ركض ثم ركض

3.8K 192 5
                                    


الفصل السابع و العشرون
"ركض .. ثم ركض "
عاد شريف نحو غرفة مكتبه فلم يجد سوى عزة المنبطحة أرضا ..
يا إلهي ماذا فعلت بها المجنونة مريم ؟! لقد أخبرها أن تتعامل معها لكن ليس بهذا الشكل ؟! و أين هي تلك مريم ؟
زفر بملل ثم وضع بعض الأوراق في درج المكتب ، جاءته رسالة على هاتفه فخرج مسرعا ، و أغلق الباب بالمفتاح ثم وضعه بجيبه ، و هتف :...
-هي المقدم مريم مشيت إمتى ؟
-من عشر دقايق يا شريف بيه .. بس كانت بتتلفت يمين و شمال و كانت مرتبكة حبتين .
-مركز أوي سيادتك ؟!!
هتف الأخر بارتباك :..
-مش دا شغلي يا فندم إني أركز مع التفاصيل أنا كنت...
قاطعه شريف :..
-ركز ف تفاصيل شغلك و بس ؟؟
دعك رسه ليخف من حدة الصداع ، طب تمام لو عايز تروح روح كدة كدة أنا ماشي ، و هقفل المكتب على البت اللي جوا دي و هاخد المفتاح ..
-حاضر يا شريف بيه ، عشر دقايق و ماشي ..
..............................
في منتصف الليل ،،،
هتف أسامة في رجاله :..
-ها يا رجالة مستعدين ..
هتفوا بصوت واحد :..
-مستعدين ..
-فاكرين الخطة كويس ..
-تمام ... جالنا الأمر بالتنفيذ على بركة الله .
تمتم أسامة بالشهادة بينه و بين نفسه ، و كذلك فعلوا جميعا !
كلهم يعلمون أن يمكن لا يعودوا مجددا ... لكن متى نادى الوطن فهم فقط يلبون !
..................
كان معتز الدمنهوري يقف في نافذة ذلك المكان المقفهر ، و على وجهه ابتسامة انتصار ، تتطلع للمكان الواسع المهجور الذي اختاره ببراعة ، مكان تعرف عليه عندما كان بالخدمة .. و الآن هو خارجها ، و من كانا السبب سيدفعانه و قريبا ربما بعد ساعات ..
المكان عبارة عن عدة مباني مهجورة و عربات مهشمة متفرقة ..مكان رومانسي و شاعري لنهاية سامي حجازي و حسين ثابت ..
...
دلف عليه أحد مساعديه هاتفا :..
-باشا ... كله تحت السيطرة ..
-أخبارهم إيه ؟
-جابوا اخرهم يا باشا و قريب أوي هيفرفرا .. داخلين على تالت يوم ومفيش بوء مياه دخل جوفهم ..
-و مريم ؟
-بتنفذ اللي بيطلب منها بالحرف ، بس عصام حامي الحمى واخد بريهان في مكتبه و بيحاول يطلعها من القضية بس يظهر مريم ملبسهالها بالسنتي .. و كمان فيه حراسة على بيت أهل مرات حسين ثابت اللي قاعدة فيه و الواد ابنهم و البت الصغيرة مراته ما بيخرجوش إلا بحراسة و بترجعهم تاني .. يظهر عصام اللي معينها عليهم ...
-كل دول ما يفرقوش معايا بنكلة مش مهم .. و عصام مش هيعرف يعمل حاجة طول ما إحنا مسيطرين على مريم .
-المراقبة ؟
-رجعت بيتها تاني و نامت على طول ... جهاز التنصت اللي في موبايلها ما طلعش صوت ... بس من 3 ساعات تقريبا جالها طرد مع عامل بريد و كانت بتقول شغل تاني و مضت و طلعت أوضتها و نامت من ساعتها و مفيش صوت ..
هتف معتز بسخرية :..
-أصلا ما كنتش قلقان إن مريم تتواصل مع حد طول عمرها بتحب العمل الفردي ، أصلها بتحب الفشخرة و فرد الدراع ، فاكرة نفسها رجل المستحيل ، بس تلميذتي النجيبة دماغها سم و أنا كنت قلقان تقل عقلها ... بس النهاية محدش هيكتبها غيري و مريم بس الوسيلة .. المرادي شغلها الفردي هيجبها لحد عندي ..
ثم هتف بصوت جوهري :..
-هات التليفون هنبدأ الخطة ..
..............................
انتفضت من نومها على صوت الهاتف ، ثم أجابت بسرعة ، فسمعت صوتا يأمرها بغلظة :..
-قومي حالا .. اركبي عربيتك و استني الأوامر أظن مش لازم نفكرك متخديش سلاحك .
أردفت بصوت مهزوز مرتبك :..
-حاضر !
ثم نهضت مهرولة ترتدي الملابس الموضوعة على منضدة الزينة ..
بنطال جلدي أسود و بدي أسود و جاكت كذلك باللون الأسود ، و لا يختلف الحذاء و لا الحجاب كثيرا عن البقية ..
خرجت من الغرفة تهرول ، لكنها عادت مسرعة تركض ، أخذت الهاتف و مفاتيح السيارة و ركضت للخارج ، ركبت السيارة و خرجت من المرأب ثم وقفت تنتظر التعليمات ..
وصلتها رسالة مفادها أن تسير للموقع الذي حددوه ، شغلت نظام الملاحة العالمي (GPS) بحذر حتى لا تفقد الموقع ..
.......
كانت تخرج من مكان و تدخل لمكان كلما تصلها رسالة جديدة .. حتى ابتعدت عن العاصمة تماما و دخلت طريقا صحراويًا ، و فجأة سقط الهاتف من يدها
-أووووووف .
...........
على الطرف الأخر ،،،
-جهاز التنصت وقف يا معتز باشا .
-اديني التليفون بسرعة .
أمسك الهاتف و اتصل بها ، فأجابت بعد برهة ، صاح فيها :..
-بتعملي إيه ؟ اتأخرتي فالرد ليه ؟
-التليفون وقع ، و أصلا اتكسر ... بحاول ألصم فيه عشان أعرف أرد ..
سمعت زفيرة الحار ، فارتجفت قليلا ، و سمعته يهمم ببعض كلمات غاضبة لا تميزها ، بعد برهة كانت وصلت لأخر مكان أعطاه لها ..
-وصلت ..
سمعت صوته الآمر :..
-انزلي .
ارتجفت ، و سألت بصوتها المرتجف :..
-أنزل فين .. دا مكان مفيهوش صريخ إبن يومين ...
قالتها و هي تطالع للمكان المقفهر ، و الظلام متفشي في الوسط .. إن قتل أحدهم هنا لن يشعر به أحد قط!
اللعنة ماذا سيفعلون بها ؟!
سمعت صياحه الهاتف :..
-بقولك انزلي مش هكرر كلامي مرتين ... و سيبي التليفون بتاعك هنا معدش ليه لازمة .. متجرئيش تخديه كدة كدة هتتفتشي ..
-على فكرة أنا بنفذ أومرك كلها .
-تحسبا .. يلا همي نفذي الأوامر .
-طيب ..
بحذر تركت الهاتف على المقعد و ترجلت من السيارة ، ارتجف جسدها من البرد و من الخوف ..
انتظرت دقائق قصيرة قبل أن تقف أمامها عربة نقل مواشي كبيرة ..
هتفت بسخرية :..
-حيوانات !! هو المكان فيه بشر أما ها يبقى فيه حيوانات ؟!! إحنا في زمان العجايب صحيح ههههههه .
لم تدم سخريتها طويلا ، و السيارة يخرج منها رجلان شديدان ملثمان ، فابتلعت لسانها فورا و هي تسمعهما يهتفان بغلظة :...
-يلا .
ثم اقتربا منها يتأكدان من عدم وجود أي شيء بحوزتها ، ثم أمسكا ذراعيها يجبرانها على السير ، تباطأت في سيرها تهتف بتذمر :..
-استنوو استنو .. دقيقة واحدة .
زفرا منها و صاح أحدهما فيها بصوت بث الرعب في أوصالها :..
-فيه إيه ؟! إيه لعب العيال دا ...
-دقيقة بس يا كابتن هربط رباط الكوتشي لأتكعبل على وشي ..
حملقا فيها بغضب و استخفاف ، ثم تركاها بعنف ، لتنخفض تتأكد من ربط رباط حذائها ، وضعت يدها تهدأ أنفاسها الضائعة ، ثم ارتسمت على شفتيها ابتسامة خفيفة ، اختفت بمجرد أن سمعت هتاف الرجلين :..
-خلاص يلا .. الباشا هيزهق ..
ثم أمسكانها بعنف ، يدفعانها دفعا لداخل السيارة و أجلسوها بينهما ..
-يا كابتن يا كابتن .. هو إحنا رايحين فين ؟
نظر لها نظرة نارية أخرستها ، وجدته يخرج رباطًا أسودًا ليخبأ عينيها ، فهتفت بتذمر :...
-أنتي غبي ... الدنيا كحل .. دا أنتم شايفين الطريق بالعافية ، غير إنكم جيبنا كوكب تاني أصلا هتخبي عنيا ليه ؟! نبطل هطل ..
كز على أسنانه بعنف أخافها ، فانتفضت للخلف ، هامسة بخوف :..
-بص يا كابتيين يا كابتين اعقلها بس بدماغك .. و أنا هنام أصلا على ما نوصل ..
فكر للحظات قبل أن يلقي الرباط أرضا و يدعسه بقدميه ، كما يود دعس تلك المستفزة المزعجة سليطة اللسان ..
المكان بالفعل كان حالك السواد ، و كأنهم في بطن الحوت إلا من إنارة السيارة الخافتة تنير الطريق أمامهم ..
ما هذا المكان اللعنة ؟!
نزلوا في المكان المنشود ، وقفت تتطلع حولها برهبة و ذعر ، و قبل أن يقودها إلي حيث لقائها مع إبن الدمنهوري ، أطلقت لساقيها العنان ... تركض و تركض بجنون هاربة من المكان الملعون هذا !!!!!!
--------------------------
ازدرد سامي ريقه بصعوبة ، يشعر بجفاف شديد في حلقه ، و شفتيه على وشك التمزق من الظمأ .. حاول بعزم ما لديه أن يرفع صوته هاتفا :...
-أنتو يا حيوانات يا اللي برا ... أنتم ياااااااا ..
هتف حسين بيأس :..
-عايز إيه يا سامي يا حجازي كلها ساعات و نقابل رب كريم ... نفسك تنضرب تاني ... وفر المجهود دا و استغفر و اتشاهد كدة ربنا يهديك ..
رمقه سامي بنظرة قاتلة ، قبل أن يتجاهله و يتابع صياحه ، إلا أن أتاه أحد الرجال هاتفا بغلظة :..
-عايزة إيه يا راجل يا عجوز أنت عجبك الضرب و عايز تاني و لا إيه ؟!
هتف سامي بصعوبة :..
-لا عايز النضارة ..
نظر لها الرجل ببلاهة ، فتابع سامي :..
-عايز أموت و أنا شايف لو سمحت .. هي في جيبي .
انطلق الرجل في الضحك على هذا العجوز الغبي الخرف ، لكنه أخرج النظارة و وضعها على وجهه بإهمال هاتفا بسخرية :..
-أنا جبتهالك بس عشان أنت دمك خفيف ...
ثم تابع ضحكه ، خارجا من الغرفة ، يسرد لزملائه أحد طرائف العجوز الخرف ..
كاد حسين أن يعنف سامي ، لكنه صمت عندما رأى ما يفعله .. كان يحاول نزع النظارة مع على و جهه ، و تحطيمها ليحصل على زراعها المعدني و يحمله بفمه ، و بدأ يزحف ، يزحف و يزحف متغلبا على ضعفه و عجزه .. حتى اقترب من حسين الزاهل لما يحدث و قذف له بالذراع المعدني فالتقطه حسين بقدميه المقيدتين ، و نظر مدهوشا لسامي الذي هتف بضعف :..
-لو ما استفادتش بيه شبحي و شبح نضارتي هيطاردك للأبد ..
و قبل أن يرد حسين ردًا لازعا ، تابع سامي محاولا إبقاء أعينه مفتوحة :...
-قول لمريم أني بحبها ، و إني .. إني فخور بيها ...
و استسلم سامي حجازي لإغمائه ، ناداه حسين كثيرا لكن بلا استجابة ، فقرر إستغلال الفرصة الأخيرة التي منحها إياه هذا العجوز العظيم !
ثني قدميه بأقصى ما يستطيع لتصل الذراع المعدني ليديه المقيدة بالأصفاد ... و بعد دقائق استطاع فك أصفاد يديه لتسقط الأصفاد على الأرض ، و تلها فك إحدى السلاسل التي فوق رأسها ليسقط على الأرض أخيرا و يتخلص من تعليقه المهين كالذبيحة ..
ابتسم بارتياح ، رغم أنه غير واثق بأنه قادر فك جمع السلاسل المربوطة حول جسده بقوة ، لكن طعم الإهانة في حلقه كان مرًا كالعلقم ، بالإضافة إلي قهره و هو يشعر بقرب أجله و هو معلقا كهذا كالذبائح ، على الأقل الآن ...
و قبل أن يتابع وصلة رثائه و أمانيه الأخيرة .... فُتح الباب ، فتح حسين إحدى عينيه بصعوبة بعد أن استفذت قواه ، ليرى ذلك الذي يتقدم أمامه بثبات ..
هل حانت اللحظة المناسبة ليرى رأس الأفعى ... من سبب لهم كل هذا الألم ..
رفع بصره ليراه واقفا بشموخ ساخرا من الحالة التي وصلا إليها .. فابتسم حسين بتهكم كما توقع !!!
معتز سالم الدمنهوري !
هتف معتز بسأم :..
-أنتم ليه مزعجين ؟ مابتموتوش ليه بسهولة ... كام شخص مات في سبيل أني أخلص منك بس مش مشكلة .. ملحوقة .
اتسعت إبتسامة حسين الساخرة ، فهتف معتز باستهجان :...
-إيه كنت متوقع إنو أنا .. بس أتاخرت أوووي كان لازم أكشف نفسي قدامك عشان تعرفني يا حسين توء توء ..يظهر إن مريم تلميذتي أذكى منك و وصلتي أسرع منك .. برغم كرهي ليها ، بس أعترف شبهي بس خذت غباء و تهور الأخ ده ..
قالها مشيرا لسامي -الفاقد للوعي- بسخرية .. فهتف حسين :..
-بعترف سبقتني و نفذت خطتك قبل خطتي ... هاه هتقتلنا كدة ببساطة .. تفكيرك معقد أوووي كنت ممكن تقتلنا من زمان و بطرق أسهل ... مكنش لازم اللفة الطويلة دي ..
هتف معتز بانتشاءٍ مرضِ :..
-كنت بستمتع و أنا بشوفكم بتتعذبوا ، و بتلفوا حوالين نفسكم كدة .. بس العرض ما خلص .. مش لازم تموتوا دلوقتي ...
ثم شرع فالضحك بصورة أخافت حسين فعليا من نوايا هذا المريض ، اسم واحد خطر في ذهنه ! مريم !!
ستضيع نفسها تلك الغبية ! لن تستطيع مواجهة شخص كهذا ..
شخص يعرف كيف يستغلها ، و يلعب على نقاط ضعفها جيدا!
شخص لم يستطع هو شخصيا التعامل رغم ما عرف عنه دائما من ذكاء و قوة بدنية .. رغم هذا تفوق عليه و على رجاله شديدي البأس ..
صدح هاتف معتز بالرنين بأجاب بسرعة :..
-هاه إيه الأخبار ...إيييييه ؟!! بتهرب ... تجبوها حالا .. ماتسمحلهوش تهرب لإما هقتلكم و جثثكم هتبقى وجبة لكلابي يا بهايم ...
أغلق هاتفه ، و هو يسب و يلعن هؤلاء الأغبياء ..
ابتسم حسين باطمئنان قبل

أن يغلق عيناه ، هامسا :...
-اهربي .. اهربي يا مريم .. أوعي تواجهيه .....
........... بقلمي أسماء علام
توقعاتكم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

و احترق غصن الزيتون Nơi câu chuyện tồn tại. Hãy khám phá bây giờ