【 الفصل السابع و الثلاثون 】

ابدأ من البداية
                                    

نظرت إليه و إلى وجهه الذي فَقَدَ حُسْنَه و جماله بسبب الهالات السوداء أسفل عينيه و بشرته الجافة و قد بدى أضعف قليلا من السابق و بريق عينيه و حيويتهما يكادان ينطفئا.

أزاحت عينيها الزرقاوين عنه و بصوت مهزوز نطقت : أنت تعلم لماذا قدمت اليوم يا ميرزا ...

رد برزانة و لطف و هو يمسك بيدها : أعلم ... و سأخبرك بحقيقة كل شيء يا لينور ... و ستعرفين أن كل ما حصل مجرد سوء فهم ..

عظام يديه و مفاصلها باتت أكثر وضوحا أسفل جلده الأبيض و عروقه التي تبدو خضراء ترسم نفسها ببروز بسيط على ظاهر كفه ... و رغم ضعف كفه لكن دفئها و هو يمسك بيدها لا يزال على حاله و لم يتغير البتة.

اغرروقت عيناها بدموعها و أخذت ترمش عدة مرات لتمنعها من الهطول على وجنتيها و حاولت الحفاظ على نبرة صوتها الطبيعية قدر استطاعتها كابتة آثار البكاء التي شرعت في تسلق حنجرتها شيئا فشيئا مسببة غصة خانقة : إذن اشرح لي يا ميرزا ... اشرح لي سبب كل ما فعلته ... اشرح لي لماذا اتفقت مع عصابة لخطفي ... اشرح لي لماذا عينت آراش "درعا" لي بالضبط ... اشرح لي كل شيء و إياك و الكذب فإنني استطيع كشف الكذب مباشرة !

ردّ و هو يضغط على يدها برقة محاولا تهدئتها و بثّ الأمان في روحها المضطربة : لن اكذب يا لينور ... سأخبرك بكل شيء ... سأخبرك بالحقيقة و أقسم أنني لن اكذب في حرف منها.

هزّت رأسها بإيجاب و هي تعلم أنها ستصدقه و إن كذب عليها ... فيما أخذ نفسا عميقا و هو يحدق بيده التي تمسك بيدها و يمسح عليها بلطف مستخدما ابهامه و بدأ حديثه : في الحقيقة كل ما حصل بسبب أنني خائف عليك من الأمير بروسبيرو ... خشيت أن يقوم بإغوائك عند ذهابك إلى حفلته و تتخلين عني من أجله ... أجل لقد اتفقت مع عصابة لاختطافك لكن ذلك لتشويه سمعته ... و عيّنت آراش "درعا" لكِ خصيصا ليحميكِ منهم ..

رفعت بصرها نحوه و فعل هو الشيء نفسه لتتلاقي زمرديتاه بزرقاوتيها و بنظرات جادّة أكمل : لم يكن الغرض هو اختطافك أو إيذاءك يا لينور لكنني أردت إظهار حقيقة الأمير بروسبيرو المهملة لك ... وقّعت مع أفراد العصابة على عدة أوراق كإجراء روتيني بأنني سأمنحهم المال مقابل التمثيل باختطافك إلا أنهم تلاعبوا بورقتين و حرفوا عدة أسطر بين الكلام لم انتبه عليها و وقعت خطأ ... و لم أحسب حسابا أن رجال العصابة قد يقلبون ضدي و يخطفونك حقا.

أنهى جملته و أخذ يترقب ردة فعلها و يركز بصره على تقاسيم وجهها محاولا استكشاف أي شيء مما يجوب في خاطرها و هو يشعر نوعا ما بالراحة لكونه قد قال الحقيقة لها ... شعوره بالراحة كان بمثابة فأل خير له و لذا ظنّ أن الأفضل سيحدث فهو لم يتوقع أن ينشرح صدره بمجرد إخبارها.

سنمّار درع لينورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن