الرابع والثلاثون

Start from the beginning
                                    

ورغم اعتدادها الدائم بتصرفاتها وأفعالها التي لا تحب أن يتدخل فيها أحد...
لكن رائحة الغيرة التي فاحت من كلماته أشبعت قلبها بشعور لذيذ دلل أنوثتها باقتدار...
فارتشفت رشفة من الكوب باستكشاف لتعلو "رغوته" المميزة شفتيها مع تساؤلها بنفس الدلال:
_"قلب الشاعر" يغار على "أم ابنته"!!
لكنه فاجأها بقبلته التي امتزج مذاقها بمذاق المشروب المميز مع همسه الحار:
_بل على "حبيبته"!
تجمدت ملامحها للحظات وهي تتفرس وجهه بعدم تصديق...
قبل أن تتمتم بترقب:
_حبيبته!
فدارت أنامله على وجهها ببطء مع همسه الدافئ:
_وهل من دليل على صدقها إلا أنني لم أفكر فيها قبل أن أقولها؟!كل يوم يمر علينا معاً يزداد قلبي بكِ تعلقاً ...صورتكِ التي يزداد وضوح نقائها ساعة بعد ساعة تمتلكني بشعور لا يمكن أن أسميه إلا حباً!
دمعت عيناها بتأثر وهي تحلق بعاطفتها في سماواته الزمردية التي كانت تمطرها الآن عشقاً تراه لأول مرة بهذا النقاء...
لتتشبث أناملها بقميصه مع همسها الذي مزج قوتها العتيدة بضعف غريب:
_قلها ثانيةً يا عزيز...أريد أن أسمعها حتى أملّ منها ولا أظنني سأفعل...امحُ بها ما مضى من عمري كله...لا أريد أن أتذكر شيئاً سوى أنك أنت...أنت عائلتي التي لن ينتزعها مني أحد...أجلسني على ساقيك كطفلتك كما لم يفعل أحد معي من قبل...أخبرني أنني أستحق الحب...أسمعني صفاتي بعينيك كما تراني ...بدّد خوف قلبي الذي ما عاد يجد أمانه إلا معك.
فابتسم وهو يريح رأسها على صدره ليهمس بحنان:
_هل تذكرين حديثنا يوماً عن مسافريْن في قطارين يسيران متعاكسيْن...تلامست أناملهما ساعة التقاء القطارين...وبعدها مضى كل منهما في طريقه؟!!
ضحكت وهي ترفع عينيها إليه لتقول بثقتها المميزة:
_يومها أخبرتك إن أحد القطارين سيغير طريقه ليلحق بالآخر...وقد صدقت!!
هنا رفع أناملها لشفتيه ليقبلها بامتنان مع همسه أخيراً:
_شكراً لأنك أجدتِ السعي خلف قلبي حتى امتلكتِه كاملاً...
ثم صمت لحظة ليردف أمام عينيها بأول عبارة حب يقصدها بها وحدها:
_أسري في فضاء عشقك...حرية!
==========
_يالله!!كم تشبهك يا عزيز!!
هتفت بها رحمة بسعادة في المشفى وهي تضم حفيدتها لأول مرة ...
فتلقفها منها عزيز بلهفة ليتفحص ملامحها المنمنمة برهبة ممتلئة بشعور غريب تعرفه روحه لأول مرة...
قطعة اللحم الصغيرة هذه ...ابنته!!
ورغم أنه لم يمكنه تمييز شئ من ملامحها التي تشبهه كما تزعم رحمة...
لكن ما إن فتحت الصغيرة عينيها حتى ابتسم وهو يراهما زمردتين كعينيه!!!
_عزيز...هاتها!
همست بها ميادة بضعف وهي تمد له ذراعيها فقربها منها فقط ليمكنها من رؤيتها مع قوله الحاني:
_لن تستطيعي حملها الآن ...سأحملها أنا لكِ.
ابتسمت بوهن وهي تطالع ملامح الصغيرة بانبهار مع همسها الواهي:
_نسخة منك يا عزيز!
فقبلها على جبينها بعمق وهو يربت على وجنتها قائلاً بحنان:
_بعد كل هذا التعب الذي رأيتِه أنتِ في ولادتها ...كان يجدر أن تشبهكِ أنت!
هنا ضحكت والدة ميادة وهي تجلس جوار ابنتها على الفراش لتربت على كتفها قائلة ك"حماة" أصيلة:
_الملامح تتبدل...يقولون في الأمثال "البنت لأمها"...غداً تكون نسخة منها!
فابتسمت رحمة بحنانها المعهود وهي تخاطب ميادة:
_المهم سلامتك ياابنتي...يشهد الله إنني لم أتوقف عن الدعاء لكِ.
اتسعت ابتسامة ميادة الواهنة وهي تنقل بصرها بين الجميع بارتياح وقد غمرت روحها سكينة هائلة...

ماسة وشيطان   Where stories live. Discover now