طالب غريب || مخلوق فضائي

18 4 14
                                    

«كيف تتعاملون معه في المنزل؟»

على قدر غرابة السؤال شعرت بالتعجب لصراحة أستاذ مساق التواصل صاحب تخصص علم النفس ليسأل شيئا كهذا وبكل أريحية أمام جميع الطلاب في القاعة، لم يعرف المعني بالسؤال كيف يجيب بالضبط، تلكأ قليلا وتحدث بعبارات قصيرة إلى أن وصل إلى النتيجة النهائية: بطبيعية ولكن نعلم بأنه مختلف. كان يعني اختلافا إيجابيا بالطبع رغم أنه لم يكن متأكدا من طريقة صياغته للأمر.

علمت منذ المحاضرة الأولى لمادة التواصل والتي جمعتني بشكل نادر مع أحد أشقائي فقد كانت من المواد العامة التي يجتمع فيها طلاب للعديد من التخصصات؛ علمت بأن ذلك المُحاضر ليس عاديا، كان من النوع الذي يحب جعل العمل الذي يقوم به ممتعا، ولا يتوانى عن استخدام الأساليب المختلفة لأجل ذلك.

مرة شرح لنا عن مشروع المادة الذي علينا تنفيذه، أخبرنا بأن المهلة ستكون بضعة أسابيع، سيتوجب علينا إجراء بحث ثم إلقاء نتائجه بشكل جيد أمام بعضنا البعض، وباستخدام جميع مهارات التواصل والأمور التي تم دراستها في المقرر، بدا جادا حازما وجديا بشأنه، وبعد أن فرغ من تلك التفاصيل ألقى أحد أسئلته الغريبة: من منكم على استعداد لتقديم مشروعه الآن؟

كنت سأنفجر بالضحك على ردود فعل الطلاب، فقد كنت أعلم بأنه ليس شخصا عاديا، رفعت يدي متطوعا وذلك شجع اثنين آخرين أيضا، وطلب مني البدء، تقدمت لإلقاء مشروع لم أقم به والحديث عن شيء لا أعلم ماهيته والذي عليه أن يستغرق مني عشرة دقائق على الأقل، لا يهم هذا بسيط، هذرت هذري وألقيت فلسفاتي الحكيمة بعد أن رويت قصة لتجربة معينة مررت بها وظلت عالقة في ذهني، ثم عدت إلى مقعدي، وكذلك فعل الاثنان الآخران، وبعد أن انتهينا نحن الثلاثة ألقى المُحاضر قنبلته الثانية: كل من تحدث الآن قد حصل على علامة كاملة ولا حاجة له بعمل المشروع!

حدقت بنا أنظار الجميع وبوضوح كانوا يرغبون بإعادة الزمن ليفعلوا مثلنا ويتخلصوا من حمل المشروع وضمان علامتة الكاملة، ولكن الأوان كان قد فات، حقيقة كنت شبه متأكد من أنه سيفعل مافعل ولهذا بادرت في المقام الأول.

لم تكن هذه الحادثة هي ما لفت انتباهه إلي فقد كانت مداخلاتي وتعليقاتي دائما ماتفعل، لا أدري ما الذي كان يعتقده، أما بالنسبة لي فقد كانت تلك طريقتي لتمضية محاضرته التي تستغرق وقتا طويلا والتي كان علي أن أجلس فيها في المقاعد الأمامية دائما لأنني كنت غالبا آخر من يصل، وبتلك الحالة لم أكن لأستطيع فعل شيئ عدا الاستماع إليه.

أخيرا حدث ما جعله يلقي سؤاله الغريب الذي جعلني أبدو كمخلوق فضائي أو ما شابه، وذلك بعد حوار دار بيني وبين أحد الطلاب، تدخل بيننا حينها ليقول لي: إن فهمك يسبق عمرك بكثير. اوه بالطبع أعلم ذلك ولكن قبل أن أحصل على فرصتي في الرد التفت للشخص الذي عرف بأنه أخي ليسأله بغتة: كيف تتعاملون معه في المنزل؟

ماذا بالضبط يعني ذلك؟ كيفما نظرت للأمر فالسؤال تركيبته غريبة! أعلم بأنه لم يقصد الإسائة ولكن هل كان ذلك ضروريا؟ 

على الأقل لم أكن في مكان شقيقي الذي طالما وبخني لتأخري عن المحاضرات وكل ما كنت أفعله، لحسن حظي أنا وهو فذلك المساق كان آخر ما جمعنا ولم يكن شخص مجتهد صاحب مرتبة شرف أولى مثله مضطر ليرى كيف كانت الأمور تسير مع شخص مثلي أو يضطر للإجابة على سؤال غريب مجددا.

كاتب مشوشWhere stories live. Discover now