نسيمُ السَّحَر

10.6K 208 14
                                    

تُوقف الأضواء رحلتها في الانتشار بينما تصطدم بكأس الماء الذي تحمله هيلدا لتنعكس على وجهها مكملة سيرها فوق وجنتها الباردة في ساعات السحر الأولى، حيث للنسيم لذة العناق، تدعه يمازح روحها إلى أن يتحول تدريجياً لريحٍ قويةٍ مع سرعة مرور القطار التجاري الذي يفصل بينها وبين الجهة المقابلة من المدينة ومشاعلها التي لم تُطفأ بعد، تدرك أنه الشيء الوحيد الذي تأقلمت معه حتى الأن خلال الأيام القليلة الماضية من انتقالها لهذا الجانب، تتنهد بعمق وتكمل شرب الماء مع جَلو صوت القطار على مسامعها، تبقى قليلاً تراقب خروج الضوء وولادته مع حفظ العديد من المشاهد في ذاكرتها، يمضي الكثير من الوقت وهي في حالة شرود إلى أن تثور معدتها استجابة لرائحة الكعك الفرنسي الطازج من أسفل الجهة المقابلة، تقول في نفسها "أوه يا لي من شاعرية حمقاء".

بخطوات متباطئة فوق الدرج الخشبي، تفتح باب المنزل وتخرج لتقابل السيد أندريه الذي بدوره كان يقوم بفتح الأقفال من الداخل ويهم بإنزال المظلة من الأعلى خوفاً من مطر مفاجئ يباغت مقدمة المخبز.

هيلدا بصوت يحاول ألا يرتجف: صباح الخير سيد أندريه، تحتاج مساعدة؟

السيد أندريه ملتفتاً نحو الصوت: سيد! تُشعرينني وكأني في مقتبل شبابي ولكن حقيقةُ أنني لست قادراً على إنزال هذه المظلة تذكرني بأني لست إلا كهلاً.

هيلدا بينما تقوم برفع جسدها وسحب المظلة معهُ: لو تأخرتُ قليلاً لكنتَ أنزلتها بالفعل، أليس كذلك؟

السيد أندريه ضاحكاً: نقطة جيدة، لكنّي رجلٌ عجوز، ألا ترين ذلك!

هيلدا: كل ما في الأمر أنك أبطأ قليلاً وهذا حقاً أمرٌ جيد.

السيد أندريه: كيف ذلك!

هيلدا: أنت تستطيع أن تراقب العملية بشكل أبطئ وأدق.

السيد أندريه موسعاً ضحكته ببطيء: أوه سآخذ هذا بعين الاعتبار.

هيلدا باهتمام: حتى ضحكتك هكذا تبدو أكثر واقعية.

السيد أندريه: يا لكِ من شابة لطيفة، لكن أنا لم أركِ من قبل وأنت ناديتني باسمي بالفعل ولا أعرف اسمك..

صمت قليلاً ثم أضاف: وتمنحيني فهماً أفضل من فهمي للأمور.

هيلدا متلعثمة: أوه..هذا..حقاً..أسفة اسمي هيلدا انا ابنة عم بيرنارد انتقلت هنا منذ عدة أيام.

قالت وهي تشير إلى المنزل ثم أكملت مشيرة هذه المرة إلى شرفتها: وسمعت الكثير ينادونك باسمك من الشرفة وكذلك بيرنارد ذكر اسمك عدة مرات أمامي.

غابَ نهارٌ آخرKde žijí příběhy. Začni objevovat