الفصل الثامن

99.1K 2.1K 43
                                    

كان الظلام يحيط به من كل اتجاه ٍ و الصمت الشديد يدوى باذنيه يكاد ان يصمها , كان يسير على غير هدىٍ متعثرا فى اللا شىء , يمد يديه ليجد ما يستند عليه و قد يرشده , الا انه لا يجد سوى الفراغ .
فراغ واسع ممتدا امامه لا ينتهى , و الظلام تزداد كثافته حتى شعر به يكاد يجثم على صدره و يخنقه .
و فى غمرة ضياعه قفز اسم واحد الى عقله , اسم واحد يبحث عنه ولا يجده . اسم واحد هو الوحيد القادر على ارشاده الى الطريق .
الا انه حين حاول ان ينادى بهذا الاسم وجد ان صوته لا يخرج من شفتيه .
فجأة سمع همسا يطير ناعما فى تجويف اذنه
(لم اعد استطيع .......لم اعد استطيع ........سارحل للابد )
حاول ...... و حاول ........لكن لا صوت له اخذ الرعب يستبد به و هو يحاول مستميتا ان ينادى .
حاول ...... و حاول .... اخذ يختنق و يختنق ,
وفجأة خرج صوته صراخا مدويا
؛(سمااااا ........ سماااااااا) .
اخذ يمد يديه من حوله , فتحسس فراشه و هو جالسا عليه بعد ان افاق من نومه مذعورا .
كان يلهث بشدة و قد اخذ صدره يعلو و يهبط بسرعة و قد غطى العرق البارد جبهته . حاول السيطرة على نفسه و اخذت انفاسه تهدأ قليلا حين ادرك انه عاد لعالم الواقع
الا ان خوفا آخر استبد به فجأة . هناك شيئا خاطئا .
انه الصباح يشعر باشعته الدافئة على وجهه ........ لكن لا نسائم ياسمين .. اخذ يستنشق بعمق علها تصل اليه , لكن لم يصل صدره سوى هواءا باردا جافا خاليا من نسماتها .
لقد مرت الليلة بدون ان تاتى لتطمئن عليه كالعادة ....... ومن سيلومها .... لقد جرحها جرحا لن يستطيع تضميده ابدا كما تفعل هى مع جروحه .
عادت اليه ذكرى قطعة الحلوى التى تذوقها ... انها تقطر عسلا ...... من كان يخدع ......
كان يمطرها بكلاما مسمما عن عدم رغبته بها . الا انه كان فى الواقع يحاول اقناع نفسه . كان يخبىء جوعا عنيفا لها .... جوعا لم ينهشه الا بالامس حين تفجر كل عالمه فجأة .
يا احمق ..... ما ان لفظت كلمة الخيانة على لسانك حتى دبت النار بصدرك ونشب الغضب خالبه بقلبك .
سما الصغيرة الناعمة مع رجلا اخر ......يعلمها الحب ..... يفتح لها ابواب دنيا لم تدخلها بعد ,
دنيا كان يجب عليه ان يشدها هو اليها حتى ولو رغما عنها ......اليست ملكه .... لقد دفع ثمنها فلما لم يستفد بمزايا صفقته .
بقايا من ضمير انسانى موجود باعماقه كانت تمنعه عن مراهقة صغيرة سافرت معه لترعاه .
لم يحاول حتى ان يفكر بحقه فيها , بالرغم من جشاعتها هى و امها .
الا انه لم يكن يتصور ان تقوم المراهقة الصغيرة بخدمته كالعبيد نهارا , ليأتى ويشبع حاجته فيها ليلا , لم يكن قد وصل بعد الى هذا القدر من الدناءة , بالرغم من ان هذا هو كان هدف الامبراطور ذو القلب الحجرى .
ان يهديه الوسيلة التى يشبع فيها عنفه المكبوت و الذى يهدد بان يفقده ابنه الاصغر .
الليلة الماضية ..... لم يعد متأكدا من اى شىء .....شعر الليلة الماضية انه ليس واثقا من صواب حكمه .
لقد كبرت قليلا و صارت امرأة صغيرة ناعمة تفيض بالانوثة ووحشية التملك التى تظهر حين تحاول التمسك برجلٍ يخصها .. لقد افقدته البقية الباقية من سيطرته على نفسه .
وفى اللحظة الاخيرة استعادها قبل ان يفعل ما يندم عليه فى الصباح .
وها هو الصباح .... من المفترض ان يشعر بالفخر لتماسكه , الا انه لا يشعر الا بالخوف ..... فارس مهران يشعر بالخوف لمجرد انه لم يستنشق نسمات الياسمين الى الآن .
اخذ قلبه يخفق بسرعة شديدة ..... اين هى ...هل تعاقبه ؟ ... اختلط خوفه بغضبٍ هادر ....هل تعتقد انه يحتاجها ......فلتذهب للجحيم ...... هل رحلت ......هل استسلمت ورحلت .
صرخ فجأة بصوتٍ وحشى
سماااااا ..........سماااااااااااا
.................................................. ...........
صراخه يمزق قلبها يقطعه اربا ........ تريد ان تطير اليه .
لا تعلم كيف استطاعت ان تقسي قلبها و لا تزوره ليلا لترى ان كان يحتاج شيئا كما تفعل كل ليلة .
لكنها لا تستطيع تخيل مواجهته بعد الذى حدث , لقد استسلمت له بطريقة مخزية , لم تنطق كلمة اعتراض واحدة ...... و كيف تعترض و قد انهارت روحها قبل جسدها بين يديه , لم تعرف مثل هذه المشاعر من قبل , احست انها مستلقية على سحابةٍ تطير فى سماءٍ واسعة .
لكن حين رفضها ........ حين رفضها .... شعرت انها وقعت على الارض و تناثرت شظايا قلبها .
استمر صراخه يناديها فوضعت كفيها على اذنيها و هى تبكي لا تدرى متى ستعود اليها القوة لتواجهه .
مهما طال وقت هروبها لا بد ان تذهب اليه فى النهاية , لن تتركه ابدا .. لن يستطيع التصرف فى اى شىء بدونها .
ظلت لحظات صامته و الدموع تنهمر على وجهها , ثم قررت فجأة انه لا مفر من مواجهة المحتوم .
قامت من فراشها و اتجهت الى الحمام ..طالعتها فى المرآة صورة عينان مخيفتان من شدة حمارهما و تورمهما , انهت حمامها بسرعة و ارتدت ثيابها ثم سارت ببطء متجهه الى غرفته كالمحكوم عليها بالاعدام .
وقفت بباب الغرفة المفتوح ثم اخذت نفسا عميقا و خطت داخلها .
.................................................. ..................
نسائم الياسمين .........انها هنا .......لم ترحل , انها هنا , شعر فجأة و كأن حجرا مدببا يقف بحلقه .
سمع وقع رفرفتها الناعمة حتى وصلت اليه وقالت همسا
(آسفة ...... لقد اطلت النوم )
هل يجب ان تكون بهذه القسوة ........ لو اهانته , لو جرحته لما كانت بنفس قسوتها وهى تعذبه بقوة احتمالها و جلدها .
ظل صامتا يحاول اخذ انفاسه و تهدئة لهاثه .ثم قال بصوتٍ اجشٍ جاف
(اشعر بصداعٍ فظيع )
قالت هامسة
؛(لحظة واحدة )
ثم غابت فى الحمام لحظات و عادت باقراص الدواء , امسكت بيده وفتحتها ووضعت بها القرص وهى تدعو الله الا يلاحظ ارتعاشها للمسها اياه .
يدها ناعمة ..ناعمة للغاية , هل كانت بهذه النعومة من قبل , ام ان اليوم حدث ما زادها نعومة ....هل جسمها بنعومة يدها ..... ام اكثر نعومة .
غبي ...غبي ها انت تنجرف مرة اخرى , هل القت عليك لعنة ام ماذا؟!!
افيق .... انها سما ....سما الصغيرة , متى اصبحت ملكة الإغواء لتشعرك بما تشعر به الآن .
شعر بلمسة اوراق الورد على جبهته فانتفض و سمع همسا حنونا
(الا زال الصداع شديدا ؟)
احس بحافة الفراش تنخفض عند جلوسها برقة بجواره .وكأن هذا ما كان ينقصه.
احتاج لكل قوته كى لا يمسك بها ويرميها على الفراش بجواره ,اخذ نفسا عميقا مرتعشا ثم قال بصوتٍ اجش
(املت ان تكونى قد رحلتِ....)
رفعت عينيها المجروحتين اليه فاقدة الامل فى الحياة نفسها .
احست انه جاء وقت السؤال الذى تساله لنفسها كل يومٍ فسالته همسا
(لماذا لا تطلقنى ؟.....)
احست وهى تنطقها و كأنها تنطق الحكم باعدامها وسالت نفسها بهذيان ما الذى سيمنعه الآن من نطقها .... لقد اعطته السلاح ليقتلها و سيصوبه نحوها الآن , اغمضت عينيها منتظرة مصيرها المحتوم .
لقد اصابته برصاصةٍ طائشة .... نعم هذا هو ما يشعر به الآن , لقد بدأت تستسلم واول الاستسلام هو السؤال الذى لن يعرف اجابته يوما
جشعة وضيعة كأمها فلماذا لايخرجها من حياته , هل لانه يحتاج اليها ؟ ...يحتاج لخدمتها له ...لرعايتها ,بعد رفض الجميع له ,هل اصبح عاجزا لهذا الحد .
الا انه الليله الماضية لم يكن مع ممرضته ..... لم يكن مع خادمته.......لم يكن مع سائقته .....كان ... كان مع امرأته .
لم تكن مجرد شهوة كان احساسا فظيعا بالتملك لم يستطع تفسيره .
اخيرا قال بجفاءٍ وفظاظة
(لقد دفعت ثمنا باهظا )
اغمضت عينيها بالم وسالت هامسة
(اذن لماذا تدفعنى لكى ارحل )
شعر انه يدور فى حلقةٍ لا يفهمها و لا يستطيع الخروج منها ......احس انه يريد الهروب ....... الهروب ام العودة ؟..........
قال فجأة
(اريد العودة )
رمشت بعينيها و سألت
(العودة ؟.....العودة لأين؟!!)
قال بشرود
(اريد رؤية ادهم )
ارتعش قلبها حين لفظ كلمة رؤية , ثم وعى عقلها لما قاله ....العودة ...ادهم
هل يقصد ان يعودا بعد غياب ثلاث سنوات ....ثلاث سنوات لم ترى فيها سابين .....فقط تسمع صوتها على بعد الاف الاميال ....هل من الممكن ان تراها اخيرا
قالت بصوتٍ مرتعش
(هل سنعود فعلا يا فارس ؟.......)
ظل صامتا لحظات ثم قال
(نعم ..... نعم سنعود)
اغمضت عينيها و تنهدت بعمقٍ ............ ارتسمت شبه ابتسامة على شفتيها وهمست
( سابدا باجراءات السفر حالا )
ثم رفعت يدا مرتعشة متردده الى فكه و لمسته برقةٍ وهى تقول
(و ستكون فرصة لتتخذ قرارك بشأن الجراحة )
مد يده و امسك ذقنها بقوةٍ وهو يقول بصوتٍ اجش
(انا لا اريد ان اؤلمك فلا تدفعينى لذلك يا سما)
لا يريد ان يؤلمها .....لا يريد ان يؤلمها ......تكفيها هذه الجملة ,انها افضل كلمات سمعتها منه منذ ان تزوجها وهى تكفيها , و ستكون درعها فى الايام المقبلة , ارتسمت على شفتيها ابتسامة عشق حزينة . بينما هو يتسائل ان كانت هذه هى النهاية ...... ان تعود الى الافعى
.................................................. ..........................................
كانت جالسة امامه تنظر الى الاوراق بيدها ,تؤرجح ساقا فوق الاخرى , تطرق بظهر قلمها على جانب فكها ,نظارتها ذات الاطار الاسود فوق عينيها القاسيتين الرائعتين , شعرها الاسود الحريري مجموعا فى عقدة انيقة خلف عنقها
شفتيها المكتنزتين القرمزيتين تتحركان ........ تتحركان ؟ ..... ماذا قالت ؟
(ماذا قلتِ؟.....) قال بصوتٍ جاف
رفعت نظرها اليه رافعة حاجبيها ثم اعادت سؤالها
(سالتك هل تريد ان تضيف احدا الى قائمة المدعوين ؟)
ظل ينظر اليها بقسوةٍ لحظة ثم قال
(لا .... القائمة مكتملة )
نظرت اليه ثم اومات برأسها وهى تعيد النظر الى اوراقها
(الى اى مدى وصلت علاقتك بمازن ؟)
انطلق هذا السؤال فجأة ليجعلها ترفع رأسها كالسهم تنظر اليه رافعة حاجبيها لا تصدق ما سمعته
قالت بصوتٍ هادىء شابه الصقيع
(ماذا قلت ؟)
قال بقسوةٍ تهز البدن
(لقد سمعتِنى )
ظلت تنظر اليه و البرود فى عينيها تتزايد به الشراسة التى تسيطر عليها بمهارة
ثم قالت اخيرا بمنتهى البرود
(لماذا لا تسال مازن ؟ )
اجابها وعيناه تقيد عينيها
(سالته.... )
ردت عليه ( وبماذا اجابك ؟)
سكت لحظة ثم قال (لن تعجبِك الاجابة )
اظلمت عينيها وعصفت بلونٍ داكن ثم قالت
؛(اذن لماذا تسالنى ؟ )
ظل صامتا ينظر اليها لا يملك ردا , لكنها اعفته من الرد وهى تقف باناقة ناظرة اليه من علو و ملامحها الجميلة متصلبة لا تعبير لها ثم قالت بصوتها الناقوسي الذى اعتاده فى الآونه الخيرة
(لن يعجبك ردى انا ايضا يا سيد احمد .......لكنك لا تملك محاسبتى , فلست انا من تخصك )
التفتت مبتعدة بكل رشاقة بدون ان ترى نيران الغضب التى اشتعلت بعينيه و قبضتيه المضمومتين بقوة
ولم يرى هو نظرة عينيها.................
.................................................. .................................
كان الحفل السنوى لرجال الاعمال المقام على شرف تولى احمد مهران رائعا منظما شديد الرقي , حضره نخبة رجال الاعمال وصفوة المجتمع و زوجاتهم .
الوقحة ..كان من الضرورى تواجدها قبل حضور المدعوين , الا انها لم تظهر الى الآن ستظل شديدة الوقاحة وهو لا يدرى الى متى سيستمر صبره .
كان فى منتصف حديثه مع رجلا من رجال الاعمال حتى توقفت كلماته فجأة وهو ينظر باتجاه الباب ... ليراها تدخل وهى تتهادى ناظرة حولها بلا مبالاة .
كانت ترتدى فستانا اسود طويل يلتصق بقوامها التصاقا ساحرا , فتحة رقبته الوسعة وقحة لكن دون ان تكشف عن الكثير , كان يحتضن جسدها ليظهر ارتفاع صدرها و نحافة خصرها ثم يهبط ليظهر اكتنازا مغريا .
و شعرها .. اول مرة يراها مطلقة لشعرها اسودا حريريا متموجا بجنون ,طويل يصل لخصرها وجموعا على كتفا واحدة .
شفتاها المكتنزتان مصبوغتان بلون احمر قانٍ اشد من الذى اعتادته
ذراعاها المكشوفتان ناعمتان بلون بياض اللؤلؤ , كانت مدمرة , ساحرة .
ظلت تتهادى لا تهتم للنظرات المصوبة ناحيتها و لا الهمسات التى التى اعتادتها بينما عينيها العابثتين تتسليان الى ان التقت بعينيه.... اختفت الاصوات من حولها فجأة وظلت اسيرة النظرات القاتلة .... كانا ينظران الى بعضهما البعض وهناك حربا معلنة بين اعينهما اسقطتهما اسيرين .
ظلت تسير باتجاهه وعيناها لا تحيدان عن عينيه حتى وصلت اليه .
ظلا صامتين لحظات حتى تنحنح الرجل بجوار احمد مهران ليتناول يد سابين ويقبلها بوقاحة .
نظرت سابين الى الرجل بصلفٍ وغرور وكأنه عبدا من عبيدها , كانت تعرفه جيدا وهو من اكثر الرجال سماجة
كانت عيناه تنهشانها كلما جاء لمازن مهران , ملمس شفتيه على يدها اثار قشعرة اشمئزاز بجسدها .
حركت نظرها الى احمد فلم يطالعها سوى تصلب ملامحه الا انها كانت واثقة من انها رات لمحة ازدراء قوية بداخل عينيه
رفعت حاجبها الايسر و رسمت ابتسامة استخفاف على شفتيها الجميلتين .
سمعت صوته المقزز وهو يقول
(لقد بدات الموسيقى ..فلتفتتح الرقص سيد احمد مع مديرة مكتبك الساحرة )
لم يلتفت احمد اليه و ظلت عيناه مثبتة عليها و هو يقول بقسوة
(انا لا ارقص )
شعرت بالغضب الاعمى يهيج فى اعماقها .... من هو ليرفض سابين الراشد .. لم يفعلها رجلا قبله .
وقبل ان ترد عليه بما يليق به ضاربة بكل الاصول عرض الحائط , قال الصوت المقزز
(اذن فلتسمح لى انا بهذه الرقصة )
لم يتنازل حتى للرد , فما كان منها الا ان نظرت اليه باستعلاء و سمحت لهذا السمج بان يسحبها من يدها ليبتدآ الرقص .
حين استدارت طالعه ظهرا مكشوفا شديد البياض اثار حنقه عليها اكثر واكثر بعد ان سمحت لرجلٍ لا تخفى عليها نظرته التى تكاد تعريها من ثيابها ان يمسك بها بين ذراعيه .
وقف فى مكانه بجمود يراقبهما يرقصان و هذا الرجل الفظ يضع يده على ظهرها العارى ,محاولا قدر الامكان السيطرة على الغضب المتصاعد بداخله و الموجه الى تلك اللعنة المسماة سابين الراشد .
حين تزايد عدد المتوافدين للرقص احست سابين به يجذبها تدريجيا اليه , فحاولت الابتعاد قدر الامكان .
القذر ....... القذر اول مرة يصل تطاوله الى هذا الحد .
شعرت بيده اللزجة تتحرك ببطء على ظهرها ,فحاولت دفعه بقبضتها و قد بانت الشراسة بعينيها , الا انه لم يهتم و تابع ضمه الوقح لها . فما كان منها الا ان همست همسا هادرا لا يسمعه الا هذا القذر وهى تكز على اسنانها
(ابتعد )
لكنه ضحك بخفة و قال بابتسامة صفراء
(لا تفتعلى فضيحة يا سابين , فاحمد مهران لن يعجبه ابدا ان تثيري غضبى )
استمرت فى دفعه بطريقة خفية حتى لا يلاحظ من حولهم من الراقصين و همست بعنف
(لا اهتم بك او به .... ابتعد والا فقسما بالله ساثير فضيحة لم يشهدها وسطكم القذر من قبل )
اتسعت ابتسامته و هبطت يده زاحفة الى خصرها ثم تابعت نزولها ..........
عند هذه اللحظة دفعته دفعة قوية بكلتا قبضتيها , و قبل ان يصب غضبه عليها و الذى ظهر بحدقتيه الزائغتين , سمع صوتا رجوليا صلبا منخفضا يبعث الرعب فى النفس و هو يقول
(امامك دقيقة واحدة لمغادرة هذا المكان و الا فلا تلم غير نفسك )
نظر الى احمد مهران و الذى فجأة بدا و كأن قناع التهذيب فارقه ليظهر بمظهر رجل الكهف ,. فقط من نظرة عينيه المتوحشة
قال بصوتٍ مرتعش وهو يحاول ان يظهر بقوةٍ زائفة
(انت لا تعرفها بعد سيد احمد , انها سابين الراشد انها ........)
امتدت يد احمد كقبضة حديدية لتمسك به من عنقه و هو يقول بصتٍ يدوى بالرغم من خفوته
(كلمة واحدة اخرى و سترى نفسك ملقى على الارض تحت قدميها )
ارتعش بجبن و هو يلاحظ الفرق بين قامته القصيرة الممتلئة و بين الحائط البشرى المفتول العضلات امامه , فما كان من الا ان حاول تعديل ربطة عنقه بذلٍ و ارتباك بعد ان تركه احمد , ثم سار مبتعدا متعثرا بين المدعوين اللذين لفت نظرهم ما حدث بدون ان يسمعوا الحوار الذى دار بين الرجلين والمرأة شديدة الجمال بين الراقصين .
امتدت يد احمد ووضعها بحزمٍ على خصرها بدون ان تشعر فعليا انه لمسها , و بيده الاخرى القوية امسك يدها وهو يهمس بقسوة
(ارقصى .....)
كانت سابين لاتزال فى حالة من الذهول مما حدث لتو , وضعت يدها على كتفه و اخذا بالكاد يتحركان بينما تشعر ان عاصفة قد اصابتها.
استمرا يرقصان لحظات وهى شاردة تائهة لا تشعر به يلمسها و مع ذلك تشعر بان كل من حولهم قداختفوا فجأة ليبقى فقط صوت الموسيقى الناعمة و رائحة الرجولة المعطرة المنبعثة منه , وكتفه الضخمة التى حجبت الرؤية عن عينيها .
فجأة سمعت همسا هدر فى اذنها
(ما الذى تستفيدينه من امتهان نفسك ؟ )
رفعت عينيها اليه بصدمة بعد ان انتزعها من العالم الذى تعيشه , فقالت بقسوة
(و لماذا تدخلت طالما اننى اخترت ان امتهن نفسي )
قال بعنف
(لست انا من اترك امرأة تحاول التملص من بين يدين قذرتين ... ايا كانت هويتها )
اخفضت نظرتها واغلقت فمها . لاول مرة احست انها لا ترغب فى الرد , فقط تريد ان تكمل هذا التمايل الرائع , وصمت هو ايضا و كأنه كان اسيرا لهذا التناغم و الانسجام لجسدين أبيا ان ينصاعا لحربا بين عقلين ليس لهما مكانا فى هذه اللحظات .
وقد غاب عنهما ما اثاراه من اقاويلٍ ستثار شهورا وشهور .

لعنتي جنون عشقكWhere stories live. Discover now