبحي فيه بطلة الرواية .......أميرة حبيبها ...

حبيبها ......آآآه ..... حبيبها ..... كم عاما مر لتدرك أن حب عمرها كان بجوارها منذ أن فتحت صفحات ذاكرتها ......

و الآن .....الآن بعد أن اعترف لها بحبه بعد طولِ سنين ,...........تأتي الحياة لتنبهها بالا تنسى ما فات ...... وأنه لا هروب مما كان ,

لقد خدعت نفسها و محت فترة من حياتها اعتقدت أنها دفنت للأبد , لكن ها هى تبادر للخروج من وكرها كوحشٍ دميم سيفترس كل ما حاولت ترميمه .....

لكن هو .....هو .... لماذا فعل ما فعل ..... هل ليعاقبها , هل هذا انتقاما طويل الأمد .....أم أنه ببساطة لم يستطع التعامل مع كل تعقيداتها ...... كانت في داخلها تعلم أن لسعادتها معه نهاية لا محالة , فرجلا مثله مهما أحبها يوما الا إنه بمرور الوقت سيعلم أنه يستحق الأفضل , كما يرى كل من حولهما .......

و لقد اختار الأفضل .... سمر ..... لا يمكن أن تقارن نفسها بها أبدا ..... إنها هى المرأ التى تليق به , ولابد أنها سعت الى التعرف اليها لترى عن قرب من تلك التي أوقعت بوحش ال مهران .......

يا الهى ..... ولقد حكت لها الكثير ...... يا الهي لقد حكت لها بمنتهى الغباء عن أشياءٍ كان يجب أن تبقيها مدفونة الى الأبد , ترى هلى ستستغلها لتفضحها عند ادهم ........

إنها الى الآن لم تستخدم أي شيء ضدها ........يا الهي إن الدائرة تضيق من حولها , ....... كل ما حولها يطوف و يحارب ليبعد ادهم عنها ...... ولقد بدأ هو في الاستسلام أخيرا . اذن فلماذا تخاف ...... فلا شيء آخر يهم في هذه الحياة ما دام سيتركها .....لما الخوف مادامت ستموت في كل الأحوال .........

لكن ماذنبه هو في أن يتحمل مثل هذه الفضيحة , فحتى وإن كان سيتركها من أجل امرأة تليق به فهذا هو الأمر الصائب , لكن لن تتحمل أبدا ان تكون السبب في أي أذى له ...... أبدا ...... ولو تطلب هذا آخر نفسا في صدرها .......

(حلا .......... انظري الي وتكلمي , منذ أن نزلتِ وأنتِ شاحبة بشكلٍ مخيف )

جاءها صوت هلال الجالس بجوارها في شاحنته المتهالكة ...... يحاول التسلل من الضباب الذى يغشى عقلها .......

الا إنها لم تستطع النطق ولم تستطع حتى البكاء , عيناها نديتان لكن تأبيان البكاء لتريحاها .........

( حلا أنا الآن أشعر بالخوف فعلا عليكِ ....... مالذى حدث بالأعلى ؟...... كان يجب أن أصعد معكِ مهما اعترضتِ )

؛( حلا ..... أرجوكِ اجبيني )

صوته المختنق بمشاعرٍ غريبة كان بمثابةِ الشرارة التى انطلقت بداخلها لتصيب أعماقها في مقتل ........

لم تدري الا وهي تشهق شهقة مذبوحة لتسقط رأسها بين كفيها في نحيبٍ مخيف .... أصابه بالرعب...........

؛( حلا .......حلا ..... حبيبتي ماذا حدث لكِ )

حلا حبيبتي ..... هذه هي كلمة ادهم ..... كيف ستتحمل الا تسمعها مجددا ..... كيف ستحيا بدونه , لماذا الآن ؟ ......لماذا الآن ؟.......

لماذا بعد ان عرفت طعم الحب لأول مرة ؟...... لماذا ليس قبل ذلك ؟......... كيف ستتحمل الآن ؟........

ظل هلال ينظر الى نحيبها المرعب وهو يشعر بأنه يموت مع كل شهقةٍ من شهقاتها ...... لماذا ساقها الى هنا ؟... ما الذى تسبب فيه ........لحبيبته ...نعم حبيبته.........

مد أصابعه المرتجفة ليزيح خصلة من شعرها المتساقط فوق كفيها و وجهها ........إنها لا تشعر به أبدا ..... جسدها يرتجف للغاية و يهتز بشدة مع بكائها ......

أنزل يده ليمسك بكتفها المرتعشة يحاول بث الاطمئنان اليها , لكنها لم تهدأ بل ازدادت رعشتها و بكاؤها فمد يده الثانية ليمسك بكتفها الأخرى و هو يديرها ناحيته برفق .......ورأسها متساقط كزهرةٍ ذابلة .........

يا الهي ما أجملها .... حتى وهي في هذا الانهيار تثير بداخله مشاعر بدائية لم يعرفها من قبل ..........

اقترب رأسه ببطء من رأسها المنتحب الساقط ليستنشق رائحة شعرها العذبة وهو يغمض عينيه ........ لم يستطع أن يمنع همسته المخنوقة

( حلا ....... يالهي .....يا حلا ......)

شعرت فجأة من بين هذاينها بشيءٍ غير مفهوم ..... هناك من يمسك بها ووجهه يكاد يقترب من عنقها .......فانتفضت مذعورة رافعة رأسها لتجد عينان خضراوان يلمعان كعيونِ الهررة في مواجهة عينيها .....

توقفت أنفاسها محتبسة في صدرها و قد بدأت تشعر بدوارٍ كثيف يلف عقلها الكليل ......لكنها استطاعت النطق بتعثر

( اب ..... ابتعد ....ماذا تفعل )

اشتعلت عيناه اكثر وهو ينظر اليها بصمتٍ للحظاتٍ طويلة دون أن يجيبها ....... ثم همس أخيرا و هو يشدد من قبضتيه على كتفيها

( اهدئى حلا ..... ليس هناك ما تخافي منه ,...... إنه أنا هلال ........)

اتسعت عيناها و قد زاد دوارها الا انها كانت تحاول بكل قدرتها التمسك بآخر خيوط الوعي و هي تهمس بذعر

( ابعد .... يديك ......حالا )

دون شعور منه تقريبا كانت يديه تدلكان أعلى ذراعيها .... ثم همس بنظراتٍ تائةٍ في عينيها

( أنا فقط أهدئك ....... منذ ان نزلت من عند أمك و أنتِ منهارة تماما , أخبريني حلا ماذا حدث .......)

أخذت تحاول التملص من بين يديه بضعف وهي تشعر بالدوار يكاد يطيح بها ..... تاقت بشدة الى الهرب في موجات الضباب المحيطة بها , الا أن همسا بعيدا في زوايا عقلها أمرها أن تظل واعية و الا تسقط .......فهمست بضعف وهي تحاول الابتعاد عنه قدر الإمكان

(هلال ..... أريد الرجوع الى القصر .....الآن )

همس في أذنها ( ماذا لو لم أرد ان أعيدك ؟........)

رفعت نظراتها المهزوزة اليه و قد اتسعت حدقتاها قليلا ....ثم همست بخوف

( ماذا تقصد ؟......أنا .... يجب أن أعود قبل أن يعلم ادهم بخروجي )

لمعت عيناه لأول مرة بمشاعرٍ سوداء لم ترها من قبل ..ثم شعرت بقسوة يديه على كتفيها اكثر و هو يهمس بغضب

( ادهم ..ادهم .. ادهم , الى متى ستظلين خاضعة له بهذا الشكل , أنا متأكد أنه سبب الانهيار الذى تعانيه الآن وليست أمك أبدا , اليس كذلك )

ظلت تنظر اليه مذهولة فاغرة فمها و قد بدأ الدوار يخف تدريجيا بأمرٍ سريعٍ من عقلها الضائع ..ثم استطاعت القول أخيرا بهدوء ...

( ابعد يديك من فضلك ...........)

نظر اليها لحظة و هو يدرك فجاة ما كان يفعله ثم تركها بسرعةٍ وهو يتأوه يائسا

( أنا آسف ..... يا الهى آنا آسف , لم أقصد أن أخيفك يا حلا ....... لكن أنتِ تعلمين أنكِ أصبحتِ مهمة جدا لي , و أنا أظن أننى أصبحت أنا الآخر مهما لكِ فلا تنكري , ....... )

أخذت نفسا عميقا و عيناها لا تحيدان عن عينيه للحظاتٍ طويلة ..بينما قلبها يصرخ مهددا بالتوقف في أية لحظة....تلك النظرات ...تلك النظرات قابلتها كثيرا .. لا يمكن أن تخطئها أبدا ..... أخيرا قالت بصوتٍ مهزوزٍ ضعيف

( نعم ....... نعم لقد أصبحت مهما لدي )

اتسعت عيناه و لمعتا بشدة ثم ظهرت على شفتيه طيف ابتسامة وهو يعاود مسك كتفيها بذهول هامسا

( لقد كنت أعلم ...... لقد كنت أعلم , قلبي لم يخطئني أبدا )

اغمضت حلا عينيها بشدة و أخذت تعد في أعماقها تحاول السيطرة على الهيستيريا المتصاعدة بداخلها ثم همست بارتجاف

( هلال أرجوك ...... لا تلمسني , أنت تعلم ما ممرت به من قبل )

نزع يديه بسرعة و هو يقول لاهثا

؛( آسف ..... آسف مرة أخرى حبيبتي , لم أعد استطيع الابتعاد عنكِ للحظةٍ واحدة ........تلك الأيام التى قررتِ فيها الابتعاد عني كانت كالجحيم ......لقد اعتدت عليكِ بشكلٍ مجنون يا حلا ........هل تعلمين ذلك )

نظرت اليه بعينين ميتتين وهي تومىء برأسها بابتسامةٍ شاحبةٍ لا معنى لها ثم همست أخيرا بضعف

( هلال .... هل يمكنك أن تعيدني الى القصر ..... للمرةِ الاخيرة ..... أنا سأترك ادهم الى الأبد , أعدك )

أخذ هلال نفسا طويلا متعبا ثم قال أخيرا باستسلام

( بالطبع ..... بالطبع سأعيدك , و سأبقى معكِ لحظة بلحظة ..... لن أتركك أبدا )

أومات برأسها علامة الموافقة و هى تشعر بأنها ستفقد وعيها بين لحظةٍ أو أخرى لكنها تشبثت بآخر لمحاتِ وعيها بإرادة من حديد و هى تحاول أخذ أنفاسٍ بطيئة متتالية كما أخبرتها سمر من قبل ......سمر ..... ما الذى جعلها تتذكرها من جديد ......يجب أن تقتلعها الآن بأي طريقة من تفكيرها حتى تصل الى القصر .... وبعدها تستطيع الموت بسلام .....لكن الآن لابد أن تسيطر على نفسها ....... أمامه ....

كيف لم ترى ما هو واضحا لها الآن من قبل ؟.........كيف كانت بمثل هذا الغباء و السذاجة ؟.............كيف آمنت مرة أخرى هي من دون الناس لشخصٍ غريب ؟......... الن تتعلم أبدا ؟........

الآن وهو يتكلم بمنظره المهووس هذا قفز سؤالٌ مرعب فجاة الى رأسها ...... كيف علم بعنوان أمها .... كانت من الخوف و الارتباك بعد مكالمتها فلم تدرك سوى أنها استقلت معه شاحنته القديمة التى كانت أمام الباب الخلفي الصدىء ....ثم بقت صامتة ناظرة الى البعيد الى ان أفاقت على صوته وهو يعلمها بوصولهما ......

لا تعلم كيف قفز هذا الى رأسها في اللحظة التى رأت بريقا مختلفا لعينيه ..... يا الهي إنها تشعر بأنها على وشكِ الإصابة بنوبةٍ قلبية , لكنها لن تخذل ادهم هذه المرة , ولن تتبني أجبن الحلول كما قالت امها ........

التفتت الى هلال تبتسم بصعوبة وهى تمسح وجهها المغرق بالدموع و همست بآخر جهدها

( فلنعد الآن ..... من فضلك )

.................................................. .................................................. ............................................

كان ادهم جالسا في خضم أعماله المتعاقبة بينما يشرد بخياله بين الحين والاخر عن ذلك الأمر الذى ينتظر وصول تأكيده ....إنه يحترق بداخله , لكن لا يشعر بأي وخزٍ من تأنيب الضمير على الاطلاق .........

تماما كما لا يشعر بأيا منه بعد مكالمته المبكرة لايثار و التى أبلغها فيها أن تتوقف عن انتظار المبلغ الذى كان يصلها منه على مضضٍ بصفةٍ دورية ..... وذلك فقط لأنها كانت يوما ما تحمل اسم الامبراطور .....

لكن الآن لم يعد يهتم حتى وإن لم تجد قوت يومها ..... كفى ..... لا يستطيع أن يساعد تلك المرأ بعد الآن و بعد ما سمعه من حلا على وجه الخصوص .....يكفي أنه يحزم كل مقدرته بالكاد ليمنع نفسه عن أذيتها ........

كان يحاول على قدر الإمكان التركيز في أعماله منتظرا مكالمة بين لحظةٍ او أخرى , الى أن رن هاتفه لكن ما أن طالعه اسم السيدة اسراء حتى رد سريعا و أعصابه تتوتر اكثر من توتره الحالي ... لماذا تتكلم السيدة اسراء ؟.... منذ مدة و حلا هي التى تكلمه في أي شيء يخصها أو يخص القصر ..فما الذى حدث ؟؟ .....

كل قلق الدنيا فاض بداخله فقط في اللحظة التى استغرقها ليرد على السيدة اسراء التى ما أن رد حتى وصله صوتها المهتز و المشبع بالقلق .....

( سيد ادهم ........ السيدة حلا!!! ....)

هبط قلبه بين قدميه في لحظة واحدة و هو يشعر بقبضةٍ جليدية تعتصر صدره ... لكنه تمكن من النطق بصوتٍ مختنق اجش

( ما بها حلا ؟؟ ..... هل أصابها شيء ؟؟... تكلمي من فضلك بسرعة )

جاء صوت السيدة اسراء متوترا و هى تتلعثم

( إنها ..... ليست في القصر ...لقد دخلت منذ قليل الى الغرفة لاطمئن عليها حين لم تجبني , لكني لم أجدها .... فبحثت عنها في كل مكان دون أن أعثر على أي اثرٍ لها ..... لكننى وجدت هاتفها بالغرفة)

صمت لعدة لحظات محاولا استيعاب ما سمعه على وجه الدقة ثم قال محاولا السيطرة على الرعب الغير مبرر بداخله

؛( كيف ؟.. لا أفهم ..... هل خرجت ؟..... هل سمح لها حارس البوابة ِ بالخروج ؟؟.....)

أجابته السيدة اسراء بسرعةٍ و بحيرة

(لا .... لا ... لقد أكد لي أنها لم تعبر من بوابة القصر ....فبحثت عنها في كلِ جزءٍ من الحديقة ِ .... الشيء الوحيد الذى لاحظته هو أن الباب الخلفي من السور مفتوحا .....)

هدر الخوف بداخله كحلقاتِ إعصارٍ أهوج وهو لا يتمكن من حل شفرة كلام السيدة اسراء فقام من مكانه بلمح البصر و هو يرتدي سترته قائلا بانفعال

( الباب الخلفي الصدىء ؟؟.... لم يفتح هذا الباب منذ سنين .. كيف فُتِح ؟..... لن تستطيع حلا فتحه بمفردها أبدا .......)

وصله صوتها مرتجفا اكثر و هى تتلعثم قائلة

( نعم بالتأكيد .... لابد أن هناك من ساعدها ........)

وصل صبر ادهم الى منتهاه فصرخ بصوتٍ رج موجاتِ الاتصالِ بينهما

( من سيساعدهاااا ..... ولماذا تحتاج الى التسلل ؟؟.........)

أجابته السيدة اسراء مرتجفة

( أنا حقا لا أعلم يا سيد ادهم ...........أنا ...)

قاطعها صراخ ادهم المجنون

؛( أنتِ ماذا ؟؟........ كيف غفلتِ عنها ؟..... لقد كانت تحت مسؤليتك فكيف خرجت دون أن تشعري بها ؟؟؟..... إن حدث لها مكروه فلن ينجو أيا منكم من غضبي ......)

لم تجبه فقد كانت تدرك شدة خوفه على حلا و الحق أنها أيضا مرتعبة على تلك الصغيرة التى أصبحت في نفس مكانة ابنتها في الفترة البسيطة التى أمضتها معها ... وكان قلبها ينبئها بقدومِ كارثةٍ من بعيد ..... فقط تأمل الا يكون قد أصابها مكروه ......

.................................................. .................................................. .......................................

كان ادهم يقود سيارته كالمجنون يشعر بقلبه يخفق ضاربا خوفا و غضبا ........أخذ يتفادى السيارات من حوله و عقله لا يفكر سوى بما هو العمل الأحمق الذى أقدمت عليه حلا ..... كان يظن أنها قد تغيرت للأفضل كثيرا الأيام الماضية , أنها قد كفت عن تصرفاتها المتهورة و الغير متزنة ......

لكن ها هى بكل برود تتسلل بعد خروجه تاركة هاتفها وراءها ........كانا معا منذ عدة ساعات دون أن تلمح حتى بنيتها في الخروج ....ما هو المكان الذى تريد التوجه اليه سرا دون أن تعلمه ؟.......و كيف فتحت الباب ؟........

حسابك معي يا حلا سوف يكون عسيرا ......سأريكِ معنى غضبي الذى لم تعرفيه الى الآن......

, يبدو أننى قد تهاونت معكِ كثيرا و قد غركِ هذا فقررتِ أن تستغليه .........فقط حين أجدك ..... , حين أطمئن أنكِ بخير حبيبتي .........

فجأة برق اسم سمر في ذهنه .... بالطبع و من غيرها , قد تكون حلا احتاجت اليها فقررت الذهاب إليها و المنطقي أن تخفي الأمر عنه .........

التقط هاتفه بلمح البصر ... لحظاتٍ و كان صوت سمر الهادىء يصله فسألها بسرعةٍ و عصبية

( سمر ..... هل حلا معكِ ؟....)

وصله صوتها متحيرا قلقا ( لا ..... ليس من المفترض ان نتقابل اليوم , لماذا ؟...... هل خرجت ؟؟ )

شتم ادهم بعصبية دون مراعاة لوجود سمر معه على الهاتف ثم ضرب المقود بقبضته أكثر من مرة بعنفٍ لم يستطع السيطرة عليه ....

فقالت سمر في محاولة لتهدئة الموقف

( اهدأ قليلا يا ادهم ......... دعني أفهم جيدا , هل خرجت حلا دون أن تخبرك ؟؟)

لهث ادهم بعنفٍ و قلق وهو يجيبها هادرا

( نعم ..... نعم لقد خرجت الغبية دون أن تعلمني بمكانها تاركة هاتفها في القصر ....... إنها لا تزال تعاني أحيانا من نوباتِ الدوار ما أن تخاف أو تقلق ......ماذا لو تعرض لها أحدا وهي في هذه الحالة , كيف ستتصرف ؟.........)

جاءت كلمته الاخيرة صراخا كاد أن يصم أذن سمر التى قالت بعد لحظة

( كيف خرجت ؟ أنت أخبرتني أنك تشدد الرقابة عليها في داخل القصر وعلى البوابة ؟............ لقد أخبرتك مرارا أن اسلوب الإحتجاز قسرا هذا لن ينجح أبدا و ها هي خرجت بمنتهى السهولة حين أرادت ....... كم مرة أخبرتك أن تعطيها بعض المساحة و القليل من الحرية ِ لتلتقط أنفاسها التى كتمتها أنت بتعنتك ........)

لم يصدق ادهم نفسه وهو يستمع الى لهجة سمر العصبية و التى تعنفه بها لتعلمه كيف يتعامل مع حلا ..... حلا التى رباها بنفسه , لتأتى سمر الآن و تتجرأ على أن تخبره بخطؤه في التعامل معها ......

لم يتمالك نفسه حين صرخ ( سمر ....... سمر .... أنتِ تختبرين صبري في هذه اللحظة , أنا لست في أفضل حالاتي الآن ....)

أخذ نفسا عميقا ثم قال بهدوءٍ متوتر بشدة

( اسمعيني جيدا يا سمر ..... لقد خرجت حلا من الباب الخلفي و الذى لم تكن لتستطع فتحه بمفردها أبدا ........هناك من يساعدها .هل أخبرتكِ بشيءٍ من هذا ؟...........)

لم يصله سوى أنفاسا متردده بدأ القلق في التسرب اليها ..... فعلم وقتها أنها تعلم شيئا لن يعجبه ..... توترت عضلاته و تقلصت و اشتدت قبضته على المقود و همس بفحيح

؛( سمر .........كل ما تعلمينه , وحالا قبل أن أرتكب جريمة ......... )

جاؤه صوت سمر متوترا قلقا وهي تهمس

( ادهم .....سأخبرك بشيءٍ قد يكون تافها ...... لكن عدني الا تتهور ......)

فقد ادهم هدوؤه الخادع وصرخ ؛( تكلمي الان يا سمر ..............)

ظل يستمع الى صوت سمر عبر الهاتف لعدة لحظات دون أن يقاطعها ......و مع كل حرف يصله كانت وحشية مرعبة تتصاعد الى عينيه و تنفذ مع هسيس أنفاسه اللاهبة ....... حتى بات في نهاية الحوار ...... كوحشٍ حبيسٍ جائع أُطلق سراحه ..........

في آخر كلمات سمر التى حاولت أن تهدئه ..... أغلق الهاتف دون أن ينطق بحرفٍ واحد ثم ألقى بهاتفه من نافذة السيارة المنطلقةِ كالسهم دون أن يبالي به ...... ثم زاد من سرعة السيارة أكثر و أكثر فاندفت به كالقذيفة متجهة ....... الى القصر .........

.................................................. .................................................. .........................................

دخل بسيارته من البوابة بسرعةٍ عنيفة دون أن ينسى الصراخ في وجه حارس البوابة المسكين و الذى لم يفهم بما أخطأ .......لحظاتٍ بعدها و اوقف السيارة بحركة واحدة مصدرة صريرا عالٍ جدا ..... ثم اندفع خارجا منها صافقا الباب بعنفٍ كاد ان يحطم زجاجه ,

لم يدخل الى القصر بل لف حوله الى الحديقةِ الخلفية .... حيث تقبع حجرة من يعتني بالحديقة , فركل الباب بقدمه وهويدخل ليجدها خالية كما توقع .....

اندفع يدور بها كالوحش الهائج يرمي كل ما تطوله يداه حتى أنه لم ينس أن يحطم المرآة بقبضته ......الى أن وجد كومة من الأوراق على مكتبٍ صغير فذهب إليها وهو يحاول التأكد مما تراه عيناه , التقط الاوراق بين يديه لتطالعه صورة لإمرأة مرسومة بأقلام الفحم في كلا منها ...... مرة وهى شاردة تنظر للبعيد, مرة و هى مستندة على إطار النافذةِ تتطلع منها حزنٍ دل على براعة من رسمها .....أو ....دل على شدة احساسه بتلك المراة ......

أخذ يقلب صورة خلف صورة وكلها لنفس المرأة ..... التى لن يخطىء ملامحها أبدا ...... حلا .......

صرخ فجأة و هو يمسك الصور معا بقبضتيه ليشقهم في حركةٍ واحدة الى نصفين ثم يلقي بها أرضا لتكمل عليها قدمه التى أخذت في سحقها تماما .......

أين هي ..... أين هي ......الى أين يمكن أن يذهبا ...... هل فعل بها شيء ؟هل تجرأ ولمسها ؟.......

لم يستطع أن يتمالك نفسه من هول الغضب الأعمى و الذى أعمى بصيرته كذلك , فصرخ بشدة

( أين أنتِ يا حلاااا ........)

غرز اصابعه في خصلاتِ مقدمة راسه يكاد ينتزعها من جذورها و هو يلهث بعنف ثم اندفع خارجا و هو يخلع ربطة عنقه التى كادت ان تخنقه في تلك اللحظة ......

رمى سترته على أرض الحديقةِ تبعتها ربطة عنقه و هو ينوي التوجه الى السيارةِ ليقلب طرق المدينة كلها بحثا عنها ......

لكن قبل ان يتحرك خطوة واحدة ....... كانت هى واقفة امامه بعد ان دخلت من نفس ذلك الباب الخلفي ...... يتبعها ذلك الحقير الذى لا يتذكر انه رآه سوى مرتين أو ثلاث ........

تسمرت حلا مكانها تماما .....بوجهٍ شاحب و عينين ميتتين ...... وقلبٍ تخلى عن نبضاته .......

لم يكن الرعب هو الوصف الامثل للتعبير عما تشعر به في تلك اللحظة .......الهلع ربما ....ام انه تبلد من فقد القدرة على الحياة .....

كل ما تعلمه هو انها وقفت امامه متسمرة دون حركة .......لم تستطع حتى على ان تخرج نفسا مرتجفا من بين شفتيها ......

يا الهى ... لم تره يوما بمثل هذه الحالة ..... كان شعره مشعثا , ازرار قميصه مفتوحة حتى ان بعضا منها ممزق .........و عيناه ......عيناه كانتا حمراوان بلون الدم .......مخيفتان ...بل مرعبتان ... لم ينظر اليها بهذه الطريقة من قبل , حتى في اشد حالات غضبه منها سابقا لم يكن لينظر اليها بهذه الطريقة ابدا .......... نظرة عنيفة مشبعة بالوحشية ...... لكن تختلط بشىءٍ ما ...... كشعورٍ بالغدر او الطعن .......عند هذا الادراك شعرت بقلبها ينزف دما ......فهزت راسها نفيا و كانها تمنعه من الشعور بهذا الغدر .........

هزة راسها كانت الشرارة التى جعلته يفيق من سكونه الوحشي ليهمس من بين اسنانه

( اين كنتِ ؟........)

ظلت تنظر اليه برعب لا تعلم بما تجيبه ..... ان الدائرة تضيق من حولها اكثر واكثر .......ها قد سقطت كل اقنعتها .....لا مفر , لن يهدا قبل ان يصل الى كل ما اخفته عنه يوما ..... وحينها سيرميها من حياته الى الابد , ليذهب بعدها الى من تليق به قطعا .......

استطاعت ان تهمس بضعف ؛( كنت .....كنت .....عند .....)

في هذه اللحظة بالذات .... اختار الاحمق ان يتدخل لاعبا في في نهاية ايام عمره ......قائلا وهو يتقدمها

( كانت معي ......فان اردت ان تواجه احدا فلتواجهني )

وكانت هذه هي بداية ..... الجنون ..... جنون الوحش ..... الذى ظهر طيف ابتسامة مجنونة على زاوية شفتيه , ثم تمكن من الهمس

( نعم .... أنت ....لقد كنت أنتظرك )

فجأة اندفع ناحيته بسرعةٍ لم يستطع هلال أن يدركها حين تلقى قبضة مريعة على فكه أسقطته أرضا , ثم لم يترك له ادهم الفرصة ليستوعب ما حدث , بل هجم عليه ليمسك بعنقه بقبضةٍ حديدية بينما قبضته الأخرى انهالت على وجهه وأنفه و هو يشتم بألفاظٍ لم تسمعها حلا من قبل و لم تعرف معناها ......

استفاقت حلا من ذهولها اللحظي لتصرخ فجاة و هى تندفع محاولة الإمساك بذراع ادهم

( كفى ادهم ..... كفى ستقتله )

الا ان ادهم لم يبدو أنه سمعها أصلا ...الا حين دفعها بذراعه بعنف ليسقطها أرضا .......ثم استقام واقفا و مد يديه الى حزام بنطاله الجلدي فخلعه بسرعة و لف مقدمته حول قبضة يده التى رفعها عاليا ليسقط به على صدر هلال و ذراعيه اللتين تحاولان تفادي هذا السوط اللاسع المنكب عليه من كل صوبٍ كحممٍ نارية ....

أخذت حلا تصرخ وتستغيث و هى تغطي عينيها بكفيها حتى لا ترى هذا المنظر البشع أمامها ......الى أن سمعت وقع أقدامٍ تجري اليهم , و استطاعت أن تسمع صراخ حارس البوابة و هو يحاول الإمساك بادهم بشتى الطرق الا أنه بدا كوحشٍ هرب من أسره ليفترس كل من حوله ......فلم تستطع حلا التى كانت تصرخ و هى جاثية على ركبتيها أن نتظر لكل هذا العنف أمامها .... فقد ذاقت هي ذات مرةٍ طعم حزامٍ جلدي مثل هذا .........

فجأة شعرت يدين حديديتين تجذبانها من ذراعيها لترفعاها على قدميها و صوت ادهم يصرخ بها

( افتحي عينيكِ ....... افتحي عينيكِ يا حلا )

و كان يهزها بشدة مع كل أمرٍ حتى فتحت عينيها المرعوبتين المتورمتين و هى تشهق لتلتقط أنفاسها المذعورة ..... فصدمتها عيناه المتوحشتان وهما تنظران الى عمق عينيها و هو يصرخ في وجهها

( انظري اليه ...... انظري الى صديقك الغالي )

لفت راسها بارتعاش و عيناها متسعتان برعب حتى أبصرته ممدا على الأرض بوجهه المليء بالكدمات .......فصرخت بشدة لتغلق عينيها مرة أخرى و هى بالكاد تنطق بكلمات ٍ من بين صراخها

( لقد قتلته ...... يا الهي لقد قتلته )

لكن ادهم لم يجبها بل جذبها من ذراعها خلفه بوحشية ٍ وهو يقول بصوتٍ لاهث للحارس ....

( أريد أن أجده حين يسترد وعيه ...... إياك أن يهرب و الا فلتتحمل ما سيحدث لك )

ظل يجرها خلفه الى أن وصلا الى القصر و قد سقطت منه عل الارض عدة مرات من كثرة تعثرها حتى تمزقت ساقي بنطالها الجينز و جرحت ركبتيها , الا إنه لم يبالي ...... بدا و كأن شخصا آخر تقمص ادهم حبيبها الذى لم تره يوما بمثل هذه الوحشية و القسوة من قبل .....

كانت تكاد تجري وهى تحاول تعقب خطواته بينما أخذت تشهق باكية بعنف و قد فقدت السيطرة على نفسها تماما .....و حين تعثرت ساقطة على درجات السلم خلفه تتابعها أعين الخادمات والسيدة اسراء بذهول .... فأوقفها ادهم على قدميها ثم مد ذراعه ليحيط بها خصرها و يرفعها صاعدا السلم وهو يحملها بذراعا واحدة صارخا بصوتٍ مرعب

( الى ماذا تنظرون ؟...... اذهبوا الى أعمالكم حالا )

فتفرق الجمع جريا كل في طريقه خوفا من ذلك الوحش الهمجي الذى يرونه لأول مرة ....... وحين دخل بها الى الغرفة ألقاها من ذراعه فسقطت على الأرض , لكنها لم تبقى مكانها بل أخذت تزحف مبتعدة عن العنف الذى ستواجهه لأول مرة من ادهم و هو على هذه الصورة البشعة .......

ظلت تنظر اليه شاهقة برعب و عيناها متسعتان تكادان تسعان وجهها كله .. الا انه لم يراف لرعبها بل اقترب منها ببطء و هى تبتعد عنه زحفا اكثر واكثر ..... الى ان توقف لاهثا ثم قال بصوتٍ كالفلاذ

( أين ذهبتما ؟....... ومنذ متى وأنتما تخرجان معا ؟)

ظلت عيناها المذعورتان تتطلعان إليه بينما صدرها يعلو ويهبط بعنف .... فصرخ مما جعلها تنتفض هلعا

( أجيبي يا حلا ......منذ متى ؟)

فتحت شفتيها عدة مرات الا أن صوتها لم ينجح في الخروج كل مرةٍ الى أن قالت أخيرا بصوتٍ يخنقه النحيب

( لم نخرج أبدا ..... أبدا )

تابع استجوابه لها وبينما لم يلن وجهه أبدا ( أين ذهبتما ؟........)

لم تجد بدا و قد شعرت بان النهاية اتية لا محالة فقالت مرتعشة تستجديه ( كنت عند أمي ....... أقسم لك أنني كنت عند أمي )

هنا فقط بدأت الصورة تتضح له .... بالتأكيد ايثار .... ومن غيرها سيصيبه الجنون بعد مكالمته لها..... الا أن ملامحه لم تلين لها أبدا , فقال بصرامة مخيفة

(لماذا ذهبتِ اليها ..... وإياكِ و الكذب علي يا حلا )

دفنت وجهها بين كفيها و أخذت تنتحب بشدة و هي تدرك أنها النهاية ... فما كان منه الا ان اندفع جالسا القرفصاء بجانبها , يمسكها بقسوةٍ من ذراعيها وهو يهزها لترجع رأسها الى الخلف بشدة ثم قال بصوتٍ كنافثةِ اللهب

( ولماذا أخفيتِ عني ذلك و تسللتِ خارجة مع ذلك الحقير ...... منذ متى و أنتِ تتحدثين معه ؟ ....... أجيبي )

خف نحيبها قليلا و نظرت اليه بعينيها المنكسرتين و كأنها تودع وجهه الحبيب لآخر مرة .....ثم همست باكية

( أخبرتك ..... من قبل أن..... هناك الكثير لم تعرفه عني بعد ......... لقد ظهر جزءا من ماضي لم أردك ان تعلمه , ظننت أننى قادرة على اخفاؤه مجددا ...أردت أن أحميك و أحمي زواجنا ....شيئا سيدمر سمعتك ...لم يكن بيدي يا ادهم .. ما فات لم يكن بيدي , كنت مجبرة عليه )

سكتت وهي تعلم أنه لن يفهم شيئا من حديثها المجهول بالنسبةِ اليه ... الا إنه قال بصوتٍ مطعونٍ في صميمه

( و اخترته هو ليحل لكِ مشكلتك ؟........ بعد كل ما بنيناه معا الفترة السابقة ...... عند أول صعوبةٍ تواجهك تختارين شخصا حقيرا ليساعدك ؟.......كيف يمكنني الوثوق بكِ بعد الآن.... لقد استنفذتى كل فرصك معى...... منذ سنواتٍ عديدة و أنتِ تخذلينني دائما .... لكن هذه المرة لم تخذليني فحسب , بل طعنتني يا حلا ......بعد كل ما حاولت أن أمنحه لكِ , اخترتِ خيارا حقيرا ليساعدك على تجاوز ماضيكِ .....)

ترك ذراعيها فجأة و كأنها ستلوثه ثم انتفض واقفا ينظر اليها بوحشية ثم قال لها أخيرا بصوتٍ مخيف

( لقد أخطأتِ خطأ كبيرا ..... كبيرا جدا و أعدك أن عقابك عندي سوف يوقفك عن حماقاتك لآخر حياتك )

لكن قبل أن يتحرك وجدت الجرأة التى بعثتها خوفها من أن يورط نفسه بأى عملٍ متهور فقالت تستجديه باكية بشدة

( دعه يذهب يا ادهم ..... لا تؤذه أرجوك , لقد كان هذا خطأى )

عاد اليها في خطوةٍ واحدة ليجثو أمامها جاذبا شعرها بقسوة وهو يصرخ بصوتٍ أرعبها

( هل واتتكِ الجرأة على الدفاع عنه أمامي ....... هل تريدين أن أقتلك )

ثم رفع يده الأخرى عاليا .... فأغمضت عينيها رعبا و هى تشهق منتظرة نزول يده على وجهها .....

لكن مرت عدة لحظات ولم يحدث شيء ففتحت عينيها ببطء لتفاجأ بنظرة عينيه المشبعة بالألم .... هل لهذه الدرجة جرحته ....هل كان شيئا بسيطا اعتقدته يوما من الأيام أنه مجرد وسيلة للهرب من خيالاتها و وحدتها , هو السبب في ذلك الجرح العميق الذى تراه الآن في عينيه ..........

ضم قبضته بشدة ثم اندفع واقفا ليخرج من الغرفة لكن قبلا استدار اليها ليقول بصوتٍ مهين

( لن تخرجي من هذه الغرفة الا على جثتي ........كنتِ تعتقدين أنني أسجنك من قبل ...... اذن فلترى معنى السجن الحقيقي منذ اليوم)

ثم خرج من الغرفة صافقا الباب خلفه بعنف ... بعدها سمعت صوت المفتاح و هو يغلق الباب به ....

ظلت تنظر الى الباب في نحيبٍ صامت معذب و هى تشعر بأن عالمها كله قد انقلب الى جحيمٍ في لحظة واحدة ........

غرفة أخرى .... سادها جنونٌ من نوعٍ آخر .....وحشا آخر يدورهائجا أسيرا في قفصه .....يتوقف بعد كل خطوة لينظر حوله , عله يجدها ..ويكون ما حدث هو من وحي خياله المسحور بها ......

يصرخ بغضبٍ كل دقيقة ..... يركل شيئا ما كل لحظة ..... تكلم في كل مكانٍ تستطيع الذهاب اليه دون جدوى ......سأل الجميع دون أن يجد اجابة .......و كأنها تركت هاتفه فقط لتسخر من حاولاته الفاشلة ِ في العثور عليها ......

هل يبلغ عن سرقة السيارة ........ فسيارة احمد مهران الخاصة ستنقلب لها الدنيا حتى تعود اليه ....... لكن كيف ذلك و المجنونة هي التى سرقتها ..........كم سيسعد حين يأتون له بها مكبلة بالقيود ......و لو عليه لكان أحب أن تعيش خلف القطبان نتيجة فعلتها الحمقاء...

سابين .... توقف في مكانه لحظة ليهمس باسمها .....هل رحلت فعلا ....كلا هناك خطأ ما بالتأكيد , ليس بعد اللية الماضية ...لا تستطيع أن تكون بمثل هذه القسوة أبدا .....

ما تشاركاه ليلة أمس ليس من وحي خياله .... لقد كانت ذائبة بين ذراعيه , و عينيها .....آآآآه من عينيها , لقد حكت له الف قصة جميلة ...هل كان كل هذا تمثيلا لتنهي الفصل الأخير من تلك المسرحية الهزلية .......

نظر الى المرآة لتطالعه صورة رجلا ضخما عاري الصدر مفتول العضلات مشعث الشعر و لحيته نامية قليلا ......رجلا خرج للتو من سحر ليالي الف ليلة و ليلة .......

وضع يده على الجانب الايسر من هذا الصدر الصلب القاسي و هو يشعر بألما قويا بداخله .....لقد أصابته في مقتل تلك الساحرة الشريرة اذاقته سحرها متعمدة ثم هربت بما تبقى منه ,...........

اندفع الى الفراش المدمر ليلتقط تلك الورقة الصغيرة المطحونة بفعل قبضته ......ليطالعها عله يستطيع التصديق أخيرا.....

أنا أحمل طفلك بداخلي .........طفله ...... هل سابين بالفعل تحمل طفله .... أم أنها خدعة لتؤلمه أكثر .......

طفل من سابين ..... في وسط وحشية الغضب الذى تملكه بعثت هذه الفكرة ابتسامة خرقاء الى شفتيه ........طفلة ..... لكم يتمنى أن تكون طفلة بعينين زرقاوين و خصلاتٍ حريريةٍ سوداء .........

مجرد تخيل تلك الصورة بعث رعشة ناعمة الى قلبه المتألم ....... هل قلبه هو الذى يتألم ؟....... متى أحبها ..... وكيف .......

كان يريدها زوجة ليطوعها مبقيا على قوتها وشجاعتها ......كان يريد سحرها و فتنة عينيها ........

لكنه أبدا لم يظنه الحب ......لم يظن أن يعرف الحب مرة أخرى بعد ليال ......كيف سحرته و ألقت عليه لعنتها .... كان يظن لعنتها هي فتنتها الطاغية ...... الا إنه اكتشف الآن أنها أشد براعة و فتكا ....فقد ألقت عليه لعنة حبها ...... لكنها رحلت .... لم تعطه الفرصة ليعطيها حنانه الذى كان يدخره لها بعد أن يمرا معا بتلك المرحلة التى قررها بنفسه بمنتهى الغرور ...........

نظر مرة أخرى الى الورقة و هو يقرأ كلمتها ....... لكني أشد شراسة حين أحب ........

المجنونة القاسية .... أبت أن تتركه الا بعد أن تعلمه بحبها ليتلظى بنار القهر وعذاب حبها أكثر و أكثر ...........

أشد عقاب له , أن تتركه و هي تراه بهذه الصورة القاسية دون أن تمنحه الفرصة ليريها ما كان يريده لها ........

انتفض فجاة بقسوة و وحشية و عقد حاجباه ...... لماذا يتكلم بصفة الماضي ...... فقسما بالله أنه لن يتركها ترحل عنه أبدا سواءا كانت تحمل طفله أم كانت مجرد خدعة مجنونة منها ....... فوالله لو كانت تلك كذبه فسترى منه أياما أشد سوادا من التى مضت ..... لكن لن يتركها ...... الخلاصة أنه لن يتخلى عنها أبدا .... ولن يسمح لها بالابتعاد كثيرا فقد تكون مستمتعة تضحك في هذه اللحظة تظن أنها قد حققت انتصارا واهيا عليه ..........

لكن فلتري يا سابين من سيضحك في النهاية ..... ومن هو الذى سيأسرك في أحضانه الى آخر العمر .....

امسك هاتفه مرة أخرى ليطلب سيارة أخرى في الحال ثم توجه الى ارتداء ملابسه وهو يتوعد و يقسم بأغلظ الأيمان .......

.................................................. .................................................. ...............................................

ما أجمل السعادة ..... ما أروع أن تصبح زوجة , هل هناك ما يوازي بهجتها الآن و هي واقفة تطهو له .... حبيبها الغالي ...طفلها الوحيد و سيد قلبها ......فارسها المغوار .........

تلك الفترة مرت عليها بمباهج الحب المتوهج ....لكن أيضا لم تكن سهلة عليها , فلقد اكتشفت الكثير من طباع فارس الصعبة و التى لم تكن تدركها جيدا قبل أن يجعلها زوجته .....

فهو شديد التملك , كثير التطلب ......أناني الى حدٍ ما , لكنها دائما ما تحتويه لتتحايل على الموقف و تمتص سوء طباعه .... لقد تألمت قليلا في عدة مواقف , لكنها تعود دائما لتضمه الى صدرها قلبا وقالبا .....

لن تتخاذل الآن بعد أن نالت مبتغاها .... تعلم أن الحياة الواقعية تختلف عن حياة الأحلام الوردية , وهي بالذات لم يكن طريقها مع فارس مفروشا بالورود .....لذا فإن كانت تحتاج الى القوة سابقا ....فهى الآن تحتاج الى أضعافها .....وسيكون الصبر هو سلاحها .

كانت تدندن بلحنٍ ناعم وهى تتمايل على أنغامه , تحرك معلقتها في المقلاة بتراقصٍ مع تمايلها .....تستنشق رائحة ماتعده بشهية و كأنها أضافت اليه القليل من حبها ........

شعرت فجأة بيدين قويتين دافئتين تمسكانِ بخصرها , فابتسمت و هي تكمل غنائها و تمايلها بين يديه القويتين ..... بينما هو نزل برأسه ليدفن وجهه في عنقها الناعم ليقلبه بشغف باعثا رعشة مجنونه في أطرافها ......سمعته يهمس و شفتاه ملاصقتان لعنقها .......

؛( أنتِ تنوين اثارة جنوني بالكامل اليس كذلك .......أنت تتعمدين اغراق نفسك بهذا العطر اللعين )

اتسعت ابتسامتها و برقت عيناها بشقاوة و هي تقول باغرء

( هل ظننت أننى سأرحمك بعد أن عرفت سرك ...........)

ضحك بخفةٍ و هو يجيبها صوتٍ أجشٍ خافت

( لا ترحميني قدر استطاعتك........لكن اعلمي أنني سأجدك دائما بهذه الطريقة )

ضحكت و هي تميل برأسها الى الخلف مغمضة عينيها لتستند عليه ثم همست

( وهل تظن أنني أمانع ؟............يوم تتوقف عن البحث عني لن أكون وقتها في نفس العالم معك )

لم يستطع مقاومة جمالها اكثر وهو يديرها اليه بخفة لينظر اليها لحظةٍ و كأنه يشبع من ملامحها الموجودة في خياله قبل أن ينقض عليها مهاجما بكل أسلحته دروعها واحدا تلو الآخر .....الى أن سلمت له أخيرا معلنة انهزامها أمام غزوه الهمجي ..... لكن دون أن تنسى اطفاء الموقد خلفها ......فهي تستطيع نسيان نفسها لكن لا تستطيع نسيان وجبتها المحملة بالحب له .......

بعد فترة طويلة وهي مستلقية في أحضانه كقطة ٍ مدللة همست له بشوق ( أحبك ......)

فكانت قبلته الحانية هي الرد المعتاد الذى اعتادت سماعه دائما على كلمتها التى تمطره بها ليل نهار ... الن يأتي اليوم الذي يرد فيه بمثلها .....هل ستعيش لتسمعها من قلبه القاسي , بداخلها تعلم أنها ستسمعها يوما ما و ستنتظرها .....

مررت يدا حانية على بطنها المسطحة وهي تتخيل نمو طفلا صغيرا بداخلها ... مع أنها تعلم أن ذلك لن يحدث الا بعد أن يقرر فارس اعطائها الإذن بالموفقة ....

التفتت الى وجهه الحبيب المسترخي ثم لم تستطع منع نفسها من الهمس

( ألم يحن الوقت بعد يا فارس ......)

نظر اليها مقطبا جبينه و هو يسأل ( لأي شيء ؟.......)

ابتلعت ريقها و همست مترددة ( الأطفال .....)

أغمض فارس عينيه وهو يتأوه بملل قائلا ( ليس مجددا ..... الم ننتهي من هذا الموضوع بعد ؟)

عبست وقد انتابها العند هى الأخرى فقالت بحدة ( سننتهي حين تعطيني سببا منطقيا لرفضك المتعنت ...)

قست عيناه و بان الغضب على ملامحه الا إنها رفضت أن يرهبها غضبه , هذا حقها و هي تنوي الحصول عليه فقالت بشجاعة

( فارس .....لما هذا الرفض ؟)

قال لها بغضب و نفاذ صبر ( ما الذى أستطيع أن أقدمه الى طفلٍ صغير .....أنتِ ستتحملين مسؤليته بالكامل , لن أستطيع أن أساعدك بشيء,..... هل تدركين ذلك )

قالت له بسرعةٍ و صلابة ( أنا أعرف ذلك جيدا ..... وأنا أرحب جدا بتحمل مسؤلية ابني كاملة و بالنسبة لك فأنت لديك الكثير لتقدمه الى طفلك ... هذا ليس سببا مقنعا يا فارس )

نهض جالسا على الفراش بحدة و هو يقول بصوتٍ قاطع

( هذا الموضوع سينتهي الآن و هو غير قابل للنقاش )

فجلست هي الأخرى و هي تكاد تكتم انفعالها الشديد و هي تقول بحدة

( لحظة واحدة ... دعني أفهم ذلك جيدا ... أنت ترفض أن أتابع دراستي و ترفض أن أعمل ..... و ترفض أيضا أن أكون أم ..... لا اصدق )

قام من الفراش منفعلا و هو يقول بصرامة ( بل صدقي .....و أريد أن ينتهي هذا الجدل العقيم حالا )

صرخت سما و قد فقدت التحكم في نفسها ( بل لم ينتهي بعد .... لا أصدق مدى أنانيتك )

التفت اليها و عيناه المتوحشتان تكاد أن تفترسها و هو يصرخ مزلزلا الغرفة

( نعم ..... نعم أنا أناني لعين , و أنتِ تعلمين ذلك جيدا .....أنا لم أخدعكِ من قبل )

صرخت هي الأخرى ( وماذا لو أصريت على طلبي .......)

نظر اليها عابسا بشدة و هو يمعن في كلامها ثم قال بلهجة تهديدٍ مخيفة

( إن كنتِ تفكرين في خداعي و وضعي أمام الأمر الواقع ..... لأجدك تخبريني يوما أنكِ تنتظرين طفلا , فلا تلومي الا نفسك يا سما )

ذبحتها كلمته فهمست غير مصدقة ما سمعته ( خداعك .......)

فسكتت و قد حفر الألم معالم وجهها ... يا الهي ما أشد قسوته ..... لم تكن تعلم أنه بمثل هذه القسوة ....و الظلم ......

سابقا حين كان يصرخ بها و يأمرها و أحيانا تتطاول يده عليها .....لم يكن الألم حينها يوازي ما تشعر به الآن .... فهي سابقا كانت تعلم أن عجزه هو السبب في قسوته بينما في داخله يقبع طفل وحيد يخاف من الظلام المحيط به ........

لكن الآن ...... ترى منه وجها آخر ... وجها شرسا ..... وجها لا تستطيع أن تبرر له تصرفاته القاسية .......

وضعت يدها على فمها مغمضة عينيها و هي تطلق شهقة بكاءٍ مرير .......

استدار فارس ناحية باب الغرفة يسير اليه مستعينا بعصاه الرفيعة الخرقاء و التى أخذت تتخبط بكل شيءٍ في الغرفة ........

كانت سما قد ساعدته الأيام الماضية على عد خطواته وحفظ عدد كلا منها في كل جزء من منزلهما الجديد ليعتاد على التحرك به......لكن الآن يشعر انه نسي الأعداد التى حفظها كلها ..... حتى بات الخروج من باب الغرفة يشبه الخروج من متاهة .... خاصة حين تلاحقه شهقاتها المعذبة ......

.................................................. .................................................. ..............................................

أخذت ايثار تمشي بعصبيةٍ جيئةٍ و ذهابا .....عيناها تلمعان بوحشية وجسدها يتمايل كما تتمايل الكوبرا ...... , كعب حذاءها المسنن الرفيع و الذى يصلح لأن يستخدم كسلاحٍ قاتل يطرق على الأرضِ اللامعة بجنون ......

تمسك بهاتفها تنتظر اتصالا منه لكن دون جدوى ......

همست أخيرا بغضب ؛( ذلك الغبي .... لقد أكدت عليه أن يكلمني ...... تبا .... تبا ...إنه أخرق لا يعتمد عليه )

زفرت بحنق و هي تتخلل خصلاتِ شعرها السوداء الطويلة بأصابعها الرفيعةِ كالمخالب و المزينة بخواتم ثمينة هي كل ما تبقى لها من زمنٍ مضى ......

همست أخيرا بحنقٍ لنفسها ( لا جدوى من ذلك ...... سأكلمه أنا , أوف لن أستطيع الإنتظار أكثر )

طلبت رقمه و هي تنتظر الرد على احر من الجمر الى ان فتح الخط اخيرا فلم تصبر قبل ان تصرخ بشدة

( أين كنت أيها الغبي ...... ألم أعيد عليك أكثر من مرة أن تتصل بي ما أن تصلا )

لم تسمع سوى هسيس أنفاسا غاضبة ..... ففكرت بسخريةٍ أن هذا الصعلوك يشعر بالإهانة ... بعد أن أمنت له وظيفة في القصر .. أصبحت لديه كرامة ليعتد بها , بل و تجرأ على أن يحب زوجة صاحب القصر أيضا ...... يا له من أحمق......

اعادت عليه بمنتهى الصلف و الغرور

(المهم أخبرني ..... هل انهارت كالعادة أم أنها استطاعت الصمود؟, ... هل طلبت منك الذهاب الى ادهم ؟.......لماذا لا تجيب أيها الأحمق هل أصابك الصمم )

مع صراخها الأخير انقطع الخط ... فنظرت الى الهاتف بذهول و هي غير مصدقة لما فعله .... لقد أغلق الخط .....الحقير الصعلوك أغلق الخط ......

رمت الهاتف على الأريكةِ بعنفٍ وهي تصرخ كجنيةٍ شريرة ..... ثم أخذت تسير كالمجنونةِ و هي تفرك أصابعها بعصبية ......

لم تعلم كم مر عليها و هي في هذه الحالة المجنونة ...... الى أن سمعت فجأة صوت جرس الباب فعقدت حاجبيها و هي تتسائل عن هوية القادم اليها الآن .....ثم اتجهت الى الباب لتفتحه ... و بعدها و قفت متسمرة مكانها و هي تتطلع الي وحشٍ كاسر بعيونٍ شيطانية .....

.................................................. .................................................. .............................................

كانت سما مستلقية على فراشها بعيونٍ مفتوحة متورمةٍ من كثرة البكاء .... منذ ساعةٍ واحدة حملها فارس على جوادٍ أبيض الى عالمٍ من مشاعرٍ هوجاء دافئة أذابت قلبها ..... هكذا هي العلاقة بينهما ... رائعة جدا بل اكثر من رائعة فلماذا الآن تشعر و كأن خنجرا مسمما قد غرز في صدرها ......

لقد آلمها هذه المرة جدا , حتى أنها لا تعرف إن كانت ستستطيع نسيان ما قاله ......إنه لا يريد طفلا منها .... ببساطة لا يريد , فأعذاره واهية و أنانية للغاية ..... إن كان يحبها حبا حقيقيا لما كان قسى عليها بهذا الشكل ....

إنها تشعر بأنه طعنها في أنوثتها , ...... بالرغم من كل المشاعر العنيفةِ التى يجرها و يلقي بها فيها كل يوم , الا أن كلماته القليلةِ الآن كان لها تاثيرا أعمق و أفظع عليها كامرأةٍ تريدُ أطفالا من زوجها .......

لم تشعر يوما أنها ضعيفة مثلما تشعر الآن ......ظلت لاكثر من ثلاث سنوات قوية لا يرهبها بقسوته ......محبة لا تشك في قوةِ حبها له ....محاربة لا تضعف أبدا ..... فهل بدأت تستسلم الآن ..... في مجرد بضعة أسابيع ستنسى تعب ثلاث سنواتٍ و أكثر......

قاطع افكارها الحزينة صوت فارس و هو يصرخ غاضبا منفعلا اثناء مكالمته لأحدٍ ما ...... فانتفضت مذعورة و هي تجري اليه لتجده يلقي بهاتفه على الطاولة بغضب ....

فسألته بقلق ( ما الذى حدث يا فارس .......من كان يهاتفك ؟)

التفت اليها غاضبا و قال بانفعالٍ زائد ( هذا ما نحصل عليه بسبب عائلتك الكريمة ........)

اتسعت عيناها و نهش القلق أعماقها فسألته بسرعةٍ ( ماذا حدث ؟...........تكلم أرجوك )

قال بسخريةٍ غاضبة ( يبدو أن المجنونة أختك قد قررت فجأة بعد انقضاء شهر العسل ... أن الزواج لا يلائمها تماما فرحلت بمنتهى البرود ...... و ها هو احمد يكلمني صارخا يهدد و يتوعد إن كنا نخفيها عندنا ......... وكأن سابين تحتاج الى مساعدتنا )

ذهلت سما مما سمعته فقالت برعب

( مستحيل ....... مستحيل أن تفعل سابين ذلك لابد أن هناك خطأ ما ...... إن سابين تحب احمد جدا )

فقد السيطرة على نفسه و هو يصرخ

( حب ..... حب ...... حب ..... ألن تفيقي من أحلامك السخيفة تلك أبدا , كل شيءٍ لديكٍ تقيسينه بمقياسِ العواطف و الشيء الهلامي المسمى حبا ....و هل تعرف سابين الحب أصلا ......متى ستكبرين , يبدو أن علي تحمل عبء طفلةٍ الى ما لا نهاية )

شعرت و كأنها تلقت لكمة في معدتها من قسوة كلماته فظلت تنظر اليه بصمت و قد وصلتها الحقيقة التى تجاهلتها طويلا .....هو ايضا صمت تماما و كانه علم بانه فضح افكاره اكثر مما ينبغي ....

ظل الصمت يظللهما طويلا ... و كأن كلا منهما ينتظر الآخر ليبدد ما هو فيه ويطمئنه أن كل شىء على ما يرام ..... لكن لم يجرؤ أيا منهما على الكلام .....

أخيرا نطقت سما بمنتهى الهدوء و ضبط النفس

(سأكلم سابين لأطمئن عليها , لعلها تجيبني .......)

و خلال لحظة كانت تنتظر صوت سابين و القلق يعصف بداخلها .......الا ان صوتا رجوليا اجابها بانفعال , فنظرت الى الهاتف لحظة ثم ارجعته الى اذنها مرة اخرى و هي تقول بتردد

( سيد احمد ؟ أهذا أنت ؟....... لماذا هاتف سابين ليس معها ؟)

انهال عليها صراخا حادا كاد أن يصم أذنها فأبعدت الهاتف قليلا وهي تغمض عينيها.......... لكنها عادت لتفتحهما مذعورة حين شعرت بالهاتف يخطف من يدها وصوت فارس يصرخ به بجنون و توحش

( إياك أن تتحدث مع سما بهذا الإسلوب مرة أخرى ....... اذهب لتبحث عن زوجتك بعيدا عنا )

ثم اغلق الهاتف بعنف وهو ينظر امامه بغضبٍ اعمى ..... تعلم انه ليس بسبب موضوع سابين ابدا .....الا انها لم تهتم به الان فكل ما يشغل بالها حاليا هو سلامة سابين ..... فقالت ببرود

( انا ذاهبة الى امي ..... فبالتاكيد سابين ستعود الى شقتها القديمة )

شعر من لهجتها الحازمة انها تتحداه ان يرفض .........فقال ببرودٍ يماثل برودها

(ساذهب معك .........)

ثم قاطع احتجاجها و هو يقول بقسوة ( لا تجادلي ..... فأنا أعصابي لم تعد لتتحمل أي استفزاز )

نظرت اليه بقسوة ثم اتجهت لتبدل ملابسها صافقة الباب خلفها بأقصى ما تستطيع ................

.................................................. .................................................. ................................................

تراجعت ايثار بخطواتٍ متعثرة , بينما هو تقدم الى داخل الشقة ليغلق الباب خلفه ......للحظاتٍ طويلة لم تستطع ايثار النطق من شدة الخوف ...... كان منظره رهيبا بشعره الاشعث و عينيه الحمراوين ... وقميصه المفتوح الى منتصف صدره ......

انه على وشكِ ان يقتلها .... هذا ما استشعرته من نظراته المجنونة .....فقط نظراته هي التى اتسمت بالجنون , اما وجهه فقد بدا و كانه صنع من حجر من شدة تصلبه .......

حاولت استرداد قوتها و هى تقول بسخريةٍ زائفة

؛( لمن ادين بمثل هذا الشرف ؟........)

ظل صامتا ليزيد من رعبها ثم اجابها اخيرا بصوتٍ هادىء ارسل الرعشة الى اوصالها

( الى حماقتك في العبث معي ..........)

ازداد رعبها اضعافا مضاعفة بينما هوينظر اليها لا يحيد بعينيه عن عينيها الى ان قال اخيرا بصوتٍ كالفولاذ وهو يخرج شيئا من جيبه

؛( هل تعرفين ماهذا ؟..........)

نظرت الى هاتفٍ غريب في يده المرفوعة بتوجس , ثم ابتلعت ريقها بصعوبة و هي تهز راسها نفيا

لكنه لم يتابع بل كل ما فعله هو أنه طلب رقما .......وسرعان ما تصاعد رنين هاتفها الملقى على الاريكة ......

سقط قلبها بين قدميها و عرفت أن لا جدوى من الإنكار ... فهى تعلم جيدا الوقت المناسب للتراجع دون الحاجة الى الإستجداء فصمتت منتظرة الآتي منه ..... فأكمل ادهم بهدوءٍ مخيف

( انتهكتِ حرمة بيتي ... وأدخلتي شخصا حقيرا ليراقب أسرار زوجتي و يتقرب منها ...... )

ظلت صامتة و صدرها يعلو ويهبط بسرعة.... ثم فجأة سقطت يده مرة واحدة على وجهها دون اي انذار و حتى قبل أن ترمش بعينيها

رفعت يدها لتغطي بها خدها الملتهب و هي تنظر اليه بذهول و عيناها مصعوقتان برعب .... ثم استطاعت الهمس أخيرا

( هل جننت ؟....... كيف تمد يدك الى وجهي ؟)

نظر اليها بذاتِ الهدوءِ الشرس قائلا

( احمدي ربك أنكِ أم حلا ..... حتى ولو بالإسم , لولا هذا لكان لي تصرف سيمحيكِ من على وجه الأرض , ان اقتربت على مسافة ٍ أقل من نصف المدينة من حلا فتأكدي أنكِ ستجديني أمامك )

مد يدا مفرودة اليها و هو يصرخ للمرة الأولى بشدة

( هاتِ خاتم حلا ........حالا )

ذهبت مرتجفة متعثرة الى احدِ الادراج لتخرجه ثم القت به بغلٍ فالتقطه ادهم بكلِ سهولة ثم استدار ليغادر ....... الا أن صوت ايثار الصارخ أوقفه وهي تقول بجنون

( ادهم ........... خذ هذا )

التفت اليها ليجدها تطوح بإسطوانةٍ صغيره لتطير و تسقط عند قدميه ..... ثم قالت بتشفي و حقد

( فلتشاهد ما فيه ..... لتعلم ممن انت متزوج )

.................................................. .................................................. ..........................................

كانت حلا جالسة على أرضِ الغرفة من وقتها لم تتحرك و لم تكف عن البكاء على كل أحلامها الضائعة .....و فجأة سمعت صوت المفتاح و الباب يفتح .........نظرت بهلع الى ادهم الذى دخل الى الغرفة الذى أخذ يقترب منها بخفة الفهد ..... فأخذت تتراجع الى أن التصقت بالجدار خلفها تماما برعب , رافعة ركبتيها الى صدرها و كأنها تحاول حماية نفسها من عنفه الذى ينتويه .....

نظر الى رعبها المثير للشفقة باشمئزاز ..... ثم اقترب أكثر الى أن وصل اليها , فرفعت ذراعيها لتداري بهما وجهها خوفا من بطشه

شعرت فجأة بجسدٍ ضخم هد الأرض وهو يجلس بجانبها , فرفعت رأسها بتردد لتنظر اليه و قد استند الى الحائط بجوارها ملقيا رأسه الى الخلف و قد بان التعب عليه في أشد صوره .......لكم تمنت في هذه اللحظة أن تضمه الى صدرها لتمحو تعبه , الا إنها ما كانت لتتجرأ أبدا ............

شاهدته يخرج من جيب قميصه الاسطوانة المرعبة و هو لا يزال مغلقا عينيه ....... ثم قال بصرامة

( هل هذه هي ما كانت تخيفك ؟.............)

شهقت بشدة و هي تصرخ صرخة مخنوقة و هي تتعثر في الكلام باكية بشدة

( هل شاهدت ما فيه ........... ادهم ارجوك .... لم يكن ذلك برغبتي ...... كنت مجبرة .......لم اكن ....)

لم يفتح عينيه ولم ينظر اليها بل ظل ساكنا في مكانه ثم قال أخيرا

( لم أشاهدها بعد ..... انتظرت الى ان آتي اليك ِ )

صرخت بصوتٍ أعلى و بكت بشدةٍ و ظلت تبكي و تبكي دون أن تتوقف خوفا من المصير المحتوم

(حلا ..............)

نظرت اليه برعب ثم سكتت تماما حين فوجئت به يمسك الاسطوانة بيديه ليكسرها نصفين ,, ثم أربع

ظلت تنظر الى الأجزاء المكسورة بذهول ثم شعرت به ينهض واقفا من جوارها ......ليلقي اليها بصحيفةٍ مطوية على حجرها .....انطلق بعد ذلك ليغادر الغرفة مغلقا الباب خلفه بالمفتاح

فتحت الصحيفة بيدين مرتجفتين لتطالعها صورة لشخصٍ لن تنساه أبدا .....كانت صحيفة أجنبية استطاعت تجميع الكلام منها لتقرأ الخبر الذى يذكر أن مجهولون قامو باقتحام منزل رجل أعمال شهير معروف باعمالٍ سريةٍ مشبوهة ...

و قد قاموا بتهشيم يديه ثم خرجوا مباشرة...... مما يدل على أنه فعلا الغرض منه التهديد أو الانتقام ........

ظلت تنظر بذهول فاغرة شفتيها الى الصورة ...... وفي ذهنها تطوف عبارة واحدة

كان يعلم ....... كان يعلم من البداية ............

ثم سقط فجأة شيئا لامعا من بين صفحات الجريدة الى ركبتيها ....كان ........كان خاتمها ........

Continue Reading

You'll Also Like

47.8K 1.1K 33
ها قد فعلتها مرة اخرى وكنت قد قسمت الا ابيع روحى ثانية تطلعت إلى صورتها في المراة فلم ترى سوى صورة باهتة لجسم بلا روح و عيون هربت منها الحياةفابت...
5.4K 458 6
اعلم انني احبك حد الاحتياج ؛ احبك حد التعلق حد التملك ، احبك بأسمى انواع المشاعر وأكبرها قدراً وأعظمها معنى واعلم ان حاجتي لك تساوي حاجتك للعثور على...
516K 16.3K 33
فتيـات جميلات وليالــي حمـراء وموسيقـى صاخبة يتبعهـا آثار في الجسـد والـروح واجسـاد متهالكـة في النهـار! عـن رجـال تركوا خلفهم مبادئهم وكراماتهم وأنس...
2.2K 92 13
الجميع يقول الصدفة جمعتنى بكى وانا اقول الجريمة جمعتنى بكى الجميع يقول احببت هذه الصدفة لانها جمعتنى بكى و انا اقول احببت هذه القضية لانها جمعتنى...