١٥ | عام من الحياة.

1.3K 86 8
                                    


وهُنا فقط بدأتُ أشعر بقلبي.

كانت المرحلة التيَّ تفصلنيَّ عن المدِرسة العُّلية، وكان الحماس يزيد حينما أتفوق فيَّ إمتحاناً ما، كان قلبي يُحثني علي أن وراء هذهِ المرحلة، حياة سأعُيشها أملاً .. أملاً في تغير مكنون صدري.

عندما إنتهَ درسي صعدتُ لأرِكب الحافلة، وكان السائق ينتظر زبوناً ما، لأضع كفي علي خديِّ وأسندِّ كوع ذراعي علي النافذة، لأرىٰ ما لم يستطيع قلبي تحملهُ، الفتى الغائب، الفتى الذيِّ كُنت أدُّعو الله بأن ألتقيهِ، رأيتهُ بعد عام ونصِ من الغياب والغُربة.

وجهي إحمرَّ وكنتُ أريد يومها بأن أخبرهُ، وأسألهُ عن أسمهُ، ولكن خجلي غلبني، كان يرتديَّ بنطالاً أسود اللون، وقميصاً أبيض، وشعرهُ يبعثرهُ بفوضاوية، لم يتغير بهِ شيء، كان جميلاً، كان جميلاً بمعني الكلمة، ولكن كان القدرِ يخبرني بأن هذا يكفي، توقفت أمامه حافلة ولكنه لم يصعد بها.

كان التوتر يمتلكني، كُنت أريد أن أشبع نظري بهِ، ولكن حينما أبتعدت أختفىٰ هُو، لتنِظُر عيناي بفوضاوية حول المكان لأعثر عليه واقفاً بعيداً، عن المكان الذيَّ كان واقفاً بهِ، تكونت غصة بحلقي لاأعلم لماذا يحدث معي ذلك، لأن ايضاً حافلة وقفت أمامهُ لتخفيه تماماً عني، ويختفي بعد رحيلها، ويبقي الأثر بقلبي يخبط بهِ.

--

يومها كان وجههي مُبتسم لا إرادياً وبكيتُ ساجدِة، لم أصُدِق أنني رأيتهُ، كان حُلماً بعيداً عني، كأن روحي قد ردُّت إليَّ، كان أملاً وكُنت اليائس حتي جعلني الله أراهَ، وكان الله يعلم بأنني كُنت أريد طوقاً لأتمسك بهِ حينما أغرق بدوامة الوجع.

كُنتُ متحمسة كُل يوم، لألتقي بهِ، حتى لو صدفة، وحينما خرجت لألتقي بصديقاتي، وكانت رحمة تعلم عن أمرهُ مسبقاً، لأنني لم أخفي عنها شيء، وحينما رأيتهُ يسير بصحبه صديقيهِ، كُنت أستمع لنكات صديقتي، تبسمتُ وضحكتُ حينما رأيتهُ كان قلبي ينبض بقوة وكلتا يداي ترتعشان وأصبحتا أبردَّ، وكأنني أمُوت في لقائهُ..

إني أحُبهُ يـا الله.

--

إنتبهتُ لمذاكراتي وأنا علي ثقة بأنني سألتحق بالمدرسة العُلية، بدرجات عالية، كانت أمُيَّ تُلاحظِ إهتمامي بالمُذاكرة وأصراري علي النجاح، لا أعلم لماذا لم أرى إهتماماً منها، ولكنها كانت تتركني أذاكر ولاتتطلب مني فعل شيء، وكان ذلك الأمل جعل من قلبي يحيا!

إنتظامي في الصلاة، وإنتظامي في المُذاكرة، كان الأمر روتيناً جميلا لنفسي، ولكن كانت مُشكلتي في الرياضيات، ولم أعثر علي مشكلة مع المواد الأخُرى، وكنت أدُّعو الله بأن يجعل امتحانات الرياضيات تأتي سهلة..

ولم يخب ظني كان الله يعلم ما كُنت أريدُّهُ وأستجاب لي، جاءت إمتحانات الترمين سهلة جميعها، وتفاجأتُ بدرجاتي الجيدة كانت الحياة تبتسم لي، ولكن بالرغم من درجاتي العالية لم تفعل أمُيَّ شيء، لم تخبرني بأنها سعيدة، لم تخبرني بأي شيء، ولكن كُنت أعلم أن بداخلها سعيد.. سعيد لأجلي.

كان حقا عاما مليئاً بالحياة.

زهـراء |Zahra✅Where stories live. Discover now