.|30|.

588 97 12
                                    


-" هل أحببت شخصاً من قبل؟ " سألت.

-" لا، ليس بعد. " أجاب، كان يقرأ كتاباً، أتساءل كم من الكتب سيأخذ معه لإقامته؟ أشعرُ بالحزن لشريك سكنه، سيستولي على المكان بأكمله بها، لم أستغرب حينما اختار الأدب الانجليزي للدارسة؛ يمكنني من الآن رؤيته بروفيسوراً جامعياً من النوع الذي يُحبه الجميع لمودته ويحترمونه لجودة عمله.

-" الحب غريب، قد يدفعك لاتخاذ قرارات كبيرة مُعادية لما تُحس به فقط لتبقى مع من تحب، يدفعك لتهورٍ أحياناً يكون مفيداً وبأخرى يكون قاتلاً. لا، بل الحب خطير، يجتذب أصحاب القلوب المرهفة في حين أن مجاراته تحتاج الصلابة والجرأة. " من الجيد بأني لم أدع نفسي لأغرق بشباكه حتى نقطة اللاعودة.

-" تُمانعين لو أضفت ما قلته للتو بكتابٍ أعمل عليه؟ " سأل مُهتماً، أجبت أن لا بأس ورُحت أفكر في حين يكتبها بكم أن حاله أفضل مني، يمشي بدرب أهدافه من الآن في حين أكاد أتوهم ضباباً يطوقني. سأحتاج لأن أهرب منه قريباً إن أردت مُستقبلاً أكثر .. وضوحاً.

-" ماذا قررتِ بشأن أهلك؟ " سأل، وضع كتابه ودفتره جانباً.

همهمت. " لا شيء مؤكد للآن. غالباً سأنهي دراستي هنا، ثم أزور أمي وموطني بعد طول فُراق؛ إن أعجبني الحال هناك قد أبقى وإن أحسستُ بالغرابة فسأعود هنا للبقاء مع أبي. أي أنني سأأجل قرار انتمائي ذاك لما بعد انتهاء دراستي. لم ينويا تكبيلي بعد الآن، منحاني كامل الحرية في التخطيط. "

-" جيد، إذن سيمكننا الالتقاء بين الحين والآخر لبضع سنوات أخرى. " قال مبتسماً.

ابتسمت بدوري. " أجل، يبدو ذلك. " فكرت قليلاً ثم أضفت:" أنا محظوظة حقاً لوجودك، أريد شكرك. لكونك صديقاً وفياً طوال هذه الفترة. "

شرد باله بضع دقائق، قال بنهايتها:" تعلمين أنني أناني؟ " استغربت قوله، " في البداية، أنتِ كنتِ فقط وسيلة بالنسبة لي. "

-" وسيلة؟ "

-" بذاك الوقت الذي بدأنا في التقارب فيه، كُنت في حالة يأس من نفسي، من قدراتي، فاقداً لكل الثقة، بالنسبة لي الكتابة هي مُستقبلي؛ هدفي كان تخليد اسمي كأدبي مرموق في الساحة التي لا تقبل إلا النُخبة، كلا، أهدافي هي ما أعيش لأجله وهي حياتي، فقدان الثقة بالنفس كان أسوأ مخاوفي وقد تجسد.. " أعرف بالفعل بأن تحقيق أحلامه كان دائماً أقصى أولوياته؛ كان ذلك مما يعجبني فيه وما أحسده عليه أيضاً، لكنني لم أفكر فعلاً قبلاً بكمّ الثقل الذي يجب عليه تحمله وتخطيه، أنا لستُ مثله، لا أملك أهداف لأعمل على تحقيقها مثلما يفعل؛ أنا فارغة، لا أشابهه في شيء مطلقاً. حتى بعد انتهاء مشاكل عائلتي تقريباً، أنا ما زلتُ ضائعة، ضائعة الآن بين مشاكل نفسي التي شرعت في التوضح شيئاً فشيئاً. " لمنع نفسي من الاستسلام، رحت أبحث بين أعمالي وبين مشاكلي عن السبب الحقيقي الذي يجعلني أقع في ذات العيوب والأخطاء مراراً وتكراراً، فيما ينقصني، وكان السبب وللسخرية واضحاً وبشدة. " أخذ دفتره وراح يقلب فيه الأوراق، أراني رسمةً بدائية المهارة لما شابه سلحفاة وأرنب، رُسما ثلاثة مرات حيث خمّنت أنها القصة الكلاسيكية؛ لكن وبالنهاية في رسمته ربح الأرنب. " التجربة. "

تيهان رُوح.Where stories live. Discover now