على الطاولةِ تَضخم الألم.

366 56 109
                                    

كانَ لدي تسعة عشر عاماً وحفناتٌ لا بأس بها من المشاعرٍ ذاتِ نسقٍ واحد

منذُ فترة وأنا أرى شيئاً يزهر في يدي،حين أنظر الى المرايا أرى اغصاناً تددفق من قزحيتي.

وجوداً دافئاً كياناً مسالماً لا يملكُ طموحاً عدوانياً ولا فكراً قلقاً أوحتى شهوة غرائزية
لا يحتاج الطعام
بل الماء والشمس فقط
هيئةٌ مطمئنة تدل على تدفقِ الحياة في الجوار
رائحةٌ رطبة تجلبُ السكينة
ولونٌ متراخٍ دافئ
أجل شجرة
أحسني شجرة
دائماً كنتُ أملكَ هذا الأيمان الواضح

أجلسُ أمامه إني في حياتي كلها لم أفتقد شيء كما أفتقدهُ
أحسُ بهِ على غير عادتهِ موجوداً قلقاً خائفاً
ينفثُ البرد في أنحاء المكان
بردٌ مع رائحة تفوح منهُ ،رائحة الموت

أنا أحرمهُ لذة شعورهِ المفضل لذة أن يكون مغيباً شبحاً أو شيئاً ميتاًكما حرمني شعوري ألاحب أن أكون في غابات السرو أن أكون شجرة !

أشعر بألمهِ يتدفقُ نحوي يدخلُ عيني فينسكبُ دمعاً

نحنُ نعود الآن الى ما كنا عليهِ في الماضي،وجودٌ بشريٌ مشوهٌ مقلقٌ وحَزين ،أشخاصاً بلا أرادة ،أشخاصاً يتألمون

--

لَقد طاردني دائماً مثل كائنٍ شرير أحاطني بشعورِ الواجب ومتطلبات أن تكون أخلاقياً إني في الجزء الأكبر من أرفضه

لكن أرادتي غير وافذة

وها هو الآن أمامي يثبتُ لي أن أرادتي مهملةٌ في هذا العالم
وأن هناك قوة أكبر تستحكمنا ودوافعٌ أكبر تأطرُ مَصائرنا.

أشعر بالألم وجودهُ أمامي على الطاولة على وجبه الغداء
صوتُ هطول المطر يزداد مُرتطماً بالنافذة،صوتُ الموسيقى من منزلِ جارتي وندي يرتفع ،أسمع أصوات السيارات في الخارج أصوات حفيف الأشجار،صَوت الريح الأجوف الأشبهِ بلعواء،أصعد الى أحساس الوعي شيئاً فشياً بالتَدريج و وببطئ أخرجُ من حالتِي المَيتة.

أصبحُ مدركاً ،حياً ،متيقضاً ،أشعر شعوراً واضحاً أتجاه أشياءٍ واضحة هذا يؤلم أن اكون حياً يؤلم أنها تجربةٌ مريرة .

أنظر اليهِ، اليهِ ،الى أخي الأصغر الى أيامي العائلية الى منزل الأسرة الى الطفولة الى المراهقة
الى أشياء لم أحمل يوماً حباً أتجهها
لا حُباً ولا كرهاً ولا أي شعورٍ آخر.

يتضخمُ في داخلي اليأس والكراهية
أنا أعودُ حياً أعود للألم ولأكتسابِ مشاعر لا أريدها.

أخسر قدرتي بأنعدام شعور الأمل واليأس
حالةٌ تامة من الأستيقاظ تمكنت مني

أنظر اليه يلوك قطع القرانبيط المسلوق في فمه
أسمع صوت أصتكاك أسنانه ،أرى قطراتٍ تسقطُ في الطبق الذي أمامه،أن المطر ينهمر من عينيه !

يرفع بصرهُ نحوي ببطئ بعينيهِ المكتنزتان بالماء الحزين
يرتفع صوت الموسيقى من منزل جارتي
المطر يضرب النافذة
أغطي وجهي بكلتا يداي فأشعرُ بالدموع حفرت راحة يدي

وقعتُ أرضاً من على الكرسي أرتفع صوتُ البكاء الصادر منهِ كان يأنُ كعصفورٍ مَيت
أرتفع صوت الموسيقى وصوت المطر معاً محدثاً تزامناً مريراً
ألالم يتَضخم..يَتضخم.

نهضتُ وهرولتُ الى غرفتي أوصدتُ الباب غطيت نفسي حاَولتُ، جاهداً أطفاء العالم الذي عاد حياً في داخلي

سمعتُ صوت الهاتف يرن
الأشجار لا تردُ على الهواتف ولا الموتى
لا أحد في هذا المنزل يمكنهُ أن يرد على الهاتف

لم أعرف لماذا أنا مَذعورٌ لما تَحكمني الهواجسُ والمخاوف

أستمر نَحيبنا يَرتفع تَلكَ الليلة...أعترف اليوم إني فشلت.
لا يُمكنُ لأحدٍ أطفاء العَالم

أن يكَون شَجرة.Nơi câu chuyện tồn tại. Hãy khám phá bây giờ