عصام و بيري و رامزز قصدي حسن 😂😂
الفصل السابع عشر
"و نحشره يوم القيامة أعمى"
صدق الله العظيم
في لندن ،،،
أنهى عصام فوق المئتين عدة من تمرين الضغط ، و أصبح يتصبب عرقا من المجهود و مازالوا في الداخل ..
استقام عندما وجد بعض الأطباء والممرضين يدلفون للداخل ، لحظات و خرج المريض من غرفة العمليات ..
و ذهب طبيب شاب للتحدث مع أهل المريض عن حالته الصحية ..
ولا حسن و لا فرانك ، و لا حتى بريهان قد ظهروا حتى الآن !
استعان عصام بإنجليزيته الركيكة حتى يسائل عنها إحدى الممرضات ، فأجابته :..
-الدكتورة بريهان ، دكتور حسن و دكتور فرانك ، يرتاحون أرضا بالداخل ، فالعملية استغرقت أكثر من إثنتا عشرة ساعة ، دقائق و يخرجن يا سيد ..
-أخبريها أني بانتظارها ، يمكنها أن ترتاح خارجا ..هيا حالا ..
قال الأخيرة صارخا ، فاستجابت الأخيرة فورا ، خرجت له بريهان مرهقة للغاية تترنح ، فأردفت بإرهاق :..
-إيه يا عصام ؟!! مش قادرة أتحرك ..
لم تكمل لأنها حملها ، حتى أقرب استراحة ، و أمر بجلب عصير و بعض البسكويت ، و أخبرها على تناوله ..
ارتمت هي على كتفه نائمة بتعب ، بينما هو ابتسم لها بحنان ، و استعلم عن أقرب مكان تستطيع أن ترتاح به قليلا ، و أخدها إليه برفق ، يحتفظ بها كماسة .. بل هي بالفعل ماسته الثمينة !
________________
لم يتحمل أسامة الموقف ، فهرول راكضا للخارج ، وقف في الحديقة يتنفس بسرعة و كأن وحشا يطارده ، أخذ يكفف دموعه التي تنحدر بلا توقف و بلا إراده منه ..
وجد يد توضع على كتفه ، التفت ليجدها نصفه الأخر ، و التي تبكي لبكاءه الذي أوجع قلبها ..
-أسامة !
لم تستطع أن ينطق بأي شيء أخر لأن أسامة أخذها في عناق عنيف ..
هو لم يعد يحتمل ، لم يعد يحتمل أبدًا !!
أفقد والده هكذا بغمضة عين !
صحيح هو كان ضمن المكلفون بالقبض عليه ، لكنه كان سيظل بخير ، و ربما يبتعد عن كل هذا الشر الذي يمكن بداخله ، كان سيحميه من نفسه ..
لم تهتم مريم بعنف ضمته ، و لا بألم ذراعها .. هي متأكدة أنه الآن أكثر ألمًا !
ربت مريم على ظهره بحنان ، سمعته يهمهم بكلام فهمته على مضض ..
-"و نحشره يوم القيامة أعمى ، قال ربي لم حشرتني أعمى و قد كنت بصيرا ، قال كذلك أتتك أياتنا فنسيتها و كذلك اليوم تنسى " صدق الله العظيم .. هتبقى نهايته كد يا مريم .. هيروح لربنا من غير ما يتوب ، من غير ما يتعاقب في الدنيا ، عشان ربنا يعفو عنه في الأخرى ، هيروح محمل بالأوزار .. ليه يعمل كدة في نفسه ؟
-أسامة اهدى عشان خاطري اهدى ... لا إله إلا الله .. هو الغفور الرحيم ، فعال لما يريد .. أنت موجود ، أنت العمل اللي مش هينقطع لوالدك .. ولد صالح يدعو له .. ادعى بس ..
-و نعم بالله .. و نعم بالله .
_____________________
استيقظت بريهان من غفوتها القصيرة ، ابتسمت لعصام فورا ، انتبهت للمكان فاتسعت ابتسامتها ، و هتفت بإمتنان لكل ما فعله من أجلها :..
-مرسيه كتير يا عصام .
هتف عصام بجمود مصطنع :..
-على إيه دا شغلي .
أردفت بريهان بغيظ من رده :..
-يعني مع أي حد هتعمل كدا ..
-أه طبعا يا دكتورة ..
-عصام !!!
قالتها بغيظ كبير ، بينما هو هب واقفا يحرك حاجبيه بزهو مستمتعا بإغاظتها ..
أردت أن تمحى تلك الإبتسامة الواثقة من على شفتيه ، فأردفت :..
-طب أنا هروح لدكتور حسن بعد إذنك ..
و نجحت في استفزازه نعم ، فهتف بعصبية :..
-بريهان !
-يلا يا حضرة الظابط .. قوم بشغلك و احرسني ..
ثم تقدمت للخارج ، و هي تتلاعب بحاجبيها بابتسامة لعوب ..
بقت بريهان ساعة أخرى مع الطبيب حسن ، ثم خرجت لعصام الذي كان يشتعل في الخارج ..
خرجت له مبتسمة و بقت تثرثر معه و هي في طريقها للخارج :..
-العملية نجحت يا عصام .. كانت ملحمة حقيقية ، كأننا في حرب جوا ..
كانت تتحدث بحماس ، وجهها يشرق كالشمس في صباح ليلة القدر ..
و هو مستمتع بالاستمتاع إليها .. تبدو كتلة من الحماس و هي تتحدث عن عملها و عن العملية و بما قامت به ، هي متأكدة أنه لن يفهم ما تحكيه ، لكنها تحب مشاركته أدق تفاصيلها .. و هو لا يفهم شيئا لكنه يحب الإستماع إلي حديثها !
كانوا في السيارة عندما أنهت بريهان حديثها قائلة :..
-دكتور حسن وافق على أغلب التعديلات في الرسالة ، و كدة فاضل تحديد المعاد ، و أنا لازم أستعد للمناقشة ..
صدح هاتف عصام باسم حسين ، فأجاب :.
-أيوة .....
قاطعه حسين هاتفا :..
-عصام ! اديني بريهان حالا ..
أعطاها الهاتف ، فسمعت والدها يهتف :..
-بريهان أنتي لازم تفضلي في لندن و لا تقدري تنزلي و تبقي ترجعي ..
-أنا خلصت الإجراءات يا داد و منتظرة تحديد معاد المناقشة .. عادي ممكن أرجع بس ...
-اديني عصام ..
أعطته الهاتف ، فأمره حسين :..
-عصام ، اطلعوا على المطار .. و خدوا أول طيارة و انزلوا .. و مش عايز أسئلة ..
ثم أغلق الهاتف ، تعجب عصام و أردف بتوجس :..
-يا ستير يا رب .
-خير بإذن الله خير .
ثم توجهوا للفندق لجمع أغراضهم ْ و حجزا أول طائرة إلي القاهرة ..
............................
في اليوم التالي ،،،
اتشح آل زهران بالسواد ، و أتت عائلة حسين بأكملها للمواساة و الدعم !
كم تتغير النفوس و تتبدل المشاعر بمجرد ذكر الموت ، حسين ثابت بنفسه يحضر دفنة ألد أعدائه منذ الأزل ..
ضمت عنان ابنتها الباكية لصدرها ، دفع حسين ابنه ليقف جوار زوجته ، فوقف في الخلف كدعم .. من بكاءها انخلع قلبه ، هو حقا يشفق على الفتاة حتى أكثر من كرهه لها .
تطلعت بريهان لوجه عصام الجامد ، هي تدرك تماما أن خلف ذلك الوجه طفل باكِ ، و هي عاجزة حتى عن التخفيف عنه !
أما مريم فوقفت كالسد خلف أسامة ، تدعمه بكل قوتها حتى و لو لم يطلب ...
أتموا صلاة الجنازة ، التي لم يحضرها الكثير ، فقط من يكونون الود لولّدي الفقيد ..
تقدم بحمل النعش عصام و أسامة و شيعوا والدهم إلي مثواه الأخير ، غادر عصام بعد أن دعا لوالده بالرحمة ، لن يتحمل أكثر ، صدقا لن يتحمل !!
.....
لما ابتعد عنهم ، سمع رنين هاتفه ، لكنه تجاهله .. قام بدفع صدقة على روح والده .. علها تفيده !
لما مل عصام من الرنين الملح لهاتفه .. أخرجه و في نيته إسكاته لكن قرأ اسمها ينير الشاشة ، فأجاب :..
-أيوة يا بريهان ..
كان صوته محشرج ، يشعر بمرارة حلقه و كأنه علقم !!
-إنا لله و إنا إليه راجعون .. تقدري تقولي أي شيء في الفون .. أنا عايزة أسمعك ، ما تسكتش كدة ..
انتظرت دقائق طوال حتى بدأ يفرغ لها مكنون قلبه و حسرته ، و هي فقط تستمع له ، و تشعر بالتمزق لأجله !!
.............................
غادر الجميع ، و بقى أسامة في مكانه قابعا ، ينظر إلي قبر والده بحسرة !
يقولون أن وفاة الأب تكسر الظهر !
هو لم يكن له يوما أبا .. فلما يشعر بذلك الوجع الذي ينخر عظامه .
حول بصره للجانب ، ليرى تلك الزائرة التي وقفت جواره ، ثم هتفت :..
-السلام عليكم يا أهل الدار من المؤمنين و المؤمنات ، أنتم السابقون و نحن إن شاء الله بكم لاحقون ، رب إن هذا ضيفك ، و وجب على المضيف إكرام الضيف .. رب عامله بما أنت أهل له .. ليس بما هو أهل له ..
و كأن مريم أعطته الأكسير السحري لتخمد أوجاعه و لو قليلا ، ردد خلفها الدعاء ..
ثم خرجا من هذا المكان متعانقي الأيادي ..
و هناك على الجانب الأخر ، من تركوه وحيد و ألقوا فوق وجهه التراب ..
دفنوك و تركوك و لو أقموا عندك ما نفعوك !
تركوه ليُسأل وحده ..
فهل عملنا لتلك اللحظة ! يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ..
يوم تشهد علينا ألسنتنا و أفئدتنا و أيدينا و أرجلنا !
.......................
و في العزاء ،،،
هرع كل أصدقاء أسامة و عصام للحضور و الوقوف جوارهما ، ربما لم يكن هناك من يكن ذرة مشاعر طيبة واحدة لسامح زهران ، فكل من أتى ، أتى إكراما لولّديه ..
أما داخل عزاء السيدات لم يحضر أحدًا ، و لولا الملامة ما كانت ارتدت عنان الأسود عليه و لو لليله لكنها فعلتها إكراما لأولادها ، و تكورت جنا في أحضان أمها باكية ، و تربت على كتفها من الناحية الأخرى مريم ..
و جلست بريهان بأدب جوار والدتها ..
بدأ الجمع يخف ، و اجتمع العائلتان معنا نساءًا و ذكورًا ..
اقترب حازم من جنا ، أمسك يدها برفق ، و هتف بصوت رخيم :..
-البقاء لله يا جنى .. بطلي عياط و ادعيله ..
و منحها ابتسامة مشجعة لم ترها هي من الدموع ..
و هناك عنان تراقبه ، هي ليست راضية عن تلك الزيجة السريعة بالمرة ، و غير موافقة على ابن حسين ثابت إطلاقا .
لكن الشاب يبدو خلوقا ..
اقتحم المشهد أخر شخص قد يتوقعه الحاضرون .. ها هو معتز سالم الدمنهوري بذاته أتى للعزاء .
صدق من قالوا "يقتل القتيل و يمشي في جنازته "
تبادل حسين و أسامة النظرات المستغربة !
أسامة يعرفه فهو كان معلم لهم ذات يوم في الحربية ، و حسين لا يتذكره بشكل كامل ..
صافح معتز عصام ، تبعه أسامة هاتفا بتأثر زائف :..
-المرحوم كان عزيز علينا أوي ..
-حضرتك كنت تعرف بابا ؟
قالها أسامة بشك ، فأجاب معتز :..
-كان بنا بزنس .. الله يرحمه مات قبل ما نخلصه ..
ثم استدار مغادرا و هو يرمق حسين بنظرات غامضة ، و ابتسامة جانبية خبيثة ترتسم على ثغره ..
و قبل أن يغادر انتبه لتلك الأخيرة التي تقف مكتفة الذراعين تراقبه بنظراتها ، فرفع كف يده جوار رأسه كتحيه و غادر ..
يعرف أنها مخاطرة ، لكن لم يستطع تفويت المتعة ..
الغبيان أسامة بن زهران و حسين ثابت يظنان أن باتحادهما سيكشفان خططه أو يفوزا عليه .. مصيرهما سيكون أبشع من مصير سامح زهران و سامي حجازي ، هو لا يحمل عداوة خاصة مع أسامة لكنه هو من تجرأ و وقف أما القطار و لا يتوقع أن يدعسه !!
ظلت مريم تتابع رحيله ، ذلك الغبي يظنها لا تفهم أن تحيته الساخرة !
فالغبي فعلا من يظن أن الجميع أغبياء ! لقد كشفته .. استطاعت أن تعرف أنه المدبر لكل المصائب التي تلحقهم من قديم الأزل !
يظن أنه سريع الخطوات ، لم يدرك بنفسه عندما كان القائد عليها في الكلية الحربية أن سرعة تفكيرها تغلب سرعة خطوات الفهد !!
و هل لقبت بسيدة الخطط من فراغ ، هل برعت في الرياضات العنيفة و قاتلت رجلا بشراسة الأسود .. لقوة عضلاتها مثلا !!
القوة البدنية للرجل تغلب عشرون امرأة .. حقيقة لا جدال عليها .
هي فقط استعملت عقلها ، عقلها الذي جعلها تستخدم بيادق كثيرة في أماكن مختلفة لجمع كافة الأدلة و الوصول للهدف .. بينما بدت للجميع كهدف ثابت يسهل اصطياده ، أربعة أيام قضتهم في محبسها تعد خطتها و تزيد من مهارتها ، و استخدمت شريف كعصا المايسترو ، و قادت هي الأوركسترا ..
مخزن شركة جدها ، مكان مثالي كي يستطيع شريف و مجاهد استجواب ذلك الصحفي الذي شوه سمعتها ..
الأخبار عن عزت كانت تصل لها أولا قبل أن تصل لعصام ..
أستاذ عباس بمساعدة سامح و محمد استطاع معرفة الرأس المدبر للشركة ، الذي يتبعه المدعو شكري الأحمدي ..
و لا يكون غير ذلك المتباهي الذي يكن العداوة لكلا من جدها و حسين ثابت ، و ربما هو السبب في مقتل سامح زهران ، لسبب مجهول .. معتز سالم الدمنهوري !
الآن جمعت خيوط العبة ، ستكون الممتعة أكثر الآن .
حان الوقت لرد الدين يا معتز .. حتى تلك الإهانات التي وجهتها لجدي في اللقاء الأول ..
.......................
-مين دا يا أسامة ، حاسس إني أعرفه بس ..
قالها حسين هامسا ، فأجاب أسامة :..
-دا العقيد معتز سالم الدمنهوري كان بيدرس في الكلية قبل ما يتعزل .
-أهاه .
قالها حسين مفكرا بتأني ، قبل أن يصافح أسامة هاتفا بمواساة :..
-أسامة أنت قوي .. عيزك تعدي الأزمة دي بسرعة ، عشان نحل باقي الأمور العالقة سوا .. معنديش راجل أعتمد عليه غيرك .
طأطأ أسامة رأسه و لم يرد ، صدح هاتف حسين فأجاب ، ظهرت ملامح الدهشة على وجهه بطريقة أثارت فضول أسامة ..
حسين : أها تمام ..
أسامة : في إيه ؟
حسين : دا المعمل الجنائي بيبلغني نتيجة التحقيقات .. الشك الأغلب إنها حادثة انتحار ..
هتف عصام بسخرية :..
-و المطلوب مننا نصدق يعني .. سامح زهران ينتحر أخر نكتة دي و لا إيه ؟!
أردف أسامة بعصبية :..
-مين المتخلف اللي طلع النتيجة دي .. الوضع اللي كان فيه مستحيل يكون انتحار ..أنا محتاج بس إذن إني أحقق في القضية .
فكر حسين لبرهة ، قبل أن يهتف :..
-ماشي يا أسامة هتصرف ، و أخليك أنت و عصام تحققوا في القضية ..
.................................
بعد مرور عشرة أيام ،،،
تحدث حسين مع أسامة على الهاتف ..
-كدة أنت متأكد صح ..
-80 في المية جريمة قتل .. و عصام بيأكد على النتيجة ..
-و الباب المقفول ؟
-دخل من التراس ... و غالبا بابا يعرف الشخص دا و هو اللي فتحله ... و بتكنيك بسيط قدر يخليه يقفل .. ممكن أبقى أوريك إزاي ؟؟
-تمام ..
-و الشهود طبعا عصام خد منهم المعلومات طبعا ؟
-أيوة فاضل شغل المباحث .
-كويس جدا ، دلوقتي لازم أقولك على حاجة مهمة ... إحنا لازم نعمل اشهار لحازم و جنى .. أنا بكلمك أنت عشان أنت أعقل من عصام .
ظهر صوت أسامة العصبي :..
-فرح تقصد فرح ... فرح و أبويا مقتول بقاله 10 أيام !!!
-أسامة تقدر تهدى شوية .. أيوة يا أسامة أقصد كدة ، أنا كنت متخيل إنك أنت اللي هتقولي .. كتب الكتاب مش حل ، لازم فرح و الصحافة تنزل الخبر كمان .. دي سمعة أختك و سمعتك أنت و أخوك و سمعتي أنا كمان .. فالامتحان بتاع امبارح .. الحرس بتوع جنى و حازم بلغوني بهمز كتير و لمز و تطاولات مش لطيفة ، كل أما نتأخر أكتر كل ما هيكون فيه تطاولات أكتر و طرطشات سخيفة .. و عدونا مش سهل .. و كل حاجة متعلقة و ما بنتقدمش و لا خطوة ، و هو بيقدر يرتب و يخطط و إحنا بس بنحاول نوقف هجومه ... فكر بعلقك يا أسامة و شوف مين أهم أختك و لا اللي الله يرحمه بقى ... أنا مستنيك يا أسامة ترجع ، ترجع أسامة اللي أعرفه.
ثم أغلق حسين الهاتف ..
و بدأ أسامة يحكم عقله ليتخد قراره و يحدد أولاوياته !!
.............................
بعد مرور يومان ،،،
أقام حسين ثابت حفل زفاف بسيط في منزله لابنه و عروسته ، اقتصر الزفاف على أقرب الأقربين ، و بعض الصحفيين الموثوق بهم ..
كانت جنى ترتدي فستان رقيق للغاية ، و حجاب بسيط ..كانت غاية في الرقة و الأنوثة ... لكن مازال الحزن يرسم خطوط وجهها و هي مجبرة تمثيل الابتسامة ، و والدها متوفى منذ اثنى عشر يوما فقط .
أما حازم فارتدي بذلة بيضاء أنيقة ناسبته كثيرا ، كان كالأمير .. لكن أمير غاضب .
هذا ليس مكانه ، ليس دوره !!
تلك المسرحية الهزلية إلي متى ستستمر ؟!
و ارتدى كلا من عصام و أسامة بذلات سمراء اللون ، تشع هيبة و وقار ..
أما بريهان ، فارتدت فستانا من اللون البيبي بلو , و حجاب أبيض أظهر جمال بشرتها الخمرية و عيونها الخضراء .. كانت فاتنة بشكل يخطف الأبصار ..
أما مريم فقد ارتدت فستانا أزرقا زهريا يناسب عيونها الزرقاء الجميلة ، و حجاب أبيض اللون كذلك .. كانت كسندريلا !!
...
و عنان كذلك ارتدت فستانا ملونًا ، و فهي لم تلبس الأسود حدادًا على زوجها ... عفوا طليقها سوى ثلاثة أيام ، تقديرا لأولادها فقط ..
كانت بسيطة ، لكن كانت في عيون ذلك الذي يراقبها من بعيد ... مميزة .
تسلطت العيون فجأة على الثنائي المميز ، مضيف الحفل و زوجته ..
حسين و نورا .. كانوا و مازالوا ثنائي الحب الأبدي !
التقط الصحافيون صورا لحسين و نورا ، و للعروسين ، و صورة لمريم و أسامة كذلك ..
......
و بعيدًا عن ذلك الزيف ، جلس حازم و جنى في مقعديهما ، كل سارح في ملكوته ، صامتين ، إلي أن هتف حازم بابتسامة مصطنعة :...
-مبرووووك يا عروسة ... نفسي أسئلك سؤال من يوم ما عرفتك ؟
نظرت له جنى بفضول ، فهمس لها حازم :..
-هو أنتي كل جروحك كدة بتلم بسرعة ؟!
قالها باحتقار .. صعقها !
...........................................
ابتعد عصام عن الحفل تماما ، بحث عن أبعد مكان في الحديقة ليجلس فيه وحده ، بعد أن ظهر بمظهر لائق أمام الناس !!
لن يتحمل أكثر من ذلك من الكذب و الإدعاء !
أي سعادة و أي فرح .. بعد شرف أخته الذي مُس بكلام باطل ، بعد سمعتهم التي تلطخت ، بعد الكوارث التي عرفوها عن والدهم ، و تناولتها الصحافة ، بعد أن قُتل والدهم بتلك الطريقة البشعة ... و القاتل مجهول !
و يريدون منه الابتسامة و الفرحة و التحرك كالبهلوال ! هو ليس حجرا !!
ربما أسامة أفضل منه في التصرف ، و إحناء مشاعره جانبًا ، و بارع جدا في التظاهر بالهدوء .. لكن هو لا !
هو يغضب و يثور ، و يشعر أيضا بالفوران و الثورة !!
يريد أن يصرخ الآن بعلو صوته ..
و بعيد عن الموسيقى و الصخب ، و جدها أمامه كالحورية ، بل كالجنية .. اختارت الهدوء مثله .. جلست بين الورد و كأنها لا تختلف عنهم كثيرا ، اقترب منها أكثر حتى وقف خلف ظهرها سمعها تهتف :...
-يا حبيب الروح ... تعالى هنا عندي ..
فتصنم وجه عصام من الصدمة !!
.......................................
جلست مريم على طاولة ، وحيدة تشعر بعدم الارتياح بسبب ذلك الفستان و الحذاء ذو الكعب العالي و التي أصروا عليها لترتديه هي بالأصل فارعة الطول و لا تحتاجة و لكن حكم القوي ... بريهان هذه !
و سبتها في سرها !
-منك لله يا بريهان .. أنا مش قادرة أخد نفسي ..
ثم انتبهت كل ما يحدث ! هي بالأصل متفاجأة من ذلك الزفاف الغير متوقع لا في توقيته و لا بزوجيه ..
حازم و جنى !
و بهذه السرعة .. و بالطبع لا تسأل ، فأسامة اعتاد ابتعادها عن الساحة و أحبه ... متخذا دور الفدائي الساذج هذا !
نظرت حولها ، و كأنها ترى أنها لا تنتمي لهذا العالم ! هذا المكان لا يناسبها على أية حال .
أين جدها و منزلها ، سلاحها و تدريباتها !
جلس عباس عواد في مقابلة مريم لكن عيناه تزوغ على شخص أخر .. شخص يقف جوار ابنته الآن .
نبهت مريم حواسها معه ، فضحكت لما لاحظت ..
أستاذ عباس و عنان !!
هتفت بصوت عالِ لسمعها :..
-جميل اللون الموف عليها ؟!
هتف هو بابتسامة دون أن ينتبه :..
-تحفة ! كلها تاخد العقل ..
ضحكت مريم بصوت عالِ ، فانتبه عباس ، فاحمر وجهه من الإحراج و كاد ينهض ، لكنها أردفت :..
-استنى بس يا متر .. أنت بتحبها بجد .. احلف و الله مش مصدقة هههههههههههههه .
هتف عباس بحدة خفيفة :..
-ما خلاص بقى يا مريم بطلي ضحك .. أه بحبها يا ستي ..
-أنت مش متجوز صح ؟
-لأ !
-طب ما تيلا إيه اللي منعك ؟ روح كلمها اهي .. او كلم أسامة ، ابعد عن عصام عشان غبي و معندوش تفاهم .
-مش عارف .. محرج جدا .. و خصوصا إن لسه يعني ..
-عشان جوزها يعني ؟
-طلقها مش جوزها .
قالها بحدة و غيرة ، فضحكت مريم هاتفة :...
-ههههههههه ... و بتغير عليها كمان هههههههه .. أنت مش ممكن ..
-و الله أسيبك و أقوم أنا غلطان إني بتكلم معاكي أصلا ..
-أسفة أسفة خلاص يا أستاذ عباس ... بس أنت كلمها و اعرف رأيها مبدئيا .. بس أنا ملاحظها إنها تخطت موت جوزها .. قصدي طلقها ما تزعلش ... و لابسة ملون و كما في العزا ما كنتش زعلانة .. اعرف رأيها و توكل على الله .. بس و الله حسة إنها كمان عينها منك ... بتبصلك من تحت لتحت زيك كدة ..
-بجد !!!!!!
اتسعت ابتسامة عباس ، و ترك مريم ، و توجه ناحية هدفه , تاركا مريم غارقة في نوبة هسترية من الضحك ..
-بتضحكي على إيه ؟
قالها أسامة هامسا في أذنها , فالتفت له مردفة :...
-بضحك على ردة فعلك لما تعرف اللي أنا عرفته ؟
-أعرف إيه ؟؟
هتفت مريم بغموض :...
-ما تستعجلش هتعرف هتعرف ...
ابتسم لها أسامة بصفاء و جلس جوارها ، مضى وقت طويل و لم يرَ ضحكتها ! تبدو جمبلة جدا الليلة ، فهمس لها بحب :..
-تعرفي إنك زي القمر النهاردة .
تخطبت وجنتيها حياءً .
صوته ذا البحة كيف يؤثر بها هكذا .. يا الله !
أمسك أسامة يدها ، اقترب منها كثيرا بشكل ضاعف أنفاسها ..
-تعرفي أنا نفسي ......
" أسامة ! "
انتفض أسامة من الصوت الأجش الذي يهتف خلف ظهره !!
بقلمي أسماء علام
التفاااااعل !!
فستان جنى 😍🤭
أنت تقرأ
و احترق غصن الزيتون
Romanceالجزء التاني من أختان في العاصفة ٣٠ فصل + خاتمة اقتباس -فما تكلمنيش على الخوف ... عشان أنا عارفة ... ما تجيش تقدملي زهور الحب في وقت أنا قلبي صحرا ما يزهرش فيها ورود ... شوك و بس ... انتقام و بس .. نار و بس .. رصاص و قتل لحد ما أحرق كل غصن زيتون...