حتى تصعد الحُجرة المعدنية أو تنزل، كان عليها فقط التفكير في الطابق الذي تريد الذهاب إليه والسحر المنقوش على الجدران سيأخذها إليها -إن لم تكن نواياها سيئة طبعا، في تلك الحالة سيُحوّلها إلى هلام من سرعة حركته العمودية ثم يرميها في القبو أين توجد الزنزانات-.

تبِعت توجيهات الطبّاخ لِتصل إلى بابين خشبيين بطول السقف العالي ومزخرفين بنقوش فضية بديعة التفاصيل، وقفت تتأملها للحظة حتى ناداها صوت من الداخل فسارعت في دفع الباب وجر العربة معها.

«هانسل سريع في استبدال الخدم... ضعيها هناك».
نطقت فيولين بخفوت ثم أشارت إلى طاولة بجانب الشرفة التي تُطِلّ على الساحة.

نهضت من على سريرها وسارت نحو مقعدها بخطوات راقية تعكس شخصية مُناسبة جدا للبلاط الملكيّ. خصلات شقراء مُتموجة بِدقة كما لو أن مُهندسا بارعا رسمها، وجه مثاليّ الملامح ذو تعبير جامد لا يُعطي أدنى فكرة عما يدور في رأسِها وثوب ضيّق الصدر من الحرير مُرصّع بجواهر حقيقيّة لامعة.

شرَدت سِيلا في جمال المرأة أمامها وشعرت ببعض الخجل من هيئتها المتواضعة لكنها حرصت على عدم إظهار ذلك.

همّت بالسير خارجة فاستوقفتها الأميرة فيولين.

«إلى أين أنتِ ذاهبة؟ انتظري حتى أنتهي وخذيها معك».
حملت نبرتها بعض العِتاب فاعتذرت سِيلا وتسمّرت مكانها.

وقفت في الظل وسمحت لنظرها بأن يجول متفحصا جناح الأميرة. كل قطعة أثاث تكاد تصرخ لتعلن للعالم أنها ثمينة لا يملكها إلا هؤلاء من الطبقة العالية.

أكثر ما شدّ انتباهها كان صندوقا زجاجيا صغير الحجم على منضدة الزينة وبداخله قلادة تكاد تتوهج بلون أحمر قانٍ.

«تلك هدية من الملك، خطيبي، خادمتي الأخيرة حاولت سرقتها فرميتها من هذه الشرفة».
تحدثت فيولين بتحدٍ فشحُب وجه سيلا من برود الأميرة، وكأنها تتكلم عن رمي ورقة لا عن كائن حيّ.

«لـ م أكن أفكر في ذلك... فقط تأملتُ جمالها».
تلعثمت سيلا قليلا لكنها كانت صادقة وتمكنت من إقناع الأميرة بعض الشيء.

«أتمنى ذلك، لا أود مقاطعة تدريبات خطيبي بالأسفل مجددا».
ثم نهضت لتطِلّ من الشرفة على الساحة، مصدر أصوات اللهث وتصادم الأسلحة.

وضعت فيولين يدها على خدها وتابعت المُنازلة بأعين حالِمة وكادت تنسى الخادمة معها بالجناح.

«لقد شبعت! خذي هذا من أمامي. سأتناول الغداء خارج القصر لكن جهزي لي الصالة التي بجانب مكتب الملك في الجناح الغربيّ من أجل الشاي. انصرفي الآن!».
سارعت سيلا في توضيب الصحون في العربة وعادت بها إلى المطبخ.

عند دخولها كان المكان فارغا، ما عدا شاب يقف عند المغسلة ويُقابلها بظهره. حين سمِع ضوضاء الأواني التي تحتكّ ببعضها استدار ليعرف من صار برفقته، لتصرخ سيلا فزعة وتتراجع للخلف رافعة يديها أمامها كوسيلة دفاع.

سِيلا ✓Where stories live. Discover now