الفصل السادس

5.7K 198 4
                                    


_ هو فين بابا يا ماما؟

لا تعرف بماذا تجيب صغيرها.. ماذا عليها قوله، كيف تسد فراغ أبيه، حقًا لم يكن شاهين أب حنون وودود لكريم، وكان يغيب عنه كثيرًا بطبيعة الحال.. ولكن يظل أبيه في أخر الأمر، وسيشتاق رؤيته، لا مفر إذا من كذبة لتحل أمر غيابه، فلن تعرض طفلها لصدمة معرفته بوفاة والده وماضيه المخحل الذي أوصله لعقاب گ حكم الإعدام..!

_ بابا مسافر ياكريم وهيغيب فترة كبيرة!
_ يعني هيغيب شهر؟
_ أكتر ياكريم.. هيغيب وقت طويل، وانا عارفة إنك ولد شاطر وجميل.. يمكن في حاجات مش هتقدرتفهمها دلوقت.. لكن أكيد لما تكبر هتعرف وتستوعب حاجات كتير..!
بدا الصغير لا يدرك ما وراء الكلمات، فهتفت له:

_ هسألك سؤال يا كريم.. لو اضطريتنا الظروف أن أنا وبابا نفترق، ولازم تختار حد فينا تعيش معاه، هتختار مين فينا..!

نظر لها بملامح تنضح حيرة، ثم هتف بثقة:
هختارك انتي يا ماما لأني بحبك أكتر.. بابا مش بيلاعبني وبيزعقلي كتير ومش بياخدني في حضنه ويحكيلي حواديت قبل النوم زيك، وبيسبنا لوحدنا كتير..وانا بشوفك بتعيطي وانتي لوحدك.. عشان كده انا هفضل معاكي لحد ما اكبر وابقى راجل قوي وانا اللي هاخدك في حضني واحكيلك حواديت!

سيل جارف من الدموع هو ما تدفق من مقلتيها وهي تتلقفه بين ذراعيها المرتعشة، وفؤادها يصرخ بفيضان من الحب الغريزي لقطعة قلبها ووحيدها الذي فاجأها بامتنانه وتقديره لما تفعل ومشاعره البريئة نحوها والتي ترجمها لها بوعد طفولي حين تتبدل الأدوار ويصيبها الكِبَر..! ويكون هو بعنفوان شبابه وقوته، حصن يحميها من غدر الأيام، وحضن يحتوي وهن شيبتها حين يمضي بها العمر..

*********************
_ ياتري مرتاحة في الشغل هنا يا مدام حسناء؟

_ الحمد لله أستاذ غسان مرتاحة جدا..  كنت فاكره مخي صدى ومش هعرف اشتغل، بس حضرتك ساعدتيني كتير..  بجد شكرًا ليك!!

غسان بصوت دافيء:

_ ماتقوليش كده..  أنا تحت أمرك، أوعي تحملي هم حاجة وأنا موجود على وش الدنيا يا حسناء
ثم تنحنح لزلة لسانه: عفوًا  قصدي مدام حسناء..!

أحمر وجهها من الخجل وارتعش قلبها من رقة صوته، وهذا حالها منذ أتت لتعمل معه گ سكرتيرة خاصة له!  دائمًا يختلق المهام والفرص حتى يجتمع بها ويحدثها، وما أن يبدأ حديثه بما يخصُ العمل، حتى ينتهي بحديثه عن نفسه، أو. اسئلته الشخصية عن أحوالها هي وكريم، أصبح يؤثر فيها بشكل كبير..!

غسان!  مزيج جديد عليها..!
تنجذب إليه بشكل يؤرقها.. ويخيفها من تجربة مجهولة..! بعد أن كانت تشك بميله نحوها..  أصبح لا مجال للشك بعد إعلانه المباشر لرغبة الزواج منها..!

رفضت..  ولكن يبدو أنه لم ولن يستسلم لقرارها..!
يحاصرها بحنانه واهتمامه ورعايته التي يفرضها عليها فرضًا..! ولكنها ستظل تقاوم تلك المشاعر الوليدة داخلها، وتحاسب ذاتها بشدة، كيف لها أن تفكر بنفسها، ولديها كريم!  هل تأمن أحدًا عليه؟!!! لا يستسيغ عقلها فكرة وجود زوج أم له، وهي تعرف أكثر من غيرها ما معنى هذا.. لا!  لن تضعه بتلك التجربة، ستعيش لأجله فقط، مهما تحرك فؤادها لذاك الفارس! يجب أن تفيق من سحر مشاعرها المراهقة التي تحياها مع غسان، هو رب عملها وفقط..  لا شيء أخر..!
**********************

الجرم الأكبر " كامل"Where stories live. Discover now