الفصل الثالث والعشرون

4.7K 144 1
                                    

السعادة لا تهبط عليك من السماء

بل تزرعها في الأرض بيدك ترويها بثباتك ومواقفك

لتجني منها ما ينسجم مع عقلك وقلبك وجوارحك!

وفي أفق حياتها كانت هناك آمال وآلام

خلقت من بينها عصافير الجمال.

فكانت كمن ربتت على قلبها الموجوع

بعد طريق حالك بالأشواك اجتازته بقوة وصبر.

في موطن الاستجمام الأولى بروح العشق المجنون، وفي مدينة العشق حيث كل حبة تراب مجبولة بالحب وهواؤها ينشره بالأرجاء..

في فينيسيا "البندقية" حيث يمتزج الماء بالنار والبشر مع الحجر كانت تقضي شهر عسلها برفقته تغلفهما المتعة الروحية الممتزجة بالعشق الوجودي.

يطالعها ترفرف حوله بثوب أسود من خامة الدانتيل بكتفين منخفضين حتى الزند، ينسدل على جسدها بضيق من فوق الصدر بقليل حتى الخصر و من ثم يتسع بطبقات متعددة حتى أسفل الركبة بقليل... وخصلاتها المموجة تشبك طرفيها بمشبك صغير في منتصف رأسها تاركة غرتها تهبط على جبهتها.

جمالها هادئ ساحر ينافس فتنة المكان، كمن استفزها سحر الجمال هنا فقررت تحديه بفتنتها الشرقية!!

لا يشعر أنه قضى أيامًا أجمل من تلك الأيام برفقتها، رأى الجانب الآخر منها.. الجانب الطفولي المرح ذو الدلال الفطري الذي غضقت عليه به ولا تظهره إلا للمقربين فقط !!

لم تكن الجادة العاقلة لكنها كانت طفلة بجسد أنثى يلهب قلب الذي ظن أنه تاب عن العشق وأضحى راهبًا في محراب العمل.

لم يترك مكانًا في البندقية إلا وقد زاراه، تنقلا بالجناديل الكلاسيكية التي تشتهر بها، تسوقا كثيرًا والتقط لهما الكثير من الصور وعندما أخبرها عن السر وراء حبها لكل هذا التصوير أخبرته:

"علشان أفضل محتفظة بكل ذكرى هنا، وكمان أغيظ منار وأسماء"

والآن يقفان منذ ساعة يحيط خصرها بذراعيه، لتضع كفيها على كتفيه تقف على ساق واحدة والأخرى ترفعها ترسمان زاوية قائمة ونظراتهما تشع الحب والعشق الحقيقي، وأمامهما شخص يجلس على كرسيه أمام لوحة يرسمهما بافتتان لهذا الصدق المطل منهما.

انتهى أخيرًا فزفر مازن بقوة هاتفًا بسخرية من حاله وهو يخرج بضعة ورقات نقدية يعطيها للرجل ويأخذ الرسمة:

"مكنتش أتوقع إني أقف ساعة في الشارع عشان حد يرسمني، دي أسماء معملتهاش"

طالعته هدير بحاجب مرتفع ونظرات حادة، فجذبها إليه مقبلًا وجنتها بقوة ضاحكًا، يهمس لها بتساؤل:

الحب سبق صحفي للكاتبه هدير مجديWhere stories live. Discover now