فلاش باك قبل ثلاثة أيام ،،،
كانت تسير في شوارع العاصمة بعدما انهت لقاءها مع عايدة في منزلها ، تسير محاولة نفض التوتر الذي يعتمر بداخلها بلا سبب ، عينيها تهتز بصورة غريبة و كأنها تخبرها أن أمرا سيئا سيحدث لا تعرف ماهيته ، حتى أن قلبها شاركهم قلقهم ، تنهدت بصوت مسموع و استعاذت من الشيطان ..
و أثناء سيرها المتمهل ، جاءها اتصال على هاتفها :..
-المقدم مريم حجازي ..
-أيوة أنا ..
-أنا النقيب ابراهيم .. كنا بستدعى حضرتك ضروري لفيلا جدك ..
-ليه ؟
قالتها بتوجس ، فهتف الأخر بهدوء :..
-الأفضل تشوفي بنفسك ..
………
ترجلت من سيارة الأجرة راكضة ، نحو قصرها الصغير و قلبها يخفق بعنف !
وصلت ثم تصنمت مكانها !!!
رباه !! ما هذا !!
قصرهم الجميل تصميم والدتها ، لقد تحطمت أسواره و طال الأذى الكثير من الأشجار و زهور محمد و دعاء الغالية !
و كأن الدنيا أقسمت على جعلها تذوق مرارة فقط كل ما أحبت يومًا ..
-هو إيه اللي حصل ؟
هتف الضابط الذي حدثها في الهاتف :..
-انفجار ، قنبلة يدوية بفتيل اترمت على السور  السوبس للأسف دمر جزء من السور و جزء من الجنينة و فيه اتصابات منهم الأمن اللي كان بيحرس الفيلا ، الاصابات مش خطيرة الحمد لله .. اتناقلوا للمستشفى و مستنين اتصال من هناك و بعدها هنروح ناخد أقولهم ، لوحبه تيجي معانا يا فندم ..
أومأت له موافقة ، أجرت اتصالا تطلب عمالا في أسرع وقت ، و بأي ثمن لترميم السور قبل أن يعرف جدها !!
حمد لله أنه لم يصب القصر من الداخل أذي و إلا كان جدها ليحزن بشدة !
مكالمة أخرى للعقيد مهدى ، الذي أخبرها أنه سبقهم للمشفى ..
ذهبت لهناك لتنصدم بوجود حرس و سائق ممن يعملون لدى حسين ثابت .
يا إلهى ما الذي أتى بهم إلي هنا ؟؟
خفق قلبها بجنون !! دعت الله سرا ألا يكون ما تفكر فيه صحيحا !!
لم تسمع من أقوال الرجل الذي أفاق سوى كلمتين ..
-سامي باشا ... اتخطف !
دارت الدنيا من أمام عينها ، و ألمها قلبها فوضعت يدها تحتضه بعنف غاشم !!
لكن رنين هاتفها لم يجعلها تعيش في صدمتها أكثر !
أجابت بصوتها المرتعش الذي أجلته بأعجوبة :..
-ش.. شريف ؟ فيه إيه ؟
و كأنها توقعت قبل أن يصرح أن وراء اتصالها بها بعد منتصف الليل .. كارثة !!
و صدق ظنها !!
المصائب لا تأتي فرادًا !
خرجت من المشفى تركض نحو الانفجار التالي ..
……………
كان تسير جوار شريف الذي يحاول سرد ما عرفه و ما توصل إليه ، بعدما وصله بلاغ عن انفجار بجوار إحدى المطاعم المشهورة ، و اختفاء احدى الشخصيات الهامة .. الذي لم يكن سوى حسين ثابت ..
وجدت عزيز جالسا مجبس الذراع بجوار سيارة إسعاف ، ركضت نحوه تسحبه من تلابيب قميصه رغم فرق الطول ، صائحة فيه :...
-و أنت كنت بتهبب إيه ؟ بتهبب إيه ؟؟ شغلت إيه غير أنت تحميه .. و لا أنت ما بتتشطرش غير على النسوان ..
ثم لكمته عدة لكمات تخرج طاقت الرعب و الذعر التي بداخلها ! ذلك الرعب الذي يقتلها على الإثنان جدها و والدها ..
و أمامها كان هو مستسلم يحمل نفسه الذنب مائة مرة ، هو يعنف نفسه بما فيه الكفاية ، و هي تكمل عليه الآن ، و ربما هو يستحق ...
حاول شريف منعها ، هاتفا :...
-اهدى شوية ..
صاحت فيه بغير سيطرة :..
-مش ههدى ... فين الدكر التاني ... فرج بيه فيييين .. فرج فأنهي مصيبة ؟؟
خرج فرج من سيارة الإسعاف مطأطأ الرأس و حالته تبدو أسوء من حالة عزيز بمراحل ، وجهه كله جروح و كدمات ، و يحرك ساقيه بصعوبه و ذاعيه مغطيان بالشاش الأبيض لأنه حمى حسين بجسده من الانفجار لذلك بإختصار حالته مذرية !
  مع هذا لم ترحمه بل انهالت عليه بالصفعات و اللكمات و عدد لا نهائي من الركلات !!
حتى تهالك جسده أرضا ، و هي فوقه تكيل له اللكمات ، تنفس غضبها فيه ، تنتقم منه الآن على فعله معها سابقا و على ما حدث لوالدها الآن ..
والدها ! ستفقد والدها مرة ثانية !
الذي لم ترتوي بأحضانه بعد ، هي غاضبة منه نعم لكن ليس معنى أن تفقده هكذا !!
لم تنتبه لدموعها التي تجري على خديها ، حياة أهم أشخاص في حياتها على المحك !
أسامة و سافر إلي الحدود ..
و جدها و أبيها مخطفان !!
و يأتون بعدها و يحدثوها عن السلام ، و التسامح !
لن ينجو من كان السبب سيعرف معنى الألم و الخوف !
سيذوق كل الأشياء المرعبة على يدها هي فقط !!
سيتمنى الموت و لن يطوله !
فاقت من هذيانها على جذبها شريف لها من فوق فرج الذى نزف من أنفه و فاهه .. ثم فقد الوعي !
-سيبني يا شرررريف .. هقتله .. و فارد عضلاته علينا .. أوعي ..  إزاي يفرط فيه كدة ؟!!
صاح شريف فيها ، غير مستوعب لما هي غاضبة هكذا:..
-مريم اهدي .. هو حماه بجسمه ، فحسين باشا كويس ، لازم تهدي عشان نفكر .. لازم نعرف مين مصلحته يخطف حسين باشا و ايه هي مصلحته ؟؟
وقفت ثانية تفكر .. معتز الدمنهوري اختطف الإثنان !
هل هذا يعني أنه سينهي اللعبة ؟!! سيقتلهما ؟!
و الاتصال القادم حمل الحل ..
أجابت على هذا الرقم الخاص بسرعة ، سمعت صوته ضحكاته البغيضة على الهاتف ..
-خطفتهم ليه يا معتززز .. عملت فيهم إيه ؟؟؟
هتف معتز بفخر مصطنع :..
-كويس أووي إنك عرفتيني وفرتي عليا الشرح .. بصي أنا حد دغوري و كمان طيب يا تلمذتي زي ما أنتي عارفة و هديكي فرصة تنقذي واحد من الاتنين ..
كان ردها فقط أنفاسها العالية ، فتابع معتز بدهاء :..
-اقعدي هادية في فيلا جدك و استنى أوامري ، المكالمة التانية هتبلغيني عايزة تنقذي مين ؟ و أنا هقولك تعملي ايه .. نفذتي .. المكالمة التالتة هبلغك تقابلني فين تستلمي واحد فيهم ؟ ما نفذتيش أو حاولتي تتواصلي مع حد هتكون مكان جثث الاتنين ؟
و بالفعل نفذت مريم أوامره بحذافيره ، لكن و عقلها يحيك خطتها الخاصة بالانتقام ؟
تخدع مراقب فيلتها ليلا متظاهرة بالنوم ، تستفيد من كون سريرها بعيد عن النافذة ، و أيضا التصميم الالماني لقصرها ساعدها كثيرا،  تهرب ثم تجتمع بالمختارين من أفراد فرقتها في مكان سري ..
نفذت أوامره فعلا لكن كله كان باتفاق مسبق مع السلطات المصرية ، بمساعدة شريف الذي كان همزة الوصل .. فهي لن تخاطر أبدا بهما !
و قد وثقت بها السلطات و أعطتها تصريحا باستخدام ما تريد من رجال ، بشرط عودة الوزير حسين ثابت و النائب سامي حجازي سالما !!
……
قبل يومين ،،،
وقفت مريم في أحد الشوارع الجانبية ، منتظرة قدوم شخص ما ! وقف ذلك الشخص أمامها ، فابتسمت ابتسامة جانبية ، ثم أردفت :..
-جرتينا وراكي يا عزة ..
-ما أنتي خوفتيني و بعتالي ظباط .. هو أنا ناقصة يا أختي ما أكيد هختفي و أهرب منهم ..
-ما بعتاهم بلبس عادي .. عرفتي منين ؟ و بعدين ما أنا ظابط هبعتلك إيه حرامية !!
-لأ ما تقريبا عارفة نصهم .. عشرة بقى ..
و أخذت عزة تضحك ، ثم تابعت بتوجس :..
-استني أنا مخدتش بالي بتقولي إنك ضابط .. دا بجد !
-أه .. المهم يا عزة سيبك من الهري ده .. أنا عايزة حياة كريمة بعيدا عن بيع المناديل في الإشارات  و الهروب من البوليس و الرعب اللي عايشة فيه ...و أي حاجة تطلبيها أنا هنفذهالك .
حركت عزة حاجبيها بتفكير ، هاتفة :..
- يعني لوقولتلك عايزاكي تدوريلي على أمي و أختي هتدوريلي ..
أومأت مريم برأسها ، هاتفة بصدق :..
-أنا قولتلك أي حاجة مهما كانت ..
قاطعتها عزة هاتفة بذكاء :..
-و دا أكيد مش ببلاش ..
-مقابل خدمة فيها حياتي يا عزة ..
-أنا حبيتك لله ف الله .. و مكن أعمل حاجة أي حاجة عشانك يا بنت يا مريم أنتي ..
-شكرا يا عزة .. أنا هحيكلك و لحد ما أخلص ليكي حرية الاختيارفي انك ترفضي .. الموضوع فيه مخاطرة جامدة ..
-يا أختي أنتي شايفة حياتي فل و كلها أمان أوووي ..
-عزة أنا اخترت إني أثق فيكي ما تخذلنيش .. بس لازم نعلمك السواقة فهاتفتحي مخك ..
-بعرف ما تقليش ..
نظرت لها مريم بذهول !! تلك الفتاة لغز ستحله يوما ! منذ قابلتها ذاك اليوم في الزنزانة و هي تدرك ذلك ؟!
-كويس .. أنا و أنتي تقريبا نفس الجسم و الطول .. أنتي هتبيعي مناديل كالعادة و هتتاخدي على القسم كالعادة هتتصرفي بطبيعتك خالص .. هنبعتك مكتب ظابط ، مش هتعملي أي حاجة غير إنك تستنيني .. لما أجي هندبل أنا و أنتي و هتلبسي لينزز زرقا و هتاخدي بدلتي الميري و أنا هلبس هدومك و أفضل في المكتب ، و أنتي هتروحي بيتي ، أنا هفضل في المكتب ، هنفذ خطتي ، و هرجع البيت و هفضل في الجرس .. هتنيكي تتصرفي عادي لحد ما يجيلك تليفون .. كل اللي يطلبه منك هتنفذيه و أنا هكون في شنطة العربية معاكي … فيه ناس أكيد هياخدوكي لمكان غريب ، أول ما توصلوا طيران  تجري و تجري و أظن دي لعبتك .. هتقابلي رجلتي هياخدوكي و أنا هاخد مكانك ..و كدة مهمتك خلصت ..
ارتسم الذعر على وجه عزة هاتفة :..
-نعم و أنا ايش ضمني ما يقتلونيش في الطريق على أساس  إني أنتي ..
أمسكت مريم يدها ، هاتفة بصوت حنون واثق :..
-لأنهم مش عايزين يقتلوني .. هما عايزين يوصلوني لمكان معين ، و لو حسيت بأي غدر هخرج و هقتلهم و هبوظ الخطة .. أنا مش هسمح إن حد يأذيكي يا عزة .. أنا مش هخاطر بيكي أبدا .. لازم تثقي فيا ..
- لأ آسفة .. مش هقدر .. بقلمي أسماء علام
توقعاتكم

و احترق غصن الزيتون Where stories live. Discover now