- الفصـل الثالث

166 13 0
                                    

"لا تُبني العلاقات في يوم واحد ، لا من مجرد موقف ، ولا حتي بتبادل الكلام لمرتين أو ثلاث ، بل تُبني العلاقات في الأوقات الصعبة ، حينما تميد الأرض بنا ونجد من يساندنا ، حين ينهار القلب بما فيه من تراكمات ويجد صديقه حافظًا للسر أمينًا ، حينما يُلاحظ القلب ما يعجب صاحبه ، وما لا يعجبه ، ما يحبه وما يهواه ، باختصار ... عندما يجد نفسه في وقت ما ... قادرًا علي قراءة روحه بسهولة ...♡ "

| بقلمي |

وقفت بجانب أحمد تُجاهد حتي لا تأتيها نوبة أخري ، فالمكان واسع جدًا .... وتشعر أنها تغرق في وِسعه ، تشعر أنه نقطة في بحر واسع يخنقها ويضغط علي أنفاسها ، تشعر أن لا مكان لها في ذلك العالم علي الرغم من وسعه !
، غير وجود أصوات الضحكات والثرثرة العالية التي تمقتها ...بشدة ...
مالت برأسها ناحية كتفها بتشنج ، وهي تقبض علي يدها حتي أدمتها ، تضغط علي شفتيها بقوة حتي سالت الدماء منها ، تصر علي أسنانها بألم كلما علت الأصوات أكثر ... فأكثر ... ، لم يلاحظها أحمد الذي كان يبتسم لعُقاب وبيجاد القادمين نحوه في ود ، ويهنئ عُقاب علي المبارة للمرة الثانية ، ويشاغبه كالعادة بوقار ....
أقبل عُقاب مختالًا متحمسًا ، سلم علي احمد بحرارة وهو يبتسم في غرور لسماع كلماته التشجيعية عن مبارة الأمس ...
أما بيجاد فألقي السلام بهدوء وود ، و بدأ يعبث في هاتفه ، متجاهلًا ما حوله ، متطلعًا لبعض أوراق العمل ....
لا يريد الوقوع في حلقة المشاعر تلك ثانية ، لا يستهويه هذا ولا يليق به ، هو يفضل أن يكون خالٍ من المشاعر ، يؤدي واجبه ويعمل ويجتهد ، دون أن يشعر بكل تلك الأشياء الساذجة المُرهقة ....
ربما يقتنع بالغضب ، بالحنق ، بالظلم ، بالرغبة في الانفجار ... تلك مشاعر من المُتعارف عليها بالنسبة له ، لأنه شعر بها طوال سنين حياته ، ولذا تلك هي المشاعر المسموح بها فقط ... غير ذلك ... لا وكلا !
انتبه عُقاب لحالة سماء عندما وجدها صامتة لا تشاغبه كالعادة ، فعلم أن نوبتها قادمة ، فأشار إلي أحمد بحذر ،فانتبه لها وأومأ برأسه بخطوات مدروسة ،
تنبه بيجاد لصموتهم المُفاجئ ، فرفع رأسه لتصطدم عيناه اللامبالية ، بوجه شاحب ، وعيون مغلقة ، برأس مائلة وجسد يرتجف ، بيد وشفتين مُدماه وقلب ينزف من الخوف ...
كان ذلك هو ما لاحظه في أقل من الثانية ، وبدأ يسترجع مخاوفها في ذهنه ببطء ، وهو يتساءل ...
مما خوفها هذه المرة ؟

= سماء ، بصي يا حبيبتي ، أنا أحمد ، معاكِ هنا ، سامعاني ...

_ سماء ، بصي يا بابا ، المكان مش واسع خالص ، بصي حتي ، المكان جميل ومليان شجر وعصافير ، مش أنتِ بتحبِ العصافير ، بصي دا حتي القمر طالع في السماء ، فاكرة لما شوفنا القمر أنا وأنت بتلسكوب طنط شمس ؟

بدأت قبضتها تخف قليلًا ، تتراخي أجفانها بإرهاق ، لتكشف عن عينين صافيتين ، ينحدر منها قطرات دموع ،
ناظرتهم بذبول ، فاحتضنها أحمد مخففًا ، وهو يرفع رأسها لتنظر للسماء ، ليشتت انتباهها عن المكان الواسع ،
لم يحالفه الحظ إذ دخلت سيارة تصدر صوتًا عاليًا من بوقها ، بخلاف صوت الموسيقي الذي أصم آذان الجميع ....

تحت ظِـلال الهوي Where stories live. Discover now