زرعت قلبي حبا

4.1K 187 63
                                    


الفصل السادس و العشرون
(زرعت قلبي حبًا )
في فيلا سامي حجازي ،،،
عصرا ،
دلفت مريم لمكتب جدها تفكر بشرود ، جلست و أراحت ظهرها على ظهر الكرسي الجلدي المريح ، تفكر بعمق ، عقلها لا يتوقف عن التفكير ، و تلك الهالات السوداء أسفل سماء عينيها تخبرنا بوضوح أن هذا هو اليوم الثالث و لم يذق جفنيها طعما النوم ، كانت تدرس بعض الأوراق بعينيها و بين اصبعيها سيجارة ، شعرت بصداع فتاك احتل رأسها كله ، فقامت من مكانها نحو ماكينة صناعة القهوة لتعد قدحها الثالث منذ عادت منذ نص ساعة فقط ..
عادت لمكانها ، و نظرت لأكواب القهوة الكثيرة أمامها ، ذهلت لما أحصتهم .. أشربت هذا الكم منذ البارحة للآن ؟!
لقد تجاوزت العشرون كوبا !!
ماذا ستفعلين بعد بنفسك يا مريم ؟! أنت تقتلين نفسك ببطء !
و ماذا تفعل و قد جافى النوم عينيها ، و القهوة هي الحل الوحيد لإبعاد الصداع عن رأسها ..
آن جسدها من حاجته للراحة ، فتركت قدح القهوة و صعدت لغرفتها .. جلست على الفراش و أمسكت شريط الأقراص المنومة ..
تمتمت لنفسها بتهكم :..
-هي الفلوس اللي بشتريك بيها حرام و لا إيه ؟ أو الحبوب طلعت مضروبة .. نجرب ناخد أربعة المرادي لعل و عسى ..
أخرجت أربعة أقراص و ابتلعتهم ، ثم تمددت على الفراش تحاول النوم .. غفوة قصيرة أو حتى سِنة تريح في عقلها من طاحونة التفكير ..
تدثرت بغطائها، أغمضت جفونها ، تجبر نفسها على النوم ..
..........
في عمارة طويلة تطلع على فيلا سامي حجازي و تكشفها لكنها بعيدة عنها ، وقف رجل بمنظاره ، أبعد المنظار قليلا و أمسك الهاتف قائلا :..
-أيوة دخلت نامت .. قعدت في المكتب نص ساعة و بعدة كدة طلعت تنام ..
-متأكد .. و لا اتصلت بحد ؟
-متأكد .. لأ أنا مراقب تليفونها و تليفون البيت محدش كلمها و لا هي كلمت حد .. و حركاتها عادية مش مريبة ..
-تمام خليك مراقب كل حركاتها .
-تحت أمرك يا باشا ..
............
عادت مريم و فتحت عينيها المنتفخة بتعب ، تنظر حولها بذهول لقد غفت و أخيرا ، يا الله لقد افتقدت ذلك الاحساس منذ زمن ؟!
منت نفسها أن تكون نامت طويلا .. خاب أملها و هي ترمق الساعة بنظرات مستهجنة ساعة واحدة .. أربعة أقراص منومة لتغفو .. ساعة فقط .
-أهو جربتي الإحساس يا مريم متبقيش طماعة .. قومي ارجعي القسم تاني يا اختي .. قال لو نمتي كنتي هتسيبي اللي وراكي لمين ؟!
نهضت من الفراش متوجهة للحمام تعيد ارتداء ملابسها للخروج من جديد ..
انتهت من ارتداء ملابسها ثم جلست قليلا ترمق هاتفها بنظرات غريبة ، ثم تحولت نظراتها لنظرة حنين و هي تراقب صورة أسامة التي احتلت الصفحة الرئيسية ..
تلمستها بأصابعها .
يا الله كم اشتاقت له ! لم تكن تتصور أنه إن غاب عنها ستشتاق له هكذا ؟! كيف أثر عميقا في مشاعرها هكذا ؟! كيف يبرد قلبها الثائر بنار الانتقام بمجرد تذكر ملامحه وجهه الرجولية الوسيمة ..
أفيقي يا مريم .. أنت تغرقين هكذا ! بل غرقتِ و انتهى الأمر ..
كيف زرعت قلبي حبًا ! كيف جعلتني .. أحبك يا ابن زهران ! كيف تجرأ على هذا ؟
تنهدت بشرود و دلفت للحمام مجددا ، أزاحت ملابسها لترى جرح كتفها الذي يؤلمها كثيرا هذه الفترة .. وجدته محمرا قليلا ، فابتلعت دواءً مضادا للاتهاب و مسكنًا قويًا .
هي لا تسمح بلحظة ضعف و لو صغيرة ، لا تريد أن يعرقلها شيء أو يعرقل خطتها .. لا لألم تافه و لا حب بدأ يطفو على السطح سيحول دون الوصول لخطتها و الانتقام .. النار في قلبها ستحرق كل شيء كل شيء حتى أغصان الزيتون !
------------------
في مكتب شريف ،،،
سمع صوت طرقات على الباب فتنهد أي شخص ينقذه من تلك المصيبة التي تدعى عزة .. لم ينجح بأي شكل من الأشكال بالتعامل معها أو ارهابها ..
سمح للطارف بالولوج ، فرأها تتقدم لتقف قابلته بهيبة ، دقق فيها النظر لثواني قبل أن يردف :..
-غريبة .
ابتسمت مريم بسخرية هاتفة :..
-غريبة عشان أول مرة ادخل عليك من غير ما تكون بتتكلم عليا يعني ..
-غريبة عشان أول مرة أحس إن حواليكي هالة .
اتسعت ابتسامتها المتهكمة ، ثم أردفت :..
-و دي حاجة حلوة و لا وحشة ؟
-شايف حواليكي هالة سودا مخيفة ..
اقترب منها بضع خطوات ، و قبل أن يتكلم سمعا كلاهما صوت تصفيق عزة التي تجلس على الأريكة متربعة و تأكل بضع حبات من اللب ، ثم هتفت :..
-الله كملوا المشهد ..
تنهد شريف بقلة حيلة ، ثم هتف :..
-شايفة المصيبة اللي بلتيني بيها .. أنا رايح أكمل شغل و أنتي اتصرفي ..
و قبل أن يغادر مدت يدها له بهاتف محمول ، و نطقت بشفتيها بدون صوت ..
-شاكة فيه .
قرأ الكلام من على شفتيها ، و أخذه ليخفيه في الجيب الداخلي لمعطفه ، و وضع الورقة التي مدت بها له مع الهاتف في جيب سرواله ، و غادر بخطوات سريعة نحو الخارج دون كلمة اضافية ..
-أما نشوف هنعمل معاكي إيه يا ست عزة مورناش شغل غيرك ؟!
-ما أنا سامعة بتعلي صوتك ليه ؟
قالتها عزة بلامبالاة ، و قبل أن تجيب مريم -بما يليق بها -سمعت رنين هاتف شريف ، كان رقما مجهولا فتجاهلته ، لكنه اتصل أكثر من مرة فاضطرت لترد لتخبر المتصل أن شريف ليس هنا حاليا ، لكنها قبل أن تنطق سمعت صوتا تعرفت عليه بقلبها قبل أي شيء ..
-ايه يا شريف ساعة عشان ترد .. أنا مش عارف تليفوناتكم مالها و بحاول اتصل بمريم بقالي يومين ما ..
قاطعه صوتها الهامس :..
-أسامة دا أنت ..
-مريم ..
صمتٌ و صمتٌ و الصمتٌ هنا أبلغ من أي كلام ..
ابتسم أسامة بشوق ، صوتها هو ما فقط ما كان يريد سماعه ، سلواه الوحيدة وسط تلك الحرب ..
لكن أليس هاتف شريف ؟ و هي لما تجيب على هاتفها ؟ لكن ليس هذا ما يهمه حاليا، فأردف بنبرة فضحت شوقه له :..
-وحشتيني .
-و أنت كمان ..
لم تصدق أذناه حديثها ! مريم اشتاقت له و أخبرته بذلك ! بل تنطقها بتلك اللوعة ! أيتوهم ؟!
تابعت هي هاتفة بقلق :...
-أسامة ارجع لوسمحت ارجع و سيب كل حاجة عندك .. أنت رايح لموتك ليه ؟ عشااان إيه ؟ الانتقام انتقامي أنا ... و يخصني أنا ... أطلع برا الدايرة دي عشان خاطري ..
-خاطرك غالي و أنت غالية يا مريم ... بس دا مش تارك لوحدك دا تاري و تار ابراهيم و صابر .. تار أبويا .. تار فرقتنا و البهدلة اللي شوفناها .. تار حرقة قلبي عليكي وعلى سامي باشا اللي راقد على كرسي لحد دلوقتتتي..
أغمضت مريم عينيها ، النار بداخلها تستعر ، لكنها اكتشفت توا أن سلامته أهم من كل شيء العبث ! يلهث خلف بيدق و يترك الملك هنا !
تابع أسامة لما طال صمتها :..
-دي نار انتقامي أنا كمان ..هجيبه يا مريم .. هجيبه و هيشوف الموت على ايدي .. مش هو بس يا مريم هو و اللي مشغله اللي أنا متأكد إنك عارفاه .. النهاردة في نص الليل يا مريم هيكون في ايدي ... هطفي ناري ... و دا وعد أسامة اللي عمره ما خلف وعده ..
اشتغل قلبها و لكن هذه المرة من الخوف عليه ، فصاحت :...
-لااااااا ا أسامة ... متروحش عشان خاطري ...أنت لازم تعرف اللي مشغله معتز الدمنهوري يا أسامة .. أديني قولتلك .. رميت خططي كلها و هقولك كل حاجة بس أنت ارجع و ما ترميش نفسك في النار ... أنا كنت بستفزك عشان تسيبني بس أنا مقدرش أعيش من غيرك .. أسامة أنا بحبك ..... أسامة ! أسامة !
انتهت المكالمة .. فصل الخط !
مقسومة نصين .. أنا زيي زي حجات كتير متقسمة على اتنين ... مقسومة نصين .
أنا ثلج و نار و شر و خير ..
أنا هالحالتين .. مقسومة نصين
أنا بانسى الغدر و باعفي
وبارجع ثاني وبكره ضعفي
وبضيع نفس الحاجة اللي
أنا ضيعت عشانها سنين
مش واضحة ملامح صورتي
ويسألوا أسئلة فوق مقدرتي
إيه متداري ورا نضارتي
ضحكة دي ولا دمعتي
أنا بانسى الغدر وباعفي
وبارجع ثاني وبكره ضعفي
وبضيع نفس الحاجة اللي
أنا ضيعت عشانها سنين
مش واضحة ملامح صورتي
ويسألوا أسئلة فوق مقدرتي
إيه متداري ورا نضارتي
ضحكة دي ولا دمعتي
لا الدنيا بتفيد ولاحد فينا عرف
يتغير من أول وجديد
والوحدة بتزيد ما خلاص
محدش بيقدر أبدا ولاخاد بالإيد ..
.....................
نظر أسامة للهاتف و زفر بحنق ، كانت تخبره بشيء يجب أن يعرفه لكن الشبكة اللعينة ..
-رائد أسامة بدور عليك و أنت هنا .. مستينك تراجع معانا خطة الهجوم مفيش وقت ..
لا مفر !
سبق السيف العزل ! و قضى الأمر الذي فيه تستفيان !
-جاي حالا ...
..........................
ركعت مريم على الأرض بانهيار ، تمسك الهاتف و تضمه لصدرها ، و قطرات من دموع سمحت لها أن تنهمر على وجنتيها ، لا تعرف إلا شيئا واحدًا .. أسامة ذاهب بقدميه نحو هلاكه ، دعت الله أن ينجيه ..
يكفي و الله لن تتحمل أكثر !!
فجأة شعرت بألم في مؤخرة رأسها ، و تشوشت رؤيتها و وضع يدها موضع الألم .. و أمامها تقف عزة بابتسامة خبيثة !
...................
بعد مرور نصف ساعة ،،،
استطاعت مريم القفز من خلال نافذة مكتبها إلي مكتب عصام ، تمنى نفسها برؤية صدمة عصام عندما يجدها في داخل مكتبه الذي منعها من الدلوف إليه ..
دلفت بهدوء ، ثم جلبت كرسيًا لتجلس عليه , في مواجهة بريهان النائمة على الأريكة ، اقتربت مريم بوجهها من وجه بريهان تتأمل ملامحها المجهدة ، خصلاتها الذهبية خرجت من حجابها لتغطي وجهها المحمر ، و عيونها و كأنها تخفى غاباتها الزيتونية الباكية .. تبدو شاحبة و خائفة !
تنام بوضعية الجنين و كأنها تبحث عن الأمان .. تلك الغبية!
أي أمان ؟! ألم تتعلم بأن الدنيا لا تعطى للجبناء و قليلي الحيلة .. هي فقط تدهسهم تحت قدميها بدون رحمة !!
هي تعطى فقط من يأخذ منها عنوة .. و لا عزاء للضعفاء !
بدأت بريهان ترفرف بأهدابها حراس غابات الزيتون .. تشعر بأنفاس تلفح وجهها فانتفضت بخوف جالسة ، تنفست الصعداء لما وجدتها مريم ، على الأقل ليس ... ثم توقف تفكيرها فجأة .. على الأقل ماذا ؟ أليست مريم هي المشبه به الأول في كل ما يحدث لها و لعائلتها !
لا .. مريم ليست هكذا و هي لن تظن بها أبدا السوء ! لا يمكن أن تكون تشوهت هكذا ؟!
هتفت بريهان بصوتها المتحشرج من أثر البكاء :..
-مريم !
هتفت مريم ببرودِ متهكمِ :..
-توء توء بريهان هانم ايه اللي بهدلك كدة .. اه على دا زمن قلاب ..
ثم مدت مريم يديها ، تهندم ثياب الأخرى المذهولة من نبرة الشماتة التي تفوح من مريم ..
دفعت بريهان يد الأخيرة باستنكار و خوف من وجهها الشيطاني الجديد ، ثم ابتعلت غصة عالقة في جوفها كالحجارة ، و أردفت باستنكار : ..
-مريم أنتي بتتكلمي كدة ليه .. انتي مش شايفة اللي احنا فيه ؟
هزت مريم رأسها تنفى قائلة :..
-أء أء اللي أنتي فيه ..
ثم بدأت مريم تضحك ، فاستفزت بريهان لتقف هاتفة بتوجس :..
-مريم أنتي بتصرفي كدة ليه؟ what's wrong with u ? (ما مشكلتك ؟ )
-أصل عمري ما شوفت غباء و سذاجة بالشكل دا ههههههه ، يظهر فعلا ان الذكاء ملوش علاقة بالكليات خالص ههههههههه .
ازدادت وتيرة تنفس بريهان ، حتى باتت مسموعة ، اقتربت من مريم ببطء ، و أمسكت ذراعها بحدة خفيفة ، هاتفة بتوجس و رعب من تلك الضحكات الشيطانية التي انغمست مريم فيها :..
-أنتي تقصدي إيه ... لأ مش أنتي يا مريم دي مش أنتي ، أنتي معملتيش فيا كدة ، معملتيش ف عيلتنا كدة ؟! أنتي مش كدة أنا عرفاكي ما تكذبيش عليا ..
دفعتها مريم بحدة ، هاتفة بقسوة :..
-يا بنتي أنتي غبية و لا إيه ؟! قولتك ثقتك الزيادة دي هتوديكي ف داهية .. مش قولتلك برضو أنا لو جتلي فرصة إني هنتقم منكم مش هـتأخر .. و الفرصة و جت تحت رجلي .. أبوكي و خليته مذنب و مطلوب القبض عليه .. و بعد الحجز على أملاكه أخوكي الراجل أوي هو و أمك اترموا ف الشارع زي ما هي رمتني طفلة في الشارع ... كل دول خبيتهم السبت و أنتي خبتك ما وردتش على حد .. لسه مدياكي درس من يومين عن ثقتك الزيادة في الناس و أنتي برضو أغبى إنسانة ف الوجود ... بعدها بنص ساعة تتصلي بيا تبلغيني إنك جالك شغل في المستشفى أو ما أردش تبعتيلي مسدج .. و تروحي و تقعي زي اللطخ في الفخ .. تغرفيهم منين دول عشان تثقي فيهم .. و تسيبي شنطتك معاهم و تساعديهم لحد ما تلبسي تهمة ... أوفر دوز (جرعة زائدة) غباء ... ههههههههههههههه ... ههههه .. عجبك القلم اللي ختيه من الدنيا و لا لسه ..
ترنحت بريهان في وقفتها ، فأسندتها مريم و على وجهها ابتسامة سخرية ، ثم أجلستها على الأريكة ، و بريهان كالدمية بين يديها !
لا تصديع التصديق أبدًا .. أبدًا !
-ياعيني دا اتصدم ... أسيبك تتعاملي مع صدمتك لوحدك يمكن تفوقك ..
ثم اقتربت مريم من أذني بريهان هاتفة بفحيح :..
-أتمني ما أرجعش ألقيكي انتحرتي و لا حاجة ؟! أصل اللي زيك يا بريهان أضعف من أنها يعمل حاجة أو يفكر ف أي شيء .. و سهل أتنبىء بتصرفاتك الحقيقة .. عشان كدة سهل تخدي على قفاكي ..
و يالقسوة كلماتها التي اخترقت قلب بريهان البرئ الذي لم يعتد أبدًا على أن يكون خبيثا !
قلبها النقي بنقاء يفوق نقاء الثلج تفتت إلي قطع صغيرة بل إلا شظايا دهستها مريم تحت قدميها بجبروت غير مبالٍ !
كان ياما كان
كان فيه عصفور
قلبه صغير
ريشه قصير
حلمه يرفرف بره السور

كان إنسان
بيفيض بالنور
كان بيدور ع اللى يخضر
قلب الناس القاسي البور

كان يا ما كان قلبه فى حدوته رق وحن
رق وحن على البنوتة فى زمن اتجن
بنوتة بحدوتة تنام و بتجرى وراها الأيام
هى و كل بنات الحور

كان يا ماكان كان في عصفور
قلبو صغير ريشو قصير
حلمو يرفرف برا السور
كان انسان بيفيض بالنور

كان بيدور
علي اللى يخضر قلب الناس القاسي البور
......................
عاد عصام لمكتبه ، و هو يشعر بصداع يكاد يفلق رأسه نصفين ..
-أنت يا بني فيه حد سأل عليا أو حاول يدخل المكتب و أنا مش موجود ..
-شريف بيه و قولته انك مش موجود ، و مريم باشا حاولت تدخل و أنا منعتها و مخلتهاش تدخل و المصحف و عيني مغفلتش عن الباب ..
نظر له عصام بضيق من الثرثرة ، و هتف :..
-بس بطل رغي ... و أي حد يسأل عليا أنا مش هنا ... و واخد مفتاح المكتب ..
بمجرد ما دلف عصام للداخل ، حتى فوجىء بها !
-أنتي دخلتي هنا إزاي ؟
ابتسمت مريم بسخرية متمتمة :..
-كنت لابسة طاقية الاخفا ..
زمجر عصام بغضب هاتفا :..
-أنا معايا رجالة ورق و الله .. و أنتي بتهببي إيه هنا ؟ عايزة أفهم ..
أجابت مريم باستفزاز :..
-خلصت اللي كنت جاية عشانة ... و ماشية .
نظر عصام لها بقرف هاتفا باستهجان :..
-المركب اللي تودي .. و يا ريت ما نشوفش طلتك البهية دي هنا تاني .
ابتسمت مريم من زاوية فمها بسخرية و هي مديرة وجهها ، ثم رفعت اصبعيها لجانب رأسها كتحية ، اتجهت نحو النافذة ،ثم هتفت كي تستفزه أكثر :...
-أستاذنك هخرج من مكان ما دخلت ..
ثم ابتسمت باستفزاز هاتفة :..
-بعد كدة ابقى اقفل شباك مكتبك كويس يا سيادة المقدم .
سمعته و هو يسبها بغيظ ، و هربت من النافذة بسرعة قبل أن تصطدم بقطعة الأساس التي قذفها بها ..
خرجت بهدوء كما دخلت بهدوء تاركة خلفها حريق في قلب تلك الشاحبة الجالسة بهدوء على الأريكة مكانها مصدومة ، اقترب عصام من بريهان متوجسا من منظرها ، ماذا فعلت تلك ال ... ؟ و ماذا قالت لها ؟
-بريهان ...
ارتجف بدنها لما سمعت صوته يناديها ، فاستغاثت به بنظراتها الضائعة المرتجفة ، فتمتمت بخفوت -شك أنه سمعه- متحشرج بشهقات على وشك الانفلات من حلقها : ..
-عصااااام .
تألم قلبه من أجلها ، فركع على الأرض ، ليكون في مستواها و همس بلطف حانِ غير على طبعه القاسي : ..
-ايه اللي حصل ؟ قوليلي قالتلك إيه ؟ ايه اللي حصل يا حبيبتي ؟
صوته الحاني جعلها تبكي أكثر و يرتجف جسدها كله بشهقات عالية ، و ارتمت في أحضانه باكية ، تشكي له وجع قلبها ...
تشبثت به بدون أن تعي هاتفة :..
-عصااام احميني من العالم دا أنا تعبت و الله تعبت .. إزاي كدة إزاي بنقدر نجرح بعض بالشكل دا .. قلب الناس بقى اسود كدة ازززززاااي .. أحميني من العالم دا تعبت مش قادرة استحملل .. تعمل فيا كدة .. دي أخرتها .. ترميني الرمية دي .. تدمر عيلتنا كدة .. حرااااام .. حرام ....أنا بكرها بكرهها بقيت بكرها أوي ... هي اللي علمتني أكره .. قلبي اللي كان بيحب الكل ، هي عَلمته يكره و أول حد يكرهه كان هي ... هي بتعمل فينا كدة ليه .. أنا عملتلها إيه لكل ده ؟! اتذللتلها كام مرة تسامحني على غلطة بسيطة ..غلطة مكنتش أقصدها ... و حاربت عشانها عشان هي أختي وصاحبتي ..... كل دا ما شفعلييييييييش أبدا و لما هي فكرت تأذي و تنتقم .. انتقمت مني .... انتقمت مني أنااا يا عصام ....... دمرتني و ضيعت مستقبلي و رمت عيلتي في الشارع ..أنا بكرههههههها !
صرخت باكية بشهقات متقطعة ، تردد صداها داخل صدره ، ربت عليها بحنو ، و أردف بصوته الرخيم :..
-اهدي يا بريهان اهدي .. أنا هنا .. جنبك محدش هيأذيكي و أنا جانبك ..اهدي أنا بحبك و مش هتخلى عنك ... عصام جانبك ...
كان فيه عصفورررررر
قلبه صغير
ريشه قصير
حلمه يرفرف برا الصور ! بقلمي أسماء علام
.........................

و احترق غصن الزيتون Where stories live. Discover now