«جلالته غا- غادر ليبحث عن تو- توأمه... سموّها وبعض الحرّاس رافقوه».
نطق الخادم أخيرا.

«إلى أين؟!».
أكملت بذات النبرة.

«لا علم لي... جلالتها سيلين هي من أخبرته بمكان توأمه».
ذلك حوّل غضبها على سيلين فاستدارت لتعود إلى القاعة وتستجوبها لكن لِيونار أمسكها قبل أن تأخذ أكثر من خطوتين.

«ليس الآن، سِيلا. الخسوف الأخير بالغد وميكا عائد في طريقه الآن على الأرجح».
تشبّث بذراعها مرسِلا كل طاقته إليها حتى يُهدّئها.

أخذت نفسا عميقا إلا أنه آلمها كثيرا لدرجة أنها انحنت ممسكة بقلبها تشهق بحدّة. عندها تقدم سِيزار ووقف إلى جانبها أيضا.

«يجب أن ترتاحي! توأمكِ الملعون سيعود».
عاتبها كي تعدِل عن فكرة اللحاق بـ ميكايليس.

لم تستطع الرد عليه فقد فقدت كلّ طاقتها بالفعل وكادت تقع جاثية لولا إسناد لِيونار لها.

في لحظة كانت تُخيفهم بإنفعالها ثم أصبحت فاقدة للوعي كجثة هامدة. حملها الإريميا والقلق بادٍ على ملامحه ليأخذها إلى غرفتها القديمة، أما البقية فتبِعوا الخادم من جديد.

«تلك توأم ملك اللايكان؟ ضعيفة للغاية...».
علّقت ثيرسا عفويا حتى تُبدد الصمت الذي بينهم إلا أن توأمها رمقها بنظرة قاتلة أخرستها.

وصلوا إلى الطابق الثاني أين تم توزيع كل توائم الآلبستارز على الغرف المتعددة، أخذ الإريميا غرفة ثم وقف الثعلبان أمام أحد الأبواب في انتظار أن ينفي الخادم ما يجول في ذهنهما.

«غرفتي ما تزال بالطابق الثالث، أليس كذلك؟».
سأله سيزار.

«أعتذر، سيدي. الطابق الثالث محظور على الجميع؛ أوامر جلالتها سيلين».
وتركه بعد أن انحنى باحترام.

«هل تخاف ألا تتمالك نفسك داخل هذا الحيّز الصغير؟».
استفزّته ثيرسا برأس مائل للجانب بينما حدّقت إلى الأعلى فيه ببراءة زائفة.

«نعم... أخاف أن أكسِر عنقك قبل الخسوف ويفسد كل شيء».
انخفض سيزار لمُستواها وتعدى على مساحتها الشخصية بابتسامة ساديّة جعلتها تتلعثم ثم تدخل وتُغلق الباب بقوّة خلفها.

«هذه القلعة الملعونة فيها إسطبل في مكان ما، أليس كذلك؟ أو ربما بيت خشبيّ لكلاب الحراسة، حتى بيت عُصفور... سأضع فيه هذه اللعنة الملتصقة بي وأُريح أعصابي».
تمتمَ ثم تنهد نفسا طويلا ودخل.

بفضل ردود فعله السريعة تمكّن من تجنّب شيء صلب ما جاءه محلّقا في الهواء، وجده حذاء توأمه بعد أن تفادى الضربة.

«لستُ أتوسّلك لتتواجد بِـقُربي! يمكنك الذهاب إلى صديقتك الضعيفة و...».
قبل أن تنتهي من صراخها به التفّت قبضته حول عنقها لتُثبّتها على السرير.

«لا أحد هنا ضعيف غيركِ. أنتِ التي ترفضين النضج ولا تزالين ضعيفة الشخصيّة، لا ترضين عن نفسك إلا إن أهنتِ أحدا يُعاني الجحيم بالفعل».
حدّثها سيزار بنبرة صقيعيّة ارتجف لها جسدها المُثبّت تحته.

نظراته كانت مُستحقِرة وخائبة في الآن ذاته، كيف له أن يُلعن بتوأم مثلها بعد كل الذي عاناه في حياته بالفعل؟ ماذا لو كانت سِيلا هي توأمه؟

«تِلك التي تتكبّرين عليها، لو كانت توأمي لما فكّرت في التمرّد على سيلين أبدا. هادئة، لطيفة وتهتمّ لغيرها -على عكسك، دائمة الاشتعال ومتنمّرة-».
قبضته استرخت لكنّ كلماته هي ما كان يخنق ثيرسا ويُدمِع عينيها.

«كم هو مؤسف لك، فأنا توأمك وليست تلك اللايكان الضعيفة. أنتَ مُجبر على تقبّلي بـكل عيوبي وأخطائي».
كلامها كان همسا مستفِزا بينما حاولت رفع رأسها للاقتراب منه، دفعها ليُعيدها للاستلقاء ثم انحنى إليها أكثر.

«من قال أنني مُجبر؟ عِشت حياتي وحيدا ويُمكنني مواصلة ذلك بسهولة، ابحثي أنتِ عّمن يمكنه تقبّلكِ. تظنين أن خطيبكِ ذاك صابر عليكِ حُبّا فيكِ؟ لولا عرش والدكِ لما أضاع وقته في إرضاء مدللة مثلكِ...».
قهقه بجفاء ووضع كفّيه إلى جانبيْ رأسها.

«قناع التكبّر هذا لن يوصِلكِ إلى أيّ مكان، سموّك. لستُ في أدنى حاجة لكِ، لذا كفّي عن محاولة إخضاعي وابدئي بالخضوع».
تلامَس أنفاهما وامتزجت أنفاسهما قبل أن تزفر ثيرسا وتندلع منها ألسنة لهب برتقاليّة فاقِعة بخّرت دموعها.

لم يتأثر سيزار بل اتّسعت ابتسامته والتهب جسده بنيران أشدّ بيضاء اللون.

«حين تُحاصَرين تشتعلين، فاشلة في آداب الحديث...».
استفزّها من جديد فارتفعت ألسنة اللهب حتى السقف دون أن تحرق أيّ شيء لأنها كانت تستهدف الذي فوقها فقط.

«لندع الثعالب تتحدث».
أجابت بتحدٍ تاركة السيطرة لثعلبتها فتحوّلت عيناها لتُماثل لون النيران المنبعثة منها.

امتزج الأبيض بالبرتقاليّ والتهما كلّ الغرفة إلى أن انفتح الباب فجأة فأُخمِد كلاهما قبل أن يتسبب في حريق يُدمّر القلعة.

«حين طلبتُ منكما تأجيل قتل بعضكما قصدتُ أيضا تأجيل صنع جراء صغيرة إلى ما بعد نهاية العالم...».
علّق لِيونار مُشيرا نحوهما بسبابته في حركة دائرية.

أدرك الثعلبان الوضعيّة التي كانا فيها فابتعدا عن بعضهما سريعا.

«كيف حال سيلا؟».
غيّر سِيزار الموضوع بعد أن تظاهر بالسعال.

«طردتني من غرفتها... لنبحث عن كاليبسو».
ابتسامته كانت نابعة عن المرارة التي شعر بها لذا سارع في تغيير الموضوع هو أيضا.

نهض الثعلبان دون نقاش، سيزار ليُرافقه في البحث عن ملكة الحوريات وثيرسا لأنها لم تُرد البقاء بمفردها مع الأفكار التي غرسها توأمها في رأسها للتو.

----

----

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.
سِيلا ✓Where stories live. Discover now