الزهرة الثانية و التسعون : آنا ، الخادمة و سيدها.

346 45 14
                                    

- من جهةِ بياتريس ، ماري لوكي و هاري -

لوكي الذي يحملُ بياتريس أنزلها برفق لتستلقي على نفسِ السرير الذي كانت تستعمله قبلَ بدءِ رحلتها ، سحبَ كرسيًا قربهُ و جلسَ عليه بينما جلست ماري على حافةِ السرير و هاري اكتفى بالوقوفِ عندَ الباب فهمسَ الأخير : أستكونُ بخير ؟ بياتريس تشان ...

هزّ لوكي رأسهُ نافيًا و قال : لا أعلم ... لم يحدث لها هذا قبلًا ...

حدّقت روزماري ببياتريس النائمة بحزن و همست : أرجوكِ أفيقي سريعًا ... بياتشان ...

- في مكانٍ ما عندَ فترةٍ غير معلومة من الزمن -

فتاةٌ بشعرٍ أسود طويل تتركهُ منسدلًا ، ترتدي فستانًا أخضر فاتح يكادُ يكون أبيضًا ، زَيّنه شريطٌ على خصرها بلونٍ أخضر كالعشب و عقدة عند ظهرها بلونٍ أخضر مصفر ، كانَ يتناسب مع عينيها الخضراوتين كالزمرد ، و أقراطٌ خضراء مصفرة كما عقدةُ فستانها بشكلِ برسيم ذو أربع أوراق ، بشرتها شاحبةُ البياض على عكسِ من يعيشون حولها ، كانت تطفو كما لو كانت تعومُ في الهواء فوقَ مياهِ تلكَ البحيرة ذات الماء الذهبي المتوهج ، أطلقت صوتًا نمّ عن التعجب و همست : أشعرُ بقوةٍ تطابقُ سيدي ... إمرأة ؟ ... كما توقعت ... هي ليست سيدي ...

رفعت رأسها إلى السماءِ الزرقاء و همست : نيه ، سيدي ... متى ستأتي من أجلي ؟ لقد تعبتُ من كوني على قيدِ الحياة ...

- في فترةٍ أخرى في نفسِ المكان -

تلكَ الفتاةُ نفسها ، لكن هذهِ المرة هي لا تطفو فوقَ المياه ، بل تستلقي غامرةً لجسدها و فستانها بها

تنظرُ للسماءِ بهدوءٍ كعادتها ، لكن عيناها توسعتا فجأة لتهمس : أريدُ رؤيتكَ حقًا سيدي ...

ثمّ أجفلت لتقول : هناكَ طاقةٌ أخرى بدت كما لو أنها لسيدي ... بل هي طاقتهُ نفسها لكن أضعف ... فتى ؟ إذًا هذا يعني أنّ سيدي قد عادَ لأجلي أخيرًا ! أنا سعيدةٌ فعلًا ، لوكي ...

فقالَ المدعو لوكي بسعادة : اذهبي للقائهِ إذًا ! آنا !

ابتسمت تلكَ الطفلة بدفء و أغمضت عينيها لتهزّ رأسها نافية : لا أستطيعُ ذلك ... على سيدي أن يأتي لاصطحابي بنفسه ... إنهُ يشبهُ علاقتنا تمامًا ، لوكي ... على السيدِ الانجذابُ أولًا !

لوكي : إذًا ، ما رأيكِ بمراقبته من بعيد ؟ لبضع وقتٍ فقط !

نهضت لتجلسَ على الماء و عبست بتعجب لتقول : ماذا عن ينبوعِ الحياة ؟ لا يمكنني تركُ البحيرة السرمدية دون حارس !

لوكي : اذهبي ! دعي أمرَ حمايةِ البحيرة لي ! آنا !

عانقتهُ بقوة لتهتفَ بسعادة : شكرًا لكَ لوكي ! أنتَ الأفضل !

فهمسَ الآخر : سأختنق !

لتهتفَ مجددًا بعد أن تركته : سأعودُ سريعًا أعدك !

طارت آنا نحو مصدرِ طاقةِ سيدها المزعوم ، كانَ كوخًا من أكواخِ القرية فأطلت من إحدى نوافذهِ لتلمحَ ثلاث أطفال بعمرها ، أحدهم فتى بشعرٍ أشقر و الأخرى فتاةٌ بشعرٍ بني ، لكن ما لفتَ انتباهها هو الطفلُ أسود الشعرِ بنفسجي العينين فهمست بسعادة : سيدي !

حدثت نفسها قائلةً : القرية ترفضُ وجودهُ جزئيا ... لِمَ ؟ ...

سحبَ الطفلان ذاك الطفل أسود الشعر إلى الخارج ، أخذوا يتحدثونَ بعدما بدأوا بالشجار و بدا كما أنهم يستمتعونَ حقًا ، همست بحزن : كما توقعت ... أنتَ لا تذكرني ... سيدي ...

عادت آنا إلى البحيرة تعومُ ببطءٍ شديد و الحزنُ يبرقُ في عينيها مطأطئةً رأسها إلى الأسفل

سألَ لوكي بقلق : ما الأمر ؟ آنا ؟

أجابتهُ بحزن : سيدي لا يذكرني ... كما أنهُ أصغرُ بكثير من سيدي الذي أذكره ...

قالَ الأولُ بجدية : أستنسيني يوما ؟ آنا ...

ابتسمت المعنية بلطف و قالت : و من سيقدرُ على نسيانِ سنجابٍ عائم ؟

لوكي : أرأيتِ ؟ كذلكَ لا أحد يستطيعُ نسيان فتاةٍ جميلة عائمة ! سيتذكركِ قريبًا لذا لا تقلقي !

قهقهت آنا بلطف و قالت : معكَ حق ! سيتذكرُ قريبًا !

لوكي : أليسَ كذلك ؟ في المرةِ القادمة تحدثي معه قليلًا !

ابتسمت بإشراق و أومأت مهمهمةً بالإيجاب ، فتحت عينيها ثمّ قالت بلطف : شكرًا لك ! لوكي ...

- عودة إلى حيث بياتريس -

همهمت بياتريس أثناءَ نومها : لوكي ...

أجفلَ لوكي من فوره و هتفَ بقلق : بيارين !!

ضبابٌ أسود كثيف تجمعَ لتظهرَ إيلينا قائلة : يبدو أنّ آنا تستعيدُ ذكرياتها ... مما يعني أنّ بياتريس بدأت تختفي ...

التفتَ إليها الجميع بحذرٍ شديد اخذين وضعية القتال لتردف مع ابتسامة ساخرة : على مهلكم لست هنا للشجار معكم ان لم تبداوا اولا... على الاقل ليس حاليا...

قالَ لوكي بحدة : آنا ماتت منذُ مائة و ثلاثونَ عامًا !

إلينا : اوه حقا ؟ إذًا لِمَ بدأ وشمُ المتعاقد يظهرُ على صدرك ؟

اتسعت عينا لوكي و هرعَ إلى المرآة ، أمسكَ بياقةِ قميصه و وسّع فتحةَ عنقه ليصدمَ بوشمِ المتعاقد الخاص به يعودُ مجددًا ، التفتَ نحو بياتريس النائمة ليهمسَ بقلق : بيارين ! رجاءً لا تختفي !

flores pueblo - قيد التعديلWhere stories live. Discover now