وقف الثعلب هناك يحمِل بيده كيسا تصدُر عنه رائحة المخبوزات الطازجة وفي فمه طرف خبز ذهبيّ محشوّ بكريمة الشوكولا.

«أنتما!».
اصبعه الذي وجهه نحوهما كان أيضا مطليّا بتلك الكريمة.

«كيف تجرؤان على التشكيك فيّ؟! هل كنتما تظنان أنني سأخونكما؟ بينما سافرت لنهاية المدينة حتى أجِد لكما هذا الطعام!».
تحدّث بنبرة مجروحة تعكس شعوره بالإهانة من سوء ظنّهما به.

لكن قبل أن ينويا الاعتذار على ذلك، جاء من خلف سيزار صوت النزيل المُقابل لغرفتهم يتحاور مع زوجته عن مدى لذّة المخبوزات في ذلك النزل.

نظر له لِيونار وسِيلا بتشكيك فاحمرّت وجنتاه وسارع للتحرك ووضع الكيس على الطاولة.

«ثعلب ماكِر ؛ لن تخوننا لكنّك ستضع بطنك قبلَنا».
كان ما قالته له سيلا قبل أن تدخل الحمام.

ضحِك الطبيب وأومأ برأسه موافقا تحت نظرات سيزار الساخطة.

«ستتفهّمانني عندما تذوقان هذا الخُبز. تلك العجوز اللطيفة حتما ليست بشريّة! أي مخلوق يُجيد الطبخ بهذه البراعة؟».
أضاف يحشو فمه بقطعة أخرى.

«هل هُناك مخلوق متخصص في الطبخ؟!».
عادت سيلا متفاجِئة وسارعت للخريطة تتفقّدها.

كانت هناك فِعلا نقطة تومِض بالقرب من موقِعهم تماما.

«أعرِف ساحرات بونآبي، هنّ المعروفات بمهارتهنّ في جعل كل ما يطبخنه لذيذا. لدينا منهنّ مارثا في قصر اللايكان».
اقترح لِيونار مستعدا للوقوف.

«مهلا، حقا؟ لهذا الطعام هناك شهيّ للغاية!».
علّق سيزار.

«ركّز، يا ثعلب بطنك! لنذهب ونستكشف من الآلبستار».
عاتبته سِيلا ثم وضّبت أشياءها وخرج ثلاثتهم مُسرِعين.

الطابق الأرضيّ كان شبه هادئ لولا الضوضاء المكتومة القادمة من الباب الثنائيّ إلى جانب مكتب الاستقبال. خرج منهما رجل داكِن البشرة يحمِل طبقين ليأخذهما لإحدى الغرف.

تفاجأ لِوجودهم أمامه ثم تفاجأ مجددا حين تعرّف عليهم وانحنى في تحيّة للإريميا.

«الطبيب لِيونار، ماذا تفعل هنا؟».
بدا في نبرته بعض الخوف من أنه قد يكون هنا لإعادته للقصر أو مُعاقبته.

«ماذا تفعل أنت هنا؟».
سأله لِيونار بشكّ مُعتقِدا أن سيلين أرسلته لتتبع خطواتهم.

انفتحَ البابان مرة أخرى لتصطدم بظهر راف شابة قصيرة الطول ثم صفعت كتفه تُوبّخه على الوقوف في طريقِها. انعدام رد فعله لها نبّهها للموقف الذي كان فيه والأشخاص معهم فانحنت هي الأخرى ثم وجّهت ابتسامة متوتّرة باتجاه سِيلا الهادئة.

الآن عرفتْ من كان صاحب الصوت المألوف الذي سمِعته البارحة في الزقاق ؛ راف، الخادِم المرِح الذي تعرّفت عليه أثناء عملِها في قصر ملك اللايكان والذي لم تره منذ الليلة التي انقلبت فيها حياتها رأسا على عقب وتسببت في غيبوبة لتوأم روحها.

سِيلا ✓Where stories live. Discover now