«أخبرتكِ بأن ترتاحي».
تكلّم بقليل من الحزم وبشاشة وجهه ثابتة.

«أين أنا؟».
سألته حين اتخذ مقعدا على الكرسي المقابل لها.

«ألن تسألي عن إصابتك أولا؟».
جعلها تُخفض رأسها ليتفقّده بلمسته التي ترسل السكينة في قلبها.

«أين إصابتي من الأساس؟».
ضحِك بهدوء على سؤالها ثم عدّل نظارته.

«ترين هذا؟».
بسط كفّه الفارغ أمامها فضيّقت عينيها محاولة إيجاد شيء غير اعتيادي.

لم ترى شيئا في البداية سوى بشرته الحنطيّة وتفاصيل بصمته، لكنها تمعنت أكثر لتلاحظ تموجات طفيفة في الهواء. رفعت يدها لتُطبِقها على خاصته فشعرت بموجة من الهدوء تجتاحها.

«مريح جدا...».
تنهدت في استرخاء فأمسك بيدها الأخرى وأخفضهما لتستندا على ركبتها المكشوفة بفعل ثوب المشفى.

«هل بإمكانكِ تخمين ما أنا؟».
أمال رأسه قليلا متسائلا.

«مُهدّئ...».
أجابته سِيلا دون تفكير ثم تلوّنت وجنتاها بالخجل حين صدرت منه ضحكة عذبة.

«تلك إحدى قدراتي، نعم... أنا إريميا».
تحدّث فخورا بجنسه.

«إريميا..؟ فصيلة الحرب والسلام؟!».
ردّت سِيلا متذكرة ما قرأته في الكتب عنهم.

إريميا، كائنات تشبه البشر كثيرا في هيئتها تختلف فقط من حيث آذانها المدببة. يتميزون بلون أعين أرجواني لا يملكه غيرهم وقدراتهم تتضمن: شفاء أسوء الجروح بلمسة بسيطة، معرفة أفكار ومشاعر الآخرين الحقيقية وأهمها القدرة على جعل أيّ شخص هادئا أو إفقاده الوعي دون جهد يُذكر... بمعنى آخر، قتله دون رفع إصبع واحد.

من مواصفاتهم يبدو وكأنهم ليسوا بتلك الأهمية لكنهم هم من أحلّوا السلام وفضوا الحروب العديدة التي وقعت بين الخوارق.

«أجل، وأنتِ الآن في مشفى "نور القمر" التّابع لمدينة "المخلب الأبيض"، عاصمة مملكة اللايكان».
أردف موضّحا فلاحظ رائحة القلق التي صدرت منها.

«أنتِ وسكان المدينة التي تعرّضت للهجوم بمأمن هنا. الملك سيحرص على إعادة تشييد منازلكم ويوفر لكم بيوتا مؤقتة هنا».
استعمل قدرته ليُبعد قلقها فنجح بعض الشيء.

شردت سِيلا في أفكارها بينما قطّبت حاجبيها. لا يُمكنها أن تكشف نفسها كما لا يمكنها أن تقودهم لكوخ جدتها الذي لا يعلم عنه الكثيرون، أن تعيش تحت أنوف اللايكان دون أن يعرفوا بأمرها أأمن لها من أن تعود لمكان سبق وتعرّض لهجوم من جماعة صيّادين تبحث عنها.

ستبقى معهم الآن وستجد طريقة لاحقا للاتصال بجدتها حتى تُطمئِنها على حالها ولا تقوم بشيء متهوّر مثل محاولة إخراجها من هنا أو شابه.

«أين سأمكث؟».
ارتسمت ابتسامة على ثغره حين لمح تغيّر مزاجها من قلق وارتياب إلى تقبل للوضع.

سِيلا ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن