الحلقة الثانية

15.5K 92 0
                                    

قصر العمري
غرفة فهد
فهد "بصدمة": ايه اللي انتي بتقوليه دا يا امي ، انتي اكيد بتهزري ، صح ، قوليلي انك بتهرزي ...
سعاد "بجدية" : للاسف ، كل اللي انت سمعت مش هزار ...
فهد "صارخا" :  مش هزار ، يعني الكلام اللي قولتيه دا جد ، "لينظر الي والده" ، بابا انا مراتي ما بقالهاش كام اسبوع ميتة ، جواز ، جواز ايه اللي بتتكلموا عليه  دا ، وحتي لو فرضنا اني نويت اتجوز ، ازاي تتخيلوا ان انا ممكن اوافق اني اتجوز اخت مراتي ...
كان لا يزال عقله غير مستوعبا لتلك الاخبار المفزعة التي اخبره والداه بها ، ليشعر بأن والديه لا يهتمان باي شئ الا ما يتعلق بشركة العمري فقط انما ما يخص سعادته او راحة باله فلا دخل لهم به ...
فهد "بسخرية" : بس تعرفوا انا مش متفاجئ من اللي بتقولوه ، ما دي حاجة مش غريبة عليكم ، ما هي دي كمان مش اول مرة تعملوها ، اول مرة اتفقتوا علي جوازي انا وسارة عشان مديحة الاسيوطي توافق تنقذ شركة العمري من الافلاس ، انتوا عمركم ما اهتمتوا انا عايز ايه ، ولا فكرتوا مجرد التفكير اذا كان قراركم دا هيكون فيه سعادتي والا تعاستي ، بس المرادي بقي هدفكم ايه ، ايه اللي عايزين توصلوله لدرجة انكم فكرتم اني هوافق اتجوز اخت مراتي واستخفتوا بعلاقتي بمراتي الله يرحمها ...  
سعاد : صدقني يا فهد ، الفكرة المرادي ما كانتش فكرتنا ، احنا اتفاجئنا لما مديحة الاسيوطي قدمت العرض دا ، وبصراحة بقي فكرة جوازك انت وسلمي مش وحشة اوي كدا خصوصا وان جوازك انت وسلمي هيحمي شركة العمري من التدمير ...
فهد "باستغراب" : تدمير ...
سعاد : ايوة الشركة اللي اسسها جدك وابوك ضيع عمره فيها هتدمر، لو مديحة الاسيوطي انسحبت منها ...
فهد : ما تنسحب والا تموت حتي ، ايه علاقة دا بجوازي من بنتها ...
سعاد : لان مديحة الاسيوطي لسة لحد دلوقتي بتمتلك 45% من اسهم شركتنا ، "لتتنهد" ، احنا كنا رايحين عشان نعرض عليها اننا نشتري اسهمها وبكدا الشركة ترجع تاني باسم عيلة العمري ، لكن مديحة كان ليها حسابات تانية ، رفضت تبيع اسهمها وهددت اننا اذا رفضنا عرض الجواز ، هتنسحب من الشركة ومعاها اسهمها وكمان هتسحب باقي المستثمرين ، وانت عارف كويس اوي معني خروج مديحة الاسيوطي من شركة العمري ومعاها باقي المستثمرين ، انا مش هنكر ان انا وابوك اتفاجئنا لما اقترحت فكرة الجواز ، بس صدقني يا فهد ماحدش فينا عنده اي فكرة عن السبب اللي خلاها تفكر في الفكرة دي ، بس مادام احنا وشركتنا هنستفيد ويمكن استفادتنا هتكون اكتر من الفايدة اللي هترجع علي مديحة ، فليه نرفضها...
كانت تتحدث بهدوء في محاولة منها لتهدئته ولكن من باب الحذر من ردة فعله ، كانت تقف علي مسافة بعيدة عنه ...
محمد "بعملية" : مديحة الاسيوطي ادينا مهلة يومين نفكر قبل ما نقول ردنا ، وانا ووالدتك قررنا نقبل عرضها ، فياريت تستعد ...
فهد : استعد لايه ، اسمعوني كويس عشان انا مش هعيد كلامي دا مرة تانية ، انا مش لعبة في ايديكم تلعبوا بيها كل شوية ، الاول اتجوز سارة ودلوقتي اتجوز سلمي وكل دا ليه عشان عقد شراكة مالوش ستين الف لازمة ، وانا بقولهالكم اهو ، جواز مش هتجوز ، وانا مليش دعوة بقي الفكرة دي كانت فكرة مين والا مين اللي اتبرع واقترحها ، شركة العمري يحصلها اللي يحصل ماليش فيه ، من الاخر جواز من سلمي الاسيوطي مش هيحصل ، اظن كلامي واضح ...
محمد "بحدة" : يعني ايه مالكش دعوة باللي يحصل للشركة ، انت عايز شركة ابوك وجدك تقع ويتمحي اسم العمري من السوق بعد السنين دي كلها ...
فهد : وانت ليه مش عايز تحس بيا ، ليه رافض تفهم ان عقلي مش قادر يستوعب فكرة اني اتجوز اخت مراتي ، ليه ما فكرتش فيا وما احترمتش اني عايز احزن علي مراتي ...
محمد "بحدة" : ومالها سلمي ، ها ، رافضها ليه ...
فهد : اولا انا مش بحبها وعمري ما فكرت فيها باي شكل ممكن يخلي حد يفكر فينا بطريقة مش محترمة ، عشان كدا كنت دايما بشوفها اخت مراتي وبس ، ازاي عايزني اتجوز واحدة بكرها وعلي فكرة هي كمان بتكرهني ، ثانيا هي كانت رافضة فكرة جوازي انا واختها وصدقني انا لحد دلوقتي مش عارف ليه كانت رافضة جوازي من اختها ، تقدر تقولي ازاي واحدة بتكرهني وافقت انها تتجوز الراجل اللي كانت هي نفسها رافضة جوازه من اختها ...
لينظر الي والده ثم والدته اللذان كان يقفان امامه لا يجدا اجابة واضحة لسؤاله ...
فهد : شوفتوا مش عارفين تجاوبوني ، بس انا بقي هجاوبكم ، سلمي الاسيوطي وافقت تتجوزني لان كل دا خطة من مديحة الاسيوطي وبنتها...
لينظرا اليه وعلامات الدهشة تملئ وجوههم ...
فهد : ايوة ، مديحة الاسيوطي ، المراءة الحديدية اللي لا يمكن تقبل الخسارة ، وطبعا بعد موت سارة ، حست انها خسرت فكان لازم من خطة بديلة عشان ترجع الخيوط كلها في ايديها مرة تانية ...
ليسود الصمت المكان بعد ان القي قنبلته في وجههم ... 
ليحدث نفسه ...
فهد "محدثا نفسه" : انا قولتهم ان سلمي جزء من خطة امها ، بس دا مش ممكن يكون صح ، اه هي لا يمكن تكون جزء من خطة امها ، لان اكيد هي مش موافقة تتجوزني ، طبعا ، ماهي حاجة بالعقل ، مفيش انسانة عاقلة توافق انها تتجوز جوز اختها التوأم اللي ماتت ولسة ما فاتش شهر علي موتها ، واكيد برضو مفيش حد هيبقي اناني او من غير قلب للدرجة انه يعمل حاجة مثيرة للاشمئزاز زي دي...
سعاد "بتعاطف" : فهد حاول تفهم ، جدك هو اللي اسس الشركة دي ومن بعده باباك حط فيها كل حياته ومجهوده ووقته عشان يقدر يحافظ علي الشركة دي واقفة علي رجلها ، ومن بعد ما كانت شركة واحدة ، بقيت مجموعة العمري للاستثمار ، والفترة اللي اتعرضت فيها المجموعة لهزة وكانت هتقع في السوق ، ابوك اتنازل عن كبريائه وراح للي هيقدر يساعده وطلب المساعدة من غير ما يتردد ، وفعلا انقذنا الشركة بس في المقابل خسرنا جزء كبير منها لمجموعة الاسيوطي وعشان نرجع ولو جزء صغير من اللي خسرناه وافقنا انك تتجوز بنت مديحة الاسيوطي ، واتفاجئنا لما لقيناك حبيتها ، بس بموتها تضحيتك وتضحيتنا هيضيعوا ، دا غير اننا هنفقد شركتنا لو مديحة الاسيوطي انسحبت منها ، فكر يا ابني ، فكر قبل ما تاخد قرارك ...
ليغادر كلا من محمد وزوجته سعاد غرفة فهد ...
ليجد فهد نفسه في مأزق كبير ، كيف لا وهو فهد العمري ، رئيس مجلس ادارة مجموعة العمري ، الذي يتمتع بالكثير من الصفات ، فلقد كان طول عمره شابًا وسيمًا ، جريئًا ، صارمًا ، مرنًا ، شجاعًا ، ولكن عندما يتم اجباره علي شيئا ما ، يمكن أن يصبح قاسيا وبشدة ، هو أيضا أناني جدا وفخور بذلك ، لم يكن أبدًا يهتم بأي شخص ماعدا نفسه حتى التقى بسارة التي أصبحت النور الذي ينير عالمه الكئيب ، ولكن السؤال الان هل بالفعل أحب هذا النور ، فعلي غير عادته ، كان مستعدًا لفعل أي شيء لها فقط لرؤية ابتسامتها ...
اجل كان زواجهما في بداية الامر زواجا مرتبا ، لم يكن يعلم عنها شيئا سوي انها وجه جميل وجسد رائع ، لذا لم يكن لديه اي نية لان يكون لديه اي مشاعر حقيقة معها حتي التقي بها للمرة الأولي وخرجا معا في موعدهما  الاول ، حينها اكتشف انها ليست فقط وجه جميل وجسد رائع ، ولكنها كانت تمتلك احلاما وطموحات تريد ان تحققها ، ومع مرور الوقت اكتشف انهما يملكان الكثير من الصفات المشتركة ، ولكن اكثر ما اعجبه بها انها تمتلك طريقة خاصة تجعله يبتسم ما ان يراها تبتسم ، لذا لم يمنع نفسه من الوقوع في حبها منذ ذلك اليوم وحتي اخر يوم لها في هذه الحياة ...
ليكتشف ان ما كان يقوله البعض صحيحا ...
"إذا كنت تحب شيئًا ما أو تحب شخصًا ما بشدة ، ينتهي بك الأمر بفقدانه" ...  
فقد كانت وفاتها بالنسبة له هي نهاية لسعادته ، فمع وفاتها فقد فهد القدرة او بتعبير ادق فقد الايمان بتلك الكلمات "الحب" و "الحب الحقيقي" و "السعادة الحقيقية" إلى الأبد ، وكان يعلم جيدًا أنه لن يسمح لأي شخص بالاقتراب منه بما يكفي ليلمس قلبه كما فعلت سارة من قبل مرة أخري ...
ليمسك بصورتها الموضوعه علي مكتبه الصغير داخل غرفة نومه ...
فهد : كنتي الحاجة الوحيدة الحقيقية والحلوة في حياتي ، ليه مستكترين  اني اعيش علي ذكرياتي معاكي وعايزيني انساكي ، طول عمرهم ما بيفكروش غير في نفسهم ومصلحتهم وبس ، النهاردة وافقوا اني اتجوز اختك عشان مصلحتهم ، لكن اللي مش عارفينهم ان انا فهد العمري ، فهد العمري اللي مش هيقبل انه يكون  لعبة في ايديهم مرة تانية ، واذا كانوا هم قرروا ، فقرارهم دا غلط وانا لازم اتصرف وبسرعة ...
ليقبل الصورة ويضعها علي مكتبه ويمسك بهاتفه ، ليتصل بسكرتيرته "لويزا" ...
فهد : لويزا ، اسمعيني كويس عشان اللي هقولهولك دا اول حاجة هتعمليها اول ما توصلي الشركة الصبح ...
لويزا : اؤمرني يا مستر فهد ...
فهد : اول ما توصلي الشركة تتصلي بمجموعة الاسيوطي وتحديدلي ميعاد مع مديحة الاسيوطي في اقرب وقت ، سمعاني ، ويا ريت لو كان بكرا ، فاهمة يا لويزا ...
لويزا : فاهمة ، ما تقلقش يا مستر فهد ، اول ما اوصل هحدد لحضرتك الميعاد وهحاول باقصي جهدي يكون بكرا ...
فهد : تمام ...
لينهي المكالمة راميا بهاتفه علي سريره ، ليبدأ في الحركة العشوائية داخل غرفته مما يدل علي مدي انزعاجه وغضبه مما يحدث حوله ، وعلي الرغم من شعوره بالجوع الا انه لا يستطيع أن يأكل اي شئ هذه الليلة ولا حتي في صباح اليوم التالي حتي يلتقي مديحة الاسيوطي ، فكلما كان هذا اللقاء ابكر كلما استطاع حل هذا الجنون اسرع ، ليكن ذلك أفضل للجميع ...
غرفة محمد العمري
محمد : مالك يا سعاد ... 
سعاد : مديحة الاسيوطي ، نفسي افهم اللي جوا دماغها وليه غيرت قواعد اللعبة ...
محمد : قصدك ايه ...
سعاد : ليه فجأة طلعت بموضوع الجواز دا ، مش غريبة ... 
محمد : ما ابنك قالها ، عايزة تضمن ان الخيوط كلها تفضل في ايديها ...
سعاد : ودا اللي هيجنني ، ليه عايزة تفضل مسيطرة علي مجموعة العمري ...
محمد : سعاد ، مديحة الاسيوطي طول عمرها ما بتاخدش خطوة غير وهي حسباها كويس اوي ، وهي عارفة انها سواء تمت الجوازة دي والا لا ، هي هتفضل مسيطرة علي الشركة ...
سعاد : وفهد...
محمد : مالو هو كمان ...
سعاد : يعني ما سمعتوش وهو بيرفض عرض الجواز ومش همه اي حاجة تحصل ...
محمد : اهو موقف فهد دا اكتر حاجة محيراني ، اكتر من اللي بتفكر فيه مديحة الاسيوطي ...
سعاد : انا مش عارفة سارة دي كانت عاملاه ايه ، دي زي ما تكون سحراله ...
محمد : وهي هتجيبه من برا ، بنات مديحة الاسيوطي خدوا من امهم جمالها وذكائها ، وسارة طول عمرها معروف عنها انها ذكية وبتعرف توصل للي هي عايزاه ...
سعاد : طب والعمل ، ابنك رافض وانت عارفه لما بيعند ماحدش ممكن يعرف ايه اللي هيعمله ...
محمد : قصدك ايه ، تفتكري ممكن يقابل مديحة ويبلغها رفضه لعرضها ...
سعاد : ممكن ، ابنك مش صغير وبيدير مجموعة العمري ويقدر يعمل اي حاجة ...
لينتفض واقفا ...
محمد : لا دا كدا يبقي اتجنن ...
سعاد : محمد اهدئ وحاول تشوف حل بسرعة يخلي فهد يوافق وما يعندش ...
محمد : مش بمزاجه ، هو هيوافق غصب عنه ، انا معنديش اي استعداد ان  المجموعه اللي ضيعت عمري كله وانا ببني فيها تضيع عشان خاطر ذكرياته مع مراته اللي ماتت ، الشركة دي شقايا وتعبي وانا لا يمكن اسمح ان اسم العمري بعد السنين دي كلها ينمحي من السوق عشان التخاريف بتاعته دي ، واذا كان هو فهد العمري ، فانا محمد العمري واللي انا عايزه بس هو اللي هيتنفذ ...
سعاد : طب اهدئ وانا هحاول اتكلم معاه تاني ، احنا لسة قصادنا يومين قبل ما نرد علي مديحة الاسيوطي ...
محمد : اعملي اللي تعمليه المهم انه في الاخر يتجوز سلمي الاسيوطي ، وبعدين انا مش عارف من امتي وهو بقي يفكر بعواطفه ، طول عمره عقله هو اللي بيتحكم في كل قراراته ، وزي ما وافق علي جوازه من سارة يوافق علي جوازه من سلمي ، واذا كان هو حب سارة بعد كدا ، وحزين عليها خليه حزين ، انا ما قولتلوش حب سلمي ، انا كل اللي قولته يتجوزها ...
سعاد : طب اهدئ وكفاية تعصيب بقي ، وان شاء الله كل حاجة هتم زي ما انت عايز ...
محمد : تفتكري ...
سعاد "باسمتا" : هتشوف ... 
قصر الاسيوطي
غرفة سلمي
كانت تجلس على سريرها والذي يشبه سرير الاميرات وهي تطوي ساقيها وذراعيها حول صدرها ، دافنتا وجهها بين ركبتيها ، وشعور رهيب بالوحدة يجتاحها ، فمنذ ان تزوجت سارة وانتقلت لمنزل زوجها وقد اصبح هذا القصر والذي تبلغ تكلفته ملايين الجنيهات فارغا ، باردا ، ولكن هذا لم يزعجها ابدا ولكن اليوم وجدت نفسها تشعر بالوحدة كما لم تشعر بها من قبل ، بينما كان عقلها في حالة من الفوضي العارمة من كثرة الافكار التي تملئه مما ادي الي شعورها بألم رهيب يجتاح راسها بينما كانت معدتها تتموج الما من الجوع ...
.... : هتفضلي قاعدة كدا كتير ...
رفعت راسها ونظرت حولها لم تجد احدا ...
سلمي : مين ، مين اللي بيتكلم ...
..... : ايه مش عرفاني ، انا نفسك ، انا الروح اللي حبساني جواكي وخايفة تخرجيها ...
سلمي : خايفة اخرجك عشان ما تنجرحيش ...
روحها : وانتي فاكرة ان حبستي جواكي مانعة اني ما انجرحش ، بالعكس ، مع كل جرح انتي بتنجرحيه انا بنجرح ، مع كل دمعة بتنزل من عينيكي انا ببكي معاكي ، انا وانتي مرتبطين ببعض ...
سلمي : يبقي جوبيني ، ليه كل دا بيحصلي ، ليه امي قبلت تحطني في الوضع المحرج دا ، والاغرب انه مطلوب مني اقعد اتفرج وما اتكلمش ولا اعترض ...
روحها : طب ناوية تعملي ايه ...
سلمي : هعمل اللي المفروض اعمله ، ما انا لا يمكن افضل قاعدة اتفرج من غير ما اعمل حاجة ، اه ، انا لا يمكن اقبل اني اتجوز راجل انا مش بطيقه ...
روحها : مش بطيقه برضو ...
سلمي : ايوة مش بطيقه ، ولو بتلمحي علي اني حبيته ، فانا انا كنت بحبه بس من يوم ما عرفت انه هيتجوز اختي وانا شيلت حبه من قلبي ...
روحها : سلمي انتي بتضحكي علي مين ، انا روحك يعني اكتر حد يعرفك ...
سلمي : وانا قولتلك كنت بحبه لكن دلوقتي مش عارفة ايه اللي بيحصلي اول ما بشوفه ، فجأة بحس بالخوف والقلق ، دا غير ايديا اللي فجأة بلقيها تترعش وتتملئ عرق اول ما يلمسني وبلاقي نفسي ببعد عنه لاني بحس ان وجوده حواليا بيكشفني ...
روحها : وبالطريقة دي سارة عرفت انك بتكني مشاعر لفهد وعشان كدا سالتك ...
سلمي : وانا اكدتلها ان مفيش جوايا اي مشاعر ناحية فهد غير الكره وبس ...
روحها : وفكرك هي صدقت ...
سلمي : اه صدقت ، لان بعدها بعدت تماما وما حاولتش اقرب منه ، وحتي ما حاولتش اني اتكلم معاه خالص ، والمرة الوحيدة التي اتكلمت معاه فيها كانت في الحفلة اللي عملوها بعد الجواز ، حتي في المرة دي ، خانتني شجاعتي كالعادة وما قدرتش اقف قصاده اكتر من خمس دقايق ولا حتي قدرت ابص في وشه ، وبقيت واقفه قصاده متوترة وخايفة ولما حاول يقرب مني عشان يهديني بعدت عنه بسرعة وبعلو صوتي قولتله ما يقربش مني تاني ، وهو نفذ اللي طلبته وما حاولش يقرب مني تاني ...
روحها : انت بتتظاهري انك بتكرهيه ومش بطيقي قربه منك ، مع انك من جواكي بتحبيه وبتتمني قربه ، نفسي تحسه انه حواليكي دايما وهو دا السبب في توترك وخوفك لما بيكون حواليكي ، الحرب اللي بتكون جواكي بين اللي بتحاولي تظهريه وبين اللي فعلا جواكي ناحيته ...   
سلمي : يمكن يكون اللي بتقوليه دا صح ، ويمكن اكون خجولة ومش جريئة زي سارة اختي ، بس دا مش سبب يخلي ماما تاخد قرار مهم زي دا من غير ما تاخد رائي الاول ...
روحها : تاخد رائيك ، يعني انتي مش عارفة امك وطريقتها ، امك دايما بتعمل اللي علي كيفها من غير ما تاخد رائ حد ...
سلمي : صح ، هي بتعمل اللي علي مزاجها من غير ما تفكر تاخد رائ حد ، لكن المرادي لا ، المرادي انا هتكلم معاها وهعرفها رائيي واخليها تفهم ان اللي هي عايزة تعمله في حياتي وحياة فهد دا اسمه جنان ، هي لازم تعرف ان وفاة سارة اثرت فينا كلنا وبالاخص في فهد ، انا فاكرة يوم جنازة سارة ، مش عارفة ايه اللي خلاني ابص عليه ، عمري ما شوفته مكسور زي اليوم دا وعشان كدا انا متأكدة انه عمره ما هيوافق علي الجوازة دي ...
لتنتبه الي نفسها ما ان سمعت صوت باب القصر وهو يفتح ، لتنظر الي باب غرفتها كالتي تتوقع ان يدخل عليها احدا ما ، وعلي الرغم من شدة حمرة عيناها وانتفاخها من كثرة البكاء واثار الدموع واضحة علي خديها الورديين ، ولانها تعلم ان والدتها قد عادت الي القصر وان هذه هي فرصتها الوحيدة لايقاف هذا الجنون والذي يدعي الزواج ، هبطت بسرعة من علي سريرها الملكي وخرجت من غرفتها واتجهت بسرعة الي الطريق المؤدي الي غرفة المعيشة ، لتقف ما ان رائت والدتها تصعد درجات السلم المؤدي الي الشرفة التي هي تقف عندها ...
كانت تنظر الي والدتها التي تبدو انيقة وجميلة للغاية ، فمن يراها لا يمكن ان يصدق ان تلك السيدة هي ام لفتاتان يبلغان من العمر الاربع وعشرون عاما ، فطوال تلك الاعوام التي عاشتها سلمي مع والدتها ، لم تراها تبدو اقل اناقة او جراءة او جمال ولو لمرة واحدة ، لكم تمنت الا تكون والدتها بهذه الهيئة المخفية عندما تنظر اليها ، لان في هذه الحالة لن تواجه اي مشكلة في التحدث معها بحرية وصدق ...   
لتشعر بوالدتها التي ما ان صعدت حتي نظرت اليها نظرة فضولية للحظة ثم مرت من جانبها بينما هي كانت تقف كالمتجمدة ، غير قادرة علي ان تتفوه بكلمة ...
وما ان ابتعدت والدتها عنها بثلاث خطوات حتي اجبرت نفسها علي اخراج الكلمات التي تريد ان تعبر بها عن ما تشعر به تجاه قرار والدتها ...
سلمي "بتعلثم ودون الالتفاف اليها" : أ ، انا ، مو ، مش موافقة اتجوز فهد العمري ، أ ، انا ، م ، ما قدرش اتجوزه ...
لتتوقف مديحة عن السير ، بينما اكملت سلمي ...
سلمي : ماما ، عشان خاطري ، لو بتحبيني ، وقفي المهزلة دي وامنعي الجواز دا انه يتم ...
مديحة "بهدوء" : انا عرفت انك تعبتي النهاردة في الشركة وعشان كدا سيبتي الشركة وروحتي بدري ، عاملة ايه دلوقت ، احسن ...
كانت كلا منهما تتحدث وهي مواليه ظهرها للطرف الاخر ، لتعلم ان والدتها وكعادتها قد تجاهلت ما قالته ...
سلمي : ماما ارجوكي افهميني ، انا مش هقدر اتجوز الراجل دا ، هو ...
مديحة "مقاطعتا بحدة" : دا مش قرارك انتي ، انا هنا اللي بقرر وانتي عليك التنفيذ وانتي ساكته ...
لتاخذ نفسا وبدأت في اكمال سيرها ...
وعلي الرغم من تلك الدموع التي تنهمر من عيناها لتحجب عنها الرؤية ، الا انها التفت لتنظر الي والدتها ، لتصرخ بها بكل ما تمتلكه من قوة ...
سلمي "صارختا" : بس دا جوز اختي ، ازاي عايزاني اتجوزه ، انا لا يمكن اتجوزه ، سمعاني ، مش هتجوزه ...
مديحة "دون ان تلتفت اليها" : واختك خلاص ماتت ، واحنا هنخسر مجموعة العمري ويمكن نخسر محموعة الاسيوطي كمان لو ما اتصرفناش بسرعة ، انا كل اللي بعمله دا محاولة ، محاولة آمن بيها مستقبل الكل ، ولحد كدا وانتهي الموضوع ومش مسموح انك تفتحيه تاني ، انا قررت ودا قرار نهائي ، انتي هتتجوزي فهد العمري وبعد يومين هيوصلني رد عيلة العمري ، فالاحسن انك تكوني مستعدة ويا ريت تعتني بصحتك كويس عشان انا مش هسمحلك تحرجيني مرة تانية لما تتعبي وانتي في الشركة ...
لتنهي كلماتها وتتركها وترحل ...
كانت تبتعد عنها بينما سلمي لازالت تقف مكانها تبكي لدرجة انها شعرت بأن عيناها سوف تخرج من مكانهما ، لتشعر بان ساقيها قد فقدتا القدرة علي حملها ليتهوي جسدها علي الارضية الرخامية ، وعلي الرغم من برودة تلك الارضية لكنها لم تكن باردة بنفس الدرجة التي عليها برودة قلب والدتها ...
لتجلس علي تلك الارضية الباردة تبكي قبل ان تأتي اليها مجموعة من الخادمات لتساعدها علي النهوض والذهاب الي غرفتها ، وعلي الرغم من شدة جوعها وألالام معدتها معلنتا عن ذلك الا انها فقدت شهيتها واستسلمت للنوم دون ان تتناول اي شئ ...
صباح اليوم التالي
ما ان استيقظت حتي علمت من الخادمات ان والدتها قد أمرتهن بالاعتناء بها جيدا ، وبأن والدتها تخبرها بالا تذهب الي الشركة اليوم وان تظل في المنزل ، فهي بحاجة الي الراحة حتي تتحسن صحتها ...
تنفست براحة ، فهي بالفعل كانت بحاجة الي تلك الراحة ، لانها تشعر بالارهاق والضعف الشديد خاصتا وانها لم تأكل اي شئ طوال يوم أمس ، لتنهض من سريرها الملكي وتتجه مع احدي الخادمات الي الحمام حتي تأخذ حمامها المعتاد بمساعدة الخادمة والذي ما ان انتهت منه حتي عادت الي سريرها مرة اخري لتعطيها الخادمة بعض الفيتامينات خاصتا بعد ان رفضت ان تتناول اي طعام ...
سلمي "محدثتا نفسها" : كان نفسي امي هي اللي تكون جنبي وتعتني بيا زي ما الخادمات عملوا معايا ، لكن للاسف عمري ما حسيت انها قريبة مني ولا سمحتلي اكون قريبة منها حتي وانا طفلة ، كانت علي طول بعيد ، طول الوقت كانت بتشتغل ، الاول ما كنتش فاهمة سبب بعدها بس دلوقتي فهمت ، بعد ما بابا مات ، ما كانش فيه حد يدير الشركة وعشان كدا ماما قررت انها هي اللي هتدير الشركة باسم بابا حتي بعد ما عرفت شكوك المستثمرين والمساهمين فيها وفي قدرتها انها تدير الشركة ، هي اعتبرت دا تحدي وقدرت تثبتلهم انها الاجدر بإدارة الشركة ، لان دي طبيعتها ، هي دايما لما تحط حاجة في راسها بتحاول توصلها من غير ما تفكر في اللي ممكن تخسره عشان توصل للي هي عايزاه حتي لو علي حساب بناتها ، بناتها اللي عمرهم ما حسوا بغيابها عشان كانوا دايما مع بعض ، حتي لما كانا بنحتاجها ما كناش بنلاقيها ، كل تفكيرها كان في مجموعة الاسيوطي للاستثمار والفلوس والسلطة وبس ، وعمرها ما اهتمت ازاي هتوصل ولا مين ممكن تجرح في طريقها ، كل اللي مديحة الاسيوطي تعرفه هو ازاي تخلي شغلها مستمر وازاي تفضل تمضي عقود وتعقد الصفقات حتي لو علي حساب بناتها ...          
مجموعة الاسيوطي الاستثمارية
كانت تجلس تتابع بعض الاوراق الهامة عندما هاتفتها سكرتيرتها  "ولاء"...
ولاء : مدام مديحة ، مستر فهد العمري وصل ...
مديحة : خليه يتفضل ...
لتغلق مع سكرتيرتها وتغلق الملف الذي امامها ، لترفع عيناها لتجده يدخل بهيبته من باب مكتبها ...
فهد : مساء الخير مديحة هانم ...
مديحة : مساء الخير فهد بيه ، اتفضل ...
ليجلس امامها ...
فهد : اتمني تكوني بخير ...
مديحة : تمام ، اعتقد اننا ورانا اللي ما يسمحش اننا نضيع وقتنا في الاجتماعيات اللي مالهاش لازمة دي ...
فهد : اكتر حاجة بتعجبني فيكي انك دايما محددة هدفك وما بتضيع وقت ، "ليتنهد" ، ندخل في الموضوع علي طول من غير مقدمات ...
مديحة "بوجه خالي من التعابير" : يبقي ايه هي الحاجة المهمة اللي خليتك تشرفنا بالزيارة النهاردة ، يعني مش من السهل ان رئيس مجلس ادارة مجموعة العمري يزور مجموعة الاسيوطي ... 
فهد : في دي معاكي حق ، بس انا هنا النهاردة عشان اتكلم معاكي في موضوع شخصي ...
مديحة : شخصي ، انا فكرت انك ...
فهد "مقاطعا" : انا موجود هنا عشان اتكلم معاكي في موضوع عرض الجواز اللي قدمتيه امبارح ، جوازي انا وبنتك الكبيرة ، سلمي ...
لتنظر اليه بتركيز ...
فهد : انا جيت بنفسي عشان ابلغك ان انا رفضت العرض بتاعك ، انا مش هتجوز بنتك ، وكمان عشان ابلغك انك تقدري تحتفظي باسهمك في مجموعة العمري وكمان انا هرجعلك ال 15% اللي هي نسبة سارة من الاسهم ...
مديحة : وكل دا مقابل ايه ...
فهد : مقابل انك تبعدي عني وتسبيني احزن علي مراتي اللي ماتت ...
كانت تعلم انه يتعامل مع الموضوع كما يتعامل اثناء عقد الصفقات ، لتتخلي عن اسلوبها المعتاد وتبتسم لثانية واحدة قبل ان تعود لوضعها الطبيعي الخالي من المشاعر ...
مديحة : صدقني لما اقولك قد ايه انا فرحانة وانا بسمع منك الكلام دا ، لان دا بيعرفني قد ايه جوز بنتي بيحبها حتي بعد ما ماتت ، بس للاسف مش هقدر اقبل عرضك لاني خلاص مش عايزة اي عقود شراكة بين الشركتين ...
فهد : اومال انتي عايزة ايه وبسببه طلبتي اني اتجوز بنتك ...
مديحة : عايزة اندماج بين المجموعتين ، عايزة نكون ايد واحدة ونبقي اكبر مجموعة استثمارية دولية في البلد ، ودا مش هيتم الا بجوازك انت وسلمي ...
فهد "بحدة" : ودا علي حساب مين ، سلمي ، بنتك اللي ما فكرتيش في شعورها وانتي بتاخدي قرار زي دا ، سلمي اللي فقدت اختها التوأم من كام اسبوع بس ، ما حاولتيش تعرفي مشاعرها ايه ، حالتها النفسية بعد المأساة دي عاملة ازاي ...
مديحة : سلمي هتبقي كويسة طالما انت معاها ، ودا قراري انا مش قرارها ...
فهد : طب وانا ، ايه ، ما فكرتيش انا عايز ايه ، انا فقدت مراتي ، مراتي اللي كانت كل دنيتي ، وعايز اعيش فترة حداد عليها ...
مديحة : انت كمان هتبقي كويس ، انت يمكن مش شايف الصورة كلها ، بس صدقني كل اللي انت شايفه دا هيكون ليك في يوم من الايام ...
فهد : وانا مش عايز حاجة ، مش عايز اي حاجة من كل دا ، انا كل اللي عايزة اني اعيش وبالي مرتاح ، كتير عليا ، يا ريت تشوفي طريقة تانية ...
مديحة "ببرود" : للاسف مفيش اي طريقة تانية ، يا اما توافق علي جوازك من بنتي ، يا اما اخد اسهمي ومستثمريني وامشي ...
فهد "وهو يهز راسه" : تمام ، صدقيني كان نفسي اقولك قد ايه انا فرحان اني شوفتك مرة تانية ، لكن للاسف لو قولتها هكون بكدب عليكي ، عشان كدا انا هتمنالك يوم سعيد يا مديحة هانم ...
لينهض من مكانه ويرحل دون تردد ...  
ما ان وجدت نفسها لحالها في مكتبها ، نهضت من مكانها واتجهت لتقف امام نافذتها ناظرتا للافق امامها ...
مديحة "محدثتا نفسها" : عارفة اني بقسي عليك واني جرحتك بكلامي ، بس انا فعلا كنت قاصدة كل كلمة قولتها ، انا فعلا عايزاك تتجوز سلمي وبعد ما اتاكد ان انت مالكش اي دخل في موت سارة ، هسلمك مجموعة الاسيوطي ، هسلمهالك يا فهد لان انت الوحيد اللي تقدر تدير المجموعة دي وتحافظ عليها وعشان كدا انا مش هرجع عن قراري وانت وسلمي هتتجوزوا ، انا مش عارفة ليه ما يسمعوش الكلام علي طول وما يجبرونيش اني استخدم معاهم اساليب التهديد والخطط عشان ينفذوا اللي انا عايزاه ، بجد حاسة اني بتعامل مع اطفال ...
في صباح اليوم التالي
قصر الاسيوطي
غرفة سلمي
كانت سلمي تقف امام مرائتها لتضع اللمسات النهائية علي هيئتها حتي تذهب للعمل ، فقد كانت من النوع الذي لا يحب وضع مساحيق التجميل ولكن نظرا لطبيعة عملها وتعاملها مع رجال اعمال من الدرجة الاولي طوال اليوم ، فكان لابد لها ان تضع القليل من مساحيق التجميل لتبدو غاية في الحيوية والذكاء ... 
فعلي الرغم من انها لم تنعم بقسط وافر من النوم في الليلة الماضية الا ان بشرتها لاتزال تتمتع بالنضارة والجمال ...
كان عملها في مجموعة الاسيوطي هو الشئ الوحيد الذي يمكنها فعله بشكل جيد وذلك نظرا لعدم قدرتها علي التعبير عن نفسها بشكل جيد في الاماكن العامة ، لذا لم تسمح لها والدتها ان تصبح مصممة ازياء ، لذا كانت تتولي منصب محاسبة في الشركة والذي احبته كثيرا لانه كان لا يسمح لها بمواجهة العديد من الاشخاص ، فقد كان عليها مواجهة والدتها فقط خلال التعاملات المالية للشركة ، الا انها في بعض الاحيان كان عليها ان تكون حاضرة خلال بعض الاجتماعات والذي كان في الغالب من اجل الاجراءات الشكلية ، ونتيجة لطبيعتها الخجولة التي كانت تمنعها من اجراء العديد من المحادثات بعد انتهاء هذه الاجتماعات ...
رفعت عيناها لتشاهد انعكاس صورتها في المرآة ، لتتفاجئ بظهور صورة أخري في المرآة مما جعل علامات الذهول تملئ وجهها ...
كانت والدتها ، مديحة ، تقف علي مسافة منها ولكنها اقتربت منها عندما لاحظت رهبتها من تواجدها خلفها ، لتضع مديحة يديها علي اكتاف سلمي في محاولة منها لجعلها تسترخي بعد ان جعلتها تجلس علي الكرسي ، لتنظر اليها عبر المرآة وهي تحدثها ...
مديحة : النهاردة هعرف رد عيلة العمري علي عرض الجواز اللي قدمته ...
ما ان ذكرت عرض الزواج امامها حتي اجتاح سلمي شعور التوتر ، فقد جاهدت خلال اليوم السابق ان تضع كل ما يتعلق بمسألة الزواج هذه خلف ظهرها وان تعيش حياتها كما هي معتادة ، فلقد كانت علي يقين ان فهد لن يوافق علي موضوع الزواج هذا ابدا حتي لو كان هذا سيكون سبيله الوحيد لانقاذ حياته ، فهي كانت علي يقين انه سيستطيع الخروج من هذا المأزق بخطة مناسبة ، لتتخيل انه ربما يغادر ابلاد لعدة اسابيع او ان يتخلي عنها في ذلك اليوم ، كانت تعتقد ان تلك الافكار سوف تساعدها علي تخفيف توترها الا ان الرياح لا تأتيبما تشتهيه السفن ، فتلك الافكار زادت من توترها ، خاصتا وهذا السؤال يدور في راسها ...
سلمي "محدثتا نفسها" : معقول يعملها بجد ، معقول يجي يوم الفرح ويتخلي عني ، والا ساعة كتب الكتاب يعلن رفضه للجواز ويسيبني ويمشي ، معقول يكون بيكرهني للدرجة اللي تخليه يعرضني للاحراج والاهانة دي ، ويا تري انا هقدر اتحمل الاحراج والاهانة دي وهقدر اعديهم ، هقدر اتحمل انه يعلن رفضه ليا بالشكل دا ، لا ، لا طبعا ، هو صحيح انا ببين للناس اني بكرهه لكن انا فعلا بحبه ، ولو انا عندي شك انه ممكن يوافق فانا مستعدة اتجوزه ، ايه اللي انا بقوله دا معقوله انا من النوع دا ، معقول انا اخون اختي وابقي عايزة اتجوز جوزها بسبب مشاعري الانانية واللي هي من طرف واحد ...
لتنظر الي صورة والدتها في المرآة ...     
سلمي : ولو رفضوا ، ايه اللي هيحصل ...
لتتفاجئ مديحة بسؤالها ...
مديحة : لو رفضوا يبقي لازم يتحملوا عواقب قرارهم ...
سلمي : وايه هي العواقب دي ...
مديحة : انسحابي انا والمستثمرين وفي الحالة دي هيواجهوا خطر خسارة شركتهم للمرة التانية ودا هيخلي الكل يشاور علي فهد العمري انه رئيس فاشل وكمان راجل فاشل ودا هيوصله انه يبيع مجموعة العمري عشان يحافظ علي سمعته ، ولو دا كله ما حصلش انا هضمن انه يحصل لاني هوصي المستثمرين انهم ما يستثمروش في مجموعة العمري ، دا غير الصحافة اللي همدها بمعلومات بتقول ان عيلة العمري عار علي عالم ادارة الاعمال ، من الاخر انا هضمن انهم لما يقعوا ما يقدروش يقوموا مرة تانية ...
انهت كلماتها ورحلت تاركتا سلمي في حالة من الذهول والصدمة مما جعلها عاجزة عن التفكير في اي شئ اخر ...
سلمي : معقول امي انا تقدر تدمر مجموعة العمري بالشكل دا ، ايه السؤال الغبي دا ، اكيد تقدر ، دي مديحة الاسيوطي ، انجح سيدة اعمال في الشرق الاوسط كله ، دا غير نفوذها وايدها اللي واصلة في كل حتة في البلد ، من الاخر اللي يفكر يتحدها ، يبقي بيكتب شهادة وفاته بايديه ...
لذا بدأت تتمني ان يوافق فهد علي عرض الزواج علي الرغم من معرفتها ان هذه الامنية من المستحيل ان تتحقق ...
مجموعة الاسيوطي
مكتب سلمي
كانت تجلس في مكتبها الا انها لم تكن قادرة على التركيز في العمل لأنها لم تستطع التخلص من الشعور بأن لا شيء سينتهي بشكل جيد مع هذا الزواج المرتب ، لقد سئمت من التفكير ، ولانها لم تتناول وجبة الإفطار ، بدأت تشعر بالضعف بشكل عام ، لذا فقد نهضت من مكانها واتجهت للحصول على زجاجة ماء من الثلاجة عندما رأت كلا من محمد وسعاد العمري وهما يسيران بجوار مكتبها متجهين إلى مكتب والدتها ، ليبدأ قلبها في الخفقان بقوة حتي كاد ان يتوقف ...
سلمي : معقولة ما حسيتش بالوقت واديهم اهم وصلوا ورايحين يبلغوا ماما ردهم علي الجواز ، اعمل ايه بس انا دلوقت ...
لتجد نفسها تشعر ببعض الدوران في راسها وانها سوف يغمي عليها ، لذا امسكت باحد الكراسي القريبة منها كنوع من المساعدة حتي لا يغشي عليها ، فمجرد التفكير ان اشخاصا اخرين يقومون بمناقشة مستقبلها ووضع اللمسات النهائية عليه كان بمثابة قنبلة موقوتة ، كما ان حقيقة انها لا تستطيع الاعتراض علي اي شئ ، جعل عيناها تمتلئان بالدموع وخديها يتحولان الي اللون الوردي ، كل هذا وهي جالسة لا تستطيع الحركة وشعور رهيب بالارهاق يجتاحها ، لتجد النوم الذي كان مستعصيا عليها ليلة امس يداعب خفنيها ، لتستسلم له عن طيب خاطر ...

تزوجت زوج أختي (الجزء الأول والجزء الثاني) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن