غُدُوّ النهار

2.1K 132 27
                                    

تهادى الصبح في سريرها وإزدهر وجه تونيا النائم فوق وسادتها، حاولت قدر الإمكان تعتيم النافذة لتحافظ على جو هادئ لكن الانتعاش الرقيق في أنفاسها والشمس التي تلألأت في سريرها كانت تمنح الغرفة نوراً ووهجاً لا يمكن أن يأفل.

هطلت تونيا في النوم بعمق وبعد دقائق قليلة صفت بشرتها وارتاحت مساماتها ماحيةً كل تلك التموجات المُتعَبة التي خَطّت جبينها عندما وقفت أمام الباب، "لابد أنه كان أسبوعاً صعباً عليها أرداها إلى هذا الحال" قالت هيلدا في نفسها، اقتربت أكثر منها أزاحت شعرها عن جبينها وأخذت تصففه بين أصابعها لأعلى، رَاقَ حاجبي تونيا باستسلام بينما كانت المساحة بين حاجبي هيلدا تضيق في محاولة لفهم سعادتها وابتسامتها لهذا الجمال الراقد أمامها.

 ما يمكن أن تُشيعه إمرأة في سريرك لهو أبديّ، ما يمكن لجسد أنثى ساكنٍ مطمئن في سريرك أن يفعل لهو أمرٌ فاتنٌ، لا يمكن أن تساومه أن تقارنه، لا يمكنك إلا أن تفكر في إجلاله وجلاله، شيءٌ مُشبع مكتمل متوازن يضرب العقل ويلمس الروح بانسكاب شهي.

لم تود تركها ولا الاستغناء عن نظرةٍ واحدةٍ لدقيقة نحو وجهها الدَمِث، لكن يجب عليها أن تذهب للعمل، خرجت بخطوات خفيضة، كتبت ورقة صغيرة تركتها جانب السرير ونزلت الدرج ، تعجبت من أن جسدها قائم معتدل مع أنها تشعر به لا يزال في السرير مرتكزاً جانب تونيا، لم يغلب شيء على شعورها هذا لساعةٍ كاملة حتى رؤيتها لـوجه بينيت المريب ونظراته الغامضة لم تؤثر بها. 

استأذنت من الهيئة بعد ساعة وعادت تتراكض فوق السلالم، لم تشعر أنها تتنفس كانت مرتبكة حذرة ولكنها تنفست الصعداء لرؤيتها تونيا لا تزال نائمة هناك وأنها لم تكن تحلم البتة، هدأت نبضاتها لكن لم يهدأ قلبها وضعت حقيبتها أرضاً وبدون أن تبذل مجهوداً أحضرت كراستها وزحفت تجلس القرفصاء أمام السرير، ساعة ساعتين وثلاث ساعات كانت تسأل نفسها كيف لوجهٍ ذو ملمس حرائري أن يغيب بهدوء في سريرها. 

بقت تحوم في المنزل وتعود لتنظر إليها مجدداً، حضرّت ما يمكنها من طعام ورجعت تبصر نحوها، حقنت نفسها بالأنسولين ووقفت على أصابعها تلقي نظرة خاطفة عليها من فوق قوس المطبخ، لم تشعر برغبة في الأكل وإن كانت مضطرة بسبب السكريّ، بقيت تشرب الماء المحلى فقط وكان رأسها يرتفع نحو الأعلى مع رفعة شعورها كلما تأملت وجودها هناك، تَقلّبت تونيا ببطء فوق السرير فظنت هيلدا أنها ستصحو أخيراً وعدلت وقفتها باضطراب كجندي ثابت أمام قائد الفيلق، لكن تونيا عادت لتنام مثل غزالٍ وديع يضم نفسه إلى نفسه ويميل برأسه لجوفه كأنه يضم إليه أحداً.

غاب نهارٌ أخر لكنه كان لا يزال مشرقاً في جلد هيلدا في صميمها، هل توقظها؟ تسآلت داخلها. لكنها أرادت أن تنام! أجابت نفسها وهي تبدو نائمة بشكل مريح جداً لم يتعكر صفو وجهها أنهت تفكيرها.

غابَ نهارٌ آخرNơi câu chuyện tồn tại. Hãy khám phá bây giờ