حرب عصابات

4.6K 231 12
                                    

الفصل الثاني و العشرون
"حرب عصابات"
هل يمكن أن يتخيل أحدكم شكل حسين و سامي الآن !
مصدومين بل مذهولين , و بدأ الشرر ينطلق من حدقتيهما , و تقريبا شعر أسامة بتلك الحرارة فابتعد عنها فورا و تحرك بظهره نحو البوابة , تركها مخطوفة الأنفاس , متسعة العينين , دقات قلبها تعلو و تعلو ..
لأول مرة تشعر بذلك الشعور , بل أول مرة تدع رجل يقترب منها هكذا !
دائما لأسامة الصدارة عندها في كل شيء و يبدو أنه سيظل هكذا  !!
تابع أسامة سيره نحو الخارج بظهره , ابتسم من هيأتها المصدومة , و شرد في جمالها في وجهها الجميل الصغير , بحرها الأزرق الذي يعشقه , بدأ يسأل نفسه كيف يكون شكل شعرها , هو لمحه من قبل أسودًا و هو يتخيله طويلا متمردا كصاحبته  ..
إن عاد حيًا سيطلب منها أن تريه شعرها ..
شعرها !!!!!!! إن عاد سيأخذها كلها لبيته ، زوجته .. حبيبته .. امرأته !
غبي عندما ظن أن القبلة ستجعله يذهب مستأسدًا , هو لا يريد شيئا من الدنيا الآن سوى البقاء في أحضانها للأبد ..
اصطدم ظهره بأحد أفراد الحرس مفتولي العضلات , ففاق من شروده , وجه نظرة على حسين و سامي , فعلم أنهما يسبانه بأقذح الألفاظ الآن , فابتسم و فكر أنه لابد أن يهرب فورا .. سيقتلانه حتما !
خطف نظره أخيرة نحوها , و ودعها بيده و لسانه يهمس :..
-هتوحشيني .
و التفت مفضلا الهرب , و ركض نحو هدفه ..
الحرب على أوجها و لابد أن يستعد , أن يحضر خدعه و ألاعيبه , الحرب لن تكون نزية ، لن تكون نزية أبدًا بل ستنحدر لأسوء مستوى ، مستوى العصابات .
حرب بلا قانون !
.............................
أطلق عصام بصره للطريق شاردًا , ها هو يركب سيارة مع خمس عناصر شرطة أخرين لمهمة جديد تابعة لإدارة مكافحة المخدرات , ألقى نظرة على هاتفه , و أعاد الاتصال ببريهان ربما للمرة الأخيرة , و لكن ككل المرات السابقة لا رد ..
الغبية ! أخذت كلامه الهازئ الساخر من تفكيرها على محمل الجد !!
هي و غباءها .. اللعنة !
أغلق الهاتف , و سلمه مع باقي الواتف الأخرى , إذ ممنوع استخدامهم للهواتف من الآن و حتى الانتهاء من المهمة .. ثم حاول بعدها صب تركيزه في مهمته الخطرة ..
....................................
-أسامة راح فين ؟
هتف حسين بعصبية في وجه مريم :..
-اخفي من وشي عشان وربنا ما ضامن رد فعلي بعد اللي شوفته ..
هتفت بدون اهتمام بعصبيته :..
-أنا عايزة أعرف أسامة رايح فين ؟ أسامة كان بيودعني أنا عارفة ... نظرة واحدة يعمل عملية انتحارية ... فاهمني أنت بعته فين ؟
سامي : مريم اهدى شوية ... أكيييد يعني ..
قاطعته مريم صائحة :..
-لا الأكيد مش في قاموس الراجل ده .. دا اللي استحدث من المستحيل ممكن ... حسين باشا يقدر يعمل أي شيء ..... أنا مستبعدش إنو يعمل أي شيء قذر في الدنيا ..
صاح حسين بعصبية :...
-على أساس يعني مش عارفة .. هقولك راح مكان ما شكري الأحمدي مستخبي .. عشان لو أنتي ما بتتصرفيش من دماغك و بتسألينا كنا ممكن نلحق .. أو ...
حدقت مريم فيه بصدمة ، ثم صاحت بذهول مقاطعة :..
-أنت بعتوا الحدود ... أنت مستوعب شكري الأحمدي مستخبي عند مين ؟؟! بعتوا عند مرتزقة ... مرتزقة العريش ... وكر إرهابي بيحمي مرتزقة .. ناس زي دول بدون ملة أو دين أو بلد ... أنا بنفسي رحت 5 مهمات استطلاعية مع فرق على الأقل 20 ظابط بس عشان نحدد مكانهم بس مجرد نحدد المكان اللي ممكن يكونوا فيه و كنا بنفشل أو نلاقيهم غيروا المكان ... و لا نعرف معداتهم و لا عددهم و لا تجهيزاتهم شكلها إية ؟ لييييه ليه عايز تأذيه عملك إيه أنا مش فاهمة ؟؟!!
هتف سامي بعصبية :..
-فهموني اللي بيحصل أنتو الاتنين و بطلوا خناق .. شكري الأحمدي دا محامي تقريبا .. ماله أسامة بيدور عليه ليه ؟! ردوا عليا ..
صاحت مريم بعصبية :...
-شكري الأحمدي دا المدبر لعملية اغتيالك يا جدو و هو برضو اللي بيخرب شركتك و بيوقعها الأرض و أنا بحاول ألملم فيها .. و برضو هو اللي أجر المرتزقة بتوع حادثة فرقة العاصفة ، و ممكن يكون السبب ورا قتل سامح زهران ... و قعدت أسبوع أخطط عشان يتقبض عليه ْ و العقيد مهدي و مجموعة ظباط على أعلى مستوى أسبوع كامل بيظبطوله كمين و في الأخر قدر يهرب و مستخبي في المكان اللي أنا شرحته ده ؟
هتف حسين مبررا موقفه أمام تلك المهتاجة الثائرة :..
-أنا مبعتوش ، هو اللي مصمم و لو ما ساعدتوش هينفذ اللي فدماغه بدون مساعدتي يعني فرصة أكبر إنه يروح فيها ..
قاطعته مريم هاتفة :..
-المفروض أصدقك يعني و لا إيه أنت لو عايز تمنعه هتمنعه .. أنت قاصد تعمل كدة ...
لا تصدقه و لو أقسم لها مائة يمين ،  فالدين دائما مردود !
أقسمت له في موقف شبيه أنها لم تفعل شيئا و هو لم يصدق و دارات الدوائر و أصبح بدلا عن القاضي متهما !
-أنا بجد بكرهك فوق ما تتخيل .. أنا لو حبيبت أنتقم على كل الألم اللي بتسببهولي فالموت بالنسبالك رحمة ..
رمقها بنظرة تقطر وجعا ! لتلك الدرجة ؟!
صاح سامي و هو يقف في المنتصف بين هذين الإثنين بكرسيه :..
-بس يا مريم كفاية دا والدك احترمي نفسك .
صرخت مريم ناكرة :..
-مش أبويا !! مش أبويا ..
-مهما تنكري هو أبوكي ..
-لا أبويا اسمه محمد حجازي الله يرحمه ..... تمام  ، فاكر محمد حجازي اللي أنت من أسابيع بس كنت بتتهم الراجل اللي واقف وراك ده و بتدافع عنه بقتله ... فاكر و لا مش فاكر ..
-و طلعت غلطان .
-يا سلام ! طلعت بتعرف تسامح ، أومال كنت بتعاقبني إني بسامح و بساعدهم ليه ؟؟ سامحت في حقك و حقي أنا نسيته .. نسيتوا يا جدو .
-مريم اهدي .. لازم نسامح عشان نعيش .
-لأ مش لازم .. أنت ما سمحتش للسبب ده أنت سامحت لما عرفت إنه مش السبب في موت إبنك و طلع سوء فهم ... بس غلطه في حقي مش سوء فهم .. ذله ليا واقع و قايم .
-مريم أنتي واعية إنك بتقولي عليا منافق ؟
-أنت بتناقض نفسك يا جدو ؟ أنت ما بتعرفش تسامح زيي تماما .. و أنت ربتني كدة لازم أجيب حقي .. ما تطلبش مني أناقض اللي اتربيت عليه أكتر من سبعة و عشرين سنة ..
-لا يا مريم أنتي غلطانة أنا بسامح ، بدليل إني بسامحك في غلطاتك كلها ..
-غلطات إيه أنت بتشبه إيه بإيه ؟ و لا أنت بدور على أي كلام تقولوا عشان تقنعي بوجهة نظرغبية عمري ما هقتنع بيها .. بس أنا مش مصدقاك ... عشان أنت بتستخف بذكائي و دا سوري غباء ..
اختلج فك سامي من العصبية ، و قبل أن يتدخل حسين ، فجر سامي قنبلته هاتفا :..
-غباء !!! الغباء إني سامحتك أنتي !! و أنتي السبب الحقيقي في موت ابني ... صح و لا مش صح .. و سامحتك و أنتي حتى مش حفيدتي الحقيقية .. أنتي بنت الراجل اللي بتهنيه دلوقتي ..
كان سامي ينهج من العصبية ، بينما حسين ذُهل من الخبر .. مريم السبب في موت محمد !
بينما خرست مريم تماما ، و انطفأ وهج عينيها في لحظات ، ثقلت دقات قلبها من الوجع ، فأردفت و هي تحبس دموعها بصعوبة :..
-أنت عندك فعلا ... أنا أسفة ... عن إذنكم !
هرولت مريم للداخل تاركة جدها يراقبها بحزن عميق و حسرة .
اقترب منه حسين ، ثم وضع يده على كتفه ، و قبل أن يتحدث سبقه سامي هاتفا بندم :..
-إيه اللي أنا عملته ده ؟!!! أنا أسف يا حسين ..
-أنت جرحتها أوي .. معناه إيه الكلام اللي قولته ده ؟
-أنا مبعتذرش على كدة ؟ أنا إزاي حولتها لشيء بشع بالشكل ده ؟ أنا إزاي كنت فخور بيها لدرجة إني اتعميت إنها مش اتحولت لراجل لا دي بقت شيء لا بيشعر و لا بيسامح معندهاش قلب ، كنت فاكر إنها أما بتكرر إن معندهاش قلب فهي تقصد إنها ما بتخافش .. بس الخوف لما بيموت المشاعر كمان بتموت ... أنا زرعت فيها فكرة و كبرتها  لكن اتحولت لوحش ممكن يدوس على كل شيء و أي شيء  .
-المشكلة إنها تشبهني بطريقة تخوف ..
-تشبهك أنت و تربيتي أنا للأسف .. متخيل هيكون الخليط إزاي .. أنا مش متخيل إن أكتر حاجة في حياتي كنت فاكرها صح طلعت غلط .
التفت سامي بكرسيه ، بعيدًا عن المنزل مقررا الخروج فورا ، لكن صوت حسين الهادر يوقفه :...
-أنت رايح فين ؟؟!
أغمض سامي عينيه بشجن ، ثم أردف بهدوء :...
-خارج ؟ أكيد مش هتحبس في البيت يعني ..
-طب أنا عندي معاد مع عباس كمان نص ساعة ...ممكن تيجي معايا ؟ عشان أكون مطمن عليك ؟
ابتسم سامي قائلا :..
-مبسوط إنكم بتحاولوا ترجعوا علاقتكم زي زمان .. و أكيد مش هاجي معاك بقولك عايز أبقى لوحدي يا بني أدم .
-أولا مش زي ما أنت فاكر ، دا شغل و لازم نعرف حفيدتك المصونة بتدبر إيه من ورانا تاني .. و إيه علاقتنا دي هو إحنا كنا واخدين بعض عن حب و لا إيه ..
ضحك سامي من تعبير حسين ثم هتف :..
-لسه دماغكم ناشفة ، أنا فاكر إن محمد كان هو اللي بيصالحكم على بعض ... واد بقالكم سنين متخاصمين لموا نفسكم ، الواحد مش ضامن الموت من الحيا ، و عن تجربة الحقوا اللي فاضل ..
-ربنا يسهل ، و برضو مش هتخرج إلا بحراسة ، هكلمهم يجهزوا حارسين و سواق يوديك مطرح ما أنت عايز بس ما تتتأخرش لو سمحت .
-حسين أنت خايف عليا ؟!
-شايف إيه ؟؟
..................................................
-صح هو عنده حق .. أنا السبب لو مكنتش وقفت في وش سام مكنش عملها تحدي  و وصل إنوا يقتل بابا ... أنتي السبب يا مريم .. جدو مش هينسى ،  محدش بينسى ... و اللي راح غالي يا مريم مش هيتنسى .. دا ابنة الوحيد و بسببك أنتي مات ، أنتي مش حفيدته الحقيقية أنتي حالة خيرية ... النسيان دا نعمة كبيرة أوي ، النسيان ، راحة البال ، و النوم تلت نعم ممكن الناس تعتبرها عادية بس أنا اتحرمت منهم .. بس أنا ليه مش بنسي .. أنا ممكن أفتكر موقف حصلي من عشر سنين بالديتلز ، بالحرف و نبرة الصوت .. عندي ذاكرة زي الريبوت بالظبط ... بتسجل و بس .. لو الآلة دي تعطل .. بس للأسف مينفعش .. المواقف دي هي اللي شكلتني و عملتني .. زي أول مقابلة بيني و بين معتز الدمنهوري .. و قتها تخيلت إن لو كنا في مكان تاني كنت .. كنت هعمل كتير أوي .. و لما بفتكره .. بتزيد معاه رغبة الانتقام ، رغبة إني أقتله بأبشع طريقة ... فأنا مش هسامح و مش هنسى قلبي هيفضل أسود أسود و بس .. عشان دي الطريقة عشان أنتقم إني أكره و أكره ، الكره هو السلاح اللي أملكه حاليا و بس .. الحب و التسامح و الخير .. ههههه كلام فارغ .. كلام فارغ لأن أما جدي أمن بيه حصله إيه مجرد قاعد على كرسي متحرك .. النائب سامي حجازي خرج من الغيبوبة على كرسي متحرك ، و خدمه المخلصين باعوه ، الست اللي اكرمناها و اعتبرناها فرد من العيلة خانتنا هي و جوزها ! إحساس بشع بشع أووووي .. بدوقه مرة بعد مرة ! طعمه مر زي العلقم ..
أغمضت مريم عيناه لتبتعد عن صورتها في المرآة ، و ازدردت ريقها بمرارة و كأنها تتذوق طعم ذاك العلقم مجددًا !!
عادت وفتحتها و هذه المرة رأت صورة أسامة و هو يودعها أمامها ْ وضعت يدها على فمها ، و هتفت بأمل :...
-لازم ترجع حي يا أسامة .. أرجوك ارجع ..
أمسكت هاتفها و نظرت فيه بتركيز عاقدة العزم على أمر ما ..
...........................
أعد حسين نفسه للخروج ، ثم نادي على خادمة ، أتته مسرعة ، فسألها :..
-عملتي اللي قولتلك عليه ؟
-أيوة يا حسين باشا ... دخلته الأكل و بلغته إن حضرتك أنهيت عقابه ، و هو بياكل في أوضة الحرس ..
-تمام ! شوفيه لو خلص يجي عشان هيطلع معايا المشوار ده ، لأنه ليه مهمة خاصة  ..
أومأت له و غادرت ..
جاءه عزيز مهرولا ، و دون أي كلمة تبع حسين للخارج ليركب في الأمام و تتبعه سيارة حراسة أخرى بداخلها سائق و فرج و ثلاثة أخرون !   
وصل حسين للمكان المتفق عليه ، و تبعه فرج و عزيز و بجثتهم الضحمة ليثيروا الذعر في النفوس ، قعد حسين على مقعده ينتظر ضيفه الذي تأخر بينما وقف عزيز و فرج خلفه !
و دقائق و وصل الضيف المنتظر بهيئته البسيطة , جلس عباس عواد في مقابلته ، ثم هتف بهدوء :...
- خير ؟ 
-السؤال عندك أنت يا عباس ! خير ؟ بتخطط لإيه أنت و بنتي من ورايا ؟
-أممم بس أنا مش بخطط لأي شيء مع بريهان يا حسين ؟
-بتلعب بالكلام معايا يا عباس ؟! تمام هنحدد بتخطط لإيه بالظبط أنت و مريم ؟؟
........................................
ولجت مريم لحمام غرفتها ، غسلت وجهها مرارًا و تكررًا ، تنفست بعمق قبل أن تخرج من الغرفة !
بالتأكيد بدأ مفعول المخدر الذي تسللت و ضعته للحارس في طعامه ، و سيبدأ الآن بالنعاس و هو الوقت الأفضل للهرب بينما الحارس في الخارج يدين لها بالولاء في الوقت الحالي ..
و بالفعل تسلقت مريم السور ، و بعد أن تلقت الإشارة من الحارس في الخارج ، تسحبت بخفة ، و اختفت وسط الأشجار في الشارع حتى خرجت منه ، و استقلت سيارة أجرة لهدفها ..
مرت نصف ساعة كانت مريم وصلت لعمارة راقية في حي سكني هادئ ، و رغم هدوء المكان إلا أنها تسللت للباب الخلفي "باب العاملين" ، صعدت للطابق الثالث ، و طرقت عدة طرقات بخفة ، حتى فتح لها الباب شخص ما ْ و هتف :..
- جيتي ! كالعادة في معادك بالثانية .
ابتسمت مريم بتكلف للشخص أمامها ، و ولجت خلفه لمنزله ..
............................
في فيلا حسين ثابت ،،،
ولجت جنى لغرفتها الخاصة هي و حازم فوجدته مستلقيا على الفراش بدا و كأنه يفكر في أمر ما ، قعدت جنى على الأريكة جوار كتبها و ملازمها و أردفت بصوتها الهاديء :..
-ما نزلتش تتعشي ليه ؟
رمقها بنظرة مستفزة و لم يرد ، و تابع تامله الشارد للحائط و كأنهم سيختبرونه في لونه ، تجاهلت جنى كل شيء و سأته مرة أخرى :..
-أنت هتنام ؟
-شايفة إيه ؟!! و بعدين أنتي مالك بيا ؟ ما تسبيني في حالي ؟ مش عشان حظي الأسود وقعك في نصيبي .. تفتكري إنك مراتي ماشي يا حلوة .. حلي عن دماغي يا جنى ماشي .. لأنك مهما تعملي مش هتلفتي نظري و مش هعتبرك مراتي ..
نظرت له بوجع و هتفت بألم :..
-شكرا أنا بجد غلطانة إني بعبرك .. لأن دا مش معاد نومك والمادة الجاية تقيلة ! و أسفة إني فارضة نفسي عليك للدرجة دي بس ارتاح أنا سيبالك الأوضة براحتك ! و مش معتبرة نفسي مراتك و لا حاجة مش معتبرة نفسي أي شيء نهائي !!
مسحت دموعها التي انحدرت على وجنتيها و غادرت الغرفة مهرولة ، انتفض حازم من على الفراش ، رافعا يده و كأنها يناديها دون أن ينطق ، ثم أعادها إلي جانبه مجددًا و زفر بضيق من تهوره في الكلام .. لم يستطع النوم على الفراش ، فنهض متأففا و منظرها و هي تبكي يؤرقه و يزعجه و لا يدرى ما السبب ؟
قام من مكانه بعصبية ، و أعاد جمع كتبه مجددًا سيذاكر ، سيفعل أي شيء ليبعدها عن تفكيره ..
.............
كانت جنى تبكي و هي تنزل من على الدرج كانت تنوي الذهاب لحديقة المنزل ، لكنها سمعت أصواتا تأتي من الدور الأول ، فتوجست خيفة !
حاولت تشجيع نفسها و اقتربت من مصدر الصوت ، اقتربت و اقتربت ثم صاحت برعب ......
................................
-حسين أنا انتمائي لعيلة حجازي و مريم بنت محمد صاحبي و حفيدة سامي باشا الراجل اللي وقف جانبي أكتر من أي حد.
-عباس أنت هتجنني ليه؟ أنا مش مختلف عنهم أنا بحاول أحميهم.. بحمي سامي حجازي في بيتي و مريم بنتي..
-طول عمرك قلاب يا حسين و موافقك كلها خير دليل .. نسيت محمد نسيت كان بالنسبة لك ايه  أكتر من أخ و فجأة بقى عدو .. فلأ أنا أسف مش هثق فيك عن إذنك ..
وقف عباس مغادرا ، فسمع حسين يتمتم قاصدا محمد :..
-طول عمرك بتحبه أكتر مني يا عباس ..
ارتفع صوت عباس متخليا عن عباءه وقاره :..
-و هو ما يستهلش؟! إيه شايف إنه ما يستهلش؟! أنت عارف إنوا كان يستاهل ، يستاهل الحب يستاهل كل شيء حلوو فاهم ، محمد مكنش يستاهل غير الحب و بس..
ألقى كلماته في وجهه و غادر المقعد و المكان ..
لحقه حسين و خلفه رجاله يحاول إيقافه ..
-عباس استنى يا عباس.. فرجت الناس علينا استنى ..
التفت له عباس بعنف هاتفا في الشارع :..
-نعم عايز إيه أنت كمان ، و بعدين شارع إيه أنت هتستهبل هو فيه حد ... حضرتك مختار هادي يليقك بمركز سيادتك ..
-يا عباس بطل هجوم بقى .. على العموم أنا مش هجدلك بس أنت لازم حارس يفضل معاك أنت حياتك في خطر ..أنا اختارتلك حد من أكفأ الحـــ ..
هتف عباس مقاطعا :...
-لأ مش موافق .. هاه كدة أظن خلص كلامنا ..
-عباس بطل عند بقى ، لإما .......
نظر له عباس ببرود و قاطعه مردفا :..
-أنت عارف إنك مهما تتكلم و تتكلم أنا مش هنفذ غير اللي في دماغي .. فريح نفسك ..
تنهد حسين بضيق ، و أغمض عينيه ، و عندما أعاد فتحها لم يجده أمامه ، فصاح مناديا  ..
-عباس .. عباس ... راح فين .. أنتوا واقفين بتهببوا إيه فين عباس ؟!
-يا فندم إحنا مدينكم ضهرنا .. إحنا فجأة اختفى ..
-أوووف دوروا عليه ........
.........
بينما رمقه عباس من خلف جدار أحد المباني ضاحكا ، و ساخرا منه ، لقد اختفي خلف احدى السيارات و منها إلي هنا  ، كان حسين على وشك أن يجن فعليا ، همهم عباس بثقة :..
-مهما حصل يا حسين عمرك ما هتعرف تجاري خفة حركتي .. سلام يا صاحبي ..
ثم وضع يديه في جيب سرواله ، مغادرا إلي منزله بهدوء .. تاركا حسين يدور حول نفسه لا يصدق كيف فعلها ذلك العباس مجددا ، كيف مازال محافظا على خفة حركته و سرعته ..
تنهد بنزق ، ثم طار أرضا أثر الانفجار القريب الذي قذفه هو و رجاله عدة أمتار ، فقد على أثرذلك الوعي   !!    
------------------
بقلمي أسماء علام
توقعاتكم

و احترق غصن الزيتون حيث تعيش القصص. اكتشف الآن