«أليسَت بحاجة لنا؟».
نطقت سِيلا تطرح فرضية جديدة.

«على الأرجح، لكن لا يمكننا الاعتماد على ذلك. يجب أن نسبِقها دوما بعشر خطوات حتى لا تكون لديها السيطرة التامة على مصيرنا».
تحدث سيزار عاقدا حاجبيه، استراتيجيته هي الأفضل للتعامل مع هذا الوضع.

«ذلك صحيح، لذا يجب إرضاؤها والحذر منها في الآن ذاته. يمكنني مساعدتكم بإعلام الألبينو من الكائنات البحرية أن قلعة اللايكان هي ملاذهم بينما تبحثون أنتم عن طريقة لمعرفة ما سيُحدث بعد الخسوف الدمويّ الثالث».
عرضت كاليبسو مساعدتها.

«قد يكون باستطاعتها التنصّت على أحاديثكم...».
أردف القبطان ليومئوا له جميعا.

«أخذنا حساب ذلك، نتجنب التناقش عنها أثناء الليل».
طمأنه الطبيب.

ضربةُ قبضة ملكة الحوريات على الطاولة جعلتهم يهتزّون هلعا. لؤلؤتا عينيها توهّجتا بلون أخضر لبضعة ثوانِ ثم بهت لتعودا لبياضهما الطبيعيّ.

«النهار ليس آمنا أيضا».
صوتها كان مختلفا، أجش وأكثر استعجالا.

«ماذا رأيتِ؟».
سألها توأمها ممسكا بيدها برفق، القلق كان باديا على معالم وجهه.

«لا يمكنني التذكر! إنها تحجب عنّي رؤياي كلما كان الأمر متعلقا بها».
الغضب جعّد ملامحها فزفرت بعمق ومالت نحو القبطان بحثا عن الأمان.

«سنجد حلا ما...».
حاولت سِيلا تلطيف الجوّ بنشر بعض الأمل بينهم.

«أكيد. يجب أن نعود على مسارنا. سنترك أهل البحر لكاليبسو حتى تجمعهم ونبحث عن أهل اليابسة».
كان لِيونار أول من ينهض ليتبعه البقية بعد موافقته.

----

قبل لحظات من الغروب كانوا قد عادوا إلى البرّ.

القبطان غيلمور أبحر بهم إلى ساحل غير الذي انطلقوا منه سابقا، ساحل غير مأهول تقبع خلفه غابة كثيفة الأشجار لا يكاد يصلها ضوء الشمس لكنها مضيئة بطريقتها الخاصة. يراعات متوهجة طافت بين الأغصان باعثة نورها وفطريات متنوعة الأشكال لمعت بزُرقة على الجذوع، كلاهما جعل الطريق واضِحا أمامهم ومنحه هالة ساحِرة.

«هل نحن متأكّدون أن الخريطة لا تُشير لإحدى هذه اليراعات؟».
استفسرت سِيلا مُتمعّنة في الحشرات التي تحوم حولها.

«إنها لا تتوهج كما تتوهجان أنتما».
علّقت ڤاليرا ووعيها شارد مع ضوء اللايكان والثعلب، لا يمكنها مقاومته وخاصة في وسط مظلم كالذي هم فيه الآن.

«أمسكي نفسكِ قليلا. لستِ كلبة في موسم التكاثر، أليس كذلك؟».
ناظرها سيزار بحِدة حتى تركّز على مهمتهم.

«بل ذئبة في موسم الصيد. هل تستغني عن رأسك؟».
كشّرت عن أنيابها في تهديد. زمجرتُها جعلت بعضا من الكائنات الليلية تهرب من مخابئها بحثا عن أخرى أكثر أمانا من اللايكان.

سِيلا ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن