# الحادية والثلاثون

ابدأ من البداية
                                    

_ في سكون الفجر ونسمات الهواء الباردة يدوي من المآذن أصوات تواشيح ما قبل آذان الفجر ...
و ها هو ذاك البناء المظلم الذي هجره سكانه منذ حدوث الجريمة ولا يوجد به سوي الحارس و أحياناً هناك زوار في الخفاء ربما لأمر ما .
وبداخل المنزل ما زالت الأشياء والأثاث المبعثر كما هو حتي بعد معاينات رجال الشرطة وأخذ العينات إلي المعمل الجنائي ... ضوء القمر يتسلل من  نافذة الشرفة لينير الردهة ذات المساحة الشاسعة وأرضيتها التي ظهر للتو ظل لشخص ما قد تسلل الآن ... هناك وقع أقدام خافت متجه نحو غرفة النوم وقام بإدارة المقبض بيده المكسوه بقفاز جلدي وبعد دخوله إتجه بكل سرعته إلي الخزانة وفتح ضلفة تلو الأخري باحثاً عن شئ ما مسلطاً ضوء مصباح يدوي علي كل رف ...
وفي آخر ضلفة ظهرت خزنة صغيرة بقفل وشاشة رقمية ... قام بالضغط علي عدة أرقام لينفتح الباب الصغير .
_ أثبت مكانك وأرفع إيدك فوق .
صاح بها الضابط وبرفقته بعض من رجاله وأشرف الوكيل المحامي الذي قال بدهاء ومكر :
_ أصدك ياباشا تقولها إرفعي إيديكي لفوق .
وأقترب من الشخص الملثم لينزع لثامه و غطاء رأسه حتي ظهرت ملامحها المذعورة وخصلات شعرها النارية
وأردف :
- أحب أعرفكو بمدام رانا .
أمر الضابط رجاله بحزم :
- هاتوها .
أخذت تصرخ وهم يقومون بتكبيل يديها بالأصفاد :
لاء لاء معملتش حاجة .. مقتلتوش .. مقتلتوش  .
__________________________________________

_ صرخ عزيز بأعلي صوت:
_ سويلم؟.
جاء مهرولاً إليه فأكمل عزيز قائلاً:
- فُك الواد ده حالاً ويلا نمشي من هنا مفيش وقت.
جحظت عينيه بخوف وغضب:
_ كيف حصل ده والطيارة وقعنها وكل الي فيها ماتو!.
صاح عزيز به:
_ مش وقت كيف خالص يلا بلغ كامل والرجالة.
أخرج سويلم سلاح ناري من جيبه وقال:
_ أطلع أنت ليهم وأنا هخلص عليه وهفكه وأرميه للديابة تنهش جتتو.
قالها وقام بتصويب السلاح نحو قصي وقبل أن يضغط داهمته طلقة من سلاح عزيز... أستقرت الرصاصة في ظهره جعلته يقع جاثياً وسلاحه وقع من يده وسلسلة مفاتيح الخاصة بالأصفاد.... أنحني عزيز ليلتقطها وقام بفك قيود قصي وهو يقول:
_ يلا بسرعة أمشي من هنا رجالة كامل وسويلم  وإبنه مش هيسيبوك.
بينما و هو يحذر ابنه تلقي رصاصة من سويلم الذي أطلقها و مات علي الفور  ... توقف قصي وهو يحاول أن يستوعب ماحدث للتو... أومأ له عزيز وقال:
- أيوه أنا قاسي وظالم وفيا كل العبر و مستهلش أكون أب ليك ولا لأخواتك خصوصاً بعد مايعرفو حقيقتي... بس عمري ما هسمح لحد يقرب من واحد فيكو أو يمس شعرة منكو.
لم يعلم قصي بماذا يجيب عليه.
_ أنت لازم تتنقل للمستشفي؟.
مد يده له بسلاحه و أجاب:
_ أنا خلاص مش هاعيش أد الي عيشته تاني..  أهرب أنت وخد المسدس ده خليه معاك.
وفي تلك الأثناء جاء تميم بعدما ترك كنان في حالة يرثي لها وإذ به يتفاجئ من والده الذي لن يتحمل الرصاصة ومات، فصرخ بحزن وغضب:
- أبويااااااااا.
صرخ عزيز هنا:
- أهرب ياقصي.
أطلق تميم عليهما رصاصات أصابت إحداها عزيز  ، فقام قصي بحمايته وإبعاده عن مرمي الطلقات وكان يبادل تميم بالإطلاق أيضاً... أختبأ تميم في تجويف صخري وكذلك قصي في تجويف مماثل له يبعد عنه عدة أمتار قليلة.
_ مش هتطلع من هنا يا إبن العزازي غير وأنت جثة ومحدش هيرحمك مني حتي الحكومة متقدرش تمسك نفر مننا ولا يطلع منهم عسكري سليم.
صاح بها تميم.
_ الموضوع أكبر مني ومنك ومن الحكومة يا تميم... ده أمن بلد ويمكن بلاد... تقدر تقولي السلاح الي بتبيعوه ده لمين وبيعملو بيه أي؟.
قالها قصي... ليجيب عليه تميم:
_ ملناش صالح بالي بياخدوه ده بيهببو به أي... ومتحسسنيش إنك كنت بتبيع سبح وسجاجيد صلاة!.
_ أيوه كنت بتاجر في السلاح بس مش في بلدي وأول ما عرفت الحقيقة الي أنتو خبيتوها أنت وأبوك وكلاوس عليا وقفت تجارته فوراً.
وعندما كان قصي يتحدث تسلل تميم إليه وقال بسخرية وهو يصوب سلاحه أمام رأسه:
- حافظ الشهادتين ولا أقولهملك!.
_ أرمي المسدس الي في إيدك بدل ما أخليك أنا الي تردد الشهادتين.
ألتفت تميم لصاحب هذا الصوت بعدما ألقي بسلاحه علي الأرض وقال:
_مش أنت مصعب الحارس الشخصي لكامل بيه يا جدع أنت؟.
سدد له قصي لكمة قوية في بطنه وقال:
_ مصعب شغال مع الحكومة ومعايا بقاله شهور.
جحظت عينيه من الألم وقال بصعوبة وهو يضع يده علي بطنه واليد الأخري وضعها أسفل جلبابه فأخرج سلاحاً آخر:
_ آه يا ولاد ال........
وكاد يضغط علي سلاحه لكن باغته مصعب بضربة ساحقة في زراعه أوقعت سلاحه الآخر من يده بل وقبض علي تلابيب عباءته وأخذ يلقنه العديد من اللكمات .
_ قصي بيه البوليس في الطريق دلوقت والمفروض إن إحنا نختفي قبل ما رجالة كامل يكتشفو الي حصل وقتها أنا وأنت هانبقي في خطر ده غير الراجل التاني الي معاهم ولغاية دلوقت منعرفهوش.
قالها مصعب، فأشار له قصي نحو عزيز المولي لهما ظهره ويجلس علي الأرض.
ذهب مصعب ليري وجهه حتي أصابته الصدمة:
_ عزيز بيه!!.
بينما قصي أخذ يركل تميم في معدته وفي كل أنحاء جسده:
_ وديتو كنان فين يا ابن ال.....
أجاب تميم بصوت متقطع:
_ م..ش هقو..لك.
ألصق فوهة السلاح في جبهته وصاح بتهديد:
_ أقسم بالله لو مقولتليش كنان فين لهفرغ المسدس ده في دماغك.
أجاب تميم بصعوبة من الألم:
_ في مخزن مهجور ورا الكهف.
أعطي قصي له ضربة قوية برأسه في وجهه ليفقد الآخر وعيه وسقط  ...  تناول قميصه وسترته ليرتديهما مسرعاً وهو يقول لمصعب التي تعتليه الصدمة :
_ ومستغرب ليه ما أبوه حكيم البحيري كان من أكبر تجار السلاح.
_ ما أنا عارف بس هو كان ديماً ضده في المجال ده وأكتفي أن يمسك له شركات الصلب.
أخذ سلاح تميم وقام بشد أجزاءه وقال:
_ مش وقته بعدين هافهمك كل حاجة... كل الي طلبه منك تشيلو بسرعة وتخرجه من هنا وتاخده في أي عربية وتطلع بيه علي أقرب مستشفي... عقبال ما هادور علي كنان.
رمقه بنظرة إندهاش فتفهم قصي مغزي تلك النظرة فقال ليزيد من تعجبه أكثر:
_ مش هاسيب أبويا يموت.
قالها وأخذ يبحث عن مخرج آخر للكهف حتي وجد شق متسع يتسلل منه ضوء القمر... أقترب بحذر وتفحص ببصره المكان بالخارج ولم يجد أي شخص.
__________________________________
_ وبالخارج يبحث عن ذلك المخزن، فوجد بالفعل بناء علي بُعد عشرة أمتار، يقف علي بوابته رجلين.... ظل يسير في الظلام متجنباً نور القمر الساطع حتي لاينكشف أمره، وعندما وصل تسلل بحذر ممسكاً بالسلاح في يده وكلما وجد رجل أمامه، يشن هجوم عليه بشل حركته وتلقينه ضربة علي رأسه ليفقد وعيه.
و بمجرد دخوله المخزن صاح الرجال بالخارج.
_ الحقو يا رجالة البوليس هجم علينا.
وبدأ تبادل إطلاق النار من كل حدب وصوب... وابل من الرصاصات.
وبداخل المخزن وقعت عينيه علي هذا المقيد والدماء تذرف من وجهه وكتفه، وعلي جانبيه حارسين من رجال تميم.
_ خدو بالكو من الواد ده لحد مانشوف الحوار بره أي.. وإياك حد فيكو يتحرك من مكانه.
قالها رجل ثالث،  فأومأ له الحارسان.
لاحت في عقله فكرة... أختبأ خلف مجموعة أخشاب متراصة وفوقها كتل حديدية، فألقي بحجر صغير و أصدر صوت إرتطام شئ ما متعمداً ذلك.
قال الرجل لزميله:
_ روح شوف أي الي بيخبط ده.
أجاب الآخر:
_ لو حد فينا إتحرك من مكانه وجه تميم بيه هيسلخنا بدل الأخ ده.
_ طيب تعالي نروح إحنا الإتنين بسرعة و كده كده هو مربوط ومفهوش نفس حتي يتكلم.
_ فكرة برضو... يلا بينا.
ذهبا معاً وكان قصي ينتظرهما خلف الأخشاب وفي يده عصا من الحديد... وبمجرد أن رأي أحدهما أنزل بالعصا علي رأسه فوقع علي الفور، ولم يتبقي سوي الآخر... وما أن ألتفت خلفه تفاجاء بوجود قصي الذي لم يمهله حتي الإستيعاب فأنزل بالعصا علي رأسه بقوة ليلقي مصير صاحبه.
- وفي الخارج أُضرمت الحرب بشدة وعنف بين رجال الشرطة وبين رجال سويلم ومعهم رجال كلا من كامل وعزيز....
وقف كامل في حماية رجاله يبحث عن مصعب منادياً عليه، فأجابه إحدي رجاله الذي جاء إليه للتو:
_ مصعب يا باشا لاقيته واخد عزيز بيه ودخله العربية ومشي.
صاح كامل  بغضب:
_ إزاي يسيبنا في ظروف زي دي ويمشي!.
نظر الرجل إلي كامل بتوتر وقال:
_ واحد من رجالتنا دخل الكهف لقي الشيخ سويلم مات وتميم بيه كان مغمي عليه ولسه فايق وأمر رجالته يدورو معاه علي مصعب وقصي ورجالتنا ورجالة عزيز بيه هم الي في وش الحكومة.
- وبالعودة إلي داخل المخزن... أنتهي قصي من فك قيود كنان وحمله من زراعه علي كتفيه.
_ معلش يا كنان إستحمل... البوليس جه بره وهيقبضو عليهم وهطلع بيك علي المستشفي.
قالها قصي... وعندما وصل لدي البوابة الخلفية للخروج أوقفه صوت مصاحب بصوت طلقات نارية.
_ وقف عندك يا إبن العزازي.
وتوقف بالفعل لكن هنا مرغماً وعلامات وجهه في حالة صدمة، بالأحري نقول هذا تأثير ما يشعر به بسبب إختراق طلقتين إحداهما في كتفه لدي المفصل والأخري في ساقه.
كافح من أجل أن لايسقط تاركاً كنان الذي أجمع ماتبقي لديه من قوة و أخذ السلاح من يد قصي وألتفت إلي تميم وكاد يطلق عليه... فأوقفه صوت الضابط.
_ كله ينزله سلاحه ويرفع إيده لفوق.
- تم القبض علي تميم وكامل وما تبقي من الرجال أحياء،  وتم أخذ جثمان الشيخ سويلم إلي المشرحة... بينما قصي وكنان تم نقلهما إلي أقرب مشفي وهناك في إنتظارهما مصعب... بينما عزيز ما زال في العمليات لإخراج الرصاصة من جسده.
__________________________________

عهد الذئاب (الجزء التاني لصراع الذئاب)  «مكتملة» حيث تعيش القصص. اكتشف الآن