ملامح مؤقتة

2.9K 136 4
                                    


ينبغي على الجميع الاستماع والنظر، التدقيق ومعاينة المعلومات باستثناء هيلدا، عليها أن تركز في كل هذه الامور مجتمعة، وتُسْقِط ما أمكنها من الانفعالات الحيّة على الورق، ساعة انقضت تقريباً ما بين ردود تونيا المقتضبة على أسئلة القاضي الموجهة لها وما بين تعقيب محاميها وارفاقه الوثائق لإثبات صحة ما تقوله قانونياً، كانت هيلدا توجّه نظرها نحو تونيا من وقت لأخر تتابع انفعالاتها واستجاباتها كي تستشف الطابع الطاغي عليها.

بينما تستمر في نقل تَصورها من شخص لآخر داخل الغرفة وتتدارك النقاط الثابتة في ملامحهم، تساءلت عما تفعله امرأة بهذه الرزانة هنا، شعرت بتناقض غير مُعلن ولكنها تلاحظه، دَعَتْ ذلك إلى كونها المرةَ الأولى التي ترسم امرأة داخل قاعة المحكمة، قالت متمتمة "ربما" ثم هزَّت رأسها يميناً وشمالاً محاولةً نفض هذه الأفكار من عقلها، لم تستمع إلى الكثير وكون ما سمعت يخص المال والثروة والكثير من الأرقام أدركت أن فرصتها بالفهم تصبح أقل، لم تكن جيدة يوماً بهذه الأمور، حدثت نفسها "يمكنني طلب التفاصيل لاحقاً من هذا الوغد"، نظرت نحو السيد بينيت الذي كان ينظر بدوره للساعة ويلاحظ مُضي ساعة كاملة بالفعل منذ بدء الجلسة.

رفعت تونيا يدها اليمنى ببطئ وبشكل غير مباشر قاطعت حديث القاضي والذي سمح لها بالحديث فور ملاحظته يدها.

_هل هناك خطب سيدة فوربس؟

تتحدث تونيا بصوت واثق

_هل أستطيع الخروج لاستنشاق بعض الهواء

"لكنها جلسة مغلقة سيدة فوربس كما تعلمين"  قال القاضي بحزم

_أنا أعلم

وبإشارة سريعة طلبت من محاميها القدوم نحوها إذ كان يقف قرب القاضي يُطلعه على بعض الأوراق، استجاب هو الأخر بعد الاستئذان من القاضي بينما الجميع يترقب، يذهب نحوها وتحدثه بصوتٍ أقرب للهمس، وما هي إلا ثواني قليلة حتى عاد أدراجه نحو القاضي وشرح له بنفس درجة الصوت.

سمح القاضي لها بالخروج وكذلك الجميع، طالباً منهم العودة بعد عشرين دقيقة.

تنهدت هيلدا فقد شعرت بالألم يتسلل لعظمة كتفها الأيمن، بالرغم من جلوسها المعتدل ومرونة الكرسي ضد ظهرها، إلا أن هذا الألم لم يتوقف يوماً، تعلم أسبابه وكلما أفرطت بالرسم بوضعيات غير مريحة، كالجلوس أرضاً وإمالة ظهرها تجاه الورق، أو إيقاف دراجتها وسط أزقة الشوارع واسنادها بالقدم اليسرى بينما تأخذ بعض الخطوط للمنظر الذي أجبرها على الوقوف.

تدخل صوت السيد بينيت الذي كان يراقب هو الأخر وقال متحمساً وظنت هيلدا لوهلة أنه بدا سعيداً لسببٍ ما!

غابَ نهارٌ آخرWhere stories live. Discover now