جحيم هكر

الفصل الثالث عشر

كيف لي أن أصف لك الإكتئاب إن كنت لا تراه بي ؟ إنه شكل لا شعور فقط ، انظر إلى شحوب وجهي ، إنتبه إلى خمولي ، إلى مشيتي البطيئة ، عزلتي ، إستمع إلى صمتي ، انظر لهدوئي ، اقرء ما اكتب وستعلم كيف الاكتئاب توسد اضلعي .

*****

يقف أمام غرفة العمليات بتوتر يشعر بأن روحه ستغادر جسده أن خرج هذا الطبيب اللعين وأخبره أنها فقدت حياتها لا يصدق حتي الأن انها كانت بين يديه وأصيبت بهذا الشكل المفجع الجميع ينتظر خروج أحد ليريح قلبهم أدهم يدور حول نفسه بقلق لم يتوقع أن يحدث هذا لقد حذرها مرات كثيرة أن تبتعد عنهم ولكنها كانت عنيدة ترفض الهزيمة وجني تجلس علي إحدي الكراسي تبكي بصمت حياة صديقتها الوحيدة في خطر ليتها كانت مكانها وسقطت هي لن يتحمل أدهم أو هي فقدان رِسال أن ماتت سينهار كل شيء حتماً..

مرت ساعات ودقائق ولا شيء يحدث فقط هناك حركة غريبة أصوات جعلت ما تبقي لنائل من تماسك ينهار خرج الطبيب أخيرا من الغرفة وهو يمسح حبات العرق المتساقطة منه وهو يردف بهدوء
=الحمد الله العملية تمت علي خير بس المدام مستحيل تقدر تتحرك او تمارس حياتها الطبيعية قبل شهر...

اقترب أدهم من جني وهو يهمس بقلق
=أحنا روحنا في داهية..
أكملت جني بنفس الهمس وانظارها معلقة علي نائل الذي يحادث الطبيب وبجانبه مراد وقصي
=وأنت فاكر أن رِسال هتفضل قاعدة شهر كدا في السرير من غير ما تعمل مصيبة أحنا هنضحك علي بعض ولا اي!

ابتعد أدهم عن جني عندما وجد مراد يقترب منهم وهو يقول
=يلا يا جني يا بنتي روحي وهخلي أبن صاحبي يوصلك الوقت اتأخر عشان أهلك ميقلقوش رِسال الحمد الله بقت كويسة

تحدثت جني بهدوء عكس القلق الذي يتفاقم بداخلها
=وحمزة اطمنتوا عليه.. أول حاجة رِسال هتسأل عليها هي حمزة وطنط نهي علي أعصابها المفروض نكلمها !!

أردف مراد بتذكر وهو يأيد حديث جني
=عندك حق المفروض نبلغ نهي الـ حصل كلميها يا جني وقوليلها وبعدين روحي عشان متتتأخريش أكتر من كدا وحمزة الحمد الله الدكتور طمنا عليه..

أومأت برأسها وهي تسير بجانب أدهم إلي أحدي الممرات وهي تقول بتبرم
=انت ياض هنعمل اي دلوقتي نهي لو عرفت ان رِسال في المستشفي هتوجع دماغنا وممكن رِسال تخلص علينا فيها..

توقف أدهم عن السير وهو ينظر لجني بضيق ويقول
=هو كل شوية هتقوليلي انت يلا  وانت ياض احترمي فرق السن يا بت انتي..

ابتسمت جني بسخرية وهي تنظر له بمعني هل تمزح معي أم ماذا..ثم أردفت
=سيبت كل كلامي ومسكت في الكلمة دي يعني..حسب الله ونعم الوكيل في تفاهتك

اطلق أدهم ضحكات جذابة وهو يعرف أنها معاها حقك لقد ترك حديثها المهم وتمسك بهذا اللقب توقف أدهم عن الضحك عندما وجد الشخص الذي كان مع زوج رِسال وهو يقترب منهم بوجه متهجم غاضب يبدو أن أحدهم قام بصفعه لينقلب بوجه بهذا الشكل.. استدارت جني لما ينظر له أدهم و وجدت شاب طويل بعض الشيء ملامحه هادئة ليست بجميلة وليست بسيئة نعم إنه قصي المتنكر بهذا الشكل البسيط اقترب من جني وهو يردف من بين أسنانه وهو ينظر لها نظرات لا تبشر بالخير أبدا
= يلا يا آنسة عشان اوصلك ولا حابة تفضلي تتمايعي كتير في الممر !!

نظرت له جني بصدمة ماذا يتفوه هذا الأحمق صرخت بغضب وهي تشير له بتحذير
=انتَ مجنون مين دي الـ بتتمايع أحترم نفسك إزاي تتكلم معايا كدا أساسا !! 

نظر لها قصي بضيق وهو يتحدث ببعض الحدة
=يلا يا آنسة خلينا نمشي مش ناقص عطله..

تحدثت جني ببرود وهي تدير رأسها وتنظر لأدهم وتقول دون ان تعير له اي أهتمام كأنه سراب
=يلا يا أدهم عشان توصلني
هدر قصي بعنف وهو يقبض علي يدها ويديرها له ويقول
=مش بكلمك أنا ولا هو استعباط وخلاص قولت انا الـ هوصلك

نظرت جني لأدهم وهي تقول بسخرية
=اي يا أدهم باشا هتفضل تتفرج كتير ولا اي!

ابتسم أدهم لها وهو يحيل بينها وبين قصي وينظر له بنظرات قاتله ورغم نبرة صوته الهادئة ولكنها لم تخلو من التحذير أبدا
=إيدك يا بابا..هتمسك إيديها وتزعقلها كمان ليه قرطاس جوافة جمها

همست جني بمزاح
=ولا حصلت كيس لب والله..
ابتعد قصي عن أدهم وهو يقول بغضب
=وأنت تطلع مين بقي يا سي أدهم باشا !!

ابتسم أدهم ببرود وهو يتمسك بيد جني التي كادت تعنفه علي ما يفعله ولكنها صممت من صدمة ما تفوهة به أدهم
=اعتقد أنا أولي إني أوصل خطيبتي لبيتها ولا انت اي رأيك؟!

كادت جني تصرخ في وجه وهي تسبه علي ما يقوله ماذا سيظن الأن هذا الشاب بها ! دون إرادة منها نظرت إليه ولكن نظراتها تحولت للحيرة لماذا ينظر لها بحزن كمن قام بطعنه وقتله دون رحمه شعرت بالندم عندما رأت هذه النظره ولكنها تركتهم وذهبت بجمود وهي تقرر ان تغادر هذه المشفي اللعينة ذهب خلفها أدهم وهو يعلم أن جني ستقوم بتشويه وجه الجميل هذا عندما تراه أمامها..عاد قصي إلي صديقه وهو يحاول ان يخبر نفسه أنها لا تهمه ..فلماذا حزن عندما علم أنها في حكم المخطوبين حادث مراد نهي وهو يخبرها ما حدث لـ رِسال وحمزة ولكنه لم يأتي لها بخبر زواج رِسال من أبنه وأخبارها ان تأتي غدا لزيارتهم وذهب هو وقصي بعد ان أصر نائل علي المبيت معاها الليلة..

كان يجلس معاها في الغرفة العادية التي نقلت لها منذ لحظات لا يعرف لماذا يشعر بهذه السعادة بداخله لقد اصبحت ملكه الأن ولكن هناك بعض الضيق يحتل قلبه رِسال ضعيفة للغاية ولكنها مرغمة علي إظهار قوتها لمحاربة شخص أقوي منها ولكن من هو هذا الشخص ماذا يريد منها حتي يصل به الحد لمحاولة قتلها اليوم هناك لعبة كبيرة تدور حوله وهو لا يراها أصبحت رِسال لغز كبير بنسبة له...نظر لملامحها المرهقة تبدو كالطفلة التائهة في الزحام وتحتاج لم يتمسك بيدها تحركت يدها بين كفوف يده الممسكه بها نظر لها بلهفة ولكنه وجد ملامحها تتحرك بانزعاج يبدو أنها تري كابوسا  ضغط علي يدها يحاول بث الأمان لها ولكن حركتها كانت تزداد عنف يبدو انها تحاول ان تنفك من شيء تحرك من مقعده وهو يمسك يدها الأخري ويحاول ان يسيطر علي حركتها ولكنه صدم عندما سمعها تصرخ بعشوائية وتقول
=لاء لاء بلاش هقتلك هقتلك أبعد عني...

علم الآن نائل لما تتحرك بعنف غضب لمجرد تخيله الموقف الذي تتعايش معه في كبوسها الأن صعد بجانبها للفراش حتي اصبح ملاصق لها بدرجة كبيرة وهو يهمس لها ببعض الكلمات التي جعلت حركتها تستكين بعض الشيء ودون سابق إنذار وجدها تلتف وتحتضنه بقوة كأنه حبل نجدتها الوحيد من وسط الظلمات التي هي بها ابتسم نائل وهو يحتضنها ويشعر بدفءها بين يديه دفن وجه بين خصلات شعرها البندقية وهو يشتم رائحتها حتي ذهب في ثبات عميق ونسي أنها عندما تستيقظ ستقوم بتدمير هذه السعادة في لحظات..

*****
في الصباح تمللت رِسال بين أحضانه تشعر براحه وأمان لم تشعر بيه منذ زمن كانت تدفن وجهها في عنقه اكثر وهي تبتسم ولكن تلاشت ابتسامتها عندما وصل لها رائحته الجذابة انتفضت رِسال بقوة وهي تصرخ من الألم فتحركها فأجأة بهذا الشكل جعل جرحها ينبض بالألم..انتفض نائل بخوف وهو ينظر لها وإلي ملامحها المتألمة اقترب منها بحنان وهو يقول
=رِسال حاسبي جرحك لسه ملمش.. انتي كويسة أروح أجيب الدكتور؟

نظرت له رِسال بغضب وهي تصرخ في وجه
=انت مين وبتعمل اي معايا في نفس السرير لاء وبجحتك وصلت بيك انك تنام في حضني دا انت مجنون أكيد !!

تنفس نائل وهو يحاول رسم ابتسامه هادئة فهو الأن علي وشك تفجير قنبلة ستجعلها تقتله حتماً..
=رِسال ممكن تهدي فيها اي لما أنام معاكي في نفس السرير أنا جوزك مش حد غريب!؟

أنهي جملته وهو يعود خطوة للخلف إستعداد لأي ردة فعل غير متوقعة

هدرت رِسال بصراخ وهي تخلع الأسلاك المعلقة في معصم يدها وهي تقول بطريقة عنيفة
=جوز مين يا عنيا...اتجوزتك امتي بروح ماما فكرني عبيطة يلا وبلعب في الشارع لسه قولي مين مسلطك عليا عشان نخلص وبلاش شغل الأفلام القديم دا فين جني وأدهم انا مش ناقصة تخلف علي الصبح كادت تسير لباب الغرفة ولكنها أطلقت صرخة ألم عندما احتد ألم الجرح حاول نائل الأقتراب منها ولكنه منعته وهي تكمل طريقها للباب ولكن لم تستطع ان تسير خطوة إضافية وهي تسقط بضعف ألتقطها نائل بين زراعيه وهو ينظر لها بقلق ويحاول ان يجعلها لا تفقد الوعي وضعها علي الفراش بخوف وهو يري نزيف يدها الذي لا يتوقف ونقاط الدم الحمراء التي لوثت قميص المشفي الخاص بها لقد فتح الجرح بسبب غضبها الأحمق خرج من الغرفة وهو يحضر الطبيب ليعالج ما تسببت هي به..

بعد نصف ساعة تحدث الطبيب بهدوء وهو يعدل من وضع نظراته الطبية
= مدام رِسال اتمني بلاش انفاعل عشان جرحك لو اتفتح تاني ممكن يتلوث

تحدثت رِسال بغضب وهي تنظر بنظرات حانقة للطبيب
=مدام اي يا دكتور..انا لسه آنسة آنسة خليك فاكر الكلمة انتوا بتلعبوا عليا ولا اي؟

تنحنح الطبيب بحرج وهو ينظر لنائل الذي يقف ببرود في زاوية الغرفة وهو ينظر إلي رِسال التي تكاد تحترق من غضبها الظاهر أجاب الطبيب عندما وجد رِسال تكاد تتحدث مرة أخري
=أكيد حضرتك مش هتبقي فاكرة حاجة بس أستاذ نائل كتب كتابه عليكي قبل ما تدخلي العمليات وفي شهود علي كدا

هدرت رِسال بعنف وهي ترفض فكرة زيجاتها هذه تكاد تفقد عقلها لقد وقعت في ورطة  أين أدهم وجني هؤلاء الحمقي لقد تركوها تتزوج بعذه السهولة تقسم أنها ستنهي حياتهم اللعينة عندما تراهم
=بلا شهود بلا زفت فين حمزة أخويا عايزة اطمن عليه

اجاب نائل ببرود
=حمزة كويس وفاق من شوية

ردت رِسال بحدة وهي تنظر له بنظرات حارقة
=حد قالك ترد لما أوجهلك كلام تبقي تتكلم

ابتسم نائل بأستفزاز وهو يقول
=مافيش حد غيري في الأوضة معاكي يا رِسال سلامة نظرك يا حبيبتي

نظرت رِسال إلي جانبها فلم تجد الطبيب لقد هرب هو أيضا هل اجتمع الجميع عليها اليوم صرخت بغيط وهي تكاد تقذفه بكأس الماء الذي بجوارها انفلتت ضحكة مرحه من نائل عندما وجد نظرات الغضب التي تندلع من مقلتيها يبدو أن الأيام القادمة ستكون ممتعة بنسبة له..

رن هاتف رِسال الذي كان بجوارها علي المنضدة امسكت به وأجابت بسرعة عندما وجدت أنها مكالمة جماعية من جني وأدهم
=يلا يا شوية جزم دا انا هدفنكم لما أشوف كلب منكم

ضحك أدهم وجني علي انفاعل رِسال ولكنهم توقفوا عندما سمعوا صوت رِسال يهدر مرة أخري بغضب
=اضحكوا اضحكوا لما يطلع كل دا علي جثتك انت وهي ابقي وريني هتضحك إزاي المهم ركزوا معايا جهزوا الفيلا الـ في المهندسين عشان هنقل علي هناك وهسيب القصر خالص وقبل ما حد فيكم يتكلم عارفة انه قرار متسرع وأنا مقدرش أبعد عن المكان الـ اتربيت فيه طول حياتي بس دلوقتي حياة حمزة أهم من كل دا وكفاية أنها جت علي قد كدا وأنا بكرا بالكتير وهخرج

اردف أدهم بجدية وهو يقول
=رِسال مينفعش تخرجي قبل شهر انتي مش مضروبة بمسدس ماية يا ماما وبعدين أهدي شويو لحد ما أرتب الأمور للمهمة الجاية ولو علي حمزة ف انا عينت حراسة عليه أشد من الأول

تحدثت جني وهي تكمل
=بت يا رِسال هتعملي اي مع جوزك دا هتتطلقي منه ولا اي النظام؟

أجابت رِسال بتأكيد وهي تنظر له بتحدي
=أكيد هطلق منه اتجوزني وأنا مش في وعي وانا مش موافقة علي الـ حصل يبقي الطلاق أسلم حل وكل واحد يروح لحاله

لم يعلق نائل علي حديثها وهو يخلع الشعر المستعار والجلد الذي يضعه وملون العيون كانت رِسال تنظر له كأنه شبح ظهر لها من العدم وهي تجيب علي أسئلة أدهم وجني برد واحد
=احيييييه...انت مين!!

ابتسم نائل بعد ان خلع جميع أدوات التنكر وهو يضع قدم فوق الأخري وهو ينظر لها نطقت رِسال بصدمة وهي تكاد تصرخ بإسمه
=أسد !!!

أجاب نائل ببساطة وهو يقول
=أسمي نائل أسد دا مراد بس الـ بيقوله اي نسيتي زمان لما كنتي قرفاني وانتي صغيره ومش عارفة تقولي نائل

أغلقت رِسال المكالمة دون ان تجيب علي اي من حديث أدهم وجني تشعر انها ستفقد الوعي هل هذا نفسه رائد؟ ولكن لماذا فعل هذا لما انقذها وتجسس عليها تقرب منها بشكل مفاجئ والأن قام بالزواج منها ماذا ان كان أخبره مراد عما يحدث معاها هل يمكن ان يكون تزوجها شفقة ليحميها !

خرجت من شرودها عندما وجدته يقف أمامها ويحاول ان يقترب من وجهها ابتعدت رِسال بعنف عنه وهي تصرخ بحده
=اطلع برا مش عايزة اشوف وشك برا وتطلقني من غير ولا كلمة مستحيل أكمل مع واحد كداب زيك يلا براااا

كادت تكمل صراخاتها ولكنها صمتت بصدمة عندما سمعت كلماته التي جعلتها تكاد تشل مما قاله لها كيف علم بكل هذا !!

يتبع....

#جحيم_هكر

بقلمي/menna esam

فكرة/Shima Ali