الفصل السادس

103K 2.3K 75
                                    

خرجت سابين من مكتب احمد مهران و كعبي حذاؤها يطرقان على الارض معلنان عن الغضب الهمجى لصاحبتهما , وصلت الى مكتبها و رمت ملف اوراقها عليه بعصبية و انحنت واضعة كفيها على سطح المكتب و اخفضت راسها تحاول ان تتنفس ببطء و تعد للعشرة فهى مستعدة فى هذه اللحظة لان تقتل احدهم .
كان ظهرها الى باب مكتب احمد منحنيه بهذا الوضع وتطرق الارض بكعب حذاؤها الايسر بعصبية ,لم تلحظ انها نسيت ان تغلق باب المكتب و هى خارجة .فبعد ان هدات قليلا و التقطت انفاسها استقامت و التفتت لتذهب الى كرسيها , ففوجئت باحمد مهران يقف بباب مكتبه و قد دلت نظرته الجامحة على انه كان يلتهمها بنظرته و هى منحنية بهذا الوضع .
لم تدرى لماذا انتابها شعور احمق لا تدرى له اسما سبب سخونة غريبة بوجنتيها ,لطالما نظر اليها الرجال بمختلف انواع الرغبة و الاعجاب , الا ان نظرته هو ... طرقت احساسا غير مالوف بالاستجابة لديها .
استعادت سيطرتها على نفسها بقوة ارادة منقطعة النظير و فى لحظة واحدة رسمت ابتسامة حملت اغواء العالم , ابتسامة قد تسقط اعتى الرجال تحت سحر هاتين الشفتين المكتنزتين المصرة ان تصبغهما باللون القرمزى ,رفعت حاجبها الايسر الساخر و سالت بصوتها الناقوسي المبحوح
(هل يعجبك ما تراه ؟...........)
ارتفع حاجبيه و اتسعت عيناه و قد شهدت هذه الغرفة معجزة ارتباك احمد مهران و عدم قدرته على ايجاد الكلمات المناسبة .
تابعت سابين بنفس الصوت الساحر
(ان كان يعجبك ما تراه .. فانا اسمح بهذا فى سبيل صالح العمل )
ازداد اتساع عينيه حتى قارب الذهول
تلعثم قائلا (ماذا؟.....)
اقتربت منه بهدوء و هو يراقب ساقيها تتقاطعان حتى وصلت الى خطوة منه و رفعت عينيها الى عينيه و اسرتها ... و قالت بنعومة الدنيا
(طالما يعجبك رؤيتى غاضبة ... ساسمح لك باغضابى متى شئت)
احس فجاة كمن سقط عليه دلوا من المياه الباردة و هو يسير فى طريق مزدحمة .
ظل على ذهوله لحظة ثم بدا الغضب يستشري به تدريجيا حتى احمر وجهه لدرجة انها بدات تخشاه و تخشى عليه فى نفس اللحظة, فتح فمه يريد ان يصب جام غضبه عليها الا انه عاد و اغلقه و التفت عائدا الى مكتبه صافقا الباب خلفه بعنف ناسيا ما كان اتيا لقوله.
اتسعت ابتسامتها و هى تفكر ان هذا هو ما يستحقه بعد كل التعنت و التسلط الذى مارسه عليها منذ الصباح الباكر .
همست لنفسها( لقد وقعت عقد اخضاعك للتو احمد مهران ... و لكم سيطيب لى اخضاعك ).
الحقيرة .... اللعينة ......مغوية الرجال , كانت تعلم ما تفعله , انها لا تليق بالعمل هنا فى المؤسسة بل الاجدر لها العمل فى.........
استعاذ بالله من الشيطان و غرز اصابعه فى شعره مغمضا عينيه
(ما الذى يحدث لك يا احمد .......لم تكن يوما ممن ينظرون الى النساء بهذه الطريقة .........فما الذى حدث الان )
اخذ يهدىء نفسه هامسا
(انه رد فعل طبيعي .... لقد مر وقت طويل منذ...هذا هو كل ما فى الامر , لقد تصادف ان يتقاطع طريقك مع ساحرة تسبي القلوب ...الامر فى منتهى البساطة )
(استعد تركيزك يا احمد ...لن تفقدك اياه مجرد لعينة جميلة العينين و ال............)
تافف بصوت عالى وعاد الى اوراقه يحاول ابعاد غباء اللحظات السابقة عن تفكيره.
.................................................. ...........
داعبت انفه رائحة الياسمين الناعمة فاستنشقها بكل هدوء .
انها هنا تراقبه من جديد لا تكل و لا تتعب , رائحة الياسمين الرائعة تسبقها دائما وتصل اليه لتداعب حواسه , تنفس ناعم يصل الى مسامعه قد لا يسمعه غيره , تقف ما يقارب الساعة او ساعتين تراقبه وتظن انه لا يشعر بوجودها .لقد اختارت الجانب الامن بدلا من اظهار نفسها و تحمل جام غضبه وسلاطة لسانه الشبيه بجلد السياط التى كان يمطرها به .
انه غاضب ...غاضب بشدة يريد ان يقتلها , لا يتحملها و لا يتحمل رفرفتها الناعمة حوله
الا حين تتاخر نسائم الياسمين فى الوصول الى انفاسه وقتها يشعر برعشة خوف من ان تكون قد استسلمت و رحلت بلا رجعة ,فما الذى سيبقيها الان فمن اشتراها له قد رحل و بقي هو . الا انها لم ترحل .
المقاتلة الصغيرة الى متى ستتحمله ,متى ستطالب بحقها من الحياة لتنهل منه .
لم تعد طفلة انه يشعر بذلك بالرغم من انه لم يراها ابدا ,لقد تغير صوت المراهقة المتلعثم ليصبح ذو بحة رائعة , تغير صوت الخطوات الخرقاء لتصبح خطوات متزنة رقيقة ناعمة تكاد تلامس الارض من حوله .
انه متاكد من ان الوردة الصغيرة قد تفتحت الان و هى فى انتظار من يتذوق رحيقها.
اندفعت الدماء الغاضبة فى اوردته و عادت اليه الرغبة الشيطانية فى ايذائها , اعتصر الكأس الكريستالى بشدة حتى تحطم جارحا يده و فى لحظة واحدة سمع رفرفة الخطوات الناعمة بجانبه وشعر بلمسة كاوراق الورد على يده تحاول ابعاد قطع الزجاج المكسرور عنها, الا انه جذب يده بعنف وصرخ
(ابتعدى ايتها اللعينه ........الى متى ساظل احذرك من ان تلمسيني)
سمع شهقة ناعمة عكست كل الام العالم فما كان منه الا ان قام بعنف من كرسيه متناولا عصاه مبتعدا بسرعة عنيفة متعثرة و خرج من الشرفة التى اعتاد الجلوس بها وحيدا تاركا خلفه عينان مجروحتان نديتان بلون زرقة السماء الصافية و لم يصله همسا مبحوحا
(الى متى ستعذبنى بقسوتك.......)
دخل الى غرفته صافقا الباب خلفه بعنف شديد واتجه الى الحمام و وضع يده تحت الماء و هو ينظر الى المراة بدون ان يرى قسوة عينيه الشيطانية .
يا الهى نسائم الياسمين مرة اخرى ..انها حقا لاتستسلم , ظل صامتا متباعدا يستمع الى خطوات خائفة تقترب منه بحذر , انه يستشعر خوفها فى خطواتها ,خوفا من ان تضربها يده بقسوة كما فعل مرارا .
وصلت اليه وسمع نبرتها المرتجفة الهامسة
(ارجوك يا فارس دعنى انظف جرحك ....انا هنا لاخدمك فلما تعترض)
ظل صامتا وملامح وجهه تشبه الصخور فى صلابتها .شجعها صمته على مد يدها لتتناول يده ثم اخذت تنظف جروحه بكل رقة .
كانت قمة راسها تلامس ذقنه , انه يشعر بالخصلات الحريرية تداعبه ,انقبضت يده بشدة يحاول السيطرة عليها حتى لا يغرزها فى شعرها ,لقد فعلها قبلا متلمسا نعومة شعرها يومها اندلعت النيران بقلبه من لمسة شعرها و خوفا من ان تلاحظ ما انتابه من ضعف جذب شعرها بشدة فصرخت الما بينما اسمعها هو كلاما حقيرا صارخا بكل ما استطاع ان يؤلمها به.
هذه الذكرى تشعره بالم عنيف كلما تنشق عطر شعرها كما يفعل الان , ابعد رأسه عن ملمس شعرها محاولا ابعاد رائحة الياسمين عن عقله .
انتهت من تنظيف جروحه وتضميدها وقالت بصوت رقيق
(ان موعد الطبيب بعد ساعتين ... هل تحتاج الى شىء الان )
احمرت عيناه و عاد شيطانه ليسيطر عليه فمد يده بسرعة خاطفة لم تستطع تداركها فقبض على ذقنها بشدة شعرت معها انه يكاد يقتلع فكها السفلى من شدة الالم الذى شعرت به ,الا انها لم تنطق بكلمة واغمضت عينيها بشدة منتظرة ان يصب عليها كلامه المسمم الذى اعتادت سماعه ما ان تذكره بموعد متابعته مع الطبيب .
اقترب فمه من اذنها و همس همسا اجشا مرعبا
(هل تحبين ان اؤلمك ؟ الن تبتعدى عن طريقى ام انك متشوقة لما سانزله بك )
ارتجف جسدها بشدة خوفا من بطشه و تابع هو كلامه وهو يشد على ذقنها اكثر
(الى متى ستظلين هكذا ؟ ماذا تنتظرين ؟ هل تتوقعين ان اقع فى حبك ؟هل هذا ما تاملين ان يحدث ؟ هل صور لك غبائك انه من الممكن ان اشعر باى شىء .....اى شىء ناحيتك سوى الاحتقار؟
انت هنا فقط لان والدى اشتراكى لخدمتى و لقد قبضت امك الثمن فلا تطيري باحلامك لابعد من ذلك )
شعر بقطرة سائلة سقطت وانسابت على يده الممسكة بذقنها فاحس بقلبه يكاد ينفجر من مشاعر قاسية لا ترحم و بالكاد سمع همسا ضعيفا منها
(انا اعرف مكانتى جيدا يا فارس و احاول تنفيذ ما جئت من اجله وانا لا اتطلع لاى شىء انا فقط اقوم بخدمتك )
جذب ذقنها بشدة لاعلى و اقترب فمه من فمها الرقيق حتى اختلطت انفاسه بانفاسها فاخذ قلبها يخفق بعنف حتى خشيت ان يسمعه .
شعر هو بارتجاف انفاسها على وجهه ,لقد كان هذا هو رد فعلها دائما عندما يقترب منها , فان كان لا يراه فانه يشعر بتغير سرعة تنفسها على وجهه و ارتجافها مما يمنحه احساسا خياليا بالرضا و الغرور , وما ان شعر به الان حتى همس بشراسة
(هل تعتقدين ان بامكانك خداعى ؟هل تظنين اننى لا اشعر بارتعاش انفاسك و شدة خفقان قلبك كلما اقتربت منك ؟هل تظنيننى قليل الخبرة حتى لا استشعر رغبة انثى بى و ارتعاشها بين ذراعى ؟........خاصة و ان كانت غبية صغيرة مثلك)
هبط قلبها بين قدميها متحطما , لقد حطم قلبها للتو كما حطم الكأس منذ قليل .
يا الهى لم تعرف الما او خزيا كالذى تشعر به الان , كلماته كانت اشد وجعا من كل ما اسمعها سابقا , ازداد جريان دموعها لتتساقط انهارا صغيرة على يده
استطاع ان يسمع نحيبا هامسا جلد قلبه , الا انه عاد و قساه حتى لا تاخذه الشفقة بها ,طفلة صغيرة جشعة باعت نفسها من اجل ان تكون واحدة من زوجات ال مهران تماما كامها و شقيقتها , و الان تريد ان تعيش مشاعر جديدة و تشعر بانوثتها حتى وان كانت معه هو.كان يعرف كم يعرف الجميع قدرة نساء الراشد على التلاعب بصفقات الزواج الا انه لم يتصور ان ياتى اليوم الذى سيصبح فيه فارس مهران رجلا عليلا لا يجد من ترعاه ليلجا والده الى شراء مراهقة صغيرة من ال الراشد لتقوم على خدمته و اشباع غرائزه .
بعد ان كانت القلوب الهائمة تتساقط عند قدميه و كان هو يقذفها و يتلاعب بها , جاء يوما اصبح فيه يحتاج الى من تقوده بعد ان هربت منه كل العاشقات و الصديقات و الانسانة الوحيدة التى احببها و تمنى ان يتزوجها تهربت منه بعد اصابته , و حتى الممرضات و الخادمات فلا احد استطاع تحمل عنفه و سلاطة لسانه ,
حتى حاول يوما الانتحار بقيادة سيارتة و اصابته بحادث ترك عرجا خفيفا بقدمه الى الان , وقتها حان تدخل امبراطور مهران بنفسه , فليس ابنه من يهرب منه الجميع و يحاول الهروب من حياته بهذا الضعف و الجبن .
فكان ان اختار مراهقة صغيرة يملك زمام امرها بيده لتكون الدواء لابنه ليفرغ بها كل شحنات غضبه المكبوت ,الصغيرة سما التى لا تعرف معنى الرفض ,و التى تتلاعب بها امها كعرائس الخيوط ,كانت سما الاختيار الامثل لتهدئة الاسد الاعمى .
حين عرض عليه والده الامر ثار و انتفض محطما كل ما حوله لما وصل اليه حاله , الحد الذى جعل والده يلجأ لشراء زوجة خاضعة له تقوم بخدمته وتنفيذ رغباته.
الا انه و بعد ان اخبره والده بموافقة امها و قبضها الثمن الذى يجعلها تضحى بابنتها هدر الغضب و الاحتقار فى نفسه فقرر فى لحظة اعصار عاصف ان هذه الجشعة الغبية الصغيرة تستحق كل ما سيصيبها و كل ما سيوقعه بها من هوان طالما انها ارتضت بيع نفسها .
لم يكن قد راها سابقا حيث كان يعيش بالخارج معظم حياته و حتى الان , وقتها لم يصله سوى ان والده قد تزوج ايثار الراشد وجاء بها الى القصر هى و بناتها الثلاث .
الا انه لم يهتم يومها , كان متاكدا انها نزوة طارئة للامبراطور بعد سنوات العمل الطويلة بدليل انه اختار ايثار الراشد متجاهلا العداء القديم بين عائلتى مهران و الراشد , لكن بعد مرور السنوات لا يستطيع ان يجزم ان كانت نزوة او انها تكملة للانتقام القديم .
لا يستطيع ان يؤكد ان كانت نزوة او ان الامبراطور قد سقط بالفعل تحت لعنة ايثار الراشد
فقد كان تلاعبه بحياة الفتيات الثلاث قاسيا لم يستطع فارس ان يفهمه يوما, بالرغم من ان حلا و سما تستحقان كل ما اصابهما بعد ان قررتا السير على نفس نهج ايثار الراشد ,
وكانت سما الصغيرة من نصيبه هو, لم يراها لكنه سمع صوتا لا تزال الطفولة تداعبه و هى تدلى بموافقتها اثناء عقد القران ,منذ ثلاث سنوات
ثلاث سنوات هى الفيصل بين مراهقة تكاد تكون طفلة سافرت معه للخارج لتلعب دور زوجة فارس مهران و بين شابة بدأت تشعر باحتياجات الانوثة .
كان يظن بعد ان تزوجها لن تتحمل خلال شهر واحد و ستهرب عائدة الى امها بعد ان اخذتا ما يكفيهما ,كما هرب كل من عرفه واولهم حبيبته .
الا ان المقاتلة الصغيرة الى الان لا تزال تقوم بكافة ما يطلب منها و ما يملى عليها و ما يقتضيه دورها فى حياته مظهرة صلابة غريبة على فتاة فى عمرها .
مهما اهانها و ذلها و قسا عليها تعود لتقوم بكل ما يتوجب عليها من مراعاة كل شؤونه و مواعيد الاطباء و الادوية و مرافقته فى كل مكان , و حتى حين انفجر فيها لكى لا تبقى كظله ,اختارت ان تراقبه من بعيد كام تراقب طفلها الوحيد باعثة بنسائم يسميناتها الى انفاسه لتشعره بوجودها.
عاد من ذكرياته الى صوت رقيق ارتعش ببكاء صامت وهى تهمس
(لقد جهزت لك الملابس الت سترتديها ووضعتها لك على الفراش )
ترك ذقنها من يده فجاة و ابتعد بعجز وعنف , صمت لحظة يحاول ان يسيطر على شياطينه العمياء التى لا تهدأ بداخله ثم قال بقسوة
(لا تنسي ان تنظفى الحذاء ...لا اريد ان تبعثى باحذيتى لاحد لكى ينظفها كالمرة السابقة ...ستنظفينها بيدك ...احذيتى خطا احمر)
ان كان ينتظر تمردا فقد خاب امله بالتاكيد حين ردت هامسة
(لقد نظفته بالفعل و هو على الارض بجوار الفراش)
سمع وقع خطواتها مبتعدة و سريعة فاعلمته سرعتها انها ستركض الى غرفتها لتنفجر فى البكاء كما تفعل كل يوم و كل ليلة ,فهو ما ان تتركه و تتجه الى غرفتها و تغلق الباب خلفها يتجه اليها و يقف خلف الباب ليستمع الى بكائها كل ليلة .
لا يعلم لماذا شعر فجأة بيأس كئيب نهش صدره , زفر بعنف و هو يغرز اصابعه فى شعره يكاد يقتلعه من جذوره وهمس لنفسه
(لماذا دخلتى حياتى البائسة ؟.......لماذا؟)
ارتمت سما على فراشها و اخذت تبكى و تشهق و هى تهمس
(غبية .....غبية ...كيف كشفتى نفسك و كشفتى مشاعرك الحمقاء امامه , تعالت شهقاتها فترة ثم اخذت تهدأ تدريجيا حتى صمتت متنهده بأسى
رفعت نفسها من على الفراش لتنظر الى صورته الموضوعة بجانب فراشها لاتفارقها ابدا .
لم ترى من هو اشد وسامة منه قبلا ولم ترى عينان اجمل من عيناه التى انطفأ نور الحياة منهما , عيناه رائعتان لونهما اخضر داكن عاصف مشبع بالرمادى يذكرها بالعواصف الساحلية الشديدة محاطته برموش بنية طويلة رائعة لا تمل النظر الى عينيه ابدا .
وشعره بني داكن ناعم بنعومة لحيته الخفيفة التى يطلقها لتزيده وسامة . مسحت دموعها بيدها الصغيرة وهمست يا الهى ما اشد جمالك وما اشد حبى لك
نظرت الى ساعة يدها فانتفضت من فراشها غسلت وجهها و ارتدت ملابسها بسرعة ثم اتجهت بخطوات سريعة مرتعشة الى غرفته .
كان باب غرفته مفتوحا فوقفت بالباب و قد وجدته جالسا على حافة فراشه و هو يحاول ارتداء حذاؤه .
علت شفتيها ابتسامة رقيقة حانية و استندت برأسها الى اطار الباب بدون ان تصدر صوتا ,راقبته بحب و هو يتلمس حذاؤه اللامع ,
اتسعت ابتسامتها قليلا و هى تفكر بداخلها
هذا الوحش القاسي يحب احذيته و يهتم بها للغاية
, لا احد يراه بهذا المظهر غيرها ,هى فقط من تراه و هو يهتم بأشياء بسيطة ويعلو وجهه المتجهم اهتمام طفولى بريء,لقد سمعت ان فارس مهران سابقا كان مولعا بسياراته الفارهة و خيوله الاصيلة بجانب عمله وصفقاته .
الا ان فارس حبيبها الموجود امامها الان ,الوحش ذو الطفل الصغير بداخله و الذى يهتم بأحذيته لدرجة الهوس , والذى يهوى حفر الخشب لصنع منه تماثيل خشبية غاية فى الروعة قامت هى برصها فى غرفتها على الرفوف , وهو يظن انه يرميها بعد ان ينتهى منها , لا يعلم انها تعود لتأخذها وتضمها الى مجموعتها الغالية .
راقبته بعد ان انتهى يقوم وهو يحاول تزرير قميصه
تنهدت بصمت و همست لنفسها ( لقد زرره بطريقة خاطئة ......انه دائما ما يفعل ذلك حين يكون شارد الذهن )
انها هنا ....لقد وصلت نسائم الياسمين اليه ..انها هنا وتقف بالباب الذى تركه مفتوحا .
قام من على الفراش و هو يحاول اغلاق قميصه ,ثم تعمد ان يزرره بطريقة خاطئة وفكر انها ستقترب الان .
و بالفعل سمع الخطوات الناعمة وهى تقترب منه , ثم شعر بيدين صغيرتين تقوم بفتح ازرار قميصه واحدا تلو الاخر باصابع صعقت صدره بلمستها الناعمة
وبعد ان فتحته توقفت لحظة , لحظة واحدة سمع فيها صوت تسارع انفاسها التى تضرب صدره العارى فتدفق الرضا الشرس بداخله , ثم شعر بيديها تعيد تزرير قميصه مرة اخرى بطريقة صحيحة حتى انتهت .
جثت على ركبتيها امامه لتعدل من رابطة حذاؤه و ما ان انتهت حتى وقفت وهمست
(هيا لننزل ......لن يذهب السائق معنا سأقود انا )
.................................................. ................
اخذت تبكي بضعف , جالسة على فراشها و هى تراقبه يثبت قفلا متينا على شباك الشرفة مغلقا اياه بدون ان يهتم ببكائها .
استطاعت النطق اخيرا من خلال دموعها
(ارجوك يا ادهم لا تغلق الشرفة ......هل من العدل ان تسجننى فى هذه الغرفة)
قال ادهم بجفاء مصطنع يداري به تمزق قلبه
(لقد امرتك اكثر من مرة الا تخرجى الى الشرفة بمفردك و لم تنفذى ما امرتك به )
قالت وهى لاتزال تبكي
(لقد قتلنى الملل ....كنت فقط اريد الخروج الى الشرفة قليلا ....انت لا تسمح لى بالخروج من هذا القصر ........ارجوك)
قسى قلبه المتوجع وقال
(حين اكون معك تستطيعين الخروج الى الشرفة و نستطيع الخروج من القصر معا متى شئت ..لكن بمفردك ..فلا ..ابدا)
ازداد بكاؤها بشدة وهى تقول
(لم اكن انوى الانتحار يا ادهم ..اقسم لك اننى لم اكن انوى الانتحار يومها .....انا فقط كنت ............)
لم تستطع اكمال كلامها من شدة بكائها
التفت اليها بعد ان انهى عمله وقال بقسوة
( اذن ماذا كنت تنوين ؟.......... هل تستطيعين معرفة ما احسست به حين وجدتك جالسة على سور الشرفة ........هذا بالتاكيد ليس تصرف انسانه متزنة حتى و ان كنت لا تنوين الانتحار )
دمره الالم الذى ظهر فى عينيها لكنه تابع قائلا
(اسف يا حلا لكن لا استطيع المجازفة ........ ساخرج الان لان لدى القليل من العمل
, ساضطر لاغلاق باب الغرفة ولكن لن اتاخر عليك وحين اعود سافتح الشرفة
و ان احببت يمكننا ان نخرج لتناول العشاء فى اى مكان تفضلينه )
سار ناحية الباب عدة خطوات لكن اوقفه صراخها فجأة
(هل تعتقد انك بحبسي فى هذه الغرفة تستطيع منعى ان كنت اريد الانتحار )
توقف و توقفت انفاسه و التفت ببطء اليها بينما تتابع هى بشراسة متوحشة جديدة عليها لم يعهدها فيها من قبل
(هل تستطيع اخفاء كل ما هو حاد او مدبب , هل تستطيع منعى من طرق رأسي بالحائط , هل ستغلق الحمام ايضا فقد اغرق نفسي به .........هل تستطيع كل هذااااا......)
علا صراخها فى جملتها الاخيرة حتى خشى ان يصيبها مكروه وهو يراها قد احمر وجهها بشدة و تهدجت انفاسها و اخذت ترتعش بقوة وتنتفض.
استمر الصمت بينهما لحظات لا يقطعه الا صوت شهقاتها العالية التى فقدت السيطرة عليها .
قال اخيرا بصوت مخيف بعث الرعشة بجسدها
(حسنا انت ربحت الان يا حلا ...لن اخرج انا ايضا)
ثم مشى الى الباب واغلقه بالمفتاح وعاد اليها وهو يتابع
(لكن عقابا لك سنظل انا و انت فى هذه الغرفة الى الصباح و لن نخرج منها )
جلس بجانبها وهى تبكى وحاول ان ياخذها بين ذراعيه فاخذت تقاومه بشراسة وهى تصرخ
(اكرهك .....انا اكرهك )
استطاع التغلب على مقاومتها بسهولة فانهارت على صدره تبكي وتبكي وهو يشدد من احتضانه لها ولا يتردد فى ذهنه سوى عبارة واحدة
(اسف حبيبتى .......اسف حبيبتى)

لعنتي جنون عشقكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن