اللقاء الثاني

639 68 70
                                    

الأول من نوڤمبر.. حيث البرودة المحببة و رائحة الشتاء المُمطر المتعانقة مع رائحة المشروبات الشتوية التي تُغلف الأجواء ف تُضفي عليه جو مليئ بالدفئ العائلي أو العاطفي رُبما، مناخ يُهيئ لإنهاء جميع ما أفسده العام بالقلوب للبعض و يبدأ في نسج خيوط أمل جديدة للآخرين.

السابعة مساءً
جالسة علي مقعدها الكبير المجاور للنافذة ثانية قدميها و بيدها مشروب الشوكولاتة الساخن -الذي تتصاعد منه الآبخره- تتابع قطرات المطر و هي تنزلق ببطئ علي زجاج النافذة، بعض الموسيقي الكلاسيكية تصدح من المذياع القديم الخاص بوالدها مزيج بين نجاة، فيروز، آسمهان، أم كلثوم و عبد الوهاب. تنهدت براحة و إرتشفت من الكوب ثم أسندت رأسها علي النافذة حينما بدأت واحدة من أغنياتها المفضلة

"خايف أقول الي في قلبي تتقل و تعند ويايا
ولو داريت عنك حبي، تفضحني عيني في هوايا"

كانت تُدندن بخوفت و هي تتبع قطرات المطر بأصابعها النحيلة علي زجاج النافذة

"انا زارني طيفك في منامي قبل ما أحبك
طمعني بالوصل و سابني وانا مشغول بك"

إبتسامة ضعيفة إرتسمت علي شفتيها وتلألأت عيناها بالدموع، إلتقطت هاتفها الملقي علي الطاولة المجاورة للمقعد فتحته وظلت محدقة بصورة صغيرتها وهي تتبع ملامحها البريئة المبتسمة بأصابعها حتي سقطت بعض العبرات علي الهاتف وتمتمت بخفوت مع الأغنية

"راضي بقليلي ويرضيني بعدك عني
وأملي قربك ونعيمي.. وأقول لقلبي إني بحبك"

أغمضت عيناها لتنساب الدموع في خطوط علي وجنتيها، أنهت مشروبها و وضعت الكوب علي الطاولة و إستقامت من علي المقعد متجهة نحو خزانتها لتبدل ثيابها، أخرجت معطفها الصوفي الوردي و بنطال أسود، أغلقت الدولاب وبدلت ثيابها ثم إتجهت ناحية المرآة الكبيرة مصففة خصلاتها الكستنائية الهزيلة في جديلة فرنسية بسيطة، إلتقطت هاتفها و محفظتها الصغيرة و أطفئت المذياع و أنوار الغرفة و خرجت منها، إرتدت حذائها و إلتقطت المفاتيح من علي الطاولة المجاورة لباب للمنزل وأطفئت أنوار المنزل ثم خرجت منه.

كانت السماء مازالت ترسل زخاتها الرقيقة مما جعلها تبتسم بتوسع و تتمهل في خطواتها، تتعمد السير بوسط الشارع وليس علي الأرصفة المحتمية بالأشجار الكثيفة لتستمتع بقطرات المياة الباردة وهي تداعب تقاسيم وجهها.

بعد نصف ساعة من المشي البطئ وصلت لمكان العيادة، دلفت للداخل لتعانق حواسها رائحة القهوة المركزة مع رائحة معطر الجو بالتوت مما جعل إبتسامة صغيرة ترتسم علي محياها، إتجهت نحو فتاة الإستقبال بإبتسامة هادئة و تمتمت

"مساء الخير، ميعاد جلستي اليوم من فضلك"

رفعت الفتاة رأسها من هاتفها و نظرت لها بإبتسامة بشوشة

Asperger Syndrome || مُتلازمة أسبرجرDonde viven las historias. Descúbrelo ahora