هذا الصيف لا يشبهُ أي صيفٍ آخر .

173 40 30
                                    

كُنت أفقت من ساعتيِن كان نهاراً مشمساً أنها وبلا شكٍ نهاراتُ الصيف الرَهيفة، دون أن يدرك المرء يُحس بالدغدغة ، في الأيام الصيفيةِ شيءٌ من حس المَرح والوداعةِ كأن هذا الكون ولد في صيفٍ ما .

كان منبطحاً على العُشب ثابتاً متأصلاً في الأرض تعلوا وجَههُ ملامحُ وديعة شفتهُ فيها أزرقاقٌ خفيف هناكَ محبةٌ في وجهِ كأنه لم يرى كرهاً في كل حياتهِ ، أمامهُ غرسةُ الشجرة اليانعةٍ التي غرسناها منذُ ثلاثِ أيام هي آخذةٌ بالنمو بينما يَغفو قربها أحيانا أحياناً اكون متعب العينيِن من رؤيتهِ جامداً في الحديقة بينَ الأشجار لا يَتحرك قَط .

رَن الجرس فخطتو نَحو الباب كان ساعي البريد المُعتاد صَبياً بشعرٍ أسود دَمث الهيئة ،علاهُ التوتر بينما مَد بيدهِ رسالتينِ لي ،فأخذتهم ومد لي ورقةً وقعتُها كأثبات أستلام رفعتُ أنظاري لهُ حين أنتهيت كان شارداً في وجهي كنتُ أحس بعينيهِ جاحظتينِ نحوي يتفحصني، يبحث في ملامحي محاولاً أيجاد شيءٍ لا أعرفه ،

ذَكرني فجأة بتاو كان ينظر بذاتِ النظر حين التقينا أول مَرة كان يبحثُ عن شيء في عينيَ كنت أخاف أن يجده .

خطوت الى الطَاولة الخَشبية في المطبخِ كانت الاولى عبارةً عن فواتير ولكن الثانيةَ كانت رسالة من أختي الكبرى لنَ أقول أن الأمر صادمٌ بدل هذا سأقول أنهُ غير مألؤف

كان ينتابني خمولٌ خفيفٌ ممزوجٌ بنعاس رقيق
تركت الرسالةَ دون فتحها ،في القرية حَيث أختي أحقاً لا يوجد أنترنيت ؟!

توسدت قَرب أخي الأصغر كان غافياً تحت أشعة الشمس الخفيفة على العُشب البارد أغمضت عِيني تنفستُ بتمام رئتي وغَفوت ،مرت ثلاث أيامٍ لم أسمع موسيقى صادرةً من منزل السيدة وندي
هذا الصَمت يالهُ من رعدٍ هائل

أفقت وكَان شعور النعاس لا يزالُ ينتابني كانت السماء صافيةً والحر رقيق والنسيمُ ولسبب ما يحمل رائحة البحر

نظرت قربي وكان أخي يغط في النوم ينامُ بعمق ربما لقلة التَغذية ربما لأن لديه الكثير من الأحلام الحُلوة

ذهبت الى المطبخ كانت الساعة الثانيةَ ظهراً جلستُ على الكرسي نظرت من النافذةِ كان منزل جارتي هادئاً

كم هو حزينٌ بالنسبةِ لروحي إني لا أسمع موسيقى من ذاكَ البيت هدوءٌ جافٌ ورتيب ، جارتي وندي تَنظر الي دائماً بعينيها الكبيرينِ الحزينتين ،تنظر الي بأكتئابٍ كبير ، في ملامحِها شيءٌ شفاف وزجاجي أنها ناصعة وربيعية تحمل الأكياس أو الأزهار أو تسقي الحديقة حين رأيتها أول مرة مررتُ قربها كشبح لم تلتفت لي قَط بعد ذلك شعرتُ بمرضٍ وتوعكٍ فظيع في روحي

كنت أشعر دائماً أن روحها خَرجت من كتابٍ ما
وأنها ذاكَ النوع من الناسِ الذين ولدو في عصورٍ سالفة وقديمة ،

أحياناً تبدو شابة في العشرين وأحياناً آخرى عجوزاً في الأربعين ،المنَازل حولي كتلٌ صخرية منزلها فقط كان شلالاً متدفقاً وغزيراً لم أحدثها ولو لمرةٍ واحدة

نظرت الى رسالةِ أختي الكبرى على الطاولةَ شعرتُ فجأة أن هذا الصيف لا يشبهُ أي صيفٍ آخر
فتحتها كان خَطها جيداً وبشكل غريب كان راقياً وخلاباً متى أصبح خطها هكذا ؟!

كريِس أم هل عَلي أن اكتبَ أخي الأصغر أم أخي العزيز أم العزيزُ جداً أم الفتى الصغيرُ القادم من المجَرة أم الفتى الذي في عينيهِ شيءٌ يشبهُ التابوت لكن بعد كل شيء أنا كتبت كريِس لأنكَ بنسبةِ لي لستَ ألا ما أنتَ عليهِ ...


يتبع


أن يكَون شَجرة.Where stories live. Discover now