- الفـصل الثـامـن

132 9 4
                                    

" هو ليس شخصًا سيئًا في الواقع ، فقط هو لا يعرف الصواب ، يؤنبـه ضميره علي الدوام ، لا يجد نفسه قادرًا علي فهمه في أغلب الأحيان ، وما بين ذلك وهاك ، يضيع بين جنبات أفكاره مُقررًا العصيان "

| بقلمي |

يجلس علي طاولة الطعام ناظرًا إلي طبـقه بلا تعبير ، بينما تجلس هي بجانبـه تملي عليه أوامرها ، افعل هذا وذاك ، قم بهذا ولا تقم بذاك ..
ما تُريده اسلبه ... لا تنتظر استئذانًا من أحد ...
كلماتُك أوامر ... لا يعصي أحد لك أمرًا ...
الصبر ليس من شيم الأقوياء ، اسلب ما تُريده ولا تنتظر !

كلمات حُفرت بذاكرته أمد الدهر ، منذُ صغره وهي تُملي عيله قائمة من الأوامـر والنواهي ، إذا عصاها يكون عِقابه عسيرًا ...
فتارة ... تحرمه من الطعام ...
وتارة ... تسلبه أغراضُه المُفضـلة ...

تارة تدسـه في غُرفة مُظلمـة من غُرف المنزل ، وتارة تحرمه من أن يخرج من المنزل ، اعتـاد دائمًا علي العقاب السخيف الخاص بها ...
في البداية كان يفزع ويخاف ، حتي أنه كان له لبعض الوقت رهاب من الظلام ...
لكن ما أن كبر حتي بدأ يتغلب بنفسـه علي مخاوفه ، فقد كان بالنسبة له كرجل أن يخاف من شيء تافة كالظلام مُهينًا ...
ومع بعض الوقت بات عقابها شيئًا سخيفًا ساذجًا ، فإذا حرمته الطعام طلب طعامًا من الخارج ...
وإذا سلبته أغراضه المُفضلة اشتري غيرها ...
وإذا حرمته الخروج اتصل بأصدقائه ليأتوا ...

بات يتفنن في إثارة جنونها ، لم يعاملها قط كأم ، كما لم تُعامله قط كابن ...
علاقتهما علاقة سوداوية من الدرجة الأولي ...

مع كبره في العمر ، امتنعت عن إدخاله لتلك الغُرفة ، و تغلب هو علي رهابه من الظلام ...

لكنه سقط في ظلام أكبر وأطغي ... سقط في ظلام نفسه ...
تلك الغُرفة لم يخرج منها قط .... بل سكنت بين جنبات روحـه ...

بات ينتقم من كل شخص يجده سعيدًا .... من كل شخص يري في أمه الحياة وأبيه النجاة ...
فلم تكن أمه بالنسبة له هكذا ... ولم يكن أباه بالنسبة له كذلك ...
أباه الذي حبس نفسه في غرفة مُظلمة يستمع إلي بعض مقاطع الفيديو التي لا يعلم عنها شيئًا ...
في سنوات صِبـاه الأولي ، وجد تعمد والده في الابتعاد عنه ...
ورويدًا ... رويدًا ...
بات لا يري وجـه أبيه كثيرًا ...
حتي انتـهي الأمر بحبـس أبيه لنفسـه في إحدي الغُرف ، مانعًا أحد للدخول إليه سوى الخادمة ...
حتي والدته ... بعدما أعطاها حرية التصرف التامة في أملاكه ، سجن نفسـه في تلك الغرفة ، نائيًا بـ نفسـه عن الجميع ...
حارمًا ولده من والده ... وزوجـته من زوجها .
حارمًا نفـسه من الحـياة ...

أمـا عن الأخوة ... فليس لديه ...
ولم يكن يتمني أن يكون لديه ...

السنون تمر ... وهو يزداد سوءًا وتباعدًا ....
السنون تمر .... وهو يُسكت ضميره الذي يؤنبه كلما أذي أحدًا ...
السنون تمر ... ويظل هو ... وائل الشرير...
صاحب أبغض ابتسامة ....
وملك السوء ...

تحت ظِـلال الهوي Dove le storie prendono vita. Scoprilo ora