الفصل التاسع: عالقة بين الخيال والواقع.

95 27 8
                                    

...

بسم الله الرحمن الرحيم

تمرّ على المرءِ أيّام بأكملها لا يكون فيها متواجدًا لا في الواقع العينيّ و لا في الخيال العطوبيّ، لا في الداخل و لا في الخارج، بل في المنتصف تقريبًا، متروكٌ هناك بمفرده على هامش العالم، مبعدٌ و مقصيّ تمامًا من كافّة أشكال الوجود، عاجزٌ كليّاً عن تصنيف إحساساته أو فهم ما يحدث له، يبدو نكرةً، كائن بلا ذات و بلا صفات، يتخبّط وسط أبعادٍ بلا أضداد. -أندري تاركوفسكي.

قراءة ممتعة♡

...

ظلت منيرفا تصرخ حتى بح صوتها والغرابة في الأمر أنها لا تشعر بحركة الهواء حولها كأنها تسقط في
جوف من الفراغ وحتى الآن لم يحدث لها شيء ولم يصطدم جسدها بالأرض، وفي الأصل يحدث ذلك في ثواني معدودة لأي جسم ساقط من مرتفع مهما كان ارتفاعه.

لذلك خاطرت وتجرأت على فتح جفنيها فقد أحست بسكون كل شيء حولها ليشعرها ذلك بالريبة لذا أفرجت عن حدقتيها ببطء لتقلل من وقع صدمة ما قد تواجهه فلا شيء طبيعي يحدث حولها حاليًا.


لتدرك أن جسمها يهوي في قعر السواد ولا يوجد حولها شيء غير أبواب خشبية مختلفة الألوان والأشكال منقوش عليها شيء لم تتبين ماهيته لأن جسدها لم يكن ثابتًا حتى تدقق النظر وكانت الأبواب معلقة في الهواء دون دعائم.

ومن بينها باب مفتوح يطل من ورائه نور انبثق من بين ذلك الظلام الموحش، ولم تعرف لما انتابها شعور أنها سقطت من هناك وتدريجيًا بدأ خيال ذلك الباب بالتلاشي لذا صرفت نظرها عنه ونظرت للأسفل فلم تجد غير السواد الذي لا نهاية له.

لكن في لحظة أحست بألم فجائي عصر جسدها وأحست برعشة فيه اقشعرت له أوصالها ورجع صوت ذلك الطنين المزعج بعدما شعرت بأن المحيط حولها تغير رغم غوصها في نفس الفراغ الداكن ولكن اختفت تلك الأبواب كأنها اخترقت غلافًا شفافًا لتمر عبره لبعد آخر.

وبعدها ازداد الألم وفاق حد التحمل لتغلق جفونها بقوة وتضغط بيديها بشدة على أذنيها وتطلق العنان لصراخها الباكي وفجأة توقف كل شيء وأحست بانتظام أنفاسها واختفى ذلك الألم بدون أن يترك أثره ورائه.

لتعاود أشعة الشمس على زيارة بحارها الزرقاء لتلمع بإشراق من جديد مع فتحها لمقلتيها بخوف مما قد تواجهه من جديد لتجد نفسها تقف في نفس المكان على حافة السور.


*منيرفا:

الروح الصامتة ¥ The Silent SoulWhere stories live. Discover now