- الفصـل الثاني والثلاثـون

104 8 2
                                    

" أحـدهم سرق قلـبًا ، وأحرق عمرًا ، وزرع خيبة ورحـل "
| منقول |

" المجـروح من عائلته لا يُشفى أبدًا "
| بـقلمي |

~ بعد ساعـة ~

يجـلس أمام والده بعدما عاد من الجامـعة ، والده الذي ينظر أمامه شاردًا فيما مضى ، فيما فعل ، بينما ضمـيره الذي لم يصمت يومًا عن تأنيبه قد علا صوته ، يصرخ فيه ويصرخ ، ويذكره بـ نظرات ابنه البـكر ، الذي أوضح بلا شك ، أنه ميت بـ النسبة له ، بأنه لا يريده ، ويتمني ألا يكون والده ...

" أنت تعرف ؟ عمري ما قلت ياريتك ما سبتنا ، بس طول عمري كنت بقول ياريتك ما قابلت أمي ، ياريتك ما كنت أبويا ، ياريتني كنت ابن مجاهد بجد ، لأن هو كان أب وسند و زوج ، علي الرغم من أنه مكانش مجبر علي كده ... "

تُرى هل هذا تفكـير ابنته ريحان أيضًا ؟
ووائل ؟
جال في باله ما قاله له فاهد من عدة ساعات ، فـ تطلع في وائل فجـأة ، وهو يتذكر ...

" بجد ؟ ما أحنا كنا معاك ! كنت وسطنا ! وعينك زاغت علي الي برا وسيبتنا ، ورحت كونت عيلة جديدة فشلت بردو أنك تكون ولي ليها ! خلفت بردو طفل وخليته يعاني منك ، وكأننا مش كفايا رحت تنشر لعنتك في كل مكان ! "

لقد أذي أربعتهم ، أولاده وناهد ، فشل في أن يكون أبًا ، وزوجـًا ، وسندًا ...
ترك عائلته ، وأولاده وعمله ، وأصبـح لا شيء ...
مجرد شخـص مثير للشفقـة ، مجرد شخص لا أهمـية له ...
تكلم وائل بـ صوت هادئ ، علي الرغم من ألم قلبـه :
- مشيـت ليه ؟

تطلع عمرو في ابنه بـ عينين معتـذرتين ، اعتذار تأخـر سنينًا ، وبات مجـرد النطق به لا ينـفع ولا يفيـد ثم قال :

- سمـعتك وأنت بتتكلم في التيـلفون ، كنت بتكلم حد غالبًا فاهد ، وبتقوله أن مادام ريحان عرفت كل حاجة ، لازم نراعي نفـسيتها ، وفكـرت أنها ممكن زي اتقـبلتك ، تتقبلني وتسامحني ...

هز له وائـل رأسه بلا تعبـير ، ورد عليه بـ صوت خافت :

- تعرف أني لما رحت هناك كنت مستني أشوف زوجة نكدية ، أو زوجة فاشلة ، أو حتي أولاد متعبين ؟ جزء مني كان عايز يبررلك ليه سبتهم ، يمكن لو هما كانوا وحشين يبقي عندك ولو حق صغير ، لكن الي شوفته ماكنش كده أبدًا ، شوفت ست جميلة ، مش جميلة شكلًا بس ، عارف الناس الي بيدخلوا القلب من غير ما يتكلموا ؟ تحس بـ هيبة كده وأنت بتتكلم معاهم ؟ هـي كده ، شخص قادر أنه يدوس علي قلبه وجراحه عشان ولاده ، كان ممكن تقول وأنا مالي ، كان ممكن تقول أبوهم راماهم ، ليه أنا أربيهم ، كان ممكن تطلع أطفال مش مؤدبين ومش كويسين ، لأنها لـوحدها ...
لكنها ماعملتش كده ، دي داست علي نفسها وطلعت ضابط ودكتورة ، طلعت بنت محجبة ومتدينة ومحترمة ، بتعرف توقف أي حد عند حده ، قوية وليها شخصيتها وكلمتها ، طلعت الأولى علي الجمهورية في الثانوية العامة ، وعلي مدار الأربع سنين كانت الأولى علي الدفعة ، مفيش حد في الدكاترة عندنا ميعرفش ريحان ، وكلهم بيشكروا في أدبها وأخلاقها ، حتي أنها بتكتب روايات ، ومعروفة جدًا علي الميديا ...
بنت أي أب يفتخر بيها ، ويرفع رأسه بوجودها ...
وفاهد ؟ عارف الناس المستقيمة دي أوي ؟ الي هما عارفين أن أقرب طريق بين نقطتين هو الخط المستقيم ؟ هو من الناس دي ، مش بيلف ولا يدور ، عارف الصح ، وبيمشي عليه ولو فيها موته ، مقدم في الجيش رغم سنه الصغير ، عارف ده معناه ايه ؟ أنه شخص مصمم ، شخص مجتهد في شغله وعارف ربنا ، وضميره صاحي ...
يعني صراحة مش شايف فيهم غلطة ، مش شايف فيهم حاجة عشان تسيبهم ، مش منطقي أبدًا أن أي حد عاقل يسيبهم ...

تحت ظِـلال الهوي Where stories live. Discover now