||19||

7.6K 632 119
                                    


لم يستيقظوا إلا بعد بضعة ساعات مُكبّلين داخل ما بدا كقبو مظلِم، تخنقهم الرطوبة ولا يُنير المكان إلا بضعة فوانيس زيتيّة باهتة الضوء لا تصل إلى زاويتهم.

تحرّك نظر سِيلا المشوّش ليلمح الجسد الملقيّ أمامها الذي ينتمي لحارس أميرة الثعالب، كانت الدماء تُغطي وجهه بالكامل ولا يبدو أنه كان يتنفس.

زحفت بعيدا عنه ببطء خوفا من استنتاجها، فاصطدمت بشخص آخر من ورائها وحاوطتها ذراعاه. كادت تصرخ لولا همستُه الدافئة في أذنها بأنه لِيونار.

«هل تأذيتِ؟».
سألها وهو يعلم بالفعل أنه لا توجد إصابة على جسمها، هل قامت رايلين بشفائها بينما كان غائبا عن الوعي؟

«لا، ماذا عنك؟».
التفتت له تتفقّده فوجدت وجهه قذِرا وعليه بعض الدماء الجافّة، لم تبدو عليه أية جروح أو كدمات فقد عالج نفسه بالفعل.

«أنا بخير».
وأخفض يدها التي رفعت شعره عن جبينه لتتأكد ما إن كان ما تحته هو مصدر النزيف.

«سيزار!».
نادى بصوت منخفض وقام عن التراب يرفع سيلا معه بعد أن كان مستلقيا على جانبه.

«إنه هنا».
أجابته ثيرسا من زاوية مظلمة لم يُميّز منها إلا أطراف الألبينو الشاحب.

صفعة ارتدّ صداها حولهم تلاها صيحة متفاجئة من سيزار الذي استيقظ بفضل كفّ توأمه الحنونة. كان سيُؤنّبها لكنه أدرك الوضع الذي هم فيه فأجّل ذلك لوقت لاحق وتلمّس حوله بحثا عن الأميرة الأخرى وتوأمها.

«كيف وصلنا إلى هنا؟».
طرحت سِيلا متفحّصة ما حولها، بالكاد كانت ترى نفسها إلا أنها خمّنت أنها تبدو على الأرجح ككلب تمّ جرّه في بركة وحل.

«الشكر لحظّي الجيّد».
وقعُ حذاء يحتكّ بالأرض صاحبَ تلك النبرة السعيدة ثمّ أضيئت فوانيس أخرى من تلقاء نفسها حتى بان المتحدّث، رجل شابَ شعره ليتناقض مع جسده الرياضيّ الضخم والمغطى بثياب جلدية وعدد لا يحصى من السكاكين مختلفة الأحجام والمعادِن.

لم يأتي بمفرده، فقد وقف خلفه أربعة رجال لا يختلفون عنه كثيرا إلا في هالته القياديّة.

«جيزمون».
تحدّث سيزار راصّا على أسنانه بحقد فشهق رفاقه في صدمة.

«سيزار، صغيري! لقد كبرتَ وأصبحت رجلا!».
قهقه جيزمون كأنه يرى حفيده الذي غاب عنه طويلا.

«هل ظننتَ أنه سيُصبح شجرةً مثلا؟».
سخِرت ثيرسا.

لقد شعرت بمدى حقد توأمها على ذاك الرجل وبالمقابل شعرت هي بأضعافه، فهو من سلبه عائلته وجعلها سببا غير مباشر لذلك.

«سموّكِ، أتظنين حقا أنكِ في مكان يسمح لكِ بالكلام؟ إن فككتُ قيده سيُمزّقكِ أنتِ أولا إلى أشلاء، يا أميرة الثعالب القاسية».
ردّ جيزمون ساخرا من خلف القضبان فكشّرت عن أنيابها باتجاهه في تهديد.

سِيلا ✓Where stories live. Discover now