|||06|||

1.9K 169 38
                                    


«هل ستدعُها تظنّ أنك هلوسة؟».
سأله بينما طفا كِلاهُما في الضباب الأسود المحيط بالمنارة.

«لا...».
رد بقوّة ولم يُكمِل.

«إذا ستبقى تحوم حولها كذبابة بكماء -على حد قول نيكسون-؟».
استفزّه مجددا لكن لا استجابة غير رصّ الآخر على أسنانِه ثم اندِفاعه عاليا مُحاوِلا حرق غضبه بالتحليق بسرعة.

صُراخه لم يصِلها وإلا لتحطّمت أكثر مما هي عليه من شدة الألم الذي حمله صوتُه.

في تلك اللحظات، كانت ما تزال تُحاول استيعاب ما أخبرها به كْروْ، رفيقها الغراب الذي كشف عن هيئتيه أخيرا ثم تركها مع الصمت الخانِق.

«نيكسون!».
نادت بعد أن نفِذ صبرُها من انتظاره فظهر في ثانية جالِسا على حافة السرير يُقابلها بظهره.

«كـ... كيف حدث هذا؟! نحن لم...».
بدأت استجوابه مُتلعثمة دون أن يُغادر كفّها بطنها.

«لا، استحواذي على جسدكِ لن يجعلكِ حاملا مني...».
أجابها غارقا في تفكيره.

«إذا هو ابن...».
تبادرت إلى ذهنها آخر أيّامِها على الأرض؛ لقاؤها بتوأم روحها بعد أشهر من الفِراق وما فعلاه معا، بل ما فعلته هي استجابة لغريزة ذئبتها التي آمنت أن التواجد بجانبه سيُنسيها ألم فقدان لِيونار.

ذلك نجح لتلك الليلة فقط وألمها تضاعف في اليوم التالي مع الشعور بالذنب الذي اعتراها بعنف حتى سلّمت جسدها لـ نيكسون كي لا تكون واعية بأي مما يحدث لها.

وها هي الآن تدفع الثمن بتوريط حياة بريئة وسط فوضى معاناتِها.

لا، لم تُورّطه فقط ؛ كادت تقتلُه أيضا جرّاء تهّورها وأنانيّتِها.

«كِدتُ أقتل ابني...».
شهقت وحضنت نفسها تُردد اعتذارا له وسط سيل من الدموع الحارة.

«لن يموت حامِل ظلامي ونور آسترايا. سيكون خالِدا ؛ لربّما أقوى كائن في هذا الكون».
طمأنها نيكسون بهدوء، فذلك ليس مصدر قلقه.

مخلوق بتلك القوة قد يقلِب الموازين تماما ولا يدري في أية كفّة ؛ فلم يسبق لأمر كهذا أن يحدُث في أي من الأبعاد. لسبب بسيط.

«الإصابات الجسديّة لن تؤذيه، لكن اضطرابكِ هذا سيفعل. حاولي التحكم في مشاعرك».
عاتبها قليلا فكفّت عن البكاء وحاولت تصفية أفكارها السلبيّة كي لا تؤذي صغيرها.

«هل تشعرين بالجوع؟».
أضاف بنبرة غريبة ؛ ماذا يعرِف هو عن الجوع والمشاعر؟

«اه؟ أجل... أشتهي شيئا حلوًا».
سؤاله جعلها تُدرك حواسّها فجأة والرغبة الجديدة في تناول ما يُحلّي فمها.

لم ترغب في أي شيء منذ وقت طويل وها هو الحمل يُعيدها للحياة.

«كْروْ!».
نادى نيكسون فدخل الغراب من النافذة بخفة ثم حطّ فتى أمامهما.

سِيلا ✓Opowieści tętniące życiem. Odkryj je teraz