.|27|.

509 89 16
                                    


-" أشعرُ بالاختناق. "

-" من ماذا؟ "

-" من التنفسّ، بهكذا حياة. "

-" لنقل أنكِ تعرضتِ للخنق الآن، هل ستشعرين بالراحة؟ "

-" لا أرى راحةً في ذلك. "

هبّ نسيمٌ خفيفٌ علينا، بينما رُحت أحدق في السماء. كيف لي أن أُفهمه؟ أنا حتى لا أفهم نفسي، لا أفهم ما يجري معي، لا أفهم كيف عليّ أن أتعامل معه.

-" تتذكر المتاهات التي أخبرتك عنها؟ " قلتُ ناقلةً أنظاري له، أومأ بهدوء، فاستكملت:" تِهت فيها، وغالباً وصلتُ لنقطةٍ مسدودة. " أعدت نظري للمياه، وتمتمت:" وقد مللتُ منها .. أريد التحرر. " مللتُ من مشاكل عائلتي، مللتُ من تصرفي لوحدي بينها في حين أن طرفيها الرئيسيان غير مباليان حتى بها، مللتُ تناسيهما لوجودي أو تأثري، مللتُ من كل هذه الحال اللامفهومة، مللتُ من الضياع !

كرهتهم كما كرهتُ حقّاً نفسي !

-" دعيني أحررك. " بين ضوضاء عقلي، سمعتُ صوته يقول. نظرتُ له، مستغربة نوعاً ما، ما دفعه للإضافة:" بدا ذلك غريباً، عليّ التقليل من الروايات .. أعني أساعدك. "

-" لا أظنكّ ستستطيع، إنها مشاكلي الخاصة، أنا من ضِعتُ بينها وأنا من عليها إيجادُ مخرج. " رغم ذلك، لمواقفه هذه اتجاهي وعدم تخليه عنّي رغم أني لست أفهم حتى ما الممتع بمرافقتي وأنا بحالي البائسة هذه؛ أمسيتُ أحبه أكثر، أريد تخبئته في قنينةٍ صغيرة وأحفظه للأبد معي؛ فلا يغيب عن ناظري متى احتجتُ وجوده.

بل إن رؤيته فقط تكفي لتهدئتي وإراحتي.

كِدت أبوح له بهذه الفكرة، بُغية شكره لاهتمامه لا أكثر، إلا أن صوتاً من خلفي انبثق وقاطع لحظتي:" أوه، أنظروا من هنا ! "

كنت قد عرفتها بالفعل، واستردت لأؤكد لعقلي كم أن ما سيتلو من لحظات سيكون خانقاً.

تيا..

تيهان رُوح.Where stories live. Discover now