تحالف

5.1K 229 4
                                    

الفصل السابع
تحالف
جلست جنى في غرفتها و هي تضع الكتاب على السرير، لكن بدون أن ترى شيئا، و دموعها تنساب على وجنتيها بمرارة..
تتذكر كل إهانة تعرضت لها!
كل كلمة ذبحتها، كل كلمة خاضت في سمعتها!
و كلمات حازم القاسية!
هي بالأصل تلوم نفسها.. هي مخطئة قبل الجميع ..
كان عليها التأني قبل الموافقة على عرض ذلك الحقير للزواج ، كان عليها ألا تسمح للشيطان بالتسلل إلي عقلها من ثغرة عدم اهتمام اخواتها بها، لتتجرد من حشمتها..
و لا تدرى كم أهانت هي كرامتها قبل أي حد..
مازالت لم تسامح نفسها و لا تفتأ تستغفر من ذنبها، و تتذكر موقف عصام معها.. ربما لو لم يكن رآها لربما تمادت أكثر !!
لم تنتبه في خضم أفكارها للأصوات على الباب و لا لدخول أحدهم غرفتها..
عصام بمزاح : مساء الزبادي يا معذب فؤادي..
انتبهت له و تعجبت من مقدرته على دخول غرفتها و هي موصدة للباب بالمفتاح..
-أنت دخلت إزاي؟!
جلس جوارها و غمزها قائلا :..
-شغل ظباط بقى..
لا تعلم كيف ابتسمت على كلامه، ثم تمتمت :..
-أسامة عامل ايه؟
تنهد عصام بيأس :..
-حالته وحشة اوي.. انا عمري ما شفته كدة.. عنده رغبة كبيرة في الانتقام، كل ما يضبطها من حته تبوظ من حته بقالوا اكتر من يومين ما نمش... و الموضع اتعقد لما سامي دخل في غيبوبة.. و مريم منهارة تماما و مش عارفين نوصل لمعلومة.. أووووف... يا رب.
ربتت على كتفه بخفة :..
-كله هيبقى تمام.. ان شاء الله
حاول عصام تصنع الابتسام من أجلها , و هتف و هو يدغدغها في جنبها :..
-و الجميل بيعمل ايه؟
ابتعدت عنه بسرعة هاتفة بشهقة :..
-بغير و الله..
حاول أن يدغدغها ثانية لكنها هربت منه محذرة ، فهتف ضاحكا :..
-خلاص، خلاص.. دا أنتي لقطة.. اقعدي بس نتكلم..
حاولت اخفاء أثر البكاء و جلست ممسكة الكتاب متصنعة التركيز :..
-بذاكر.. عندي امتح...
شهقت عندما سحب الكتاب و القاه ارضا، هتفت هي بصدمة :..
-يا خبر.. أنت عارف الكتاب دا بكام.. دا مرجع ب ٩٠٠ جنية الله يحرقك..
فلتت منه ضحكة و هو يرها تركض للكتاب و تمسح عليه و كأنه قطعة أثرية، أو كرضيعها في مهده.
-يا بخيلة يا جلدة.. بس كتاب ايه دا اللي ب ٩٠٠ جنيه.. و هو دا التعليم المجاني.. اه يا بلد   
جلست جواره و هتفت :..
-لغات حضرتك..
-استغفر الله يا عم.. المهم كنت عايز اقولك اللي ذاكر ذاكر.. تعالي هنا جنبي.. احكيلي..
ثم أخذها في أحضنه و تمدد على السرير، سرعان ما بدأت بالبكاء و تعالت شهقاتها، و كأنها أرادت الإذن لتبكي و ترمى حملها على كتف هي متأكدة أنه أبدا لن يمل..
كانت ناقمة على حياتها يوما أنها لم يكن لها يوما أبا يكن لها سندا ....
لكن عوض الله دائما أجمل .. فعوضها بأخويين كجبل راسخ !
تمسكت به أكثر و هي تبكي بحرقة , زاد من ضمه لها و هي يهتف بحنو يبطن نبرة من الغضب ممن كان السبب بحالتها تلك :..
-متعيطيش يا بت ... أنا الصبح أروح أهدلك الكلية بتاعتك على دماغهم ....
مسحت دموعها متوقفة لبرهة , و تمتمت :..
-أه هدها , أنا موافقة مش همنعك ..
-مش عايزة تتعلمي أنتي بتتلككي أنا عارف ... أومال فين حقوق المرأة ..
مسحت ما بقى من أثر للدموع على خدها و هدرت :..
-لأ أصلي دلوقتي في ليالي الفاينل الحزينة .. دلوقتي عايزة أتجوز و أقعد في البيت .. لقد انتهت باقة أسترونح أندبندت ومان .. أنت الآن على نظام ضل راجل و لا ضل حيطه .
ضحك ثم هتف :..
-طب أنا هفجرلك الكلية .. بس مش هجوزك و لا هعلمك .. هقعدك هنا تخديمنا أصل دادة سعاد تعبانة و عايزين نريحها ..
هبت جنى واقفة له هاتفة بغيظ :..
-نعم يا عنيا ! أخدمكم ليه , انتم زي الأشحطة , اعملها كدة و أنا أبلغ عنك و أقول عليك إرهابي و بتستغل سلطتك و بتوزع منشورات عشان تزعزع أمن الوتن ..
-وتن يا واطية .
ابتسما , و وقف قبالتها , ثم فاجأها بانحنائه ليقبل رأسها هاتفا بعدها :...
-أيوة يا جنا أنا عايزك كدة , مش عايزك ضعيفة أبدا .. مطالبة بحقك , دافعي عن حقك .. ما تتطيش لحد و لا تسمحى لحد يهينك أبدا .. أنا عايز أعرف اسم الولدين دول و أنا هجبلك حقك منهم .. هخليهم يحصلوا الكلب مروان .
اتسعت حدقتيها بدهشة , ثم هتفت متسائلة :...
-أنت عملت إيه في مروان ؟
وضع يده على رأسها هاتفا :...
-أنا عايزك تعرفي أني مش هتهاون في حقك أبدا ... أنتي أمانة في رقبتي .. أنا يمكن مكنتش موجود .. بس أنا فعلا اتغيرت ... أسامة هيكون مشغول الفترة دي .. فأي حاجة عايزها تطلبيها مني أنا ..  أنا عايز أعلمك شوية حركات للدفاع عن النفس .. بدل ما أنتي خرعة كدة ..
نظرت له بغيظ و كتفت ذراعيها بغيظ طفلة بعمر الخامسة .. 
===============
في فيلا آل ثابت ,,
تقدم حازم ليقف أمام بريهان يطالعها بسخرية هاتفا :..
-هو دا اللي ربنا قدرك عليه ... هتقدري ..
ازدرت ريقها محاولة التظاهر بقوة هاتفة :...
-أيوة أقدر ..
نظر لها حازم بنبرة غامضة و هدر :...
  -تبقى ما تستهليهوش .. و ما تنفعوش لبعض ..
ضيقت عينيها في محاولة لفهم قصده , لكن لم تستطع ..
-على العموم أنا أريح أزاكر .. المادة الجاية كمان أسبوع .. و رمضان على الأبواب .. و أما بابا يجي رني عليا عشان أدخل معاكي نواجهه ... غير كدة ما أسمعش صوتك ..
وقفت تتابع ظله بذهول متعجبة من نظراته و كلامه .. استهجانه و سخريته ..
لكن سرعان ما انتفضت تبطي و هي تنظر إلي الأوراق بين يديها و هي تطالعهم بحسرة و ترمق الصورة المصاحبة لهم بحرقة من بشاعة المنظر ...
تجارة أعضاء .. أطفال .. بنات .. مخدرات .. و سلاح و كل ما هو قذر !
جلست على فراشها مستسلمة لموجة البكاء العنيفة التي أصابتها ... على ثقة ضاعت .. و عشق لقى حدفه .
الآن في وقت الفراق .. تعترف لنفسها أنها تخطت مرحلة الحب !
رنين هاتفها المستمر أزعجاها , أجابت بقلق على والدتها , ثم سرعان ما قامت منتفضة من مكانها :...
-بتقولي إيه ياماما ... مريم ... معقول اتخطفت ... لا بابا مجاش ... هكلم أسامة ... و هكلم حازم .. حاضر .. حاضر ..
زادت دموعها و هي تصرخ منادية حازم بهلع ...
_________________
أمام فيلا سامي حجازي المشمعة بالشمع الأحمر ,,,
تقدم أسامة باتجاه حسين بعد سماع رفضه الواضح ..
اضطر أسامة أن يساومه ..
مد يده يجذب تلك الذي يحملها حسين فاقدة وعيها تحت رفض حسين , فهدر أسامة :..
-ملكش أي حق يا معالي الوزير دي مراتي ..
استطاع أخذها ثم وضعها في سيارته ثم أوهمه أنه سيغادر ليجعل حسين يهتف بعد زفرة حارة  :...
-أووووووووووف ... عايز إيه اخلص ... و عرفت مكانا منين ..
استند أسامة مرة أخرى على مقدمة سيارته هاتفا :..
زي ما أنت عرفت إن مريم سابت المستشفى وجات هنا .. أكيد مش هسيب مريم مراتي في المستشفى و أروح .. أنا كنت في عربيتي .. و خدت بالي من محاولات حضرتك الفاشلة إنك تدوس على قلبك و تدور عربيتك و تمشي لحد ما لمحنا مريم و هي بتركب تاكسي و جاية على هنا ...
زفر حسين ثانية بضيق و استند على ظهر سيارته ليقفا متقابلين بتحدٍ ..
-أنت هترسم الشويتين دول عليا يا ابن زهران .. مراتي و مريم و حبيبتي ؟؟! الدور دا ترسمه على سامي حجازي مش عليا يا ابن سامح ..
ابتسم أسامة بسماجة غير غريبة عليه , منذرة بعودة وضعية أسامة المغرور ابن زهران , و هدر بسخرية :..
-و دا كان رأي سامي برضووو .. بص أنا عرضت عليك من الأول نتفق و نحط ايدينا مع بعض عشان نحارب عدوك و عدوي اللي بقيت متأكد أنه واحد ...
هتف حسين ساخرا :..
-يا سلام .. و منين الثقة دي ..
-مفيش داعي للسخرية ... مفكرتش اللي تحصل الهجوم على سامي باشا بعد خناقتكم سوا  مع إن اللي عايز يضروه بيهددوه من فترة و المصيبة بتاعة فرقتنا أكيد بسببه برضووو , نفس طريقة المرتزقة الأجانب .. هه
ضحك أسامة بدون مرح , ثم تابع :..
-اللي أكيد عايز يضرك أنت كمان لأن مفيش متهم في محاولة قتله غيرك .
لاحظ أسامة اضطراب حسين لبرهة قبل أن يقف هاتفا بتهكم :..
-تفكير اجرامي فعلا طالع لابوك .
خرج أسامة عن طور الحلم هاتفا بحدة :..
-بص ... استغفر الله العظيم .. أنا غلطان أصلا أنا كنت فاكر انه يهمك حياة بنتك و حياة الراجل اللي فضله عليك تهمك , بس الظاهر اني كنت غلطان .
-و كمان عارف انها بنتي .. و فاكرني هسيبهالك .
-ماتقدرش تعمل حاجة مريم مراتي و أنا هحميها بحياتي و مش هطلب مساعدة منك تاني لو مت .. و ما تفكرش تقرب منها أو جدها ..
اقترب حسين بغضب الدنيا , ثم لكم أسامة بكل الغيظ و الخوف و القهر الذي شعر به منذ دخولهم المشئوم لفيلا سامي حجازي يوم الحادثة البشعة ..
ابتعد حسين يهتف :..
-أنت بتهددني يا كلب .. دا بنتي و اخدها من حباب عنيك و أنا هقدر أحميها مش محتاج مساعدة من واحد  *** زيك أبوه مجرم و *****
مسح أسامة بضهر يده الدم النازف من أنفه أثر لكمة حسين له , تنفس بخشونة في محاولة للسيطرة على مشاعره و حنقه مهدئا نفسه بأنه مهما كان أبا مريم أبا حبيبته ..
-بأي صفة .. مالكش أي صالحية ... أنا بس اللي أقدر اديك الأذن .. أنا الوحيد اللي معايا مفتاح مريم , أنا اللي سامي باشا ادله مفاتيحه و أسرارها , يعني أنت محتاجلي عشان تعرف عدوكم المشترك .. هتحط ايدك في ايدي عشان تحمي بنتك من الموت و لا تسبني أحمي مراتي بمعرفتي ....
=============
بعد مرور بعد الوقت
زفر حسين للمرة الالف لا يصدق أنه رضخ لذلك التافه بل وضع يده في يديه معلنا فترة من الهدنة و التحالف ..
لا يوجد حل يصل به إلي ابنته إلا من خلال ذلك الأخرق الاستعراضي و الغير وسيم بالمرة بل يراه كالقرد .. لا يطيقه ! و لا يناسب جميلة كمريم .. و آه من مريم !!
فلاش باك من أكثر ساعتين و نصف ,,,
ترجلت مريم من سيارة الأجرة بخطى واهنة محاولة تتلمس كتفها المصاب بألم ..
رمقت باب الفيلا و ما وضع عليها من شمع أحمر و حارس من الشرطة لمنع التلاعب بالأدلة , لكن يبدو أن الحارس غرق في النوم !
التفت لباب الفيلا الخلفي المخصص لطوارئ و مخفي لن يعلم بشأنه سواها هي وجدها و سماح ... و لم تلحظ ذلك الذي على وشك كشف السر ..
ابتسمت بسخرية و هي ترى قلعتها المحصنة التي تعتبر لغز في حد ذاتها كيف اقتحمت و انتهكت حرمتها !!
لا تصدق أنها ستدخلها دون أن تجد جدها يستقبلها !!
في أي وقت من الاوقات لم تشعر بالضعف كتلك الايام , هذه الايام لم تمانع أن ترتمي على أول صدر أمامها و كان أسامة أكثر من مرحب ...
كم انزعجت عندما لم تره في المشفى حين ما أفاقت , على الاقل هو من تشعر معه بالأمان عن كل الأخرين ..
تأوهت بصرخة عالية و هي تراقب الدماء و العلامات في ردهة الفيلا الغربية حيث قامت معركة طاحنة هنا ! أراقت هي أغلب الدماء الموجودة انتقاما لجدها .
لم تتحمل مراقبة كل هذا و هي تلمح الباب السري و تتذكر المنظر البشع الذي شاهدته عند دلوفها هنا منذ ليلتين !
لم تقو على صعود السلام فركضت إلي المصعد الداخلي بينما هناك أخر يتبعها على السلم ..
رآها حسين تدلف إلي غرفة ما ..
وقف عند الباب يراقب ما تفعل وجدها تحرك بعض الكتب في المكتبة فانفتح الممر السري ذاته إلي الأسفل ..
     تبعها بحذر بعدما اكتشف هوية صاحب الغرفة من خلال الطابع الكلاسيكي للغرفة , من يكون سوى صاحب القلب الحساس و المرهف "محمد" ..
.....
بدأ بالنزول خلفها بحذر تلك السلالم الطويلة التي ربما قادتها اسفل الطابق الأول و ربما قادتهم إلي ما يشبه القبو , بدأ حسين يشعر بالتوجس من المكان الغريب ...
ساحة واسعة , لكن مريم اختارت مكانا بعيدا نسبيًا ذهبت إليه , يشبه مكتب جدها لكن هذا أكثر خطورة ... هذا محزن أوراقه الهامة و الخطيرة , ملفات أعدائه و معلوماته عنهم ... خططه السرية و أفكاره .. و بعض من ذكرياته .
و على الجدار خلف المكتب لوحه تضم صور هؤلاء الأعداء !
....
كان يراقب المشهد من بعيد بهدوء متسلل !
سمع صوتها هاتفا :..
-هات تليفونك ..
فهر فاه متعجبا من نفسه , و من الحائط الذي يختبئ خلفه ..
فتابعت بصوت خالٍ من الحياة :..
-شيفاك من بدري و عارفة انك بترقبني علي فكرة .
ارتسمت ابتسامة جانبية على ثغرة و هو يظهر بقامته و هيبته , هامسا بسخرية :..
-لأ بنتي فعلا  .. عندك عيون في أفاكي .
لكنه هتف بصوت أجش :..
    -بس مش أسلوب تاكتيكي خالص مادام عارفة اني وراكي تخديني لمكانك السري ... و يا ترى بتعملي هنا إيه بحالتك دي و سايبه المستشفى و مش ساحبه اسمه ايه ده وراكي .
مدت يدها له هاتفة بصرامة و كأنها لم تسمعه :..
-تليفونك .
راقبها بعيون صقر و هو يمد لها هاتفه , يريد أن يعرف إلي أين تريد أن يصل ..
أخدته بصمت و بالكاميرا الخاصة بالهاتف , أخدت تصور كل شيء .. كل شيء من أوراق و صور , مع تصميم رهيب على الأخذ بالثأر ..
ذلك الثأر هو ما سيشفيها ..
فلا دواء لذاك الداء هو البتر !
فتلك النيران في صدرها لن تخمد حتى تحرق كافة أغصان الزيتون !!
فلا مكان للسلام الآن و لا حتى أغصانه !
........
توقفت فجأة و هي تراقب ذلك الألبوم على المكتب , لتفتحه و تتعاقب الذكريات من أعماقه ..
فجأة انطلقت العبرات من عيناها .
صوت شهقاتها وتر حسين و جعله يقترب ليقف خلفها , لينظر لما تنظر إليه ... صور عائلية !!
رفعت صوتها صارخة :..
-ماتسبنيش و ترحلهم ... فاهم .. مش هتسيبني ..
أغمض حسين عيناه بألم و هو يراقبها تهاتف صورة جدها ..
-أنت عايز تكون مع ابنك و أنا عارفة .. بس متسبنيش دلوقتي و تسبني , هتخليك معايا ... هاخد بتارك حتى و لو كان أخر حاجة هعملها في حياتي .. بقسملك بالله هنتقم ... بحق حارقة قلبي عليك يا جدي و بحق كل نقطة دم خلوك الكلاب دول تنزفها بطلقة غدر هجيب حقها !
نعم أقسمت بالله على الثأر و هو قسمُ لو تعلمون عظيم !
وضع حسين كفه على كتفها السليم بحنان حاسم :..
-مش مضطرة تعملي حاجة ... أنا ..
قاطعته صارخة بهستريا :...
-و أنت كمان مش مضطر تعمل نفسك مهتم ...
نزعت يده بعنف و تابعت :..
-بعد السنين دي كلها مش من حقك تلمسني و لا تأدي دور الأب دلوقتي فاهم .. انسي أي حقيقة عرفتها و افتكر أني حفيدة ألد أعدائك ماشي ... و بخطط ضدك .. و كمان حرامية و ما بصونش العشرة .. افتكر كل اهاناتك و ابعد عني ..عشان أنا هفتكرهم و هكرهك .
همس حسين بنبرة معذبة :..
-مريم ..
صرخت و هي تضع يدها على كتفها بألم :...
-ابعــــــــــــــــــد عني بقـــــــى .
انتابتها موجة عاتية من الصراخ و الهياج , و بدأت بقذفه بما تطله يدها , ثم صرخت به عندما اقترب منها :...
-ابعد عني أنا بكرهك .. بكرهك .. بكرهك !
حاصرها بينه و بين المكتب في محاولة فاشلة للسيطرة عليها , لكنه فشل بسبب دفعها له و مقاومتها الشرسة , فلم يجد  سوى تلك الضربة الحادة لعنقها بطريقة ماهرة جعلتها تفقد الوعي لتسقط بين يدي أبيها ثم إلي الخارج مباشرة بعدما استنزفت المواجهة طاقة كلاهما !
--------------------
عودة للوقت الحالي ..
أمام منزل حسين ..
ترجل أسامة من سيارته بغضب تاركا مريم بداخلها يهتف :..
-هو أنا مش قولتلك إن مريم مراتي و أنا اللي هحميها بنفسي , و تفضل في بيتي مش في بيتك .
هتف حسين بانفعال فشل في السيطرة :..
-لما أبقى أموت , أو تعلنوا جوازكم رسمي ... و دا مش هيحصل طول ما أنا متأكدتش بنفسي منك .. هنا أمان أكتر من بيت سامح زهران يا ابن سامح .
كتف أسامة ذراعيها و هو يشغر بالغيظ من سخريته :..
-متأكد يا سيادة الوزير إن هنا أمان ... مش بعيد ألقيها مسمومة المرة الجاية ..
تنهد حسين بضيق منه و هو يضغط بقسوة مبررة على جرحه النازف , و هتف بنزق :..
    -بص هي أخر كلمة عندي .. مريم هتفضل عندي و في بيتي .. بيت أبوها , و غصب عني هعصر علي روحي جردل لمون و استحمل انك تجلها هنا ماشي ..
زفر أسامة بضيق , و ذهب إلي سيارتها ليحملها بين ذراعيها غير سامحا بتدخل حسين أكثر , لولا أنه يعلم أنه على حق ... فو الله ما يبعدها عنه لحظة بعد الآن ..
استخدم حسين نبرة صوته ليتعرف عليها جهاز الأمن المثبت على الجدار ليقم الحرس بفتح الباب ليجدا بريهان واقفة تنتظره و القلق ينهش ملامحها ..
كادت لتبدأ في الهتاف لولا اطمئنانها بوجود مريم الآن , فبدأت بسؤلهما عن حالها و كيف هي معهما , و كيف هما معا بالأصل ... لكن لا إجابة !
حملها أسامة إلي الداخل حيث أشار له حسين , الذي في غضون نصف ساعة حول غرفتها الجديدة إلي غرفة في أحد المستشفيات الاستثمارية و بها ممرضة خاصة , مع رفض كامل لتدخل بريهان , حتى لم يتحدث معها كلمة واحدة !!
كان أسامة يجلس أمام الغرفة عندما شاهد نورا – التي أعلمتها بريهان بما حدث و بعث حسين السائق لجلبها – تهرول نحو غرفة ابنتها , أوقفها حسين من الدلوف هاتفا بجمود أول مرة يتحدث به في حياته معها :...
-الدكتور جواه معاها ..
ثم تابع مشيرا لأولاده و زوجته :...
-أنتي و أنتي على أوضتكم ما تخرجوش منها , و أنت زيهم تتفضل تذاكر ... مشوفش حد مقرب من باب الأوضة دي .
اعتادت منه الغضب العصبية و الغيرة و الحب لكن أبدا لم ترى منه تلك النظرة !
لكن يبدو أن النار انتشرت في الهشيم و لن تصمت حتى تحرق كافة أغصان الزيتون !!
كادت نورا لتعترض لولا ولوج الطبيب للخارج , طمئنهم على الوضع و انصرف تاركا ممرضته للعناية بها ..
نورا : حسين ! أنت عايزني أسيب بنتي في الحالة دي .
هتف حسين بجمود :..
-سبق و سبتيها مش جديد عليكي دا كان قرارك لوحدك... دلوقتي اللي هيحصل قراري لوحدي و فيه حارس هيحرس الأوضة تحت أوامر مني شخصيا ... و حالا كله يتفضل على أوضته ..
صرخ في نهاية حديثه فانتفضوا كلهم هاربين خوفا منه ..
هتف حسين بنفاذ صبر لذلك الذي لم يتزعزع من مكانه بل مازال واضعا وجهه بين يديه :..
-و أنت هتنيك قاعد كدة .
تنهد أسامة بإرهاق واضح :..
-عايزني أعمل إيه ؟ مبقاش في ايدي حاجة اعملها .. عاجز عن إني أحمي مراتي و حبيبتي ..
قاطعه حسين بغيرة :..
-مش هتشرحلي تاريخ حياتك هنا .. بيتك بيتك يلا , أنت سلمتهالي و أنا هحافظ عليها ..
نظر له أسامة متهكما ! بنظرة تعني انظروا من يتحدث !!
قبل أن يقرأ حسين نظرته .. جاءه هاتفا هو متأكد أنه بحاجة إليه الآن ؟!
بقلم أسماء علام
فأخبر أسامة أن يغادر حالا ... و ذهب مباشرة إلي مكتبه !!
دلف أسامة لغرفتها اطمئن عليها , و أشبع نظراته منها , أوصى الممرضة عليها , و ولج للخارج ليسند ظهره على بابها !
" آآآآآآآآآآه "
تبعه تأوه زفرته الحارقة لصدره , و ثم أغمض عيناه بأسى !
ربته على كتفه أفاقته من شروده , لينتبه لذلك الواقف أمامه يطالعه بإشفاق ..
هتف حازم بجدية :..
-ورايا يا سيادة الرائد قبل ما أميتاب بتشان اللي تحت ده يطلع و يشوفك ..موكا
ثم أخذه حازم لغرفته محاولا جعله يتناول أي لقمة , لكنه رفض مفضلا الاسترخاء على الفراش كما أشار له صاحب الغرفة , و جلس في ركن يطالع دروسه !!
ثوانٍ و كان أسامة غائبا عن عالمهم , لم يغرق في سبات عميق كما الأخرون بل في كابوس بشع ابتلعه و أقسم ألا يتركه !
________________
في الصباح الباكر ,,,
انتفض كل من في المنزل على صوت الشجار في الأسفل منذرا بعاصفة قادمة ... بل الأصح قول نيران قد تحرق الكثير ...
بقلمي أسماء علام




و احترق غصن الزيتون حيث تعيش القصص. اكتشف الآن